سراج القاری المبتدی و تذكار المقری المنتهی

اشارة

نام كتاب: سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی
نویسنده: ابو القاسم علی بن عثمان بن محمد بن احمد بن الحسن
موضوع: قرائت
تاریخ وفات مؤلف: 801 ق
زبان: عربی
تعداد جلد: 1
ناشر: دار الكتب العلمیة
مكان چاپ: بیروت
سال چاپ: 1425 / 2004
نوبت چاپ: دوم‌

ترجمة المؤلف‌

«1» بسم اللّه الرّحمن الرّحیم هو الإمام أبو القاسم علی بن عثمان بن محمد بن أحمد بن الحسن المعروف بابن القاصح العذری البغدادی المقرئ نزیل القاهرة و المتوفی بها سنة 801 ه.
له من التصانیف:
- سراج القارئ المبتدی، و هو الكتاب الذی بین أیدینا.
- الأمالی المرضیة فی شرح القصیدة العلویة له.
- تحفة الأنام فی الوقف علی الهمزة لحمزة و هشام.
- تحفة الطلاب فی العمل بربع الاسطرلاب.
- تذكرة الأصحاب فی تقدیر الإعراب.
- تلخیص الفوائد فی شرح عقیلة أرباب القصائد.
- درّة الأفكار فی معرفة أوقات اللیل و النهار.
- العلویة فی القراءات السبع المرویّة، و هی قصیدة ألفیة.
- قرة العین فی الفتح بین اللفظین.
- مصطلح الإشارات فی القراءات الزائدة المرویة عن الثقات.
- هدیة المبتدی فی معرفة الأوقات بربع الدائرة الذی علیه المقنطرات.
و له غیر ذلك.
______________________________
(1) انظر هدیة العارفین (1/ 727).
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 5

[مقدمة المؤلف]

وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِیلًا (قرآن كریم) بسم اللّه الرّحمن الرّحیم قال الشیخ الإمام العالم العلامة الحبر البحر الفهامة أبو القاسم علی بن عثمان بن محمد بن أحمد بن الحسن القاصح العذری تغمده اللّه برحمته: الحمد للّه الذی علم القرآن و زین الإنسان بنطق اللسان، فطوبی لمن یتلو كتاب اللّه حق تلاوته. و یواظب آناء اللیل و أطراف النهار علی دراسته، و هو كلام اللّه تعالی الذی أنزله علی عبده و رسوله المصطفی محمد النبی الأمی العربی المختار المرتضی، صلّی اللّه علیه و سلم و علی آله المكرمین، و رضی اللّه عن أصحابه أجمعین و سلم تسلیما كثیرا.
أما بعد: فإن أسهل ما یتوصل به إلی علم القراءات من التصانیف المنظومات نظم الشیخ الإمام العالم أبی محمد قاسم بن فیرة بن أبی القاسم خلف بن أحمد الرعینی الشاطبی، من قصیدته اللامیة المنظومة من الضرب الثانی من بحر الطویل، المنعوتة «بحرز الأمانی و وجه التهانی». فأول شارح شرحها الإمام علم الدین السخاوی تلقاها عن ناظمها، و تابعه الناس علی ذلك فشرحوها، فمنهم من اقتصر، و منهم من علل و أطال، و خرج عن حیز الاعتدال، و قد استخرت اللّه تعالی فی حل ألفاظها و استخراج القراءات منها بعبارة سهلة یفهمها المبتدئ، و لهذا لم أتعرض للتعالیل المطولة فإنها مذكورة فی تصانیف وضعت لها كإعراب القرآن و التفاسیر و غیر ذلك، و قد اختصرت هذا الكتاب من شرح السخاوی و الفاسی و أبی شامة و ابن جبارة و الجعبری و غیرهم و زدت فیه فوائد لیست من هؤلاء الشروحات. و سمیته:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 6

سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی‌

و أسأل اللّه تعالی أن ینفع به كما نفع بأصله إنه قریب مجیب.
ولد الشاطبی فی آخر سنة ثمان و ثلاثین و خمسمائة بشاطبة، و هی قریة بجزیرة الأندلس من بلاد المغرب. و قولهم: الرعینی نسبة إلی قبیلة من قبائل المغرب، أخذ القراءات عن الشیخ الصالح أبی الحسن علی بن هذیل بالأندلس، عن أبی داود سلیمان، عن أبی عمرو الدانی مصنف كتاب التیسیر. و أخذ الشاطبی أیضا عن أبی عبد اللّه محمد بن العاصی النفزی- بالزای المعجمة- عن أبی عبد اللّه محمد بن حسن، عن علی بن عبد اللّه الأنصاری، عن أبی عمرو الدانی. و مات الشاطبی رحمه اللّه بمصر بعد عصر الأحد، و هو الیوم الثامن بعد العشرین من جمادی الآخرة سنة تسعین و خمسمائة و دفن بالقرافة، فی یوم الاثنین فی تربة القاضی الفاضل، المجاورة لتربة ولی اللّه تعالی الكیزانی صاحب المزار المعروف فی القرافة الصغری، بالقرب من سفح الجبل المقطم، جبل قلعة مصر فرعونه و تعرف تلك الناحیة بساریة، قال رحمه اللّه تعالی:
بدأت ببسم اللّه فی النّظم أوّلاتبارك رحمانا رحیما و موئلا أخبر الناظم أنه بدأ ببسم اللّه فی أول نظمه، و معنی بدأت أی قدمت، تقول: بدأت بكذا إذا قدمته، فالباء الأولی لتعدیة الفعل، و الثانیة هی التی فی أول البسملة أی بدأت بهذا اللفظ و النظم الجمع، ثم غلب علی جمع الكلمات التی انتظمت شعرا فهی بمعنی منظوم أو مصدر بحاله و تبارك تفاعل من البركة و البركة كثرة الخیر و نموه و اتساعه، و قوله: رحمانا رحیما یرید به تكملة لفظ بسم اللّه الرّحمن الرّحیم. ثم قال: و موئلا، الموئل المرجع و الملجأ، و هو مفعل من: وأل إلیه، أی: رجع و لجأ، أو من وأل منه أی: خلص و نجا، و فی الحدیث: «لا ملجأ و لا منجی منك إلا إلیك».
و تثنّیت صلّی اللّه ربّی علی الرّضامحمّد المهدی إلی النّاس مرسلا أخبر أنه ثنی بالصلاة علی رسول اللّه- صلی اللّه علیه و سلم- و الرضا بمعنی: ذی الرضا أی: الراضی من قوله تعالی: وَ لَسَوْفَ یُعْطِیكَ رَبُّكَ فَتَرْضی [الضحی: 5]، و فی الحدیث: «یا محمد أما یرضیك أن لا یصلی علیك أحد من أمتك مرة إلا صلیت علیه عشرا، و لا یسلم علیك أحد من أمتك إلا سلمت علیه عشرا». و المهدی مأخوذ من قوله صلی اللّه علیه و سلم: «إنما أنا رحمة مهداة للناس». و قوله: مرسلا، منصوب علی الحال من الضمیر فی المهدی.
و عترته ثمّ الصّحابة ثمّ من‌تلاهم علی الإحسان بالخیر وبّلا أصل العترة حجر یهتدی به الضب إلی مأواه، و ما یبقی من أصل الشجرة. و عترة النبی صلی اللّه علیه و سلم أهل بیته لقوله علیه الصلاة و السلام: «و عترتی أهل بیتی»، و روی تفسیره بأزواجه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 7
و ذریته. و قال مالك بن أنس: أهله الأدنون و عشیرته الأقربون، و قال الجوهری: نسله و رهطه الأدنون. فلما كانت العترة أصحابا و لم یكن كل الأصحاب عترة، قال: ثم الصحابة لیعم، و الصحابة اسم جمع، و الصحابی من رأی النبی علیه الصلاة و السلام، أو صحبه أو نقل عنه من المسلمین. قوله: ثم من تلاهم، أی تبعهم علی الإحسان أی علی طریقة الإحسان، و قوله: و بلا، الوبل: جمع وابل و هو المطر الغزیر، شبه الصحابة رضی اللّه عنهم بالأمطار لنفعهم المسلمین.
و ثلّثت أنّ الحمد للّه دائماو ما لیس مبدوءا به أجذم العلا أخبر أنه ثلث بالحمد، یعنی أنه ذكر اسم اللّه تعالی أوّلا، ثم ذكر النبی صلی اللّه علیه و سلم و عترته و صحابته و تابعیهم ثانیا، ثم ذكر الحمد ثالثا فلیس مراده ذكره فی ثالث الأبیات بل مراده أنه لم یثلث إلا بالحمد و إن كانت فی بیت رابع، و الحمد الثناء، و یجوز فتح إن و كسرها فی البیت و كلاهما مروی: فالفتح علی تقدیر «بأن الحمد»، و الكسر علی تقدیر «فقلت إن الحمد». و قد یجوز أن تكون بمعنی نعم فیجوز حینئذ رفع الحمد بعدها و نصبه و الروایة النصب. قوله: دائما، أی: مستمرا قوله و ما لیس إلی آخره. الجذم: القطع أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «كل أمر ذی بال لا یبدأ فیه بحمد اللّه فهو أجذم». و یروی «كل كلام»، و یروی «بذكر اللّه»، و یروی «فهو أقطع»، و عن ابن عباس رضی اللّه عنهما: «كل كلام لم یبدأ فیه ببسم اللّه جاء معكوسا».
فإن قیل: قد یبدأ الناظم ببسم اللّه و لم بدأ بالحمد بل جعله ثالثا قیل: تثلیثه به لا یخرجه عن البداءة، لأن الجمیع أعنی الحمد و ما تقدمه مبدوء به لأنه ذكره قبل الشروع فی الأحكام التی ضمنها هذا النظم، فهو مبدوء به و اتفق وقوعه فی البداءة ثالثا، و العلاء بفتح العین یلزمه المد و هو الرفعة و الشرف، و أتی به فی قافیة البیت علی لفظ المقصور.
و بعد، فحبل اللّه فینا كتابه‌فجاهد به حبل العدا متحبّلا أی: و بعد هذه البداءة فحبل اللّه فینا كتابه، جاء فی تفسیر قوله تعالی: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعاً [الفرقان: 52]، أنه القرآن، و قال علیه الصلاة و السلام: «هو حبل اللّه المتین». و قوله: «فجاهد به»، أی بالقرآن، كما قال تعالی: فَلا تُطِعِ الْكافِرِینَ وَ جاهِدْهُمْ بِهِ [الفرقان: 52] أی بحججه و أدلته و براهینه. و الحبل بفتح الحاء یستعار للسبب، و القرآن سبب المعرفة، لأنه وصلة بین العبد و بین ربه. و الحبل بكسر الحاء: الداهیة، و العدا اسم جمع و المشهور فیه كسر العین، و حكی ثعلب ضمها فإن قیل: عداة بالهاء فالضم لا غیر. قوله: متحبلا، یقال: تحبل الصید إذا أخذه بالحبالة و هی الشبكة، أی: انصب الحبائل للأعداء من الكفرة و المبتدعین، لتصیدهم إلی الحق أو تهلكهم بما تورده علیهم من ذلك، و المراد بالحبائل أدلة القرآن اللائحة و حججه الواضحة.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 8 و أخلق به إذ لیس یخلق جدّةجدیدا موالیه علی الجدّ مقبلا أخلق به لفظه من لفظ الأمر و معناه التعجب، و هو كقولك: ما أخلقه، أی ما أحقه، و الهاء فی «به» للقرآن، و إذ هنا تعلیل مثلها فی قوله تعالی: وَ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ [الزخرف: 39]. قوله: لیس یخلق جدة، أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «إن هذا القرآن لا تنقضی عجائبه و لا یخلق علی كثرة الرد». و قول الناظم: یخلق، فیه لغتان: ضم الیاء مع كسر اللام، و فتح الیاء مع ضم اللام. و جدیدا من الجد بفتح الجیم و هو العز و الشرف. قوله: موالیه، أی: مصافیه مع ملازمة العمل بما فیه، و الموالی ضد المعادی.
قوله: علی الجد بكسر الجیم ضد الهزل، أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «یا أبا هریرة تعلم القرآن و علمه الناس و لا تزال كذلك حتی یأتیك الموت، فإنه إن أتاك الموت و أنت كذلك حجت الملائكة إلی قبرك كما یحج المؤمنون إلی بیت اللّه الحرام».
و قارئه المرضیّ قرّ مثاله‌كالأترجّ حالیه مریحا و موكلا أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «مثل المؤمن الذی یقرأ القرآن مثل الأترجة ریحها طیب و طعمها طیب، و مثل المؤمن الذی لا یقرأ القرآن مثل التمرة لا ریح لها و طعمها حلو، و مثل المنافق الذی یقرأ القرآن مثل الریحانة ریحها طیب و طعمها مر، و مثل المنافق الذی لا یقرأ القرآن كمثل الحنظلة لیس لها ریح و طعمها مر». رواه البخاری و مسلم.
و المرضی صفة القارئ المؤمن المذكور فی هذا الحدیث لأنه لیس المراد به أصل الإیمان فقط بل أصله و وصفه، قال علیه الصلاة و السلام: «ما آمن بالقرآن من استحل محارمه». و قول الناظم: قر، بمعنی استقر أی: استقر مثاله فی الحدیث. و یقال: الأترج بتشدید الجیم و الأترنج بالنون. و قوله: مریحا و موكلا، من أراح الطیب و غیره إذا أعطی الرائحة و أكل الزرع و غیره إذا أطعم.
هو المرتضی أمّا إذا كان أمّةو یمّمه ظلّ الرّزانة قنقلا هو ضمیر القارئ، أی هو المرتضی قصده لأن معنی الأم القصد، و كان بمعنی صار، و یقال للرجل الجامع للخیر أمة، كأنه قام مقام جماعة لأنه اجتمع فیه ما تفرق فیهم من المصالح. و منه قوله تعالی: إِنَّ إِبْراهِیمَ كانَ أُمَّةً [النحل: 120]، و قوله: و یممه أی قصده، و الرزانة السكینة و الوقار، و استعار للرزانة ظلا و جعل الرزانة هی التی تقصده كأنها تفتخر به لكثرة خلال الخیر فیه، قال علیه الصلاة و السلام: «من جمع القرآن متّعه اللّه بعقله حتی یموت». و القنقل الكثیب من الرمل، و القنقل أیضا المكیال الضخم، و كان لكسری تاج یسمی القنقل.
هو الحرّ إن كان الحریّ حواریاله بتحرّیه إلی أن تنبّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 9
هو ضمیر القارئ المرتضی قصده، و الحر الخالص من الرق أی لم تسترقه الدنیا و لم یستعبده الهوی، و كیف یقع فی ذلك من فهم قوله تعالی: وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185]، [الحدید: 20]، و قوله علیه الصلاة و السلام: «لو كانت الدنیا تزن عند اللّه جناح بعوضة ما سقی كافرا منها شربة ماء». و الآیات و الأحادیث فی هذا المعنی كثیرة و الحریّ بمعنی الحقیق، و الحواری الناصر الخالص فی ولایته، و الیاء مشددة خففها ضرورة، و التحری بذل المجهود فی طلب المقصود و اشتقاقه من الحری أی اللائق و التحری القصد مع فكر، و تدبر و اجتهاد أی بطلب ما هو الأحری أی الألیق. إلی أن تنبلا أی إلی أن مات، یقال: تنبل البعیر إذا مات، و الهاء فی «له» للقرآن، و فی «تحریه» للقارئ.
و إنّ كتاب اللّه أوثق شافع‌و أغنی غناء واهبا متفضّلا هذا حث علی التمسك بالقرآن و العمل بما فیه لیكون القرآن شافعا له كافیه، و هو أوثق شافع أی أقوی، وصفه بذلك لأن شفاعته مانعة له من وقوعه فی العذاب، و شفاعة غیره مخرجة له منه بعد وقوعه فیه، قال علیه الصلاة و السلام: «من شفع له القرآن یوم القیامة نجا»، قوله: و أغنی غناء أی: و أكفی كفایة، أی كفایة القرآن أتم من كفایة غیره، قال علیه الصلاة و السلام: «القرآن غنی لا فقر معه و لا غنی دونه، و لیس منا من لم یتغن بالقرآن»، أی: یستغن، لأنه علیه الصلاة و السلام قاله حین دخل علی سعید و عنده متاع رث. قوله:
واهبا متفضّلا، أی: زائدا فی دوام هبته و بذلها علی الاستمرار من غیر انقطاع.
و خیر جلیس لا یملّ حدیثه‌و ترداده یزداد فیه تجمّلا القرآن خیر جلیس، و هو أحسن الحدیث لقوله تعالی: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِیثِ [الزمر 23]. و قوله علیه الصلاة و السلام: «ما تجالس قوم فی بیت من بیوت اللّه تعالی یتلون كتاب اللّه و یتدارسونه بینهم إلا حفتهم الملائكة، و غشیتهم الرحمة، و ذكرهم اللّه فیمن عنده». قوله: لا یمل حدیثه، أی لا تمل تلاوته و سماعه، أشار إلی قولهم: «كل مكرر مملول إلا القرآن»، و الهاء فی ترداده تعود علی القرآن، لأنه كلما ردد ازداد حسنا و جمالا، و یجوز أن یعود علی القارئ لأنه یزداد بترداده من الثواب الجزیل، و فوائد العلم الجلیل، ما یتجمل به فی الدنیا و الآخرة.
و حیث الفتی یرتاع فی ظلماته‌من القبر یلقاه سنا متهلّلا وصف القارئ بالفتوة و هو خلق جمیل یجمع أنواعا من مكارم الأخلاق، و یرتاع أی:
یفزع و أضاف الظلمات إلی الفتی لأنها ظلمات أعماله الناشئة من القبر یلقاه القرآن سنی متهللا، و السنی بالقصر الضوء، و بالمد الشرف و الرفعة. و المتهلل الباشّ المسرور قال علیه الصلاة و السلام: «إن هذه القبور مملوءة علی أهلها ظلمة، و إن اللّه لینورها لهم بصلاتی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 10
علیهم». و الهاء فی «یلقاه» للفتی أو للقرآن لأن كل واحد منهما یلقی الآخر.
هنالك یهنیه مقیلا و روضةو من أجله فی ذروة العزّ یجتلی هنالك إشارة إلی القبر، یهنیه أی: یهنئ القارئ، مقیلا المقیل موضع القیلولة و هی الاستراحة فی وسط النهار، و أراد بها الناظم مطلق الراحة أی یصیر القبر كالمقیل و كالروضة بثواب القرآن، و المقیل لا یكون إلا موضعا حسنا ذا ظل و راحة، و الروضة المكان المتسع قال علیه الصلاة و السلام: «القبر روضة من ریاض الجنة أو حفرة من حفر النار». قوله و من أجله أی: و من أجل القرآن فی ذروة العز ذروة كل شی‌ء أعلاه، و تقرأ فی البیت بكسر الذال و ضمها، و العز الشرف، و یجتلی أی: هو بارز ینظر إلیه من قولك اجتلیت العروس إذا نظرت إلیها بارزة فی زینتها.
یناشد فی إرضائه لحبیبه‌و أجدر به سؤلا إلیه موصّلا یناشد أی: یلح فی المسألة، و الهاء فی إرضائه للقرآن، و الحبیب القارئ و هاؤه للقرآن و لامه للتعلیل بمعنی لأجل حبیبه أی یسأل القرآن اللّه تعالی أن یعطی القارئ ما یرضی به القرآن، قال علیه الصلاة و السلام: «یقول القرآن یوم القیامة: یا رب رضنی لحبیبی. قوله: و أجدر به تعجب كأخلق به، و السؤل المسئول و هو المطلوب أی: و ما أحق الإرضاء المطلوب بالوصول إلی القارئ أو القرآن.
فیا أیّها القاری به متمسّكامجلا له فی كلّ حال مبجّلا نادی قارئ القرآن المتصف بالصفات المذكورة فی هذا البیت و بشره بما ذكره فی البیت الآتی بعده و القارئ مهموز و إنما أبدل الهمزة یاء ضرورة، و الهاء فی به للقرآن و هو متعلق بمتمسكا مقدما علیه أی: متمسكا به أی: عاملا بما فیه، كما قال تعالی: وَ الَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ [الأعراف: 170].
و قال علیه الصلاة و السلام: «كتاب اللّه فیه الهدی و النور فتمسكوا بكتاب اللّه و خذوا به». و قوله: مجلا له إجلال القرآن تعظیمه و تبجیله توقیره و حسن الاستماع و الإنصات لتلاوته.
هنیئا مریئا والداك علیهماملابس أنوار من التّاج و الحلا أی: عش عیشا هنیئا و الهنی‌ء الذی لا آفة فیه و المحمود الطیب المستلذ الخالی من المنغصات، و المری‌ء المأمون الغائلة المحمود العاقبة المنساغ فی الحلق و هما من أوصاف الطعام و الشراب فی الأصل ثم تجوّز بهما فی التهنئة بكل أمر سار، و أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «من قرأ القرآن و عمل بما فیه ألبس والداه تاجا یوم القیامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس فی بیوت الدنیا لو كانت فیكم فما ظنكم بالذی عمل بهذا».
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 11
و فی مسند بقی بن مخلد أن النبی صلی اللّه علیه و سلم قال: «و یكسی والداه حلة لا تقوم لها الدنیا و ما فیها». ففی هذا ذكر الحلة و فیما قبله ذكر التاج، و التاج الإكلیل، ثم نظم بقیة الحدیث المتقدم و هو فما ظنكم بالذی عمل بهذا فقال.
فما ظنّكم بالنّجل عند جزائه‌أولئك أهل اللّه و الصّفوة الملا هذا استفهام تفخیم للأمر و تعظیم لشأنه، أی: ظنوا ما شئتم من الجزاء بهذا الولد الذی یكرم والداه من أجله. و النجل النسل كالولد، یقع علی المفرد و الجمع قوله: أولئك أهل اللّه أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «أهل القرآن هم أهل اللّه و خاصته». قوله:
و الصفوة أی: الخالص من كل شی‌ء، و فی صاده الحركات الثلاث، و الروایة الفتح و الكسر أشار إلی قوله تعالی: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنا مِنْ عِبادِنا [فاطر: 32]. و الملا بفتح المیم أشرف الناس و هو مهموز أبدل همزه ألفا للوقف، أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «أشرف أمتی حملة القرآن و أصحاب اللیل».
أولو البرّ و الإحسان و الصّبر و التّقی‌حلاهم بها جاء القرآن مفصّلا أی هم أولو البر، و البر الصلاح و الإحسان فعل الحسن، و الصبر حبس النفس علی الطاعة و ردعها عن المعصیة و أصله فی اللغة المنع، و التقی اجتناب جمیع ما نهی اللّه عنه.
قوله: حلاهم أی صفاتهم، جاء بها القرآن مفصلا أی مبینا أی أهل اللّه جمعوا صفات الخیر المذكورة فی القرآن نحو قوله تعالی: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِی نَعِیمٍ [المطففین: 22]، [الانفطار:
13]، إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ [البقرة: 195]، وَ اللَّهُ یُحِبُّ الصَّابِرِینَ [آل عمران:
146]، وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُتَّقِینَ [آل عمران: 68]، إلی غیر ذلك من الآیات العظیمة المتضمنة لهذه المعانی و القرآن فی البیت بلا همز كقراءة ابن كثیر.
علیك بها ما عشت فیها منافساو بع نفسك الدّنیا بأنفاسها العلا أی بادر إلی صفاتهم و ألزمها ما عشت، أی مدة حیاتك فیها منافسا أی مزاحما فیها غیرك، و بع نفسك الدنیا أی أبدل نفسك الدنیة بأنفاسها العلا أی بطیب أرواح الأعمال الصالحة التی هی علا، و الأنفاس جمع نفس بفتح الفاء، و العلا بضم العین صفة الأنفاس.
جزی اللّه بالخیرات عنّا أئمّةلنا نقلوا القرآن عذبا و سلسلا قال علیه الصلاة و السلام: «إذا قال الرجل لأخیه: جزاك اللّه عنی خیرا فقد أبلغ فی الثناء»، معناه كأنه یقول: یا رب أنا عاجز عن مكافأة هذا فكافئه عنی، دعاء لكل من نقل القرآن من الصحابة و التابعین و غیرهم إلینا لقوله علیه الصلاة و السلام: «من أولی إلیكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له». قوله: عذبا و سلسلا. أی: نقلا عذبا لم یزیدوا فیه و لم ینقصوا منه، و لا حرفوا و لا بدلوا، و عذوبته أنهم نقلوه إلینا غیر مختلط بشی‌ء من الرأی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 12
بل مستندهم فیه النقل الصحیح، و العذب الحلو، و السلسل السهل الدخول فی الحلق.
فمنهم بدور سبعة قد توسّطت‌سماء العلی و العدل زهرا و كمّلا أی: فمن تلك الأئمة الناقلین للقرآن سبعة، جعلهم كالبدور لشهرتهم و انتفاع الناس بهم، و البدر إذا توسط فی السماء و سلم مما یستر نوره و كمل فهو النهایة، و العلی الرفعة و الشرف، و العدل الحق، و استعار للعلی و للعدل سماء و جعل هذه البدور متوسطة بها، و فیه إشارة إلی أن من لم یتوسط هذه السماء لیس من بدور القراء و الأزهر المضی‌ء و الكامل التام.
لها شهب عنها استنارت فنوّرت‌سواد الدّجی حتی تفرّق و انجلی الشهب جمع شهاب و الشهاب فی أصل اللغة اسم للشعلة الساطعة من النار، و یقال:
نار و استنار أی أضاء، و الدجی الظلم جمع دجیة و هی هنا كنایة عن الجهل و تفرق تقطع و انجلی انكشف، أی للقراء السبعة رواة أشبهت الشهب فی العلو و الاشتهار و الهدایة أخذت القراءة عنهم و علمتها الناس حافظین سبلها، فأماطت عنهم ظلمة الجهل و ألبستهم أنوار العلم.
و سوف تراهم واحدا بعد واحدمع اثنین من أصحابه متمثّلا أی تری البدور مذكورین فی هذه القصیدة علی هذه الصفة، أی مرتبین واحدا بعد واحد، فكأنه نزل ظهورهم فی النظم سماعا أو كتابة منزلة المتشخص من الأجسام، و الأصحاب الأتباع كما تقول: أصحاب الشافعی و أصحاب مالك. قوله متمثلا أی متشخصا، من قولهم تمثل بین یدیه.
تخیّرهم نقّادهم كلّ بارع‌و لیس علی قرآنه متأكّلا تخیرهم بمعنی اختارهم، و النقاد جمع ناقد، و البارع الذی فاق أضرابه، و الهاء فی تخیرهم و نقادهم للبدور السبعة أو للشهب أولهما، أثنی علیهم بالبراعة فی العلم ثم أثنی علیهم بالزهد فقال: و لیس علی قرآنه متأكلا أی بارع غیر متأكل بقراءته، یعنی أنهم كانوا لا یجعلون القرآن سببا للأكل أشار إلی قوله صلی اللّه علیه و سلم: «لا تأكلوا بالقرآن».
فأمّا الكریم السّرّ فی الطّیب نافع‌فذاك الّذی اختار المدینة منزلا شرع فی ذكر البدور السبعة واحدا بعد واحد فبدأ بنافع، و هو نافع بن أبی نعیم مولی جعونة و یكنی أبا رویم، و قیل غیر ذلك، و أصله من أصبهان أسود، كان إمام دار الهجرة و عاش عمرا طویلا قرأ علی سبعین من التابعین، منهم یزید بن القعقاع، و شیبة بن نصاح، و عبد الرحمن بن هرمز. و قرءوا علی عبد اللّه بن عباس، علی أبیّ بن كعب، علی رسول اللّه صلی اللّه علیه و سلم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 13
و أشار بقوله: الكریم السر، إلی ما روی عنه من أنه كان إذا تكلم یشم من فیه ریح المسك، فقیل له: أ تتطیب كلما قعدت تقرئ الناس؟ قال ما أمسّ طیبا و لكنی رأیت النبی صلی اللّه علیه و سلم فی المنام یقرأ فی فیّ، فمن ذلك الوقت توجد فیه هذه الرائحة. قوله: فذالك الذی اختار المدینة منزلا، المنزل موضع النزول و السكن، یعنی أن نافعا اختار السكنی بمدینة النبی صلی اللّه علیه و سلم، فأقام بها إلی أن مات فیها سنة تسع و ستین و مائة فی خلافة الهادی، و قیل: سنة سبع و ستین، و قیل غیر ذلك. و له رواة كثیرة ذكر منهم راویین فی قوله:
و قالون عیسی ثمّ عثمان ورشهّم‌بصحبته المجد الرّفیع تأثّلا الأول: هو أبو موسی عیسی بن مینا و یلقب بقالون، قرأ علی نافع بالمدینة، و مات بها سنة خمس و مائتین.
الثانی: أبو سعید عثمان بن سعید المصری الملقب بورش، ولد بمصر ثم رحل إلی نافع فقرأ علیه بالمدینة، و مات بمصر سنة سبع و تسعین و مائة و قبره معروف فی القرافة یزار.
و الضمیر فی قوله: ورشهم للقراء، أی هو الذی من بینهم لقبه ورش و كذا قوله فیما یأتی، و صالحهم أبو عمر هم و حرمیهم و الهاء فی «بصحبته» لنافع، و المجد الشرف، و الرفیع العالی، و معنی تأثلا أی جمعا أی سادا بصحبة نافع و القراءة علیه.
و مكّة عبد اللّه فیها مقامه‌هو ابن كثیر كاثر القوم معتلا و هذا البدر الثانی أبو معبد عبد اللّه بن كثیر المكی، مولی عمرو بن علقمة، تابعی و أصله من أبناء فارس، و كان طویلا جسیما أشمر أشهل یخضب بالحناء، قرأ علی عبد اللّه بن السائب المخزومی الصحابی، و علی أبی، و علی مجاهد بن جبیر و درباس، علی عبد اللّه بن عباس، علی أبیّ و زید بن ثابت، علی النبی صلی اللّه علیه و سلم، ولد بمكة سنة خمس و أربعین فی أیام معاویة، و أقام مدة بالعراق ثم عاد إلیها، و مات بها سنة عشرین و مائة فی أیام هشام بن عبد الملك، و له رواة كثیرة ذكر منهم راویین فی قوله:
روی أحمد البزّی له و محمّدعلی سند و هو الملقّب قنبلا الأول: منهما هو أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن القاسم بن نافع بن أبی بزة، و إلیه نسب. قرأ علی عكرمة، علی إسماعیل، و علی شبل بن عباد، علی ابن كثیر.
و الثانی: أبو عمر محمد و لقبه قنبل، قرأ علی أحمد القواس، علی أبی الإخریط، علی إسماعیل، علی شبل و معروف، و قرأ هذان علی ابن كثیر، و هذا معنی قوله: «علی سند»، أی بسند، یعنی أنهما لم یرویا عن ابن كثیر نفسه، بل بواسطة هؤلاء المذكورین. و أصل السند فی اللغة ما أسند إلیه من حائط و نحوه، و سند الحدیث و القراءة من ذلك.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 14 و أمّا الإمام المازنیّ صریحهم‌أبو عمرو البصری فوالده العلا و هذا البدر الثالث: أبو عمرو بن العلاء البصری المازنی، من بنی مازن كازرونی الأصل، أسمر طویلا. و الصریح الخالص النسب، و اختلف فی اسمه، فقیل: اسمه كنیته، و قیل زیان، و قیل غیر ذلك، قرأ علی جماعة من التابعین بالحجاز و العراق، منهم ابن كثیر، و مجاهد، و سعید بن جبیر، علی ابن عباس، علی أبیّ، علی النبی صلی اللّه علیه و سلم. ولد بمكة سنة ثمان أو تسع و ستین أیام عبد الملك، و نشأ بالبصرة، و مات بالكوفة سنة أربع أو خمس و خمسین و مائة فی خلافة المنصور أو قبله بسنتین، و له رواة كثیرة ذكر منهم راویا فرع منه راویین فی قوله:
أفاض علی یحیی الیزیدیّ سیبه‌فأصبح بالعذب الفرات معلّلا أفاض یعنی أفرغ من فاض الماء، و الیزیدی هو یحیی بن المبارك الیزیدی، عرف بذلك لأنه كان عند یزید بن المنصور یؤدب ولده نسب إلیه، و السیب العطاء، و العذب الماء الحلو، و الفرات الصادق الحلاوة، و المعلل الذی یسقی مرة بعد أخری، یعنی أن أبا عمرو أفاض عطاه علی الیزیدی، و كنی بالسیب عن العلم الذی علمه إیاه، فأصبح الیزیدی ریانا من العلم.
أبو عمر الدّوریّ و صالحهم أبوشعیب هو السّوسیّ عنه تقبّلا ذكر اثنین ممن قرأ علی الیزیدی: أحدهما أبو عمر حفص بن عمر الدوری، و الثانی أبو شعیب صالح بن زیاد السوسی، و الهاء فی «عنه» للیزیدی، أی تقبلا عنه القراءة التی أفاضها أبو عمرو علیه. یقال تقبلت الشی‌ء و قبلته قبولا أی: رضیته.
و أمّا دمشق الشّام دار ابن عامرفتلك بعبد اللّه طابت محلّلا و هذا البدر الرابع: عبد اللّه بن عامر الدمشقی التابعی، قرأ علی المغیرة بن أبی شهاب عن عثمان بن عفان رضی اللّه عنه، و علی أبی الدرداء عن النبی صلی اللّه علیه و سلم و قیل: إنه قرأ علی عثمان رضی اللّه عنه. و وصفه الناظم بأن دمشق طابت به محلّلا أی طاب الحلول فیها من أجله، أی قصدها طلاب العلم من أجله للقراءة علیه و الروایة عنه، ولد قبل وفاة النبی صلی اللّه علیه و سلم بسنتین بقریة یقال لها رحاب، ثم انتقل إلی دمشق بعد فتحها، و مات بها فی یوم عاشوراء من المحرم سنة ثمان عشرة و مائة فی أیام هشام بن عبد الملك، ذكر من رواته اثنین فی قوله:
هشام و عبد اللّه و هو انتسابه‌لذكوان بالإسناد عنه تنقلا هو أبو الولید هشام بن عمار الدمشقی، قرأ علی عراك المروزی و أیوب بن تمیم، علی یحیی الزماری، علی ابن عامر. و الثانی أبو عمرو عبد اللّه بن أحمد بن بشیر بن ذكوان، قرأ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 15
علی أیوب علی یحیی علی ابن عامر. قوله: و هو انتسابه لذكوان یعنی أن عبد اللّه بن ذكوان انتسب إلی جده ذكوان، قوله: بالإسناد عنه، أی عن ابن عامر، یعنی أن هشاما و عبد اللّه نقلا القراءة عن ابن عامر بواسطة هؤلاء المذكورین شیئا بعد شی‌ء، و هذا معنی قوله تنقلا.
و بالكوفة الغرّاء منهم ثلاثةأذاعوا فقد ضاعت شذا و قرنفلا الغراء أی البیضاء المشهورة، قوله: منهم ثلاثة، أی فی الكوفة ثلاثة من البدور السبعة و هم: عاصم و حمزة و الكسائی، أذاعوا أی أفشوا العلم بها و شهروه، فقد ضاعت أی الكوفة أی فاحت رائحة العلم بها، شبهوا ظهور العلم بظهور رائحة الورد و القرنفل، لأن الشذا كسر العود و القرنفل معروف.
فأمّا أبو بكر و عاصم اسمه‌فشعبة راویه المبرّز أفضلا هو عاصم بن أبی النجود و كنیته أبو بكر، تابعی قرأ علی عبد اللّه بن حبیب السلمی، و زرّ بن حبیش الأسدی، علی عثمان، و علی، و ابن مسعود، و أبی، و زید، رضی اللّه عنهم علی النبی صلی اللّه علیه و سلم، و مات بالكوفة أو السماوة سنة سبع أو ثمان أو تسع و عشرین و مائة أیام مروان الأخیر. ذكر من رواته اثنین أحدهما شعبة ذكره فی قوله فشعبة راویه المبرز أفضلا أی الذی برز فضله، یقال: إنه لم یفرش له فراش خمسین سنة، و قرأ أربعا و عشرین ألف ختمة فی مكان كان یجلس فیه، و لما كان شعبة اسما مشتركا و المشهور بهذا الاسم بین العلماء هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج البصری میز الذی عناه بما یعرف به فقال:
و ذاك ابن عیّاش أبو بكر الرّضاو حفص و بالإتقان كان مفضّلا ذاك إشارة إلی شعبة لأنه مشهور بكنیته و اسم أبیه، و مختلف فی اسمه فقیل شعبة و قیل غیر ذلك. و هو أبو بكر بن عیاش بن سالم الكوفی، تعلم القرآن من عاصم خمسا خمسا كما یتعلم الصبی من المعلم، و ذلك فی نحو من ثلاثین سنة. قوله: الرضا أی العدل.
ثم ذكر الراوی الثانی فقال: و حفص إلخ، هو حفص بن سلیمان الكوفی و یكنی أبا عمرو، و یعرف بحفص قرأ علی عاصم، قال ابن معین: هو أقرأ من أبی بكر، و لهذا قال الشاطبی: و بالإتقان كان مفضلا، یعنی إتقان حرف عاصم رحمه اللّه.
و حمزة ما أزكاه من متورّع‌إماما صبورا للقرآن مرتّلا هو حمزة بن حبیب الزیات الكوفی، و یكنی أبا عمارة، كان كما وصفه الناظم زكیا، متورعا، متحرزا عن أخذ الأجرة علی القرآن، صبورا علی العبادة، لا ینام من اللیل إلا القلیل مرتلا، لم یلقه أحد إلا و هو یقرأ القرآن قرأ علی جعفر الصادق، علی أبیه محمد الباقر، علی أبیه زین العابدین، علی أبیه الحسین، علی أبیه علی بن أبی طالب، رضی اللّه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 16
عنهم. و قرأ حمزة أیضا علی الأعمش، علی یحیی بن وثاب، علی علقمة، علی ابن مسعود، و قرأ حمزة أیضا علی محمد بن أبی لیلی، علی أبی المنهال، علی سعید بن جبیر، علی عبد اللّه بن عباس، علی أبیّ بن كعب. و قرأ حمزة أیضا علی حمران بن أعین، علی أبی الأسود، علی عثمان، و علی رضی اللّه عنهما. و قرأ عثمان و علی و ابن مسعود و أبیّ علی النبی صلی اللّه علیه و سلم. ولد سنة ثمانین أیام عبد الملك، و مات بحلوان سنة أربع أو ثمان و خمسین و مائة أیام المنصور أو المهدی، ذكر من رواته راویا فرع منه راویین فی قوله:
روی خلف عنه و خلّاد الّذی‌رواه سلیم متقنا و محصلا أما خلف فهو أبو محمد خلف بن هشام البزار، آخره راء مهملة، و هو صاحب الاختیار. و خلاد هو أبو عیسی خلاد بن خالد الكوفی، و الهاء فی «عنه» لحمزة؛ یعنی أن خلفا و خلادا رویا عن حمزة بواسطة سلیم الحرف الذی نقله عنه إلیهما. متقنا أی محكما محفوظا، و محصلا أی مجموعا. و جملة الأمر أن خلفا و خلادا قرآ علی سلیم، و سلیم قرأ علی حمزة.
و أمّا علیّ فالكسائیّ نعته‌لما كان فی الإحرام فیه تسربلا هو أبو الحسن علی بن حمزة النحوی، مولی لبنی أسد من أولاد الفرس. قیل له:
الكسائی من أجل أنه أحرم فی كساء. و السربال القمیص و كل ما یلبس كالدرع و غیره. قرأ علی حمزة الزیات، و قد تقدم سنده، و قرأ علی عیسی بن عمر، علی طلحة بن مصرف، علی النخعی علی علقمة، علی ابن مسعود علی النبی صلی اللّه علیه و سلم. عاش سبعین سنة، و مات برنبویه قریة من قری الری صحبة الرشید سنة تسع و ثمانین و مائة أیامه، ذكر من رواته اثنین فی قوله:
روی لیثهم عنه أبو الحارث الرّضاو حفص هو الدّوری و فی الذّكر قد خلا لیثهم مثل ورشهم، و الهاء فی عنه للكسائی، أی روی أبو الحارث اللیث بن خالد عن الكسائی القراءة، و الرضا العدل. و الثانی هو أبو عمر حفص الدوری راوی أبی عمرو بن العلاء، و قد ذكر فی هذا البیت أنه روی عن الكسائی أیضا، و قد تقدم ذكره مع ذكر السوسی، فلهذا قال: و فی الذكر قد خلا.
أبو عمرهم و الیحصبیّ ابن عامرصریح و باقیهم أحاط به الولا أضاف أبا عمرو إلی ضمیر القراء كما سبق فی ورشهم. قوله: و الیحصبی فی صاده الحركات الثلاث مطلقا، و الروایة الفتح، و قد تقدم أن أبا عمرو مازنی، و ذكر فی هذا البیت أن ابن عامر یحصبی نسبة إلی یحصب حی من الیمن، و یحصب بطن من بطون حمیر.
و الصریح الخالص النسب، یعنی أن أبا عمرو و ابن عامر من صمیم العرب، و باقیهم أی:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 17
و باقی السبعة. أحاط به الولاء، أی أحدق به، و غلب علی ذریة العجم لفظ الموالی، یقال:
فلان من العرب و فلان من الموالی، قال الجعبری فی كنز المعانی: أبو عمرو و ابن عامر نسبهما خالص من الرق و ولادة العجم، و باقی السبعة شیب نسبهم بولاء الرق إن ثبت أنه مسهم أو أحد آبائهم، و إلا فولادة العجم و ولاء الحلف لا ینافی الصراحة. و هذا النقل هو الأشهر، و إلا فقد اختلف فیهما و فی ابن كثیر و حمزة انتهی كلامه.
لهم طرق یهدی بها كلّ طارق‌و لا طارق یخشی بها متمحّلا لهم ضمیر الرواة، و الطرق جمع طریق و هو هنا لمن أخذ عن الراوی لأن أرباب هذا الفن اصطلحوا علی أن یسموا القراءة للإمام و الروایة للآخذ عنه مطلقا، و الطریق للآخذ عن الراوی كذلك، فیقال مثلا: قراءة نافع روایة قالون طریق أبی نشیط لیعلم منشأ الخلاف عن الراوی. قوله: یهدی بفتح الیاء و كسر الدال و یروی بضم الیاء و فتح الدال، أی لهؤلاء القراء مذاهب منسوبة إلیهم من الإظهار و الإدغام و التحقیق و التسهیل و الفتح و الإمالة، و غیر ذلك علی ما یأتی بیانه. و معنی یهدی أی یهتدی بها فی نفسه أو یرشد المستهدی بتلك الطرق كل طارق، أی كل عالم یعرفها یهدی من طلب معرفتها. و الطارق النجم المضی‌ء، كنی بالنجم عن العالم. ثم قال: و لا طارق أی: و لا مدلس، یخشی بها أی فیها متمحلا أی ماكرا.
و هنّ اللّواتی للمواتی نصبتهامناصب فانصب فی نصابك مفضلا و هن أی القراءات و الروایات و الطرق و المواتی الموافق و أصله الهمز فخفف. و نصبتها أی جعلتها مناصب أی أعلاما للعز و الشرف لما لم یتضمن هذا القصید جمیع الأحرف السبعة المذكورة فی الحدیث بل سبع قراءات منها. قال: هذه المذاهب إنما نظمتها لمن یوافقنی علی قراءتها و یستعمل اصطلاحی فیما نظمته، و أما من لا یوافقنی علیها بل یرید غیر هذه الأئمة كیعقوب الحضرمی، و الحسن البصری و عاصم الجحدری و الأعمش و غیرهم ممن نقل الأحرف السبعة فلیس هذا النظم موضوعا له و لیطلب ذلك من غیره من كتب الخلاف.
قال الجعبری: و خفی معنی هذا البیت علی أكثر القراء و بلغ جهله إلی أنه كان إذا سمع قراءة لیست فی هذا النظم قال شاذة، و ربما ساوت أو رجحت، و الحق أن من سمع قراءة وراء علمه حققها من جهابذة النقاد و كتب الثقات.
قلت: هذا القائل إنما قال ذلك لقلة اطلاعه علی حقیقة هذا الفن و اقتصاره علی القصید فیزعم أن ما سواه متروك و قد ألفت مختصرا لطیفا جمعت فیه ست قراءات من الأحرف السبعة الواردة فی الحدیث من كتب متعددة، قرأت بها و ذكرتها فی ذلك المختصر.
فالقراءات الست عن ستة أئمة، و هم: یزید بن القعقاع و ابن محیصن و الحسن البصری و یعقوب و الأعمش و خلف. فإذا قرأ القارئ بما تضمنه هذا القصید و بما تضمنه المختصر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 18
فی القراءات الست تحصلت له ثلاث عشرة قراءة عن الأئمة الثلاثة عشر و جمیعها من الأحرف السبعة الواردة فی الحدیث. قوله: فانصب أی اتعب فی نصابك، أی فی أصلك، و أراد به النیة لأنها أصل العمل و نصاب الشی‌ء أصله، و منه نصاب المال. أی أتعب ذاتك فی تحصیل العلم الذی یصیر أصلا لك تنسب إلیه مفضلا أی ذا فضل.
و ها أنا ذا أسعی لعلّ حروفهم‌یطوع بها نظم القوافی مسهّلا ها حرف تنبیه، و أنا ضمیر المتكلم وحده، و ذا اسم إشارة، و أسعی بمعنی أحرص، أی إنی مجتهد فی نظم تلك الطرق، راجیا حصول ذلك و تسهیله، و الضمیر فی «حروفهم» للقراء، و المراد قراءاتهم المختلفة، قال صاحب العین، كل كلمة تقرأ علی وجوه من القراءات تسمی حرفا. و یجوز أن یكون المراد بالحرف الرموز، لأنها حروفهم الدالة علیهم و یدل علیه قوله بعد ذلك جعلت أبا جاد، و یطوع بمعنی ینقاد، و القوافی جمع قافیة و هی كلمات أواخر الأبیات بضابط معروف فی علمها.
جعلت أبا جاد علی كلّ قارئ‌دلیلا علی المنظوم أوّل أوّلا أخبر أنه جعل حروف «أبی جاد» دلیلا أی علامة علی كل قارئ نظم اسمه من القراء السبعة و رواتهم. أول أولا أی الأول من حروف أبی جاد للأول من القراء، ففی اصطلاحه أبج لنافع و راوییه، فالهمزة لنافع، و الباء لقالون، و الجیم لورش. «دهز» لابن كثیر و راوییه، الدال لابن كثیر، و الهاء للبزی و الزای لقنبل. «حطی» لأبی عمرو و راوییه، الحاء لأبی عمرو و الطاء للدوری، و الیاء للسوسنی. «كلم» لابن عامر و راوییه، الكاف لابن عامر و اللام لهشام، و المیم لابن ذكوان «نصع» لعاصم و راوییه، النون لعاصم و الصاد لشعبة و العین لحفص. «فضق» لحمزة و راوییه، الفاء لحمزة و الضاد لخلف، و القاف لخلاد «رست» للكسائی و راوییه، الراء للكسائی، و السین لأبی الحارث و التاء للدوری عنه و ترتیبها عند الحساب. (أبجد هوز حطی كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ).
فغیرها الناظم إلی اصطلاحه فصار ترتیبها عنده أبج دهز حطی كلم نصع فضق رست ثخذ ظغش و الواو للفصل.
و من بعد ذكری الحرف أسمی رجاله‌متی تنقضی آتیك بالواو فیصلا المراد بالحرف هنا ما وقع الاختلاف فیه بین القراء من كلم القرآن، سواء كان حرفا فی اصطلاح النحویین، أو اسما أو فعلا، و أسمی بمعنی أضع. و المراد برجاله قراؤه أی أذكرهم برموزهم التی أشرت إلیها لا بصریح أسمائهم، فإن ذلك یتقدم علی الحرف و یتأخر كما سیأتی. و بیّن بهذا البیت كیفیة استعماله الرمز بحروف أبجد فذكر أنه یذكر حروف القرآن أولا، ثم یأتی بحروف الرمز و لا یأتی بها مفردة، بل فی أوائل كلمات، قد تضمنت تلك
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 19
الكلمات معانی صحیحة، من ثناء علی قراءة أو قارئ، أو تعلیل مفید. ثم یأتی بالواو الفاصلة كقوله: و مالِكِ یَوْمِ الدِّینِ [الفاتحة: 4] راویه ناصر. و عند صراط ذكر أولا حرف القرآن و هو مالِكِ یَوْمِ الدِّینِ [الفاتحة: 4]، ثم ذكر الرمز فی قوله: راویه ناصر و هما الراء و النون ثم أتی بالواو الفاصلة فی قوله و عند صراط. و هذا معنی قوله: «متی تنقضی آتیك بالواو فیصلا»، أی إذا انقضی ذكر الحرف المختلف فی قراءته و رمز من قرأه، آتی بكلمة أولها واو تؤذن بانقضاء تلك المسألة و استئناف كلمة أخری. و قوله: ذكری الحرف یقرأ بإضافة ذكر إلی یاء المتكلم، و نصب الحرف و یقرأ بخفض الحرف علی إضافة ذكر إلیه عوض یاء المتكلم الساقطة من اللفظ لالتقاء الساكنین.
سوی أحرف لا ریبة فی اتّصالهاو باللّفظ أستغنی عن القید إن جلا یعنی أنه ربما استغنی عن الإتیان بالواو الفاصلة إذا دل الكلام بنفسه علی الانقضاء و الخروج إلی شی‌ء آخر و ارتفعت الریبة كقوله: و غیبك فی الثانی إلی صفوه دلا خطیئته التوحید عن غیر نافع، فإن لفظ خطیئته دل علی انقضاء الكلام فی الغیبة و الخطاب، و قوله:
و باللفظ أستغنی عن القید، كقوله و حمزة أسری فی أساری، فإنه استغنی عن تقیید اللفظین كما قید فی قوله فی بقیة البیت و ضمهم نقاد و هم و المد. قوله إن جلا أی إن كشف اللفظ عن المقصود و بینه و منه، یقال جلوت الأمر إذا كشفته، یعنی لا یستغنی باللفظ إلا إذا كان اللفظ یكفی عن ذلك القید و إن لم یكف قید.
و ربّ مكان كرّر الحرف قبلهالما عارض و الأمر لیس مهوّلا رب حرف جر فی الأصح لتقلیل النكرة و مكان مجرورها. و قوله: كرر یقرأ بضم الكاف و كسر الراء، و الروایة بفتحهما ففی كرر ضمیر یعود إلی الناظم، أی رب مكان، كرر الناظم حرف الرمز قبل الواو الفاصلة، و أراد بالحرف هنا حرف الرمز الدال علی القارئ لا الكلمة المختلف فیها المعبر عنها بقوله و من بعد ذكری الحرف. قوله: لما عارض، أی لأمر عارض اقتضی ذلك من تحسین لفظ أو تتمیم قافیة و هو فی ذلك علی نوعین: أحدهما أن یكون الرمز لمفرد مكرر بعینه كقوله: حلا حلا و علا علا. و الثانی أن یكون الرمز لجماعة ثم یرمز لواحد من تلك الجماعة كقوله سما العلا ذا أسوة تلا، و قد یتقدم المفرد كقوله: إذ سما كیف عولا، و الهاء فی قبلها تعود علی الواو الفاصلة المنطوق بها أی قبل موضعها و إن لم توجد فإن حلا حلا و علا علا لیس بعدهما واو فاصلة. فإن قیل فما الرمز فیهما هل هو الأول و الثانی؟
قیل: ظاهر كلام الناظم أن الرمز هو الأول و هو الذی ینبغی أن یكتب بالأحمر، فإن كان صغیرا مع كبیر فلا یحمر إلا الكبیر الذی دخل فیه الصغیر نحو إذ سما فلا یحمر ألف إذ، و كذا سما العلا لا تحمر الألف من العلا، و كذلك إذا أضیف الكبیر إلی ضمیر نحو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 20
حرمیهم و صحبتهم، لا یحمر الهاء و المیم.
و اعلم أنه كما یكرر الرمز لعارض فقد تكرر الواو الفاصلة أیضا لذلك كقوله: قاصدا و لا و مع جزمه یفعل و لم یخشوا هناك مضلّلا و أن یقبل. قوله: و الأمر لیس مهولا، بكسر الواو، أی أمر استعمال الرمز هین لیس مفزعا.
و منهنّ للكوفیّ ثاء مثلّث‌و ستّتهم بالخاء لیس بأغفلا
عنیت الأولی أثبتّهم بعد نافع‌و كوف و شام ذالهم لیس مغفلا لما اصطلح علی رموز القراء منفردین، كل حرف من حروف «أبی جاد» رمز لقارئ كما تقدم، اصطلح أیضا علی حروف من حروف «أبی جاد» دالة علیهم مجتمعین كل حرف یدل علی جماعة. و اعلم أن الحروف الباقیة من حروف «أبی جاد» ستة یجمعها كلمتان «ثخذ، ظغش». و لهذا قال: و منهن، أی من حروف أبی جاد للكوفی، أی للقارئ الكوفی من السبعة، أی لهذا الجنس، و هم عاصم و حمزة و الكسائی. ثاء مثلث، أی ذات نقط ثلاث، جعل الثاء المثلث و هو الأول من ثخذ دالا علی الكوفیین الثلاثة إذا اجتمعوا علی قراءة نحو قوله: و فی درجات النون مع یوسف ثوی، فالثاء من قوله: ثوی، ذات رمز لهم.
قوله: و ستتهم بالخاء، أی و ستة القراء بالخاء المنقوطة، و الأغفل من الحروف الذی لم ینقط. قوله: عنیت، أی أردت، الأولی أی الذین أثبتهم أی نظمتهم، أخبر أنه جعل الحرف الثانی من «ثخذ» و هو الخاء لغیر نافع، فلهذا قال: عنیت الأولی أثبتهم، أی عنیت بالستة الذین ذكرتهم فی النظم بعد ذكر نافع، و هم: ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و عاصم و حمزة و الكسائی، إذا اجتمعوا علی قراءة رمز لهم، بالخاء كقوله: و الصابئون خذ، فالخاء رمز لهم، ثم شرع فی الحرف الثالث من ثخذ، فقال: و كوف و شام ذالهم، أخبر أنه جعل الذال المعجمة للكوفیین و ابن عامر، إذا اجتمعوا علی قراءة كقوله: «و ما یخدعون»، الفتح من قبل ساكن، و بعد ذكا، فالذال من ذكا رمز لهم. و قوله: لیس مغفلا، أی لیس مغفلا من النقط بل هو منقوط. ثم لما فرغ من حروف ثخذ شرع فی تفصیل حروف ظغش فقال:
و كوف مع المكّیّ بالظاء معجماو كوف و بصر غینهم لیس مهملا أخبر أن الحرف الأول من حروف ظغش، و هو الظاء المعجمة أی المنقوطة جعلها للكوفیین و المكی، یعنی أن عاصما و حمزة و الكسائی و ابن كثیر، إذا اجتمعوا علی قراءة رمز لهم بالظاء كقوله: و فی الطور فی الثانی ظهیر، فالظاء من ظهیر رمز لهم. قوله: و كوف و بصر، إلخ ... أخبر أن الحرف الثانی من حروف ظغش، و هو الغین، جعلها رمز العاصم و حمزة و الكسائی و أبی عمر. و إذا اجتمعوا علی قراءة كقوله: و قبل، یقول: الواو غصن، فالغین رمز لهم. و قوله: غینهم لیس مهملا، أی منقوط، و المهمل الخالی من النقط، و المعجم من الحروف المنقوط من قولهم: أعجمت الكتاب، أی أزلت عجمته بالنقط.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 21 و ذو النّقط شین للكسائی و حمزةو قل فیهما مع شعبة صحبة تلا
صحاب هما مع حفصهم عمّ نافع‌و شام سما فی نافع و فتی العلا
و مكّ و حقّ فیه و ابن العلاء قل‌و قل فیهما و الیحصبی نفر حلا أخبر أن الحرف الثالث من حروف ظغش، و هو الشین المنقوط جعله رمز الحمزة، و الكسائی إذا اجتمعا علی قراءة كقوله: و قل حسنا شكرا، فالشین رمز لهما، و إلیه أشار بقوله: ذو النقط، أی صاحب النقط. فهذا آخر حروف «أبی جاد»، و كملت حروف المعجم جمیعها، و هو آخر الرمز الحرفی.
ثم اصطلح علی ثمان كلمات جعلها رموزا و هن: «صحبة صحاب عم سما حق نفر حرمی حصن». ثم شرع فی بیان مدلول تلك الكلمات فقال: و قل فیهما مع شعبة صحبة الضمیر فی «فیهما» عائد علی حمزة و الكسائی، أی قل فی الكسائی و حمزة مع شعبة هذه الكلمة و هی صحبة، فجعل صحبة علما دالا علی هؤلاء، یعنی أن حمزة و الكسائی إذا اتفق معهما شعبة علی قراءة، عبر عنهم بلفظ صحبة كقوله: و صحبة یصرف، فصحبة رمز لهم.
و تارة یرمز لهم بالحرف كقوله: «و موص ثقله صح شلشلا»، فالصاد لشعبة، و الشین لحمزة و الكسائی. قوله: تلا أی تبع الرمز الكلمی الرمز الحرفی.
ثم شرع فی الكلمة الثانیة و هی صحاب فقال: صحاب هما مع حفصهم، أخبر أنه جعلها رمزا لحمزة و الكسائی و حفص، إذا اجتمعوا علی قراءة، رمز لهم بصحاب كقوله:
و قل زكریا، دون همز جمیعه صحاب الضمیر فی قوله: هما یعود إلی حمزة و الكسائی و مراده حفص عاصم.
الكلمة الثالثة عم جعلها رمزا لنافع و ابن عامر، فقال عم نافع و شام.
الكلمة الرابعة: سما جعلها رمزا لنافع، و أبی عمرو و ابن كثیر، فقال: سما فی نافع و فتی العلا. و مكّ.
الكلمة الخامسة: حق جعلها رمزا لابن كثیر و أبی عمرو فقال: و مك و حق و ابن العلاء قل.
الكلمة السادسة: نفر جعلها رمزا لابن كثیر، و أبی عمرو، و ابن عامر فقال: و قل فیهما و الیحصبی نفر حلا. ثم ذكر باقی الكلمات فقال:
و حرمیّ المكّیّ فیه و نافع‌و حصن عن الكوفی و نافعهم علا الكلمة السابعة: حرمی جعلها رمزا لابن كثیر و نافع.
الكلمة الثامنة: حصن جعلها رمزا لنافع و الكوفیین، و هم: عاصم و حمزة و الكسائی.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 22
قوله: حرمی بكسر الحاء و سكون الراء و تشدید الیاء، لغة فی الحرم. و قوله: علا أی: ظهر.
المراد و هذه الثمان كلمات تارة یأتی بها بصورتها، و تارة یضیف بعضها إلی ضمیر كقوله:
«صحابهم و حقك یوم لا مع الكسر عمه».
و مهما أتت من قبل أو بعد كلمةفكن عند شرطی و اقض بالواو فیصلا أی: و مهما أتت كلمة أولها رمز من قبل كلمة من الكلمات الثمان، التی وضعتها رمزا تارة استعملها مجردة عن الرمز الحرفی، و تارة یجتمعان فإذا اجتمعا لم ألتزم ترتیبا بینهما، فتارة یتقدم الكلمی علی الحرفی نحو و عم فتی، و تارة یتقدم الحرفی علی الكلمی نحو نعم عم، و تارة یتوسط الكلمی بین حرفین نحو صفو حرمیه رضی، و مدلول كل واحد من الحرفی و الكلمی بحاله لا یتغیر بالاجتماع، فهذا معنی قوله: فكن عند شرطی، أی: علی ما شرطته و اصطلحت علیه قوله: و اقض بالواو فیصلا، أی احكم بعد ذلك بالواو فاصلا علی القاعدة المتقدمة.
و ما كان ذا ضدّ فإنی بضدّه‌غنیّ فزاحم بالذّكاء لتفضلا انتقل إلی بیان اصطلاحه فی عبارات وجوه القراءات فقال: كل وجه له ضد واحد سواء كان عقلیا أو اصطلاحیا، فإنی أستغنی بذكر أحد الضدین عن الآخر لدلالته علیه، فیكون من سمی یقرأ بما ذكره، و من لم یسم یقرأ بضد ما ذكره. قوله: فزاحم بالذكاء أی:
زاحم العلماء بذكائك، أی بسرعة فهمك لتفضلا أی لتغلب فی الفضل.
و اعلم أن الأضداد المذكورة تنقسم قسمین: أحدهما: ما یعلم من جهة العقل.
و الثانی ما یعلم من جهة اصطلاحه، ثم هی تنقسم قسمین آخرین منها ما یطرد و ینعكس، أی كل واحد من الضدین یدل علی الآخر، و منها ما یطرد و لا ینعكس. فبدأ بالقسم الأول من القسمین أعنی الذی یعلم من جهة العقل المطرد المنعكس.
كمدّ و إثبات و فتح و مدغم‌و همز و نقل و اختلاس تحصّلا المد ضده القصر كقوله: فإن ینفصل فالقصر بادره. و قوله: و عن كلهم بالمد ما قبل ساكن، و تارة یعبر بالمد عن زیادة حرف كقوله: و فی حاذرون المد، و تارة یعبر بالقصر عن حذف الألف كقوله: و قل لابثین القصر. قوله: و إثبات الإثبات ضده الحذف كقوله:
و تثبت فی الحالین درا لوامعاو قل قال موسی و احذف الواو دخللا قوله: و فتح الفتح هنا ضده الإمالة الكبری و الصغری، و لم یستعمله الناظم إلا فی قوله فی سورة یوسف: و الفتح عنه تفضلا، و فی باب الإمالة فی قوله: «و لكن رءوس الآی قد قل فتحها». و إنما لم یقع التقیید بالفتح إلا فی هذین الموضعین، لأن القراءة إذا كانت دائرة بین الفتح و الإمالة، فما یعبر الناظم بالفتح لعدم دلالة الفتح علی أحد نوعی الإمالة،
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 23
لأن الإمالة منقسمة صغری و كبری فما تفهم القراءة الأخری لو عبر بالفتح، فیعبر بالإمالة إما الصغری أو الكبری و أیهما كانت فضدها الفتح.
و الصحیح أن الفتح هنا غیر الفتح الذی یأتی مؤاخیا بینه و بین الكسر، لأن الفتح هنا ضد الإمالة بخلافه ثم فإن ضده الكسر. قوله: و مدغم إلی آخره، ضد الإدغام الإظهار.
و ضد الهمز ترك الهمز و ضد النقل إبقاء الهمز علی حركته، و إبقاء الساكن قبله. و ضد الاختلاس إكمال الحركة، لأن معنی الاختلاس خطف الحركة و الإسراع بها، و قوله:
تحصلا، أی تحصل فی الرویة و ثبت.
ثم شرع فی بیان الأضداد التی اصطلح علیها فقال:
و جزم و تذكیر و غیب و خفّةو جمع و تنوین و تحریك اعملا الجزم ضده فی اصطلاحه الرفع، و هو یطرد و لا ینعكس. أما بیان اطراده فلأنه متی ذكر الجزم فخذ ضده الرفع، كقوله: و بالقصر للمكی و اجزم فلا یخف. و أما الرفع فضده النصب كما سیأتی. و التذكیر ضده التأنیث، و كل من الضدین یدل علی الآخر كقوله: و ذكر لم یكن شاع، و قوله: و إن تكن أنث. و الغیبة ضدها الخطاب، و كل من الضدین یدل علی الآخر كقوله: و فی یعملون الغیب حل، و قوله: و تدعون خاطب إذ لوی. و الخفة ضدها الثقل، و كل منهما یدل علی صاحبه، كقوله: و كوفیهم تساءلون مخففا. و قوله: و حق و فرضنا ثقلا و الجمع ضده التوحید و الإفراد، و هو من الأضداد المطردة المنعكسة باصطلاحه نحو: و جمع رسالاتی حمته ذكوره، و كقوله: خطیئته التوحید رسالات فرد. و التنوین ضده تركه، و هو من الأضداد المطردة المنعكسة كقوله: لثمود نوّنوا و اخفضوا رضی و قوله: ثمود مع الفرقان و العنكبوت لم ینون. و التحریك ضده الإسكان، سواء كان مقیدا نحو: و حرك عین «الرعب» ضما أو مطلقا، نحو: معا قدر حرك من صحاب، و قوله: اعملا أی عاملا فی الحرف.
و حیث جری التّحریك غیر مقیّدهو الفتح و الإسكان آخاه منزلا التحریك یقع فی القصید علی وجهین: مقید، و غیر مقید، فالمقید كقوله: و اللام حركوا برفع خلودا، و كقوله: و حرك عین الرعب ضما. و غیر المقید كقوله: معا قدر حرك.
و لا یكون إذا إلا فتحا، و مثله قوله: نعم ضم حرك و اكسر الضم أثقلا، و الإسكان ضدهما معا، و إنما قال فی هذا البیت و الإسكان آخاه و لم یستغن بما تقدم فی البیت الذی قبله لفائدة، و لیس هذا بتكرار. أراد به إذا ذكر التحریك غیر مقید فضده الإسكان، و إذا ذكر الإسكان فضده الفتح إذا كان الإسكان غیر مذكور الضد كقوله: و یطهرن، فی الطاء السكون
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 24
فضد هذا السكون الفتح لأنه ذكره و لم یذكر له ضدا، فإن كان للسكون ضد غیر الفتح فلا بد من ذكره و تقییده كقوله:
و حیث أتاك القدس إسكان داله‌دواء و للباقین بالضم أرسلا لما كان ضد الإسكان هنا الضم ذكره و عینه. و كقوله: و أرنا و أرنی ساكنا الكسر. ثم شرع یذكر بقیة الأضداد التی اصطلح فیها فقال رحمه اللّه:
و آخیت بین النّون و الیا و فتحهم‌و كسر و بین النّصب و الخفض منزلا أخبر أنه آخی بین النون و الیاء، و بین الفتح و الكسر، و بین النصب و الخفض. و فعل ذلك لكثرة دورهما فی التراجم و فرق بین لقبی الفتح و النصب، و بین لقبی الكسر و الخفض، علی اصطلاح البصریین فی التفرقة بین ألقاب حركات الإعراب و البناء.
فحاصل هذا البیت أن النون و الیاء ضدان، و كل واحد منهما یدل علی صاحبه، فمتی كانت القراءة دائرة بین الیاء و النون فإذا ذكرت الیاء لقارئ نحو قوله: و یا و یكفر عن كرام، فتأخذ للمسكوت عنهم النون لتصریحه بالیاء، و إذا ذكر النون لقارئ نحو قوله: و حیث یشاء نون دار، فتأخذ للمسكوت عنهم الیاء، لتصریحه بالنون. و قوله: و فتحهم و كسر إلخ الفتح و الكسر ضدان، و كل واحد منهما یدل علی صاحبه كقوله: إن الدین بالفتح رفلا، فتأخذ للمسكوت عنهم القراءة بكسر الهمز. و مثال الكسر كقوله: عسیتم- بكسر السین- حیث أتی انجلا، فتأخذ للمسكوت عنهم القراءة بفتح السین. و أما النصب و الخفض فهما ضدان، و كل واحد منهما یدل علی الآخر كقوله: و غیر أولی بالنصب صاحبه كلا. و مثال التقیید بضده كقوله: و الأرحام بالخفض جملا. و قوله: منزلا، بضم المیم أی: منزلا كل شی‌ء من ذلك منزلته.
و حیث أقول الضّمّ و الرّفع ساكتافغیرهم بالفتح و النّصب أقبلا أخبر أنه إذا ذكر الضم و سكت عن قراءة الباقین كانت بالفتح كقوله: و فی إذ یرون الیاء بالضم كللا: فابن عامر یقرأ بالضم، و الباقون یقرءون بالفتح، و إذا ذكر الرفع و سكت عن قراءة الباقین كانت بالنصب كقوله: و حتی یقول الرفع فی اللام أولا، فنافع یقرأ بالرفع، و الباقون یقرءون بالنصب، و إذا لم تكن قراءة الباقین فی النوع الأول بالفتح، و لا فی النوع الثانی بالنصب، فإنه لا یسكت عنها مثاله فی الضم قوله: و جزءوا و جزء ضم الإسكان صف. فقد ذكر الضم لأبی بكر، و ذكر معه الإسكان، فتأخذ لغیره الإسكان لأنه المذكور مع الضم. و كذلك قوله: و رضوان اضمم غیر ثان العقود كسره صح، فتأخذ لأبی بكر الضم لنصه علیه، و تأخذ للباقین المذكور معه و هو الكسر. و مثاله فی الرفع قوله: یضاعف و یخلد رفع جزم كذی صلا: فتأخذ لابن عامر و أبی بكر القراءة بالرفع و تأخذ للباقین ما ذكر مع
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 25
الرفع و هو الجزم و كذلك قوله:
و خضر برفع الخفض عم حلا علا
فالحاصل أن ضد الرفع إذا سكت النصب، و ضد النصب الخفض و كذلك ضد الضم إذا سكت الفتح، و ضد الفتح الكسر. فالفتح و الكسر ضدان، و كل واحد منهما یدل علی الآخر و كذلك النصب و الخفض كل واحد منهما یدل علی الآخر قوله: أقبلا أی جاء الغیر بالفتح فی مقابلة الضم، و بالنصب فی مقابلة الرفع و باللّه التوفیق:
و فی الرّفع و التّذكیر و الغیب جملةعلی لفظها أطلقت من قیّد العلا أی فی القصید جملة مواضع من: الرفع، و التذكیر، و الغیب، و أضدادها، أطلقت القارئ الذی فهم الأضداد المتقدمة علی قراءتها، خالیة من الترجمة. فاعلم من هنا أن الخلاف إذا دار بین الرفع و ضده فلا أذكر إلا الرفع رمزا أو صریحا، و إذا دار بین التذكیر و ضده فلا أذكر إلا التذكیر، و إذا دار بین الغیب و ضده فلا أذكر إلا الغیب. فإذا علمت أحد الوجهین من هنا أخذت للمسكوت عنه ضده من المتقدم. و قوله: علی لفظها، أی علی قراءتها أطلقت أی أرسلت. أی: و فی الرفع و التذكیر و الغیب جملة من حروف القرآن، فی القصید أطلقت علی لفظها من غیر تقیید، یعنی أنه ربما استغنی بألفاظ هذه الثلاثة عن تقییدها. و قد اتفق اجتماع هذه الثلاثة فی بیت واحد بالأعراف، و هو قوله: و خالصة أصل، و لم یقل بالرفع، فكان هذا الإطلاق دلیلا علی أنه مرفوع. و لا یعلمون قل، و لم یقل بالغیب، لشعبة فی الثانی و یفتح شمللا، و لم یقل بالتذكیر، و نبه بقوله: من قید العلا، علی أنه إنما وضع قصیده لمن عرف معانیه لیرتقی به إلی أعلی هذا الشأن، أی: من حاز الرتب العلا:
و قبل و بعد الحرف آتی بكلّ مارمزت به فی الجمع إذ لیس مشكلا أخبر أنه لا یلتزم لكلم الجمع مكانا، بل یأتی بها تارة قبل الحرف و تارة بعده، إذ لا إشكال فیها، بخلاف حروف أبجد. و المراد بالحرف هنا كلمة القرآن. و الرمز فی اللغة الإیماء و الإشارة و منه قوله تعالی: إِلَّا رَمْزاً [آل عمران: 41]، و لما كانت هذه الكلمات و الحروف التی جعلها دالة علی القراءة كالإشارة إلیهم، سماها رمزا و أراد بما رمز به فی الجمع الكلمات الثمانی، فإنها هی التی لا یشكل أمرها فی أنها رمز سواء تقدمت علی الحروف أو تأخرت. و أما الحروف الدالة علی الجمع كالتاء و الخاء و ما بعدهما فلها حكم الحروف الدالة علی القراء منفردین، و قد التزم ذكرها بعد حرف القرآن بقوله:
و من بعد ذكری الحرف أسمی رجاله
و قد تقدم هذا، و مثال ذكره رمز الجمع قبل حرف القرآن، نحو: و صحبة یصرف
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 26
و مثال ذكره إیاه بعده نحو یستبین صحبة ذكر و أولا و قوله لیس مشكلا أی لیس بصعب؛
و سوف أسمّی حیث یسمح نظمه‌به موضحا جیدا معمّا و مخولا أخبر أنه یسمی القارئ باسمه و لا یرمزه، حیث یسمح نظمه به، أی حیث یسهل علیه نظمه تارة یذكره قبل حرف القرآن، و تارة بعده علی حسب ما یسهل كقوله: «لحمزة فاضمم كسرها أهله امكثوا»، و قوله: «و لا كذابا بتخفیف الكسائی أقبلا.
و اعلم أن التصریح تارة یكون باسم القارئ كما تقدم و تارة یكون بكنیته كقوله:
«و قطبه أبو عمرو»، و تارة یكون بنسبه كقوله: «و كوفیهم تساءلون»، و تارة یكون بضمیر كقوله: «و بصروهم أدری». و أما حرمی فإنه و إن كان نسبة فإنه جعله رمزا، فیجتمع مع الرمز كقوله: و إستبرق حرمی نصر و قد استمر له أنه لا یجمع بین رمز و اسم صریح فی ترجمة واحدة، و یجمع بینهما فی ترجمتین فإنه قد یرمز بقراءة القارئ فی الحرف الواحد، و یصرح فیه بالقراءة الأخری لغیره كما قال: «یلهث له دار جهلا»، ثم قال: «و قالون ذو خلف»، و كذلك قد یرمز للقراء و یستثنی بالصریح كقوله «و إضجاع «را» كل الفواتح»، ذكره حمی غیر حفص. و قوله: «لیقضوا سوی بزیهم نفر جلا و موضحا» أی مبینا، و الجید العنق، و المعم المخول ذو الأعمام و الأخوال، و ذلك أنهم كانوا یعرفون الصبی ذا الأعمام و الأخوال بجیده لما فیه من الزینة.
و من كان ذا باب له فیه مذهب‌فلا بدّ أن یسمی فیدری و یعقلا یرید أن القارئ إذا انفرد بباب لم یشاركه فیه غیره ذكره فی ذلك الباب باسمه من غیر رمز زیادة فی البیان كقوله: و دونك الإدغام الكبیر «و قطبه: أبو عمرو»، و قوله: و فی هاء تأنیث الوقوف و قبلها: «ممال الكسائی»، و قوله: «و غلظ ورش فتح لام لصادها». و بانتهاء هذا البیت انتهی ما رتبته من الرموز و الاصطلاح فی القصید، ثم شرع یثنی علیها فقال:
أهلّت فلبّتها المعانی لبابهاو صغت بها ما ساغ عذبا مسلسلا الإهلال: رفع الصوت أی نادت صارخة بالمعانی، فلبتها أی أجابتها بقولها: لبیك، أی أقامت دائمة علی الإجابة، من ألبّ بالمكان: أقام به، و لباب المعانی خالصها، وضعت من الصیاغة و یعبر بها عن إتقان الشی‌ء و إحكامه، و ساغ سهل، و العذب الحلو و المسلسل السلس، یعنی أنه نظم فیها اللفظ الحلو السلس الذی سهل علی اللسان لتناسب مادته حال التذاذ السمع به لملاءمة الطبع.
و فی یسرها التّیسیر رمت اختصاره‌فأجنت بعون اللّه منه مؤمّلا رمت الشی‌ء طلبت حصوله: أی أنه لما قصد اختصار كتاب التیسیر و نظم مسائله فی هذه القصیدة استعان باللّه تعالی، فحصل له فیها ما أمله من المنفعة للمسلمین، و اختصار
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 27
الشی‌ء جمع معانیه فی أقل من ألفاظه و استعار الجنی للمعانی للطافتها. و التیسیر یقرأ برفع الراء و نصبها و الرفع الروایة. و مصنف التیسیر هو الإمام أبو عمرو عثمان بن سعید الدانی، و أصله من قرطبة و هو مقرئ محدث مات بدانیة فی شوال سنة أربع و أربعین و أربعمائة، و كتاب التیسیر من محفوظات الشاطبی قال: عرضته حفظا عن ظهر قلب، و تلوت ما فیه علی ابن هذیل بالأندلس:
و ألفافها زادت بنشر فوائدفلفّت حیاء وجهها أن تفضّلا الألفاف: الأشجار الملتفة لكثرتها، و الفوائد: جمع فائدة، أی نشرت فوائد زائدة علی ما فی كتاب التیسیر من زیادة وجوه و إشارة إلی تعلیل و غیر ذلك، و من جملة ذلك باب مخارج الحروف ثم بعد هذا استحیت أن تفضل علی كتاب التیسیر استحیاء الصغیر من الكبیر، و لفت أی سترت و الذی سترت به وجهها هو الرمز.
و سمّیتها حرز الأمانی تیمّناو وجه التّهانی فاهنیه متقبّلا أخبر أنه سمی هذه القصیدة «حرز الأمانی و وجه التهانی» و أخبر بهذه التسمیة أیضا أنه أودع فیها أمانی طالبی هذا العلم و أنها تقابلهم بوجه مرضی مهنئ بمقصودهم، و تیمنا تبركا و معنی فأهنئه متقبلا: أی تهنأ بهذا الحرز فی حال تقبلك و كن به متهنئا.
و نادیت اللّهمّ یا خیر سامع‌أعذنی من التّسمیع قولا و مفعلا نادیت: أی قلت و معنی اللهم یا اللّه المیم عوض عن حرف النداء و قطع همزته ضرورة، ثم كرر النداء بقوله: یا خیر سامع أعذنی، أی اعصمنی من التسمیع أی من السمعة قولا و مفعلا أی فی قولی و فعلی:
إلیك یدی منك الأیادی تمدّهاأجرنی فلا أجری بجور فأخطلا لما مد یده حال الدعاء قال: إلیك یدی أی إلیك مددت یدی سائلا الإعاذة من التسمیع و الإجارة من الجور، و قوله: «منك الأیادی تمدها»، الأیادی النعم أی هی الحاملة و المسهلة لی علی مد یدی، أجرنی أی خلصنی من الخطأ فإنك إن أجرتنی فلا أجری بجور أی فلا أفعله، و الجور المیل عن الحق، فأخطلا أی فأقع فی الخطل و هو الكلام الفاسد.
أمین و أمنا للأمین بسرّهاو إن عثرت فهو الأمون تحمّلا لما دعا أمن علی دعائه فقال: أمین، و معناه استجب، و فیه لغتان قصر الهمزة و هو الأصل، و مدها و هو الأفصح، و هو مبنی علی الفتح، و قد حكی فیه التشدید، و الأمن ضد الخوف و الأمین الموثوق به و السر ضد العلانیة، كأنه قال: اللهم استجب، و هب أمنا للأمین بسرها أی بخالصها و من أمانته اعترافه بما فیها من الفوائد، و قوله: و إن عثرت إلخ أصل
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 28
العثار فی المشی، ثم یستعمل فی الكلام یقال: عثر فی منطقه إذا غلط، و العثرة الزلة، و أضافها إلی القصیدة مجازا، و إنما یعنی عثرة ناظمها فیها، و الأمون الناقة القویة أی یكون الناظر فی هذه القصیدة قویا بمنزلة هذه الناقة فی تحمل ما یراه من زلل أو خطأ فیقیم المعاذیر:
أقول لحرّ و المروءة مرؤهالإخوته المرآة ذو النّور مكحلا أخبر أنه مخاطب للحر بما تضمنته الأبیات التی تلی هذا البیت، و أراد الحر الذی تقدم شرحه فی قوله: هو الحر، فقال: أقول لحر أخی أیها المجتاز و اعترض بین القول و المقول بقوله: و المروءة مرؤها إلی آخر البیت، و المروءة كمال المرء بالأخلاق الزكیة، و هی مشتقة من لفظ المرء كالإنسان من لفظ الإنسانیة، و قوله: مرؤها معناه رجلها الذی قامت به المروءة، و أشار بقوله و المروءة مرؤها لإخوته المرآة ذو النور إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «المؤمن مرآة المؤمن»، و روی «إن أحدكم مرآة أخیه فإذا رأی شیئا فلیمطه».
و المكحل المیل الذی یكتحل به:
أخی أیّها المجتاز نظمی ببابه‌ینادی علیه كاسد السّوق أجملا هذا من المقول للحر نادی أخاه فی الإسلام الذی جاز هذا النظم ببابه أی: مر به، كنی بذلك عن السماع به أو الوقوف علیه إنشادا أو فی كتاب، و استعار الكساد للخمول و كساد السلعة ضد نفاقها أی إذا رأیت هذا النظم خاملا غیر ملتفت إلیه فأجمل أنت أی ائت بالقول الجمیل فیه.
و ظنّ به خیرا و سامح نسیجه‌بالاغضاء و الحسنی و إن كان هلهلا أی ظن بالنظم خیرا لأن ظن الخیر بالشی‌ء یوجب حسن الاعتذار عنه، و سامح من المسامحة و هی ضد المشاححة، نسیجه یعنی ناسجه أی ناظمه بالإغضاء أی بالتغافل و الحسنی أی بالطریقة الحسنی، و إن كان هلهلا فی نسیجه، و الهلهل الخفیف النسج.
و سلّم لإحدی الحسنیین إصابةو الأخری اجتهاد رام صوبا فأمحلا أی إذا اجتهد العالم فأصاب فله أجران أی أجر اجتهاده و أجر إصابته، و إذا اجتهد فأخطأ فله أجر أی أجر اجتهاده: أی سلم لی حالی و أمسك عن لومی لحصول إحدی الحسنیین لی ثم بینهما فقال إصابة أی إحداهما إصابة و هی التی یحصل بها الأجران للواحد و الأخری اجتهاد لا یحصل معه الإصابة و هو الذی یحصل به الأجر الواحد أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «من طلب علما فأدركه كان له كفلان من الأجر و إن لم یدركه كان له كفل من الأجر». و عبر عن الخطأ بعد الاجتهاد بقوله: «رام صوبا فأمحلا»، و معنی رام حاول و طلب، و الصوب نزول المطر و المحل جفاف النبات لعدم المطر. و قوله: سلم معناه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 29
وافق، و إصابة بالرفع الروایة، و یجوز فیها الجر علی البدل من إحدی الحسنیین:
و إن كان خرق فادّركه بفضلةمن الحلم و لیصلحه من جاد مقولا أی و إن وقع فی نسیجه خرق كنی بالخرق عن الخطأ، رشح استعارة النسج و الهلهل بالخرق للعیب. قوله فأدركه، أی فتدارك ذلك الخرق بفضله من الحلم، أی من الرفق و الحلم هنا الصفح و أصله تأخیر المؤاخذ، و لیصلحه أی یزیل فساده من جاد مقولا و المقول اللسان و هو بكسر المیم، و أذن فی هذا البیت لمن وجد خطأ فی نظمه و جاد مقوله أن یصلح ذلك الخطأ و هذا تواضع منه:
و قل صادقا لو لا الوئام و روحه‌لطاح الأنام الكلّ فی الخلف و القلا أی و قل قولا صادقا، لو لا الوئام أی لو لا الوفاق و روحه أی و روح الوئام أی حیاته، لطاح لهلك الأنام، و الأنام الإنس، و قیل الإنس و الجن، و قیل كل ذی روح. و القلا البغض، أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم»، أی لو لا الموافقة لهلك الأنام فی الاختلاف و التباغض و فی المثل السائر: «لو لا الوئام لهلك الأنام».
و عش سالما صدرا و عن غیبة فغب‌تحضّر حظار القدس أنقی مغسّلا عش: أی دم سالما صدرا، أی خالص الصدر من كل غش «و عن غیبة فغب» أی لا تحضر مع المغتابین، و قوله تحضر من الحضور حظار القدس، الحظار و الحظیرة ما یحوط به علی الماشیة من نحو أغصان الشجر لیقیها البرد و الریح. و القدس الطهارة، و حظار القدس الجنة، و قیل: هو موضع فی السماء فیه أرواح المؤمنین و علیهما المعنی. و أنقی نظیف أی نقیا من الذنوب مغسلا أی مطهرا منها.
و هذا زمان الصّبر من لك بالّتی‌كقبض علی جمر فتنجو من البلا هذا إشارة إلی زمانه: أی هذا الزمان زمان الصبر لأنه قد أنكر المعروف و عرف المنكر، و أوذی المحق و أكرم المبطل، فمن یسمح لك بالحالة التی لزومها فی الشدة كقابض علی جمر فتأس به فتسلم من العذاب، أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «یأتی علی الناس زمان الصابر فیهم علی دینه كالقابض علی الجمر». و یقال فیما یستبعد وقوعه: «من لك بكذا». و البلاء ممدود قصره و أصله الاختبار، و المراد به هنا عذاب الآخرة:
و لو أنّ عینا ساعدت لتوكّفت‌سحائبها بالدّمع دیما و هطّلا ساعدت أی عاونت صاحبها علی البكاء لتوكفت أی قطرت، یقال: وكف البیت وكفا إذا قطر. و سحائبها أی مدامعها، أی: لسال دمعها دائما بكثرة بكائها، علی التقصیر فی الطاعة، و الدیم: جمع دیمة و هو المطر الدائم، و قیل أقله یوم و لیلة و الهطل تتابع المطر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 30
و الدمع و سیلانه:
و لكنّها عن قسوة القلب قحطهافیا ضیعة الأعمار تمشی سبهللا لكن للاستدراك، و قسوة القلب غلظه، و القحط الجدب. أی: لم ینقطع الدمع إلا بسبب أن القلب قاس، قال علیه أفضل الصلاة و السلام: «أربعة من الشقاء: جمود العین، و قساوة القلب، و طول الأمل و الحرص علی الدنیا». قوله: «فیا ضیعة الأعمار» نادی ضیعة الأعمار علی معنی التأسف، و ضیعة الأعمار ذهابها بلا كسب عمل صالح. تمشی أی:
تمضی سبهللا أی فارغة، یقال لكل شی‌ء فارغ سبهلل:
بنفسی من استهدی إلی اللّه وحده‌و كان له القرآن شربا و مغسلا أی: أفدی بنفسی من كل محذور. من استهدی، أی: من طلب الهدایة من اللّه وحده لا من غیره، أی: منفردا بطلب الهدایة فی زمن إعراض الناس عنها، و كان له القرآن شربا أی نصیبا. أی إذا اقتسم الناس حظوظهم كان القرآن حظه یتروی به و مغسلا یتطهر به من الذنوب، أی بدوام تلاوته و العمل بما فیه:
و طابت علیه أرضه فتفتّقت‌بكلّ عبیر حین أصبح مخضلا أی طابت علی المستهدی أرضه، فتفتقت: أی فتفتحت له بكل عبیر لما یثنی به علیه أهلها من الثناء الذی یشبه العبیر طیبا و العبیر الزعفران، و قیل: هو أخلاط من الطیب یجمع بالزعفران حین أصبح مخضلا أی مبتلا، كنی بذلك عما أفاض اللّه علیه من نعمه بالمحافظة علی حدوده:
فطوبی له و الشّوق یبعث همّه‌و زند الأسی یهتاج فی القلب مشعلا طوبی له أی للمستهدی أی الجنة له، أی ما أطیب عیشه حین یبعث الشوق همه، و الهم هنا الإرادة، أی الشوق إلی ثواب اللّه تعالی و النظر إلی وجهه الكریم یثیر إرادته و یوقظها مهما أنس منها فتورا أو غفلة. و الزند الأعلی مما یقدح به النار و الزندة السفلی استعارة له. و الأسی الحزن من أسیت علی الشی‌ء أی أسفت علیه، و یهتاج أی یثور و ینبعث، و مشعلا أی: موقدا. و سبب هذا الحزن التأسف علی ما ضاع من العمر:
هو المجتبی یغدو علی النّاس كلّهم‌قریبا غریبا مستمالا مؤمّلا هو ضمیر المستهدی و المجتبی المختار یغدو إذا مر أی یمر بالناس متصفا بهذه الصفات المذكورة قریبا من اللّه غریبا من الناس، مستمالا أی یطلب منه من یعرف حاله المیل إلیه و الإقبال علیه، مؤملا أی یؤمل عند نزول الشدائد:
یعدّ جمیع النّاس مولّی لأنّهم‌علی ما قضاه اللّه یجرون أفعلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 31
یعد أی یعتقد أن كل واحد من الناس مولی أی عبد اللّه. مأمورا مقهورا لا یملك لنفسه نفعا و لا ضرا فلا یرجوهم و لا یخافهم لأن أفعالهم تجری علی ما سبق به القضاء و القدر، أو یكون أراد بمولی: سیدا فلا یحتقر أحدا منهم بل یتواضع لكبیرهم و صغیرهم لجواز أن یكون خیرا منه:
یری نفسه بالذّم أولی لأنّهاعلی المجد لم تلعق من الصّبر و الألا یری هنا من رؤیة القلب أی لا یشغل نفسه بعیب الناس و ذمهم و یری ذمه لنفسه أولی لأنها علی المجد أی علی تحصیل المجد و هو الشرف لم تلعق من الصبر و الألا أی لم تتحمل المكاره و عبر عن تحمله ذلك بتناول ما هو مر المذاق كلعق الصبر و أكل الألا و الصبر فیه ثلاث لغات و أصله بفتح الصاد و كسر الباء و جاز فیه إسكان الباء مع كسر الصاد و فتحها كما فی كبد و كتف و هذه الروایة و الآلاء بالمد و قصر للوزن و هو نبت یشبه الشیح رائحة و طعما.
و قد قیل كن كالكلب یقصیه أهله‌و ما یأتلی فی نصحهم متبذّلا أوصی بعض الحكماء رجلا فقال: انصح للّه كنصح الكلب لأهله فإنهم یجیعونه و یضربونه و یأبی إلا أن یحوطهم و ما یأتلی ما یقصر من قولهم ما یألو جهدا، و النصح ضد الغش و التبذل فی الأمر الاسترسال فیه لا یرفع نفسه عن القیام بشی‌ء منه جلیله و حقیره و هو بالذال المعجمة و باللّه التوفیق.
لعلّ إله العرش یا إخوتی بقی‌جماعتنا كلّ المكاره هوّلا
و یجعلنا ممّن یكون كتابه‌شفیعا لهم إذ ما نسوه فیمحلا أی لعل اللّه یقینا إن قبلنا هذه الوصایا و عملنا بها جمیع مكاره الدنیا و الآخرة و أهوالها و یجعلنا ممن یفوز بشفاعة الكتاب العزیز أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «القرآن شافع مشفع و ما حل مصدق من شفع له القرآن یوم القیامة نجا و من محل به القرآن یوم القیامة أكبه اللّه فی النار علی وجهه»، و قوله علیه أفضل الصلاة و السلام: «عرضت علیّ ذنوب أمتی فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آیة أوتیها رجل ثم نسیها»، و فی الدعاء «و لا تجعل القرآن بنا ماحلا»، یقال محل به إذا سعی به إلی سلطان أو نحوه و بلغ أفعاله القبیحة.
و باللّه حولی و اعتصامی و قوتی‌و ما لی إلّا ستره متجلّلا حولی أی تحولی و الاعتصام الامتناع و القوة القدرة، أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «لا حول و لا قوة إلا باللّه كنز من كنوز الجنة»، و فسرها علیه الصلاة و السلام لابن مسعود: «لا حول عن معاصی اللّه إلا بعصمة اللّه و لا قوة علی طاعة اللّه إلا بعون اللّه». قوله:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 32
و ما لی إلا ستره أی و ما لی ما أعتمد علیه إلا ما جللنی به من ستره فی الدنیا و أنا أرجو مثل ذلك فی الآخرة. و قوله: متجللا أی متغطیا به
فیا ربّ أنت اللّه حسبی و عدّتی‌علیك اعتمادی ضارعا متوكّلا حسبی أی محسبی و المحسب الكافی و العدة بضم العین ما یعد للحوادث و اعتمادی مصدر اعتمد علیه أی استعان به و الضارع الذلیل و المتوكل المظهر العجز معتمدا علی من یتوكل علیه نظم فی هذا البیت معنی حسبنا اللّه و نعم الوكیل.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 33

باب الاستعاذة

باب الشی‌ء هو الذی یتوصل إلیه منه و الاستعاذة الاستجارة، یقال: عاذ بكذا أی استجار به و لیست من القرآن بالإجماع فی أول التلاوة.
إذا ما أردت الدّهر تقرا فاستعذجهارا من الشّیطان باللّه مسجلا نبه علی معنی قوله تعالی: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل: 98]، لأن معناه إذا أردت قراءة القرآن و هو كقوله: إذا أكلت فسمّ اللّه إذا أی أردت الأكل، قوله: تقرأ یجوز نصبه، و الروایة الرفع، و قوله: فاستعذ جهارا هو المختار لسائر القراء و هذا فی استعاذة القارئ علی المقرئ أو بحضرة من یسمع قراءته، أما من قرأ خالیا أو فی الصلاة فالإخفاء أولی و الاستعاذة قبل القراءة بإجماع، و قوله: مسجلا أی مطلقا لجمیع القراء و فی جمیع القرآن.
علی ما أتی فی النّحل یسرا و إن تزدلربّك تنزیها فلست مجهّلا أی استعذ علی اللفظ الذی نزل فی سورة النحل جاعلا مكان استعذ أعوذ باللّه من الشیطان الرجیم و معنی یسرا أی میسرا و تیسره قلة كلماته و زیادة التنزیه أن تقول: أعوذ باللّه من الشیطان الرجیم إنه هو السمیع العلیم أو أعوذ باللّه السمیع العلیم من الشیطان الرجیم و نحو ذلك، و قوله: فلست مجهلا أی لست منسوبا إلی الجهل لأن ذلك كله صواب و مروی، قیل: هذه الزیادة و إن أطلقها فإنها مقیدة بالروایة و لم یروها بل نبه علی مذهب الغیر، و هو قوله فی التیسیر المستعمل عند الحذاق من أهل الأداء فی لفظها أعوذ باللّه من الشیطان الرجیم دون غیره، ثم عضد روایته بدلیل من السنة فقال:
و قد ذكروا لفظ الرّسول فلم یزدو لو صحّ هذا النّقل لم یبق مجملا الضمیر فی ذكروا للقراء و المحدثین و مفعوله لفظ الرسول أی استعاذته فلم یزد أی لم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 34
یزد لفظها علی ما أتی فی سورة النحل، أشار إلی قول ابن مسعود قرأت علی رسول اللّه صلی اللّه علیه و سلم فقلت: أعوذ باللّه السمیع العلیم من الشیطان الرجیم فقال لی. قل یا ابن أم عبد أعوذ باللّه من الشیطان الرجیم، و روی نافع عن جبیر بن مطعم عن أبیه عن النبی صلی اللّه علیه و سلم أنه كان یقول قبل القراءة أعوذ باللّه من الشیطان الرجیم و كلا الحدیثین ضعیف و أشار بقوله: و لو صح هذا النقل إلی عدم صحة الحدیثین، و قوله: لم یبق مجملا أی لو صح نقل ترك الزیادة لذهب إجمال الآیة و اتضح معناها و تعین لفظ النحل دون غیره و لكنه لم یصح فبقی اللفظ مجملا، و مع ذلك فالمختار أن یقال أعوذ باللّه من الشیطان الرجیم لموافقة لفظ الآیة و إن كان مجملا و لورود الحدیث به علی الجملة و إن لم یصح لاحتمال الصحة.
و فیه مقال فی الأصول فروعه‌فلا تعد منها باسقا و مظلّلا أی و فی التعوذ مقال أی قول طویل انتشرت فروعه فی الأصول یعنی أصول الفقه و أصول القراءات و ذلك أن الفقهاء یقولون اتباعا لنص الكتاب فلا بد من معرفة النص و الظاهر و هل هذا الأمر علی الوجوب أم لا؟ و أما أصول القراءات ففیها الحدیث فی استعاذة النبی صلی اللّه علیه و سلم، و یحتاج إلی معرفة ما قیل فی سنده و الباسق الطویل المرتفع و المظلل الساتر بظله من استظل به.
و إخفاؤه فصل أباه وعاتناو كم من فتی كالمهدوی فیه أعملا الإخفاء هنا الإسرار، أی روی إخفاء التعوذ عن حمزة و نافع، و أشار إلی حمزة بالفاء من فصل لأنها رمزه، و أشار إلی نافع بالألف من أباه لأنها رمزه، و هذا أول رمز وقع فی نظمه و الواو من وعاتنا للفصل، و تكرر بقوله: و كم و جهر به الباقون و هم ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و عاصم و الكسائی، هذا هو المقصود بهذا النظم فی الباطن و نبه بظاهره علی أن من ترجع قراءته إلیهم من الأئمة أبوا الإخفاء و لم یأخذوا به، بل أخذوا بالجهر للجمیع، و لذلك أمر به مطلقا فی أول الباب، قوله: و إخفاؤه فصل الفصل الفرق و الإباء الامتناع و وعاتنا حفاظنا، ثم قال: و كم من فتی كالمهدوی یشیر إلی أن كثیرا من الأقویاء فی هذا العلم اختاروا الإخفاء، و من جملتهم المهدوی و هو أبو العباس أحمد بن عمار المهدوی منسوب إلی مهدیة من بلاد إفریقیة بأوائل الغرب كان یأخذ بالإخفاء لحمزة فیه أعملا أی أعمل فكره فی تصحیح الإخفاء.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 35

باب البسملة

ذكره بعد باب الاستعاذة لتناسبهما بالتقدم علی القراءة. و البسملة مصدر بسمل إذا قال بسم اللّه:
و بسمل بین السّورتین بسنّةرجال نموها دریة و تحمّلا أخبر أن رجالا بسملوا بین السورتین آخذین فی ذلك بسنة نموها أی رفعوها و نقلوها و هم قالون و الكسائی و عاصم و ابن كثیر، و أشار إلیهم بالباء و الراء و النون و الدال من قوله:
بسنة رجال نموها دریة، و علم من ذلك أن الباقین لا یبسملون بین السورتین لأن هذا من قبیل الإثبات و الحذف و أراد بالسنة التی نموها كتابة الصحابة لها فی المصحف و قول عائشة رضی اللّه عنها اقرءوا ما فی المصحف، و كان النبی صلی اللّه علیه و سلم لا یعلم انقضاء السورة حتی نزل علیه بسم اللّه الرّحمن الرّحیم، ففیه دلیل علی تكریر نزولها مع كل سورة، و معنی دریة و تحملا أی دارین متحملین لها أی جامعین بین الروایة و الدرایة.
و وصلك بین السّورتین فصاحةوصل و اسكتن كلّ جلایاه حصّلا أخبر أن وصل السورة بالسورة من باب الفصاحة لما فیه من بیان الإعراب نحو الحاكمین اقرأ و الأبتر، قل ولی دین إذا، و معرفة أحكام ما یكسر منها و ما یحذف لالتقاء الساكنین كآخر المائدة و النجم و بیان همزة الوصل و القطع كأول القارعة و ألهاكم التكاثر و ما یسكت علیه فی مذهب خلف كآخر و الضحی، و أشار بالفاء من قوله: فصاحة إلی حمزة لأنه روی عنه أنه كان یصل آخر السورة بأول الأخری و لا یبسمل بینهما. قوله: وصل و اسكتن إلخ، أمر بالتخییر بین الوصل و السكت لمن أشار إلیهم بالكاف و الجیم و الحاء فی قوله: كل جلایاه حصلا و هم ابن عامر و ورش و أبو عمرو و المعنی صل السورة بالسورة إن شئت و اسكت بینهما إن شئت و بهذا التقدیر دخل الكلام معنی التخییر و إلا فالواو لیست موضوعة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 36
له و الجلایا جمع جلیة من جلا الأمر إذا بان و اتضح أی كل من القراء حصل جلایا ما ذهب إلیه و صوبه.
و لا نصّ كلّا حبّ وجه ذكرته‌و فیها خلاف جیده واضح الطّلا اختلف الشراح هل فی هذا البیت رمز أم لا، فأكثرهم علی أن الكاف و الحاء من كلا حب رمز، و كذلك الجیم من جیده رمز، و قوله: و لا نص أی لم یرد نص عن ابن عامر و أبی عمرو بوصل و لا سكت و إنما التخییر لهما استحباب من الشیوخ، و إلی ذلك أشار بقوله:
كلا حب وجه ذكرته، و قیل: لا نص أی لا روایة منصوصة عن ابن عامر و أبی عمرو بالفصل بالبسملة و لا تركه بل إن البسملة لهما اختیار من أهل الأداء، فعلی هذا التفسیر لا بسملة لابن عامر و أبی عمرو فی روایة الشاطبی و هو مطابق لنقل التیسیر، لكن وجه النفی إلی التخییر أی ثبت عن الاثنین ترك البسملة، و لا نص لهما فی السكت لیمتنع الوصل و لا فی الوصل لیمتنع السكت، فأخذ النقلة لهما بالتخییر، و قوله: و فیها خلاف أی و فی البسملة خلاف عن المشار إلیه بالجیم من قوله: جیده و هو ورش و ذلك أن أبا غانم كان یأخذ له بالبسملة بین السورتین و أن المصریین أخذوا له بتركها بینهما، و قیل: لا رمز فی هذا البیت لأحد، و فیها خلاف عنهم أی و فی البسملة خلاف عن ابن عامر و أبی عمرو و ورش فعلی هذا التفسیر البسملة للثلاثة من زیادات القصیدة فحصل من مجموع ما ذكر أن لكل واحد من الثلاثة أعنی أبا عمرو و ابن عامر و ورشا ثلاثة أوجه، أحدها: صلة السورة بالسورة، الثانی:
السكت بینهما، الثالث: الفصل بینهما بالبسملة و الجید العنق و الطلا جمع طلیة و الطلیة صفحة العنق یعنی أن جید هذا الخلاف مشهور عند العلماء.
و سكتهم المختار دون تنفّس‌و بعضهم فی الأربع الزّهر بسملا
لهم دون نصّ و هو فیهنّ ساكت‌لحمزة فافهمه و لیس مخذّلا الضمیر فی و سكتهم یعود علی الثلاثة المخیر لهم بین الوصل و السكت و هم ابن عامر و ورش و أبو عمرو أی و سكت السكات بین السورتین دون تنفس أی من غیر قطع نفس و بعضهم فی الأربع الزهر بسملا لهم أی لابن عامر و ورش و أبی عمرو أی و بعض أهل الأداء من المقرئین الذین استحبوا التخییر بین الوصل و السكت و اختاروا فی السكت أن یكون دون تنفس اختاروا أیضا البسملة لابن عامر و ورش و أبی عمرو فی أوائل أربع سور و هی: لا أقسم بیوم القیامة و لا أقسم بهذا البلد و ویل للمطففین و ویل لكل همزة دون نص أی من غیر نص و إنما هو استحباب من الشیوخ و هو فیهن ساكت لحمزة و هو یعود علی البعض فی البیت المتقدم أی ذلك البعض الذی بسمل لابن عامر و ورش و أبی عمرو فی هذه السور الأربع یسكت لحمزة فیهن فیتعین أن البعض الآخر لا یسكت له فیهن فیقرأ له فیهن بالوصل و السكت لیشمل الطریقین فافهمه و لیس مخذّلا أی فافهم هذا المذهب المذكور لحمزة و هو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 37
السكت له فی هذه السورة فإنه منصور یقال خذله إذا ترك عونه و نصرته و ینبغی لمن أخذ للثلاثة المذكورین بالوصل كحمزة أن یسلك هذه الطریقة أی یكتفی لهم فیهن بالسكت و من عدا من أشار إلیه من أهل الأداء لا یفرقون بین هذه السور و غیرهن و یجرون كل واحد من الأربعة فیهن علی عادته فی غیرهن.
و مهما تصلها أو بدأت براءةلتنزیلها بالسّیف لست مبسملا تصلها الضمیر فیه لبراءة أضمر قبل الذكر علی شریطة التفسیر یعنی أن سورة براءة لا بسملة فی أولها سواء وصلها القارئ بالأنفال أو ابتدأ بها ثم ذكر الحكمة فی ترك البسملة فی أولها فقال لتنزیلها بالسیف یعنی أن براءة نزلت علی سخط و وعید و تهدید و فیها آیة السیف قال ابن عباس سألت علیا رضی اللّه عنه لم لم تكتب فی براءة بسم اللّه الرّحمن الرّحیم فقال لأن بسم اللّه أمان و براءة لیس فیها أمان نزلت بالسیف و قوله لست مبسملا أی لا تبسمل لأحد من القراء لمنافاة الرحمة للعذاب.
و لا بدّ منها فی ابتدائك سورةسواها و فی الأجزاء خیّر من تلا قوله: و لا بد منها أی لا فرار من البسملة أخبر أن القارئ إذا ابتدأ بالسورة فلا بد من البسملة لسائر القراءة إلا براءة سواء فی ذلك من بسمل منهم بین السورتین و من لم یبسمل.
قوله: و فی الأجزاء أی و فی الأجزاء خیر أهل الأداء القارئ فی البسملة إن شاء أتی بها و إن شاء تركها لكل القراء و لیس المراد به الأجزاء المصطلح علیها بل كل آیة ابتدأ بها فی غیر أول سورة فیدخل فی ذلك الأجزاء و الأحزاب و الأعشار و الروایة فی خیر فتح الخاء و الیاء، و تلا قرأ.
و مهما تصلها مع أواخر سورةفلا تقفنّ الدّهر فیها فتثقلا اختار الأئمة لمن یفصل بالبسملة أن یقف القارئ علی أواخر السور ثم یبتدی لمن یسمی بالبسملة موصولة بأول السورة المستأنفة هذا هو المختار و عكسه لا یجوز و هو ما نهی عنه الناظم بقوله: فلا تقفن و هو أن یصل القارئ البسملة بأواخر السور ثم یقف علی البسملة لأن البسملة لأوائل السور لا للأواخر فهذان وجهان: الأول: مختار، و الثانی: منهی عنه، و الثالث: أن تصل طرفی البسملة بآخر السورة السابقة و أول السورة اللاحقة، و الرابع:
أن تقطع طرفی البسملة لأن كل واحد منهما وقف تام، و تلفظ بالبسملة وحدها فحصل من ذلك أن فی البسملة ثلاثة أوجه. فآن قلت من أین تأخذ هذه الأوجه. قلت لما نهی عن الوقف علی آخر البسملة إذا وصلت بالسورة الماضیة علم أن ما عدا هذا الوجه من تقاسیم البسملة جائز و الضمیر فی تصلها و فی فیها للبسملة و فیها بمعنی علیها و إذا وقفت علی السورة الماضیة و لفظت بالبسملة وحدها و وقفت علی الرحیم یتجه فیه أربعة أوجه المد و القصر و مد متوسط بین القصر و المد فهذه ثلاثة أوجه مع الإسكان المجرد فی المیم من
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 38
قوله فیما یأتی و عند سكون الوقف، و الرابع: روم حركة المیم من غیر مد و علی ذلك فقس أواخر السور إذا وقفت علیها. و سیأتی شرح الروم و الإشمام.

سورة الفاتحة

سمیت الفاتحة أم القرآن لأنها أول القرآن و لأن سور القرآن تتبعها كما یتبع الجیش أمه و هی الروایة، و لهما أسماء كثیرة.
و مالك یوم الدّین راویه ناصرو عند سراط و السّراط لقنبلا
بحیث أتی و الصّاد زاء أشمّهالدی خلف و أشمم لخلّاد الأوّلا مالك هو أول المواضع التی وقع فیها الاستغناء باللفظ عن القید فلم یحتج أن یقول و مالك بالمد أو نحو ذلك فأخبر أن المشار إلیهما بالراء و النون فی قوله: راویه ناصر و هما الكسائی و عاصم، قرآ مالك یوم الدین علی ما لفظ به من إثبات الألف فتعین للباقین القراءة بحذفها فهو من قبیل الإثبات و الحذف، و أشار بظاهر قوله: روایة ناصر إلی أن من قرأ بالألف نصر قراءته لأن المصاحف اجتمعت علی حذف الألف فرسم ملك ثم قال و عند سراط و السراط أی مجردا عن لام التعریف و متصلا بها ثم المجرد عن اللام قد یكون نكرة نحو إلی صراط مستقیم صراطا سویا، و قد یكون معرفة بالإضافة نحو صراط الذین صراطك المستقیم صراطی مستقیما ثم هذا أیضا مما استغنی فیه باللفظ عن القید فكأنه قال بالسین و اعتمد علی صورة كتابتها فی البیت بالسین و هو مرسوم بالصاد فی جمیع المصاحف، و هذه اللام المفردة من قوله «ل» قنبلا هی فعل أمر من قولك ولی هذا یلیه إذا جاء بعده أی اتبع قنبلا فاقرأ قراءته بالسین فی هذا اللفظ أین أتی أی فی جمیع القرآن قوله و الصادر زاء أشمها لدی خلف أی عند خلف و الصاد یروی بالنصب و الرفع أمر بقراءته بالصاد مشمة زاء لخلف حیث وقع ثم أمر بإشمامها فی الأول خاصة لخلاد أی الأول الذی فی الفاتحة یعنی اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِیمَ [الفاتحة: 6]، فحصل من مجموع ما ذكر أن قنبلا قرأ بالسین فی جمیع القرآن و أن خلفا یشم الصاد صوت الزای فی جمیع القرآن و أن خلادا قرأ الأول من الفاتحة بإشمام الصاد الزای و قرأ فی جمیع ما بقی من القرآن بالصاد الخالصة و أن الباقین قرءوا بالصاد الخالصة فی جمیع القرآن و المراد بهذا الإشمام خلط صوت الصاد بصوت الزای فیمتزجان فیتولد منهما حرف لیس بصاد و لا زای.
علیهم إلیهم حمزة ولدیهموجمیعا بضمّ الهاء وقفا و موصلا أی قرأ حمزة علیهم و إلیهم و لدیهم هذه الألفاظ الثلاثة فی جمیع القرآن بضم الهاء فی الوقف و الوصل و الواقع فی الفاتحة علیهم فقط فأردفها بذكر إلیهم و لدیهم لاشتراكهن فی الحكم و علمت قراءة الباقین من قوله كسر الهاء بالضم شمللا لأن المقابل للضم هنا الكسر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 39
و نص علی الحالین لئلا یتوهم دخول الثلاثة فی قوله وقف للكل بالكسر و الأولی أن یلفظ بالثلاثة فی البیت مكسورات الهاء لیؤخذ الضد من اللفظ و یلفظ بلدیهم موصولة المیم للوزن.
وصل ضمّ میم الجمع قبل محرّك‌دراكا و قالون بتخییره جلا أمر بضم میم الجمع موصولا بواو للمشار إلیه بالدال فی قوله داركا و هو ابن كثیر إذا وقع قبل حرف متحرك نحو علیهم غیر معكم أینما جاءكم موسی و قوله: قبل محرك احتراز من وقوعها قبل ساكن فإنها لا توصل نحو و منهم الذین فإن اتصل بها ضمیر وصلت للكل نحو أ نلزمكموها و معنی دراكا أی متابعة ثم قال و قالون بتخییره جلا یعنی أن قالون روی عنه فی ضم میم الجمع وجهان خیر فیهما القارئ إن شاء ضمها و وصلها بواو كابن كثیر و إن شاء قرأ بإسكانها كالجماعة. و حكی مكی الخلاف مرتبا الإسكان لأبی نشیط و الصلة للحلوانی و لیست جیم جلا رمزا لتصریحه بالاسم و معناه كشف لأنه نبه بالتخییر علی ثبوت القراءتین.
و من قبل همز القطع صلها لورشهم‌و أسكنها الباقون بعد لتكملا أی ضم میم الجمع وصل ضمها بواو لورش إذا جاء بعدها همز القطع و همز القطع هو الذی یثبت فی الوصل نحو علیهم أ أنذرتهم أم لم، و منهم أمیون و لما لم یمكن أخذ قراءة الباقین من الضد قال و أسكنها الباقون لأنه قد تقدم ضم المیم مع صلتها و ضد الضم الفتح و ضد الصلة تركها و لا یلزم من تركها الإسكان إذ ربما تبقی المیم مضمومة من غیر صلة و لم یقرأ به أحد فاحتاج إلی ذكر قراءة الباقین فأخبر أن باقی القراء أسكنها أی أسكن میم الجمع الباقون و هم الكوفیون و ابن عامر و أبو عمرو قوله بعد متعلق بالباقون أی الذین بقوا بعد ذكر نافع و ابن كثیر لتكملا أی لتكمل وجوه القراءات فی میم الجمع قبل المتحرك.
و من دون وصل ضمّها قبل ساكن‌لكلّ و بعد الهاء كسر فتی العلا
مع الكسر قبل الها أو الیاء ساكناو فی الوصل كسر الهاء بالضّمّ شمللا
كما بهم الأسباب ثمّ علیهم القتال وقف للكلّ بالكسر مكملا كلامه فی هذه الأبیات الثلاثة علی میم الجمع الواقع قبل الساكن أمر بضمه أی أمر بضم میم الجمع إذا وقعت قبل ساكن لكل القراء بدون صلة أی من غیر صلة نحو عَلَیْكُمُ الصِّیامُ [البقرة: 183]، و قوله ضمها یروی بفتح الضاد و ضم المیم و یروی بضم الضاد و فتح المیم. قوله و بعد الهاء كسر فتی العلا مع الكسر قبل الهاء أو الیاء ساكنا أخبر أن فتی العلا و هو أبو عمرو كسر میم الجمع الواقعة قبل ساكن بأحد الشرطین أحدهما إذا وقع قبل المیم هاء قبلها كسرة مطلقا أو وقع قبل المیم هاء قبلها یاء ساكنة لفظیة و احترز بقوله ساكنا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 40
من المتحرك نحو لَنْ یُؤْتِیَهُمُ اللَّهُ [هود: 31]، قوله و فی الوصل كسر الهاء بالضم شمللا أخبر أن المشار إلیهما بالشین فی قوله شمللا و هما حمزة و الكسائی ضما فی حال الوصل الهاء التی قبلها كسرة أو یاء ساكنة أی جعلا مكان الكسر فی الهاء الضم، و من هنا علم أن الهاء إنما هی دائرة بین الضم و الكسر فقط و ذكر الوصل لهما زیادة إیضاح و إلا فهو معلوم من قوله فیما بعد وقف للكل بالكسر و معنی شمللا أسرع ثم أتی بمثال ما كسر أبو عمرو میمه و ضم حمزة و الكسائی هاءه فی حال وصلهم فقال كما بهم الأسباب أی المختلف فیه كهم الأسباب و ما زائدة أراد قوله تعالی: وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ [البقرة: 166]، و هذا مثال الهاء المكسور ما قبلها و فیه إشارة إلی اشتراط مجاورة الكسرة للهاء و مثله فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة: 93]، مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَیْنِ [القصص: 23]، فلو حال بین الكسر و الهاء ساكن لا یكسره نحو و منهم الذین المثال الثانی فی قوله تعالی: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ [البقرة: 246]، هذا مثال الهاء الواقع قبلها یاء ساكنة و مثله یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ [البقرة:
167]، أرسلنا إلیهم اثنین كلامه من أول الباب إلی هنا كان علی الوصل ثم ذكر حكم الوقف فقال وقف للكل بالكسر أمر بالوقف لكل القراء بالكسر أی فی الهاء الواقعة قبل میم الجمع و مكملا حال أی قف بالكسر فی حال إكمالك معرفة ما ذكرته من الأوجه.
توضیح: اعلم أن میم الجمع الواقع قبل الساكن قسمان: قسم لا خلاف فی ضمه و هو ما لم یقع قبله هاء قبلها كسرة أو یاء ساكنة نحو عَلَیْكُمُ الصِّیامُ [البقرة: 183]، و قسم فیه خلاف و هو ما وقع قبله ذلك نحو ما مثل به الناظم فی المثالین و القراء فیه علی ثلاث مراتب فی حال الوصل منهم من ضم الهاء و المیم و هما حمزة و الكسائی و منهم من كسر الهاء و المیم و هو أبو عمرو. و منهم من كسر الهاء و ضم المیم و هم الباقون و أما الوقف فكلهم كسروا الهاء فیه و لا خلاف بین الجماعة أن المیم فی جمیع ما تقدم ساكنة فی الوقف.
خاتمة: آمین لیست من القرآن، و هی مستحبة لتأكید الدعاء.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 41

باب الإدغام الكبیر

الإدغام فی اللغة عبارة عن إدخال الشی‌ء فی الشی‌ء و هو ینقسم إلی كبیر و صغیر، فالكبیر یكون فی المثلین و المتقاربین و سمی بالكبیر لتأثیره فی إسكان الحرف المتحرك قبل إدغامه و الصغیر ما اختلف فی إدغامه من الحروف السواكن نحو و من لم یتب فأولئك و دال قد و ذال إذ و تاء التأنیث و لام هل و بل و لا یكون إلا فی المتقاربین.
و دونك الإدغام الكبیر و قطبه‌أبو عمرو البصریّ فیه تحفّلا و دونك إغراء أی خذ الإدغام و حقیقة الإدغام أن تصل حرفا ساكنا بحرف متحرك فتصیرهما حرفا واحدا مشددا یرتفع اللسان عنه ارتفاعة واحدة و هو بوزن حرفین. قوله و قطبه أبو عمرو قطب كل شی‌ء ملاكه و قطب القوم سیدهم الذی یدور علیه أمرهم أی مدار الإدغام علی أبی عمرو و هو منقول عن جماعة كالحسن و ابن محیصن و الأعمش إلا أنه اشتهر عن أبی عمرو فنسب إلیه فصار قطبا له یدور علیه كقطب الرحا. قوله فیه تحفلا أی تحفل أبو عمرو فی أمر الإدغام من جمع حروفه و نقله و الاحتجاج له یقال احتفل فی كذا أو بكذا و الناظم نسب الإدغام إلی أبی عمرو و لم یصرح بخلفه كالتیسیر لكنه صرح به فی الهمز الساكن و نسبه إلی أبی عمرو بشرط علم منه الخلاف و الناظم خص السوسی بإبدال الهمز و الدوری بتحقیقه فأسقط وجه إبدال الدوری و وجه تحقیق السوسی اختیارا منه، و المشهور عند النقلة إجراء الوجهین لكل منهما ثم إن الناظم اعتمد علی القاعدة المصطلح علیها غالبا و هو أن الإدغام یمتنع مع التحقیق فحصل لأبی عمرو فی القصید مذهبان مرتبان و هما المتقابلان الإدغام مع الإبدال للسوسی و الإظهار مع الهمز للدوری و هما المحكیان عن الناظم فی الإقراء كما قال السخاوی و نقص عن التیسیر مذهب الإبدال مع الإظهار لأن المفهوم من التیسیر ثلاثة أوجه: الإدغام و الإبدال من قوله إذا قرأ بالإدغام لم یهمز و الإظهار
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 42
و الهمز من ضده أی إذا لم یدغم همز و الإظهار و الإبدال من قوله إذا أدرج القراءة أی و لم یدغم لا یهمز معناه إذا أسرع و أظهر خفف و قدرنا إذا أدرج و لم یدغم لعطفه الإدغام علی الدرج بأو.
ففی كلمة عنه مناسككم و ماسلككم و باقی الباب لیس معوّلا اعلم أن المثلثین إذا التقیا فإما أن یكونا فی كلمة أو فی كلمتین فإن كانا فی كلمة واحدة فالمنقول عن أبی عمرو المعول علیه إدغام الكاف فی مثلها أی فی الكاف من هاتین الكلمتین و هما: فَإِذا قَضَیْتُمْ مَناسِكَكُمْ [البقرة: 200]، و ما سَلَكَكُمْ فِی سَقَرَ [المدثر: 42]، و باقی الباب لیس معولا أی باقی كل مثلین اجتمعا فی كلمة واحدة نحو بأعیننا و جباههم و بشرككم فإنه روی عن أبی عمرو إدغامه و لكنه متروك لا یعول علیه فلیس فیه إلا الإظهار و الهاء فی عنه لأبی عمرو أی أدغم السوسی عن أبی عمرو مناسككم و ما سلككم و قوله: ففی كلمة تقرأ فی البیت بسكون اللام و مناسككم بإظهار الكاف مع إسكان المیم و بالإدغام مع صلة المیم و ما سلككم بالإدغام و سكون المیم للوزن.
و ما كان من مثلین فی كلمتیهمافلا بدّ من إدغام ما كان أوّلا
كیعلم ما فیه هدی و طبعّ علیّ‌قلوبهم و العفو و أمر تمثّلا أی إذا التقی حرفان متماثلان متحركان بأی حركة تحركا سكن ما قبل الأول أو تحرك أولهما آخر كلمة و ثانیهما أول كلمة أخری و ارتفع المانع الآتی ذكره وجب إدغام الأول منهما فی الثانی للسوسی فی الوصل ثم أتی بأربعة أمثلة تضمنت ثلاثة أنواع علیها مدار الباب و ذلك أن الحرف المدغم إما أن یكون قبله متحركا أولا فإن كان متحركا فمثاله یَعْلَمُ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ [البقرة: 255]، و طُبِعَ عَلی قُلُوبِهِمْ [التوبة: 87]، و إن لم یكن قبله متحرك فإما أن یكون حرف مد أو لا فإن كان حرف مد فمثاله فیه هُدیً لِلْمُتَّقِینَ [البقرة: 2]، و إن لم یكن حرف مد فهو حرف صحیح فمثاله خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ [الأعراف:
199]، و اعلم أن قراءة المثالین الأولین و الأخیر فی البیت بالإظهار و هاء فیه بالصلة للروایة و إن جاز حذفها وَ طُبِعَ عَلی قُلُوبِهِمْ [التوبة: 87]، بالإدغام و صلة المیم ثم ذكر موانع الإدغام فقال:
إذا لم یكن تا مخبر أو مخاطب‌أو المكتسی تنوینه أو مشقّلا
ككنت ترابا أنت تكره واسع‌علیم و أیضا تمّ میقات مثّلا الضمیر فی یكن عائد إلی قوله ما كان أولا أی أدغم السوسی الأول من المثلین إذا لم یكن ذلك الأول تاء مخبر أی ضمیرا هو تاء دالة علی المتكلم نحو كُنْتُ تُراباً [النبأ: 4]، أو یكن تاء مخاطب نحو أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ [یونس: 99]، أو یكون الذی اكتسی تنوینه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 43
نحو واسِعٌ عَلِیمٌ [البقرة: 115]، أی تنوینا فاصلا بین الحرفین، و أشار بذلك إلی أن التنوین كالحلیة و الزینة و قصر لفظ تا و أسكن یاء المكتسی ضرورة و المثقل هو المشدد نحو فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ [الأعراف: 142]، قوله: و أیضا أی مثل النوع الرابع و هو مصدر آض إذا رجع. و قوله: مثلا أی مثل الموانع الأربعة أی متی وجد أحد هذه الموانع الأربعة تعین الإظهار و استدرك مانع خامس عام نحو أَنَا نَذِیرٌ [الملك: 26] و أنا لكم فإن المثلین و المتقاربین التقیا لفظا و لا إدغام محافظة علی حركة النون و لهذا تعمد بألف فی الوقف فتصیر انا و قد أورد علی استثناء المنون الهاء الموصولة بواو أو یاء نحو سبحانه هو اللّه من فضله هو خیرا لهم فقیل أدغم السوسی الهاء لأن صلة الضمیر تفتقر ثم ذكر بقیة الموانع فقال:
و قد أظهروا فی الكاف یحزنك كفره‌إذ النّون تخفی قبلها لتجمّلا أی أظهر رواة الإدغام عن السوسی كاف یَحْزُنْكَ كُفْرُهُ [لقمان: 23] بلقمان و به أخذ الدانی و علیه عول الناظم ثم ذكر التعلیل، فقال إذ النون تخفی قبلها أی أظهروا الكاف لأن النون الساكنة التی قبلها أخفیت فانتقل مخرجها إلی الخیشوم فصعب التشدید بعدها فامتنع الإدغام. و قوله: لتجملا تعلیل أی لتجمل الكلمة ببقائها علی صورتها فحاصله أنا نقرأ فَلا یَحْزُنْكَ كُفْرُهُ [لقمان: 23]، بترك الإدغام لأبی عمرو من طریق الدوری و السوسی من هذا القصید علی ما سیأتی تقریره فی أحكام النون الساكنة و التنوین من أنها تخفی عند الكاف.
و عندهم الوجهان فی كلّ موضع‌تسمّی لأجل الحذف فیه معلّلا
كیبتغ مجزوما و إن یك كاذباو یخل لكم عن عالم طیّب الخلا و عندهم أی عند المدغمین من أصحاب السوسی الوجهان أی الإظهار و الإدغام فی كل موضع أی فی كل مكان التقی فیه مثلان بسبب حذف وقع فی آخر الكلمة الأولی لأمر اقتضی ذلك، و قد یكون المحذوف حرفا أو حرفین و كل كلمة فیها حرف من حروف العلة و هی الألف و الواو و الیاء یقال هذه الكلمة معتلة و قد أعلت كأنه حصل بها إعلال و مرض و كل خلاف یذكر هنا روایة یجب أن یكون متشعبا عن السوسی لأنه صاحب روایته ثم نص علی المواضع فقال كیبتغ مجزوما الوجه أن تكون الكاف فی كیبتغ مجزوما زائدة لئلا یتوهم أن ثم كلمات غیر هذه و الواقع فیه الخلاف إنما هی هذه الكلمات الثلاث أولاهن وَ مَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الْإِسْلامِ [آل عمران: 85]، فأصله یبتغی بالیاء ثم حذفت للجزم الثانیة و إن یك كاذبا فأصله یكون بالنون فحذف الجازم حركة النون فاجتمع ساكنان هی و الواو قبلها فحذفت الواو لالتقاء الساكنین ثم حذفت النون تخفیفا فهذه الكلمة حذف منها حرفان و حركة الكلمة الثالثة یَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِیكُمْ [یوسف: 9]، فأصله یخلو بالواو فحذفت الواو لجواب
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 44
الأمر. قوله عن عالم أی عن رجل عالم طیب الخلا و الخلا بالقصر العشب الرطب استعیر للحدیث الطیب یقال هو الطیب الخلا أی حسن الحدیث و العالم هو السوسی أی الوجهان أعنی الإظهار و الإدغام فی هذه الكلمات الثلاث تروی عن السوسی.
و یا قوم ما لی ثمّ یا قوم من بلاخلاف علی الإدغام لا شكّ أرسلا لا خلاف عن السوسی فی إدغام المیم من وَ یا قَوْمِ ما لِی أَدْعُوكُمْ إِلَی النَّجاةِ [غافر: 41]، وَ یا قَوْمِ مَنْ یَنْصُرُنِی مِنَ اللَّهِ [هود: 30]، و قوله: أرسلا أی أطلق علی الإدغام بلا شك فی ذلك و فائدة ذكرهما رفع توهم من یعتقد أنهما من قبیل یبتغی و لیسا منه لأن قوم لم یحذف منه شی‌ء فأصوله باقیة فلا یسمی معتلا و إنما الیاء المحذوفة یاء الإضافة و هی كلمة مستقلة، و اللغة الفصیحة حذفها.
و إظهار قوم آل لوط لكونه‌قلیل حروف ردّه من تنبلا عنی بالقوم أبا بكر بن مجاهد و غیره من البغدادیین الناقلین للإدغام منعوا إدغام آل لوط حیث وقع و أظهروا محتجین بقلة حروف الكلمة. و قوله: رده من تنبلا یعنی به الدانی و غیره أی من صار نبیلا فی العلم أو من مات من المشایخ یقال تنبل البعیر إذا مات یعنی أن هذا الرد قدیم ثم بین الذی رده به فقال:
بإدغام لك كیدا و لو حجّ مظهربإعلال ثانیه إذا صحّ لا اعتلا أی رده الدانی و غیره بإدغام لك كیدا قال الدانی: أجمعوا علی إدغام لك كیدا فی یوسف و هو أقل حروفا من آل لأنه علی حرفین فدل ذلك علی صحة الإدغام فیه أی رد تعلیل إظهار آل لوط لكونه قلیل الحروف بإدغام لك كیدا لأنه علی حرفین باعتبار الاتصال و علی حرف باعتبار الانفصال و هو مدغم فلو كانت قلة الحروف مانعة لامتنع هذا بطریق الأولی لأنه أقل حروفا منه. قوله و لو حج مظهر أی لو احتج من اختار الإظهار بإعلال ثانی آل لوط و هو الألف إذا صح یعنی إذا صح له الإظهار من جهة النقل فإن الدانی قال فی غیر التیسیر لا أعلم الإظهار فیه من طریق الیزیدی. و قوله لا اعتلا أی لا ارتفع عمن اختار و الإدغام یقال لمن غلب علا كعبه ثم بیّن كیفیة الإعلال فقال:
فإبداله من همزة هاء أصلهاو قد قال بعض النّاس من واو ابدلا ذكر فی كیفیة الإعلال مذهبین أحدهما: مذهب سیبویه أن أصل آل أهل قلبت الهاء همزة توصلا إلی الألف ثم قلبت الهمزة ألفا وجوبا لاجتماع الهمزتین فصار آل و الثانی مذهب الكسائی المشار إلیه ببعض الناس أن أصله أول تحركت الواو و انفتح ما قبلها قلبت ألفا فصار آل و هذا المذهب الثانی من زیادات القصید و لم یرو الناظم فی آل لوط سوی الإدغام قال الدانی فی التیسیر و به قرأت انتهی و الإظهار حكایة مذهب الغیر فتقدیر قوله
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 45
و إظهار قوم أی من غیر شیوخنا فهذا التقدیر منع رمزیة القاف مع تقدم الصریح دل علی التقدیر قوله إذا صح أی إظهاره كما فی التیسیر لأنه لو رواه ما علقه.
و واو هو المضموم هاء كهو وّ من‌فادغم و من یظهر فبالمد علّلا
و یأتی یوم أدغموه و نحوه‌و لا فرق ینجی من علی المدّ عوّلا قوله: ووا و هو احترز به من الواو الواقعة فی غیر لفظ هو عنی خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ [الأعراف: 199]، و مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ [الجمعة: 11]، و قوله المضموم هاء بجر المیم صفة هو احترز به عن ساكنها و هو ثلاثة مواضع: وَ هُوَ وَلِیُّهُمْ [الأنعام: 127]، بما فی الأنعام فَهُوَ وَلِیُّهُمُ الْیَوْمَ [النحل: 63]، بالنحل، وَ هُوَ واقِعٌ بِهِمْ [الشوری: 22]، فهذه الثلاث مدغمة عند السوسی بلا خلاف لاندراجها فی المثلین. و قولی احترز به عن ساكنها أعنی أن أبا عمرو یقرؤها بإسكان الهاء و توجه كلام الناظم إلی ثلاثة عشر بالبقرة جاوزه هو و الذین و آل عمران إلا هو و الملائكة و الأنعام إلا هو و إن یمسسك إلا هو و یعلم إلا هو و أعرض، و الأعراف هو و قبیله و یونس إلا هو و إن یردك و النحل هو و من یأمر و هذا الذی مثل به الناظم و طه إلا هو وسع و النمل هو و أوتینا و القصص هو و جنوده و التغابن هو و علی اللّه و المدثر إلا هو و ما هی إلا ذكری فروایة الناظم فیها الإدغام و لهذا قال فأدغم و قال فی التیسیر و به قرأت و إشارته موهمة ثم حكی مذهب الغیر لیبین فساد تعلیله فقال: و من یظهر فبالمد عللا أی و من یظهر علل بالمد یعنی أنه إذا أرید إدغام الواو وجب إسكانها فإذا سكت و قبلها ضمة فتصیر حرف مد و لین و حرف المد لا یدغم بالإجماع لأداء الإدغام إلی ذهاب المد الذی فی مثل واو قالوا و اقبلوا آمنوا و كانوا و مثل یاء فی یومین الذی یوسوس ثم أورد نقضا علی من علل بالمد بقوله: و یأتی یوم أدغموه و نحوه یعنی الذین قالوا بالإظهار فی هذا المضموم الهاء لأجل المد أدغموا یأتی یوم یعنی الیاء من یأتی فی الیاء من یوم و مراده یأتی یوم لا مرد له و قوله و نحوه یعنی كل یاء متحركة مكسور ما قبلها مثل نُودِیَ یا مُوسی [طه: 11]، و ینبغی لهم أن یظهروه كما أظهروا الواو من هو المضموم الهاء لأن العلة الموجبة للإظهار هناك موجودة هنا فإما أن یدغم فی الموضعین و إما أن یظهر فیهما لعدم الفارق بینهما أی لا فرق بین هو المضموم الهاء و بین یأتی یوم ینجی من علل بالمد و عول علیه:
و قبل یئسن الیاء فی اللّاء عارض‌سكونا أواصلا فهو یظهر مسهلا أخبر أن أبا عمرو أظهر الیاء فی اللائی الواقع قبل یَئِسْنَ [الطلاق: 4] بسورة الطلاق و إنما قیده بیئسن احترازا من غیره لأن هذا هو الذی اجتمع فیه مثلان لأنه یقرأ بیاء ساكنة فی إحدی الروایتین عنه كما یأتی بالأحزاب فقد اجتمع فیه مثلان فی هذه الروایة فأظهره بلا خلاف و لم یدغمه بحال لكونه راكبا للطریق الأسهل یقال أسهل إذا ركب الطریق السهل
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 46
و سكونا أو أصلا تمییز الروایة بنقل حركة همزة أصلا إلی الواو و علل ذلك بعلتین إحداهما كون سكون الیاء عارضا و الثانیة أنها عارضة لأن أصل اللائی بهمزة مكسورة بعدها یاء ساكنة فحذفت الیاء تخفیفا لتطرفها و انكسار ما قبلها علی حد حذفها فی الرام و الغاز ثم أبدل من الهمزة یاء مكسورة علی غیر قیاس لأن القیاس فیها التسهیل بین بین ثم أسكنت الیاء استثقالا للحركة علیها و جاز الجمع بین الساكنین للمد فلم یدغمها لما تقدم.
توضیح: فإن قیل قد ذكر لأبی عمرو فی هذا الباب كلمات متفق علی إدغامها و كلمات متفق علی إظهارها و كلمات مختلف فی ادغامها و اظهارها و أنت تقول الإدغام و الإظهار مرویان عن أبی عمرو و تقرأ له بهما فهذا ینافی ما ذكرته. قیل إذا قرأنا لأبی عمرو بطریق الإدغام فما نقل عنه أنه یدغمه فی الباب قولا واحدا أدغمناه قولا واحدا و هو أكثر الباب مما التقی فیه مثلان و كذا ما نص علیه فی الباب مثل: یا قَوْمِ ما لِی [غافر: 41]، وَ یا قَوْمِ مَنْ یَنْصُرُنِی [هود: 30]، و نحوه و ما نقل عنه أنه یظهره قولا واحدا أظهرناه قولا واحدا كتاء المتكلم و المخاطب و المنون و المثقل و ما دخله موانع الإدغام كسبق الإخفاء و الحذف و تعدد الإعلال و الضعف و اللبس و العروض و كذا اللَّائِی یَئِسْنَ [الطلاق: 4] و ما نقل عنه فیه وجهان قرأنا له بهما. هذا كله إذا قرأنا له طریقة الإدغام فإذا قرأنا له بطریقة الإظهار فإنا لا ندغم شیئا من الباب و إن كان متفقا علی إدغامه. و قوله بلا خلاف علی الإدغام یرید إذا قرئ لأبی عمرو بطریقة الإدغام و قد تقدم أن الناظم كان یقرأ بالإظهار من طریق الدوری و بالإدغام من طریق السوسی، فإذا قرأنا من طریق الدوری قرأنا بالإظهار فی الباب كله و إذا قرأنا من طریق السوسی قرأنا بالإدغام فیما اتفق علی ادغامه و بالإظهار فیما اتفق علی إظهاره علی حسب ما نص علیه الناظم رحمه اللّه و رضی عنه من الاختلاف فی هذا الباب و باللّه التوفیق.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 47

باب إدغام الحرفین المتقاربین فی كلمة و فی كلمتین‌

هذا الباب مقصور علی إدغام حرف فی حرف یقاربه فی المخرج و یحتاج فیه مع تسكینه إلی قلبه إلی لفظ الحرف المدغم فیه فترفع لسانك بلفظ الثانی منهما مشددا و لا یبقی للأول أثر إلا أن یكون حرف إطباق أو ذا غنة فیبقی الإطباق و الغنة.
و إن كلمة حرفان فیها تقاربافإدغامه للقاف فی الكاف مجتلی الهاء فی قوله فإدغامه للسوسی أی إن اجتمع حرفان متحركان متقاربان فی المخرج فی كلمة اصطلاحیة نخص السوسی من ذلك بإدغام القاف فی الكاف. و قوله مجتلی أی منظور إلیه یرید بذلك أنه مشهور یعنی أنه لم یدغم من كل حرفین متقاربین التقیا فی كلمة واحدة سوی القاف فی الكاف بشرطین ذكرهما فی قوله:
و هذا إذا ما قبله متحرّك‌مبین و بعد الكاف میم تخلّلا هذا إشارة إلی الإدغام و الهاء فی قوله قبله یعود علی القاف فی أدغم السوسی القاف فی الكاف المتصل بالقاف إذا كان قبلها متحرك لفظی و بعد الكاف میم جمع فی الحالین و خرج بقوله متحرك ما قبله ساكن و قوله مبین أی بین ظاهر و احترز به من لفظ ما ساكنه الألف لأن المد الذی فیها یقوم مقام الحركة لكن ما هو مبین و خرج بقوله میم ما لیس بعده شی‌ء و ما بعده حرف غیر المیم و علم من قوله تخللا أن یكون میم جمع و أصله الصلة فهو متخلل بین الكاف و الواو المقدرة و تخلل من قولهم تخلل المطر إذا خص و لم یكن عاما أی تخلل أبو عمرو بإدغامه ذلك و لم یعم جمیع ما التقت فیه القاف بالكاف ثم مثل للمدغم و المظهر فقال:
كیرزقكم واثقكم و خلقكّموو میثاقكم أظهر و نرزقك انجلا أی مثال إدغام القاف فی الكاف یَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ [النمل: 64]، [یونس:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 48
31]، واثَقَكُمْ بِهِ [المائدة: 7]، و خَلَقَكُمْ مِنْ طِینٍ [الأنعام: 2]، هذه الأمثلة اجتمع فیها هذا الشرطان لأن قبل القاف متحرك و بعد الكاف میم و أتی بكاف التشبیه لتدل علی أن المراد كل ما جاء مثل هذا. و قوله و میثاقكم أظهر و نرزقك أی أظهر نحو میثاقكم و لا تدغمه لأنه عدم فیه أحد الشرطین و هو كون الحرف الذی قبل القاف لیس متحركا لأن قبلها ألفا ساكنة، و أظهر أیضا نحو نرزقك لأنه عدم فیه أحد الشرطین أیضا و هو وجود المیم بعد الكاف و إن كان قبل القاف متحرك فقد وجد فی كل واحدة من الكلمتین أحد الشرطین و عدم الآخر فلأجل ذلك وجب الإظهار لأن شرط الإدغام إنما هو اجتماعهما، و قوله:
انجلی أی انكشف الأمر و ظهر بتمثیل ما یدغم و ما لا یدغم و اعلم أن یرزقكم یمكن أن یقرأ فی النظم مدغما و غیر مدغم و واثقكم و خلقكم لا یتزن فی البیت إلا بقراءتهما مدغمین و یلزم الإدغام فی الألفاظ الثلاثة صلة میم الجمع بواو. فإن قیل لم یقرأ أحد بالإدغام و الصلة.
قلت: قد قرأت بهما لابن محیصن من طریق الأهواز و أجمعوا علی إدغام أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ [المرسلات: 20] فی المرسلات.
و إدغام ذی التّحریم طلّقكنّ قل‌أحقّ و بالتّأنیث و الجمع أثقلا ذی التحریم أی صاحبة التحریم أی إدغام طلقكن الذی فی سورة التحریم أحق من إظهاره و فهم من هذا وجه الآخر حق و هو الإظهار أی إدغامه أحق من إدغام الجمع المذكور فلا یعلم منه وجه الإظهار، و قد حكی فی التیسیر فیه خلافا لكن نسب الإظهار إلی ابن مجاهد و هی طریق الدوری و قال قرأته أنا بالإدغام فجعل الإظهار حكایة مذهب الغیر فعلی التقدیر الأول نقل للسوسی وجهین: الإظهار و الإدغام و یكون وجه الإظهار له من زیادات القصید علی التیسیر و علی التقدیر الثانی لا یفهم منه إلا الإدغام ثم بیّن أحقیة الإدغام فقال و بالتأنیث و الجمع أی كون الكلمة قد اتصل بها ضمیر جمع دالّ علی التأنیث فقد ساوت طلقكن ما تقدم من تحریك ما قبل القاف و كون كل واحدة منهما قد اتصل بها ضمیر جمع دال علیه لكن فقد الشرط الثانی و هو وجود المیم لكن قام مقامها ما هو أثقل منها و هو النون لأنها محركة مشددة دالة علی الجمع و التأنیث بخلاف المیم لأنها ساكنة خفیفة دالة علی التذكیر فزادت طلقكن علی ما تقدم بالتأنیث و تشدید النون فلهذا قال أثقلا. ثم انتقل إلی ما هو من كلمتین فقال:
و مهما یكونا كلمتین فمدغم‌أوائل كلم البیت بعد علی الولا و مهما یكونا أی المتقاربین ذوی كلمتین أی إذا اجتمع الحرفان المتقاربان المتحركان أولهما آخر كلمة و ثانیهما أول الثانیة فالسوسی یدغم الأول منهما فی الثانی فی الوصل علی الشروط الآتیة: إذا ارتفع المانع الآتی و كان الحرف الأول أحد الحروف الستة عشر المنظومة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 49
فی أوائل كلمات هذا البیت و هو:
شفا لم تضق بها رم دواضن‌ثوی كان ذا حسن سأی منه قد جلا هذه الستة عشر حرفا هی التی اتفق وقوعها فی القرآن فی الإدغام الكبیر و إلا فهی أكثر و هی: الشین و اللام و التاء و النون و الباء و الراء و الدال و الضاد و الثاء و الكاف و الدال و الحاء و السین و المیم و القاف و الجیم، و أشار بظاهر البیت إلی التغزل بحوریة من حور الجنة سماها شفا و قد سمت العرب بذلك النساء و معنی رم أی اطلب و الدواء ما یتداوی به من الضنی و هو المرض و معنی ثوی أقام، و قوله: سأی علی وزن رأی مقلوب ساء علی وزن جاء و هو بمعناه و جلا كشف و الهاء فی قوله منه ضمیر المحب أی أن هذا المحب كشف الضنی أمره و ساءت حاله لبعده عن مطلوبه، ثم شرط فی إدغام هذه الحروف الستة عشر أن تكون سالمة من أحد الموانع المذكورة فی قوله:
إذ لم ینوّن أو یكن تا مخاطب‌و ما لیس مجزوما و لا متثقّلا أی أدغم السوسی الحروف التی ذكرت إذا لم یكن الحرف الأول الذی یدغم فی غیره منونا نحو: و لا نصیر لقد رجل رشید أو یكن تاء مخاطب نحو كنت ثاویا، دخلت جنتك و لم یقع فی القرآن تاء مخبر عند مقارب لها فلهذا لم یذكرها فی المستثنی، و أما المجزوم فهو لم یؤت سعة من المال لیس فی القرآن غیره و لم یدغمه السوسی بلا خلاف و إن كان المجزوم من باب المثلین عنه فیه وجهان لأن اجتماع المثلین فیه أثقل من اجتماع المتقاربین و قوله و لا متثقلا أی و لا مشددا لأن الحرف المشدد بحرفین نحو: أشد ذكرا و الحق كمن هو و نحوه لا یدغم.
فزحزح عن النّار الذی حاه مدغم‌و فی الكاف قاف و هو فی القاف أدخلا شرع عفا اللّه عنه یبین المواضع التی أدغمت فیها الحروف الستة عشر المذكورة فی البیت الذی أوله شفا فبدأ بالحاء لسبق مخرجها و هی مذكورة فی قوله حسن فأخبر أنها أدغمت فی العین عن السوسی من قوله تعالی: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ [آل عمران:
185]، فقط، و قوله: فزحزح بالفاء أراد فمنها أی من الكلمات المدغمات زحزح الذی أدغم حاؤه و قصر الحاء ضرورة و قوله و فی الكاف قاف إلخ الكاف و القاف من حروف شفا ذكرهما فی قوله كان و قد أخبر أن كل واحدة منهما تدغم فی الأخری بشرط أن یتحرك ما قبل كل واحدة منهما.
تنبیه: اعلم أن الناظم رضی اللّه عنه إذا عین حرفا من كلمة من القرآن و أخبر أنه یدغم فی غیره فلا تأخذ سواه، مثال ذلك الحاء من زحزح لا تدغم إلا فی هذا لا غیر أی و تظهر فی نحو: المسیح عیسی و الریح عاصفة من طریق هذا القصید و أصله فإن أطلق و لم یعین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 50
مثل قوله و فی الكاف قاف و هو فی القاف أدخلا فتأخذ العموم فی جمیع القرآن و باللّه التوفیق.
خلق كلّ شی‌ء لك قصورا و أظهراإذا سكن الحرف الّذی قبل أقبلا أی مثال إدغام القاف فی الكاف من كلمتین: خَلَقَ كُلَّ شَیْ‌ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِیراً [الفرقان: 2]، فاللام قبل القاف من خلق متحركة فلهذا ساغ الإدغام و مثله یُنْفِقُ كَیْفَ یَشاءُ [المائدة: 64]، و یُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ [الدخان: 4]، و نحوه و مثال إدغام الكاف فی القاف و یجعل لك قصورا فاللام قبل الكاف متحركة و مثله یعجبك قوله: فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبْلَةً [البقرة: 144]، و قوله و أظهرا أی فأظهر القاف عند الكاف و الكاف عند القاف إذ سكن ما قبل كل واحد منهما و من هذا علم أن شرط إدغامهما تحرك ما قبلهما فیظهر أن نحو فَوْقَ كُلِّ ذِی عِلْمٍ [یونس: 76]، و هدنا إلیك قال لسكون الواو قبل القاف و سكون الیاء قبل الكاف فیهما و معنی أقبلا أی الذی جعل قبلهما من أقبل تقول أقبلت فلانا الرمح و غیره إذا جعلته قبله.
و فی ذی المعارج تعرج الجیم مدغم‌و من قبل أخرج شطأه قد تثقّلا المعارج بسورة سَأَلَ سائِلٌ [المعارج: 1]، أی تدغم الجیم فی حرفین فی التاء فی قوله تعالی: ذِی الْمَعارِجِ تَعْرُجُ [المعارج: 3]، فقط و فی الشین فی قوله تعالی:
أَخْرَجَ شَطْأَهُ [الفتح: 29] لا غیر و الجیم من حروف شفا و ذكرها فی قوله جلا، فقوله و من قبل أی من قبل ذِی الْمَعارِجِ [المعارج: 1]، أخرج شطأه لأنها قبلها فی التلاوة، و قوله: قد تثقلا أی اندغم.
و عند سبیلا شین ذی العرش مدغم‌و ضاد لبعض شأنهم مدغما تلا أی الشین من شفا و الضاد من ضن أی الشین تدغم فی السین من إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا [الإسراء: 42]، فقط للسوسی و قوله: و ضاد یجوز فیه الرفع و النصب أما الرفع فعلی الابتداء و تلا خبره و النصب علی أنه مفعول تلا و فاعله ضمیر یعود علی السوسی أی تلاه السوسی مدغما أی و أدغم السوسی الضاد فی الشین من بعض شأنهم لا غیر.
و فی زوّجت سین النّفوس و مدغم‌له الرأس شیبا باختلاف توصّلا السین من حروف شفا و ذكرها فی قوله سأی أی أدغم السوسی السین فی الزای من قوله تعالی وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكویر: 7]، و له فی إدغامها فی الشین من قوله تعالی: الرَّأْسُ شَیْباً [مریم: 4]، وجهان الإدغام عن المعدل عن ابن جریر عنه و الإظهار عن المطوعی عنه و هذا معنی الخلاف الموصل و أجمع علی الإظهار فی قوله تعالی: إِنَّ اللَّهَ لا یَظْلِمُ النَّاسَ [یونس: 44]، شیئا لخفة الفتحة و اللّه أعلم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 51 و للدّال كلم ترب سهل ذكا شذاضفا ثمّ زهد صدقه ظاهر جلا الدال من حروف شفا ذكرها فی قوله دوا و أخبر فی هذا البیت أن السوسی أدغمها فی عشرة أحرف جمعها الناظم رحمه اللّه فی أوائل كلم عشرة و إلی ذلك أشار بقوله: للدال كلم أی كلم تدغم الدال فی أوائلها و هی من قوله: ترب سهل إلخ و هی التاء و السین و الذال و الشین و الضاد و الثاء و الزای و الصاد و الظاء و الجیم. و مثال إدغام الدال فی الحروف العشرة المساجد تلك، عدد سنین و القلائد ذلك و شهد شاهد، و من بعد ضراء و یرید ثواب، و ترید زینة، و تفقد صواع، و من بعد ظلمه، و داود جالوت و قوله ترب التراب و التراب لغتان و ذكا من ذكت النار أی أشعلت و الشذا حدة رائحة الطیب و ضفا طال و ثم بفتح الثاء بمعنی هناك، و أشار بذلك إلی تربة كل مؤمن موصوف بالسهولة و الصدق الزهد و غیر ذلك من الصفات المحمودة ثم ذكر حكم الدال بعد الساكن فقال:
و لم تدغم مفتوحة بعد ساكن‌بحرف بغیر التّاء فاعلمه و اعملا قوله: و لم تدغم بتشدید الدال یقال أدغم و ادغم بوزن أفعل و افتعل، أخبر رحمه اللّه أن الدال إذا فتحت و قبلها ساكن لم تدغم فی غیر التاء أی لم تدغم إلا فی التاء خاصة و ذلك فی موضعین كاد تزیغ قلوب و بعد توكیدها لا غیر و مثال الدال المفتوحة و قبلها ساكن مع غیر التاء مما لا یدغم لوجود الشرطین فیه أبعد ضراء داود زبورا و نحوه و إذا عدم أحد الشرطین عنی الانفتاح أو السكون ساغ الإدغام و لم یمتنع، نحو و شهد شاهد، من بعد ذلك وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ [البقرة: 251]، فاعلمه أی فاعلم ذلك و اعمل به.
و فی عشرها و الطّاء تدغم تاؤهاو فی أحرف وجهان عنه تهلّلا لما انقضی كلامه فی الدال انتقل إلی التاء المثناة و هی من حروف شفا ذكرها فی قوله تضق و أخبر فی هذا البیت أنها تدغم فی الأحرف العشرة التی أدغمت فیها الدال و تدغم أیضا فی الطاء معها و الهاء فی عشرها للدال و فی تائها یجوز أن تكون للعشر و یجوز أن تكون للأحرف السابقة الستة عشر فإن قیل من جملة حروف الدال العشرة التاء فإدغام التاء فی التاء من باب المثلین قیل لم یسغ استثناؤها إذ هی مما تدغم فی الجملة و مثال إدغامها فی مثلها الشوكة تكون و مثال إدغامها فی السین الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ [النساء: 57، 122]، و فی الذال وَ الذَّارِیاتِ ذَرْواً [الذاریات: 1]، و فی الشین بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ [النور: 4]، و فی الضاد وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً [العادیات: 1]، و فی الثاء الصَّالِحاتِ [العصر: 3]، ثم و فی الزای فَالزَّاجِراتِ زَجْراً [الصافات: 2]، و فی الصاد قوله تعالی: فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً [العادیات: 3]، و فی الظاء قوله تعالی: الْمَلائِكَةُ ظالِمِی [النساء: 97]، [النحل: 28]، و فی الجیم قوله: مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: 2]، و فی الطاء قوله تعالی:
الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ [النحل: 32]، و لا خلاف فی إدغام هذا جمیعه و نحوه، و لم یذكر فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 52
التاء ما ذكر فی الدال من كونها لم تدغم مفتوحة بعد ساكن لأن التاء لم تقع كذلك إلا و هی حرف خطاب و هو قد علم استثناؤه نحو قوله تعالی: دَخَلْتَ جَنَّتَكَ [الكهف: 39]، و قوله تعالی: قَدْ أُوتِیتَ سُؤْلَكَ [طه: 36]، إلا مواضع وقعت فیها مفتوحة بعد ألف فهی علی قسمین منها موضع واحد لا خلاف فی إدغامه، و هو قوله تعالی: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَیِ النَّهارِ [هود: 114]، و منها ما نقل فیه الخلاف و هو المشار إلیه بقوله: و فی أحرف وجهان عنه أی عن السوسی تهللا أی استنار فظهر.
فمع حمّلوا التّوراة ثمّ الزّكاة قل‌و قل آت ذال و لتأت طائفة علا هذه الأحرف التی فیها وجهان مثل الذین حملوا التوراة ثم لم بالجمعة و آتوا الزكاة ثم تولیتم بالبقرة، و قوله تعالی: وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ [الإسراء: 26]، بسبحان و فَآتِ ذَا الْقُرْبی [الروم: 38]، و هما المراد بقوله و قل آت ذل و بین الذال و لام التعریف من القربی ألفان إحداهما ألف ذا و الأخری همز الوصل فی القربی و هی تسقط فی الدرج و تسقط ألف ذا لأجل لام التعریف بعدها لكونها ساكنة فلذلك رسمت فی بعض النسخ ذل بإسقاط ألفین علی صورة اللفظ و هی الروایة، و فی بعضها بألفین و هو الصواب علی الأصل و الحرف الخامس بالنساء قوله تعالی: وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْری [النساء: 102]، فهذه المواضع فی كل منها وجهان عن السوسی الإظهار و الإدغام و لیس فی قوله علی رمز لأن الباب كله لأبی عمرو رضی اللّه عنه ثم ذكر الحرف السادس فقال:
و فی جئت شیئا أظهروا لخطابه‌و نقصانه و الكسر الإدغام سهّلا أی فی لَقَدْ جِئْتِ شَیْئاً فَرِیًّا [مریم: 27]، للسوسی وجهان الإظهار و الإدغام أما الإظهار فلأجل تاء الخطاب الموجودة فیه و لأجل نقصانه و هو حذف عین الفعل و ضمیر أظهروا عائد علی ابن مجاهد و أصحابه، فأما المفتوح التاء فلا خلاف فی إظهاره و هو موضعان بالكهف قوله تعالی: لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً [الكهف: 71]، و قوله تعالی: لَقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُكْراً [الكهف: 74]، و علم ذلك من قوله و الكسر الإدغام سهلا یعنی أن تاء الخطاب مكسورة و الكسر ثقیل ففارقت غیرها من تاءات الخطاب المفتوحة فسهل كسره الإدغام و سوغه.
و فی خمسة و هی الأوائل ثاؤهاو فی الصّاد ثمّ السّین ذال تدخّلا لما أتم كلامه فی التاء المثناة انتقل إلی الثاء المثلثة و هی من حروف شفا ذكرها فی قوله: ثوی و أخبر أنها تدغم للسوسی فی خمسة أحرف و هی أوائل كلمات: ترب سهل ذكا شذا ضفا و هی التاء و السین و الذال و الشین و الضاد و أمثلتها حیث تؤمرون الحدیث سنستدرجهم و الحرث ذلك و لیس غیره حیث شئتما و حدیث ضیف إبراهیم و لیس غیره.
قوله: و فی الصاد إلخ، أخبر رحمه اللّه أن الذال المعجمة تدخل فی الصاد و السین المهملتین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 53
أدغم فیهما السوسی و ذلك نحو قوله تعالی: فَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ [الكهف: 61]، فی موضعین، و قوله تعالی: مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً [آل عمران: 117]، لا غیر و تدخل مثل تحصل یقال تدخل الشی‌ء إذا تحصل قلیلا قلیلا.
و فی اللّام راء و هی فی الرّا و أظهراإذا انفتحا بعد المسكّن منزلا اللام و الراء من حروف شفا ذكرهما فی قوله لم و فی قوله رم أی أدغم السوسی الراء فی اللام و اللام فی الراء نحو قوله تعالی: سَیُغْفَرُ لَنا، كَمَثَلِ رِیحٍ [آل عمران:
117]، و قوله: أظهرا إلخ یعنی أن ما انفتح منهما و قبله ساكن استثنی فأظهر نحو قوله تعالی: خَیْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ [النور: 27]، و رَسُولَ رَبِّهِمْ [الحاقة: 10]، و لا یمنع الإدغام إلا باجتماع السببین أما لو انفتح أحدهما بعد الحركة نحو قوله تعالی: وَ سَخَّرَ لَكُمُ [إبراهیم: 32]، و جَعَلَ رَبُّكِ [الإسراء: 24]، أو تحرك بغیر الفتح بعد السكون نحو المصیر لا یكلف، و بالذكر لما و یقول ربی و فضل ربی فإن هذا كله و نحوه مدغم ثم ذكر تمامه فقال:
سوی قال ثمّ النّون تدغم فیهماعلی إثر تحریك سوی نحن مسجلا أخبر رحمه اللّه أن لام قال: مستثنی من فصل اللام یعنی سوی كلمة قال فإنها أدغمت فی كل راء بعدها للسوسی و إن كانت اللام مفتوحة و قبلها حرف ساكن و هو الألف نحو قال رب قال رجلان فخفف بالإدغام لكثرة دوره فی القرآن بخلاف فیقول رب و رسول ربهم و نحوه فإنه مظهر. ثم انتقل إلی الكلام فی النون و هی من حروف شفا ذكرها فی قوله نفسا فأخبر أنها تدغم فیهما أی فی اللام و الراء للسوسی بشرط أن یتحرك ما قبلها و هو معنی قوله علی أثر تحریك أی تكون النون بعد محرك نحو إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ [الأعراف: 167]، خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ [ص: 9]، و لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ [البقرة: 55]، فإن وقع قبل النون ساكن لم تدغم مطلقا سوی كان ذلك ألفا أو غیره و سواء كانت النون مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة نحو قوله تعالی: یَخافُونَ رَبَّهُمْ [النحل: 50]، بِإِذْنِ رَبِّهِمْ [القدر: 4]، أَنَّی یَكُونُ لِی [آل عمران: 40]، ما خلا حرفا واحدا فإنه یدغم نونه فی اللام مع وجود السكون قبل النون و ذلك نحو قوله تعالی: وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 133، 136]، و نحن لك، نحن لكما، و شبهه حیث وقع و هو المراد بقوله سوی نحن، و قوله مسجلا: أی مطلقا فی جمیع القرآن:
و تسكن عنه المیم من قبل بائهاعلی إثر تحریك فتخفی تنزّلا المیم من حروف شفا ذكرها فی قوله: منه أخبر أنها تسكن عنه أی عن السوسی قبل الباء إذا وقعت بعد متحرك فتخفی نحو قوله: آدَمَ بِالْحَقِ [المائدة: 27]، و بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِینَ [الأنعام: 53]، فإن سكن ما قبلها لم یفعل ذلك نحو قوله تعالی: إِبْراهِیمُ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 54
بَنِیهِ [البقرة: 132]، الیوم بجالوت و الروایة فی البیت بضم التاء من تسكن و فتحها من تخفی و الهاء فی بائها ضمیر المیم و قوله: تُنَزِّلَ [النساء: 153]، تمییز أی فیخفی تنزلها فی محلها.
و فی من یشاء با یعذّب حیثماأتی مدغم فادر الأصول لتأصلا الباء من حروف شفا ذكرها فی قوله بها أی أدغم السوسی باء یعذب فی میم من یشاء أینما جاء و هو خمسة مواضع سوی الذی بالبقرة موضعان بالمائدة و موضع بآل عمران و العنكبوت و الفتح، أما الذی بالبقرة فإنه ساكن الباء فی قراءة أبی عمرو فهو واجب الإدغام عنده من جهة الإدغام الصغیر لا الإدغام الكبیر و لهذا وافقه علیه جماعة كما سنذكره و فهم من تخصیص الباء بیعذب و میم من یشاء إظهار ما عداه نحو أن یضرب مثلا سَنَكْتُبُ ما قالُوا [آل عمران: 181]، [مریم: 79]، و لما انقضی كلامه من حروف شفا الستة عشر التی تدغم فی غیرها ختم بقوله: فادر الأصول أی اعلم القواعد المذكورة فی هذا النظم لتأصلا أی لتكون أصلا أی ذا أصل یرجع إلیه فی معرفة هذا الفن ثم ذكر ثلاث قواعد تتعلق بجمیع باب الإدغام الكبیر مثلیا كان أو متقاربا و كل قاعدة فی بیت فقال فی القاعدة الأولی:
و لا یمنع الإدغام إذ هو عارض‌إمالة كالأبرار و النّار أثقلا یرید إذا كانت ألف مما له فی البابین لأجل كسرة بعدها علی حرف و ذلك الحرف مما یدغم فی غیره فإذا أدغم تبقی الإمالة بحالها لكون الإدغام عارضا فكأن الكسرة موجودة فكما أن الوقف لا یمنع فكذلك الإدغام مثال ذلك إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ [المطففین: 18]، فإن الألف فی الأبرار ممالة لأجل كسرة الراء و الراء تدغم فی اللام فإذا أدغمت فیها زال موجب الإمالة، و كذلك قوله تعالی: وَ قِنا عَذابَ النَّارِ [آل عمران:
16]، ربنا و أتی بمثالین الأول منهما لبیان إدغام المتقاربین و الثانی لبیان إدغام المثلین، و قوله: أثقلا حال أی فی حال الإدغام الصریح احترازا من الروم فإنه لا یمنع قولا واحدا لأن الكسرة موجودة. ثم ذكر القاعدة الثانیة فقال:
و أشمم ورم فی غیر باء و میمهامع الباء أو میم و كن متأمّلا یقول رحمه اللّه إذا أدغمت حرفا فی حرف مماثل له أو مقارب فأشمم حركة الحرف الأول المدغم إن كان ضمة و رمها إن كانت ضمة أو كسرة إلا فی الباء و المیم إذا لقیت كل واحدة منهما الباء و المیم و ذلك فی أربعة صور و هی أن تلتقی الباء بمثلها نحو قوله تعالی:
نُصِیبُ بِرَحْمَتِنا [یوسف: 56]، أو مع المیم نحو قوله تعالی: یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ [العنكبوت: 21]، و تلتقی المیم مع مثلها نحو أ یعلم ما أو مع الباء نحو أعلم بما فإن الروم و الإشمام یتعذران فی ذلك لانطباق الشفتین بالباء و المیم و الضمیر فی میمها عائد علی الباء و كن متأملا أی متدبرا كلام العلماء فی كتبهم ثم ذكر القاعدة الثالثة فقال:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 55 و إدغام حرف قبله صحّ ساكن‌عسیر و بالإخفاء طبّق مفصلا أی إذا كان قبل الحرف الذی یدغم فی غیره حرف صحیح ساكن فإن إدغامه المحض عسیر أی یعسر النطق به و تعسر الدلالة علی توجیهه لما یؤدی إلیه من الجمع بین الساكنین علی غیر حدهما لأن المدغم لا بد من تسكینه فحقیقة الإدغام فیه راجعة إلی الإخفاء و تسمیته بالإدغام مجاز و احترز بقوله: صح ساكن عما قبله ساكن لیس بحرف صحیح بل هو حرف مد فإن الإدغام یصح معه نحو قوله فیه هدی قال لهم یقول ربنا و كذا إذا انفتح ما قبل الیاء و الواو و نحو قوله: كَیْفَ فَعَلَ رَبُّكَ [الفجر: 6]، [الفیل: 1]، قوم موسی فإن فی ذلك من المد ما یفصل بین الساكنین و أما ما قبله ساكن صحیح فلا یتأتی إدغامه إلا بتحریك ما قبله و إن خفیت الحركة فإن لم تحرك انحذف الحرف الذی تسكینه للإدغام و أنت تظن أنه مدغم فإذا كان كذلك فالطریق السهل حینئذ إما الإظهار و إما الإخفاء فرجح الناظم رحمه اللّه الإخفاء فقال و بالإخفاء طبق مفصلا و الضمیر فی طبق للقارئ أی إذا أخفاه القارئ أصاب و هو من قوله: طبق السیف المفصل إذا أصاب المفصل، ثم مثل بما قبله حرف صحیح ساكن فقال:
خذ العفو و أمر ثم من بعد ظلمه‌و فی المهد ثم الخلد و العلم فاشملا ذكر رحمه اللّه خمسة أمثلة فی كل مثال منها حرف صحیح سكن قبل الحرف المدغم من المثلین و المتقاربین فمن المثلین قوله تعالی: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ [الأعراف:
199]، فیه فاء ساكنة قبل الواو و من العلم مالك فیه لام ساكنة قبل المیم و من المتقاربین من بعد ظلمه فیه عین ساكنة قبل الدال و المهد صبیا فیه هاء ساكنة قبل الدال و الخلد جزاء فیه لام ساكنة قبل الدال و لما لم یوردها علی طریق التمثیل خاف أن یتوهم الحصر فقال فأشملا أی عمم الكل و قس المتروك علی المذكور نحو قوله تعالی زادته هذه لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ [النور: 62] و شبه ذلك، یقال: شملهم الأمر إذا عمهم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 56

باب هاء الكنایة

سمیت هاء الكنایة لأنها یكنی بها عن الاسم الظاهر الغائب نحو به و له علیه و تسمی هاء الضمیر أیضا و المراد بها الإیجاز و الاختصار و أصلها الضم.
و لم یصلوا ها مضمر قبل ساكن‌و ما قبله التّحریك للكلّ وصّلا أخبر رضی اللّه عنه أن القراء كلهم لم یصلوا هاء الضمیر إذا وقعت قبل ساكن لأن الصلة تؤدی إلی الجمع بین الساكنین بل تبقی علی حركتها ضمة كانت أو كسرة نحو قوله تعالی: یَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة: 197]، رَبِّهِ الْأَعْلی [اللیل: 20]، و كذا إذا كانت الصلة ألفا و ذلك فی ضمیر المؤنث المجمع علی صلته بها مطلقا فإن صلتها تحذف للساكن بعدها نحو من تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [البقرة: 25]، و قوله تعالی: فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ [مریم:
23]، و قوله: لَمْ یُصَلُّوا [النساء: 102]، هاء مضمر عام یشمل ضمیر المذكر و المؤنث و إن كان خلاف القراء واقعا فی المذكر لا غیر و لا یرد علی هذا الإطلاق إلا موضع واحد فی عبس قوله تعالی: عَنْهُ تَلَهَّی [عبس: 10]، فی قراءة البزی ثم قال و ما قبله التحریك أی و الذی تحرك ما قبله من هاءات الضمیر المذكر التی لیس بعدها ساكن فكل القراء یصلونها بواو إن كانت مضمومة، و بیاء إن كانت مكسورة نحو قوله تعالی: أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ [عبس:
21]، و خَتَمَ عَلی سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ [الجاثیة: 23]، و اعلم أن الصلة تسقط فی الوقف إلا الألف فی ضمیر المؤنث ثم انتقل إلی المختلف فیه فقال:
و ما قبله التّسكین لابن كثیرهم‌و فیه مهانا معه حفص أخو و لا أی و الذی قبله من هاءات الضمیر ساكن فإنه موصول لابن كثیر وحده نحو قوله تعالی: اجْتَباهُ وَ هَداهُ [النحل: 121]، و عَقَلُوهُ [البقرة: 75]، و فیه و علیه و إلیه فإن لقی الهاء ساكن لم یصل علی ما سبق تقریره نحو قوله تعالی یَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة: 197]، و قرأ باقی القراء بترك الصلة فی كل ما قبله ساكن و علم ذلك من الضد لأن ضد الصلة تركها
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 57
و وافقه حفص علی صلة و یخلد فیه مهانا، فهذا معنی قوله: فِیهِ مُهاناً [الفرقان: 69]، معه حفص أی مع ابن كثیر أخو و لا أی أخو متابعة لأن الولاء بكسر الواو و المد بمعنی المتابعة و قصره الناظم. و اعلم أن هشاما وافق ابن كثیر علی الصلة فی أرجئه فی الموضعین كما سیأتی:
و سكّن یؤدّه مع نولّه و نصله‌و نؤته منها فاعتبر صافیا حلا أراد یؤدی إلیك موضعان بآل عمران و نُوَلِّهِ [النساء: 115]، و نُصْلِهِ [النساء:
115] بالنساء و نُؤْتِهِ مِنْها [الشوری: 20] موضعان بآل عمران و موضع بالشوری أمر بتسكین الهاء فی هذه السبعة موضع لمن أشار إلیهم بالفاء و الصاد و الحاء فی قوله: فاعتبر صافیا حلا و هم حمزة و شعبة و أبو عمرو فتعین للباقین التحریك لأنه ضد الإسكان و إذا تعین للباقین التحریك فهو بالكسر فمنهم من یصل الهاء بیاء و منهم من یختلسها و علم الاختلاس من قوله و فی الكل قصر الهاء.
توضیح: اعلم أن القراء فی هذا البیت علی أربع مراتب منهم من سكن هاءاتها قولا واحدا و هم حمزة و شعبة و أبو عمرو، و منهم من یحركها بكسرة مختلسة قولا واحدا و هو:
قالون و منهم من له وجهان أحدهما تحریكها بكسرة مختلسة، و الثانی: تحریكها بكسرة موصولة بیاء و هو هشام و منهم من یحركها بكسرة موصولة بیاء قولا واحدا و هم الباقون و قد لفظ بالكلمات المذكورات فی هذا البیت علی ما تأتی له فی النظم فسكن یؤده و نوله و وصل نصله و اختلس نؤته و نبه بقوله فاعتبر صافیا حلا علی صحة وجه القراءة و ثبوتها.
و عنهم و عن حفص فالقه و یتّقه‌حمی صفوه قوم بخلف و أنهلا
و قل بسكون القاف و القصر حفصهم‌و یأته لدی طه بالإسكان بجتلا
و فی الكلّ قصر الهاء بان لسانه‌بخلف و فی طه بوجهین بجّلا الواو فی قوله: و عنهم فاصلة عاطفة أی من المذكورین فی بیت و سكن یؤده و هم حمزة و شعبة و أبو عمرو ثم قال و عن حفص أی عن المذكورین و عن حفص فی فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ بالنمل إسكان الهاء فبقی علی إسكان فألقه حمزة و عاصم و أبو عمرو فتعین للباقین التحریك كما سیأتی ثم استأنف فقال و یتقه حمی صفوه قوم بخلف أراد بقوله: وَ یَخْشَ اللَّهَ وَ یَتَّقْهِ [النور: 52]، بالنور فأشار إلی تسكین هائه بلا خلاف للمشار إلیهما بالحاء و الصاد فی قوله حمی صفوه و هما أبو عمرو و شعبة و المشار إلیه بالقاف من قوله قوم و هو خلاد بخلاف عنه فعلم أن الوجه الآخر هو التحریك و لم یذكر بعد ذلك مع أصحاب القصر الذی هو الاختلاس فعلم أن الوجه الثانی هو الكسر و الصلة و معنی و أنهلا سقاه النهل و هو الشرب الأول ثم قال و قل بسكون القاف و القصر حفصهم یعنی أن حفصا قرأ و یتقه بسكون القاف
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 58
و قصر حركة الهاء أی باختلاسها و قوله و یأته لدی طه بالإسكان یجتلا أراد وَ مَنْ یَأْتِهِ مُؤْمِناً [طه: 75]، بطه فأخبر أن المشار إلیه بالیاء من قوله یجتلا و هو السوسی قرأ یأته بسكون الهاء فتعین للباقین التحریك كما سیأتی و یجتلا ینظر إلیه و قوله و فی الكل قصر الهاء بأن لسانه بخلف یعنی بالكل جمیع الألفاظ المتقدمة من قوله و سكن یؤده إلی قوله و یأته لدی طه و هی سبع كلمات و أراد بقصر الهاء اختلاسها و أخبر أن قالونا و هو المشار إلیه بالباء من قوله بأن قرأها كلها باختلاس كسرة الهاء بلا خلاف و إن هشاما و هو المشار إلیه باللام من قوله لسانه قرأها جمیعها بوجهین أحدهما باختلاس الهاء كقالون و الثانی بالصلة كباقی القراء و لا یجوز أن یكون له الإسكان لأنه قد ذكر الإسكان عن الذین قرءوا به و لم یذكر هشاما منهم قوله بخلف عائد علی هشام لأنه الذی یلیه و لو كان الخلاف عنه و عن قالون لقال بخلفهما و لو كان عن ثلاثة أو أكثر لقال بخلفهم و لیس الباء من یخلف رمزا لأن المراد منه أن القارئ الذی قبله اختلفت الروایة عنه و إنما تعینت الصلة لباقی القراء لأنه لم یذكرهم مع أصحاب الإسكان و لا مع أصحاب الاختلاس و قوله و فی طه بوجهین بجلا أخبر أن قالونا و هو المشار إلیه بالباء من قوله بجلا عنه فی یأته مؤمنا وجهان و قد تقدم أن السوسی وحده قرأ بالإسكان فعلمنا أن الوجهین هما الاختلاس و الصلة و تعین للباقین القراءة بالصلة و معنی بجلا أی وقر و هو عائد علی الوجهین.
توضیح: قوله فألقه القرء فیها علی أربع مراتب منهم من سكن هاءه قولا واحدا و هم حمزة و عاصم و أبو عمرو، و منهم من حرك الهاء بكسرة مختلسة قولا واحدا و هو قالون، و منهم من له وجهان أحدهما تحریكها بكسرة مختلسة، و الثانی تحریكها بكسرة موصولة بیاء و هو هشام و منهم من حركها بكسرة موصولة بیاء قولا واحدا و هم الباقون و أما یتقه فالقراء كلهم یكسرون قافه إلا حفصا و هم من بعد ذلك فی الهاء علی خمس مراتب منهم من یسكنها قولا واحدا و هما أبو عمرو و شعبة و منهم من روی عنه وجهان أحدهما الإسكان و الثانی صلتها بیاء و هو خلاد و منهم من روی عنه وجهان أیضا الاختلاس و الثانی صلتها بیاء و هو هشام و منهم من له الاختلاس قولا واحدا و هما قالون و حفص و منهم من یحركها موصولة بیاء قولا واحدا و هم الباقون و أما یأته فالفراء فیه علی ثلاث مراتب «1» منهم من سكن الهاء قولا واحدا و هو السوسی و منهم من قرأ بوجهین أحدهما الاختلاس و الثانی صلتها بیاء و هو قالون و منهم من وصل كسرة الهاء بیاء قولا واحدا و هم الباقون.
______________________________
(1) قول ابن القاصح: و أما یأته فالقراء فیه علی ثلاث مراتب، الظاهر من القصید أن القراء فیه علی أربع مراتب، لأن هشاما له وجهان: قصر الهاء وصلتها كقالون و إنما لم یذكر الشارح ذلك لأن حذف الصلة لهشام قال فیه بعضهم إنه من زیادات القصید و الأولی أن لا یقرأ به لأنه لم یذكره المحقق و تبعه علی ذلك كثیر من المحققین فالشارح رحمه اللّه ممن تبع المحقق و لم یتبع القصید. أه.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 59 و إسكان یرضه یمنه لبس طیّب‌بخلفهما و القصر فاذكره نوفلا
له الرّحب و الزّلزال خیرا یره بهاو شرا یره حرفیه سكّن لیسهلا أخبر رحمه اللّه أن المشار إلیه بالیاء فی قوله یمنه و هو السوسی قرأ وَ إِنْ تَشْكُرُوا یَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر: 7] بإسكان الهاء فی الوصل بلا خلاف و أن المشار إلیهما باللام و الطاء فی قوله لبس طیب و هما هشام و الدوری عن أبی عمرو اختلف عنهما فی الإسكان و أن المشار إلیهم بالفاء و النون و اللام و الألف فی قوله فاذكره نوفلا له الرحب و هم حمزة و عاصم و هشام و نافع قرءوا بالقصر یعنی باختلاس ضمة الهاء و الخلف الذی للدوری هو الإسكان و الصلة و الذی لهشام الإسكان و القصر، و علم ذلك من جهة أنه ذكر هشاما مع أصحاب القصر فی البیت الثانی و لم یذكر الدوری معهم فكان مع المسكوت عنهم و هم أصحاب الصلة و یجوز فی قوله القصر الرفع علی الابتداء و النصب بفعل مضمر و النوفل الكثیر العطاء یقال رجل نوفل أی كثیر النوافل و النفل الزیادة.
توضیح: قوله: یَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر: 7]، القراء فیه علی خمس مراتب، منهم من له الإسكان فقط و هو السوسی و منهم من له الوجهان الإسكان و اختلاس الضمة و هو هشام و منهم من له وجهان أیضا الإسكان و صلة الضمة بواو و هو الدوری و منهم من له اختلاس الضمة فقط و هم حمزة و نافع و عاصم و منهم من له صلة الهاء بواو فقط و هم الباقون قوله و الزلزال اسم لسورة إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ [الزلزلة: 1] أمر إسكان الهاء فی الموضعین فی قوله خَیْراً یَرَهُ [الزلزلة: 7] و شَرًّا یَرَهُ [الزلزلة: 8]، للمشار إلیه باللام من قوله لیسهلا و هو هشام و علم أن قراءة الباقین بتحریك الهاء بالضم و صلتها بواو مما تقرر فی أصل الباب من أن هاء الضمیر إذا وقعت بین متحركین فإن حكمها الصلة و الألف من قوله لیسهلا للتثنیة أی لیسهل الحرفان بالإسكان و قوله بها بسورة الزلزال احترز من الذی فی سورة البلد و هو قوله: یَرَهُ أَحَدٌ [البلد: 7].
وعی نفر أرجئه بالهمز ساكناو فی الهاء ضمّ لفّ دعواه حرملا
و أسكن نصیرا فاز و اكسر لغیرهم‌وصلها جوادا دون ریب لتوصلا أخبر رضی اللّه عنه أن المشار إلیهم بنفر و هم ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر حفظوا أرجئه بالهمزة الساكن فی الموضعین بالأعراف و الشعراء فتعین للباقین ترك الهمز فیهما و معنی وعی أی حفظ و لیست العین من وعی برمز لأن الواو أصلیة فصارت العین متوسطة و الرمز الحرفی لا یكون إلا فی أول الكلم ثم انتقل إلی الكلام فی الهاء فقال و فی الهاء ضم أخبر أن المشار إلیهم باللام و الدال و الحاء فی قوله لف دعواه حرملا یضمونها و هم هشام و ابن كثیر و أبو عمرو ثم أمر بإسكانها للمشار إلیهما بالنون و الفاء من قوله نصیرا فأزوهما
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 60
عاصم و حمزة ثم قال و اكسر لغیرهم أمر بكسرها لغیر الذین ضموا الذین سكنوا و هم نافع و الكسائی و ابن ذكوان ثم أمر بالصلة للمشار إلیهم بالجیم و الدال و الراء و اللام من قوله جواد دون ریب لتوصلا و هم ورش و ابن كثیر و الكسائی و هشام.
توضیح: أرجئه فیها ست قراءات الأولی لقالون أرجه بترك الهمز لأنه لیس من نفر و بكسر الهاء لأنه داخل فیمن أراد بقوله و اكسر لغیرهم و بالقصر لأنه لم یذكره فی أصحاب الصلة الثانیة لورش و الكسائی مثل قراءة قالون إلا أنهما یصلان الهاء بیاء لأنه ذكرهما فی أصحاب الصلة فصار اللفظ أرجه الثالثة لابن كثیر و هشام و ذلك أنهما قرآ أرجئهو بالهمز لأنهما من نفر و بضم الهاء وصلتها بواو لأنه یذكرهما مع أصحاب الصلة الرابعة لأبی عمرو و ذلك أنه قرأ مثل ابن كثیر و هشام إلا أنه لم یصل الهاء لأنه لم یذكره مع أصحاب الصلة فصار اللفظ أرجئه الخامسة لابن ذكوان و ذلك أنه قرأ أرجئه بالهمز لأنه من نفر و بكسر الهاء لأنه داخل فیمن أراد بقوله و اكسر لغیرهم و بترك الصلة لأنه لم یذكره مع أصحابها السادسة لعاصم و حمزة قرءا أرجه بترك الهمز لأنهما لیسا من نفر و بإسكان الهاء لأنه نص لهما علی ذلك و الهاء فی قوله دعواه للضم، و الحرمل نبت معروف، و الجواد الفرس الجید و الرجل السخی و الریب: الشك.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 61

باب المد و القصر

المد فی هذا الباب عبارة عن زیادة المد فی حروف المد لأجل همز أو ساكن و القصر ترك تلك الزیادة أی باب زیادة المد علی الأصل و حذفها و قدم المد علی القصر و إن كان فرعا لعقد الباب له و المد طول زمان الصوت و القصر الأصل لعدم توقفه علی سبب بخلاف المد و أصل القصر الحبس و منه حُورٌ مَقْصُوراتٌ [الرحمن: 72]، أی محبوسات و للمد عشرة ألقاب مد الحجز و مد العدل و مد التمكین و مد الفصل و مد الروم و مد الفرق و مد البنیة و مد المبالغة و مد البدل و مد الأصل فأما مد الحجز فإنه یحجز بین الساكنین و المتحرك نحو الضالین و دابة و أما مد العدل فإنه سمی بذلك لاعتدال النطق بالهمز نحو آأنذرتهم علی قراءة من یمد بین الهمزتین و أما مد التمكین فإنه یمكن الكلمة عن الاضطراب نحو أولئك و بابه و أما مد الفصل فإنه یفصل بین الكلمتین نحو بما أنزل و أما مد الروم فإنه یروم بالمد الهمز نحوها أنتم و أما مد الفرق فإنه یفرق بین الاستفهام و غیره و لا زیادة علیها نحو آلذكرین الآن و أما مد البنیة نحو دعاء و نداء فإن الكلمة بنیت علی المد دون القصر و أما مد المبالغة فللتعظیم نحو لا إله إلا اللّه و أما مد البدل فإنه نحو آمن و آزر و آدم لأن المد بدل من الهمزة الثانیة و أما مد الأصل فنحو جاء و شاء لأن الهمزة و المد من أصل الكلمة.
إذا ألف أو یاؤها بعد كسرةأو الواو عن ضمّ لقی الهمز طوّلا ذكر رحمه اللّه حروف المد الثلاثة فقال إذا ألف و لم یقید ما قبلها بشی‌ء لأنها ساكنة حتما مفتوح ما قبلها لزوما ثم قال أو یاؤها بعد كسرة فقید الیاء بكسر ما قبلها لأنه یجوز أن یقع قبلها فتحة نحو هیئة و شی‌ء و الضمیر فی قوله یاؤها یعود علی الألف ثم قال أو الواو عن ضم فقید الواو بأن تكون قبلها ضمة لأنه یجوز أن یكون قبلها فتحة نحو سَوْأَةَ أَخِیهِ [المائدة: 31]، فالألف لا تزال حرف مد لأن ما قبلها لا یكون إلا من جنس حركتها و الواو و الیاء لهما شرطان أحدهما السكون و الثانی أن تكون حركة ما قبلهما من جنسهما فیكون قبل الیاء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 62
كسرة و قبل الواو ضمة فحینئذ یكونان حرفی مد و لین و سواء فی ذلك حرف المد المرسوم فی المصحف و الذی لم یرسم له صورة نحوها أنتم و یا آدم و لم یرسم فی كل كلمة سوی ألف واحد و هی صورة الهمز و ألف هاویا محذوفة نحو صلة هذه الكنایة و میم الجمع نحو قوله تعالی به أن یوصل وَ مِنْهُمْ أُمِّیُّونَ [البقرة: 78]، یجری الأمر فیه كغیره من المد و القصر علی ما تقتضیه مذاهب القراء ثم قال لقی الهمز أی استقبله ثم قال طولا أی مد لأن المد إطالة الصوت بالحرف الممدود أی إذا لقی الألف أو الیاء الساكنة المكسور ما قبلها أو الواو الساكنة المضموم ما قبلها همزة مخففة من كلمة حرف المد زید مد حرف المد علی ما فیه من المد الطبیعی للسبعة و علم أن كلامه فی هذا البیت علی المد المتصل من قوله بعد فإن ینفصل و لم یخص أحدا من القراء فحمل علی العموم و سمی هذا النوع من المد المتصل لاتصال الهمزة بكلمة حرف المد و له محل اتفاق و محل اختلاف فمحل الاتفاق هو أن السبعة الأشیاخ اتفقوا علی المد قبل الهمز و محل الخلاف هو تفاوت الزیادة فی المراتب و نصوص النقلة فیها مختلفة و عبارة بعضهم توهم التسویة و أما عبارة الناظم رضی اللّه عنه فمطلقة تحتمل التفاوت و التسویة و قال السخاوی عنه أی عن الشاطبی رحمه اللّه إنه كان یروی فی هذا النوع مرتبتین طولی لورش و حمزة و وسطی للباقین و یعلل عدوله عن المراتب الأربع التی ذكرها صاحب التیسیر و غیره بأنها لا تتحقق و لا یمكن الإتیان بها فی كل مرة علی قدر السابقة و قال صاحب النكت لم یتعرض فی القصید لذكر التفاضل فی المد فكان رأیه یعنی الناظم أنه یمد فی المتصل مدتین طولی لورش و حمزة و وسطی لمن بقی و فی المنفصل أن یمد لورش و حمزة مدة طولی و یمد لقالون و الدوری علی روایة من یروی لهما المد و ابن عامر و الكسائی و عاصم مدة وسطی و یقصر لابن كثیر و السوسی بلا خلاف و لقالون و الدوری فی روایة من یروی لهما القصر و قیل الأولی لمن قرأ من هذه القصیدة أن یسلك طریقة الناظم رحمه اللّه و لعله استأثر بنقله. قلت و كذلك قرأت علی الشیخ علاء الدین رحمه اللّه ثم ذكر المنفصل فقال:
فإن ینفصل فالقصر بادره طالبابخلفهما یرویك درّا و مخضلا أی فإن ینفصل حرف المد و اللین من الهمز مثل أن یكون حرف المد آخر كلمة و الهمز أول الكلمة الأخری فالقصر بادره أی سارع إلیه، أمر بمبادرة القصر للمشار إلیهما بالباء و الطاء من قوله بادرة طالبا و هما قالون و الدوری عن أبی عمرو ثم قال بخلفهما أی بخلاف عنهما أی بوجهین القصر و المد و أشار بالیاء و الدال من قوله یرویك درّا إلی السوسی و ابن كثیر یعنی أنهما قرآ بالقصر بلا خلاف فتعین للباقین المد لا غیر، و تفاضل المد فی هذا الضرب أیضا علی حسب ما ذكر عن الناظم من كونه علی مرتبتین و لم یذكر صاحب التیسیر القصر عن الدوری فهو من زیادات القصید و حدّ القصر أن یقتصر علی ما فی حرف المد من المد الطبیعی الذی فیه كما إذا لم یصادف همزة و إنما أمر بمبادرة القصر لأصالته و لأن المد
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 63
فرعه و إذا قرأ القارئ علی المقرئ نحو قراءة قالون و الدوری عن أبی عمرو فالأولی أن یقدم القصر ثم یأتی بالمد بعده لسهولته لا سیما فی جمع الروایات لأن القارئ یبقی كالذی یترقی درجة درجة فیستعین بذلك علی تحریر مقادیر المدود و بعض أهل الأداء لم یذكروا فی تصانیفهم عن أبی عمرو و قالون إلا القصر فی المنفصل و لعل الناظم أشار إلی هذا المعنی حیث قال فالقصر بادره و یجوز فی قوله فالقصر الرفع و النصب و النصب أجود و الدر اللبن و المخضل النبات الناعم، كل هذا ثناء علی القصر ثم ذكر أمثلة المتصل و المنفصل فقال:
كجی‌ء و عن سوء و شاء اتّصاله‌و مفصوله فی أمّها أمره إلی مثال الیاء وَ جِی‌ءَ یَوْمَئِذٍ [الفجر: 23]، و مثله سِی‌ءَ بِهِمْ [العنكبوت: 33]، [هود: 77] و مثال الواو و تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ [النساء: 149] و مثله ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:
228]، و مثال الألف شاء اللّه و مثله جاء فهذه أمثلة المتصل و نبه علیه بقوله اتصاله أی اتصال حرف المد بالهمز فی كلمة واحدة و قوله و مفصوله أی أمثلة المنفصل فی أمها رسولا هذا مثال الیاء و مثله أولی أجنحة و مثال الواو أمره إلی اللّه، و نبه بهذا المثال علی أن واو الصلة التی لا ترسم فی المصحف كغیرها فی الحكم مما رسم فی المصحف نحو قالُوا آمَنَّا [البقرة: 14] و ضاق علیه تمثیل الألف من القرآن فلم یساعده النظم و لكنه حاصل من قوله أمها أمره و مثاله فی القرآن لا إله إلا اللّه وَ لا أُشْرِكُ بِهِ [الجن: 20]، و لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ [الكافرون: 2] و الهاء فی اتصاله و مفصوله لحرف المد، و لما فرغ من حرف المد الواقع قبل الهمزة انتقل إلی حرف المد الواقع بعدها فقال:
و ما بعد همز ثابت أو مغیّرفقصر و قد یروی لورش مطوّلا
و وسّطه قوم كآمن هؤلاء آلهة آتی للإیمام مثّلا أی و الذی وقع من حروف المد بعد همز ثابت، یعنی بالثابت الباقی لفظه و صورته ثم قال أو مغیر و یعنی بالمغیر ما لحقه نقل أو تسهیل أو بدل علی ما نبینه ثم قال فقصر أی بالقصر لجمیع القراء ورش و غیره ثم قال و قد یروی لورش مطولا أی ممدودا مدا طویلا قیاسا علی ما إذا تقدم حرف المد و اللین علی الهمز ثم قال و وسطه قوم أی جماعة من أهل الأداء رووا عن ورش مدا متوسطا و ذكروه فی كتبهم فیكون المد فی هذا النوع أقل منه فیما إذا تقدم حرف المد و اللین علی الهمز لظهور الفارق بینهما و لم یذكر فی التیسیر غیر هذا حیث قال زیادة متوسطة فالطویل و القصیر من زیادات القصیدة فصار لورش ثلاثة أوجه فی هذا النوع القصر كسائر القراء و المد المتوسط و المد المطول، و أما القاف من قوله قوم فلیست برمز بخلاف حمی صفوه قوم ثم مثل لما فیه هذه الأوجه بأربعة أمثلة اثنان فیهما الهمز ثابت و هما آمن و آتی الذی بعد همزه ألف و اثنان فیهما الهمز مغیر أحدهما لو كان هؤلاء آلهة فقرأ ورش بإبدال همزة آلهة یاء فی الوصل و بعدها ألف فهی حرف مد بعد همز
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 64
مغیر و الثانی للإیمان بنقل حركة همزة إیمان إلی اللام فالیاء من إیمان حرف مد بعد همز مغیر و نحو جاء آل یسهله ورش بین بین فالألف من آل حرف مد بعد همز مغیر، و مثال ما بعده واو أوحی و المنقول الحركة نحو قل أوحی من آمن، و مثال ما بعده یاء إِیتاءِ ذِی الْقُرْبی [النحل: 90] و إیلافهم ثم إن بعض القائلین بالوجوه الثلاثة لورش استثنوا له مواضع فلم یمدوها ذكرها الناظم رحمه اللّه فقال:
سوی یاء إسرائیل أو بعد ساكن‌صحیح كقرآن و مسئولا اسألا یاء إسرائیل و ما عطف علیه مستثنی من حرف المد المعبر عنه بلفظ ما الواقعة فی البیت المتقدم و تقدیره الكلام و ما وقع من حروف المد بعد همز ثابت أو مغیر فلورش فیه ثلاثة أوجه سوی یا إسرائیل فإنه لم یمده حیث وقع ثم قال أو بعد ساكن یعنی و استثنوا من ذلك ما وقع من حروف المد و اللین بعد همز و ذلك الهمز وقع بعد ساكن صحیح نحو القرآن و قرآن و مسئولا و مذءوما فقصروه و لم یمدوه و احترز بقوله صحیح من حروف العلة نحو جاءوا و الموءودة و سوآت و النبئین فإن المد فی هذا كله منصوص علیه و قوله اسألا فعل أمر أی اسأل عن علة استثنائه فإن قیل ما الحكم فی و جاءوا أباهم هل یمد علی الواو لأجل همزة جاءوا و تجری فیها الأوجه الثلاثة أو یمد مدة واحدة لأجل همزة أباهم فقیل یمد مدتین مدة علی الألف قبل همزة جاءوا و هی من المتصل و مدة علی الواو لأجل همزة أباهم و هی من المنفصل و كذلك یفعل فی كل ما یأتی مثله و اتفقوا علی منع المد فی الألف المبدلة من التنوین بعد الهمزة نحو ماء و ملجأ و عشاء ثم ذكر بقیة المستثنی فقال:
و ما بعد همز الوصل ایت و بعضهم‌یؤاخذكم الآن مستفهما تلا
و عادا الأولی و ابن غلبون طاهربقصر جمیع الباب قال و قوّلا أی و استثنوا أیضا الذی وقع من حروف المد و اللین بعد همزة الوصل فقصروه و نحو آیت بقرآن ائذن لی أو تمن أمانته فإذا ابتدأنا بهذه الكلمات وقع حرف المد الذی هو بدل عن فاء الكلمة التی أصلها همزة فی جمیع المواضع بعد همزة الوصل لأنك إذا ابتدأت و أتیت بهمزة الوصل اجتمع همزتان همزة الوصل مع الهمزة التی هی فاء الكلمة فأبدلت فاء الكلمة من جنس حركة همزة الوصل فلا یوجد حرف المد إلا إذا ابتدئ بالكلمة فإن وصلت الكلمة بما قبلها سقطت الهمزة و بقیت فاء الكلمة همزة ساكنة علی حالها فهذا آخر ما استثنی بعد همز ثابت و هو آخر باب المد و القصر فی التیسیر و زاد الناظم ما استثنی من هذا النوع بعد همز مغیر فقال: و بعضهم یؤاخذكم الآن مستفهما تلا و عادا الأولی، یعنی و بعض أهل الأداء الناقلین قراءة ورش استثنوا له مواضع أخر لم یجروا فیها الأوجه الثلاثة بل قصروا له فیها فتعین أن البعض الآخر لم یستثن هذه المواضع فیقرأ له فیها بوجه واحد بالنظر إلی من استثناها و بالأوجه الثلاثة بالنظر إلی البعض الذی لم یستثنها: الموضع الأول أعنی لفظ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 65
یؤاخذكم حیث وقع و كیفما تصرف نحو قوله تعالی: لا تُؤاخِذْنا [البقرة: 268] و لا یُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ [البقرة: 225]، وَ لَوْ یُؤاخِذُ اللَّهُ [النحل: 61]. الموضع الثانی لفظ آلآن المستفهم بها و هی فی موضعین بیونس آلْآنَ وَ قَدْ كُنْتُمْ [یونس: 51]، و آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ [یونس: 91]، أو خرج بقید الاستفهام الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ [البقرة: 71] و الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ [یوسف: 51]، و نحوه فإنه علی أصله، و المراد من آلآن الألف الأخیرة فإن الأولی لیست من هذا الأصل لأن مدها للساكن المقدر أو للهمز. الموضع الثالث عاداً الْأُولی [النجم: 5] قید الأولی بعادا احترازا من الأولی إذا لم یصاحبها عادا نحو سِیرَتَهَا الْأُولی [طه: 21]، فإنها ممدودة علی أصله أی و بعضهم تلا یؤاخذكم و الآن و الأولی بالقصر لا غیر، و قوله: و ابن غلبون طاهر. و هو أبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون الحلبی نزل بمصر و مات بها و دفن بالبقعة من القرافة و قبره یزار إلی الآن، قال بقصر جمیع الباب أی باب المد المتأخر عن الهمز و هو من قوله و ما بعد همز ثابت أو مغیر إلی هنا و قول الناظم بقصر متعلق بقال بعده یعنی أن ابن غلبون قال بالقصر و قول لورش بذلك أی جعله هو المذهب له و ما سواه غلطا و قرر ذلك فی كتاب التذكرة و إنما اعتمد علی روایة للبغدادیین فأما المصریون فإنهم رووا التمكین عن ورش.
و لما تم الكلام فی المد للهمز انتقل إلی الكلام علی المد للساكن فقال:
و عن كلّهم بالمدّ ما قبل ساكن‌و عند سكون الوقف وجهان أصلا الساكن ینقسم إلی قسمین: لازم و عارض و قدم الكلام علی اللازم فقال: و عن كلهم بالمد ما قبل ساكن. و ذلك نحو «الضالین، و الطامة، و دابة، و حاجة قومه و آلذكرین، و آلله خیر»، و نحو ذلك مما هو واجب الإدغام أخبر أن جمیع ذلك ممدود مدا مشبعا عن القراء كلهم ثم ذكر القسم الثانی للجمیع و هو العارض فقال و عند سكون الوقف وجهان یعنی إذا كان الساكن بعد حرف المد و اللین إنما سكنه للوقف و قد كان محركا فی الوصل فسكونه عارض و ذلك نحو «الرحیم، و العالمین، و یوم الدین، و نستعین، و الضالین، و یؤمنون، و ینفقون، و متاب، و عقاب» فإذا وقف علی جمیع ذلك بالسكون مصاحبا للاشمام حیث یسوغ أو خالیا منه كان فیه لجمیع القراء وجهان المد الطویل و المد المتوسط و لم یصرح بهما الناظم لشهرتهما فإذا وقف بالروم فالحكم القصر لا غیر لعدم موجب المد و هو السكون لأن الروم هو الإتیان ببعض الحركة و أشار بقوله أصلا إلی وجه ثالث لم یؤصل: أی لم یكن أصلا و هو الاقتصار علی ما فی حرف المد من المد یعنی القصر و هو رأی جماعة یعنی أن جماعة من المتأخرین قالوا إن التقاء الساكنین یفتقر فی الوقف. و اعلم أنه لا فرق فی حرف المد و اللین بین أن یكون مرسوما نحو قال أو غیر مرسوم نحو الرحمن أو كان بدلا من همزة نحو الذیب.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 66
توضیح: إذا وقفت علی نحو «العالمین، و الضالین، و ینفقون»، ففیه لكل القراء ثلاثة أوجه القصر و التوسط و المد مع الإسكان المجرد و لیس فیه روم و لا إشمام و إذا وقفت علی نحو یَوْمِ الدِّینِ [الفاتحة: 4] و حَذَرَ الْمَوْتِ [البقرة: 243] و فَارْهَبُونِ ففیه لكل القراء أربعة أوجه: القصر و التوسط و المد مع الإسكان المجرد كما تقدم فی نحو العالمین. و الرابع الروم مع القصر و إذا وقفت علی نحو نَسْتَعِینُ و إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ‌ءٍ قَدِیرٌ [البقرة: 20]، ففیه سبعة أوجه القصر و التوسط و المد مع الإسكان المجرد و هذه الثلاثة أیضا مع الإشمام و السابع الروم و لا یكون إلا مع القصر خلافا لابن شریح فتأمل هذه المسائل و قس علیها نظائرها فی جمیع القرآن.
فصل: و یجوز المد للساكن المدغم الواقع بعد حرف المد نحو قراءة البزی وَ لا تَیَمَّمُوا [البقرة: 267] و لا تَعاوَنُوا [المائدة: 2]، و نحو قراءة أبی عمرو بالإدغام نحو قوله تعالی: وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَكُمْ [البقرة: 49]، [الأعراف: 141]، [إبراهیم: 6]، و فیه هدی، و قال لهم و الْأَبْرارَ لَفِی [الانفطار: 13]، و مَنْ یَقُولُ رَبَّنا [البقرة: 200]، و كذلك یجوز المد للساكن غیر المدغم نحو الآن موضعین بیونس و كذلك اللای و محیای فی قراءة من سكن الیاء.
و مدّ له عند الفواتح مشبعاو فی عین الوجهان و الطّول فضّلا
و فی نحو طه القصر إذ لیس ساكن‌و ما فی ألف من حرف مدّ فیمطلا قوله و مد فعل أمر و فی داله الحركات الثلاث و الروایة الفتح أی و مد للساكن لأن كلامه فی البیت السابق فیما یمد قبل الساكن فكأنه قال و مد لأجل الساكن أیضا فی موضع آخر و هو فواتح السور نحو الم و المص و كهیعص و نحو ذلك و قوله عند الفواتح أی فیها فكأنه قال إذا وجدت فی هذه الفواتح حرف مد و لین لقی ساكنا فأشبع المد لأجل الساكن و ذلك لجمیع القراء كمد طامة و دابة بخلاف المد لسكون الوقف، و اعلم أن الحروف التی تمد لأجل الساكن سبعة أحرف لام كاف صاد قاف سین میم نون و قوله: مشبعا أی مدا مشبعا أی طویلا و مشبعا بكسر الباء الروایة و یجوز فتحها و قوله و فی عین الوجهان یعنی أن فی عین من حروف الفواتح و ذلك فی كهیعص و حم عسق و فی قوله الوجهان إشارة إلی إشباع المد و هو المراد بالطول و إلی عدم الإشباع و هو التوسط ثم قال و الطول فضلا یعنی الإشباع أفضل من التوسط و هذان الوجهان لجمیع القراء و قوله و فی نحو طه القصر یعنی أن كل ما كان من حروف الهجاء علی حرفین فإنه یجب فیه القصر و ذلك خمسة أحرف الطاء و الهاء و الراء و الیاء و الحاء ثم قال إذ لیس ساكن یعنی لیس فیه ساكن فیمد حرف المد لأجله ثم قال و ما فی ألف من حرف مد یعنی أن الألف علی ثلاثة أحرف و لیس الأوسط حرف مد و لین و إنما هو لام مكسورة بعدها فاء ساكنة و قوله فیمطلا أی فیمد فكل ممطول ممدود و منه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 67
اشتقاق المطل بالدین لأنه مد فی المدة:
توضیح: قد تحرر من هذین البیتین أن حروف الفواتح علی أربعة أقسام:
القسم الأول: ما كان علی ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد و لین نحو لام میم نون فهو ممدود بلا خلاف.
القسم الثانی: ما كان علی ثلاثة أحرف و لیس فیه حرف مد و لین و هو الألف فهو مقصور بلا خلاف.
القسم الثالث: ما كان علی ثلاثة أحرف أیضا و أوسطها حرف لین لا حرف مد و هو عین ففیه الوجهان.
القسم الرابع: ما كان علی حرفین نحو راویا و طا فهو مقصور بلا خلاف.
و إن تسكن الیا بین فتح و همزةبكلمة أو واو فوجهان جمّلا
بطول و قصر و صل ورش و وقفه‌و عند سكون الوقف للكلّ أعملا
و عنهم سقوط المدّ فیه و ورشهم‌یوافقهم فی حیث لا همز مدخلا تكلم فیما تقدم فی حروف المد و اللین و هو الآن یتكلم فی حرفی اللین و هما الیاء الساكنة المفتوح ما قبلها و الواو الساكنة المفتوح ما قبلها و قسمهما أیضا إلی ما یقع المد فیه مجاور الهمزة و إلی ما یقع مجاور السكون فقال فیما یقع مجاور الهمزة و إن تسكن الیا بین فتح و همزة بكلمة و ذلك نحو شی‌ء و شیئا و كهیئة و لا تیأسوا ثم قال أو واو و ذلك نحو ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح: 6] و سَوْأَةَ أَخِیهِ [المائدة: 31] و سوآت، و قوله بكلمة احتراز من أن یكون حرف اللین فی كلمة و الهمزة فی كلمة أخری نحو ابْنَیْ آدَمَ بِالْحَقِ [المائدة:
27] و لَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ [آل عمران: 110]، لأن المد فی هذا النوع لورش و مذهبه فی هذا نقل حركة الهمزة ثم قال فوجهان بطول و قصر وصل ورش و وقفه یعنی أن لورش فی ذلك وجهین حسنین جیدین فی الوصل و الوقف و المراد بالوجهین المد المشبع و المتوسط و عبر عن المتوسط بالقصر لأنه قصر عن مقدار الطویل و لیست جیم جملا رمزا لتصریحه بعدها بصاحبها. ثم انتقل إلی القسم الثانی و هو ما یقع فیه المد مجاورا للسكون فقال:
و عند سكون الوقف للكل أعملا أی أعمل الوجهان المذكوران للقراء كلهم و هما الطول و التوسط المعبر عنه بالقصر ثم حكی عنهم وجها ثالثا فقال و عنهم سقوط المد فیه و بتصریحه بسقوط المد فی هذا الوجه الثالث یعلم أن المراد من القصر المذكور التوسط ثم أخبر أن ورشا یوافقهم فی الأوجه الثلاثة فیما لم یكن آخره همزا فأما ما كان آخره همزا فإنه لا یوافقهم فی سقوط المد فیه فحصل مما ذكر أن حرف اللین إذا وقع قبل الساكن العارض فی الوقف فلا یخلو الساكن من أن یكون همزا أو غیره فإن كان همزا نحو شی‌ء و الشی‌ء و السوء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 68
فلورش فیه وجهان الطول و التوسط و سواء وقف بالسكون أو بالروم لأن مده فیه لأجل الهمز و لغیر ورش الأوجه الثلاثة مع السكون و القصر مع الروم و إن كان غیر همز نحو المیت و الموت فلورش و غیره الأوجه الثلاثة مع السكون و القصر مع الروم.
توضیح: إذا وقفت علی شی‌ء المرفوع لورش فله فیه ستة أوجه المد و المتوسط مع الإسكان المجرد و له الوجهان أیضا مع الإشمام و له الوجهان أیضا مع الروم لأن المعتبر عنده الهمز و إذا وقفت علیه لغیر ورش ففیه سبعة أوجه كما تقدم فی نحو نستعین و قدیر إلا أن ورشا یوافقهم علی القصر هنا لأنه غیر مهموز فقد ظهر لك أن حرفی اللین و هو الیاء و الواو المفتوح ما قبلهما لا مد فیه إلا إذا كان بعده همزة أو ساكن عند من یری ذلك فإن خلا من واحد منهما لم یجز مده فمن مد نحو علیهم و إلیهم، وصلا أو وقفا فهو لاحن كما أن من مد نحو الصیف و البیت و الموت وصلا فهو لاحن مخطئ و قد ذكر الدانی هذا الأصل فی البقرة فلم یذكر لورش إلا وجها واحدا عبر عنه بالتمكین و هو ظاهر فی التوسط فوجه المد له من الزیادات و لم یذكر للباقین سوی القصر فوجه المد و التوسط لهم منها.
و فی واو سوآت خلاف لورشهم‌و عن كلّ الموءودة اقصر و موئلا قوله: و فی واو سوآت احتراز من الألف التی فیها بعد الهمزة فإن فیها الأوجه الثلاثة:
لورش أی اختلف عن ورش فی مد الواو من سَوْآتِهِما [الأعراف: 20] و سوآتكم، و قصرها؛ فبعضهم نقل المد فیها و بعضهم نقل القصر فمن مد فله وجهان: المد الطویل المشبع و المد المتوسط علی أصله فی مد الواو إذا سكنت و لقیت الهمزة و انفتح ما قبلها نحو سَوْأَةَ أَخِیهِ [المائدة: 31]، و من قصر و لم یمد فلأن أصل هذه الواو الحركة فحاصله أن فی الواو ثلاثة أوجه و فی الألف ثلاثة أوجه و إن ضربت الثلاثة فی مثلها صارت تسعة أوجه لورش رحمه اللّه و قد قطع فی التیسیر بتمكین سوآت فوجه القصر من الزیادات و قوله و عن كل الموءودة أقصر و موئلا أمر رحمه اللّه بقصر الواو من قوله تعالی: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ [التكویر: 8]، و موئلا بالكهف لكل القراء فورش مخالف لأصله و الباقون علی أصولهم و مراده الواو الأولی من الموءودة لأن فیها واوین فأجمعوا علی ترك المد فی الأولی و أما الواو الثانیة فیها ففیها الأوجه الثلاثة لورش رحمه اللّه و رضی عنه.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 69

باب الهمزتین من كلمة

أی باب حكم الهمزتین المعدودتین فی كلمة واحدة. و الهمزتان فی هذا الباب علی ثلاثة أنواع مفتوحتان أو مفتوحة بعدها مكسورة أو مضمومة فالهمزة الأولی لا تكون إلا مفتوحة و قدم الكلام علی الهمزة الثانیة فقال:
و تسهیل أخری همزتین بكلمةسما و بذات الفتح خلف لتجملا
و قل ألفا عن أهل مصر تبدّلت‌لورش و فی بغداد یروی مسهّلا أخبر رحمه اللّه أن الهمزة الأخیرة من الأنواع الثلاثة تسهیلها بین بین للمشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو ثم قال: و بذات الفتح خلف أی بصاحبة الفتح أی فی الهمزة الثانیة المفتوحة خلاف یعنی التسهیل بین بین و التحقیق للمشار إلیه باللام من قوله لتجملا و هو هشام و نبه بقوله لتجملا علی ما حصل لها من المزیة فی قراءته باستعمال اللغتین و التحقیق له فیها من الزیادات ثم قال و قل ألفا عن أهل مصر تبدلت إلخ. یعنی أن أصحاب ورش اختلفوا عنه فی كیفیة تغییر الهمزة الثانیة ذات الفتح فمنهم من أبدالها ألفا و هم المصریون و منهم من سهلها بین بین و هم البغدادیون فتعین لباقی القراء تحقیق الهمزة الثانیة كالأولی.
توضیح: قد عرف من هذین البیتین من له التحقیق و التغییر فی الثانیة و عرف من قوله بعد: و مدك قبل الفتح و الكسر حجة بها لذ. أن قالون و أبا عمرو و هشاما یمدون بین الهمزتین و أن الباقین لا یفعلون ذلك و إذا اجتمع التحقیق و التغییر إلی المد بین الهمزتین و تركه كان القراء علی مراتب فقالون و أبو عمرو یحققان الأولی و یسهلان الثانیة و یمدان بینهما و ابن كثیر یسهل الثانیة و لا یمد و یحقق الأولی إلا قنبلا فی الأعراف و الملك و ورش له وجهان تحقیق الأولی و إبدال الثانیة ألفا فإن كان بعدها ساكن طول المد لأجله نحو قوله
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 70
تعالی: أَ أَنْذَرْتَهُمْ [یس: 10]، و لیس فی القرآن متحرك بعد الهمزتین فی كلمة سوی موضعین یا وَیْلَتی أَ أَلِدُ [هود: 72]، فی سورة هود و أَ أَمِنْتُمْ مَنْ [الملك: 16]، الوجه الثانی تحقیق الأولی و تسهیل الثانیة من غیر مد بینهما لورش و هشام له وجهان تحقیق الأولی و الثانیة أیضا و تحقیق الأولی و تسهیل الثانیة مع المد فی كلیهما و الكوفیون و ابن ذكوان یحققون الأولی و الثانیة أیضا من غیر مد بینهما و قوله: و فی بغداد، الروایة بإعجام الذال الثانیة و إهمال الأولی و فیها ست لغات بدالین مهملتین و بإعجامهما و بإعجام الأولی و إهمال الثانیة و عكسه و بنون بعد الألف مع إعجام الأولی و إهمالها.
و لما ذكر حكم تسهیل الهمزة الثانیة من الأنواع الثلاثة علی العموم أتبعه حكم ما تخصص و قدم التی فی فصلت فقال:
و حقّقها فی فصّلت صحبةء أعجمیّ و الأولی أسقطنّ لتسهلا بین رحمه اللّه تحقیق الهمزة الثانیة التی هی ذات الفتح و ذلك بعد تحقیق الأولی من أ أعجمی و عربی فی سورة فصلت المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا بهمزتین محققتین ثم أمر بإسقاط الأولی للمشار إلیه باللام فی قوله لتسهلا و هو هشام و قوله فی فصلت (احترز به)، من قوله تعالی: یُلْحِدُونَ إِلَیْهِ أَعْجَمِیٌ [النحل: 103]، بالنحل و لا یرد علیه وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِیًّا [فصلت: 44]، لأنه منصوب و هذا لفظه فی البیت مرفوع و لم یتعرض هنا للمد و القصر لبقاء من قرأ بهمزتین فی ذلك علی ما تقدم فنافع إذا و ابن كثیر و أبو عمرو و شعبة و حمزة و الكسائی یقرءونه كما یقرءون أ أنذرتهم و نحوه و هشام یقرؤه بهمزة واحدة و ابن ذكوان و حفص یسهلان الثانیة و یقصران كما یفعل ابن كثیر و ورش فی أحد وجهیه فمخالفة القاعدة حصلت من جهة ابن ذكوان و هشام و حفص ففیها خمس قراءات و قوله: لتسهل، أی لیسهل اللفظ بإسقاطها یقال: أسهل إذا ركب الطریق السهل.
و همزة إذ هبتم فی الأحقاف شفّعت‌بأخری كما دامت وصالا موصلا أخبر رحمه اللّه أن الهمزة فی أَذْهَبْتُمْ طَیِّباتِكُمْ [الأحقاف: 20] شفعت أی صارت شفعا بزیادة همزة أخری قبلها للمشار إلیهما بالكاف و الدال فی قوله: كما دامت، و هما ابن عامر و ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بالوتر أی بهمزة واحدة و كل منهما علی أصله فابن كثیر یسهل الثانیة من غیر مد بین الهمزتین و ابن عامر، یقرأ لصاحبیه كما یقرأ فی أ أنذرتهم و نحوه فیقرأ لهشام بالتحقیق و التسهیل كلاهما مع المد و یقرأ لابن ذكوان بالتحقیق و القصر ففیهما أربع قراءات و قوله: وصالا موصلا، أی منقولا یوصله بعض القراء إلی بعض.
و فی نون فی أن كان شفّع حمزةو شعبة أیضا و الدّمشقیّ مسهّلا أخبر رحمه اللّه أن حمزة و شعبة و ابن عامر قرءوا فی سورة ن و القلم أَنْ كانَ ذا مالٍ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 71
وَ بَنِینَ [القلم: 14]، بالتشفیع أی بزیادة همزة أخری علی همزة أن كان فتعین للباقین القراءة بهمزة واحدة و حمزة و شعبة فیه علی ما تقدم لهما من القراءة بتحقیق الهمزتین من غیر مد بینهما و نص الدمشقی و هو ابن عامر علی القراءة بالتسهیل فتقرأ لابن ذكوان بتحقیق الأولی و تسهیل الثانیة من غیر مد بینهما و تقرأ لهشام بتحقیق الأولی و تسهیل الثانیة مع المد بینهما ففیها أربع قراءات و قد خالف ابن ذكوان أصله فی التحقیق و تركه لهشام.
و فی آل عمران عن ابن كثیرهم‌یشفّع أن یؤتی إلی ما تسهّلا أخبر رحمه اللّه أن ابن كثیر قرأ بالتشفیع أی بزیادة همزة أخری علی همزة أن من قوله تعالی: أَنْ یُؤْتی أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِیتُمْ [آل عمران: 73]، فتعین للباقین القراءة بهمزة واحدة و قد نص علی التسهیل لابن كثیر فی قوله إلی ما تسهلا فابن كثیر یقرأ بتحقیق الأولی و تسهیل الثانیة من غیر مد بینهما و هذا المعنی مفهوم من قاعدته فی الهمزتین و لكن الناظم تمم به البیت و قوله و فی آل عمران احترز به عن الذی بالمدثر أَنْ یُؤْتی صُحُفاً مُنَشَّرَةً [المدثر: 52].
و طه و فی الأعراف و الشّعرا بهاء آمنتم للكلّ ثالثا أبدلا
و حقّق ثان صحبة و لقنبل‌بإسقاطه الأولی بطه تقبّلا
و فی كلّها حفص و أبدل قنبل‌فی الأعراف منها الواو و الملك موصلا قوله: بها أی بهذه السور الثلاث لفظ آمنتم و كان ینبغی أن یذكر أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ [الزخرف: 58]، هاهنا لمناسبة أ آمنتم فی اجتماع ثلاث همزات فی الأصل لكنه أخره إلی سورته تبعا للتیسیر و أراد قوله تعالی فی سورة طه (أ آمنتم له)، و فی الأعراف (أ آمنتم به)، و فی الشعراء قال (ء آمنتم له)، و أصل هذه الكلمة أ أمن علی وزن أفعل فالهمزة التی هی فاء الفعل ساكنة أبدلت ألفا لسكونها و انفتاح ما قبلها كما أبدلت فی آدم و آزر ثم دخلت علی الكلمة همزة الاستفهام فاجتمع ثلاث همزات فأخبر فی البیت الأول أن الهمز الثالث الذی هو فاء الفعل أبدل للقراء كلهم ألفا ثم أخبر فی البیت الثانی أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة حققوا الهمزة الثانیة بعد تحقیق الأولی علی أصولهم فی تحقیق الهمزتین فتعین للباقین القراءة بالتسهیل بین بین إلا ما سنذكره عن قنبل و حفص، و قوله و لقنبل بإسقاطه الأولی بطه أخبر أن قنبلا أسقط الهمزة الأولی فی سورة طه، و قوله: تقبلا أی قبل الإسقاط ثم قال و فی كلها حفص أخبر أن حفصا أسقط الهمزة الأولی فی كلها أی فی السور الثلاث و من أبدل لورش الهمزة الثانیة فی نحو أ أنذرتهم ألفا أبدلها أیضا هاهنا ألفا ثم حذفها لأجل الألف التی بعدها فتبقی قراءة ورش علی هذا بوزن قراءة حفص بإسقاط الهمزة الأولی فلفظهما متحد و مأخذهما مختلف و لا تصیر قراءة ورش كلفظ قراءة حفص إلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 72
إذا قصر ورش أما إذا قرأ بالتوسط و بالمد فیخالفه و قوله و أبدل قنبل فی الأعراف منها الواو و الملك أخبر أن قنبلا أبدل من الهمزة الأولی واوا فی حال الوصل فی سورة الأعراف و أنه فعل ذلك فی و إلیه النشور و أمنتم فی سورة الملك و قوله موصلا بكسر الصاد حال من قنبل یعنی أن قنبلا إذا وصل أبدلها واوا مفتوحة للضمة التی قبلها فی فرعون و النشور و إذا ابتدأ حقق لزوال الضمة.
توضیح: اعلم أن فی أ أمنتم التی فی الأعراف أربع قراءات:
القراءة الأولی: بتحقیق الهمزة الأولی و تسهیل الثانیة بین بین لنافع و البزی و أبو عمرو و ابن عامر.
القراءة الثانیة: بإسقاط الهمزة الأولی و تحقیق الثانیة لحفص (و یوافقه ورش فی اللفظ فی أحد وجهیه إذا قرأ بالبدل).
القراءة الثالثة: بإبدال الهمزة الأولی واوا مفتوحة و تسهیل الثانیة علی أثرها لقنبل وحده.
القراءة الرابعة: بتحقیق الهمزتین لحمزة و الكسائی و شعبة.
و أما أ أمنتم التی بطه ففیها ثلاث قراءات:
القراءة الأولی: بتحقیق الهمزة الأولی و تسهیل الثانیة لنافع و البزی و أبی عمرو و ابن عامر.
القراءة الثانیة: بإسقاط الهمزة الأولی و تحقیق الثانیة لقنبل و حفص.
القراءة الثالثة: بتحقیق الهمزة الأولی و الثانیة لحمزة و الكسائی و شعبة.
و أما أمنتم التی بالشعراء ففیها أیضا ثلاث قراءات:
القراءة الأولی: بتحقیق الهمزة الأولی و تسهیل الثانیة لنافع و ابن كثیر و أبی عمرو و ابن عامر.
القراءة الثانیة: بإسقاط الهمزة الأولی و تحقیق الثانیة لحفص (و یوافقه ورش فی أحد وجهیه إذا قرأ بالبدل).
القراءة الثالثة: بتحقیق الأولی و الثانیة لحمزة و الكسائی و شعبة.
و قد تقدم أن الجمیع أبدلوا من الهمزة الثالثة ألفا فی الأعراف و طه و الشعراء. فإن قیل: قد تقدم أن مذهب ورش رحمه اللّه فی حرف المد الواقع بعد همز ثابت أو مغیر المد و التوسط و القصر و هذا حرف مد بعد همز مغیر أعنی الألف المبدلة عن الهمزة الثالثة فی لفظ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 73
أ أمنتم المجتمع فیه ثلاث همزات فهل یقرأ له بالأوجه الثلاثة أم لا. قیل: ظاهر كلام الناظم رحمه اللّه اندراجه فی القاعدة لأنه لم یستثنه فیما استثنی منها و أما أ أمنتم التی فی سورة الملك فلیس فیها إلا همزتان فحكمها حكم أ أنذرتهم و شبهه لأنها من باب اجتماع همزتین ففیها إذا ست قراءات:
القراءة الأولی: و تسهیل الثانیة و مدة بینهما لأبی عمرو و قالون و هشام.
القراءة الثانیة: بتحقیق الأولی و تسهیل الثانیة علی أثرها من غیر مد بینهما لورش و یدخل معه البزی فی هذا الوجه.
القراءة الثالثة: بتحقیق الأولی و إبدال الثانیة ألفا لورش أیضا.
القراءة الرابعة: بإبدال الأولی واوا مفتوحة و تسهیل الثانیة علی أثرها من غیر مد بینهما لقنبل وحده.
القراءة الخامسة: بتحقیق الأولی و الثانیة و مدة بینهما لهشام.
القراءة السادسة: بتحقیق الهمزتین من غیر مد بینهما للكوفیین و ابن ذكوان فتأمل ترشد إن شاء اللّه تعالی.
و إن همز وصل بین لام مسكّن‌و همزة الاستفهام فامدده مبدلا
فللكلّ ذا أولی و یقصره الّذی‌یسهّل عن كلّ كالآن مثّلا
و لا مدّ بین الهمزتین هنا و لابحیث ثلاث یتّفقن تنزّلا انتقل إلی الكلام فیما دخلت فیه همزة الاستفهام علی همزة الوصل الداخلة علی لام التعریف و ذلك ستة مواضع لسائر القراء و موضع سابع علی قراءة أبی عمرو وحده فأما الستة التی لسائر القراء قوله تعالی: آلذَّكَرَیْنِ [الأنعام: 143]، و آلآن موضعی یونس و آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ [یونس: 59]، بها أیضا و آلله خیر أما یشركون بالنمل و أما الموضع الذی انفرد به أبو عمرو فی قراءته فهو فی یونس فی قوله تعالی: ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ [یونس: 81]، و قوله: و إن همزة وصل أی و إن وقع همز وصل و قوله بین لام مسكن و همزة الاستفهام. أی بین لام التعریف الساكنة و همزة الاستفهام و قوله فامدده مبدلا. أی فامدد الهمز فی حال إبدالك إیاه ألفا و أراد بالمد المذكور المد الطویل لأجل سكون لام التعریف و قوله: فللكل ذا أولی، أی فلكل السبعة هذا الوجه و هو وجه البدل أولی من وجه التسهیل بین الألف و الهمزة الساكنة، و قوله: و یقصره، الذی یسهل عن كل أی و یقصر الهمزة من أخذ بالتسهیل عن كل السبعة و قوله الآن مثلا بواحدة من الكلم المذكورة و قوله: مثلا أی مثل ذلك و قوله و لا مد بین الهمزتین هنا یعنی فی هذا الذی سهلت فیه همزة الوصل الداخلة علی لام التعریف فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 74
المواضع المذكورة. ثم قال: و لا بحیث ثلاث یتفقن تنزلا یعنی و لا مد أیضا فی موضع یتفق فیه اجتماع ثلاث همزات و هو: أ آمنتم و أ آلهتنا بالزخرف أی لا مد فی النوعین المذكورین لمن مذهبه المد بین الهمزتین نحو أ آنذرتهم و هم قالون و أبو عمرو و هشام كما سیأتی، و معنی تنزلا أی اتفق نزولهن:
و أضرب جمع الهمزتین ثلاثةء أنذرتهم أم لم أ ءنّا أءنزلا أخبر أن اجتماع الهمزتین من كلمة واحدة یأتی فی القرآن علی ثلاثة أضرب مفتوحتان و مفتوحة بعدها مكسورة و مفتوحة بعدها مضمومة و قد بینها بالأمثلة بقوله: أَ أَنْذَرْتَهُمْ [یس: 10]، مثال المفتوحتین و نحوه أَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ [البقرة: 140]، أَ أَسْلَمْتُمْ [آل عمران: 20]، أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ [هود: 72]، و قوله: أم لم تتمة لقوله تعالی أَ أَنْذَرْتَهُمْ [یس: 10] احتاج إلیه لوزن البیت، و قوله: أَ إِنَّا، مثال المفتوحة و بعدها مكسور نحو أَ إِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا [الصافات: 36] أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ [الأنعام: 19] أَئِمَّةً یَهْدُونَ [الأنبیاء: 73] و قوله: أَ أُنْزِلَ [آل عمران: 20] مثال الهمزة المفتوحة و بعدها مضمومة و ذلك ثلاث مواضع. قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ [آل عمران: 15]، بآل عمران أَ أُنْزِلَ عَلَیْهِ [8] بص، أَ أُلْقِیَ الذِّكْرُ [القمر: 25]، و الرابع علی قراءة نافع أَ شَهِدُوا [الزخرف: 19] بالزخرف، ذكر ذلك توطئة لقوله:
و مدّك قبل الفتح و الكسر حجّةبها لذ و قبل الكسر خلف له و لا أخبر رضی اللّه عنه أن المد قبل الفتح و الكسر أی قبل الهمزة الثانیة ذات الفتح أی المفتوحة و ذات الكسر أی المكسورة للمشار إلیهم بالحاء و الباء و اللام فی قوله حجة بها لذ و هم أبو عمرو و قالون و هشام أی یمدون بین الهمزة الثانیة و الأولی و هذا المد لا یكون إلا بقدر الألف و تعین للباقین ترك المد و قوله بها لذ أی لجأ إلیها و تمسك بها و قوله و قبل الكسر خلف له أخبر رحمه اللّه أن فی المد قبل الهمزة الثانیة ذات الكسر أی المكسورة خلافا یعنی المد و تركه للمشار إلیه باللام فی له و هو هشام و الولا مصدر ولی یلی ولاء فهو ولی، و الولی الناصر.
و فی سبعة لا خلف عنه بمریم‌و فی حرفی الأعراف و الشّعرا العلا
أ ءنّك إفكا معا فوق صادهاو فی فصّلت حرف و بالخلف سهّلا أخبر رحمه اللّه أن هشاما یمد فی سبعة مواضع بین الهمزتین بلا خلاف عنه و قد ذكرها معینة فقال بمریم یعنی أَ إِذا ما مِتُ [مریم: 66]، و فی حرفی الأعراف یعنی أئنكم لتأتون، آئن لنا لأجرا و الشعراء آئن لنا لأجرا و قوله العلا جمع صفة السور أی المتقدمة فی الترتیب و النظم علی ما فی قوله أئنك إفكا معا فوق صادها یعنی آئنك لمن المصدقین، آئفكا آلهة الموضعان فی السورة التی فوق صادها. یعنی و الصافات، ثم قال و فی فصلت حرف
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 75
یعنی آئنكم لتكفرون ثم قال و بالخلف سهلا أی جاء عن هشام فی حرف فصلت وجهان أحدهما التسهیل و لم یذكر فی التیسیر غیره و الثانی التحقیق و هو من زیادات القصید. و اعلم أن هشاما لم یسهل من المكسورة بعد المفتوحة غیر حرف فصلت.
توضیح: قد تقدم فی أول الباب أن نافعا رضی اللّه عنه و ابن كثیر و أبا عمرو یسهلون الثانیة من هذا النوع أیضا فتعین للباقین التحقیق و إذا اجتمع التحقیق و التسهیل إلی المد بین الهمزتین و تركه كان القراء علی مراتب. منهم من یسهل الثانیة و یمد ما قبلها قولا واحدا و هما قالون و أبو عمرو، و منهم من یسهل الثانیة و لا یمد ما قبلها قولا واحدا و هما ورش و ابن كثیر، و منهم من یحققها و لا یمد قبلها قولا واحدا و هم الكوفیون و ابن ذكوان، و منهم من یفرق بین المواضع فیقرأ ما عدا السبعة المذكورة بالمد و تركه كلاهما مع التحقیق و یقرأ فی حرف فصلت بالتحقیق و التسهیل كلاهما مع إدخال المد و یقرأ فی الستة المذكورة قبله فی هذین البیتین بالتحقیق و المد فقط و هو هشام ثم أفرده فقال:
و آئمّة بالخلف قد مدّ وحده‌و سهّل سما وصفا و فی النّجو أبدلا أخبر رحمه اللّه أن هشاما انفرد بالمد بین الهمزتین فی لفظ أئمة حیث وقع بخلاف عنه فی ذلك فتعین للباقین ترك المد و أئمة لا یتزن به البیت إلا علی قراءة هشام و الهاء فی وحده ضمیر هشام، و قوله و سهل سما وصفا أمر بتسهیل الهمزة الثانیة للمشار إلیهما بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین التحقیق و نبه بسموّ وصف التسهیل علی حسنه و اشتهاره، و قوله و فی النحو أبدلا إخبار بمذهب بعض النحویین فی هذه الهمزة فإنهم یبدلونها یاء نص علی ذلك أبو علی فی الحجة و الزمخشری فی مفصله و وافقهم بعض القراء و قرءوا بیاء مكسورة و نصوا علیه فی كتبهم و اختار الزمخشری مذهب القراء و نص علیه فی تفسیره فحصل من الكتابین مجموع الأمرین و قال الدانی بهمزة و یاء مختلسة الكسر. قلت یرید التسهیل و أما البدل فمن الزیادات.
توضیح: اعلم أن فی لفظ أئمة أربع قراءات لنافع و ابن كثیر و أبی عمرو و قراءتان التسهیل و البدل من غیر مد و لهشام وجهان تحقیق الهمزتین مع المد بینهما و تركه، و للكوفیین و ابن ذكوان تحقیق الهمزتین من غیر مد بینهما كأحد وجهی هشام.
و مدّك قبل الضّمّ لبّی حبیبه‌بخلفهما برّا و جاء لیفصلا
و فی آل عمران رووا لهشامهم‌كحفص و فی الباقی كقالون و اعتلا لما فرغ رحمه اللّه من الهمزة المفتوحة و المكسورة شرع یذكر المضمومة و قد تقدم أنها فی قوله تعالی: أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَیْرٍ و أَ أُنْزِلَ و أَ أُلْقِیَ، فأخبر أن المد بین الهمزتین فی هذا النوع للمشار إلیهما باللام و الحاء فی قوله لبی حبیبه و هما هشام و أبو عمرو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 76
بخلاف عنهما و للمشار إلیه بالباء فی قوله برا و هو قالون المد بلا خلاف فتعین للباقین القصر و معنی لبی حبیبه برا و جاء، یعنی أن القارئ المتصف بالبر لما أحب المد دعاه فلباه و جاء لیفصل بین الهمزتین، و البر و البار بمعنی واحد و هو ضدّ العاق المخالف، و قوله و فی آل عمران رووا لهشامهم كحفص أخبر أن هشاما قرأ أقل أؤنبئكم بآل عمران كقراءة حفص، و قد علم أن مذهب حفص یحقق الهمزتین من غیر مد بینهما لأن مراده بحفص حفص عاصم و قوله و فی الباقی أی و فی باقی الثلاثة و هو أ أنزل علیه فی ص و أ ألقی بالقمر كقالون أی قرأهما هشام كقالون و قد علم أن مذهب قالون المد بین الهمزتین مع تسهیل الثانیة منهما، و قوله و اعتلا أی علی هذا الوجه الثالث یعنی التفصیل.
توضیح: اعلم أن الرواة اختلفوا عن هشام فمنهم من نقل عنه المد فی المواضع الثلاثة بغیر خلاف مع تحقیق الهمزتین و منهم من نقل عنه فی المواضع الثلاثة ترك المدّ بغیر خلاف مع تحقیق الهمزتین و هذا الوجه من الزیادات فاتفق الناقلان علی تحقیق الهمزتین لكن ما وقع عنهما الخلاف إلا فی المد و أما الناقل الثالث الذی ذكره الناظم فی البیت الثانی فإنه نقل عن هشام التفصیل فی المواضع الثلاثة كما تقدم فحصل لهشام فی آل عمران قراءتان تحقیق الهمزتین مع المد و تركه و له فی ص و القمر ثلاث قراءات تحقیق الهمزتین مع المد و تركه أیضا من الناقلین الأولین و تحقیق الأولی و تسهیل الثانیة و المد بینهما من هذا الناقل الثالث المفصل. و أما باقی القراء فهم فی المواضع الثلاثة علی مراتب منهم من حقق الأولی و سهل الثانیة و مد بینهما قولا واحدا و هو قالون و منهم من حقق الأولی و سهل الثانیة من غیر مد بینهما قولا واحدا و هما ورش و ابن كثیر و منهم من حقق الأولی و سهل الثانیة و له المد بینهما و تركه و هو أبو عمرو غیر أن المد له فی المواضع الثلاثة من الزیادات، و منهم من له تحقیق الهمزتین من غیر مد بینهما و هو الكوفیون و ابن ذكوان.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 77

باب الهمزتین من كلمتین‌

أی هذا باب حكم الهمزتین المجتمعتین فی كلمتین و هما علی ضربین متفقتین و مختلفتین فأما المتفقتان فعلی ثلاثة أنواع مفتوحتین و مكسورتین و مضمومتین، و أما المختلفتان فعلی خمسة أضرب كما سیأتی، و قدم رحمه اللّه الكلام علی المتفقتین فقال:
و أسقط الأولی فی اتفاقهما معاإذا كانتا من كلمتین فتی العلا و أسقط أی حذف الأولی أی الهمزة الأولی و لا یتزن البیت إلا بالنقل، و قوله: فی اتفاقهما أی فی الحركة مثل كونهما مفتوحتین أو مكسورتین أو مضمومتین و قوله معا شرط أن تكون الأولی تلی الثانیة لأن معا تدل علی ذلك، و قوله: إذا كانتا أی إذا حصلتا من كلمتین أی حذف أبو عمرو بن العلاء الهمزة الأولی من همزتی القطع المتفقتین فی الحركة إذا تلاصقتا بأن تكون الهمزة الأولی فی آخر كلمة و الهمزة الثانیة فی أول كلمة أخری و لیس بینهما حاجز فإن وقع بینهما حاجز فاتفق القراء كلهم علی تحقیقهما نحو السوأی أن كذبوا [الروم: 10]، فمن غیر همزة السوأی لأجل اجتماع الهمزتین فقد أخطأ و كذلك كل ما جاء من نحو هذا.
تنبیه: اعلم أن أهل الأداء عبروا عن قراءة أبی عمرو بإسقاط الهمزة. فمنهم من یری أن الساقطة هی الأولی كالناظم و منهم من یجعل الساقطة هی الثانیة، و من فوائد هذا الخلاف ما یظهر فی نحو جاء أمرنا من حكم المد فإن قیل الساقطة هی الأولی كان المد فیه من قبیل المنفصل و إن قیل هی الثانیة كان المد فیه من قبیل المتصل لا غیر. ثم ذكر الأمثلة فقال:
كجاء أمرنا من السّما إن أولیاأولئك أنواع اتّفاق تجمّلا كجاء أمرنا مثال المفتوحتین من السماء إن مثال المكسورتین أولیاء أولئك مثال المضمومتین و لیس فی القرآن غیرهما و قوله أنواع اتفاق أی هذه الأمثلة فیها أنواع المتفقتین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 78
من كلمتین و تجملا معناه تجمعا أو تحسن و لفظ بالأمثلة الثلاثة علی قراءة أبی عمرو لأجل الوزن. و اعلم أن الآتی فی القرآن من المفتوحتین تسعة و عشرون موضعا و هی: السفهاء أموالكم فی النساء أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ [المائدة: 6] و جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ [الأنعام: 61] و تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ [الأعراف: 47] و فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [الأعراف:
34] و فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ [المؤمنون: 27] و جاءَ أَمْرُنا نَجَّیْنا هُوداً [هود: 58] و جاءَ أَمْرُنا نَجَّیْنا صالِحاً [هود: 66] و قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ [هود: 76] و جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا [هود: 82] و جاءَ أَمْرُنا نَجَّیْنا شُعَیْباً [هود: 94] و لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ [هود:
101]، سبعة فی هود: جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ [هود: 171] و إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [یونس: 49]، فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ [الحجر: 61]، وَ جاءَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ [الحجر: 67]، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [النحل: 61]، السَّماءَ أَنْ تَقَعَ [الحج: 82] و جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ [المؤمنون:
27] و إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِ [المؤمنون: 99] و إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ یَتَّخِذَ [الفرقان:
57] و إِنْ شاءَ أَوْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ [الأحزاب: 24] و فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [فاطر: 45] و فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ [غافر: 78] و فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها [محمد: 18] فی القتال إِذا جاءَ أَجَلُها [المنافقون: 11] و جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ [القمر: 41] و جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ [الحدید: 14] و شاءَ أَنْشَرَهُ [عبس: 22]، و من المكسورتین خمسة عشر موضعا عند الجماعة و سبعة عشر عند ورش لزیادة وهبت نفسها للنبی إن و لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا [الأحزاب: 53]، و ستة عشر عند حمزة لزیادة من الشهداء أن تضل و هی بأسماء هؤلاء إن كنتم من النساء إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ [النساء: 22] و إِلَّا ما مَلَكَتْ [النساء: 24] و مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ [هود: 71] و لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [یوسف: 53] و ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا [الإسراء: 102] و عَلَی الْبِغاءِ [النور: 33] إن من السماء إن كنت من السماء إلی الأرض: وَ لا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَ [الأحزاب: 55]، من النساء أن اتقین من السماء إن هؤلاء إیاكم هؤُلاءِ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً [ص: 15] و هُوَ الَّذِی فِی السَّماءِ إِلهٌ [الزخرف:
84]، و قد ذكرت هذه المواضع لئلا تلتبس علی المبتدی بهمز الوصل نحو فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ [النبأ: 39]، فالهمزة فی شاء همزة قطع و ألف اتخذ ألف وصل أسقط فی الدرج و مثله: الْماءَ اهْتَزَّتْ [الحج: 5]، فالهمزة فی الماء همزة قطع و ألف اهتزت ألف وصل و الألف التی تصحب لام التعریف نحو جاءَ الْحَقُ [الإسراء: 81]، فالهمزة فی جاء همزة قطع و ألف الحق ألف وصل.
و قالون و البزّیّ فی الفتح وافقاو فی غیره كالیا و كالواو سهّلا
و بالسّوء إلّا أبدلا ثمّ أدغماو فیه خلاف عنهما لیس مقفلا أخبر رحمه اللّه أن قالون و البزی وافقا أبا عمرو فی إسقاط الهمزة الأولی من المفتوحین ثم قال و فی غیره أی فی غیر الفتح أی الذی فی غیر الفتح و هو الكسر و الضم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 79
یعنی أن قالون و البزی سهلا الهمزة الأولی من المتفقتین بالكسر فجعلاها كالیاء أی بین الهمزة و الیاء و سهلا الهمزة الأولی من المتفقتین بالضم فجعلاها كالواو أی بین الهمزة و الواو و قد تقدم أنه «أولیاء أولئك»، لا غیر و قوله: و بالسوء إلا أبدلا ثم أدغما أخبر أن قالون و البزی أبدلا الهمزة الأولی من بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّی [یوسف: 53]، واوا ثم أدغما الواو الساكنة التی قبلها فیها فصارت واوا واحدة مشددة مكسورة بعدها همزة محققة، و هی همزة إلا و قوله و فیه خلاف عنهما أی و فی تخفیف همزة السوء إلا خلاف عن قالون و البزی یعنی أن فیه ما ذكر من الإبدال و الإدغام و وجه آخر و هو تسهیل الأولی بین الهمزة و الیاء و تحقیق الثانیة علی أصلها فی المكسورتین، و قوله لیس مغفلا أی لیس مقلقا و لا مشكلا لكون صاحب التیسیر ما ذكره و ذكر البدل و الإدغام فالتسهیل من الزیادات. ثم انتقل إلی الهمزة الثانیة فقال:
و الأخری كمدّ عند ورش و قنبل‌و قد قیل محض المد عنها تبدّلا مذهب أبی عمرو و قالون و البزی كان متعلقا بالهمزة الأولی و مذهب ورش و قنبل متعلق بالهمزة الثانیة و هی المرادة بقوله و الأخری أی الهمزة الأخیرة، یعنی أن ورشا و قنبلا أوقعا التغییر فی الهمزة الأخیرة من المتفقتین فی الأنواع الثلاثة، و عنهما فی تغییرها وجهان فروی عنهما أنهما جعلا الثانیة من المفتوحتین بین الهمزة و الألف و الثانیة من المكسورتین بین الهمزة و الیاء الساكنة و الثانیة من المضمومتین بین الهمزة و الواو الساكنة و إلی ذلك أشار بقوله كمد لأنها تصیر فی اللفظ كذلك و هذا هو المذكور فی التیسیر فقط و روی عنهما أنهما جعلا الثانیة من المفتوحتین ألفا و الثانیة من المكسورتین یاء ساكنة و الثانیة من المضمومتین واوا ساكنة و هذا من الزیادات و إلیه أشار بقوله: و قد قیل محض المد عنها تبدلا. و هذا الوجه یسمی البدل و الوجه الأول هو الذی فی التیسیر یسمی التسهیل و هو القیاس.
تنبیه: إن كان ما بعد الهمزة الثانیة متحركا فلا إشكال و إن كان ساكنا غیر حرف مد فعلی البدل یزاد مد الحجز نحو جاءَ أَمْرُنا [هود: 40] و مِنَ النِّساءِ إِلَّا [النساء:
24]، و إن كان حرف مد نحو جا آل فعلی التسهیل تجری وجوه ورش رحمه اللّه فی الألف الثانیة فیقرأ له: جاءَ آلَ لُوطٍ [الحجر: 61] بألف طویلة و بعدها محققة بعدها مسهلة و بعدها ألف مقصورة و متوسطة و مطولة و لقنبل ألف ممكنة بعدها محققة بعدها مسهلة بعدها ألف مقصورة و علی البدل لورش ألف مطولة بعدها محققة بعدها ألف مقصورة و متوسطة و مطولة و لقنبل ألف ممكنة بعدها محققة بعدها ألف مقصورة. ثم أفرد ورشا بوجه فقال:
و فی هؤلاء إن و البغا إن لورشهم‌بیاء خفیف الكسر بعضهم تلا أخبر أن بعض أهل الأداء رووا أن ورشا قرأ بالبقرة: هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ [البقرة: 31] و عَلَی الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً [النور: 33]، بوجه ثالث بإبدال الهمزة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 80
الثانیة یاء خفیفة الكسر أی مختلسة الكسر و هذا الوجه مختص بورش فی هذین الموضعین لا غیر و له و لقنبل الوجهان السابقان فی هذین الموضعین و غیرهما:
توضیح: قد تقدم أن أبا عمرو حذف الأول فی الأنواع الثلاثة و قالون و البزی حذفا أولی المفتوحتین و سهلا أولی المضمومتین و المكسورتین و زاد أوجه البدل فی بالسوء إلا ما و ورش و قنبل بتسهیل الأخری و إبدالها مدا فی الأنواع الثلاثة، و زاد ورش إبدالها یاء مختلسة فی «هؤلاء إن، و البغاء إن» و الباقون بتحقیق الهمزتین فی الأنواع الثلاثة. ثم ذكر حكما یتعلق بتغیر الهمز فقال:
و إن حرف مدّ قبل همز مغیّریجز قصره و المدّ ما زال أعدلا ذكر رحمه اللّه فی هذا البیت قاعدة كلیة لكل القراء فأخبر أن حرف المد إذا وقع قبل همز مغیر قد غیر بالتسهیل أو الحذف ففیه وجهان: أحدهما القصر، و الثانی: المد، و رجحه بقوله و المد ما زال أعدلا أی أرجح من القصر؛ فمثال ما جاء قبل المسهل من ذلك من السماء إن أولیاء أولئك فی قراءة قالون و البزی و إسرائیل و الملائكة فی وقف حمزة و هشام و ها أنتم فی قراءة أبی عمرو و موافقیه علی رأی الناظم، و مثال ما جاء قبل المحذوف منه جاء أمرنا فی قراءة البزی و السوسی و فی قراءة قالون و الدوری عند من أخذ لهما بالقصر فی المنفصل.
توضیح: إذا سهلت الأولی من نحو هؤلاء إن فلقالون و البزی وجهان القصر و المد، و لحمزة فی نحو إسرائیل و الملائكة و جاءهم الوجهان القصر و المد مع التسهیل و إذا حذفت نحو جاءَ أَجَلُهُمْ [الأعراف: 34]، فالوجهان لأبی عمرو و قالون و البزی: و اعلم، أن هذا عام فی كل حرف مد قبل همز مغیر فیندرج فیه ألف الفصل بین الهمزتین لأنها حرف مد قبل همز مغیر عند من یغیر الهمزة الثانیة. و حكی أن ابن الحاجب المالكی رحمه اللّه وقع بینه و بین السخاوی خلاف فی ألف الفصل فكان ابن الحاجب یقول بالمد من غیر نقل ثم عادا و اطلعا علی النقل فیها فوجدا فیها خلافا. ثم انتقل إلی المختلفتین فقال:
و تسهیل الأخری فی اختلافهما سماتفی‌ء إلی مع جاء أمّة أنزلا أخبر رحمه اللّه أن المشار إلیهم بقوله سما، و هم: نافع و ابن كثیر و أبو عمرو یسهلون الهمزة الأخیرة من الهمزتین فی الكلمتین إذا اختلفتا فی الحركة و أراد بالتسهیل مطلق التغییر علی ما سیأتی. و اعلم أن الهمزة الأولی محققة لكل القراء و الثانیة مختلف فیها و إذا تعین لنافع و ابن كثیر و أبی عمرو فیها التغییر تعین لغیرهم التحقیق و اختلافهما علی خمسة أنواع و القسمة العقلیة تقتضی ستة إلا أن النوع السادس لم یوجد فی القرآن فلذلك لم یذكره أما الخمسة الموجودة فی القرآن فهی أن تكون الأولی مفتوحة و الثانیة مكسورة أو مضمومة و أن تكون الثانیة مفتوحة و الأولی مضمومة أو مكسورة فهذه أربعة أنواع و سیأتی النوع الخامس
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 81
فی قوله: یشاء إلی كالیاء أقیس معدلا، و النوع السادس الساقط من القرآن هی أن تكون الأولی مكسورة و الثانیة مضمومة نحو علی الماء أمم فذكر فی هذا البیت النوعین الأولین من الخمسة فقوله تفی‌ء إلی مثال الهمزة المكسورة بعد المفتوحة نحو تَفِی‌ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات: 9]، شهداء إذ حضر، و الْبَغْضاءَ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ [المائدة: 14]، و النوع الثانی مفتوحة بعدها مضمومة و هو جاءَ أُمَّةً رَسُولُها [المؤمنون: 44]، بقد أفلح، و لیس فی القرآن من هذا النوع غیره و معنی أنزلا أی أنزل ذلك و لا یتزن البیت إلا بنقل حركة الهمزة إلی الساكن فی قوله و تسهیل الأخری و فی قوله أمة أنزلا.
نشاء أصبنا و السّماء أو ائتنافنوعان قل كالیا و كالواو سهّلا و هذان نوعان علی العكس مما تقدم و هما مضمومة بعدها مفتوحة نحو قوله تعالی:
نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ [الأعراف: 100] و یا سَماءُ أَقْلِعِی [هود: 44]، و مكسورة بعدها مفتوحة نحو قوله: مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِیمٍ [الأنفال: 32] و مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ [البقرة: 235] أو هؤُلاءِ أَهْدی [النساء: 51]، ثم بین ذكر كیفیة التسهیل فی النوعین الأولین فقال فنوعان قل كالیا و كالواو یعنی أن الهمزة الثانیة المكسورة من قوله:
تفی‌ء إلی و نحوه تسهل كالیاء أی بین الهمزة و الیاء و أن الهمزة المضمومة من جاءَ أُمَّةً [المؤمنون: 44]، تسهل كالواو أی بین الهمزة و الواو. ثم ذكر حكم النوعین الأخیرین فقال:
و نوعان منها أبدلا منهما و قل‌یشاء إلی كالیاء أقیس معدلا یعنی و نوعان من الأنواع الأربعة أبدلا أی أبدل الواو و الیاء منهما أی من همزتهما یعنی أن الهمزة الثانیة المفتوحة فی نَشاءُ أَصَبْناهُمْ [الأعراف: 100]، و نحوه أبدلت واوا و أن الهمزة الثانیة المفتوحة مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا [الأنفال: 32]، و نحوه أبدلت یاء. و لما انقضی كلامه فی حكم الأنواع الأربعة شرع فی ذكر النوع الخامس فقال و قل یشاء إلی و هو ما وقع فیه همزة مضمومة بعدها مكسورة نحو قوله تعالی: یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ [یونس: 25]، و الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا [البقرة: 282]، یا أَیُّهَا الْمَلَأُ إِنِّی [یوسف: 43]، و قوله كالیاء أقیس معدلا یعنی أن الهمزة الثانیة المكسورة فی یشاء إلی و نحوه تسهل كالیاء أی أن «الهمزة و الیاء» و هو القیاس فی تسهیلها و نبه علی ذلك بقوله أقیس معدلا: أی أقیس عدولا؛ یعنی أن عدوله إلی التسهیل بین «الهمزة و الیاء»، أقیس من عدوله إلی البدل و من عدوله إلی التسهیل بین «الهمزة و الواو». ثم ذكر مذاهب القراء فقال:
و عن أكثر القرّاء تبدل واوهاو كلّ بهمز الكلّ یبدا مفصّلا أخبر رحمه اللّه أن أكثر القراء أبدلوا من الهمزة الثانیة واوا فی «یشاء إلی»، و نحوه و من القراء من یجعلها بین «الهمزة و الواو» فحصل فی تخفیف الهمزة الثانیة المكسورة بعد
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 82
المضمومة ثلاثة أوجه التسهیل بین «الهمزة و الیاء» و إبدالها «واوا» و الثالث تسهیلها بین «الهمزة و الواو» و لم یذكر هذا الوجه فی التیسیر و هو مذهب القلیل من القراء و قد تم الكلام فی الهمزتین المختلفتین فعلم ما لنافع و ابن كثیر و أبی عمرو من التغییر علی اختلاف أنواعه.
و علم أن للباقین و هم الكوفیون و ابن عامر التحقیق فی الأنواع الخمسة و قوله: «و كل بهمز الكل یبدأ مفصلا». أی كلّ من سهل «الهمزة الثانیة»، من المتفقتین أو المختلفتین إنما ذلك فی حال وصلها بالكلمة قبلها. فأما إذا وقف علی الكلمة الأولی، فقد انفصلت «الهمزتان»، فإذا ابتدأ بالثانیة حققها؛ و معنی مفصلا، مبینا لما هو أصلها من الهمز.
و الإبدال محض و المسهل بین ماهو الهمز و الحرف الذی منه أشكلا بیّن رحمه اللّه بهذا البیت حقیقة الإبدال و التسهیل، فأخبر أن الإبدال محض أی تبدل «الهمزة» حرف مد محض لیس یبقی منه شائبة من لفظ الهمز فتكون «ألفا أو واوا أو یاء ساكنین أو متحركین». و التسهیل أن تجعل بین الهمزة و الحرف الذی تولدت منه حركة الهمزة فتسهل الهمزة المفتوحة، بین «الهمزة و الألف»، و المضمومة بین «الهمزة و الواو» و المكسورة، بین «الهمزة و الیاء» هذا معنی قوله منه أشكلا. قال الجوهری: شكلت الكتاب أی قیدته بالإعراب. و أشكلته أزلت إشكاله.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 83

باب الهمز المفرد

یعنی بالمفرد الذی لم یجتمع مع همز آخر بخلاف البابین المتقدمین فقال:
إذا سكنت فاء من الفعل همزةفورش یریها حرف مدّ مبدلا أخبر أن الهمزة إذا سكنت و كانت «فاء من الفعل» فإنّ ورشا یبدلها حرف «مدّ و لین»، و لا یبدلها إلا بهذین الشرطین. أحدهما: «كونها ساكنة»، و الثانی: كونها «فاء الكلمة»، فیبدلها علی قاعدة الإبدال فیما سكن من «الهمز»، فإنه یبدل بعد الفتحة «ألفا»، و بعد الكسرة «یاء» و بعد الضمة «واوا». و فاء الفعل عبارة عما یقابل «الفاء»، بما جعل معیارا لمعرفة الأصلی و الزائد من لفظ الفعل و تعرف «الهمزة» التی هی فاء الفعل بثلاثة أشیاء.
أحدها أن یقال كل ما كان وقوعه بعد همزة وصل فهو فاء الفعل نحو «ائت و أمر و ائتمن و ائتمروا»، أ لا تری أن أوزانها أفعل و أفعل و افتعل و افتعلوا. و الثانی: أن یقال كل ما كان ساكنا بعد میم فی اسم الفاعل أو المفعول فهو فاء الفعل نحو «المؤمنون و المؤمنین و مأمون و مأكول»، أ لا تری أن أوزانها المفعلون و المفعلین و مفعول. الثالث: أن كل ما كان منه بعد حرف المضارعة فهو فاء الفعل نحو، «یؤمن و تألمون و یألمون»، أ لا تری أن أوزانها «یفعل و تفعلون و یفعلون» و تقریبه علی المبتدئ أن كل همزة ساكنة بعد همزة وصل أو تاء أو یاء أو نون أو واو أو فاء أو میم فإنها همزة فاء الفعل ثم استثنی فقال:
سوی جملة الإیواء و الواو عنه إن‌تفتّح إثر الضّمّ نحو مؤجّلا أی استثنی ورش من الهمز الساكن الذی هو فاء الفعل جمیع ما وقع من لفظ الإیواء نحو «تؤوی و تؤویه و المأوی و مأواهم و مأواكم و فأووا إلی الكهف» فقرأه بالهمزة و لم یبدله؛ ثم استأنف كلاما آخر بقوله و الواو عنه أی عن ورش إن تفتح یعنی الهمز الذی هو فاء الفعل أثر الضم أی بعد الضم نحو مؤجلا، مثال ما وجد فیه ذلك یعنی أن الهمز الذی وجد فیه ما ذكر من الشروط الثلاثة الانفتاح و كونه فاء الكلمة و كونه بعد الضم فإن ورشا یبدله واوا نحو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 84
یؤاخذ یؤلف و یؤخر و مؤذن و مؤجلا فإن لم یجتمع فیه الشروط الثلاثة حققه و لم یبدله نحو وَ لا یَؤُدُهُ [البقرة: 255] و تَؤُزُّهُمْ [مریم: 83] و وَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسی [القصص: 10] و ظَلَمَكَ بِسُؤالِ [ص: 24] و تأذن، و ما تأخر، أ لا تری أن المثالین الأولین و إن كانت الهمزة فیهما فاء الفعل فإنها مضمومة و ما قبلها مفتوحة و أن المثالین الثانیین و إن كانت الهمزة فیهما مفتوحة و ما قبلهما مضموم فلیست بفاء الفعل و أن المثالین الثالثین و إن كانت الهمزة فیهما فاء الفعل و هی المفتوحة فإن ما قبلها غیر مضموم:
و یبدل للسّوسیّ كلّ مسكّن‌من الهمز مدّا غیر مجزوم اهملا أخبر عفا اللّه عنه أن السوسی أبدل له كل مسكن أی كل همز ساكنة علی قاعدة الإبدال كما تقدم سواء كانت فاء أو عینا أو لاما مثال الفاء نحو ما تقدم لورش و مثال العین نحو البأس و الرأس و بئر و بئس و ما تصرف من ذلك و مثال اللام نحو قوله تعالی: فَادَّارَأْتُمْ [البقرة: 72] و جئت و شِئْتَ [الأعراف: 155]، و ما تصرف من ذلك، و قوله غیر مجزوم أهملا استثناء یعنی أن السوسی یبدل له الهمز الساكن إلا المجزوم منه فإنه أهمل من البدل فبقی محققا علی أصله. ثم ذكر المجزوم منه فقال:
تسؤ و نشأ ستّ و عشر یشأ و مع‌یهیّئ و ننسأها ینبّأ تكمّلا اعلم أن هذا المستثنی علی خمسة أنواع: الأول ما سكونه علامة للجزم و هو جمیع المذكور فی هذا البیت. و النوع الثانی ما سكونه علامة للبناء. و الثالث ما همزه أخف من إبداله. و النوع الرابع ما ترك همزة یلبسه بغیره. و الخامس ما یخرجه الإبدال من لغة إلی لغة أخری وعد فی هذا البیت الكلم المجزوم و هی تسع عشر كلمة فمنها تسؤ فی ثلاثة مواضع تسؤهم فی آل عمران و التوبة و تسؤكم بالمائدة و منها نشأ فی ثلاثة مواضع إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِمْ [الشعراء: 4]، و إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ [سبأ: 9] و إِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ [یس:
43] و منها یشأ فی عشرة مواضع إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ [النساء: 133]، [الأنعام: 133]، [إبراهیم: 19]، [فاطر: 16]، مَنْ یَشَأِ اللَّهُ یُضْلِلْهُ وَ مَنْ یَشَأْ یَجْعَلْهُ [الأنعام: 39]، إِنْ یَشَأْ یَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ یَشَأْ یُعَذِّبْكُمْ [الإسراء: 54] و فَإِنْ یَشَإِ اللَّهُ یَخْتِمْ [الشوری: 24] و إِنْ یَشَأْ یُسْكِنِ الرِّیحَ [الشوری: 33]، و بالشوری و عد فی جملتها مكسورتین فی الوصل لالتقاء الساكنین و هما: من یشأ اللّه یضلله و قوله: فَإِنْ یَشَإِ اللَّهُ یَخْتِمْ [الشوری:
24] و الجزم فیهما یظهر فی الوقف و منها یهیئ فی الكهف و ننسأ بالبقرة و ینبأ بالنجم فالهمزة فی جمیع ذلك ساكنة للجزم و قوله: تكملا أی تكمل المجزوم الذی لا یبدله السوسی. و أما قوله تعالی: وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها [الإسراء: 7]، فالسوسی یبدل همزه و لیس من المستثنی لأن سكون الهمز فیه لأجل ضمیر الفاعل لا للجزم.
و هیّئ و أنبئهم و نبّئ بأربع‌و أرجئ معا و اقرأ ثلاثا فحصّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 85
ذكر فی هذا البیت النوع الثانی و هو ما سكونه علامة للبناء أی و استثنی لأبی عمرو هذه الكلمات المذكورة أیضا، و هی إحدی عشرة كلمة و جمیعها مبنی علی السكون و هی: هیئ لنا بالكهف و أنبئهم بأسمائهم بالبقرة و قوله و نبی‌ء بأربع أی فی أربع كلمات نبئنا بتأویله بیوسف و نبی‌ء عبادی و نبئهم عن ضیف إبراهیم كلاهما بالحجر و نبئهم أن الماء قسمة بالقمر و أرجئ معا أی فی موضعین أرجئه و أخاه و أرسل فی الأعراف و أرجئه و أخاه و ابعث فی الشعراء و اقرأ ثلاثا أی فی ثلاث مواضع أولها فی الإسراء اقرأ كتابك و الثانی و الثالث بالعلق اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] و اقْرَأْ وَ رَبُّكَ [العلق: 3]، فجمیع هذا یقرأ لأبی عمرو بتحقیق الهمزة و إبقائه علی حاله و لیست الفاء من قوله فحصلا رمزا أی فحصل العلم.
و تؤوی و تؤویه أخفّ بهمزه‌و رئیا بترك الهمز یشبه الامتلا ذكر فی هذا البیت النوع الثالث و الرابع، فأخبر أن تُؤْوِی إِلَیْكَ مَنْ تَشاءُ [الأحزاب:
51] وَ فَصِیلَتِهِ الَّتِی تُؤْوِیهِ [المعارج: 13]، مما استثنی لأبی عمرو أیضا فهمزه علی الأصل و لم یخفف بالإبدال و ذكر أن علة استثنائه فیه كونه بالهمز أخف من الابدال، ثم أخبر أن رئیا مستثنی له أیضا فهمزه علی الأصل و لم یخفف بالإبدال و ذكر أن علة استثنائه ما یؤدی إلیه الإبدال من التباس المعنی و اشتباهه و ذلك أنه لو أبدل الهمزة یاء لوجب إدغامها فی الیاء التی بعدها كما قرأ قالون و ابن ذكوان فكان یشبه لفظ الری و هو الامتلاء بالماء، و رئیا بالهمز من الرؤیة و هو ما رأته العین من حالة حسنة و كسوة ظاهرة و بترك الهمز یحتمل المعنیین فترك أبو عمرو إبداله لذلك:
و مؤصدة أوصدت یشبه كلّه‌تخیّره أهل الأداء معلّلا ذكر فی هذا البیت النوع الخامس و أخبر أن عَلَیْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ [البلد: 20]، و إِنَّها عَلَیْهِمْ مُؤْصَدَةٌ [الهمزة: 8]، بالهمزة مما استثنی لأبی عمرو أیضا فهمز علی الأصل و لم یخفف بالإبدال. و اختلف أهل العربیة فی اشتقاقه فذهب قوم و أبو عمرو منهم إلی أن أصله أأصدت أی أطبقت فله أصل فی الهمزة و قال آخرون هو من أوصدت و لا أصل له فی الهمز فاختار أبو عمرو همزه لئلا یتوهم أنه قرأ بلغة أوصدت كما یقرأ غیره و لیس هو عنده كذلك فلهذا قال الناظم أوصدت یشبه أی موصدة بترك الهمز یشبه لغة أوصدت ثم قال كله أی كل هذا المستثنی تخیره المشایخ و أهل الأداء القراءة كابن مجاهد و من وافقه كانوا یختارون تحقیق الهمزة فی ذلك كله معللا بهذه العلل المذكورة.
تنبیه: المراد أكثر أهل الأداء و معنی اختیار أهل الأداء یعنی اختیار ابن مجاهد أنه قد روی عن أبی عمرو تحقیق الهمز الساكن مطلقا و روی عنه تخفیفه مقیدا فاختار ابن مجاهد و حذاق الناقلین روایة التقیید علی الإطلاق لا أنهم قرءوه برأیهم كما توهم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 86 و بارئكم بالهمز حال سكونه‌و قال ابن غلبون بیاء تبدّلا أخبر رحمه اللّه أن بارئكم قرأ للسوسی فی موضعی البقرة بالهمز الساكن علی الأصل و قوله حال سكونه فیه تنبیه علی قراءته إیاه بالسكون كما سیأتی فی قوله و إسكان بارئكم و بذلك دخل فی هذا الباب فكأنه قال استثنی له بارئكم فی حال كونه ساكنا فی قراءته ثم أخبر أن أبا الحسن طاهر بن غلبون روی البدل قال فی تذكرته و كذا السوسی أیضا بترك همز بارئكم فی الموضعین. قلت حصل للسوسی وجهان: أحدهما بهمزة ساكنة و هو زائد علی التیسیر، و الثانی: إبدالها یاء ساكنة فجملة المستثنی عند الناظم اتفاقا و اختلافا سبعة و ثلاثون موضعا و عند صاحب التیسیر خمسة و ثلاثون لإخراجه موضعی بارئكم و روایته فی النظم بإسكان الهمزة و ضم المیم و بكسر الهمزة و إسكان المیم.
و ولاه فی بئر و فی بئس ورشهم‌و فی الذّئب ورش و الكسائی فأبدلا و ولاه أی تابعه یعنی أن ورشا تابع السوسی علی إبدال و بئر معطلة بالحج و بئس حیثما وقع و سواء اتصلت به فی آخره «ما» أو فی أوله فاء أو واو أو لام أو تجرد عنها نحو لبئسما و فبئسما و فلبئس و بئس و لبئس ذلك من أصل ورش لأن الهمزة فی الجمیع لیست بفاء الفعل بل هی عینه فأما الذی فی الأعراف بِعَذابٍ بَئِیسٍ [الأعراف: 165]، فلیس من هذا الباب و نافع بكماله أبدله ثمت. قوله و فی الذئب ورش و الكسائی أخبر أن ورشا و الكسائی وافقا السوسی علی إبدال همزة الذئب یاء و هو موضعان بیوسف:
و فی لؤلؤ فی العرف و النكر شعبةو یألتكم الدّوریّ و الإبدال یجتلا أخبر رضی اللّه عنه شعبة عن عاصم تابع السوسی فی إبدال الهمزة الأولی من لؤلؤ واوا ساكنة سواء كانت الكلمة معرفة باللام نحو یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ [الرحمن:
22]، أو منكرة نحو مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً [الحج: 23]، [فاطر: 33]، ثم أخبر أن الدوری عن أبی عمرو قرأ لا یألتكم من أعمالكم بهمزة ساكنة و فهم ذلك من لفظه فلم یحتج إلی تقیید، ثم أخبر أن الإبدال فیه للمشار إلیه بالیاء من یجتلا و هو السوسی فإبداله فیه علی قاعدته؛ و لما تعین أن لفظ یألتكم للدوری بالهمز و أن السوسی أبدلها ألفا تعین للباقین ضد ذلك و هو ترك الهمز و حذف الألف المبدلة منه فصار لفظه یلتكم بغیر همز و لا ألف و هی قراءة الباقین و معنی قوله یجتلا أی ینكشف و باللّه التوفیق:
و ورش لئلّا و النّسی‌ء ببائه‌و أدغم فی یاء النّسیّ فثقّلا أخبر رضی اللّه عنه أن ورشا قرأ لیلا بیاء مفتوحة حیث وقع نحو «لیلا یكون، لیلا یعلم»، و قرأ فی التوبة إِنَّمَا النَّسِی‌ءُ [التوبة: 37] بإبدال الهمزة یاء و إدغام الیاء التی قبلها فیها فصارت یاء واحدة مشددة مرفوعة، و قرأ الباقون لئلا بهمزة مفتوحة بین اللامین و النسی‌ء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 87
بیاء ساكنة خفیفة بعدها همزة مرفوعة تمد الیاء لأجلها، و قوله فثقلا أی فشدد و لأن الإدغام یحصل بذلك و لیست الفاء رمزا و الروایة فی النسی‌ء الأول بالهمز و الحكایة و الثانی بالإدغام و الإعراب.
و إبدال أخری الهمزتین لكلّهم‌إذا سكنت عزم كآدم أوهلا ذكر رحمه اللّه قاعدة كلیة لكل القراء و لیست فی التیسیر، یقول: إذا اجتمع همزتان فی كلمة و الثانیة ساكنة فإبدالها عزم أی واجب لا بد منه لكل القراء فتبدل حرف مد من جنس حركة ما قبلها، فإن كانت قبلها فتحة أبدلت ألفا نحو آدم و آزر و آتی و آمن، و إن كان قبلها ضمة أبدلت واوا نحو أوتی و أوذی، و إن كان قبلها كسرة أبدلت یاء نحو لِإِیلافِ قُرَیْشٍ إِیلافِهِمْ [قریش: 1- 2]، و ایت بقرآن إذا ابتدئ به و مثل الناظم بمثالین أحدهما آدم و أصله علی رأی الأكثرین أأدم و وزنه أفعل و لم یتأت له من القرآن مثال یكمل به البیت فأتی بمثال من كلام العرب و هو أوهلا قالوا و فیه بدل من همزة هی فاء الفعل یقال أو هل فلان لكذا أی جعل أهلا له و مثاله من القرآن أُوتِیَ مُوسی [البقرة: 136]، و أُوذِینا مِنْ قَبْلِ [الأعراف: 129] و اؤتمن، إذا ابتدأ بها.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 88

باب نقل حركة الهمزة إلی الساكن قبلها

هذا نوع من أنواع تخفیف الهمز المفرد و أدرج معه فی الباب مذهب حمزة فی السكت فقال:
و حرّك لورش كلّ ساكن آخرصحیح بشكل الهمز و احذفه مسهلا وصف الساكن بوصفین: أحدهما أن یكون آخرا و یعنی به أن یكون آخر كلمة، و الهمز أول الكلمة التی بعدها. و الثانی: أن یكون الساكن الآخر صحیحا أی لیس بحرف مد و لین نحو من آمن و قد أفلح فإن كان قبل الهمز واو أو یاء لیس بحرفی مد و لین و ذلك بأن ینفتح ما قبلهما فإنه ینقل حركة الهمزة إلیهما نحو خَلَوْا إِلی [البقرة: 14]، و ابْنَیْ آدَمَ [المائدة: 27]، و قد استعمل الناظم هنا قوله: ساكن آخر صحیح باعتبار أنه لیس بحرف مد و لین و لم یرد أنه لیس بحرف علة و هذا بخلاف استعماله فی باب المد و القصر حیث قال أو بعد ساكن صحیح فإنه احترز بذلك عن حرف العلة مطلقا و دخل فی الضابط أنه ینقل حركة الهمزة من أَ حَسِبَ النَّاسُ [العنكبوت: 2]، إلی المیم من الم فاتحة العنكبوت و ینقل إلی لام التعریف نحو الأرض و الآخرة لأنها منفصلة مما بعدها فهی و همزتها كلمة مستقلة و ینقل إلی تاء التأنیث نحو قالَتْ أُولاهُمْ [الأعراف: 39] و قالَتْ إِحْداهُما [القصص:
26]، و ینقل إلی التنوین لأنه نون ساكنة نحو من شی‌ء إذ كانوا كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:
4]، قوله بشكل الهمز أی حرك ذلك الساكن الذی هو آخر الكلمة بحركة الهمز الذی بعده أی حركة كانت، قوله و احذفه یعنی الهمز بعد نقل حركته و قوله مسهلا أی راكبا للطریق السهل و الروایة بنقل حركة همزة آخر إلی التنوین قبلها من قوله ساكن آخر.
و عن حمزة فی الوقف خلف و عنده‌روی خلف فی الوصل سكتا مقلّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 89 و یسكت فی شی‌ء و شیئا و بعضهم‌لدی اللّام للتّعریف عن حمزة تلا
و شی‌ء و شیئا لم یزد و لنافع‌لدی یونس الآن بالنّقل نقّلا أخبر رضی اللّه عنه أن حمزة اختلف عنه فی الوقف علی الكلمة التی نقل همزها لورش، فروی عنه النقل كقراءة ورش و روی عنه ترك النقل كقراءة الجماعة. و قال الفاسی:
فإن قیل ما حكم میم الجمع فی البابین قبل الخروج من باب النقل و الدخول فی باب السكت یعنی أن حمزة یسكت علیها و لا ینقل إلیها و ورش یصلها بواو فیمد الهمزة التی بعدها. و قال السخاوی فأما قوله تعالی: عَلَیْكُمْ أَنْفُسَكُمْ [المائدة: 105] و ضاقَتْ عَلَیْهِمْ أَنْفُسُهُمْ [التوبة: 118]، فلا خلاف فی تحقیق مثل هذا فی الوقف، انتهی كلامه، و ذكر أبو بكر بن مهران النقل و ذكر فیه ثلاثة مذاهب أحدها و هو الأحسن نقل حركة الهمزة إلی المیم مطلقا فتضم تارة و تفتح تارة و تكسر تارة نحو وَ مِنْهُمْ أُمِّیُّونَ [البقرة: 78] و عَلَیْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ [المنافقون: 6] و ذلِكُمْ إِصْرِی [آل عمران: 81]، و الثانی أنها تضم مطلقا و إن كانت الهمزة مفتوحة أو مكسورة حذرا من تحریك المیم بغیر حركتها الأصلیة، و الثالث أنها تنقل فی الضم و الكسر دون الفتح لئلا یشبه لفظ التثنیة، و قال الجعبری: أسكنها حمزة علی أصله فدخلت فی ضابط النقل لأنها ساكن صحیح آخر لفظا و قد نص ابن مهران علی نقله فلا وجه حینئذ لمنع بعض الشراح النقل و قوله: و عنده أی و عند الساكن الذی نقل إلیه ورش و هو كل ساكن آخر صحیح روی خلف فی الوصل سكتا أی روی خلف عن سلیم عن حمزة أنه یسكت علیه قبل النطق بالهمزة سكتا مقللا أی قلیل من غیر قطع نفس استعانة علی النطق بالهمزة یعنی إذا وصل الكلمة التی آخرها ذلك الساكن بالكلمة التی أولها همزة یسكت بینهما علی الساكن، ثم أخبر أنه یزید أیضا فی السكت فیسكت علی ساكن لم ینقل إلیه ورش فقال و یسكت فی شی‌ء و شیئا أی روی خلف أیضا عن حمزة أنه یسكت علی الساكن من لفظ شی‌ء و شیئا فی جمیع القرآن و هو الیاء فحصل لخلف السكت فی الساكن الذی تقدم ذكره لورش و فی لفظ شی‌ء و شیئا و تعین لخلاد ترك السكت فی ذلك كله كالباقین هذا آخر الطریق الأول فی التیسیر و هی طریقة أبی الفتح فارس، ثم ذكر طریق ابن غلبون و هو الطریق الثانی فی التیسیر فقال و بعضهم أی و بعض أهل الأداء یعنی ابن غلبون لدی اللام للتعریف عن حمزة تلا و شی‌ء و شیئا یعنی أن ابن غلبون روی السكت عن حمزة فی لام التعریف و شی‌ء و شیئا لم یزد أی لم یسكت فیما عدا لام التعریف و شی‌ء و شیئا هذا تمام الطریق الثانی إشارة إلی قول الدانی فی التیسیر و قرأت علی أبی الحسن یعنی ابن غلبون فی الروایتین یعنی فی روایة خلف و خلاد بالسكوت علی لام التعریف و علی شی‌ء و شیئا حیث وقع انتهی.
توضیح: قد عرفت أن مذهب أبی الفتح ترك السكت لخلاد فی جمیع القرآن و السكت لخلف فی جمیع القرآن أیضا و مذهب ابن غلبون ترك السكت لهما إلا علی لام التعریف و شی‌ء و شیئا من الطریقین فقد صار لخلف وجهان و لخلاد وجهان؛ و ذلك أن خلفا لیس له
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 90
فی لام التعریف و شی‌ء و شیئا من الطریقین إلا السكوت بلا خلاف و له فیما بقی من الساكن المذكور بشرطه وجهان السكت و ترك السكت و لخلاد فی لام التعریف و شی‌ء و شیئا وجهان السكت و تركه و له فیما بقی من الساكن المذكور ترك السكت لا غیر فتأمل ذلك:
تفریع: علی الطریقین إذا وقفت علی شی‌ء و شیئا سقط السكت و إذا وقفت علی نحو قَدْ أَفْلَحَ [المؤمنون: 1]، فلخلف ثلاثة أوجه: النقل و السكت و تركهما و لخلاد وجهان:
النقل و تركه بلا سكت، و إذا وقفت علی نحو «الأرض» فلخلف وجهان النقل و السكت و لخلاد ثلاثة أوجه النقل و السكت و عدمهما فإذا اجتمعا وصلا نحو إذ أنذر قومه بالأحقاف فلخلف وجهان: السكت علیهما و علی الثانی فقط و لخلاد وجهان ترك السكت علیهما و تركه علی الأول فقط و ترجع الأربعة إلی ثلاثة: لاتحاد الأخیرین و قوله: و لنافع لدی یونس «آلآن» بالنقل أخبر أن نافعا من طریق ورش و قالون قرأ فی یونس بنقل حركة الهمز إلی اللام فی «آلآن» و قد كنتم و آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ [یونس: 91]، و قوله: نقلا أی نقل من قوم إلی قوم حتی وصل إلینا علی هذه الصفة.
تفریع: اعلم أن لورش فی آلآن ستة أوجه لأن همزة الوصل لكل القراء فیها وجهان:
التسهیل و البدل كما تقدم فی قوله و إن همز وصل و ورش من جملتهم فیكون له فیها وجهان و له فی حرف المد الذی وقع بعد همز ثابت أو مغیر ثلاثة أوجه المد و القصر و التوسط فتأخذ الأوجه الثلاثة مع إبدال همزة الوصل و مع تسهیلها أیضا فیكون المجموع ستة علی رأی من لم یستثن آلآن كما تقدم فی قوله و ابن غلبون طاهر بقصر جمیع الباب، و لقالون وجهان:
القصر فی حرف المد مع تسهیل همزة الوصل و إبدالها و كذلك لبقیة القراء إلا أن حمزة ینقل فی حال الوقف بخلاف عنه و یسكت فی حال الوصل أیضا بخلاف عنه.
و قل عادا الأولی بإسكان لامه‌و تنوینه بالكسر كاسیه ظلّلا
و أدغم باقیهم و بالنّقل وصلهم‌و بدؤهمو و البدء بالأصل فضّلا
لقالون و البصری و تهمز واوه‌لقالون حال النّقل بدءا و موصلا
و تبدأ بهمز الوصل فی النّقل كلّه‌و إن كنت معتدّا بعارضه فلا أمر رحمه اللّه بالإخبار عن حكم عاداً الْأُولی [النجم: 50] بالنجم للمشار إلیهم بالكاف و الظاء فی قوله: كاسیه ظللا و هم ابن عامر و ابن كثیر و الكوفیون و حكم ذلك فی قراءتهم إسكان لام التعریف و كسر التنوین فی عادا لالتقاء الساكنین هو و اللام ثم قال و أدغم باقیهم أخبر أن من بقی من السبعة و هما نافع و أبو عمرو أدغما تنوین عادا فی لام التعریف من الأولی بعد ما نقلا إلی اللام حركة الهمزة فی الوصل و الابتداء و یعنی بالوصل وصل الأولی بعادا فالنقل لهما فیه لازم لأجل أنهما أدغما التنوین فی اللام، فإن وقفا علی عادا ابتدأ الأولی بالنقل أیضا لیبقی حاكیا بحاله فی الوصل فأما ورش فتعین له النقل علی أصله؛
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 91
و أما قالون و أبو عمرو فالأولی أن یبتدئا بالأصل كما یقرأ الكوفیون و ابن كثیر و ابن عامر لأنهما لیس من أصلهما النقل فهذا معنی قوله و البدء بالأصل فضلا لقالون و البصری، ثم قال و تهمز واوه لقالون حال النقل بدءا و موصلا: أی إن قالون یهمز واو الولی إذا ابتدأ بالنقل و فی الوصل مطلقا أی حیث قلنا بالنقل لقالون سواء ابتدأ كلمة لولی أو وصلها بعادا فواو الولی مهموز بهمزة ساكنة، و إن قلنا یبتدئ بالأصل فلا یهمز لئلا یجتمع همزتان فهذا معنی قوله حال النقل؛ ثم ذكر كیفیة البدء فی حال النقل فقال: و تبدأ بهمز الوصل فی النقل كله یعنی همزة الوصل التی تصحب لام التعریف؛ یقول إذا ابتدأت كلمة دخل فیها لام التعریف علی ما أوله همز قطع نحو الإنسان و الأرض و الآخرة فنقلت حركة الهمز إلی اللام ثم أردت الابتداء بتلك الهمزة بدأت بهمزة الوصل كما تبتدئ بها فی صورة عدم النقل لأجل سكون اللام فاللام بعد النقل إلیها كأنها تعد ساكنة لأن حركة النقل عارضة فتبقی همزة الوصل علی حالها لا تسقط إلا فی الدرج فهذا هو الوجه المختار فتقول الرض النسان، ثم ذكر وجها آخر فقال: و إن كنت معتدا بعارضه فلا نهی عن الابتداء بهمزة الوصل مع الاعتداد بحركة النقل العارضة، یعنی إن كنت منزلا حركة النقل منزلة الحركة الأصلیة فلا تبتدئ بهمز الوصل إذ لا حاجة إلیه لأن همزة الوصل إنما اجتلبت لأجل سكون اللام و قد زال سكونها بحركة النقل العارضة فاستغنی عنها فتقول لرض للسان ثم قال فی النقل كله یشمل جمیع ما ینقل إلیه ورش لام المعرفة و یدخل فی ذلك الأولی من عادا الأولی.
توضیح: تلخص مما ذكر فی الأبیات الأربعة أن ابن كثیر و ابن عامر و الكوفیین یقرءون فی الوصل عادا الأولی بكسر التنوین و سكون اللام و بعدها همزة مضمومة و یبتدئون بهمزتین بینهما لام ساكنة و أن قالون یقرأ فی الوصل عادا لولی بنقل حركة الهمزة إلی اللام و إدغام التنوین فیها و همز الواو بعدها، و له فی الابتداء ثلاثة أوجه أحدها الولی بالنقل مع همزة الوصل، و الثانی: لولی بالنقل دون همز الوصل و لا بد فی كلیهما من همز الواو، و الثالث: الأولی كابتداء ابن عامر و من ذكر معه و أن ورشا یقرأ فی الوصل عاد الولی بنقل حركة الهمزة إلی اللام و إدغام التنوین فیها؛ و له فی الابتداء وجهان: أحدهما الولی بالنقل مع همز الوصل، و الثانی: لولی بالنقل دون همز الوصل و أن أبا عمرو یقرأ عاد الولی فی الوصل بنقل حركة الهمزة إلی اللام و إدغام التنوین فیها، و له فی الابتداء ثلاثة أوجه:
أحدها: كابن عامر و من ذكر معه. و الثانی: الولی بالنقل مع همز الوصل، و الثالث: لولی بالنقل دون همز الوصل و هم علی أصولهم فی الفتح و الإمالة و بینهما.
و نقل ردا عن نافع و كتابیه‌بالإسكان عن ورش أصحّ تقبّلا أخبر رحمه اللّه أن نافعا نقل حركة الهمزة إلی الدال و حذفها من رد أ یصدقنی بالقصص فتعین للباقین القراءة بالهمز ثم أخبر أن إسكان الهاء من كتابیه بالحاقة و إبقاء همزة إنی ظننت
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 92
علی حالها محققة بعد الهاء كقراءة الباقین أصح تقبلا من نقل حركة همزة إنی ظننت إلی الهاء من كتابیه و قوله: أصح تقبلا فیه إشارة إلی صحة الوجهین و ذلك أن الإسكان تقبله قوم و التحریك تقبله قوم و لكن الإسكان أصح عند علماء العربیة و التحریك من زیادات القصید:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 93

باب وقف حمزة و هشام علی الهمز

قد تقدم الكلام علی مذهب حمزة فی الهمزات المبتدآت فی شرح قوله: فی الباب الذی قبل هذا و عن حمزة فی الوقف خلف و الكلام فی هذا الباب علی المتوسط و المتطرف الذی فی آخر الكلمة:
و حمزة عند الوقف سهّل همزه‌إذا كان وسطا أو تطرّف منزلا أخبر رحمه اللّه أن حمزة كان یسهل الهمز المتوسط و المتطرف فی الكلمة الموقوف علیها و مراده بالتسهیل هنا مطلق التغییر، و التغییر ینقسم إلی التسهیل بین بین و إلی البدل و إلی النقل فأطلق التسهیل لیشمل هذه الأنواع و الهمزة المتوسطة هی التی لیست أول الكلمة و لا آخرها و قوله: منزلا أی تطرف منزله أی موضعه.
فأبدله عنه حرف مدّ مسكّناو من قبله تحریكه قد تنزّلا اعلم أن هذا الهمز ینقسم إلی ساكن و متحرك و كلامه فی هذا البیت علی الساكن و الساكن ینقسم إلی متوسط نحو «یؤمنون، و یألمون، و الذئب»، و إلی متطرف و المتطرف ینقسم إلی ما سكونه أصلی و إلی ما سكونه عارض؛ فالأصلی ما یكون ساكنا فی الوصل و الوقف نحو «اقرأ، و نبئ، و هیئ»، و العارض ما یكون متحركا فی الوصل فإذا وقف القارئ علیه سكنه للوقف و ذلك نحو «قال الملأ، و لكل امرئ، و ملجأ»، و یستوی فی ذلك المنون و غیره، و قوله: فأبدله أی أبدل الهمز المتوسط و المتطرف الساكن الأصلی و العارض عن حمزة حرف مد و لین من جنس حركة ما قبله، فإن كان قبله ضمة أبدله واوا، و إن كان قبله كسرة أبدله یاء، و إن كان قبله فتحة أبدله ألفا، و قوله: مسكنا بكسر الكاف لیحصل تقیید الهمز بالسكون، أی أبدل الهمز فی حال كونك مسكنا له سواء كان ساكنا قبل
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 94
نطقك به أو سكنته أنت للوقف و قوله: و من قبله تحریكه قد تنزلا شرط للبدل شرطین:
أحدهما أن یكون الهمز ساكنا و الثانی أن یتحرك ما قبله و اشتراط تحرك ما قبل الهمز إنما یحتاج إلیه فی المتحرك الذی یسكنه القارئ للوقف نحو قالَ الْمَلَأُ [الأعراف: 60]، لیحترز به من نحو یشاء و قروء و هنیئا و سیأتی أحكام ذلك كله، و أما الهمزة الساكنة قبل الوقف فلا یكون ما قبلها إلا متحركا و لیس فی القرآن همزة ساكنة متطرفة فی الوقف و الوصل و قبلها ضمة فاعلم ذلك.
و حرّك به ما قبله متسكّناو أسقطه حتی یرجع اللّفظ أسهلا لما انقضی كلامه فی الهمز الساكن انتقل إلی الهمز المتحرك، و هو ینقسم إلی ما قبله ساكن و إلی ما قبله متحرك، فالذی قبله متحرك یأتی ذكره و الذی قبله ساكن ینقسم إلی ما یصح نقل حركته إلی ذلك الساكن و إلی ما لا یصح نقل حركته إلیه و سیأتی ذكره، و كلامه فی هذا البیت علی الهمز المتحرك الذی قبله ساكن و یصح نقل حركته إلیه و كل ساكن یصح نقل الحركة إلیه إلا الألف علی الإطلاق و الواو و الیاء المشتبهتین بالألف الزائدتین، و إذا اعتبر ما یصح نقل الحركة إلیه من الساكن وجد علی ثلاثة أقسام: صحیح و حرف لین و یعنی به الواو و الیاء المفتوح ما قبلهما و حرف مدّ و لین و یعنی به الیاء المكسور ما قبلها و الواو المضموم ما قبلها الأصلیتین و كلا النوعین یجری مجری الصحیح فی صحة نقل الحركة إلیه و كل قسم من هذه الأقسام یقع متوسطا و متطرفا، فمثال الصحیح متوسطا یجأرون و یسأمون و مسئولا و مذءوما و القرآن و الظمآن و مثاله متطرفا دف‌ء و الخب‌ء و المرء و مثال حرف اللین متوسطا «سوآتهما و موئلا، و كهیئة الطیر و شیئا»، و مثاله متطرفا «سیی‌ء و شی‌ء و ظن السوء»، و مثال حرف المد و اللین متوسطا سیئت وجوه و السوأی و مثاله متطرفا جی‌ء و سیی‌ء و السوء.
أخبر الناظم أن جمیع ذلك حكمه النقل فقال: و حرك به أی بحركته یعنی بحركة الهمز ما قبله متسكنا أی الحرف الساكن الذی یأتی قبل الهمز و یعنی بذلك ما یصح النقل إلیه لا غیر و أسقطه یعنی أسقط الهمز كما تقدم فی باب نقل الحركة حتی یرجع اللفظ أسهلا أی أسهل مما كان قبل التغییر و یحذف التنوین إن كانت الكلمة منونة ثم استثنی من هذا أن یكون الساكن قبل الهمز ألفا فقال:
سوی أنّه من بعد ما ألف جری‌یسهّله مهما توسّط مدخلا لما انقضی الكلام فی حكم ما یصح نقل الحركة إلیه من السواكن انتقل إلی الكلام فی حكم ما لا یصح نقل الحركة إلیه منها و قد تقدم أنه الألف علی الإطلاق و حرفا المد و اللین الزائدان و كلامه فی هذا البیت فی حكم الهمز الواقع بعد الألف فی وسط الكلمة الذی لا یصح نقل حركته إلی الألف فأخبر أن حكمه التسهیل فإن كان مفتوحا سهل بین الهمزة و الألف و إن كان مضموما سهل بین الهمزة و الواو و إن كان مكسورا سهل بین الهمزة و الیاء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 95
و ذلك نحو «جاءهم و آباءهم و آباؤهم و آباؤكم و نساؤكم، و بأسمائهم، و لآبائهم، و غثاء، و دعاء، و نداء لأن الهمز فی هذا متوسط لأجل لزوم الألف التی هی عوض من التنوین»، و قوله: سوی أنه معناه أن حمزة سهل الهمز المتحرك الجاری أی الواقع من بعد الألف مهما توسط مدخلا أی محلا و لا فرق فی هذا الضرب بین ألف زائدة أو مبدلة من حرف أصلی و لذلك قال من بعد ألف جری فأطلق و إذا سهلت الهمزة بعد الألف إن شئت مددت و إن شئت قصرت لأن الألف حرف مد قبل همز مغیر. ثم ذكر المتطرفة فقال:
و یبدله مهما تطرّف مثله‌و یقصر أو یمضی علی المدّ أطولا كلامه فی هذا البیت فی حكم الهمز الواقع بعد الألف فی طرف الكلمة التی لا یصح نقل حركته إلی الألف و ذلك نحو جاء و شاء و السماء و الماء و العلماء و السراء و الضراء، فأخبر الناظم أن حمزة یبدله فقوله و یبدله مهما تطرف مثله أی مثل الألف ألفا و الهاء فی مثله تعود علی الألف فی قوله فی البیت الذی قبل هذا من بعد ما ألف جری و قوله و یقصر إلخ یعنی أن الهمزة المتطرفة إذا سكنت للوقف أبدل منها ألفا و ألف قبلها فاجتمع ألفان، فإما أن تحذف إحداهما فتقصر أی إن قدرنا أن المحذوف هی الأولی بقرینة ما یأتی و لا تمد أو تبقیهما لأن الوقف یحتمل اجتماع ساكنین فتمد مدا طویلا، و یجوز أن یكون متوسطا لقوله فی باب المد و القصر و عند سكون الوقف وجهان أصلاه و هذا من ذلك، و یجوز أن تمد علی تقدیر حذف الثانیة لأن حرف المد موجود و الهمزة منویة فهو حرف مد قبل همز مغیر، و إن قدر حذف الألف الأولی فلا مدّ و المد هو الأوجه و به ورد النص عن حمزة من طریق خلف و غیره، و هذا كله مبنی علی الوقف بالسكون، فإن وقف بالروم كما سیأتی فی آخر الباب فله حكم آخر، و إن وقف علی اتباع الرسم أسقط الهمزة فیقف علی الألف التی قبلها فلا یمد أصلا.
و یدغم فیه الواو و الیاء مبدلاإذا زیدتا من قبل حتی یفصّلا لما انقضی كلامه فی حكم الهمزة الواقعة بعد الألف انتقل إلی الكلام فی حكم الهمزة الواقعة بعد الواو المضموم ما قبلها و الهمزة الواقعة بعد الیاء المكسور ما قبلها إذا كانتا زائدتین نحو «قروء و خطیئة و بری‌ء و النسی‌ء و هنیئا و مریئا فأخبر أن حمزة یبدل الهمزة الواقعة بعد الواو المذكورة واوا و یدغم الواو الزائدة فی الواو المبدلة و یبدل الهمزة الواقعة بعد الیاء المذكورة یاء و یدغم الیاء الزائدة فی الیاء المبدلة و قوله: حتی یفصلا معناه حتی یفرق بین الزائد و الأصلی فإن الواو و الیاء الأصلیتین تنقل إلیهما الحركة و یعرف الزائد من الأصلی بأن الزائد لیس بفاء الكلمة و لا عینها و لا لامها بل یقع ذلك بین ذلك و فی هذه الكلمات وقع بین العین و اللام لأن قروء فعول و خطیئة فعیلة و بری‌ء و النسی‌ء فعیل و هنیئا و مریئا فعیلا و الأصلی بخلافه نحو «هیئة، و شی‌ء»، لأن وزنهما فعلة و فعل فهذا النوع تنقل
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 96
إلیه الحركة كما تقدم و بعضهم أجری الأصلی مجری الزائد فی الإبدال و الإدغام و سیأتی ذلك فی قوله: «و ما واو و أصلی تسكن قبله»، أو الیاء.
و یسمع بعد الكسر و الضّمّ همزه‌لدی فتحه یاء و واوا محوّلا لما انقضی كلامه فی حكم الهمز المتحرك بعد أنواع الساكن انتقل إلی الكلام فی حكم الهمز المتحرك بعد الحركة و هی تنقسم تسعة أقسام مفتوحة بعد الحركات الثلاثة نحو:
«سألتهم، و یؤید، خاطئة»، و مكسورة بعد الحركات الثلاث نحو «خاطئین، و بئیس و سئلوا» و مضمومة بعد الحركات الثلاث نحو رءوسكم و رءوف و مستهزءون ذكر فی هذا البیت قسمین من الأقسام التسعة و هما المفتوحة بعد الكسر نحو «خاطئة و ناشئة و مائة فئة»، و المفتوحة بعد الضم نحو یؤید و یؤلف و یؤخر و مؤجلا أخبر أن حكمهما فی التخفیف البدل تبدل الهمزة فی النوع الأول یاء و فی الثانی واو فقال و یسمع أی و یسمع حمزة همزة المفتوح بعد الكسر یاء و بعد الضم واوا محولا من الهمز أی مبدلا منه.
و فی غیر هذا بین بین و مثله‌یقول هشام ما تطرّف مسهلا هذا فی قوله و فی غیر هذا إشارة إلی الهمز المفتوح بعد الكسر و الضم و المراد بغیره الأقسام الباقیة من التسعة و هی المفتوحة بعد الفتح و المكسورة بعد الحركات الثلاثة و المضمومة بعد الحركات الثلاث فأخبر أن الحكم فی جمیعها أن تجعل الهمزة بین بین یعنی أن تجعل الهمزة بین لفظها و بین الحرف الذی منه حركتها فتجعل الهمزة المفتوحة بعد الفتحة نحو «سأل، و مآرب، و تأذن» بین الهمزة و الألف، و أما الهمزة المكسورة الواقعة بعد الحركات الثلاث فمثالها بعد الفتحة یومئذ و بعد الكسرة خاسئین و بعد الضمة سئلوا فتسهیلها بین الهمزة و الیاء فی الأنواع الثلاثة، و أما الهمزة المضمومة الواقعة بعد الفتحة نحو «رءوف» و بعد الكسرة نحو «فمالئون» و بعد الضمة نحو «برءوسكم» فتسهیلها بین الهمزة و الواو فی الأحوال الثلاثة فهذه أصول مذهب حمزة فی تخفیف الهمز علی ما اقتضته لغة العرب ثم قال و مثله یقول هشام ما تطرف أی و مثل مذهب حمزة مذهب هشام فیما تطرف من الهمز أی كل ما ذكرناه لحمزة فی الهمزة المتطرفة فمثله لهشام و یقع فی النسخ مثله بضم اللام و نصبها أجود، و مسهلا حال من هشام أی راكبا للسهل. ثم ذكر فروعا للقواعد المتقدمة وقع فیها الخلاف فقال:
و رئیا علی إظهاره و ادّغامه‌و بعض بكسر الها لیاء تحوّلا
كقولك أنبئهم و نبّئهم و قدرووا أنّه بالخطّ كان مسهّلا یرید «أحسن أثاثا و رئیا» أی علی إظهاره قوم و علی إدغام قوم آخرون و قیاس تخفیف همزه أن یفعل فیه ما تقدم من إبدال الهمزة یاء ساكنة لسكونها بعد الكسر و إذا فعل ذلك
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 97
اجتمع فیه یاءان ففیه حینئذ وجهان فروی الإدغام لأنه قد اجتمع مثلان أولهما ساكن و لأنه رسم بیاء واحدة و روی الإظهار نظرا إلی أصل الیاء المدغمة و هو الهمز لأن البدل عارض و الحكم فی تؤوی و تؤویه بعد الإبدال كالحكم فی رئیا لاجتماع واوین و قد نص فی التیسیر علی ذلك و لم یذكره الناظم لما فی رئیا من التنبیه علیه ثم قال «و بعض بكسر الها لیاء تحولا»، كقولك: أنبئهم و نبئهم. أخبر أن بعض أهل الأداء یكسرها الضمیر المضمومة لأجل یاء قبلها تحولت تلك الیاء عن همزة أی أبدلت الهمزة الساكنة المكسور ما قبلها یاء علی ما تقدم و مثل بأنبئهم بالبقرة و نبئهم بالحجر و القمر فیقول أنبیهم و نبیهم بكسر الهاء و قبلها یاء ساكنة كما یقول فیهم و یزكیهم، و یفهم مما ذكر أن البعض الآخر یبقون الهاء علی ما كانت علیه من الضم لأن الیاء قبل هاء عارضة فی الوقف فحصل فی أنبئهم و نحوه وجهان صحیحان و هاتان المسألتان رئیا و أنبئهم فرعان لقوله: فأبدله عنه حرف مد مسكنا، ثم ذكر قاعدة أخری مستقلة فقال: و قد رووا أنه بالخط كان مسهلا یعنی أن حمزة كان یعتبر تسهیل الهمزة بخط المصحف علی ما كتب فی زمن الصحابة رضی اللّه عنهم و ضابط ذلك أن ینظر فی القواعد المتقدم ذكرها فكل موضع أمكن إجراؤها فیه من غیر مخالفة للرسم لم یعدل إلی غیره نحو جعل بارئكم بین الهمزة و الیاء و إبدال همزة أبرئ یاء و إبدال همزة ملجأ ألفا و إن لزم منها مخالفة الرسم فتسهل علی موافقة الرسم فاجعل همزة تفتؤا بین الهمزة و الواو و من نبأنی بین الهمزة و الیاء و لا تبدلها ألفا و كان القیاس علی ما مضی ذلك لأنهما یسكنان للوقف و قبلهما فتح فیبدلان ألفا و هذا الوجه یأتی تحقیقه فی قوله فالبعض بالروم سهلا. ثم بین كیفیة اتباع الرسم فقال:
ففی الیا یلی و الواو و الحذف رسمه‌و الأخفش بعد الكسر ذا الضّمّ أبدلا
بیاء و عنه الواو فی عكسه و من‌حكی فیهما كالیا و كالواو أعضلا معنی یلی یتبع یعنی أن حمزة یتبع رسم المصحف فی الیاء و الواو و الحذف فما كان صورته یاء أبدله یاء و ما كان صورته واوا أبدله واوا، و ما لم یكن له صورة حذفه فیقول نسایكم و أبنایكم و مویلا بیاء خالصة و یقول نساوكم و أبناؤكم و یذروكم بواو خالصة، و أما الحذف ففی كل همزة بعدها واو جمع نحو فمالون و بطون و مستهزون، و إنما ذكر هذه الأقسام الثلاثة و لم یذكر الألف و إن كان تصویره كثیرا لأن تخفیف كل همزة صورت ألفا علی القواعد المتقدمة لا یلزم منه مخالفة الرسم لأنها إما أن تسهل بین الهمزة و الألف نحو سأل أو تبدل ألفا نحو ملجأ و هذا موافق للرسم و إنما تجری المخالفة فی رسمها بالیاء و الواو و فی عدم رسمها، و قد بینت المخالفة فی الیاء و الواو فی كلمتی تفتؤا و من نبأ. ثم بین الناظم مذهب الأخفش النحوی، و هو أبو الحسن سعید بن مسعدة و هو الذی یأتی ذكره فی سورة الأنعام و غیر الذی ذكره فی سورة النحل فقال: و الأخفش بعد الكسر ذا الضم أبدلا بیاء، أخبر أن الأخفش كما یبدل ذا الضم یعنی الهمز المضموم إذا وقع بعد الكسر یاء نحو أ أنبئكم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 98
و سنقرئك و مستهزءون و نحوه بیاء مضمومة خالصة و قوله و عنه الواو فی عكسه: أی و عن الأخفش إبدال الواو فی عكس ذلك و هو أن تكون الهمزة مكسورة بعد ضم و هو عكس ما تقدم فیقول سولوا و نحوه بواو خالصة و هما من الأقسام التسعة التی تقدم أن الحكم فیها أن تجعل بین بین فتكون فی القسم الأول بین الهمزة و الواو، و فی القسم الثانی بین الهمزة و الیاء و هو مذهب سیبویه و خالفه الأخفش فیهما فأبدلها فی القسم الأول یاء و فی الثانی واوا فتصیر مواضع الإبدال علی قول الأخفش أربعة هذان القسمان و قسمان وافق فیهما سیبویه و هما المذكوران فی قوله:
«و یسمع بعد الكسر و الضم همزه»، ثم قال: و من حكی فیهما أی فی المضمومة بعد الكسر و المكسورة بعد الضم كالیاء و كالواو أی یجعل المضمومة كالیاء و المكسورة كالواو أی تسهل كل واحدة منهما بینها و بین حرف من جنس حركة ما قبلها لا من جنس حركتها فمن حكی ذلك أعضل أی أتی بمعضلة و هو الأمر الشاق لأنه جعل همزة بین بین مخففة بینها و بین الحرف الذی منه حركة ما قبلها و الوجه تدبیرها بحركتها. ثم بین شیئا من مواضع الحذف فقال:
و مستهزءون الحذف فیه و نحوه‌و ضمّ و كسر قبل قیل و أخملا هذا مفرع علی القول بالوقف علی رسم المصحف، و قد عرف مما تقدم تسهیل الهمزة المضمومة المكسور ما قبلها و إنما أراد بهذا البیت بیان الحركة لما قبل الواو بعد حذف الهمزة و هذه مسألة لیست فی التیسیر و قوله: و مستهزءون الحذف فیه و نحوه. أخبر رحمه اللّه أن مستهزون ذكر فیه الحذف لأن الهمزة فیه لیس لها صورة و محلها بین الواو و الزای و الواو المرسوم فیه واو الجمع قوله و نحوه یعنی أن كل همزة مضمومة لیس لها صورة قبلها كسرة و بعدها واو نحو «لیطفوا، و لیواطوا، و یستنبونك، و خاطون»، و ما أشبه ذلك فإن فیه الحذف بناء علی ما تقدم من أنواع الرسم، و قوله: و ضم و كسر قبل قیل یعنی قیل بالضم قبل الواو و قیل بالكسر قبل الواو أیضا أخبر أن فی ذلك وجهین بعد حذف الهمزة و ذلك أن الهمزة إذا حذفت علی ما روی من حذف الهمز الذی لیس له صورة بقیت الواو ساكنة قبلها كسرة فمن الناس من یحرك الحرف المكسور بالحركة التی كانت علی الهمزة و هی الضمة و منهم من یبقیه مكسورا علی حاله و قوله و أخملا قال السخاوی یعنی هذین المذهبین المذكورین و إنما أخملا لأن حركة الهمزة ألقیت علی متحرك و فی الوجه الآخر أنها واو ساكنة قبلها كسرة و لیس ذلك فی العربیة اه كلامه، أما هذا الوجه أعنی الواو الساكنة المكسور ما قبلها فحقیق بالإخمال و هو الذی أراد الناظم و أما ضم ما قبل الواو فوجه جید و علیه قرأ نافع و الصابون فلا وجه لإخمال هذا الوجه، فالألف فی أخملا للإطلاق لا للتثنیة. و الخامل: الساقط الذی لا نباهة له فقد اجتمع فی مستهزءون و نحوه خمسة أوجه ما بین مستعمل و متروك: أحدها
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 99
تسهیل الهمزة علی ما تقدم أولا بین الهمزة و الواو و هو مذهب سیبویه. و الثانی إبدال الهمزة یاء مضمومة و هو مذهب الأخفش. و الثالث تسهیلها بین الهمزة و الیاء و هو الذی حكی أن صاحبه أعضل. و الرابع حذف الهمزة و تحریك الحرف الذی قبلها بحركتها و الخامس حذف الهمزة و إبقاء ما قبلها علی حاله من الكسر، و هذان الوجهان المخلان علی رأی بعضهم، و قال الفاسی و یتأتی فی ذلك وجه سادس إبدال الهمزة واوا مضمومة و ذلك أن هذا النوع رسم بواو واحدة، و اختلف فیها فقیل هی صورة الهمزة و واو الجمع محذوفة و قیل هی واو الجمع و صورة الهمزة محذوفة فیجوز علی اعتماد أنها صورة الهمزة إبدالها واوا فیقول مستهزون كما یقال أبناوكم و نساوكم علی الوجه المذكور فی اتباع الخط.
و ما فیه یلقی واسطا بزوائددخلن علیه فیه وجهان أعملا
كما ها و یا و اللّام و البا و نحوهاو لا مات تعریف لمن قد تأمّلا الهمز المتوسط علی قسمین: متوسط لا ینفصل من الحرف الذی قبله نحو الملائكة و أبناؤكم و نساؤكم فوجهه التسهیل علی ما تقدم بلا خلاف. و القسم الآخر متوسط بسبب ما دخل علیه من الزوائد و هو المشار إلیه بقوله و ما فیه: أی و ما فی الهمز یلفی أی یوجد أی و اللفظ الذی فیه یوجد الهمز متوسطا بسبب حروف زوائد دخلن علیه و اتصلن به خطأ أو لفظا ففی الوقف علیه لحمزة وجهان مستعملان و هما التحقیق و التخفیف و لا ینبغی أن یكون الوجهان إلا تفریعا علی قول من لا یری تخفیف الهمزة المبتدأة لحمزة المأخوذ من قوله و عن حمزة فی الوقف خلف، أما من یری ذلك فتسهیله لهذا أولی لأنه متوسط صورة ثم أتی بأمثلة الزوائد المشار إلیها فقال كما هاویا، و ما فی قوله كما زائدة: أی الزائد من لفظ ها و یاء أما ها ففی هؤلاء و ها أنتم و یا نحو «یا أیها، و یا آدم، و یا إبراهیم و یا أخت»، و اللام نحو لَأَنْتُمْ أَشَدُّ [الحشر: 13] و لِأَبَوَیْهِ [النساء: 11] و لَإِلَی اللَّهِ تُحْشَرُونَ [آل عمران: 158]، و الیاء نحو بأنهم و بآخرین و لبإمام و فبأی و قوله و نحوها أی و نحو هذه الزوائد الواو نحو و أنتم و أمر و الفاء نحو «فآتوهن، و فآمنوا، و فأووا، و فأنت»، و الكاف نحو «كأنهم فكأنها و كأنهن»، و السین نحو سَأُرِیكُمْ [الأعراف: 145]، [الأنبیاء: 37] و سَأَصْرِفُ [الأعراف: 146]، و الهمزة نحو «أ أنذرتهم، و أ ألد، و أ ألقی»، فجمیع هذه الأمثلة و نحوها فیها وجهان التحقیق و التخفیف بحسب ما تقتضیه حركة الهمزة و حركة ما قبلها من أنواع التخفیف علی ما تقدم، و قوله: و لا مات تعریف یرید به نحو الأرض و الإنسان و الأولی و الأخری ففی جمیع ذلك التحقیق و النقل و هذا مفهوم من قوله و عن حمزة فی الوقف خلف و لكنه ذكره هنا لیعلم أنه من هذا النوع فلهذا قال لمن قد تأملا.
توضیح: المراد بالزوائد المشار إلیها ما إذا حذف بقیت الكلمة بعد حذفه مفهومة نحو ما ذكرته من الأمثلة هنا، فأما إذا بقیت الكلمة بعد حذفه غیر مفهومة نحو «یؤمن، و یؤتی،
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 100
و یؤید، و المؤمنون، و المؤتون، و مؤجلا»، فلا خلاف فی تحقیق الهمز فی ذلك كله علی ما سبق و الهمز فی نحو «و أمر، و فأووا»، ابتداء باعتبار الأصل و متوسطا باعتبار الزائد الذی اتصل به و صار كأنه منه بدلیل أنه لا یتأتی الوقف علیه و قد یشتبه به نحو الَّذِی اؤْتُمِنَ [البقرة: 283] و یا صالِحُ ائْتِنا [الأعراف: 77] و الْهُدَی ائْتِنا [الأنعام: 71]، لأن الكلمة التی قبل الهمزة قامت مقام الواو و الفاء فی و أمر و فأووا، فإن قیل ما الحكم فی هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِیَهْ [الحاقة: 19]، قیل التسهیل بلا خلاف لأن همزة هاؤم متوسطة لأنها من تتمة كلمتها بمعنی خذ ثم اتصل بها ضمیر الجماعة و یوقف علی هاؤم علی الرسم و هاؤمو علی الأصل لأن الواو حذفت فی الوصل للساكن بعدها.
و اشمم ورم فیما سوی متبدّل‌بها حرف مدّ و اعرف الباب محفلا أمر بالإشمام و الروم لحمزة و هشام فیما لا تبدل الهمزة المتطرفة فیه حرف مد و لین یعنی أن فی كل ما قبله ساكن غیر الألف الروم و الاشمام و هو نوعان أحدهما ما ألقی فیه حركة الهمزة علی الساكن نحو «دف‌ء و المرء و السوء»، و الثانی ما أبدل فیه الهمزة حرفا و أدغم فیه ما قبله نحو «قروء و شی‌ء» و كل واحد من هذین النوعین قد أعطی حركة فترام تلك الحركة و ضابطه كل همز طرف قبله ساكن غیر الألف و أما ما یبدل طرفه بالهمز حرف مد و لین ألفا أو واوا أو یاء سواكن و قبلهن حركات من جنسهن نحو «الملأ و لؤلؤ و البارئ و یشاء و السماء و الماء»، فلا یدخله روم و لا إشمام لأن الألف و الواو و الیاء فیه كألف یخشی و یاء یرمی و واو یغزو و ضابطه كل همز طرف قبله متحرك أو ألف، و قوله: و اشمم معناه حیث یصح الإشمام من المرفوع و المضموم ورم معناه حیث یصح الروم من المرفوع و المضموم و المجرور و المكسور، و قوله فیما سوی متبدل بها حرف مد فیما سوی طرف متبدل الهمز فیه حرف مد و قوله و اعرف الباب محفلا أی مجتمعا و محفل القوم مجتمعهم أی هذا الباب موضع اجتماع تخفیف الهمز عن حمزة:
و ما واو اصلی تسكّن قبله‌أو الیا فعن بعض بالإدغام حمّلا قد تقدم أن الواو و الیاء الساكنتین قبل الهمز المتحرك ینقسمان إلی زائد و أصلی و أن حكم الزائد إبدال الهمزة بعده حرفا مثله و إدغامه فیه نحو «قروء و خطیئة» و أن حكم الأصلی أن تنقل حركة الهمزة سواء كان حرف لین نحو «سوأة» و كهیئة أو حرف مد و لین نحو «السوأی و سیئت» و أتی فی الواو و الیاء الأصلیتین هنا بوجه آخر فأخبر فی هذا البیت أن من الرواة من نقل عنه إجراء الأصلی مجری الزائد فیوقف علی ذلك سوة و هیة و السوی و سیت بالبدل و الإدغام حملا أی نقل عن حمزة رحمه اللّه:
و ما قبله التّحریك أو ألف محرّركا طرفا فالبعض بالرّوم سهّلا
و من لم یرم و اعتدّ محضا سكونه‌و ألحق مفتوحا فقد شذّ موغلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 101
كلامه فیما امتنع رومه و إشمامه علی ما تقدم بیانه و هو إذا كان الهمز طرفا متحركا و قبله حركة نحو بدأ و یبدئ و یبدأ أو كان طرفا محركا و قبله ألف نحو السماء و الماء و الدعاء فحكمه أن یبدل حرف مد و لین من جنس الحركة التی قبله بعد تقدیر سكونه للوقف علی ما تقدم و هو مذهب سیبویه و قد ذكر الناظم النوع الأول فی قوله: «فأبدله عنه حرف مد مسكنا»، و النوع الثانی فی قوله: «و یبدله مهما تطرف مثله»، و ذكر هنا وجها آخر، و هو الروم و هو ما روی سلیم عن حمزة أنه كان یجعل الهمزة فی جمیع ذلك بین بین أی بینها و بین الحرف المجانس لحركتها و لا یتأتی ذلك إلا مع روم الحركة لأن الحركة الكاملة لا یوقف علیها و لأن الهمزة الساكنة لا یتأتی تسهیلها بین بین لما تقدم. ثم لأهل الأداء فیما روی من هذا الوجه ثلاثة مذاهب: منهم من رده و لم یعمل به و اعتل بأن الهمزة إذا سهلت بین بین قربت من الساكن و إذا قربت من الساكن كان حكمها حكم الساكن فلا یدخلها الروم كما لا یدخل الساكن فلم یرم المفتوحة و لا المكسورة و لا المضمومة و اقتصر فی الجمیع علی البدل و منهم من یعمل بعموم ما روی من ذلك فی الحركات الثلاث و اعتل بأن الهمزة المسهلة بین بین و إن قربت من الساكن فإنه یزنه بزنة المتحرك بدلیل قیامه مقامه فی الشعر و إذا كان بزنة المتحرك جاز رومه و اعتذر عن روم المفتوح لأنه دعت الحاجة إلیه عند إرادة التسهیل مع جوازه فی العربیة و منهم من اقتصر فأجاز ذلك فی الضم و الكسر دون الفتح و احتج بجوازه فیهما و هو الوجه المختار من الأوجه الثلاثة فقول الناظم و ما قبله التحریك أو ألف محركا طرفا یعنی به النوعین المذكورین نحو بدأ و یبدأ و یبدئ و نحو السماء و الماء و الدعاء و قوله: فالبعض بالروم سهلا یعنی به حیث یصح الروم و أطلق اللفظ و هو یرید ما ذكرناه و هذا الوجه المذكور و هو الذی اقتصر علیه من قال به و لذلك قدمه. قوله و من لم یرم یعنی فی شی‌ء من الحركات الثلاث لما ذكرناه من العلة و إلیه أشار الناظم بقوله و اعتد محضا سكونه لأنه لما أعطاه حكم الساكن كان عنده من جملة السواكن فی الحكم و قوله و الحق مفتوحا فیه حذف و التقدیر و من الحق المفتوح بالمضموم و المكسور فی الروم فقد شذ موغلا أی مبعدا فی شذوذه و أصل الإیغال الإبعاد فی السیر و الإمعان فیه فحاصله أنه نقل فی المخصص ثلاث مذاهب: الأول روم الضم و الكسر و إسكان الفتح و هو معنی قوله فالبعض بالروم سهلا. و الثانی الوقف بالسكون فی الضم و الكسر و الفتح و هو معنی قوله: و من لم یرم و اعتد محضا سكونه. الثالث: الروم فی الأحوال الثلاثة و هو معنی قوله و الحق مفتوحا أی بالمضموم و المكسور و هذان المذهبان اللذان غلا من قال بهما و هما زائدان علی التیسیر.
و فی الهمز أنحاء و عند نحاته‌یضی‌ء سناه كلّما اسودّ ألیلا أی روی فی تخفیف الهمز وجوه كثیرة و طرائق متعددة، و الأنحاء المقاصد و الطرائق واحدها نحو: و هو القصد و الطریقة و قد ذكر الناظم رحمه اللّه من تلك الطرق أشهرها و أقواها لغة و نقلا، و قد ذكر شیئا من الأوجه الضعیفة و نبه علی كثرة ذلك فی كتب غیره
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 102
و الهاء فی نحاته و سناه للهمز أی یضی‌ء ضوءه عند النحاة لمعرفتهم به و قیامهم بشرحه كل ما اسود عند غیرهم لأن الشی‌ء الذی یجهل كالمظلم عند جاهله و استعار الإضاءة للوضوح عند العلماء و الاسوداد للغموض عند الجاهلین، و الألیل: الشدید السواد یقال لیل ألیل و لائل:
أی شدید الظلمة.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 103

باب الإظهار و الإدغام‌

اشارة

قدم الإظهار علی الإدغام لأنه الأصل و هذا الإدغام هو الإدغام الصغیر و أخره أول باب الإمالة و هو إدغام الحروف السواكن فیما قاربها. ثم ذكر مقدمة فقال:
سأذكر ألفاظا تلیها حروفهابالإظهار و الإدغام تروی و تجتلا وعد رحمه اللّه بذكر ألفاظ یرتب أحكامها علیها و الألفاظ هی الكلمات التی تدغم أواخرها السواكن هی لفظ إذ و قد و تاء التأنیث و هل و بل و قوله تلیها حروفها أی یتبع كل لفظ منها الحروف التی تدغم أواخر هذه الألفاظ فیها و تظهر علی اختلاف القراءة فی ذلك، و إنما یذكر تلك الحروف فی أوائل كلمات علی حد ما مضی فی شفا لم تضق و للدال كلم ترب سهل و نحو ذلك، و قوله: تروی أی تروی بالإظهار و الإدغام و تجتلا أی و تكشف فی كتب القراءات.
فدونك إذ فی بیتها و حروفهاو ما بعد بالتّقیید قده مذلّلا فدونك أی خذ إذ فی بیتها و حروفها فی أوائل الكلم التی تلیها یع
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی 104 باب الإظهار و الإدغام
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 104
اعلم أن هذه الترجمة تخالف بعض الترجمة الأولی التی بنیت علیها القصیدة أعنی قوله: و من بعد ذكری الحرف أسمی رجاله، فلأجل ذلك احتاج إلی بیانها لأن القاعدة فی الرمز الصغیر إذا انفرد إنما یذكره بعد حرف القرآن و تقییده فی الغالب. و فی هذا الباب الأمر بالعكس أول ما یذكر أسماء القراء إما رمزا و إما صریحا ثم یأتی بعدها بواو فاصلة إیذانا بأن القراء انقضت رموزهم ثم یأتی بعد الواو بالحرف المختلف فی الإظهار و الإدغام فیه لمن تقدم ذكره قبل الواو، فقوله سأسمی معناه سأذكر أسماء القراء، ثم آتی بالواو ثم آتی بعد الواو بحروف من سمیت من القراء یعنی التی یظهر ذلك القارئ نحو ذال إذ عندها أو یدغم. و اعلم أن هذا إنما یفعله فیمن لم یطرد أصله فی إظهار جمیعها أو إدغامه، و أما من طرد أصله فإنه لم یسلك فیه هذا المسلك فلیأت برمزه بعد الحرف و كذلك من صرح باسمه لم یأت بعده بالواو و إنما احتاج إلی الإتیان بالواو لئلا تلتبس أسماء القراء بالحروف المختلف فیها فی الإظهار و الإدغام فإذا صرح باسم القارئ عدم اللبس لأنه لا یجمع بین الرمز و الصریح فی مسألة واحدة فی ترجمة واحدة كما تقدم بیانه. فحاصل الأمر أنه احتاج فی هذا الباب إذا ذكر القارئ المفصل بالرمز إلی واوین فاصلتین الأولی بین القارئ و الحروف و الثانیة بین المسائل و هذه الثانیة هی المذكورة فی قوله: «متی تنقضی آتیك بالواو فیصلا»، فهی دائرة فی القصید جمیعه، و قوله: تسمو أی تعلو حروف من تسمی قبل الواو علی سیما أی علی علامة تروق مقبلا أی یروق تقبیلها و التقبیل للثغر استعاره هنا للعلامة.
ثم قال:
و فی دال قد أیضا و تاء مؤنّث‌و فی هل و بل فاحتل بذهنك أحیلا أی و فی هذه الألفاظ افعل مثل ذلك، یعنی أن اصطلاحه فی دال قد و تاء التأنیث و لامی هل و بل كاصطلاحه فی دال إذ، و قوله فاحتل فعل أمر من الحوالة، و الذهن الفطنة:
أی فاحتل بفطنتك لما أخبرك بما رتبه من المعانی أحالك علی استخراج ما لكل قارئ من الإظهار و الإدغام، و الأحیل: الكثیر الحیل، یقال رجل أحیل إذا صدقت حیلته.

ذكر ذال إذ

نعم إذ تمشّت زینب صال دلّهاسمیّ جمال واصلا من توصّلا كأنّ الناظم رحمه اللّه قدّر أن مستدعیا استدعی منه الوفاء بما وعده فی قوله: سأذكر ألفاظا فقال مجیبا له نعم ثم أتی بإذ و حروفها الستة فی بیت علی ما وعد به و حروف إذ الستة هی أوائل الكلم الست التی تلی إذ و هی التاء من تمشت و الزای من زینب و الصاد من صال و الدال من دلها و السین من سمی و الجیم من جمال، و أمثلتها علی الترتیب فالتاء إذ تبرأ إذ تخلق و نحوه و الزای إذ زین و إذ زاغت لیس غیرهما و الصاد و إذ صرفنا و لا ثانی لها و الدال إذ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 105
دخلوا بالحجر و ص و الذاریات و إذ دخلت جنتك لیس غیرها و السین لو لا إذ سمعتموه ظن و لو لا إذ سمعتموه قلتم لیس غیرهما و الجیم و إذ جعلنا و إذ جاءتهم و نحوه و الواو فی قوله واصلا فاصلة و ما بعدها تمم به البیت وصال بمعنی استطال و الدل: الدلال، و السمی:
الرفیع:
فإظهارها أجری دوام نسیمهاو أظهر ریّا قوله واصف جلا أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الدال و النون فی قوله: أجری دوام نسیمها و هم نافع و ابن كثیر و عاصم أظهروا ذال إذ عند حروفها الستة و أتی بالرموز مؤخرة لعدم الالتباس، و قوله: و أظهر ریا إلی آخره. أخبر أن المشار إلیهما بالراء و القاف فی قوله ریا قوله و هما الكسائی و خلاد أظهرا الذال عند الجیم خاصة فتعین لهما الإدغام فی باقی الحروف و أتی بما شرط من تقدیم الرمز ثم أتی بالواو ثم أتی بالحرف المختلف فی إدغامه و الواو فی و أظهر و فی واصف للفصل، و النسیم: الریح الطیبة، و الریا، بالقصر. الرائحة الطیبة، و جلا أی كشف:
و أدغم ضنكا واصل توم درّه‌و أدغم مولی وجده دائم و لا أخبر رحمه اللّه أن المشار إلیه بالضاد فی قوله: ضنكا و هو خلف أدغم فی التاء و الدال فتعین له الإظهار عند الأربعة الباقیة، و قوله: و أدغم مولی إلی آخره أخبر أن المشار إلیه بالمیم من قوله مولی و هو ابن ذكوان أدغم فی الدال فتعین له الإظهار عند الخمسة الباقیة و تعین لباقی القراء و هما أبو عمرو و هشام إدغام ذال إذ فی حروفها الستة و الواو فی و أدغم فی الموضعین و فی و لا للفصل و الواو فی واصل و فی وجده للفصل بین الرمز و الحروف المختلف فی إدغامها، و الضنك: الضیق، و التوم: جمع تومة و التومة: خرزة تعمل من الفضة كالدرة و الدر معروف، و المولی هنا الولی و الوجد الغنی و الروایة بضم الواو و قد تكسر و علیه قرأ روح من وجدكم، و الواو بكسر الواو: المتابعة.
توضیح: القراء فی فصل ذال إذ علی ثلاث مراتب: منهم من أظهرها عند حروفها الستة و هم نافع و ابن كثیر و عاصم و منهم من أدغمها فی حروفها الستة و هما أبو عمرو و هشام و منهم من أظهرها عند بعضها و أدغم فی بعضها و هم الكسائی و خلف و خلاد و ابن ذكوان فأما الكسائی و خلاد فإنهما أظهراها عند الجیم و أدغماها فیما بقی، و أما خلف فإنه أدغم فی التاء و الدال و أظهر عند ما بقی و أما ابن ذكوان فإنه أدغم فی الدال و أظهر عند ما بقی.

ذكر دال قد

و قد سحبت ذیلا ضفا ظلّ زرنب‌جلته صباه شائقا و معلّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 106
أتی بدال قد و حروفها فی بیت واحد كما فعل فی إذ، أی و الحروف التی تدغم فیها دال قد و تظهر عندها هی هذه الثمانیة المضمنة أوائل الكلم التی ولیتها و هی السین من سحبت و الذال من ذیلا و الضاد من ضفا و الظاء من ظل و الزای من زرنب و الجیم من جلته و الصاد من صباه و الشین من شائقا و أمثلتها السین نحو قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ [المائدة: 102] و لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ [آل عمران: 181]، [المجادلة: 1]، و الذال وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ [الأعراف: 179]، لیس غیره و الضاد نحو فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا [النساء: 116، 136] و لَقَدْ ضَرَبْنا [الروم: 58]، [الزمر: 27]، و الظاء نحو فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة: 231] و لَقَدْ ظَلَمَكَ [ص: 24]، و الزای وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ [الملك: 5]، لیس غیره و لجیم نحو قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ [آل عمران: 173] و لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ [التوبة: 128]، و الصاد نحو وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ [آل عمران: 152] و لَقَدْ صَرَّفْنا [الإسراء: 89، 41]، و الشین قَدْ شَغَفَها حُبًّا [یونس: 30]، و لا نظیر له و الواو فی و معللا فاصلة یقال علله إذا سقاه مرة بعد أخری، و قوله: ضفا أی طال و قوله ظل یقال ظل یفعل كذا إذا فعله نهارا و قد یراد به مداومة الفعل و الزرنب: شجر طیب الرائحة یعمل منه أنفس الطیب، و الانجلاء:
الانكشاف، و الصبا: اسم للریح الشرقیة، و إنما سمیت صبا لأنها تصبو لوجه الكعبة.
فأظهرها نجم بدا دلّ واضحاو أدغم ورش ضرّ ظمئان و امتلا أخبر أن المشار إلیهم بالنون و الباء و الدال فی قوله نجم بدا دل و هم عاصم و قالون و ابن كثیر أظهروا دال قد عند حروفها الثمانیة و أتی بالرموز مؤخرة لعدم الالتباس. قوله:
و أدغم ورش ضر ظمئان أخبر أن ورشا أدغم فی الضاد و الظاء فتعین له الإظهار فیما بقی و أتی باسمه صریحا فلم یحتج إلی الواو الفاصلة بین الاسم و الحرف لعدم الالتباس و الواو فی واضحا و امتلا للفصل بین المسائل، و قد تكرر فی الموضعین بواو و أدغم بعدهما فی هذا البیت و الذی بعده فحصل أربع واوات، و النجم یكنی به عن العالم، و بدا معناه ظهر و دل من قولك دللته علی كذا أی أرشدته، و الواضح الظاهر البین: و الضر سوء الحال، و الظمآن:
العطشان و امتلا: من الامتلاء.
و أدغم مرو واكف ضیر ذابل‌زوی ظلّه وغر تسدّاه كلكلا أخبر رحمه اللّه أن المشار إلیه بالمیم فی قوله مرو و هو ابن ذكوان أدغم دال قد فی الضاد و الذال و الزای و الظاء فتعین له الإظهار عند الأربعة الباقیة و أتی بما شرط من تقدیم الرمز و الإتیان بالواو ثم بحروف من رمزه و الواو فی واكف و فی وغر فاصلة و قوله: تسداه كلكلا تمم به البیت و لم یتعلق به حكم و قوله مرو اسم فاعل من أروی یروی، و الواكف:
الهاطل: یقال وكف البیت أی هطل و الضیر: الضرر، و الذابل: النحیف و زوی من زویت الشی‌ء إذا جمعته و منه الزاویة التی تزوی الفقراء أی تجمعهم. و الظل معروف و الوغر جمع
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 107
و غرة، و هی شدة توقد الحر، و تسدّاه أی علاه و الكلكل: الصدر من أی حیوان كان ابن آدم أو غیره:
و فی حرف زیّنّا خلاف و مظهرهشام بصاد حرفه متحمّلا أی اختلف عن ابن ذكوان فی قوله: وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ [الملك:
5]، فروی عنه الإظهار و الإدغام و قوله: و مظهر هشام إلی آخره أخبر أن هشاما أظهر لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ [ص: 24]، و لیس فی ص غیر هذا الموضع فلهذا قال بص و لم یعینه فتعین لهشام الإدغام فی السبعة الباقیة و بقی من لم یسمعه فی هذا الباب علی الإدغام فی الجمیع، و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی و قوله: متحملا حال أی تحمل هشام ذلك و نقله و الهاء فی حرفه تعود علی هشام لأنه لم یظهر إلا فی هذا الموضع فهو حرفه الذی اشتهر بإظهاره.
توضیح: القراء فی دال قد علی ثلاث مراتب: منهم من أظهرها عند حروفها الثمانیة بلا خلاف، و هم قالون و ابن كثیر و عاصم. و منهم من أدغمها فی حروفها الثمانیة بلا خلاف و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی. و منهم من أظهر عند بعضها و أدغم فی بعضها و هم ورش و ابن ذكوان و هشام. أما ورش فإنه أدغم فی الضاد و الظاء و أظهرها عند الستة الباقیة و أما ابن ذكوان فإن الأحرف الثمانیة عنده علی ثلاث مراتب: منها أربعة أظهر عندها بلا خلاف و هی السین و الصاد و الجیم و الشین، و منها ثلاثة أدغم فیها بلا خلاف و هی الضاد و الظاء و الذال، و منها حرف واحد اختلف عنه فیه و هو الزای و أما هشام فإنه أظهر قال لقد ظلمك و أدغم فی السبعة البواقی.

ذكر تاء التأنیث‌

و أبدت سنا ثغر صفت زرق ظلمه‌جمعن ورودا باردا عطر الطّلا التاء فی قوله: و أبدت هی تاء التأنیث أتی بها و حروفها الستة فی بیت واحد و هی السین من سنا و الثاء من ثغر و الصاد من صفت و الزای من زرق و الظاء من ظلمة و الجیم من جمعن و أمثلتهما عند السین أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ [البقرة: 261]، و الثاء كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِینَ [الشعراء: 141]، و نحوه و الصاد حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء: 90] و لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ [الحج: 40]، و لیس غیرهما، و الزای كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ [الإسراء: 97]، لا غیر و الظاء نحو قوله تعالی: وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها [الأنعام:
138]، و الجیم كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ [الحج: 40] و وَجَبَتْ جُنُوبُها [الحج:
36]، لیس غیرهما، و الواو فی ورودا فاصلة و قوله باردا عطر الطلا لم یتعلق به حكم و إنما
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 108
تمم به البیت، و السنا: الضوء، و الثغر: ما تقدم من الأسنان، و زرق جمع أزرق یوصف به الماء لكثرة صفائه، و الظلم ماء الأسنان، و الورود الحضور و العطر الطیب الرائحة و الطلاء بالمد. ما طبخ من عصیر العنب و قصره ضرورة:
فإظهاره درّ نمته بدوره‌و أدغم ورش ظافرا و مخولا أخبر رحمه اللّه أن المشار إلیهم بالدال و النون و الباء من قوله: درّ نمته بدوره، و هم ابن كثیر و عاصم و قالون أظهروا تاء التأنیث عند حروفها الستة و أخر الرمز لعدم الالتباس.
و قوله: و أدغم ورش ظافرا أخبر أن ورشا أدغم فی الظاء خاصة فتعین له الإظهار عند الخمسة البواقی و لم یحتج إلی الواو الفاصلة لصریح الاسم، و النمو الزیادة و الظافر الفائز و المخول المملك یقال خولك اللّه كذا أی ملكك إیاه.
و أظهر كهف وافر سیب جوده‌زكیّ وفیّ عصرة و محلّلا
و أظهر راویه هشام لهدّمت‌و فی وجبت خلف ابن ذكوان یفتلا أخبر رحمه اللّه أن المشار إلیه بالكاف فی قوله كهف و هو ابن عامر أظهر تاء التأنیث عند ثلاثة أحرف السین و الجیم و الزای و الواو من قوله وافر و من قوله وفیّ فاصلة و قوله و أظهر راویه أی راوی ابن عامر المسمی بهشام لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ [الحج: 40]، و قوله و فی «وجبت» خلف بن ذكوان. یعنی أن الراوی الثانی عن ابن عامر و هو ابن ذكوان قرأ وَجَبَتْ جُنُوبُها [الحج: 36] بالإظهار و الإدغام، و قوله: یفتلا من فلیت الشعر إذا تدبرته، و إنما قال ذلك لأن الإظهار هو المشهور عن ابن ذكوان و لم یذكر فی التیسیر غیره.
توضیح: القراء فی تاء التأنیث علی ثلاث مراتب: منهم من أظهرها عند جمیع حروفها و هم: عاصم و قالون و ابن كثیر، و منهم من أدغمها فی حروفها الجمیع و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی، و منهم من أظهرها عند بعضها و أدغمها فی بعضها و هما ورش و ابن عامر فأما ورش فإنه أدغمها فی الظاء خاصة و أظهرها عند الخمسة الباقیة، و أما ابن عامر فإن الحروف المذكورة عنده علی ثلاث مراتب: منها ما أظهر عنده قولا واحدا و هما السین و الزای، و منها ما أدغم فیه قولا واحدا و هما الطاء و الثاء، و منها ما عنده فیه تفصیل و هما الصاد و الجیم، فأما الصاد فإنه أدغم فیه بلا خلاف فی قوله تعالی: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء: 90]، و اختلف راویاه عنه فی قوله تعالی: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ [الحج: 40]، فأظهر هشام و أدغم ابن ذكوان، و أما الجیم فإنه أظهر عندها بلا خلاف فی نضجت جلودهم و أما وَجَبَتْ جُنُوبُها [الحج: 36]، فإنه أظهرها من روایة هشام و عنه فیها الإظهار و الإدغام من روایة ابن ذكوان، و ظاهر البیت ثناء علی ابن عامر، أخبر الناظم عنه بأنه كهف تأوی إلیه الناس و قوله: وافر سیب جوده أی زائد عطاء كرمه؛ و قوله: زكی وفیّ أی صادق الوعد عصرة أی ملجأ فی وقت الشدة و محللا أی منزله محل الضیف.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 109

ذكر لام هل و بل‌

قدم هل علی بل فی الترجمة و عكس ذلك فی البیت لیعطی كل واحد من الحرفین حظا من التقدیم و التأخیر فقال:
ألا بل و هل تروی ثنا ظعن زینب‌سمیر نواها طلح ضرّ و مبتلا أتی بلام بل و هل و حروفها الثمانیة و هی التاء من تروی و الثاء من ثنا و الظاء من ظعن و الزای من زینب و السین من سمیر و النون من نواها و الطاء من طلح و الضاد من ضر و أمثلتها عند التاء نحو بَلْ تَأْتِیهِمْ بَغْتَةً [الأنبیاء: 40] و بَلْ تَحْسُدُونَنا [الفتح: 15]، و الظاء بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ [الفتح: 12]، لیس غیره و الزای بَلْ زُیِّنَ لِلَّذِینَ [الرعد: 33] و بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ [الكهف: 48]، لیس غیرها و السین بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ [یوسف: 18، 83]، موضعان بیوسف لیس غیرهما. و النون قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا [لقمان: 21] و بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [الواقعة: 67]، و نحوه و الطاء بَلْ طَبَعَ اللَّهُ [النساء: 55]، و الضاد بل ضَلُّوا عَنْهُمْ [الأحقاف: 28]، و لا ثانی له و الثاء هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ [المطففین: 36]، لیس غیره و التاء هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا [المائدة: 59] و هَلْ تَعْلَمُ لَهُ [مریم: 65]، و النون هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ [الكهف: 103] و هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ [الشعراء: 203].
تنبیه: ظاهر عبارة الناظم رحمه اللّه توهم أن كل واحدة تدغم فی الثمانیة و لیس كذلك بل لام بل تدغم فی سبعة النون و الضاد و الطاء و الظاء و التاء و السین و الزای، و لام هل تدغم فی ثلاثة النون و التاء و الثاء و لام بل تختص بخمسة الضاد و الطاء و الظاء و الزای و السین و تختص هل بحرف الثاء و یشتركان فی حرفین النون و التاء و قد نظم بعض الشراح علی هذا التفصیل فأحسن حیث قال:
ألا بل و هل تروی نوی هل ثوی و بل‌سری ظل ضر زائد طال و ابتلا أی لام هل و بل لهما التاء و النون و لهل وحدها الثاء و لبل الخمسة البواقی و الظعن السیر و السمیر المحدث لیلا و النوی البعد و الطلح الذی تعب و أعیا و الضر ضد النفع و المبتلی المختبر.
فأدغمها راو و أدغم فاضل‌وقور ثناه سرّ تیما و قد حلا أخبر رحمه اللّه أن المشار إلیه بالراء فی قوله راو و هو الكسائی أدغم لام هل و بل فی حروفهما و أخر الرمز لعدم الالتباس و قوله: و أدغم فاضل إلخ أخبر أن المشار إلیه بالفاء فی قوله فاضل و هو حمزة أدغم فی الثاء و السین و التاء المشار إلیهن فی قوله ثناه سر تیما و أتی بما شرط من تقدیم الرمز و تأخیر الحروف المختلف فیها و الواو فی قوله و أدغم فاصلة بین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 110
المسألتین و الواو فی قوله وقور فاصلة بین الحرف الدال علی القارئ و بین الحروف المختلف فی إظهارها و إدغامها. و الوقور ذو الحلم و الرزانة و تیما اسم قبیلة ینتسب إلیها حمزة و الواو فی قوله و قد فاصلة و حلا تمم به البیت أی ثناء حمزة سر قومه و حلا.
و بل فی النّسا خلّادهم بخلافه‌و فی هل تری الإدغام حبّ و حمّلا أخبر أن خلادا قرأ فی سورة النساء قوله: بل طبع اللّه علیها بالإظهار و الإدغام، و هذا معنی قوله: بخلافه و أتی باسمه صریحا فلم یحتج إلی الواو الفاصلة و قوله و فی هل تری الإدغام حب. أخبر أن المشار إلیه بالحاء فی قوله حب و هو أبو عمرو و أدغم هل تری من فطور بالملك و أدغم فهل تری لهم من باقیة فی الحاقة و حملا أی نقل عن أبی عمرو.
و أظهر لدی واع نبیل ضمانه‌و فی الرّعد هل و استوف لا زاجرا هلا أمر بالإظهار للمشار إلیه باللام فی قوله لدی و هو هشام عند الحرفین المذكورین بعد الواو و هما النون و الضاد و عند التاء فی حرف واحد بالرعد أَمْ هَلْ تَسْتَوِی الظُّلُماتُ [الرعد: 16]، و لم یدغمه أحد لأن حمزة و الكسائی یقرءان یستوی بالیاء المعجمة الأسفل و هم أصحاب الإدغام و قوله: و استوف لا زاجرا هلا كمل به البیت و الواو فی واع و استوف فاصلة أی استوف ما ذكرت لك من الفوائد غیر زاجر بهلا و هی كلمة یزجر بها الخیل.
توضیح: القراء فی لام هل و بل علی ثلاث مراتب: منهم من أدغم فی الجمیع و هو الكسائی وحده و منهم من أظهر الجمیع و هم نافع و ابن كثیر و ابن ذكوان و عاصم و منهم من أدغم فی البعض و أظهر عند البعض و هم أبو عمرو و هشام و حمزة؛ أما أبو عمرو فإنه أدغم هل تری بالملك و الحاقة خاصة و أظهر عند البواقی خاصة، و أما هشام فإنه أظهر عند النون و الضاد و عند التاء بالرعد خاصة و أدغم فیما سوی ذلك و أما حمزة فإنه أدغم فی الثاء و السین و التاء و أدغم من روایة خلاد بخلاف عنه فی الطاء من بل طبع فی النساء.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 111

باب اتفاقهم فی إدغام إذ و قد و تاء التأنیث و هل و بل‌

إنما احتاج إلی ذكر اتفاقهم فی هذه الكلمات لأنه قد وقع فی بعضها اختلاف بین الرواة فی الكتب المبسوطات غیر هذا القصید كإظهار دال عند التاء من طریق أبی حمدون و المروزی عن المسیبی نحو قد تبین و تاء التأنیث عند الدال فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ [الأعراف: 189]، و محمد عنه فی نحو فَآمَنَتْ طائِفَةٌ [الصف: 14]، و الفضل بن شاهی عن حفص غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ [الكهف: 17]، و البرجمی عن أبی بكر لام بل و قل عند الراء نحو قوله تعالی: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ [النساء: 158] و قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ [الكهف: 22]، كل هذا نقل فیه الإظهار.
و لما كان هذا و نحوه متفقا علی إدغامه فی هذا القصید نبه علیه بقوله:
و لا خلف فی الإدغام إذ ذلّ ظالم‌و قد تیّمت دعد و سیما تبتّلا أخبر أنه لا خلاف فی إدغام ذال إذ فی الحرفین المذكورین فی الكلمتین اللتین بعدها و هما الذال من ذل و الظاء من ظالم نحو إذ ذهب و إذ ظلموا. قوله: و قد تیمت أی لا خلاف أیضا فی إدغام دال قد فی الحرفین المذكورین بعدها و همت التاء من تیمت و الذال من دعد نحو قد تبین و قد دخلوا. و معنی تیمت أمرضت من الحب و دعد امرأة و الوسیم الحسن الوجه و التبتل الانقطاع.
و قامت تریه دمیة طیب وصفهاو قل بل و هل رآها لبیب و یعقلا أی لا خلاف فی إدغام تاء التأنیث فی الأحرف الثلاثة المذكورة بعدها و هی التاء من تریه و الدال من دمیة و الطاء من طیب نحو فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ [البقرة: 16] و أُجِیبَتْ دَعْوَتُكُما [یونس: 89] و فَآمَنَتْ طائِفَةٌ [الصف: 14]، و الواو فی وصفها فاصلة و قد تكررت. و الدمیة صورة تشبه المرأة، و قوله و قل بل و هل إلخ أی لا خلاف فی إدغام اللام
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 112
من قل و بل و هل فی الحرفین الأولین من الكلمتین اللتین بعدهن و هما الراء و اللام من قوله رآها لبیب نحو قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ [الكهف: 22] و (قل للذین هل لكم)، (بل لا یكرمون) [الفجر: 17] و بَلْ رَبُّكُمْ [الأنبیاء: 56]، و قوله: رآها بالقصر من غیر همز و لبیب أی عاقل أی و هل رأی هذه الحسناء عاقل و یثبت عقله؟
و ما أوّل المثلین فیه مسكّن‌فلا بدّ من إدغامه متمثّلا أی إذا اجتمع حرفان متمثلان و سكن الأول منهما وجب إدغامه فی الثانی لغة و قراءة و سواء كانا فی كلمة نحو قوله تعالی: یُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ [النساء: 78] أو فی كلمتین نحو وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ [النحل: 53]، و لا یخرج من هذا العموم إلا حرف المد نحو آمنوا و عملوا الَّذِی یُوَسْوِسُ [الناس: 5]، فإنه واجب الإظهار فیمد و لا یدغم و قوله متمثلا أی متشخصا.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 113

باب حروف قربت مخارجها

جمیع ما سبق هو إدغام حروف قربت مخارجها فكأنه یقول فی باب إدغام حروف أخر قربت مخارجها و المذكور فی هذا الباب ثمانیة أحرف الباء و اللام و الفاء و الدال و التاء و الراء و النون و الذال و قد قدم الكلام فی الباء فقال:
و إدغام باء الجزم فی الفاء قد رساحمیدا و خیّر فی یتب قاصدا و لا أخبر أن الباء المجزومة تدغم فی الفاء للمشار إلیهم بالقاف و الراء و الحاء فی قوله:
قد رسا حمیدا و هم خلاد و أبو عمرو و الكسائی، و جمیع ما فی القرآن خمسة مواضع أولها قوله تعالی: أَوْ یَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً [النساء: 74]، إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ [الرعد: 5] و قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ [الإسراء: 63] و قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ [طه:
97] و مَنْ لَمْ یَتُبْ فَأُولئِكَ [الحجرات: 11] بالحجرات. ثم أخبر أن المشار إلیه بالقاف من قاصدا و هو خلاد له وجه آخر و هو الإظهار فی قوله تعالی: وَ مَنْ لَمْ یَتُبْ فَأُولئِكَ [الحجرات: 11] فأمرك أن تخیر فی إدغامه و إظهاره لأن الكل صحیح و تعین لمن لم یذكره الإظهار فی الخمسة و معنی رسا حمیدا أی ثبت محمودا و الولا بالفتح النصر:
و مع جزمه یفعل بذلك سلّمواو نخسف بهم راعوا و شذّا تثقّلا أخبر أن اللام من یفعل إذا كان مجزوما یدغم فی الذال من ذلك للمشار إلیه بالسین فی قوله سلموا و هو أبو الحارث و جمیع ما فی القرآن ستة مواضع أولها بالبقرة وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة: 231]، وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ فِی شَیْ‌ءٍ [آل عمران: 28] و وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً [النساء: 30]، و فیها وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ [النساء: 114]، وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ یَلْقَ أَثاماً [الفرقان: 68] وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [المنافقون: 9]، و تعین للباقین الإظهار، فإن لم یكن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 114
یفعل مجزوما لم یدغمه أحد نحو فَما جَزاءُ مَنْ یَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ [البقرة: 85]، و قوله:
و نخسف بهم راعوا. أخبر أن المشار إلیه بالراء فی قوله راعوا و هو الكسائی أدغم الفاء فی الباء من نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ [سبأ: 9]، فی سبأ فتعین للباقین الإظهار. و معنی راعوا أی راقبوا الإدغام فقرءوا به. قوله: و شذا تثقلا الألف فی قوله و شذا ضمیر یفعل و نخسف أی و شذ إدغام هذین الحرفین عند النحاة إلا القراء لأن الشاذ عند القراء ما لم یتواتر و هذان تواترا»، و الشاذ عند النحاة: ما خرج عن قیاسه أو ندر.
و عذت علی إدغامه و نبذتهاشواهد حمّاد و أورثتمو حلا
له شرعه و الرّاء جزما بلامهاكو اصبر لحكم طال بالخلف یذبلا أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الحاء فی قوله شواهد حماد و هم حمزة و الكسائی و أبو عمرو أدغموا الدال فی التاء من كلمتین إحداهما: إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی [غافر: 27]، [الدخان: 20]، و الثانیة فَنَبَذْتُها [طه: 96] فتعین للباقین الإظهار فیهن، و الشواهد الأدلة و الحماد الكثیر الحمد، و قوله: و أورثتمو حلا له شرعه. أخبر أن المشار إلیهم بالحاء و اللام و الشین فی قوله حلاله شرعه و هم أبو عمرو و هشام و حمزة و الكسائی أدغموا الثاء فی التاء من (أورثتمو) [الأعراف: 43]، [الزخرف: 72]، فتعین للباقین الإظهار و معنی حلا عذب و الشرع الطریق و قوله و الراء جزما بلامها إلخ. أخبر أن الراء المجزومة تدغم فی اللام للمشار إلیه بالطاء فی قوله طال و هو الدوری بخلاف عنه أی للدوری الإظهار و الإدغام و أن المشار إلیه بالیاء فی قوله یذبلا و هو السوسی یدغم الراء فی اللام بلا خلاف و مثل ذلك بقوله تعالی: وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الطور: 48]، و نظیره أَنِ اشْكُرْ لِی [لقمان: 14] و یَغْفِرْ لَكُمْ [الحدید: 28] و نحوه. و یذبل: اسم جبل معروف.
و یاسین أظهر عن فتی حقّه بداو نون و فیه الخلف عن ورشهم خلا أمر بإظهار النون من یس عند الواو من و القرآن و إظهار النون من هجاء نون عند الواو من و القلم للمشار إلیهم بالعین و الفاء و الحاء و الباء فی قوله: عن فتی حقه بدا و هم حفص و حمزة و ابن كثیر و أبو عمرو و قالون و نون معطوف علی قوله: و یس یعنی أن الذین أظهروا یس و القرآن أظهروا نون و القلم ثم قال و فیه الخلف یعنی فی نون و القلم عن ورش وجهان:
الإظهار و الإدغام و تعین للباقین الإدغام فیهما، و خلا أی مضی.
و حرمیّ نصر صاد مریم من یردثواب لبثت الفرد و الجمع وصّلا أخبر أن المشار إلیهم بحرمی و بالنون فی قوله حرمی نصر و هم نافع و ابن كثیر و عاصم أظهروا الدال من هجاء صاد من كهیعص عند ذال ذكر و أظهروا الدال أیضا عند الثاء من قوله تعالی: یُرِدْ ثَوابَ [آل عمران: 145]، حیث وقع و أظهروا الثاء عند التاء من لبثت كیفما
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 115
تصرف فردا و جمعا نحو كَمْ لَبِثْتَ [البقرة: 259]، إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا [الإسراء:
52]، و تعین للباقین الإدغام فیهن.
و طاسین عند المیم فاز اتّخذتموأخذتم و فی الإفراد عاشر دغفلا أخبر أن النون من هجاء طسم فی أول الشعراء و القصص تظهر عند المیم للمشار إلیه بالفاء فی قوله: فاز و هو حمزة فتعین للباقین الإدغام، و قوله عند المیم احترز به من طس تلك أول النمل فإنها مخفاة للكل كما سیأتی و قوله اتخذتم إلی آخره: أخبر أن الذال تظهر عند التاء فیما كان مسندا إلی ضمیر الجمع نحو اتَّخَذْتُمْ آیاتِ اللَّهِ [الجاثیة: 35] و أَخَذْتُمْ عَلی ذلِكُمْ إِصْرِی [آل عمران: 81]، و فی الإفراد نحو اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَیْرِی [الشعراء: 29] و لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ [الكهف: 77]، للمشار إلیهما بالعین و الدال فی قوله عاشر دغفلا و هما حفص و ابن كثیر و تعین للباقین الإدغام. و دغفلا من قولهم عام دغفل، أی خصب.
و فی أركب هدی برّ قریب بخلفهم‌كما ضاع جا یلهث له دار جهّلا
و قالون ذو خلف و فی البقرة فقل‌یعذّب دنا بالخلف جودا و موبلا أخبر أن إظهار الباء عند المیم من یا بنیّ اركب معنا للمشار إلیهم بالهاء و الباء و القاف فی قوله هدی بر قریب، و هم البزی و قالون و خلاد بخلاف عنهم، أی لكل منهم الإظهار و الإدغام و أن المشار إلیهم بالكاف و الضاد و الجیم فی قوله كما ضاع جا و هم ابن عامر و خلف و ورش أظهروا الباء عند المیم من أركب معنا بلا خلاف فتعین للباقین إدغامه و قوله یلهث له دار جهلا. أخبر أن إظهار الثاء من یلهث عند الذل فی ذلك مثل القوم للمشار إلیهم باللام و الدال و الجیم فی قوله له دار جهلا و هم هشام و ابن كثیر و ورش. ثم قال و قالون ذو خلف یعنی أن قالون له فی یلهث ذلك وجهان الإظهار و الإدغام و تعین للباقین الإدغام.
و البر الصلاح و ضاع أی انتشر من ضاع الطیب إذا فاحت رائحته و دار فعل أمر من داری یداری و جهلا جمع جاهل. و قوله و فی البقرة إلخ أمر بإظهار الباء عند المیم من یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ [البقرة: 284]، بالبقرة للمشار إلیه بالدال فی قوله: دنا و هو ابن كثیر بالخلف أی عنه وجهان الإظهار و الإدغام، و للمشار إلیه بالجیم فی قوله جودا بلا خلاف و هو ورش أی عنه الإظهار لا غیر و تعین للباقین الإدغام و سكن الناظم الهاء من البقرة ضرورة و دنا قرب.
و الجود: المطر الغزیر و موبلا من أو بل المطر إذا اشتد وقعه.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 116

باب أحكام النون الساكنة و التنوین‌

هذا الباب أیضا من إدغام حروف قربت مخارجها. و أحكام جمع حكم و إنما جمع لأن للنون الساكنة و التنوین هنا أحكاما من الإظهار و الإدغام و القلب و الإخفاء، و قد أفردت لهما تصنیفا و قدم الكلام فی الإدغام فقال:
و كلّهم التّنوین و النّون أدغموابلا غنّة فی اللّام و الرّا لیجملا أخبر أن القراء كلهم یعنی السبعة أدغموا التنوین و النون الساكنة المتطرفة فی اللام و الراء من غیر غنة نحو هُدیً لِلْمُتَّقِینَ [البقرة: 2] و ثَمَرَةٍ رِزْقاً [البقرة: 25] و لكِنْ لا یَعْلَمُونَ [البقرة: 13] و مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: 5]، و قوله: لیجملا أی لیجملا فی اللفظ بهما من غیر كلفة و سیأتی بیان الغنة فی باب مخارج الحروف.
و كلّ بینمو أدغموا مع غنّةو فی الواو و الیا دونها خلف تلا أخبر أن كل القراء السبعة أدغموا النون الساكنة و التنوین فی حروف ینمو الأربعة و هی الیاء و النون و المیم و الواو إدغاما مصاحبا للغنة فالیاء نحو من یقول و برق یجعلون و النون نحو من نور و یَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ [الغاشیة: 8]، و المیم نحو مِمَّنْ مَنَعَ [البقرة: 114] و مَثَلًا ما بَعُوضَةً [البقرة: 26]، و الواو نحو مِنْ والٍ [الرعد: 1]، و غِشاوَةٌ [البقرة: 7]، [الجاثیة: 23]، و لهم و قوله و فی الواو والیا إلخ أخبر أن خلفا قرأ بإدغام النون الساكنة و التنوین فی الواو و الیاء بدون غنة أی بغیر غنة:
و عندهما للكلّ أظهر بكلمةمخافة إشباه المضاعف أثقلا أمر رحمه اللّه بإظهار النون الساكنة لكل القراء عندهما أی عند الیاء و الواو و إذا جاءت النون قبلهما فی كلمة واحدة نحو الدنیا و بنیان و قنوان و صنوان فلا یدخل التنوین فی ذلك لأنه مختص بالأواخر ثم علل بقوله مخافة أشباه المضاعف یعنی أن النون الساكنة إذا وقعت
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 117
مع الیاء و الواو فی كلمة واحدة و أدغمت النون فیهما فإنه یشبه المضاعف الذی أدغم فیه الحرف فی مثله فیصیر لفظ صنوان صوان و بنیان بیان فیقع الالتباس و لم یفرق السامع بین ما أصله النون و بین ما أصله التضعیف فأبقیت النون مظهرة مخافة أن یشبه المضاعف فی حال كونه ثقیلا و المضاعف هو الذی فی جمیع تصرفاته یكون أحد حروفه الأصول مكررا نحو حیان و رمان و شبه ذلك.
و عند حروف الحلق للكل أظهراألا هاج حكم عمّ خالیه غفّلا أخبر أن النون الساكنة و التنوین أظهرا لكل القراء السبعة إذا كان بعدهما أحد حروف الحلق و سواء كان ذلك فی كلمة أو فی كلمتین، ثم بین حروف الحلق بأوائل هذه الكلمات و هی الهمزة من قوله: ألا و الهاء من قوله هاج و الخاء من قوله حكم و العین من قوله عم و الخاء من قوله خالیه و الغین من قوله غفلا، فمثال النون الساكنة و التنوین عند الهمزة من آمن و كل آمن و ینأون و عند الهاء من هاجر و جرف هار و منها و عنها و عند الحاء مَنْ حَادَّ اللَّهَ [المجادلة: 22] و نارٌ حامِیَةٌ [القارعة: 11] و لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ [الكوثر: 2]، و عند العین وَ مَنْ عاقَبَ [الحج: 60] و بُكْمٌ عُمْیٌ [البقرة: 18] و أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ [الفاتحة: 7]، و عند الخاء من خزی یومئذ و یومئذ خاشعة و المنخنقة و عند الغین من غل قولا غیر فسینغضون و شبه ذلك:
و قلبهما میما لدی البا و أخفیاعلی غنّة عند البواقی لیكملا أخبر أن النون الساكنة و التنوین یقلبان میما عند الباء لجمیع القراء إذا وقعت الباء بعدهما نحو من بعدهم و أنبئهم و صُمٌّ بُكْمٌ [البقرة: 18]، و قوله: و أخفیا علی غنة إلخ الإخفاء حالة بین الإظهار و الإدغام و هو عار من التشدید. أخبر أن النون الساكنة و التنوین یخفیان مع بقاء غنتهما عند باقی حروف المعجم غیر الثلاثة عشر المتقدمة و هی ستة الإدغام و ستة الإظهار و واحد للقلب فالذی بقی من حروف المعجم خمسة عشر حرفا جمعتها فی أوائل كلمات هذا البیت فقلت:
تلائم جادر ذكا زاد سل شذاصفا ضاع طاب ظل فی قرب كملا و هی التاء و التاء و الجیم و الدال و الذال و الزای و السین و الشین و الصاد و الضاد و الطاء و الظاء و الفاء و القاف و الكاف فهذه حروف الإخفاء لا خلاف بین القراء فی إخفاء النون الساكنة و التنوین عند هذه الحروف و سواء اتصلت النون بهن فی كلمة أو انفصلت عنهن فی كلمة أخری، فالإخفاء عند التاء نحو من تحتها و ینتهون و جنات تجری، و عند الثاء نحو من ثمرة و منثورا و جمیعا ثم، و عند الجیم إن جاءكم فأنجیناكم و شیئا جنات و عند الدال نحو من دابة و أندادا و قنوان دانیة و عند الذال نحو من ذكر و منذرون و سراعا ذلك و عند الزای فإن زللتم فأنزلنا و یومئذ زرقا، و عند السین أن سلام و منسأته و عظیم سماعون، و عند الشین نحو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 118
من شاء و ینشأ و علیم شرع و عند الصاد نحو أن صدوكم و ینصركم و رِیحاً صَرْصَراً [القمر: 19]، و عند الضاد نحو إن ضللت و منضود و قوما ضالین و عند الطاء نحو و إن طائفتان و ینطقون و قَوْماً طاغِینَ [الصافات: 30]، و عند الظاء نحو إِنْ ظَنَّا [البقرة:
230]، و ینظرون و قوما ظلموا و عند الفاء نحو و إن فإنكم و انفروا و عمی فهم و عند القاف نحو لئن قلت و منقلبون و شی‌ء قدیر و عند الكاف نحو من كان و ینكثون و عادا كفروا و شبه ذلك فذلك خمسة عشر حرفا و خمسة و أربعون مثالا للإخفاء. و قوله: لیكملا أی الأحكام:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 119

باب الفتح و الإمالة و بین اللفظین‌

أی فتح الصوت لا الحرف و الفتح هنا ضد الإمالة، و قدمه لأنه الأصل و الإمالة فرع عنه فكل ما یمال یجوز فتحه و لیس كل ما یفتح یجوز إمالته لأن الإمالة لا تكون إلا لسبب من الأسباب، و هی تنقسم إلی كبری و صغری، فالكبری متناهیة فی الانحراف و الصغری متوسطة بین اللفظین أی بین لفظ الفتح و لفظ الإمالة المحضة، و قد أفردت للإمالة تصنیفا مرتبا علی سور القرآن:
و حمزة منهم و الكسائیّ بعده‌أمالا ذوات الیاء حیث تأصّلا و حمزة منهم أی من السبعة و الكسائی بعده یعنی بعد حمزة لأنه قرأ علیه و اختار بعده هذه القراءة. أخبر الناظم أن حمزة و الكسائی أمالا ذوات الیاء أی كل ألف منقلبة عن یاء من الأسماء و الأفعال حیث تأصلا أی حیث كان الیاء أصلا و انقلبت الألف عنه و هذا أحد أسباب الإمالة. و أسباب الإمالة عند القراء ثمانیة كسرة موجودة فی اللفظ أو عارضة فی بعض الأحوال أو یاء موجودة فی اللفظ أو انقلاب عنها أو تشبیه بالانقلاب عنها أو تشبیه بما أشبه المنقلب عن الیاء أو مجاورة إمالة و جمیعها راجعة إلی الكسرة و الیاء. الثامن أن تكون الألف رسمت بالیاء و إن كان أصلها الواو. و لما توقفت الإمالة علی معرفة أصل الألف ذكر له ضابطا فقال:
و تثنیة الأسماء تكشفها و إن‌رددت إلیك الفعل صادفت منهلا أی تكشف لك ذوات الواو من ذوات الیاء، یرید أنك إذا ثنیت الاسم الذی فیه الألف فإن ظهرت فی التثنیة یاء أملتها و إن ظهرت واوا لم تمل، و كذلك إذا وجدت فی الفعل ألفا و رددته إلی نفسك فإن ظهرت واوا لم تمل و إن ظهرت یاء أملتها. و قوله: صادفت منهلا أی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 120
وجدت مطلوبك شبه الطالب بالظمآن الذی یجد منهل الماء. ثم مثل فقال:
هدی و اشتراه و الهوی و هداهم‌و فی ألف التّأنیث فی الكلّ میّلا أی بمثالین فی الأفعال و هما هدی و اشتراه و مثالین فی الأسماء و هما الهوی و هداهم لأنك إذا رددت هدی إلی نفسك قلت هدیت و كذلك اشتری تقول اشتریت و إذا ثنیت الأسماء تقول هویان و هدیان، فعلمنا من هذه الأمثلة أن الألف لا بد أن تكون لاما فی الأسماء و الأفعال. ثم انتقل إلی الأصل الثانی فقال: و فی ألف التأنیث فی الكل میلا، یعنی أن حمزة و الكسائی أمالا ألفات التأنیث كلها و الألف من قوله میلا ضمیر حمزة و الكسائی.
ثم بین محل ألفات التأنیث فقال:
و كیف جرت فعلی ففیها وجودهاو إن ضمّ أو یفتح فعالی فحصّلا أی وجود ألف التأنیث فی موزون فعلی ساكنة العین كیف جرت بضم الفاء و فتحها و كسرها فالذی بضم الفاء نحو الدنیا و الأنثی و السوأی و الأخری و البشری و الكبری و الذی بفتح الفاء نحو التقوی و النجوی و شتی و أسری و سكری و الذی بكسر الفاء نحو إحدی و سیماهم و الشعری و الذكری و الحق بهذا الباب موسی و یحیی و عیسی، و قوله: و إن ضم أو یفتح فعالی أی و كذلك تجری ألف التأنیث فی موزون فعالی أی بضم الفاء و فتحها فالذی بضم الفاء نحو سكاری و كسالی و فرادی و الذی بفتح الفاء نحو الیتامی و الأیامی و النصاری و قوله فحصلا أی فحصل ذلك و الفاء لیست برمز:
و فی اسم فی الاستفهام أنّی و فی متی‌معا و عسی أیضا أمالا و قل بلی أخبر أن حمزة و الكسائی أمالا كل اسم مستعمل فی الاستفهام و هو أَنَّی شِئْتُمْ [البقرة: 223] و أَنَّی یَكُونُ لِی [آل عمران: 40، 47] و أَنَّی یُحْیِی هذِهِ [البقرة:
259] و أَنَّی لَكِ هذا [آل عمران: 37] و أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ [آل عمران: 40] و أَنَّی یَكُونُ لِی وَلَدٌ [آل عمران: 47] و قُلْتُمْ أَنَّی هذا [آل عمران: 165] و أَنَّی یُؤْفَكُونَ [المائدة: 75] و فَأَنَّی تُؤْفَكُونَ [الأنعام: 95] و أَنَّی یَكُونُ لِی وَلَدٌ [الأنعام: 101] و أَنَّی یُؤْفَكُونَ [التوبة: 30] و أَنَّی یُصْرَفُونَ [یونس: 32] و فَأَنَّی تُؤْفَكُونَ [یونس: 34] و قالَتْ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ [مریم: 20] و فَأَنَّی تُسْحَرُونَ [المؤمنون: 89] و فَأَنَّی یُؤْفَكُونَ [العنكبوت: 61] و وَ أَنَّی لَهُمُ التَّناوُشُ [سبأ: 52] و (فأنی یؤفكون) [فاطر: 3] و فَأَنَّی یُبْصِرُونَ [یس: 66] و فَأَنَّی تُصْرَفُونَ [الزمر:
6] و (فأنی یؤفكون) [غافر: 62] و أَنَّی یُصْرَفُونَ [غافر: 69] و فَأَنَّی یُؤْفَكُونَ [الزخرف: 87] و أَنَّی لَهُمُ الذِّكْری [الدخان: 13] و فَأَنَّی لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ [محمد: 18] و أَنَّی یُؤْفَكُونَ [المنافقون: 40] و أَنَّی لَهُمُ الذِّكْری [الفجر: 23]، فهذه جمیع ما فی القرآن و هی ثمانیة و عشرون موضعا، و قوله: و فی متی معا و عسی إلخ،
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 121
یعنی أن حمزة و الكسائی أمالا متی و عسی و بلی حیث وقعن نحو متی هذا الوعد، و عسی ربكم، و بلی من كسب سیئة:
و ما رسموا بالیاء غیر لدی و مازكی و إلی من بعد حتی و قل علی أی و أمال حمزة و الكسائی كل ألف متطرفة كتبت فی المصحف العثمانی یاء فی الأسماء و الأفعال مما لیس أصله الیاء بأن تكون زائدة أو عن واو فی الثلاثی إلا ما یختص نحو: یا ویلتی و یا أسفی و یا حسرتی و ضحی و لا تضحی ثم استثنی خمس كلمات اسم و فعل و ثلاثة أحرف فلم تمل فالاسم الذی رسم بالألف فی یوسف أعنی لدا الباب و اختلفت المصاحف فیه بغافر أعنی لدا الحناجر فرسم فی بعضها بالألف و فی بعضها بالیاء، و الفعل ما زكی منكم من أحد و هو من ذوات الواو بدلیل قولك: زكوت فلم یمله أحد تنبیها علی ذلك، و الحروف إلی و حتی و علی فلم تمل لأن الحرف لا حظ له فی الإمالة. و اللّه أعلم:
و كلّ ثلاثیّ یزید فإنّه‌ممال كزكّاها و أنجی مع ابتلی أی و أما حمزة و الكسائی كل ألف هو لام الكلمة منقلب عن واو فی الفعل و الاسم زائدین علی ثلاثة أحرف فصار رباعیا أو أكثر نحو ما مثل به قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [الشمس:
9]، فلما أنجاهم و إذ أنجاكم و فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ [العنكبوت: 24] و نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها [الأعراف: 89]، و إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ [البقرة: 124]، و استعلی، و فی المضارع نحو یتلی و یدعی، و الاسم نحو الأدنی و الأعلی و أزكی. و الناظم لم یمثل الفعل المضارع و لا الاسم. فإن قیل من أین تأخذ العموم فی الفعل المضارع و الاسم قیل من قوله و كل ثلاثی یزید فإنه یشمل الفعل الماضی و المضارع و الاسم. فإن قیل تمثیله بالماضی فقط یقتضی اختصاص الحكم به. قیل الأصل العمل بالعموم. و ما ذكرته لا یصح أن یكون مختصا و نبه بالأمثلة علی إرادة اللام الواویة فلا یرد علیه نحو فَأَثابَهُمُ اللَّهُ [المائدة:
85]، فإن الألف فیه لیست لام الكلمة فلا تمال.
و لكنّ أحیا عنهما بعد واوه‌و فیما سواه للكسائیّ میّلا قوله: عنهما أی عن حمزة و الكسائی أخبر أنهما أمالا أحیا إذا كان قبلها واو: یرید و یحیی من بالأنفال و نموت و نحیی بقد أفلح و الجاثیة و أَماتَ وَ أَحْیا [النجم: 44] و لا یَحْیی، و سَبِّحِ [الأعلی: 1]. ثم قال: و فیما سواه للكسائی میلا، أخبر أن الكسائی انفرد دون حمزة بإمالة ما سوی ذلك یرید فأحیاكم و فأحیا به و ثم أحیاهم بالبقرة و من أحیاها بالمائدة، و فأحیا به الأرض بالنحل. و العنكبوت و الجاثیة، و قوله تعالی: وَ هُوَ الَّذِی أَحْیاكُمْ [الحج: 66] و إِنَّ الَّذِی أَحْیاها [فصلت: 39]، و كذلك إذا وقف علی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 122
قوله فكأنما أحیا الناس:
و رؤیای و الرّؤیا و مرضات كیفماأتی و خطایا مثله متقبّلا
و محیاهمو أیضا و حقّ تقاته‌و فی قد هدانی لیس أمرك مشكلا أخبر رحمه اللّه أن الكسائی انفرد بإمالة رؤیای و الرؤیا هاتین اللفظتین و مرضات كیفما أتی نحو مرضت اللّه و مرضاتی و خطایا مثله أی مثل مرضات كیفما أتت نحو خطایاكم و خطایاهم و الإمالة فی ألفاتها الأخیرة، و انفرد الكسائی أیضا بإمالة سَواءً مَحْیاهُمْ [الجاثیة: 21] و حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران: 102] و قَدْ هَدانِ [الأنعام: 80]، و قیده بقد احترازا من الذی فی آخر السورة قُلْ إِنَّنِی هَدانِی [الأنعام: 161] و لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِی [الزمر: 57]، فإن ذلك ممال لحمزة و الكسائی علی أصلیهما. و قوله: لیس أمرك مشكلا كمل به البیت و لم یكن فی البیتین رمز لأحد:
و فی الكهف أنسانی و من قبل جاء من‌عصانی و أوصانی بمریم یجتلا
و فیها و فی طس أتانی الّذی‌أذعت به حتی تضوّع مندلا أی و مما انفرد به الكسائی دون حمزة إمالة وَ ما أَنْسانِیهُ إِلَّا الشَّیْطانُ [الكهف:
63]، و من قبل یعنی فی سورة إبراهیم جاء وَ مَنْ عَصانِی فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِیمٌ [إبراهیم:
36] و أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ [مریم: 31]، و یجتلا أی یكشف و فیها یعنی فی مریم آتانِیَ الْكِتابَ [مریم: 30] و فی طس یعنی فی النمل آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ [النمل: 36]، فهذه خمسة أفعال أمالها الكسائی دون حمزة. و قوله: الذی أذعت به حتی تضوع مندلا لم یتعلق به حكم و كمل به البیت و أذعت: أفشت و تضوع فاح، و المندل العود الهندی و لیس فی البیتین رمز لأحد:
و حرف تلاها مع طحاها و فی سجی‌و حرف دحاها و هی بالواو تبتلا أی و مما انفرد بإمالته الكسائی أیضا تَلاها [الشمس: 2] و طَحاها [الشمس:
6] و سَجی [الضحی: 2] و دَحاها [النازعات: 30]، و قوله: و هی بالواو یعنی أن ألفها منقلبة عن واو و ما تقدم كانت ألفه عن یاء، و معنی تبتلا: تختر:
و أمّا ضحاها و الضّحی و الرّبا مع القوی فأمالاها و بالواو تختلا أخبر أن هذه الكلم الأربع اتفق حمزة و الكسائی علی إمالتها و أنها من ذوات الواو و نبه علی ذلك بقوله و هی بالواو، یعنی وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها [الشمس: 1] و الضُّحی وَ اللَّیْلِ [الضحی: 1] و الربا حیث وقع، و القوی بالنجم و تختلا من قولك: اختلیت الحشیش: إذا حززته:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 123 و رؤیاك مع مثوای عنه لحفصهم‌و محیای مشكاة هدای قد انجلا أراد بقوله: یا بُنَیَّ لا تَقْصُصْ رُؤْیاكَ [یوسف: 5] و أَحْسَنَ مَثْوایَ [یوسف:
23]، و محیای بالأنعام و مشكاة بالنور و فَمَنِ اتَّبَعَ هُدایَ فَلا یَضِلُ [طه: 123] و فَمَنْ تَبِعَ هُدایَ [البقرة: 38]، جمیع هذا انفرد بإمالته حفص الدوری عن الكسائی دون أبی الحارث. و قوله: قد انجلا أی قد انكشف و لیس فی البیت رمز لأحد:
و ممّا أمالاه أواخر آی مابطه و آی النّجم كی تتعدّلا
و فی الشّمس و الأعلی و فی اللّیل و الضّحی‌و فی اقرأ و فی و النّازعات تمیّلا
و من تحتها ثمّ القیامة ثمّ فی المعارج یا منهال أفلحت منهلا أخبر أن من جملة ما اتفق حمزة و الكسائی علی إمالته علی الأصول المتقدمة رءوس الآی من إحدی عشرة سورة طه و النجم و سأل و القیامة و النازعات و عبس و سبح و الشمس و الضحی و اللیل و العلق و رتبها علی ما تأتی له النظم، و آی جمع آیة أراد الألفات التی هی أواخر الآیات مما جمیعه لأم الكلمة سواء المنقلب فیها عن الیاء و المنقلب عن الواو إلا ما سبق استثناؤه من أن حمزة لا یمیله فأما الألف المبدلة من التنوین فی الوقف نحو همسا و ضنكا و نسفا و علما و عزما فلا تمال لأنها لا تصیر یاء فی موضع، بخلاف المنقلبة عن الواو فإن الفعل المبنی للمفعول تنقلب فیه ألفات الواو یاء فألفات التنوین كألف التثنیة لا إمالة فیها نحو فَخانَتاهُما [التحریم: 10] و إِلَّا أَنْ یَخافا [البقرة: 229] و اثْنَتا عَشْرَةَ [البقرة: 60]، و أما المنوّن من المقصور نحو هدی و سوی و سدی ففی الألف الموقوف علیها خلاف و یأتی ذكره فی آخر الباب. و قوله: كی تتعدلا أی تتعدل آیها لما فی إمالة جمیعها من المناسبة و أتی بقوله تتعدلا بعد ای طه و النجم و هو مراده مع ما ذكر من الآی بعد ذلك فی السور المذكورة و قوله تمیلا أی تمیل أواخر آی طه وَ النَّجْمِ [النجم: 1] و الشَّمْسِ وَ ضُحاها [الضحی: 1] و سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَی [الأعلی: 1] و اللَّیْلِ إِذا یَغْشی [اللیل: 1] و الضُّحی [الضحی: 1] و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] و النَّازِعاتِ [النازعات: 1] و من تحتها أی و التی تحت و النازعات و هی عبس ثم القیامة أی سورة لا أُقْسِمُ بِیَوْمِ الْقِیامَةِ [القیامة: 1]، ثم المعارج أی سورة سَأَلَ سائِلٌ [المعارج: 1]، و هذا الذی ذكره من إمالة رءوس الآی لا یظهر له فائدة علی مذهب حمزة و الكسائی لاندراجه فی أصولهم المتقررة لهم و تظهر فائدته علی مذهب ورش و أبی عمرو حیث یمیلان فیها ما لا یمیلانه فی غیرها. ثم كل من الممیلین إنما یعتد بعدد بلده، فحمزة و الكسائی یعتبران الكوفی و أبو عمرو یعتبر المدنی الأول لعرضه علی أبی جعفر نص علیه الدانی و ورش أیضا لأنه عن إمامه. و اعلم أن الهاء من طه لیست آخر آیة عند المدنی و البصری و أمالها ورش و أبو عمرو باعتبار كونها حرف هجاء فی فواتح السور كهاء مریم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 124
و لهذا أمالاها إمالة محضة و سیأتی الكلام علیها فی أول سورة یونس، و قوله: یا منهال أفلحت منهلا كمل به البیت. و المنهال: الكثیر الإنهال، و الإنهال إیراد الإبل المنهل و المنهال: الكثیر العطاء، یقال أنهلت الرجل إذا أعطیته أی یا معطی العلم أفلحت أو كثرت منهلا أی معطیا.
رمی صحبة أعمی فی الإسراء ثانیاسوی و سدی فی الوقف عنهم تسبّلا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة أمالوا وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمی [الأنفال: 17] و فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی [الإسراء: 72]، ثانی سبحان و فی الوقف مكانا سوی بطه و أَنْ یُتْرَكَ سُدیً [القیامة: 36]، و قوله: فی الوقف عنهم أی عن حمزة و الكسائی و شعبة إمالتهما فی الوقف علی خلاف یأتی و قوله: تسبلا أی أبیح:
وراء تراءی فاز فی شعرائه‌و أعمی فی الإسرا حكم صحبة أوّلا أخبر أن المشار إلیه بالفاء فی قوله: فاز و هو حمزة أمال الراء من تراء الجمعان و یلزم من إمالة الراء إمالة الألف و قوله فی شعرائه تقیید احترز به من تراءت الفئتان بالأنفال فإن الراء فیها لا تمال لأحد من السبعة و أصل تراء الجمعان تراءی علی وزن تفاعل فألفه الأولی زائدة و الأخیرة منقلبة عن یاء هی لام الكلمة و هو مرسوم فی جمیع المصاحف بألف واحدة بعد الراء و اختلف فی هذه الألف هل هی ألف تفاعل و لام الكلمة محذوفة أو لام الكلمة و ألف تفاعل محذوفة علی قولین؟ فحمزة یمیل الراء و الألف التی بعدها فی الوصل و الباقون لا إمالة عندهم فی الوصل.
توضیح: أما قالون فلا إمالة له فی تراءی الجمعان فإذا وقف یحقق الهمزة و ینطق بألفین بینهما همزة محققة و یمد الألف التی قبل الهمزة لقوله: لقی الهمز طولا و كذلك یدخل معه بقیة القراء غیر ورش و حمزة و الكسائی و لا تفاوت بینهم فی المد من طریق الناظم رحمه اللّه أما ورش فله ستة أوجه لأی تراءی من ذوات الیاء و له فی إمالتها بین بین و الفتح وجهان و له فی حرف المد الواقع بعد الهمزة ثلاثة أوجه المد و التوسط و القصر مع كل من الإمالة و الفتح فهذه ستة أوجه. و اعلم أن ورشا إذا أمال فإنما یمیل الألف الأخیرة و الهمزة التی قبلها فقط و أما حمزة إذا وقف فله وجوه كثیرة منها أنه یسهل الهمزة بین بین و یمیل الراء و الألف التی قبل الهمزة و الألف التی بعدها اتباعا لإمالة فتحة الهمزة المسهلة فیمد علی هذا بعد الراء مدة مطولة فی تقدیر ألفین ممالین و هذا الوجه هو المختار. الوجه الثانی أن یحذف الهمزة المسهلة فیجتمع ألفان فیحذف إحداهما فتبقی ألف واحدة ممالة. الوجه الثالث إبقاء الألف الأخیرة علی حذفها فی الوصل فتكون الهمزة علی هذا متطرفة فتقف له، و لهشام علی هذا بإبدال الهمزة لهشام ألفا و لحمزة یاء لأنها سكنت للوقف و انكسر ما قبلها فتمد علی تقدیر ألف ممالة بعدها یاء ساكنة. الوجه الرابع تراینا بكسر الراء و إبدال الهمزة یاء و هو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 125
ضعیف و أما الكسائی فإنه إذا وقف أمال الألف الأخیرة إمالة محضة و أمال فتحة الهمزة قبلها و هم علی أصولهم فی باب المد و قوله: «و أعمی فی الأسرا حكم صحبه أولا». أخبر أن المشار إلیهم بالحاء و صحبة فی قوله حكم صحبة و هم: أبو عمرو و حمزة و الكسائی و شعبة أمالوا أعمی أول موضعی سبحان و قوله: أولا لیس برمز و إنما هو بیان موضع أعمی:
و ما بعد راء شاع حكما و حفصهم‌یوالی بمجراها و فی هود أنزلا أخبر أن ما وقع بعد الراء من الالفات المتقدم ذكرها أعنی مما انقلب عن الیاء أو كان للتأنیث أو للإلحاق نحو القری و أدری، و قد نری و أسری و ذكری و بشری أماله المشار إلیهم بالشین، و الحاء فی قوله: شاع حكما و هم حمزة و الكسائی و أبو عمرو، و نبه بقوله شاع حكما علی شهرته عن العرب و القراء ثم قال و حفصهم: أخبر أن حفصا یوالیهم أی یتابعهم و یوافقهم فی إمالة مجراها فی هود و لم یمل غیره:
نای شرع یمن باختلاف و شعبةفی الإسرا و هم و النّون ضوء سنا تلا أخبر أن الألف من و نأی بجانبه فی فصلت أمالاها المشار إلیهما بالشین فی قوله:
شرع و هما حمزة و الكسائی بلا خلاف و أن المشار إلیه بالیاء فی قوله: یمن و هو السوسی أمال الألف بخلاف عنه أی عنه وجهان الإمالة و الفتح، و الفتح عنه أشهر ثم قال: و شعبة فی الإسرا و هم أی و أمال الألف من و نأی فی سورة سبحان شعبة و هؤلاء المتقدم ذكرهم أی و هم حمزة و الكسائی و السوسی یعنی علی ما تقدم للسوسی من الخلاف ثم قال و النون إلخ.
أخبر أن إمالة النون من و نأی فی السورتین للمشار إلیهم بالضاد و السین و التاء فی قوله:
ضوء سنا تلا و هم خلف و أبو الحارث و الدوری عن الكسائی.
توضیح: القراء علی خمس مراتب فی السورتین: قالون و ابن كثیر و الدوری عن أبی عمرو و هشام و حفص عن عاصم و ابن ذكوان علی فتح النون و الهمزة و الألف فی السورتین لكن ابن ذكوان یؤخر الهمزة عن الألف لأنهم لم یذكروا فتأخذ لهم ضد الإمالة و هو الفتح و ورش یمیل الألف و الهمزة قبلها بین بین بخلاف عنه لأنهما من ذوات الیاء، و خلاد بإمالة فتحة الهمزة فقط فی السورتین و السوسی أیضا، كذلك بخلاف عنه فی السورتین و شعبة یمیل الألف و الهمزة قبلها فی سبحان فقط و خلف و الكسائی یمیلان الألف و الهمزة قبلها و النون فی السورتین و الشرع المذهب و الطریقة و الیمن البركة و السنا النور و تلا تبع یشیر إلی أن إمالة النون تبع لإمالة الألف:
إناه له شاف و قل أو كلاهماشفا و لكسر أولیاء تمیّلا أخبر أن المشار إلیهم باللام و الشین فی قوله له شاف و هم هشام و حمزة و الكسائی أمالوا الألف من ناظرین إناه، و أن المشار إلیهما بالشین فی قوله شفا و هما حمزة و الكسائی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 126
أما الألف من كلاهما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ [الإسراء: 23]، ثم بین سبب الإمالة فقال و لكسر أولیاء تمیلا أی تمیل الألف من كلاهما لوجود الكسرة أولا نقلا به عن یاء:
و ذو الرّاء ورش بین بین و فی أراكهم و ذوات الیا له الخلف جمّلا الروایة هنا و ذو الراء ورش یمد الراء و رفع ورش من غیر لام و فی یونس و ذو الرا لورش قصر الراء و جر ورش بلام الجر. أخبر أن ورشا قرأ ذا الراء من ذوات الیاء بین بین أی بین لفظی الفتح و الإمالة المحضة و عنی بقوله و ذو الراء ما كانت الألف الممالة المتطرفة بعد الراء نحو القری و الذكری و بشری و هو الذی أماله أبو عمرو جمیعه و هو المأخوذ من قوله: و ما بعد راء شاع حكما و لا یدخل فی ذلك ما بعد راء ترآءی الجمعان فإنها لیست بمتطرفة. و اعلم أن جمیع ما أماله ورش عن نافع بین بین إلا الهاء من طه و قوله: و فی أراكهم و ذوات الیاء له الخلف. أخبر أن ورشا عنه خلاف فی قوله تعالی: وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِیراً، روی عنه فیه وجهان: الفتح و الإمالة بین بین و لم یختلف عنه فی إمالة ما عداه مما فیه راء و كذلك اختلف عنه فیما كان من ذوات الیاء من الأسماء و الأفعال مما لیس فیه راء روی عنه فیه وجهان: الفتح و الإمالة بین بین و لیس یرید الناظم بقوله: و ذوات الیاء تخصیص الحكم بالألفات المنقلبات عن الیاء فإن إمالة ورش أعم من ذلك فالأولی حمله علی ذلك و علی المرسوم بالیاء مطلقا مما أماله حمزة و الكسائی أو انفرد به الكسائی أو الدوری عنه أو زاد مع حمزة و الكسائی فی إمالة غیرهما نحو أعمی و رمی و نأی و إناه و فعلی و فعالی كیف تحركت الفاء و أنی و متی و عسی و بلی و أزكی و یدعی و خطایا و مزجاة و تقاة و حق تقاته، و الرؤیا كیف أتت و محیای و مثوای و هدای كل هذا و نحوه لورش فیه وجهان:
الفتح و الإمالة بین بین إلا كمشكاة و مرضاة و مرضاتی و الربا حیث جاء فإن ورشا قرأها بالفتح لا غیر، و أما أو كلاهما فالخلاف الواقع فی لفظه یقتضی احتمال الوجهین أعنی الفتح و الإمالة بین بین و قیل فیه عن ورش بالفتح لا غیر:
و لكن رءوس الآی قد قلّ فتحهاله غیر ما ها فیه فاحضر مكمّلا أخبر أن ورشا أمال رءوس الآی فی الإحدی عشرة سورة التی تقدم ذكرها لا یجری فیها الخلاف المذكور لورش بل قراءته فیها علی وجه واحد و هو بین اللفظتین و عبر عن ذلك بقوله: قد قل فتحها أی فتحها ورش فتحا قلیلا و تقلیل الفتح عبارة عن الإمالة بین بین و یستوی فی ذلك ذوات الواو و ذوات الیاء ثم استثنی ما وقع فیه بعد الألف هاء مؤنث فقال غیر ماها فیه یعنی فإنه لا یعطی حكم آی السور المذكورة و إنما یعطی حكم ما سواها و حكم ما سواها أن یفتح ما كان من ذوات الواو قولا واحدا نحو عفا و شفا و یقرأ بین اللفظین ما كان من ذوات الیاء و قبل ألفه راء قولا واحدا نحو تری و یقرأ بالوجهین ما كان من ذوات الیاء و لیس قبل ألفه راء نحو هدی و الهدی و لیس فی الآی المذكورة من ذوات الواو إلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 127
ضحاها و طحاها و تلاها و دحاها فی اللغة الفاشیة فتقرأ بالفتح و لیس فیها من ذوات الیاء و قبل ألفه راء و بعده هاء إلا ذكراها فتقرأ بین بین و ما عدا ذلك فجمیعه من ذوات الیاء مما لیس قبل ألفه راء و ذلك نحو بناها و سواها و مرعاها و شبه ذلك فتقرأ بالوجهین فهذه ثلاثة أقسام و قوله فاحضر مكملا: أی أحضر مجالس العلم بقلبك و قالبك لتنال الفوائد و اللّه أعلم.
و كیف أتت فعلی و آخر آی ماتقدّم للبصری سوی راهما اعتلا أخبر أن ما كان علی وزن فعلی كیف أتت بفتح الفاء أو بكسرها أو بضمها نحو تقوی و إحدی و دنیا و آخر آی السور الإحدی عشرة المتقدم ذكرها كیف أتت من وجود ضمیر المؤنث فیها أو عدمه نحو بناها و طحاها و فسوی و فهدی كل هذا و نحوه یقرأ لأبی عمرو بین بین ثم استثنی من النوعین فقال سوی رآهما أی سوی ما وقع فیه الراء من فعلی و فعلی و فعلی بالحركات الثلاث فی الفاء و آخر آی السور المذكورة نحو أسری و ذكری و بشری و تحت الثری و مآرب أخری و من افتری و شبه ذلك فإنه اعتلی أی أماله أبو عمرو إمالة محضة علی ما تقدم من ذلك فی قوله: و ما بعد راء شاع حكما و الضمیر فی قوله: راهما یعود علی فعلی و علی أواخر الآی و قصر الراء فی قوله: راهما ضرورة. فإن قیل من أین نأخذ الإمالة بین بین. قلت من موضعین من عطفه علی قوله و ذو الراء ورش بین بین و من قوله سوی راهما.
و یا ویلتا أنّی و یا حسرتی طوواو عن غیره قسها و یا أسفی العلا أخبر أن المشار إلیه بالطاء فی قوله: طووا و هو الدوری عن أبی عمرو قرأ یا وَیْلَتی أَ عَجَزْتُ [المائدة: 31] و یا وَیْلَتی أَ أَلِدُ [هود: 72] و یا وَیْلَتی لَیْتَنِی [الفرقان:
28]، و أنی الاستفهامیة و یا حَسْرَتی عَلی ما فَرَّطْتُ [الزمر: 56] و یا أَسَفی عَلی یُوسُفَ [یوسف: 84]، بین اللفظین لدلالة ما تقدم علیه و قد تقدم عدد أنی الاستفهامیة فی شرح قوله و فی اسم فی الاستفهام أنی و هی هذه. و قوله: و عن غیره قسها أی و عن غیر الدوری قس هذه الكلمات علی أشباهها من ذوات الیاء فافتحها لقالون و ابن كثیر و السوسی و ابن عامر و عاصم و أملها إمالة محضة لحمزة و الكسائی و أجر فیها وجهی التقلیل و الفتح لورش و عنی فی التیسیر بطریق أهل العراق الدوری و بطریق أهل الرقة السوسی و لم یذكر فیه إمالة أسفی و نبه الناظم علیه بتأخیرها و وصفها بالارتفاع لتقدمها فی التلاوة و لیست الهمزة رمزا فی العلا.
و كیف الثّلاثی غیر زاغت بماضی‌أمل خاب خافوا طاب ضاقت فتجملا
و حاق و زاغو شاء جاء و زاد فزو جاء ابن ذكوان و فی شاء میلا
فزادهم الأولی و فی الغیر خلفه‌و قل صحبة بل ران و اصحب معدّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 128
أمر بالإمالة فی هذه الأفعال و هی خاب و خاف و طاب و ضاق و حاق و زاغ و شاء و جاء و زاد للمشار إلیه بالفاء فی قوله: فز، و هو حمزة و شرط ما أمیل منها أن یكون ثلاثیا ماضیا و معنی قوله: و كیف الثلاثی أی و كیف أتی اللفظ الذی علی ثلاثة أحرف من هذه الأفعال سواء اتصل به ضمیر أو لحقته تاء التأنیث أو تجرد عن ذلك أمله علی أی حالة جاء بعد أن یكون ثلاثیا نحو خافوا و خافت و جاءوا و جاءت و جاءه و جاءهم و زاده و فزادهم و زادكم و ما زاغ البصر و فَلَمَّا زاغُوا [الصف: 5]، و استثنی من ذلك وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ [الأحزاب: 10] و أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ [ص: 63]، فقرأهما بالفتح لا غیر، و احترز بالثلاثی عن الرباعی فإنه لا یمیله نحو فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ [مریم: 23] و أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف: 5]، و الرباعی ما زاد علی الثلاثی همزة فی أوله دون ما زاد فی آخره ضمیر أو علامة تأنیث فلهذا أمال نحو خافوا و خافت و لم یمل أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:
5]، و احترز بقوله بماضی عن غیر الفعل الماضی فلا تمل نحو یخافون و یشاءون و لا تخافا و لا تخافی وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ [آل عمران: 175]، و شبه ذلك فلا یمال و قوله:
و جاء ابن ذكوان و فی شاء میلا، أخبر أن ابن ذكوان أمال من الأفعال المذكورة جاء و شاء حیث كان و أمال فَزادَهُمُ اللَّهُ [البقرة: 10]، بلا خلاف و هو الأول من البقرة و أمال ما بقی فی القرآن من لفظ زاد بخلاف عنه كیف أتی نحو فَزادَهُمْ إِیماناً [آل عمران: 173]، و زاده و زادكم و زادوهم و شبه ذلك و هذا معنی قوله: فزادهم الأولی و فی الغیر خلفه. و قل صحبة بل ران. أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة أمالوا بَلْ رانَ [المطففین: 14]، ثم قال و اصحب معدلا أی اصحب مشهودا له بالعدالة.
و فی ألفات قبل را طرف أتت‌بكسر أمل تدعی حمیدا و تقبلا
كابصارهم و الدّار ثمّ الحمار مع‌حمارك و الكفّار و اقتس لتنضلا هذا نوع آخر من الممالات و هی كل ألف متوسطة قبل راء مكسورة و تلك الراء طرف الكلمة أمر بإمالة هذه الألفات للمشار إلیهما بالتاء و الحاء فی قوله: تدعی حمیدا و هما الدوری عن الكسائی و أبو عمرو أراد براء الطرف الراء المتطرفة كأبصارهم وزنه أفعال و دار وزنه فعال و حمار وزنه فعال و كفار وزنه فعال و الراء فی جمیع الأمثلة لام الكلمة و ذلك مناسب لقول الدانی كل ألف بعدها راء مجرورة و هی لام الفعل و احترز الناظم بقوله: را طرف عن مثل نمارق و الحواریین و عبارة الدانی منتقضة به و لما أتی بالأمثلة قال و اقتس لتنضلا أی اقتس علی هذه الأمثلة مشابهها لتغلب یقال ناضلهم یناضلهم إذا راماهم فغلبهم فی الرمی:
و مع كافرین الكافرین بیائه‌و هار روی مرو بخلف صد حلا
بدار و جبّارین و الجار تمّمواو ورش جمیع الباب كان مقلّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 129 و هذان عنه باختلاف و معه فی البوار و فی القهّار حمزة قلّلا أمر رحمه اللّه بإمالة الكافرین المعرف باللام فی حال كونه بالیاء مع كافرین المنكر حال كونه كذلك أیضا لأبی عمرو و الدوری عن الكسائی و دل علیه قوله فیما تقدم: أمل تدعی حمیدا و قوله بیائه احترز به عن الذی بالواو و من الذی لیس فیه یاء نحو الكافرون و كافرون و كافر و كافرة فإن ذلك یقرأ بالفتح، و قوله: و هار أخبر أن المشار إلیهم بالراء و المیم و الصاد و الحاء و الباء فی قوله: روی مرو بخلف صد حلا بدار و هم و الكسائی و ابن ذكوان و شعبة و أبو عمرو و قالون أمالوا جرف هار بخلاف عن ابن ذكوان لأنه ذكر الخلاف بعد رمزه، و قوله: بخلف أی عنه وجهان الفتح و الإمالة، و قوله: و جبارین و الجار تمموا.
أخبر أن المشار إلیه بالتاء فی قوله: تمموا و هو الدوری عن الكسائی أمال قَوْماً جَبَّارِینَ [المائدة: 22] بالمائدة بَطَشْتُمْ جَبَّارِینَ [الشعراء: 130] بالشعراء وَ الْجارِ ذِی الْقُرْبی [النساء: 36] وَ الْجارِ الْجُنُبِ [النساء: 36] الموضعین بالنساء، و قوله: و ورش جمیع الباب كان مقللا. أخبر أن جمیع الباب كان ورش یقلله أی یقلل فتحته أی یقرؤه بین اللفظین فأراد بجمیع الباب ما ذكره من قوله: و فی ألفات إلی هذا الموضع و هو ما وقعت فیه الألف قبل الراء المكسورة المتطرفة و بالكافرین و كافرین و هار و جبارین و الجار. ثم أخبر أن عن ورش خلافا فی جبارین و الجار و إلیهما الإشارة بقوله: و هذان عنه باختلاف لأن الهاء فی عنه لورش أی و عن ورش فی تقلیل جبارین معا و الجار كلیهما وجهان: التقلیل و به قطع الدانی فی التیسیر، و الفتح و هو من زیادات الشاطبیة نقله ابن غلبون. ثم أخبر أن حمزة وافق ورشا علی التقلیل فی البوار و القهار و قوله: روی معناه نقل. و الصدی العطش، و بدار من المبادرة:
و إضجاع ذی راءین حجّ رواته‌كالأبرار و التّقلیل جادل فیصلا یرید بالإضجاع الإمالة الكبری. أخبر أن إمالة ما اجتمع فیه راءان راء قبل الألف و راء بعدها مكسورة متطرفة كالأبرار و الأشرار للمشار إلیهما بالحاء و الراء فی قوله: حج رواته و هما أبو عمرو و الكسائی، ثم أخبر أن التقلیل للمشار إلیهما بالجیم و الفاء فی قوله: جادل فیصلا و هما ورش و حمزة و الفیصل: القول الفصل:
و إضجاع أنصاری تمیم و سارعوانسارع و الباری و بارئكم تلا
و آذانهم طغیانهم و یسارعون آذاننا عنه الجواری تمثّلا أخبر أن المشار إلیه بالتاء فی قوله: تمیم، و هو الدوری عن الكسائی قرأ بالإضجاع أی أمال مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ [الصف: 14]، [آل عمران: 52]، و سارعوا بها و بالحدید و نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ [المؤمنون: 56] و الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ [الحشر: 24] و فَتُوبُوا إِلی بارِئِكُمْ [البقرة: 54] و عِنْدَ بارِئِكُمْ [البقرة: 54]، و آذانهم المجرورة،
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 130
و هو سبعة مواضع بالبقرة و الأنعام و سبحان و موضعی الكهف و بفصلت و نوح، و طغیانهم خمسة مواضع بالبقرة و الأنعام و الأعراف و یونس و قد أفلح و یسارعون سبعة مواضع موضعان بآل عمران و ثلاثة بالمائدة و الأنبیاء و المؤمنین و فی آذاننا بفصلت و الجواری ثلاثة مواضع بحم عسق و الرحمن و كوّرت. و اعلم أن الممال فی آذان الألف الثانیة و الضمیر فی عنه للدوری انفرد بإمالة ما فی هذین البیتین فی روایته عن الكسائی:
یواری أواری فی العقود بخلفه‌ضعافا و حرفا النّمل آتیك قوّلا
بخلف ضممناه مشارب لامع‌و آنیة فی هل أتاك لأعدلا
و فی الكافرون عابدون و عابدو خلفهم فی النّاس فی الجرّ حصّلا أخبر أن للدوری عن الكسائی فی یواری سوأة أخیه فأواری سوأة أخی بالمائدة المعبر عنها بالعقود وجهین: الفتح، و الإمالة. و قوله: فی العقود احترز به من یواری سوآتكم بالأعراف فإنه بالفتح للجمیع بلا خلاف، و قوله: ضعافا و حرفا النمل آتیك قولا بخلف ضممناه. أخبر أن المشار إلیه بالقاف فی قوله قولا و هو خلاد أمال ذریة ضعافا بالنساء و أمال أنا آتیك به قبل أن تقوم من، و أنا آتیك به قبل أن یرتدّ بالنمل بخلاف عنه فی المواضع الثلاثة و أن المشار إلیه بالضاد فی قوله: ضممناه و هو خلف أمالها بلا خلاف. و قوله:
مشارب لامع. أخبر أن المشار إلیه باللام فی قوله لامع و هو هشام أمال و مشارب أَ فَلا یَشْكُرُونَ و قوله بِآنِیَةٍ فی هل أتاك لأعدلا و فی الكافرون عابدون و عابد. أخبر أن المشار إلیه باللام فی قوله لأعدلا و هو هشام أیضا أمال من عین آنیة بالغاشیة وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ [الكافرون: 3]، كلیهما وَ لا أَنا عابِدٌ [الكافرون: 5]، و قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ [الكافرون: 1]، و قوله: و خلفهم فی الناس فی الجر أی و خلف الرواة فی إمالة الناس المجرورة نحو من الناس و بالناس عن المشار إلیه بالحاء فی قوله: حصلا و هو أبو عمرو فروی عنه إمالته و روی عنه فتحه أی لكل من الدوری و السوسی وجهان: الفتح و الإمالة و الترتیب أن یقرأ بالإمالة للدوری و بالفتح للسوسی و هو نقل السخاوی عن الناظم لأن الأشهر عن الدوری الإمالة و الأشهر عن السوسی الفتح:
حمارك و المحراب إكراههنّ و الحمار و فی الإكرام عمران مثّلا
و كلّ بخلف لابن ذكوان غیر مایجرّ من المحراب فاعلم لتعملا أراد وَ انْظُرْ إِلی حِمارِكَ [البقرة: 259] و كَمَثَلِ الْحِمارِ [الجمعة: 5] و مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَ [النور: 33]، و الإكرام موضعان بالرحمن و المحراب و عمران حیث وقع أی أمال ابن ذكوان هذه الألفات بخلاف عنه إلا المحراب المجرور فإنه أماله بلا خلاف عنه و هو موضعان قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ [آل عمران: 39] و عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ [مریم: 11]، فاعلم ذلك لتعمل به.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 131 و لا یمنع الإسكان فی الوقف عارضاإمالة ما للكسر فی الوصل میّلا أخبر أن كل ألف أمیلت إمالة كبری أو صغری فی الوصل لأجل كسرة متطرفة بعدها نحو بدینار و من النار و من الأشرار و للناس و من الأخیار فتلك الكسرة تزول فی الوقف و یوقف بالسكون فلا یمنع إسكان ذلك الحرف المكسور إمالتها فی الوقف لكون سكونه عارضا و لأن الإمالة سبقت الوقف فبقیت علی حالها، و هذا تتمة قوله: و فی ألفات قبل را طرف أتت. بكسر أمل. ثم قال:
و قبل سكون قف بما فی أصولهم‌و ذو الرّاء فیه الخلف فی الوصل یجتلا
كموسی الهدی عیسی ابن مریم و القری اللتی مع ذكری الدّار فافهم محصّلا أ مر بالوقف قبل السكون بما فی أصول السبعة من الفتح و الإمالة و بین اللفظین یعنی فی الألف الممالة المتطرفة التی یقع بعدها ساكن نحو آتَیْنا مُوسَی الْهُدی [غافر: 53]، إذا وقفت علی موسی أملت ألف موسی لحمزة و الكسائی و جعلتها بین اللفظین لأبی عمرو و ورش و فتحتها للباقین و كذا عیسی ابن مریم فهذا مثال ما لیس فیه راء و مثال ما فیه الراء الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها [سبأ: 18]، و بخالصة ذكری الدار فإذا وقفت علی القری و ذكری أملت لأبی عمرو و حمزة و الكسائی و بین اللفظین لورش و فتحت للباقین. و اعلم أن لورش فی مثل ذكری الدار ترقیق الراء فی الوقف و الوصل علی قاعدته لأجل كسر الذال و لا یمنع من ذلك سكون الكاف فیتحد لفظا الترقیق و الإمالة بین بین فی هذا فكأنه أمال الألف وصلا و كلهم قرءوا بالفتح فی الوصل غیر أن المشار إلیه بالیاء فی قوله: یجتلا و هو السوسی اختلف عنه فی ذوات الراء فی الوصل فأخذ له بالإمالة و هو نقل التیسیر و أخذ له بالفتح كالجماعة و هو من زیادات القصید و جملة ما فی القرآن من ذلك ثلاثون موضعا أولها بالبقرة: نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: 55] و لَوْ یَرَی الَّذِینَ ظَلَمُوا [البقرة: 165] و فَتَرَی الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [المائدة: 52] و قالَتِ النَّصاری الْمَسِیحُ [التوبة:
30] و سَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ [الكهف: 17] و فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ [التوبة: 105] و تَرَی الْمُجْرِمِینَ [إبراهیم: 49] و تَرَی الْفُلْكَ [النحل: 14] و تَرَی الشَّمْسَ [الكهف: 17] و تَرَی الْأَرْضَ [الكهف: 47] و فَتَرَی الْمُجْرِمِینَ [إبراهیم: 49] و الْكُبْری [طه: 23] و اذْهَبْ [طه: 24] و تَرَی النَّاسَ [الحج: 2] و تَرَی الْأَرْضَ هامِدَةً [الحج: 5] و فَتَرَی الْوَدْقَ [النور: 43] و لا أَرَی الْهُدْهُدَ [النمل:
20] و تَرَی الْجِبالَ [النمل: 88] و فَتَرَی الْوَدْقَ [النور: 43] و یَرَی الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ [سبأ: 6] و الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها [سبأ: 18] و تَرَی الْفُلْكَ [فاطر: 12] و ذِكْرَی الدَّارِ [ص: 46] و تَرَی الْعَذابَ [الزمر: 58] و تَرَی الَّذِینَ كَذَبُوا [الزمر: 60] و تَرَی الْمَلائِكَةَ [الزمر: 75] و تَرَی الْأَرْضَ [فصلت: 39] و تَرَی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 132
الظَّالِمِینَ [الشوری: 22، 44] فی موضعین، یَوْمَ تَرَی الْمُؤْمِنِینَ [الحدید: 12] و فَتَرَی الْقَوْمَ فِیها صَرْعی [الحاقة: 7]، و قوله: فافهم محصلا كمل به البیت و لیس فیه رمز لأحد:
و قد فخّموا التّنوین وقفا و رقّقواو تفخیمهم فی النّصب أجمع أشملا هذا فرع من فروع المسألة المتقدمة داخل تحت قوله: «و قبل سكون قف بما فی أصولهم»، و أفردها بالذكر لما فیها من الخلاف، و الأصح و الأقوی أن حكمها حكم ما تقدم: تمال لمن مذهبه الإمالة و هو الذی لم یذكر فی التیسیر غیره و جعل للمنون و لما سبق حكما واحدا و قوله: و قد فخموا التنوین یعنی أن بعض أهل الأداء فخموا اللفظ ذا التنوین.
أراد بذلك الأسماء المقصورة لا غیر و هی التی قصرت علی حالة واحدة نحو مسمی و مولی و شبه ذلك، و عبر بالتفخیم عن الفتح و بالترقیق عن الإمالة و حكی فی هذا البیت للناس ثلاث مذاهب: المذهب الأول فتح جمیع ما جاء من ذلك سواء كان فی موضع رفع أو نصب أو جر، و إلی ذلك أشار بقوله: و قد فخموا التنوین یعنی مطلقا فی الرفع و النصب و الجر.
المذهب الثانی الإمالة فی الأنواع الثلاثة و أشار إلیه بقوله: و رققوا یعنی مطلقا. المذهب الثالث إمالة المجرور و المرفوع و فتح المنصوب و إلیه أشار بقوله: «و تفخیمهم فی النصب أجمع أشملا»، أی اجتمع شمل أصحاب الوجهین فیه. ثم مثل فقال:
مسمّی و مولی رفعه مع جرّه‌و منصوبه غزّی و تترا تزیّلا أخبر أن لفظ مسمی و مولی وقع كل واحد منهما فی القرآن مرفوعا و مجرورا فمثال مسمی فی موضع رفع و أجل مسمی عنده و مثاله فی موضع جر إلی أجل مسمی، و مثال مولی فی موضع رفع یوم لا یغنی مولی و مثاله فی موضع جر عن مولی. ثم قال و منصوبه غزا و تترا یعنی أن كل واحد منهما منصوب أما غزا فإنه خبر كان و خبر كان منصوب و تترا فی موضع نصب علی الحال أیضا و لا یدخل تترا فی هذه الأمثلة إلا علی قراءة أبی عمرو و خاصة فأما حمزة و الكسائی فلا خلاف عنهما فی إمالته لأنهما لا ینوّنانه و كذلك ورش لا خلاف عنه فی تقلیله و قوله: تزیلا أی تمیز المنصوب من غیره.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 133

باب مذهب الكسائی فی إمالة هاء التأنیث فی الوقف‌

و هی الهاء التی تكون فی الوصل تاء و فی الوقف هاء نحو رحمة و نعمة.
و فی هاء تأنیث الوقوف و قبلهاممال الكسائی غیر عشر لیعدلا
و یجمعها حقّ ضغاط عص خظاو أكهر بعد الیاء یسكن میّلا
أو الكسر و الإسكان لیس بحاجزو یضعف بعد الفتح و الضّم أرجلا
لعبره مائه وجهه و لیكه و بعضهم‌سوی ألف عند الكسائی میّلا أخبر أن إمالة الكسائی توجد فی هاء التأنیث و ما قبلها فی حال الوقف ما لم یكن الواقع قبل الهاء حرفا من عشرة أحرف، ثم ذكر الأحرف العشر فقال و یجمعها حق ضغاط عص خظا، و هی الحاء نحو النطیحة و القاف نحو الحاقة و الضاد نحو قبضة و الغین نحو بالغة و الألف نحو الصلاة و الطاء نحو بسطة و العین نحو القارعة و الصاد نحو خصاصة و الخاء نحو الصاخة و الظاء نحو موعظة فتمتنع الإمالة لذلك و أشار بقوله لیعدلا إلی هذه الحروف العشرة تناسب الفتح دون الإمالة. ثم قال: و أكهر أی و حروف أكهر و هی أربعة الهمزة و الكاف و الهاء و الراء یعنی إذا وقع أحد هذه الحروف الأربعة قبل هاء التأنیث ساغت الإمالة فی ذلك علی صفة و امتنعت علی صفة و امتنعت علی صفة فتصح الإمالة إذا كانت قبل هذه الحروف یاء ساكنة أو كسرة سواء حال بین الكسرة و بینها ساكن أو لم یحل، و هذا معنی قوله بعد الیاء یسكن میلا أو الكسر و الإسكان لیس بحاجز أی لیس الإسكان بمانع للكسر من اقتضائه الإمالة فمثال الراء إذا وقع قبلها ساكن قبله كسرة نحو عبرة أ لا تری أن الراء فی عبرة من حروف أكهر و قبلها العین مكسورة و بین الكسرة و الراء ساكن لا یعد حاجزا و هو الباء. و اختلف فی فطرة لأجل أن الساكن حرف استعلاء و مثال الهمزة مائة فالهمزة من حروف أكهر و قبلها كسرة المیم و مثال الهاء وجهة و هی من حروف أكهر و قبلها الواو مكسورة و بین الكسرة و الهاء ما لا یعد
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 134
حاجزا و هو الجیم و مثال الكاف لیكة و هی من حروف أكهر و قبلها الیاء ساكنة فكل هذا و نحوه ممال للكسائی. ثم ذكر الصفة التی تمنع الإمالة معها فی حروف أكهر فقال و یضعف بعد الفتح و الضم یعنی أكهر ضعفت حروفه عن تحمل الإمالة إذا انفتح ما قبلها أو انضم أو كان ألفا فمثال الهمزة بعد الفتح امرأة فإن فصل بین الفتح و بین الهمزة فاصل ساكن فإن كان ألفا منع أیضا نحو براءة و إن كان غیر ألف اختلف فیه نحو سوأة و كهیئة و النشأة و مثال الكاف بعد الفتح مباركة و الشوكة سواء فی ذلك ما فصل فیه و ما لا فصل فیه و بعد الضم نحو التهلكة و مثال الهاء بعد الفتح مع فصل الألف و غیرها من السواكن نحو سیارة و نضرة و بعد الضم مع الحاجز عسرة و محشورة و یجمع ذلك كله أن تقع حروف أكهر بعد فتح أو ضم بفصل بساكن و بغیر فصل فلهذا أطلق قوله بعد الفتح و الضم و أرجلا جمع رجل یقال لكل مذهب ضعیف هذا لا یتمشی و نحوه لأن الرجل هی آلة المشی و الحكم مع الأربعة عشر حرفا المتقدمة ما ذكر و الحكم مع الخمسة عشرة الباقیة الإمالة بلا خلاف و یجمعها قولك فجثت زینب لذود شمس فمثال الفاء خلیفة و الجیم حجة و الثاء مبثوثة و التاء میتة و الزای بارزة و الیاء معصیة و النون زیتونة و الباء حبة و اللام لیلة و الذال لذة و الواو قسوة و الدال واحدة و الشین معیشة و المیم رحمة و السین خمسة و قوله: و بعضهم سوی ألف أی و بعض المشایخ من أهل الأداء میل للكسائی جمیع الحروف قبل هاء التأنیث مطلقا من غیر استثناء شی‌ء سوی الألف نحو الصلاة و النجاة و مناة فلا تمال الهاء فی شی‌ء من ذلك و قوله ضغاط جمع ضغطة و منه ضغطة القبر، و عص: بمعنی عاص، و خظا بمعنی سمن و الأكهر: الشدید العبوس.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 135

باب الراءات‌

أی باب حكم الراءات فی الترقیق و التفخیم، و الأصل فی الراءات التفخیم بدلیل أنه لا یفتقر إلی سبب من الأسباب، و الترقیق ضرب من الإمالة فلا بد له من سبب.
و رقّق ورش كلّ راء و قبلهامسكّنة یاء أو الكسر موصلا اعلم أن الراء لها حكمان: حكم فی الوصل و حكم فی الوقف فأما حكمها فی الوقف فیأتی فی آخر الباب، و الكلام الآن فی حكمها فی الوصل و هی تأتی علی قسمین: متحركة و ساكنة و سیأتی حكم الساكنة و أما المتحركة فإنها تأتی علی ثلاثة أقسام مفتوحة و مكسورة و مضمومة فأما المكسورة فلا خلاف فی ترقیقها للجمیع و المضمومة لا خلاف فی تفخیمها لسائر القراء إلا أن ورشا له فیها مذاهب و كذلك المفتوحة أیضا مفخمة للجمیع إلا من أمال منها شیئا فإنه یرققه و لورش فیه مذاهب و قوله: و رقق ورش كل راء یعنی ساكنة أو متحركة بأی حركة كانت و كلامه هنا فی الراء المفتوحة و المضمومة یعنی أن ورشا رقق منها ما كان قبله یاء ساكنة نحو خبیر و نذیر و لا ضیر و ما كان قبله كسرة نحو یبشرهم و سراجا و شبه ذلك و قوله موصلا، أی فی حال كون الكسر موصلا بالراء فی كلمة واحدة.
و لم یر فصلا ساكنا بعد كسرةسوی حرف الاستعلا سوی الخا فكمّلا أخبر أن الساكن إذا حال بین الكسرة و الراء لم یعده فاصلا و لا حاجزا لضعفه و رقق لأجل الكسرة نحو الشعر و السحر و الذكر و شبه ذلك إلا أن یكون الساكن حرف استعلاء فإنه یعده إذا وجد بین الكسرة و الراء فاصلا و حاجزا فیفخم الراء و لا یبقی للكسرة حكما نحو إصرهم و فطرة و شبه ذلك إلا أن یكون الساكن من حروف الاستعلاء حرف الحاء فإنه لا یعطیه حكم حروف الاستعلاء و یرقق الراء مع وجوده كما یرققها مع غیر حروف الاستعلاء و ذلك نحو إخراجكم و إخراجا، و قصر الناظم لفظی الاستعلاء و الخاء للوزن و الضمیر فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 136
و لم یر و فی فكملا لورش أی كمل حسن اختیاره بالترقیق بعد الخاء، و اللّه أعلم.
و فخّمها فی الأعجمیّ و فی إرم‌و تكریرها حتی یری متعدّلا ذكر فی هذا البیت ما خالف فیه ورش أصله فلم یرققه مما كان یلزمه ترقیقه علی قیاس ما تقدم أی و فخم ورش الراء فی الاسم الأعجمی و الذی منه فی القرآن ثلاثة أسماء إبراهیم و إسرائیل و عمران ثم قال و فی إرم یعنی إرم ذات العماد، و إرم أیضا اسم أعجمی و قیل عربی فلأجل الخلاف الذی فیه أفرده بالذكر و فخم راءه ثم قال و تكریرها أی و فخم أیضا الراء فی حال تكریرها یعنی أن الراء إذا وقع قبلها ما یجب به ترقیقها و جاء بعدها راء مفتوحة أو مضمومة نحو ضرارا و مدرارا و فرارا و الفرار فإن الراء الأولی تفخم لأجل تفخیم الثانیة لتناسب اللفظ و اعتداله و إلی ذلك أشار بقوله: حتی یری متعدلا:
و تفخیمه ذكرا و سترا و بابه‌لدی جلّة الأصحاب أعمر أرحلا أخبر أن ما كان وزنه فعلا نحو ذكرا و سترا و صهرا و حجرا فإن فیه وجهین: التفخیم و به قطع الدانی فی التیسیر و الترقیق و هو من زیادات القصید و لكن التفخیم فیه أشهر عن الأكابر من أصحاب ورش و الجلة جمع جلیل و قوله: أعمر أرحلا من أعمر المكان و أرحلا جمع رحل، أشار بهذه العبارة إلی اختیار التفخیم، یعنی أن التفخیم أعمر منزلا من غیره.
و فی شرر عنه یرقّق كلّهم‌و حیران بالتّفخیم بعض تقبّلا أخبر أن جمیع أصحاب ورش رحمه اللّه نقلوا عنه فی قوله تعالی: إِنَّها تَرْمِی بِشَرَرٍ [المرسلات: 32] ترقیق الراء الأولی لأجل كسرة الراء الثانیة و هذا خارج عن الأصل المتقدم و هو ترقیق الراء لأجل كسرة قبلها و هذا لأجل كسرة بعدها. و قوله: و حیران بالتفخیم. أخبر أن بعض أهل الأداء تقبل فی الأنعام فی قوله تعالی: حَیْرانَ لَهُ أَصْحابٌ [الأنعام: 71]، التفخیم أی أخذه و رواه و یكون غیر البعض المشار إلیهم علی قاعدته فی الترقیق، فحصل فی حیران وجهان لورش الترقیق و به قطع الدانی فی التیسیر، و التفخیم و هو من زیادات القصید:
و فی الرّاء عن ورش سوی ما ذكرته‌مذاهب شذّت فی الأداء توقّلا أخبر أن فی الراء عن ورش مذاهب و أحكاما غیر ما ذكره و هو مذهب أهل القیروان و غیرهم كنحو ما ذكر عنهم من التفخیم فی حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء: 90] و عشرون و إجرامی و سراعا و أخبر أنها شاذة، و قوله: توقلا. من قولهم توقل الجبل إذا علا صاعدا:
و لا بدّ من ترقیقها بعد كسرةإذا سكنت یا صاح للسّبعة الملا أی رقق القراء السبعة باتفاق كل راء ساكنة لغیر الوقف سكونا لازما أو عارضا متوسطة و متطرفة وقفا و وصلا إن كان قبلها كسرة متصلة لازمة و لیس بعدها حرف استعلاء متصلا مباشرا أو مفصولا بألف فی الفعل و الاسم العربیّ و الأعجمی نحو شرعة و مریة و شرذمة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 137
و الإربة و فرعون و استغفر لهم و فانتصر و فاصبر. و قوله: یا صاح معناه یا صاحب ثم رخم:
و الملا: الأشراف:
و ما حرف الاستعلاء بعد فراؤه‌لكلّهم التّفخیم فیها تذلّلا
و یجمعها قظ خصّ ضغط و خلفهم‌بفرق جری بین المشایخ سلسلا أی كل راء مفتوحة أو مضمومة فی أصل ورش أو ساكنة فی أصل السبعة تقدمها سبب الترقیق و أتی بعدها أحد حروف الاستعلاء السبعة المجموعة فی قوله: «قظ خص ضغط» و هی القاف و الظاء و الخاء و الصاد و الضاد و الغین و الطاء فإنها تفخم لكل القراء و الواقع من حروف الاستعلاء فی القرآن فی أصل ورش ثلاثة القاف و الضاد و الطاء مفصولات نحو هذا فراق و ظن أنه الفراق بالعشی و الإشراق و إعراضا و علیك إعراضهم و اهدنا الصراط و هذا صراط و إلی صراط و فی أصل السبعة ثلاثة القاف و الطاء و الصاد مباشرات نحو كل فرق و فی قرطاس و بالمرصاد و إرصادا و قوله: و خلفهم بفرق إلخ. أخبر أن المشایخ القراء جری بینهم الخلاف فی قوله تعالی: فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِیمِ [الشعراء: 63]، فمنهم من فخم الراء فیه للجمیع لوقوع حرف الاستعلاء بعدها، و منهم من رققها لانكسار حرف الاستعلاء بعدها و لانكسار الفاء قبلها فالوجهان جیدان:
و ما بعد كسر عارض أو مفصّل‌ففخّم فهذا حكمه متبذّلا الكسر العارض یأتی قبل الراء علی نوعین: أحدهما ما كسر لالتقاء الساكنین نحو و إن امرأة، و قالت امرأة العزیز. الثانی أن یبتدأ بهمزة الوصل فی مثل هذه الكلمات فتقول امرأة فتكسر همزة الوصل فهذا یفخم لأن الكسرة عارضة غیر أصلیة و لأن الكسرة فی همزة الوصل غیر لازمة لأنها لا توجد إلا فی حال الابتداء. و أما المنفصل فهو أیضا ضربان: أحدهما أن تكون الكسرة فی كلمة و الراء فی أخری نحو بأمر ربك و فیه ربی خیر و فی المدینة امرأة و أبوك امرأ. و الضرب الثانی أن یتقدمها لام الجر أو باؤه نحو لرسول و لرجل و برازقین و برشید فهذا فی حكم المنفصل لأنه زائد فی الكلمة یمكن إسقاطه منها فاقتضی ذلك التفخیم لعدم ملازمة المجاورة بین الراء و الكسرة.
و ما بعده كسر أو الیا فما لهم‌بترقیقه نصّ وثیق فیمثلا أخبر أن الكسرة و الیاء یوجبان الترقیق إذا كانا قبل الراء فأما إذا وقعا بعد الراء نحو یرجعون و كرسیه و شرقیة و غربیة و أرجئه و رضیا و ردف لكم و مریم و قریة و شبه ذلك فإنهما لا یوجبان الترقیق و یفخم ذلك كله علی الإطلاق و قد رقق بعضهم و اعتمد مع ضعف الروایة علی القیاس و إلی هذا أشار الناظم بقوله: فما لهم بترقیقه نص وثیق فیمثلا:
و ما لقیاس فی القراءة مدخل‌فدونك ما فیه الرّضا متكفّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 138
أی خذ ما فیه الرضا یعنی ما ذكره من التفخیم فی جمیع ذلك عن أشیاخه الذین تكفلوا بنقله:
و ترقیقها مكسورة عند وصلهم‌و تفخیمها فی الوقف أجمع أشملا
و لكنّها فی وقفهم مع غیرهاترقّق بعد الكسر أو ما تمیّلا
أو الیاء تأتی بالسّكون و رومهم‌كما وصلهم فابل الذّكاء مصقّلا أخبر أن الراء المكسورة لا خلاف فی ترقیقها فی الوصل نحو دسر و منهمر و مذكر و مثل ذلك ما لم تكن فی الآخر نحو رجال و ریح و آخرین و كافرین و شبه ذلك. ثم قال:
و تفخیمها فی الوقف أجمع أشملا، أخبر أن السبعة الأشیاخ وقفوا علی الراء المكسورة بالتفخیم نحو مطر و دسر و نبه بقوله أجمع أشملا علی كثرة القائلین بالتفخیم ثم قال و لكنها فی وقفهم مع غیرها ترقق بعد الكسر أی و لكن الراء المكسورة حكمها فی الوقف بالإسكان مع غیرها من الراءات المفتوحة و المضمومة أن ترقق بعد الكسرة نحو مقتدر و فلا ناصر و به السحر. ثم قال أو ما تمیلا یعنی إذا كان قبلها حرف ممال فإنها ترقق نحو القهار و الأبرار و الدار فی مذهب من یمیل ذلك و بشرر فی مذهب ورش. ثم قال أو الیاء تأتی بالسكون أی إذا وقع قبلها یاء ساكنة فإنها ترقق نحو الخبیر و لا نصیر و قدیر و قوله: و رومهم كما وصلهم.
أخبر الآن بحكم الراء إذا وقف علیها بالروم لأن كلامه قبل هذا علی حكم الوقف بالإسكان، یعنی الراء تعتبر فی الروم بحالها فی الوصل فإن كانت فی الوصل مفخمة فخمت و إن كانت فی الوصل مرققة رققت فی الوقف بالروم و لا ینظر فی الروم إلی ما قبلها كما فعل فی الإسكان. و قوله: فابل الذكاء أی اختبر الذكاء، و هو سرعة الفهم، و مصقلا أی مصقولا:
و فیما عدا هذا الذی قد وصفته‌علی الأصل بالتّفخیم كن متعمّلا لما ذكر ما یرقق من الراءات فی مذهب ورش وحده و فی مذهب السبعة أیضا و بین أحكام ذلك فی الوصل و الوقف. أخبر أن ما عدا ذلك مفخم علی الأصل و هذا المعنی معروف بطریق الضدیة لأن الترقیق ضد التفخیم و قد تقدم أن الأصل فی الراءات التفخیم، و متعملا بمعنی عاملا أی كن عاملا بالتفخیم علی الأصل.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 139

باب اللامات‌

أی هذا باب أحكام اللامات فی التفخیم. و الترقیق. و اعلم أن الأصل فی اللام الترقیق عكس الراء:
و غلّظ ورش فتح لام لصادهاأو الطّاء أو للظّاء قبل تنزّلا
إذا فتحت أو سكّنت كصلاتهم‌و مطلع أیضا ثمّ ظلّ و یوصلا أخبر أن ورشا غلظ اللام المفتوحة أی فخمها إذا جاء قبلها أحد ثلاثة أحرف و هی الصاد المهملة و الطاء المهملة، و الظاء و كانت هذه الأحرف مفتوحة أو ساكنة نحو علی صلاتهم تابوا و أصلحوا أو یصلبوا آیات مفصلات أن یوصل له طلبا مطلع الفجر بئر معطلة إن طلقكن ظل وجهه فیظللن و شبه ذلك. و أما إذا كانت اللام مضمومة أو مكسورة أو ساكنة نحو لظلوا إلا من ظلم و فظلتم تطلع علی قوم یصلی علیكم وصلنا لهم القول و شبه ذلك فإن اللام ترقق لا غیر و كذلك إذا كانت هذه الأحرف مضمومة أو مكسورة نحو فی ظلل و ظلال و عطلت و فصلت فالترقیق لا غیر، و قوله: لصادها أی لأجل الصاد الواقعة قبلها إذا تنزل أحد هذه الأحرف الثلاثة قبل اللام المفتوحة غلظت اللام.
و فی طال خلف مع فصالا و عند مایسكّن وقفا و المفخّم فضّلا أخبر أن ما حالت الألف فیه بین الطاء و اللام أو بین الصاد و اللام نحو فطال علیهم الأمد و أ فطال علیكم العهد و أن یصالحا و فصالا عن تراض، فإن فی ذلك خلافا بین أهل الأداء فذهب بعضهم إلی الترقیق و ذهب بعضهم إلی التفخیم و قوله و عند ما یسكن وقفا یعنی أن اللام المفتوحة إذا وقعت طرفا و ولیها أحد الأحرف الثلاثة نحو یوصل و بطل و ظل و سكنت فی الوقف فإن فیها وجهین التفخیم و الترقیق و المفخم فضلا یعنی فی هذین النوعین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 140
المذكورین فی هذا البیت أحدهما ما یأتی بین حرف الاستعلاء و اللام فیه ألف، و الآخر ما یسكن لأجل الوقف.
و حكم ذوات الیاء منها كهذه‌و عند رءوس الآی ترقیقها اعتلا أخبر أن اللام المفتوحة إذا أتی قبلها ما یوجب تفخیمها و أتی بعدها ألف منقلبة عن یاء نحو لا یصلاها و شبهه فإن حكمها حكم هذین النوعین یعنی أن فیه خلافا و تفخیمها أفضل أن تقع فی رأس آیة من آی السور الإحدی عشرة المذكورة فإن الترقیق یعتلی فیه مع جواز التفخیم أیضا.
توضیح: جملة الأمر فی هذا الفصل أن اللام المفتوحة إذا وقع بعدها ألف منقلبة عن یاء و قبلها حرف مطبق و لم یقع إلا صادا فلا یخلو من أن تقع فی غیر آی السور المذكورة و فی آی السور المذكورة فإن وقعت فی غیر آی السور المذكورة و لم تقع إلا فی ستة مواضع مصلی بالبقرة فی حال الوقف و یصلاها مذموما بالإسراء و یصلی بالانشقاق و الغاشیة و لا یصلاها فی وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی [اللیل: 1]، و سیصلی فی تبت فلا یخلو القارئ من أن یقرأ ذوات الیاء لورش بالفتح أو بالتقلیل فإن كان یقرأ بالفتح فلا خلاف فی تفخیم اللام و إن كان یقرأ له بالتقلیل فلا یتأتی له الجمع بینه و بین التفخیم لتنافرهما و إذا لم یتأت له ذلك أتی بأحدهما و ترك الآخر فإن فتح فخم و إن قلل رقق و إن وقعت فی أواخر آی السور المذكورة فلا تقع إلا فی ثلاثة مواضع: فی القیامة فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّی [القیامة: 31] و ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی [الأعلی: 15] و عَبْداً إِذا صَلَّی [العلق: 10]، ففیها التفخیم و الترقیق و قوله: منها أی من هذه الألفاظ التی فیها اللام المستحقة للتفخیم، و قوله: كهذه یعنی النوعین المتقدمین أحدهما ما أتی بین حرف الاستعلاء التی فیه ألف و الآخر ما یسكن للوقف.
و كلّ لدی اسم اللّه من بعد كسرةیرقّقها حتی یروق مرتّلا
كما فخّموه بعد فتح و ضمّةفتمّ نظام الشّمل وصلا و فیصلا أخبر أن كل القراء متفقون علی ترقیق اللام من اسم اللّه تعالی إذا وقع بعد كسرة نحو.
بسم اللّه و باللّه و ما یفتح اللّه ثم قال حتی یروق مرتلا أی یروق اللفظ فی حال ترتیله ثم قال كما فخموه بعد فتح و ضمة، أی و أجمعوا أیضا علی تفخیم لام اسم اللّه تعالی بعد الفتحة و الضمة نحو سیؤتینا اللّه، و قال اللّه، و قالوا اللهم، و رسل اللّه و شبهه و كذلك إذا ابتدئ به و قوله فتم نظام الشمل أی تم ما ذكرته من الأحكام بنظم یشمل اللام وصلا و فیصلا أی فی حال الوصل و الفصل. و اللّه الموفق.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 141

باب الوقف علی أواخر الكلم‌

لم یرد بالوقف الوقف التام دون غیره بل مطلق الوقف إذا وقف علی الكلمة ما حكمها أی باب حكم الوقف علی أواخر الكلم المختلف فیها. و الاصطلاح أن یقال باب الروم و الإشمام أو الإشارة، و حد الوقف قطع الصوت آخر الكلمة الوضعیة زمانا:
و الإسكان أصل الوقف و هو اشتقاقه‌من الوقف عن تحریك حرف تعزّلا أخبر أن الإسكان أصل الوقف و إنما كان أصل الوقف السكون لأن الوقف ضد الابتداء و الابتداء قد ثبتت له الحركة فوجب أن یثبت لضده ضدها و هو السكون، و قوله: و هو اشتقاقه من الوقف یعنی أن الوقف مأخوذ من وقفت عن كذا إذا لم تأت به فلما كان ذلك وقوفا عن الحركة و تركا لها سمی وقفا و فیه: لغات السكون و هو الفصیح المختار و هو الأصل و فیه الروم و الإشمام كما سیأتی بیانه و قوله تعزلا أی أن الحرف صار بمعزل عن الحركة و الأعزل الذی لا سلاح معه. و منه السماك الأعزل: و هو كوكب یضی‌ء من جملة منازل القمر الثمانی و عشرین:
و عند أبی عمرو و كوفیّهم به‌من الرّوم و الإشمام سمت تجمّلا روی عن أبی عمرو و عاصم و حمزة و الكسائی الروم و الإشمام مع إجازتهم الوقف بالإسكان و الباقون لم یأت عنهم فی الروم و الإشمام نص، و المعنی و عند أبی عمرو و الكوفیین به أی بالوقف من الروم و الإشمام سمت، أی طریق تجملا، أی تحسن:
و أكثر أعلام القرآن یراهمالسائرهم أولی العلائق مطولا أخبر أن أكثر الأئمة المشاهیر من أهل الأداء بالقراءة یراهما یعنی الروم و الإشمام لسائرهم أی لسائر القراء السبعة لمن رویا عنه و لمن لم یرویا عنه أولی العلائق أی أولی ما تعلق به حبلا لما فیهما من بیان الحركة، و المطول: الحبل بالحاء، و یكنی به عن السبب
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 142
الموصل إلی المطلوب فكأنه قال أولی الأسباب سببا:
و رومك إسماع المحرّك واقفابصوت خفیّ كلّ دان تنوّلا أخذ یبین حقیقة الروم فقال: هو أن یسمع الحرف المحرك، احترازا من الساكن فی الوصل نحو قوله تعالی: لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ [الإخلاص: 3]، فلا روم فی هذا و شبهه و إنما یكون الروم فی المحرك فی حال الوصل فرومه فی الوقف بأن تسمع كل دان أی قریب منك ذلك المحرك بصوت خفی أی ضعیف یعنی أن تضعف الصوت بالحركة حتی یذهب بذلك معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفیا یدركه الأعمی بحاسة سمعه، و قوله تنوّلا: أی تنوله منك و أخذه عنك. ثم شرع یبین الإشمام فقال:
و الإشمام: إطباق الشّفاه بعید مایسكّن لا صوت هناك فیصحلا أخبر أن الإشمام هو أن تطبق شفتیك بعد تسكین الحرف فیدرك ذلك بالعین و لا یسمع و هو معنی قوله لا صوت هناك، و حقیقته أن تجعل شفتیك علی صورتهما إذا نطقت بالضمة و الشفاه بالهاء جمع شفة، فیصحلا، یقال صحل صوته بكسر الحاء یصحل بفتحها: إذا صار أبحّ، یعنی إذا كانت فیه بحوحة لا یرتفع الصوت معها فكأنه شبه إضعاف الصوت فی الروم بذلك فالروم هو الإتیان ببعض حركة الحرف و ذلك البعض الذی یأتی به هو صوت خفی یدركه الأعمی، و الإشمام لا یدركه الأعمی لأنه لرؤیة العین لا غیر، و إنما هو إیماء بالعضو إلی الحركة. ثم ذكر مواضع استعمال الروم و الإشمام فقال:
و فعلهما فی الضّمّ و الرّفع واردو رومك عند الكسر و الجرّ وصّلا
و لم یره فی الفتح و النّصب قارئ‌و عند إمام النّحو فی الكلّ أعملا أخبر أن فعل الروم و الإشمام وارد فی الضم و الرفع و أن الروم وصل و نقل فی الكسر و الجر و قوله: و لم یره أی و لم یر الروم فی الفتح و النصب أحد من القراء و قوله و عند إمام النحو إلی آخره یعنی أن إمام النحو، و هو سیبویه استعمل الروم فی الحركات الثلاث.
توضیح: اعلم أن الحرف المتحرك إذا وقف علیه لا تخلو حركته من أن تكون ضما أو رفعا أو فتحا أو نصبا أو كسرا أو جرا، فإن كانت ضما أو رفعا جاز الوقف علیه بالسكون و الروم و الإشمام و إن كانت كسرا أو خفضا جاز الوقف علیه بالسكون و الروم و لم یجز الإشمام و إن كانت فتحا أو نصبا و لیس معهما تنوین كان الوقف بالسكون لا غیر و لم یجز الروم و لا الإشمام و ذهب سیبویه و غیره من النحویین إلی جواز الروم فی المفتوح و المنصوب و لم یقرأ به أحد.
و ما نوّع التّحریك إلّا للازم‌بناء و إعرابا غدا متنقّلا یقول إنما نوعت التحریك و قسمته هذه الأقسام إلا لأعبر عن حركات البناء و حركات
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 143
الإعراب لیعلم أن حكمهما واحد فی دخول الروم و الإشمام و فی المنع منهما أو من أحدهما و حركة البناء توصف باللزوم لأنها لا تتغیر ما دام اللفظ بحاله فلهذا قال للازم بناء أی ما نوعته إلا لأجل أنه ینقسم إلی لازم البناء و إلی ذی إعراب غدا بذلك متنقلا من رفع إلی نصب و إلی جر باعتبار ما تقتضیه العوامل المسلطة علیه، فمثال حركات البناء فی القرآن من قبل و من بعد و من حیث، أ لا تری أن اللام، و الدال و الثاء مبنیة علی الضم و لم تعمل فیها حروف الجر، و مثال حركات الإعراب قال الملأ و إن الملأ و إلی الملأ أ لا تری أن الملأ الأول مرفوع و الثانی منصوب و الثالث مجرور فهو منتقل بحسب العوامل، و حركات البناء لها ألقاب و حركات الإعراب لها ألقاب عند البصریین فلقبوا من ذلك ما كان للبناء بالضم و الفتح و الكسر، و الذی للإعراب بالرفع و النصب و الجر، و الذی آخره ساكن للإعراب یسمی جزما، و الذی للبناء یسمی وقفا، فأتی الناظم بالجمیع لیعلم أن ما ذكره یكون فی القبیلین و لو أتی بألقاب أحدهما لتوهم أن ما ذكره یختص به دون الآخر.
و فی هاء تأنیث و میم الجمع قل‌و عارض شكل لم یكونا لیدخلا أخبر أن الروم و الإشمام لا یدخلان فی هاء التأنیث و لا فی میم الجمع و لا فی الشكل العارض أما هاء التأنیث و هی التی تكون فی الوصل تاء و یوقف علیها بالهاء نحو رحمة و نعمة و شبهه و أما میم الجمع فنحو إلیهم و علیهم و شبهه و عارض الشكل یعنی الحركة العارضة نحو من یشأ اللّه و لقد استهزئ و شبه ذلك كله یوقف علیه بالسكون. و اعلم أن هاء التأنیث تنقسم إلی ما رسم فی المصحف بالهاء نحو رحمة و قد تقدم حكمه و هو مراد الناظم و إلی ما رسم بالتاء نحو. بقیت اللّه و جنت نعیم و شبهه فإن الروم و الإشمام یدخلان فیه فی مذهب من وقف علیه بالتاء.
و فی الهاء للإضمار قوم أباهماو من قبله ضمّ أو الكسر مثّلا
أو اما هما واو و یاء و بعضهم‌یری لهما فی كلّ حال محلّلا یعنی أن هاء الضمیر و هی هاء الكنایة التی سبق لها باب اختلف أهل الأداء فی الوقف علیها فأبی قوم الروم و الإشمام فیها إذا كان قبلها ضم أو كسر نحو یعلمه اللّه و بمزحزحه أو یكون قبلها إما الضم أو الكسر و هما الواو و الیاء نحو عقلوه و فیه. و هذا معنی قوله: أو اما هما واو و یاء لأن ذلك معطوف علی قوله أو الكسر لأنهم أبوا الروم و الإشمام فی هاء الضمیر الذی قبله ضم أو كسر أو واو أو یاء و استثناء ذلك من زیادات القصید، و أشار بقوله أو اما هما واو و یاء إلی أن الواو و الیاء أصلان للضمة و الكسرة بدلیل أنك إذا أشبعت الضمة أو الكسرة تولد منهما واو و یاء، و قوله: و بعضهم أی و بعض أهل الأداء یری محللا لهما أی یجوز الروم و الإشمام فی هاء الضمیر كیف كان علی أی حالة وجدت، و لم یستثن ما ذكره هؤلاء القوم، و الوجهان جیدان، و محللا من التحلیل و هو: ضد التحریم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 144

باب الوقف علی مرسوم الخط

الباب المتقدم كان فی كیفیة الوقف و هذا فی بیان الحروف الموقوف علیها و مراده بمرسوم الخط یعنی المصحف الكریم علی ما وضعته علیه الصحابة رضی اللّه عنهم لما كتبوا المصاحف فی زمن عثمان رضی اللّه عنه و أنفذها إلی الأمصار ففیها مواضع وجدت الكتابة فیها علی خلاف ما الناس علیه الآن و أصل الرسم الأثر فیعنی بمرسوم الخط ما أثره الخط فقال:
و كوفیّهم و المازنیّ و نافع‌عنوا باتّباع الخطّ فی وقف الابتلا
و لابن كثیر یرتضی و ابن عامرو ما اختلفوا فیه حر أن یفصّلا أی روی عن نافع و أبی عمرو و عاصم و حمزة و الكسائی الاعتناء بمتابعة صورة خط المصحف فی الوقف و فعل ذلك شیوخ الأداء لابن كثیر و ابن عامر اختیارا دون روایة و لیس هذا الكلام علی عمومه بل یختص بالحرف الأخیر نحو الصلاة فلا یوقف بالواو و نحو الرحمن و سلیمان فلا بد من الألف علم هذا من قرینة الوقف. و الابتلاء بالمد الاختبار أی إذا اختبروا بالوقف علی كلمات لیست بموضع وقف لیعلم به معرفة القارئ بحقیقة تلك الكلمة أو إذا انقطع نفسه و یحتاج القارئ إلی معرفة الرسم فی ذلك فیقف بالحذف علی ما رسم بالحذف و بالإثبات علی ما رسم بالإثبات، و قوله: و ما اختلفوا فیه حر أن یفصلا أشار إلی أن بعض السبعة یخالف الرسم فی بعض المواضع و حر أن یفصل ما اختلف فیه أی حقیق تفصیله أی تبیینه بطریق التفصیل واحدا بعد واحد فی باقی الباب و أشار الناظم إلی المختلف فیه و لم یذكر المتفق علیه لأنه لم یضع هذه القصیدة إلا لما اختلفوا فیه، و هذه نبذة من المتفق علیه لتكمل الفائدة بذلك و مداره علی معرفة الحذف و الإثبات فی الیاء و الواو و الألف و علی معرفة الموصول و المقطوع من الكلم (أما الیاء) فإنها تنقسم إلی ما ذكر فی باب الزوائد و غیره فأما ما ذكر فی باب الزوائد فجمیعه محذوف من المصحف. و أما ما لم یذكر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 145
فی باب الزوائد فإنه ینقسم إلی متحرك و ساكن فالمتحرك كله ثابت فی الرسم موقوف علیه بالسكون. و الساكن ینقسم إلی ثابت فی المصحف و محذوف منه فالثابت فی الرسم ثابت فی الوقف و المحذوف فی الرسم محذوف فی الوقف و ها أنا أذكر ما حذف من الیاءات إلا أنی لا أعدّ الزوائد اعتمادا علی معرفتها من بابها فأولها بالبقرة فَارْهَبُونِ فَاتَّقُونِ وَ لا تَكْفُرُونِ و بآل عمران وَ أَطِیعُونِ وَ سَوْفَ یُؤْتِ اللَّهُ [النساء: 146] و وَ اخْشَوْنِ الْیَوْمَ [المائدة: 3] و یَقُصُّ الْحَقَ [الأنعام: 57] و فَلا تُنْظِرُونِ [الأعراف: 195] و فَلا تُنْظِرُونِ و نُنْجِ الْمُؤْمِنِینَ [هود: 55] و ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ [هود: 55] و فَأَرْسِلُونِ [الحجر: 54] وَ لا تَقْرَبُونِ و تُفَنِّدُونِ [یوسف: 94] و مَتابِ [ص: 17] و (مآب) [ص: 30] و عِقابِ [الرعد: 32] و فَبِمَ تُبَشِّرُونَ [الحجر: 54] فَلا تَفْضَحُونِ و لا تُخْزُونِ [هود: 78] و فَاتَّقُونِ و فَارْهَبُونِ [البقرة: 40] و تُشَاقُّونَ فِیهِمْ [النحل: 27] و بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [طه: 12] و بالأنبیاء فَاعْبُدُونِ [العنكبوت:
56] فی موضعین، و فَلا تَسْتَعْجِلُونِ [الأنبیاء: 37] و لَهادِ الَّذِینَ آمَنُوا [الحج: 54] و بِالْمُؤْمِنِینَ بِما كَذَّبُونِ [المؤمنون: 39] فی موضعین، و فَاتَّقُونِ أَنْ یَحْضُرُونِ [المؤمنون: 98]، و ارْجِعُونِ [المؤمنون: 99]، وَ لا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون: 108] و أن یكذبون و أن یقتلون سیهدین فَهُوَ یَهْدِینِ [الشعراء: 78] و یسقین و یشفین و یحیین و أطیعون ثمانیة مواضع و كذبون وادِ النَّمْلِ [النمل: 18] و حَتَّی تَشْهَدُونِ [النمل: 232] و بالواد الأیمن [القصص: 30] و أَنْ یَقْتُلُونِ [التوبة:
111] و فَاعْبُدُونِ [العنكبوت: 56] و بِهادِ الْعُمْیِ [الروم: 53] و إِنْ یُرِدْنِ الرَّحْمنُ [یس: 23] و فَاسْمَعُونِ [یس: 25] و سَیَهْدِینِ [الشعراء: 62] صالِ الْجَحِیمِ [الصافات: 163] و عذاب و عقاب [البقرة: 196] و (عقاب) [العنكبوت:
56] و سَیَهْدِینِ [الشعراء: 62] وَ أَطِیعُونِ [آل عمران: 50] و یَوْمَ یُنادِ [ق: 41] و (لیعبدون و أن یطعمون فلا تستعجلون) [الأنبیاء: 37] و فَما تُغْنِ النُّذُرُ [القمر: 5] و الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ [الرحمن: 24] و وَ أَطِیعُونِ [آل عمران: 50] و فَكِیدُونِ [هود: 55] و بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [النازعات: 16] و الْجَوارِ الْكُنَّسِ [التكویر: 16] و وَ لِیَ دِینِ [الكافرون: 6]، فهذه سبعة و سبعون یاء لم یختلف القراء السبعة فی حذفها وصلا و وقفا اتباعا للرسم و كذلك ما سقطت منه الیاء للجازم نحو اتَّقِ اللَّهَ و یُغْنِ اللَّهُ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ [القصص: 77] وَ مَنْ تَقِ السَّیِّئاتِ [غافر: 9] وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ [النساء: 14] و مَنْ یَهْدِ اللَّهُ [الأعراف: 178] و شبه ذلك و كذلك إن سقطت یاء الإضافة من آخر الاسم للنداء نحو یا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا [هود: 52] و یا قَوْمِ اذْكُرُوا [المائدة:
20] و یا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ و رَبِّ اغْفِرْ لِی [الأعراف: 151] و رَبِّ انْصُرْنِی [العنكبوت:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 146
30] و یا عِبادِ الَّذِینَ آمَنُوا [الزمر: 10] و یا عِبادِ فَاتَّقُونِ [الزمر: 16]، فیها و شبه ذلك ما خلا ثلاثة أحرف اختلف القراء فی إثباتها و حذفها علی ما سیأتی و هی: یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِی واسِعَةٌ [العنكبوت: 56] و یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا [الزمر: 53] و یا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَیْكُمُ [الزخرف: 68]، و هذه الثلاثة مرسومة فی المصاحف بإثبات الیاء ما خلا الذی بالزخرف فإن الیاء ثابتة فیه فی مصاحف المدینة و الشام خاصة، و أما ذَا الْأَیْدِ [ص: 17]، فإنه فی الوصل و الوقف بغیر یاء و جمیع ما ذكرته محذوف الیاء فی رسم المصاحف إلا الثلاثة المذكورة بالعنكبوت و الزمر و الزخرف و إذا علم ذلك فما بقی متفق علی إثبات الیاء فیه فی الرسم ثم إن كان بعده ساكن حذفت الیاء منه فی الوصل لأجله و تثبت فی الوقف لعدمه نحو وَ لا تَسْقِی الْحَرْثَ [البقرة: 71] و یُؤْتِی الْحِكْمَةَ مَنْ یَشاءُ [البقرة: 269] و یَأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ [المائدة: 54] و أُوفِی الْكَیْلَ [یوسف:
59] و نَأْتِی الْأَرْضَ [الرعد: 41] و آتِی الرَّحْمنِ [مریم: 93] و لا نَبْتَغِی الْجاهِلِینَ [القصص: 55] و لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ [آل عمران: 86] و أَیْدِی الْمُؤْمِنِینَ [الحشر: 2] و یُلْقِی الرُّوحَ [غافر: 15] و تَأْتِی السَّماءُ [الدخان: 10]، و هذا الأصل جمیعه مرسوم بالیاء فی المصاحف و الوقف علیه بالیاء للأئمة السبعة و كذلك ما كان من الأسماء المجموعة جمع السلامة بالیاء و النون و أضیف ذلك إلی ما فی أوله الألف و اللام و حذفت النون منه للإضافة و سقطت الیاء للساكنین فإنك إذا وقفت علی ذلك و فصلته مما أضیف إلیه وقفت علیه بالیاء و حذفت النون و ذلك باتفاق القراء نحو حاضِرِی الْمَسْجِدِ [البقرة: 196] و مُحِلِّی الصَّیْدِ [المائدة: 1] و الْمُقِیمِی الصَّلاةِ [الحج:
35] و مُهْلِكِی الْقُری [القصص: 59]، و كذلك الوقف بالیاء أیضا علی قوله تعالی:
ادْخُلِی الصَّرْحَ [النمل: 44] و هی یاء المؤنث و ذلك كله مرسوم فی المصاحف بالیاء فإن كان بعد الیاء متحرك ثبتت الیاء فی الوصل و الوقت لجمیع القراء اخْشَوْنِی وَ لِأُتِمَ [البقرة:
150]، و كادوا و یَأْتِی بِالشَّمْسِ [البقرة: 258] و فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:
31] و أَ تُحاجُّونِّی فِی اللَّهِ [الأنعام: 80] و لَئِنْ لَمْ یَهْدِنِی رَبِّی [الأنعام: 77] و یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ [الأنعام: 158] و هَدانِی رَبِّی [الأنعام: 161] و یَوْمَ یَأْتِی تَأْوِیلُهُ [الأعراف: 53] و لن (ترانی و استضعفونی و یقتلوننی) [الأعراف: 150] و فهو المهتدی، و یهود فَكِیدُونِی [هود: 55] و ما نَبْغِی وَ مَنِ اتَّبَعَنِی [یوسف: 18] و فَمَنْ تَبِعَنِی و بالحجر أَ بَشَّرْتُمُونِی [الحجر: 54] و مِنَ الْمَثانِی و یَوْمَ تَأْتِی كُلُّ نَفْسٍ [النحل: 111] و وَ قُلْ لِعِبادِی [الإسراء: 53] و فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی [الكهف:
70] و فَلا تَسْئَلْنِی [هود: 46] و فَاتَّبِعْنِی أَهْدِكَ [مریم: 43] و أَنْ أَسْرِ بِعِبادِی [طه: 77] و فَاتَّبِعُونِی [آل عمران: 31] و وَ الزَّانِی أَمْناً یَعْبُدُونَنِی [النور: 55] و أَنْ یَهْدِیَنِی [القصص: 22] و وَ أَنِ اعْبُدُونِی [یس: 61] و أُولِی الْأَیْدِی [ص:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 147
5] فمن یتقی لو أَنَّ اللَّهَ هَدانِی [الأنعام: 161] و فَأَسْرِ بِعِبادِی [الدخان: 23] و بِالنَّواصِی و بالصف لِمَ تُؤْذُونَنِی و بِرَسُولٍ یَأْتِی [الصف: 6] و أَخَّرْتَنِی [الإسراء: 62] و بِأَیْدِی سَفَرَةٍ [عبس: 15] و فَادْخُلِی فِی عِبادِی وَ ادْخُلِی جَنَّتِی [الفجر: 30]، فهذه الیاءات لم تختلف القراء فی إثباتها وصلا و وقفا اتباعا للرسم إلا ما روی عن ابن ذكوان فی تسألنی فی الكهف علی ما سیأتی. (و أما الواو) فإنها إذا تطرفت فی الكلمة و سقطت من اللفظ لساكن لقیها فإنك إذا وقفت علی الكلمة التی هی فیها أثبتها لجمیع القراء و ذلك نحو تَتْلُوا الشَّیاطِینُ [البقرة: 102] و یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ [الرعد:
39] و یرجو اللّه و لا تسبوا الذین فیسبوا اللّه و تبوءوا الدار و ملاقوا اللّه و أسروا النجوی و إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ [الدخان: 15] و مُرْسِلُوا النَّاقَةِ [القمر: 27] و لَصالُوا الْجَحِیمِ [المطففین: 16] و صالُوا النَّارِ [ص: 59] و ما قَدَرُوا اللَّهَ [الأنعام: 91] و نَسُوا اللَّهَ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ [یس: 66] و جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ [الفجر: 9]، و شبه ذلك فالوقف علیه بالواو و هو مرسوم بالواو فی المصاحف ما خلا خمس مواضع فإنها رسمت بغیر واو و هی بالإسراء و یدع الإنسان وَ یَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ [الشوری: 24] و یَدْعُ الدَّاعِ [القمر: 6] و صالِحُ الْمُؤْمِنِینَ [التحریم: 4] و سَنَدْعُ الزَّبانِیَةَ [العلق: 18]، فالوقف علی هذه الخمسة لجمیع القراء بغیر واو اتباعا للرسم و قیل إن صالح المؤمنین اسم جنس و هو یلفظ الافراد لیس بجمع صالح فلا تكون علی هذا الواو فیه محذوفة و یكون قد رسم فی المصاحف بغیر واو علی الأصل فهو واحد یراد به الجمع مثل إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ [العصر: 2]، (و أما الألف) فإن كل ألف سقطت من اللفظ لساكن لقیها فإنك إذا وقفت علیها و فصلتها من الساكن أثبتها فی الوقف لجمیع القراء و ذلك نحو فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَیْنِ [النساء: 176] و دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما [الأعراف: 189] و قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ [النمل: 15] و قِیلَ ادْخُلَا النَّارَ [التحریم: 10] و اسْتَبَقَا الْبابَ [یوسف: 25]، و شبهه و تثبت الألف فی قوله تعالی: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّی [الكهف: 38] فی الوقف و فیها خلاف فی الوصل یأتی ذكره و تثبت الألف أیضا فی وَ لَیَكُوناً و لَنَسْفَعاً فی الوقف و یا أیها حیث وقع نحو یا أیها الرسول یا أیها الذین آمنوا فجمیع هذا مرسوم بالألف فی المصاحف و أجمعوا علی الوقف علیه بالألف ما خلا (أیه المؤمنون) (و أیه الساحر) [الزخرف: 49] و (أیه الثقلان) [الرحمن: 41] فإن الألف فیها محذوفة فی الخط و الوصل و فیها فی الوقف خلاف كما سیأتی بیانه و أما الموصول و المقطوع نحو من ما و عن ما و ممن و فإن لم و إن لن و أن ما و عن من و أم من و فی ما و بئس ما و أین ما و حیث و ما و لكی لا و إذ ما و یوم هم و لبئس ما و كل ما أشبهه فإنه یوقف علیه علی وفق رسمه فی الهجاء و ذلك باعتبار الأواخر فی تفكیك الكلمات بعضها من بعض و تقطیعها فما كتب من كلمتین موصولتین لم یوقف إلا علی الثانیة منهما و ما كتب منها مفصولا یجوز أن یوقف علی كل واحدة منهما و مثاله مما هما كلمتان كتبتا بالوصل و بالقطع فتقف فی الموصول علی ما و فی المقطوع علی من
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 148
و كذلك تفعل فیما بقی من المقطوع و الموصول. ثم شرع فی ذكر الحریّ بالتفصیل واحدا بعد واحد فقال:
إذا كتبت بالتّاء هاء مؤنّث‌فبالهاء قف حقّا رضی و معوّلا أمر أن یوقف بالهاء علی ما رسم من هاء التأنیث بالتاء للمشار إلیهم بحق و الراء فی قوله: حقا رضا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و الكسائی و یوقف للباقین بالتاء و فهم من تقیید محل الخلاف بالوقف أن الوصل بالتاء علی الرسم، و من قوله إذا كتبت بالتاء أن المرسومة بالهاء لا خلاف فیها بل هی تاء فی الوصل هاء فی الوقف، و أما ما كتبت بالتاء فنحو رحمت و نعمت و امرأت و سنت و معصیت و لعنت و ابنت و قرت و مرضات و ذات و بقیت و هیهات و فطرت و لات حین و شجرت و جنت و كلمت و یا أبت و شبه ذلك فعوّل علیه،
و فی اللّات مع مرضات مع ذات بهجةو لات رضی هیهات هادیه رفّلا أمر بالوقف بالهاء علی قوله تعالی: أَ فَرَأَیْتُمُ اللَّاتَ [النجم: 19]، و مرضات كیف جاء و ذات بهجة وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ [ص: 3]، للمشار إلیه بالراء فی قوله: رضا، و هو الكسائی فتعین للباقین الوقف بالتاء ثم أخبر أن هیهات كهذه الكلمات یعنی فی الوقف علیها بالهاء للمشار إلیهما بالهاء و الراء فی قوله: هادیه رفلا و هما البزی و الكسائی فتعین للباقین أیضا الوقف بالتاء و لیس الكلام فی بهجة فإن الوقف علیها بالهاء إجماع لأنها رسمت كذلك بل الكلام علی ذات التی قبل بهجة بخلاف ذات بینكم و نحوها، و معنی رفل. عظم.
وقف یا أبه كفؤا دنا و كأین الوقوف بنون و هو بالیاء حصّلا أمر بالوقف علی یا أبت بالهاء حیث وقع علی ما لفظ به للمشار إلیهما بالكاف و الدال فی قوله: كفؤا دنا و هما ابن عامر و ابن كثیر فتعین للباقین الوقف بالتاء و ذلك نحو یا أَبَتِ إِنِّی رَأَیْتُ [یوسف: 4] و یا أَبَتِ إِنِّی أَخافُ [مریم: 45]، و بانقضاء حكم هذه الكلمة انقضی حكم الوقف علی هاء التأنیث. ثم انتقل إلی غیره فقال: و كأین. أخبر أن الوقف علی و كأین بالنون حیث وقع للجماعة و أن الوقف علیه للمشار إلیه بالحاء فی قوله حصلا، و هو أبو عمرو فمن وقف علی النون اتبع الرسم و من وقف علی الیاء نبه علی الأصل و الواو فی قوله، و كائن الوقوف للعطف لیشمل ما جاء من لفظ كائن بالواو و الفاء نحو و كائن من نبیّ فكائن من قریة.
و مال لدی الفرقان و الكهف و النّساو سال علی ما حجّ و الخلف رتّلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء فی قوله: حج و هو أبو عمرو وقف علی ما من ما لِهذَا الرَّسُولِ [الفرقان: 7] و ما لِهذَا الْكِتابِ [الكهف: 49] و فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ [النساء: 78] و فَما لِ الَّذِینَ كَفَرُوا [المعارج: 36]، فی سأل سائل. ثم قال: و الخلف رتلا. أخبر أن المشار إلیه بالراء فی قوله: رتلا و هو الكسائی اختلف عنه فی هذه المواضع
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 149
الأربعة فروی عنه الوقف علی ما كأبی عمرو، و روی عنه الوقف علی اللام كالباقین. و هذه الأربعة كتبت فی المصحف مال فمال بانفصال اللام مما بعدها فمن وقف علی ما ابتدأ باللام متصلة بما بعدها و من وقف علی اللام ابتدأ بما بعدها من الأسماء و كذلك قرأت من طریق المبهج و التذكرة و نص علیه صاحب المبهج فی كتاب الاختیار و ابن غلبون فی التذكرة و الصفراوی فی كتاب الإعلان، و لم یذكر الناظم الابتداء تبعا للتیسیر.
و یا أیّها فوق الدّخان و أیّهالدی النّور و الرّحمن رافقن حمّلا
و فی الها علی الإتباع ضمّ ابن عامرلدی الوصل و المرسوم فیهنّ أخیلا أخبر أن المشار إلیهما بالراء و الحاء فی قوله: رافقن حملا، و هما الكسائی و أبو عمرو وقفا علی (یا أیه الساحر) [الزخرف: 49]، لأنها فوق الدخان و (أیه المؤمنون) [النور:
31] و (أیه الثقلان) [الرحمن: 31]، بالألف علی ما لفظ به فتعین للباقین الوقف علی الهاء من غیر ألف اتباعا للرسم. ثم قال: و فی الهاء علی الإتباع ضم ابن عامر. لدی الوصل، یعنی أن ابن عامر ضم الهاء فی الوصل فی هذه المواضع الثلاثة اتباعا لضمة الیاء قبلها و الأوجه فتح الهاء و هی قراءة الباقین، و حملا جمع حامل و روی ضم ابن عامر بفتح المیم و رفع النون، و یروی بضم المیم و جر النون و قوله: و المرسوم فیهن أخیلا، یعنی أن یا أیها رسم فی جمیع القرآن بالألف آخرها إلا فی هذه المواضع الثلاثة و أخیل من أخیلت السماء: أظهرت المطر.
وقف ویكأنّه ویكأنّ برسمه‌و بالیاء قف رفقا و بالكاف حلّلا أمر بالوقف للجمیع علی النون فی ویكأن و علی الهاء فی ویكأنه برسمه لأنه كذلك رسم علی ما لفظ به ثم أخرج الكسائی و أبا عمرو فقال: و بالیاء قف رفقا أمر بالوقف علی الباء للمشار إلیه بالراء فی قوله: رفقا و هو الكسائی. ثم قال و بالكاف حللا، یعنی أن المشار إلیه بالحاء فی قوله حللا و هو أبو عمرو وقف علی الكاف، و معنی حلل: أبیح فحصل من ذلك أن أبا عمرو یقف ویك و یبتدئ أن اللّه أنه، و أن الكسائی یقف علی قوله وی و یبتدئ بقوله كأن اللّه كأنه و أن الباقین یقفون علی ویكأن ویكأنه و یبتدئون بالكلمة بكمالها و لم یذكر الناظم الابتداء و نص علیه الصفراوی و ابن غلبون و سبط أبی منصور فی تصانیفهم نحو ما ذكرته.
و أیّا بأیّا ما شفا و سواهمابما و بوادی النّمل بالیا سنا تلا أخبر أن الوقف علی أیا من أیاما تدعوا بالإسراء علی ما لفظ به من إبدال التنوین ألفا للمشار إلیهما بالشین فی قوله شفا. و هما حمزة و الكسائی، ثم قال و سواهما بما أخبر أن الباقین وقفوا علی ما لا علی أیا، یقال وقفت به أی علیه و أیا كلمة مستقلة زیدت علیها ما
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 150
و هی مفصولة فی الخط. ثم قال: و بواد النمل إلخ أخبر أن الوقف علی حتی إذا أتوا علی واد النمل بالیاء للمشار إلیهما بالسین و التاء فی قوله: سناتلا، و هما أبو الحرث و الدوری راویا الكسائی و وقف الباقون بغیر یاء علی الرسم.
و فیمه و ممّه قف و عمّه لمه بمه‌بخلف عن البزّیّ و ادفع مجهّلا أمر بالوقف بالهاء كما لفظ به للبزی بخلاف عنه علی قوله تعالی: فِیمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها [النازعات: 43] و فَلْیَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ [الطارق: 5] و عَمَّ یَتَساءَلُونَ [النبأ: 1] و لِمَ تَقُولُونَ [الصف: 2] و بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النمل: 35]، و شبه ذلك فتعین للباقین الوقف بغیر هاء تباعا للرسم. و قوله: و ادفع مجهلا، أی ادفع من جهل قارئ هذه القراءة و حجه بما یزجره عن تجهیله له.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 151

باب مذاهبهم فی یاءات الإضافة

أی هذا باب بیان مذاهبهم فی یاءات الإضافة، و هی یاء المتكلم بها و تكون متصلة بالاسم نحو سبیلی و بالفعل نحو لیبلونی و بالحرف نحو إنی. و لما توقفت معرفتها علی معرفة العربیة ذكر لها ضابطا یهدی إلیها فقال:
و لیست بلام الفعل یاء إضافةو ما هی من نفس الأصول فتشكلا
و لكنّها كالهاء و الكاف كلّ ماتلیه یری للهاء و الكاف مدخلا أخبر أن یاء الإضافة لیست لاما للفعل و لا من نفس أصول الكلمة و إنما هی زائدة و أصول الكلمة هی الفاء و العین و اللام، و جملة الأمر أن الكلمة إن كانت مما یوزن و وقع فی آخرها یاء فزنها بالفاء و العین و اللام فإن صادفت اللام مكان الیاء فیعلم أنها لام الفعل و إن كانت الكلمة مما لا یوزن و ذلك فی الأسماء المبهمة نحو التی و الذی و فی الضمائر هی فالیاء فیها لیست بیاء الإضافة لأنها من نفس أصول الكلمة فلیست زائدة علیها و احترز بقوله: و ما هی من نفس الأصول من مثل ذلك لأن یاء الإضافة كلمة تتصل بكلمة أخری فإذا قلت سبیلی فسبیل كلمة و الیاء كلمة أخری، ثم زاد فی بیانها فقال: و لكنها كالهاء و الكاف إلخ.
أخبر أن یاء الإضافة كهاء الضمیر و كافه فكل كلمة ولیتها الیاء و اتصلت بها صح أن الهاء و الكاف یلیانها و یتصلان بها، یعنی أن كل موضع تدخل فیه فإنه یصح فیه دخول الهاء و الكاف مكانها فتقول فی سبیلی سبیله و سبیلك، و لیبلونی لیبلوه لیبلوك و إنی إنه و إنك و مدخلا: موضع الدخول:
و فی مائتی یاء و عشر منیفةو ثنتین خلف القوم أحكیه مجملا أخبر أن الأئمة السبعة و هم المعنیون بالقوم اختلفوا فی مائتی یاء و اثنتا عشرة یاء من یاءات الإضافة وعدها صاحب التیسیر مائتی یاء و أربع عشرة یاء لأنه عدّ فی هذه الیاءات یائی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 152
فَما آتانِیَ اللَّهُ [النمل: 36] و فَبَشِّرْ عِبادِ [الزمر: 17] و الَّذِینَ [الزمر: 18]، لكونهما مفتوحتین وعدهما الشاطبی فی یاءات الزوائد لكونهما محذوفتین فی الرسم، و قوله: منیفة أی زائدة یقال: أنافت الدراهم علی مائة أی زادت علیها و قوله: أحكیه مجملا یعنی خلف القراء فیها بالفتح و الإسكان اذكره علی الإجمال بضابط یشملها من غیر بیان مواضع الخلاف فیها، و یروی مجملا بكسر المیم الثانیة و فتحها، و هو من إجمال العدد، و هو جمع ما كان منه متفرقا، و اللّه أعلم.
فتسعون مع همز بفتح و تسعهاسما فتحها إلّا مواضع همّلا اعلم أن یاءات الإضافة تنقسم إلی ستة أقسام: منها ما یأتی قبل همز القطع المفتوح، و منها ما یأتی قبل همز القطع المكسور، و منها ما یأتی قبل همز القطع المضموم، و منها ما یأتی قبل همز الوصل المصاحب للام التعریف. و منها ما یأتی قبل همز الوصل المنفرد عن لام التعریف. و منها ما یأتی قبل غیر الهمز من سائر الحروف، و قدم الكلام علی ما وقع من هذه الأقسام قبل همز القطع المفتوح فأخبر أن جملة ما اختلف فیه منه تسعة و تسعون یاء أولها: إِنِّی أَعْلَمُ [البقرة: 30] موضعان و فَاذْكُرُونِی أَذْكُرْكُمْ [البقرة: 152] و اجْعَلْ لِی آیَةً [آل عمران: 41] و أَنِّی أَخْلُقُ [آل عمران: 49] و إِنِّی أَخافُ اللَّهَ [المائدة: 28] و لِی أَنْ أَقُولَ [المائدة: 116] و إِنِّی أَخافُ [الأنعام: 15] و إِنِّی أَراكَ [الأنعام: 74] و إِنِّی أَخافُ [الأعراف: 59] و بَعْدِی أَ عَجِلْتُمْ [الأعراف:
15] و إِنِّی أَری [الأنفال: 48] و إِنِّی أَخافُ [الأنعام: 48] و مَعِیَ أَبَداً [التوبة:
83] و لِی أَنْ أُبَدِّلَهُ [یونس: 15] و إِنِّی أَخافُ [یونس: 15] و إِنِّی أَخافُ [هود: 84] ثلاثة مواضع و وَ لكِنِّی أَراكُمْ [هود: 29] و إِنِّی أَعِظُكَ [هود: 46] و إِنِّی أَعُوذُ بِكَ [هود: 47] و فَطَرَنِی أَ فَلا [هود: 51] و ضَیْفِی أَ لَیْسَ [هود:
51] و إِنِّی أَراكُمْ [هود: 84] و شِقاقِی أَنْ [هود: 89] و أَ رَهْطِی أَعَزُّ [هود:
62] و لَیَحْزُنُنِی أَنْ تَذْهَبُوا [یوسف: 13] و رَبِّی أَحْسَنَ [یوسف: 23] و إِنِّی أَرانِی أَعْصِرُ [یوسف: 36] و إِنِّی أَرانِی أَحْمِلُ [یوسف: 36] و إِنِّی أَری سَبْعَ بَقَراتٍ [یوسف: 43] و لَعَلِّی أَرْجِعُ [یوسف: 46] و إِنِّی أَنَا أَخُوكَ [یوسف: 69] و لِی أَبِی [یوسف: 80] و إِنِّی أَعْلَمُ [البقرة: 30] و سَبِیلِی أَدْعُوا [یوسف: 108] و إِنِّی أَسْكَنْتُ [إبراهیم: 37] و عِبادِی أَنِّی أَنَا [الحجر: 49] و قُلْ إِنِّی أَنَا النَّذِیرُ [الحجر: 89] و رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ [الكهف: 22] و بِرَبِّی أَحَداً [الكهف: 38] و (لو لا) و فَعَسی رَبِّی أَنْ یُؤْتِیَنِ [الكهف: 40] و بِرَبِّی أَحَداً وَ لَمْ [الكهف: 38] و مِنْ دُونِی أَوْلِیاءَ [الكهف: 102] و اجْعَلْ لِی آیَةً [مریم: 40] و إِنِّی أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ [مریم: 18] و إِنِّی أَخافُ أَنْ یَمَسَّكَ [مریم: 45] و إِنِّی آنَسْتُ ناراً
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 153
لَعَلِّی آتِیكُمْ [طه: 10] و إِنِّی أَنَا رَبُّكَ [طه: 12] و إِنَّنِی أَنَا اللَّهُ [طه: 14] و یَسِّرْ لِی أَمْرِی [طه: 26] و حَشَرْتَنِی أَعْمی [طه: 125] و لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً [المؤمنون: 100] و إِنِّی أَخافُ [المائدة: 28] موضعان و رَبِّی أَعْلَمُ بِما [الكهف:
22] و إِنِّی آنَسْتُ [النمل: 7] و أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ [النمل: 19] و لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ [النمل: 40] و عَسی رَبِّی أَنْ [القصص: 22] و إِنِّی آنَسْتُ [طه: 10] و لَعَلِّی آتِیكُمْ [القصص: 29] و إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ [القصص: 30] و إِنِّی أَخافُ أَنْ [القصص: 34] و رَبِّی أَعْلَمُ بِمَنْ [القصص: 37] و لَعَلِّی أَطَّلِعُ [القصص: 38] و عِنْدِی أَ وَ لَمْ [القصص: 78] و رَبِّی أَعْلَمُ مَنْ [القصص: 85] و إِنِّی آمَنْتُ [یس: 25] و إِنِّی أَری [الصافات: 102] و أَنِّی أَذْبَحُكَ [الصافات: 102] و إِنِّی أَحْبَبْتُ [ص: 32] و إِنِّی أَخافُ تَأْمُرُونِّی أَعْبُدُ [الزمر: 64] و ذَرُونِی أَقْتُلْ [غافر: 26]، إِنِّی أَخافُ [الأعراف: 59] ثلاث مواضع لَعَلِّی أَبْلُغُ و ما لِی أَدْعُوكُمْ [غافر: 41] و ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60]، و بالزخرف تَجْرِی مِنْ تَحْتِی أَ فَلا و بالدخان إِنِّی آتِیكُمْ بِسُلْطانٍ [الدخان: 19]، أَوْزِعْنِی [الأحقاف:
15]، أن أَ تَعِدانِنِی أَنْ [الأحقاف: 17] إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ [الجن: 25] وَ لكِنِّی أَراكُمْ [هود: 84] بالحشر إِنِّی أَخافُ اللَّهَ [الأعراف: 59]، و بالملك مَعِیَ أَوْ رَحِمَنا و بنوح إِنِّی أَعْلَنْتُ [نوح: 9]، و رَبِّی أَمَداً [الجن: 25]، (ربی أكرمنی و ربی أهاننی) [الفجر: 15- 16]. ثم أشار إلی من فتح هذه الیاءات بقوله: «سما فتحها إلا مواضع هملا». أخبر أن قاعدة المشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو یفتحونها إلا مواضع خرجت عن هذا الأصل ففتحها بعض مدلول سما و زاد معهم غیرهم و اختلف عن بعضهم فی شی‌ء من ذلك و البعض أهملوا الفتح فسكنوا فعین المواضع التی جاءت مخالفة لهذا الأصل فكل ما لم یعینه فهو علی القاعدة من فتح أصحاب سما و إسكان الباقین و إذا ذكر الإسكان فی شی‌ء منها لبعضهم تعین للباقین الفتح، و هملا: جمع هامل، یقال: بعیر هامل: أی متروك.
فأرنی و تفتنّی اتّبعنی سكونهالكلّ و ترحمنی أكن و لقد جلا أخبر أن هذه الیاءات الأربع أجمعوا علی سكونها و هی أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ [الأعراف:
143]، و أتی به فی البیت ساكن الراء علی قراءة ابن كثیر و السوسی وَ لا تَفْتِنِّی أَلا فِی الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [التوبة: 49] و فَاتَّبِعْنِی أَهْدِكَ صِراطاً سَوِیًّا [مریم: 43] و وَ إِلَّا تَغْفِرْ لِی وَ تَرْحَمْنِی أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِینَ [هود: 47]، و هذه الأربعة داخلة تحت الضابط المذكور لأنها قبل همز القطع المفتوح فلو لا تنصیصه علیها بالإسكان للكل لظن أنها من جملة العدة، و لقد جلا: أی كشف مواضع الخلاف.
ذرونی و ادعونی اذكرونی فتحهادواء و أوزعنی معا جاد هطّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 154
أخبر أن المشار إلیه بالدال فی قوله دواء، و هو ابن كثیر فتح الیاء من ذَرُونِی أَقْتُلْ مُوسی [غافر: 26] و ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] و فَاذْكُرُونِی أَذْكُرْكُمْ [البقرة: 152]، و هو علی القاعدة المتقدمة، و نافع و أبو عمرو مخالفان له فهما یقرءان بالإسكان كالباقین، و قوله: و أوزعنی معا أراد أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ [النمل: 19]، [الأحقاف: 15]، فتح الیاء فیهما المشار إلیهما بالجیم و الهاء فی قوله: جاد هطلا، و هما ورش و البزی فهما علی القاعدة، و قالون و قنبل و أبو عمرو مخالفون فهم یقرءون فیهما بالإسكان كالباقین و معنی جاد: أمطر، و هطلا: جمع هاطل، أی قطر.
لیبلونی معه سبیلی لنافع‌و عنه و للبصری ثمان تنخّلا
بیوسف إنّی الأوّلان و لی بهاو ضیفی و یسّر لی و دونی تمثّلا
و یاءان فی اجعل لی و أربع إذ حمت‌هداها و لكنی بها اثنان وكّلا
و تحتی و قل فی هود إنی أراكموو قل فطرن فی هود هادیه أوصلا معه أی مع لیبلونی أ أشكر سبیلی أدعو فتحهما نافع و هو فیهما علی القاعدة و ابن كثیر و أبو عمرو مخالفان له فهما علی الإسكان فیهما كالباقین. ثم قال و عنه أی و عن نافع و أبی عمرو فتح ثمان یاءات. و تنخلا: أی اختیر فتحها بیوسف إنی الأولان أراد قال أحدهما إنی و قال الآخر إنی و لی بها أی بیوسف أیضا حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی [یوسف: 80] و ضَیْفِی أَ لَیْسَ مِنْكُمْ [هود: 78] و یَسِّرْ لِی أَمْرِی [طه: 26] و دُونِی أَوْلِیاءَ [الكهف:
102]، و تمثلا: أی تشخص، و یاءان فی اجعل لی أراد اجْعَلْ لِی آیَةً [آل عمران: 41]، [مریم: 10]، فهذه آخر الیاءات الثمان لنافع و أبی عمرو فتحاها علی القاعدة و ابن كثیر مخالف لهما فیقرأ الثمانیة بالإسكان كالباقین و احترز بقوله الأولان من قوله: إِنِّی أَری سَبْعَ [یوسف: 43]، إِنِّی أَنَا أَخُوكَ [یوسف: 69]، و إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ [یوسف:
96]، فهذه الثلاثة یفتحها نافع و ابن كثیر و أبو عمرو علی القاعدة. و قوله: و أربع إذ حمت هداها. أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الحاء و الهاء فی قوله إذ حمت هداها و هم نافع و أبو عمرو و البزی فتحوا أربع یاءات ثم بینها فقال و لكنی بها أی و لكنی بهذا اللفظ موضعان یعنی و لكنی أراكم بهود و الأحقاف، و الثالث بالزخرف مِنْ تَحْتِی أَ فَلا تُبْصِرُونَ [الزخرف:
51]، و الرابع إِنِّی أَراكُمْ بِخَیْرٍ [هود: 84]، و هم علی القاعدة و قنبل مخالف لهم یقرأ بإسكان الأربعة كالباقین، و قوله: و قل فطرن إلی آخره یعنی أن المشار إلیهما بالهاء و الهمزة فی قوله هادیه أوصلا و هما البزی و نافع قرآ فی هود فَطَرَنِی أَ فَلا تَعْقِلُونَ [هود: 51]، بفتح الیاء و هما علی القاعدة و قنبل و أبو عمرو مخالفان لهما فقرءا بالإسكان فیها كالباقین و حذف الناظم الیاء من فطرنی و أسكن النون ضرورة، و معنی قوله هادیه أوصلا أی أوصل فتحه، و هادیه: ناقله.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 155 و یحزننی حرمیّهم تعداننی‌حشرتنی أعمی تأمرونی وصلا أخبر أن المشار إلیهما بحرمی فی قوله: حرمیهم و هما نافع و ابن كثیر قرآ بفتح الیاء فی لَیَحْزُنُنِی أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ [یوسف: 13] و أَ تَعِدانِنِی أَنْ أُخْرَجَ [الأحقاف: 17] و لِمَ حَشَرْتَنِی أَعْمی [طه: 125] و تَأْمُرُونِّی أَعْبُدُ أَیُّهَا الْجاهِلُونَ [الزمر: 64] و هما فی ذلك علی القاعدة و أبو عمرو مخالف لهما فإنه قرأ بإسكان الأربعة كالباقین فهذا آخر ما أهمل فتحه بعض مدلول سما. ثم ذكر ما زاد معهم علی فتحه غیرهم فقال:
أ رهطی سما مولی و ما لی سما لوی‌لعلّی سما كفؤا معی نفر العلا
عماد و تحت النّمل عندی حسنه‌إلی درّه بالخلف وافق موهلا أخبر أن المشار إلیهم بسما و المیم من مولی، و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن ذكوان فتحوا الیاء من أ رهطی أعزّ و مدلول سما علی قاعدتهم و زاد معهم ابن ذكوان ففتح و خالف أصله و تعین للباقین الإسكان و قوله و ما لی سما لوی. أخبر أن المشار إلیهم بسما و اللام فی قوله سما لوی و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و هشام قرءوا وَ یا قَوْمِ ما لِی أَدْعُوكُمْ إِلَی النَّجاةِ [غافر: 41] بفتح الیاء و سكنها الباقون. و قوله: لعلی سما كفؤا. أخبر أن المشار إلیهم بسما و الكاف فی قوله سما كفؤا و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا لعلی بفتح الیاء و هی ستة مواضع فی القرآن لَعَلِّی أَرْجِعُ [یوسف: 46] و لَعَلِّی آتِیكُمْ [طه: 10]، و بقد أفلح و لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً [المؤمنون: 100] و لَعَلِّی آتِیكُمْ [القصص: 29] و لَعَلِّی أَطَّلِعُ [القصص: 38] و لَعَلِّی أَبْلُغُ الْأَسْبابَ [غافر:
36]، فتعین للباقین الإسكان فیهن. و قوله: معی نفر العلا عماد. أخبر أن المشار إلیهم بنفر و بالألف من العلا و بالعین من عماد و هم ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و نافع و حفص فتحوا الیاء من معی أبدا بالتوبة وَ مَنْ مَعِیَ أَوْ رَحِمَنا [التوبة: 28]، بالملك، و قوله: و تحت النمل عندی حسنه إلی آخره. أخبر أن المشار إلیه بالحاء و الهمزة و الدال فی قوله حسنه إلی دره، و هم أبو عمرو و نافع و ابن كثیر قرءوا علی علم عندی أو لم بفتح الیاء بخلاف عن ابن كثیر فی ذلك فله الفتح و الإسكان فیها و بقی من لم یذكره علی الإسكان و إلی سورة القصص أشار بقوله و تحت النمل. و قوله وافق موهلا: أی جعل أهلا للموافقة، و المیم لیست برمز.
توضیح: إذا عددت الكلم التی ینقص فیها من مدلول سما عن قاعدتهم وجدت أربعا و عشرین كلمة، و هی من قوله ذرونی إلی تأمرونی، و إذا عددت التی انضاف فیها إلی مدلول سما غیرهم وجدت عشر كلمات و هی من أ رهطی له معی و أما عندی فإن نافعا و أبا عمرو علی القاعدة و ابن كثیر إن أخذت له بالإسكان كان مخالفا لها و تلحق بالأربعة و عشرین المتقدمة و إن أخذت له بالفتح فهو زائد علیها و یلحق بما لم یعینه مما لزم قاعدة سما من غیر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 156
نقصان و لا زیادة و جملتها أربع و ستون یاء و قد تقدمت فی جملة التسع و التسعین المنصوص علیها فی شرح قوله: «فتسعون مع همز بفتح و تسعها». و لما أتم الكلام فی الهمز المفتوح انتقل إلی غیره فقال:
و ثنتان مع خمسین مع كسر همزةبفتح أولی حكم سوی ما تعزّلا هذا النوع الثانی و هو ما بعد یائه همزة قطع مكسورة، و جملة المختلف فیها اثنتان و خمسون یاء و أن قاعدة المشار إلیهما بالهمزة و الحاء فی قوله: أولی حكم، و هما نافع و أبو عمرو یفتحانها سوی ما تعزلا عن ترجمة أولی حكم بنقص أو زیادة. ثم شرع ینص علی المتعزل فقال:
بناتی و أنصاری عبادی و لعنتی‌و ما بعده إن شاء بالفتح أهملا أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله أهملا، و هو نافع قرأ بفتح الیاء فی جمیع هذا البیت فأهمل فلم یجر علی الأصل المتقدم و هو فتحه لمدلول أولی حكم، و أراد الذی بالحجر بَناتِی إِنْ كُنْتُمْ [الحجر: 71]، و بآل عمران و الصف أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ، و بالشعراء بِعِبادِی إِنَّكُمْ [الشعراء: 52]، و بص لَعْنَتِی إِلی [ص: 78]، و بالكهف و القصص و الصافات سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ، [الصافات: 102]، و هو المشار إلیه بقوله:
«و ما بعده إن شاء»، فجمیع ما ذكر یفتحه نافع علی القاعدة المتقدمة. و أبو عمرو یخالفها و یقرأ جمیع ذلك بالإسكان كالباقین:
و فی إخوتی ورش یدی عن أولی حمی‌و فی رسلی أصل كسا وافی الملا أخبر أن ورشا قرأ فی یوسف إِخْوَتِی إِنَ بفتح الیاء، و هو فی ذلك كله علی القاعدة و قالون و أبو عمرو مخالفان لهما فیقرءان بإسكان «الیاء» كالباقین. و قوله یدی عن أولی حمی» أخبر أن المشار إلیهم «بالعین و الهمزة و الحاء، فی قوله: عن «أولی حمی» و هم حفص و نافع و أبو عمرو، قرءوا «ما أنا بباسط یدی إلیك» بفتح «الیاء» فتعین للباقین الإسكان، و قوله: «و فی رسلی أصل كسا»، أخبر أن المشار إلیهما «بالهمزة و الكاف» فی قوله: «أصل كسا» و هما نافع و ابن عامر، قرآ بالمجادلة «و رسلی إن اللّه» بفتح الیاء، و سكنها الباقون، و قوله «وافی الملا»، لیس فیه رمز، و الملا: جمع ملاءة و هی: الملحفة.
و أمّی و أجری سكّنا دین صحبةدعائی و آبائی لكوف تجمّلا أخبر أن المشار إلیهم بالدال من «دین و بصحبة»، فی قوله: دین صحبة، و هم ابن كثیر و حمزة و الكسائی و شعبة، سكنوا الیاء من وَ أُمِّی إِلهَیْنِ [المائدة: 116]، و إِنْ أَجْرِیَ [الشعراء: 127]، إلا فی تسعة مواضع: بیونس موضع، و یهود موضعان، و بالشعراء خمسة مواضع، و بسبإ موضع، فتعین للباقین الفتح. «و الدین»: العادة، أی عادة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 157
صحبة الإسكان. و قوله: دعائی إلخ. أخبر أن الكوفیین، و هم عاصم و حمزة و الكسائی سكنوا الیاء من دُعائِی إِلَّا فِراراً [نوح: 6]، و آبائِی إِبْراهِیمَ [المائدة: 116]، فی یوسف فتعین للباقین «الفتح»، و «تجملا»، هنا بالجیم، أی تحسن:
و حزنی و توفیقی ظلال و كلّهم‌یصدّقنی أنظرنی و أخّرتنی إلی
و ذرّیّتی یدعوننی و خطابه‌و عشر یلیها الهمز بالضّم مشكلا
فعن نافع فافتح و أسكن لكلّهم‌بعهدی و آتونی لتفتح مقفلا أخبر أن المشار إلیهم بالظاء من قوله: ظلال، و هم الكوفیون و ابن كثیر، قرءوا بیوسف وَ حُزْنِی إِلَی اللَّهِ [یوسف: 86]، و بهود وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ [هود: 88] بإسكان الیاء، فتعین للباقین الفتح. و قوله: و كلهم یصدقنی، أخبر أن كل السبعة القراء اتفقوا علی إسكان الیاء فی قوله: رِدْءاً یُصَدِّقُنِی [القصص: 34] بالقصص أَنْظِرْنِی إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ [الأعراف: 14] بالأعراف و بالحجر و ص و (أخرتنی إلی أجل مسمی) بالمنافقون و ذُرِّیَّتِی إِنِّی تُبْتُ إِلَیْكَ [الأحقاف: 15] بالأحقاف و یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ [یوسف: 33]، بیوسف وَ تَدْعُونَنِی إِلَی النَّارِ [غافر: 41]، و تَدْعُونَنِی إِلَیْهِ [غافر: 43] كلاهما بغافر، و هما المعنیان بقوله و خطابه، و جمیع ذلك «تسع یاءات»، و لیست من العدد المذكور، لأن العدد المذكور مختلف فیه، و هذه متفق علی إسكانها. و إذا عددت الیاءات التی خرجت علی أصل أولی، حكم بزیادة أو نقصان، وجدت خمسا و عشرین كلمة أولها «بناتی» و آخرها «توفیقی»، و جملة ما بقی سبع و عشرون یاء لم یعینها، فهی علی القاعدة فتحول مدلول أولی حكم، و هما نافع و أبو عمرو، و سكنها الباقون. و ها أنا أذكر لتكمل الفائدة بالبقرة فَإِنَّهُ مِنِّی إِلَّا، و بآل عمران فَتَقَبَّلْ مِنِّی إِنَّكَ [آل عمران: 35]، و بالأنعام رَبِّی إِلی صِراطٍ [الأحقاف: 15]. و بیونس نَفْسِی إِنْ أَتَّبِعُ [یونس: 15]، وَ رَبِّی إِنَّهُ لَحَقٌ، و بهود عَنِّی إِنَّهُ لَفَرِحٌ [هود: 10]، و نُصْحِی إِنْ أَرَدْتُ [هود:
34]، و إِنِّی إِذاً لَمِنَ، و بیوسف رَبِّی إِنِّی تَرَكْتُ [یوسف: 37]، نَفْسِی إِنَّ النَّفْسَ [یوسف: 53]، رَبِّی إِنَّ رَبِّی، ربی إنه أَحْسَنَ بِی إِذْ أَخْرَجَنِی [یوسف: 100]، و بالإسراء رَبِّی إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ [الإسراء: 100] و بمریم رَبِّی إِنَّهُ كانَ [مریم: 47]، و بطه لِذِكْرِی إِنَّ السَّاعَةَ [طه: 14]، و عَلی عَیْنِی [طه: 39]، وَ لا بِرَأْسِی إِنِّی، و بالأنبیاء مِنْهُمْ إِنِّی إِلهٌ [الأنبیاء: 29]، بالشعراء عَدُوٌّ لِی إِلَّا [سبأ: 5]، و لِأَبِی إِنَّهُ، و بالعنكبوت إِلی رَبِّی إِنَّهُ [العنكبوت: 26]، و بسبإ رَبِّی إِنَّهُ سَمِیعٌ قَرِیبٌ [سبأ: 5]، و بیس إِنِّی إِذاً [یس: 24]، و بص مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ [ص: 35] و بغافر أَمْرِی إِلَی اللَّهِ [غافر: 44]، و بفصلت إِلی رَبِّی إِنَّ لِی [فصلت: 50]، علی أحد الوجهین. ثم انتقل إلی النوع الثالث، و هو ما وقع من الیاءات قبل همز القطع المضموم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 158
فقال: و عشر یلیها الهمز بالضم مشكلا، أخبر أنها «عشر یاءات» بعدها، «الهمز مشكلا بالضم»، و العشر، أولها بآل عمران إِنِّی أُعِیذُها [یوسف: 100]، و بالمائدة إِنِّی أُرِیدُ [المائدة: 49]، و فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ [المائدة: 115]، و بالأنعام إِنِّی أُمِرْتُ [الأنعام:
14]، و بالأعراف عَذابِی أُصِیبُ، و فی هود إِنِّی أُشْهِدُ [هود: 54]، و بیوسف أَنِّی أُوفِی [یوسف: 49]، و بالنمل إِنِّی أُلْقِیَ [النمل: 29]، و بالقصص إِنِّی أُرِیدُ، و بالزمر و بغافر إِنِّی أُمِرْتُ. و قوله: «فعن نافع فافتح»، أمر بفتح «الیاء» فی هذه العشر لنافع وحده، فتعین للباقین الإسكان. و قوله: (أسكن لكلهم)، أمر بإسكان «یاءین» لكل السبعة. و هما بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة: 40] بالبقرة، و آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ [الكهف: 96] بالكهف، و قوله: «لتفتح مقفلا»، أی لتفتح بابا من العلم كان مقفلا قبل ذكره، و هو ما أجمع علی إسكانه لأن صاحب التیسیر لم یذكره:
و فی اللّام للتّعریف أربع عشرةفإسكانها فاش و عهدی فی علا انتقل إلی النوع الرابع، و هو ما وقع من «یاءات الإضافة» قبل همز الوصل المصاحب للام التعریف، و أخبر أن المشار إلیه بالفاء فی قوله: «فاش»، و هو حمزة، أسكن جمیعها.
و إن حفصا وافقه علی إسكان الیاء فی قوله تعالی: لا یَنالُ عَهْدِی [البقرة: 124]، و هو من جملة الأربع عشرة، و إلیهما أشار بالفاء و العین فی قوله علا:
و قل لعبادی كان شرعا و فی النّداحمی شاع آیاتی كما فاح منزلا أخبر أن ابن عامر و الكسائی وافقا حمزة علی إسكان قُلْ لِعِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا [إبراهیم:
31]، و إلیهما أشار بالكاف و الشین فی قوله «كان شرعا»، ثم قال: «و فی الندا» أخبر أن أبا عمرو و الكسائی وافقا حمزة علی إسكان عبادی، إذا كان قبله حرف النداء، أو أتی بعده لام التعریف، و ذلك حرفان أحدهما بالعنكبوت یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَ [العنكبوت: 56]، و الثانی بالرمز قُلْ یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا [الزمر: 53]، و أشار بالحاء و الشین فی قوله «حمی» شاع إلی أبی عمرو و حمزة و الكسائی. ثم قال: «آیاتی» إلخ أخبر أن ابن عامر وافق حمزة علی إسكان آیاتی الذین یتكبرون بالأعراف، و إلیهما أشار «بالكاف و الفاء» فی قوله: «كما فاح» و قوله: «منزلا» كمل به البیت. ثم عدّ هذه الأربع عشرة فقال:
فخمس عبادی اعدد و عهدی أرادنی‌و ربی الّذی آتان آیاتی الحلا
و أهلكنی منها و فی صاد مسّنی‌مع الأنبیا ربی فی الأعراف كمّلا أخبر أن عبادی خمس: منها الثلاث التی ذكرها، و هی قُلْ لِعِبادِیَ [إبراهیم: 31] و یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا [العنكبوت: 56] و قُلْ یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا [الزمر: 53]، یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ [الأنبیاء: 105]، و عِبادِیَ الشَّكُورُ [البقرة: 258] فی سبأ، ثم قال: و عهدی یعنی عَهْدِی الظَّالِمِینَ بالبقرة ثم قال: أرادنی» یعنی إن أرادنی اللّه بضر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 159
بالزمر ثم قال و ربی الذی یعنی بالبقرة ربی الذی یحیی و یمیت ثم قال آتانی یعنی بمریم آتانِیَ الْكِتابَ [مریم: 30]، ثم قال آیاتی الحلا یعنی بالأعراف آیاتِیَ الَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ [الأعراف: 246] و الحلا جمع حلیة ثم قال و هلكنی منها من الأربع عشرة بالملك إِنْ أَهْلَكَنِیَ اللَّهُ. ثم قال و فی ص مَسَّنِیَ مع الأنبیاء، و أراد بهما مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ [ص:
41] فی سورة ص و مَسَّنِیَ الضُّرُّ [الأنبیاء: 83] بالأنبیاء و عین سورتیهما احترازا من و ما مسنی السوء و علی أن مسنی الكبر ثم قال رَبِّیَ فی الأعراف أراد به حرم ربی الفواحش.
و لما فرغ من عدها قال كملا یعنی أن قوله ربی فی الأعراف كمل العدد المذكور، و هو أربع عشرة یاء انفرد حمزة بإسكان تسع منها و شاركه غیره فی إسكان الخمسة الباقیة و كل من سكن شیئا من هذه الیاءات فإنه یحذفه من اللفظ فی حال الوصل لاجتماعه بالساكن الذی بعده و یثبته ساكنا فی الوقف:
و سبع بهمز الوصل فردا و فتحهم‌أخی مع إنّی حقّه لیتنی حلا
و نفسی سما ذكری سما قومی الرّضاحمید هدی بعدی سما صفوه و لا انتقل إلی النوع الخامس و هو ما وقع من یاءات الإضافة قبل همز الوصل المنفرد عن لام التعریف، و لهذا قال فردا. ثم أخبر أن الاختلاف وقع مع ذلك فی سبع یاءات ذكرها واحدة بعد واحدة و لم یعمها بحكم واحد كما فعل فی الأنواع السابقة فأخبر أن المشار إلیهما بحق فی قوله حقه. و هما ابن كثیر و أبو عمرو و قرآ بطه أَخِی اشْدُدْ بِهِ أَزْرِی [طه: 31]، إِنِّی اصْطَفَیْتُكَ [الأعراف: 144] بفتح الیاء فیهما. و قوله لیتنی حلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء فی قوله حلا و هو أبو عمرو قرأ یا لَیْتَنِی اتَّخَذْتُ [الفرقان: 27]، بفتح الیاء و قوله و نفسی سما ذكری سما، أخبر أن المشار إلیهم بسما مرتین و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا بطه وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِی [طه: 41] اذهب و ذكری اذهبا بفتح الیاء فیهما و تكریر الرمز لضرورة النظم لا غیر. و قوله قومی إلخ أخبر أن المشار إلیهم بالألف و الحاء و الهاء فی قوله الرضی حمید هدی و هم نافع و أبو عمرو و البزی قرءوا بالفرقان إن قومی اتخذوا بفتح الیاء. و قوله بعدی إلخ أخبر أن المشار إلیهم بسما و بالصاد فی قوله سما صفوه، و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و شعبة قرءوا فی سورة الصف مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف: 6] بفتح الیاء. و الولاء بكسر الواو: المتابعة:
و مع غیر همز فی ثلاثین خلفهم‌و محیای جی‌ء بالخلف و الفتح خوّلا انتقل إلی النوع السادس و هو الذی لیس بعد الیاء فیه همز قطع و لا وصل و ذكر أن الخلاف وقع من ذلك فی ثلاثین یاء، و عینها واحدة بعد واحدة. فأخبر أوّلا أن المشار إلیه بالجیم فی قوله جی‌ء و هو ورش فتح الیاء من محیای بالأنعام بخلاف عنه و قوله جی‌ء بالخلف أی ائت به ثم قال و الفتح خوّلا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء فی قوله خوّلا، و هم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 160
السبعة إلا نافعا فتحوا یاء محیای بلا خلاف فتعین لقالون الإسكان بلا خلاف. و خولا معناه: ملك:
و عمّ علا وجهی و بیتی بنوح عن‌لوی و سواه عدّ أصلا لیحفلا أخبر أن المشار إلیهم بعمّ و العین من علا و هم نافع و ابن عامر و حفص قرءوا بآل عمران أَسْلَمْتُ وَجْهِیَ لِلَّهِ [آل عمران: 20] و بالأنعام وَجَّهْتُ وَجْهِیَ [الأنعام:
79]، للذی بفتح الیاء فیهما و قوله و بیتی بنوح أخبر أن المشار إلیهما بالعین و اللام فی قوله عن لوی و هما حفص و هشام فتحا الیاء من بیتی مؤمنا بسورة نوح ثم قال و سواه أی سوی الذی بسورة نوح و هما موضعان بَیْتِیَ لِلطَّائِفِینَ [البقرة: 125] و الحج، أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الهمزة و اللام فی قوله عد أصلا لیحفلا، و هم حفص و نافع و هشام قرءوا بفتح الیاء فی الموضعین و قوله لیحفلا. أی یهتم به:
و مع شركائی من وراءی دوّنواولی دین عن هاد بخلف له الحلا أخبر أن المشار إلیه بالدال فی قوله دوّنوا و هو ابن كثیر قرأ فی فصلت أَیْنَ شُرَكائِی قالُوا آذَنَّاكَ مع التی بمریم مِنْ وَرائِی [فصلت: 47]، و كانت بفتح الیاء فی الموضعین، و دوّنوا أی كتبوا. و قوله: ولی دین أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الهاء و اللام و الألف فی قوله عن هاد بخلف له الحلا و هم حفص و البزی و هشام و نافع قرءوا فی قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ وَ لِیَ دِینِ [الكافرون: 1- 6]، بفتح الیاء بخلاف عن البزی وحده فله الفتح و الإسكان و تعین للباقین غیر المذكورین الإسكان:
مماتی أتی أرضی صراطی ابن عامرو فی النّمل ما لی دم لمن راق نوفلا أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله أتی و هو نافع قرأ فی الأنعام و مماتی بفتح الیاء و قوله: أرضی صراطی، أخبر أن ابن عامر قرأ إن أرضی واسعة و أن هذا صراطا مستقیما بفتح الیاء فیهما و قوله: و فی النمل إلی آخره أخبر أن المشار إلیهم بالدال و اللام و الراء و النون فی قوله: دم لمن راق نوفلا و هم ابن كثیر و هشام و الكسائی و عاصم قرءوا بالنمل و تفقد الطیر فقال ما لی بفتح الیاء و قوله دم دعا للمخاطب بالدوام. وراق الشی‌ء: صفا.
و النوفل: السید المعطاء:
و لی نعجة ما كان لی اثنین مع معی‌ثمان علا و الظّلّة الثّان عن جلا أخبر أن المشار إلیه بالعین فی قوله علا، و هو حفص فتح الیاء من ولی نعجة واحدة، و ما كان لی علیكم من سلطان، و ما كان لی من علم و من معی فی ثمان مواضع: أولها مَعِیَ بَنِی إِسْرائِیلَ [الأعراف: 105]، و مَعِیَ عَدُوًّا [التوبة: 83]، مَعِیَ صَبْراً ثلاثة [الكهف: 67]، و ذكر من معی بالأنبیاء و إِنَّ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ [الشعراء: 62]،
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 161
و مَعِی رِدْءاً یُصَدِّقُنِی [القصص: 134]، فذلك ثمان یاءات. ثم قال و الظلة الثان، أخبر أن المشار إلیهما بالعین و الجیم فی قوله عن جلا، و هما حفص و ورش فتحا الیاء من وَ مَنْ مَعِیَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ [الشعراء: 118]، و هو الثانی من الظلة، و هی سورة الشعراء.
توضیح: حصل مما ذكر فی هذا الفصل و فی فصل همز القطع المفتوح أن معی جاء فی القرآن فی أحد عشر موضعا فتح حفص الیاء فی جمیعها، و وافقه ورش فی الثانی من الظلة، و وافقهما المرموزون فی نفر العلا فی معی أبدا و معی أو رحمنا لا غیر.
و مع تؤمنوا لی یؤمنوا بی جاویاعبادی صف و الحذف عن شاكر دلا أخبر أن المشار إلیه بالجیم فی قوله جا، و هو ورش قرأ بالدخان وَ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِی [الدخان: 21]، و بالبقرة وَ لْیُؤْمِنُوا بِی [البقرة: 186] بفتح الیاء فیهما، و قوله: یا عِبادِیَ [الزمر: 53]، أخبر أن المشار إلیه بالصاد فی قوله صف و هو شعبة قرأ بالزخرف (یا عبادی لا خوف علیكم) بفتح الیاء علی ما لفظ به و یقف بالسكون لأن ما حرك فی الوصل فوجهه الإسكان فی الوقف. و معنی صف، أی اذكر. ثم قال و الحذف إلی آخره أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الشین و الدال فی قوله عن شاكر دلا، و هم حفص و حمزة و الكسائی و ابن كثیر قرءوا بالزخرف (یا عبادی لا خوف علیكم) [الزخرف: 68] بحذف الیاء فی الوصل و الوقف، و تعین للباقین إثباتها ساكنة فی الحالین، و دلا: تقدم شرحه.
و فتح ولی فیها لورش و حفصهم‌و ما لی فی یس سكّن فتكملا أخبر أن ورشا و حفصا قرآ فی طه وَ لِیَ فِیها مَآرِبُ أُخْری [طه: 18] بفتح الیاء و قوله: وَ ما لِیَ فی یس سكن أمر بإسكان الیاء لحمزة فی وَ ما لِیَ لا أَعْبُدُ و أشار إلیه بالفاء فی قوله: فتكملا أی فتكمل أحكام الیاءات و قد تقدم أنه إذا ذكر الفتح أخذ للباقین بالإسكان، و إذا ذكر الإسكان أخذ للباقین بالفتح.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 162

باب مذاهبهم فی یاءات الزوائد

أی هذا باب حكم اختلافهم فی الیاءات الزوائد علی الرسم و هی یاءات أواخر الكلم، ذكر فی هذا الباب اختلاف القراء فی إثباتها و حذفها فی الوصل و الوقف معا، و هذا الباب تتمة قوله: و ما اختلفوا فیه حر أن یفصلا.
و دونك یاءات تسمّی زوائدالأن كنّ عن خطّ المصاحف معزلا یقال دونك كذا. أی خذه، أی خذ یاءات تسمی زوائد ثم بیّن السبب فی تسمیتها بهذا الاسم فقال: لأن كنّ عن خط المصاحف معزلا، یعنی إنما سمیت زوائد لزیادتها فی القراءة علی الكتابة لأنها زادت فی الرسم فی قراءة من أثبتها علی حال، و من لم یثبتها فلیست عنده بزائدة، و هی تنقسم إلی أصلیّ و زائد، فالأصلیّ عبارة عما هو لام الكلمة. و الزائد عبارة عما هو لیس بلام الكلمة، و كلامها یأتی فی الأسماء و الأفعال كما ستراه و معزلا. أی عز لن عن الرسم فلم یكتب لهن صورة فی المصاحف العثمانیة. ثم بین حكمها فقال:
و تثبت فی الحالین درّا لوامعابخلف و أولی النّمل حمزة كمّلا
و فی الوصل حمّاد شكور إمامه‌و جملتها ستّون و اثنان فاعقلا قدم هذا الأصل لیبنی علیه ما یأتی ذكره من الزوائد فأخبر أن المشار إلیهما بالدال و اللام فی قوله درّا لوامعا و هما ابن كثیر و هشام أثبتا ما زاده فی حالتی الوصل و الوقف، و قوله: بخلف راجع إلی هشام وحده و لیس له إلا زائدة واحدة، و هی كیدون بالأعراف روی عنه إثباتها فی الحالین و حذفها فی الحالین فهذا معنی قوله بخلف ثم قال و أولی النمل حمزة كملا، أی و أثبت حمزة موضعا واحدا فی الحالین و هو أ تمدوننی بمال، و هو أولی النمل لأن فیها یاءین زائدتین علی رأی الناظم و كلاهما فی آیة واحدة أ تمدوننی بمال و هی الیاء الأولی و بعدها فما آتانی اللّه و احترز بقوله و أولی النمل عن یاء آتانی، و قوله كملا لیس برمز لأن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 163
الرمز لا یجتمع مع صریح الاسم و إنما معناه أن حمزة كمل الكلمة بإثبات الیاء فی الحالین، و له مع ذلك إدغام النون كما سیأتی فی النمل ثم قال و فی الوصل حماد شكور إمامه أخبر أن المشار إلیهم بالحاء و الشین و الهمزة فی قوله حماد شكور إمامه و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی و نافع أثبتوا ما زادوه فی الوصل خاصة و حذفوه فی الوقف و لیس الأمر علی العموم، و هو أن هؤلاء أثبتوا الجمیع فی الحالین، و هؤلاء أثبتوا الجمیع فی الوصل بل معنی هذا الكلام أن كل من أذكر عنه أنه أثبت شیئا و لم أقیده فانظر فیه فإن كان من المذكورین فی البیت الأول فاعلم أنه یثبته فی الحالین علی قاعدته و إن كان من المذكورین فی البیت الثانی فاعلم أنه یثبته فی الوصل خاصة علی قاعدته و الباقون یحذفون فی الحالین فاختلاف القراء فی الزوائد علی أربعة أقسام: إثبات فی الوقف و الوصل، و مقابله حذف فی الحالین.
و إثبات فی الوصل و حذف فی الوقف و عكسه حذف الوصل و إثبات فی الوقف. و قوله جملتها ستون و اثنان أخبر أن الیاءات الزوائد المشار إلیها اثنتان و ستون یاء و عینها بعد ذلك یاء یاء إلی أن أتی علی جمیعها وعدها صاحب التیسیر إحدی و ستین لأنه أسقط فَما آتانِیَ اللَّهُ بالنمل (فبشر عبادی) [الزمر: 17]، و عدها فی باب یاءات الإضافة. فإن قیل بقی ستون فما هی الواحدة الزائدة؟ قلت: هی یا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَیْكُمُ [الزخرف: 68] التی بالزخرف ذكرها فی باب یاءات الإضافة و ذكرها أیضا فی باب یاءات الزوائد.
فیسری إلی الدّاع الجوار المناد یهدین یؤتین مع أن تعلّمنی و لا
و أخّرتنی الإسرا و تتّبعن سماو فی الكهف نبغی یأت فی هود رفّلا
سما و دعائی فی جنا حلو هدیه‌و فی اتّبعونی أهدكم حقّه بلا شرع بذكر الزوائد مفصلة یاء یاء فأخبر أن المشار إلیهم بقوله: سما فی البیت الثانی و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو أثبتوا الكلم المذكورة قبل سما و هی تسع كلمات أولها یسری بسورة الفجر و (مهطعین إلی الداعی) [القمر: 8]، (و من آیاته الجواری) [الشوری:
32]، (المنادی من مكان) [ق: 41]، و (قل عسی أن یهدینی) [الكهف: 24]، و فیها (أن یؤتینی خیرا من جنتك) [الكهف: 40]، (و أن تعلمنی مما علمت) [الكهف: 66]، و بالإسراء (لئن أخرتنی إلی) [الإسراء: 62]، و قیده بالإسراء احترازا من التی فی المنافقین و الكلمة التاسعة قوله تعالی: (أ لا تتبعنی أ فعصیت) [طه: 93]، فهذه تسع كلمات یمضون فیها علی أصولهم المتقدمة فنافع و أبو عمرو یقرءان بإثباتها فی الوصل و یحذفانها فی الوقف.
و أما ابن كثیر فإنه یثبتها فی الحالین و الباقون یحذفونها فی الحالین. و قوله: و فی الكهف نبغی یأت فی هود رفلا. سما، أخبر أن المشار إلیهم بالراء و بسما فی قوله رفلا سما و هم الكسائی و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو یثبتون الیاء فی ذلك عند قوله تعالی: (ما كنا نبغی) [یوسف: 65]، بالكهف (و یأت لا تكلم نفس) [هود: 105] علی أصولهم المتقدمة فابن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 164
كثیر یثبت فی الحالین و نافع و أبو عمرو و الكسائی یثبتون فی الوصل و یحذفون فی الوقف و یبقی الباقون علی الحذف فی الحالتین و قید نَبْغِی بالكهف احترازا من قوله تعالی یا أَبانا ما نَبْغِی [یوسف: 65] بیوسف و قید (یأت بهود) احترازا من قوله تعالی: یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ [الأنعام: 158]، و أم من یأتی آمنا و شبهه. و رفل معناه: عظم. و قوله و دعائی فی جنا حلو هدیة أخبر أن المشار إلیهم بالفاء و الجیم و الحاء و الهاء فی قوله: فی جنا حلو هدیه و هم حمزة و ورش و أبو عمرو و البزی أثبتوا الیاء فی قوله تعالی و (تقبل دعائی) [إبراهیم: 40]، و هم علی أصولهم فأما حمزة و ورش و أبو عمرو فیزیدونها فی الوصل و یحذفونها فی الوقت و البزی یزیدها فی الحالین و الباقون علی حذفها فی الحالین و لم یقیدها بشی‌ء لأنها لا تلتبس بدعائی إلا فرارا لأن الیاء فی ذلك من یاءات الإضافة و قد ذكرت فی فصل الهمزة المكسورة المتقدمة و قوله و فی اتبعون إلی آخره أخبر أن المشار إلیهم بقوله حق و بالباء من قوله حقه بلا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و قالون أثبتوا الیاء فی غافر (من اتبعون أهدكم سبیل الرشاد) [غافر: 38]، و هم أصولهم المتقدمة فابن كثیر یثبت فی الحالین و أبو عمرو و قالون فی الوصل دون الوقف و الباقون علی الحذف فی الحالین و قید اتبعون بقوله أهدكم احترازا من قوله تعالی فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران: 31]، فَاتَّبِعُونِی وَ أَطِیعُوا أَمْرِی [طه: 90]، و (اتبعونی هذا صراط مستقیم) [الزخرف: 61]، و قوله بلا بمعنی اختبر و الروایة فی البیت الأول إثبات یاء الطرفین و حذف البواقی و إسكان النونین و فی البیت الثانی قصر الإسراء و لا یتزن البیت إلا بإسكان نون تتبعن و حذف الأولی و الأخیرة. و أما نبغ فیتزن بالحذف علی القبض و الإثبات علی التمام و هو الروایة و البیت الثالث یتزن بحذف الیاءین و الروایة إثباتهما.
و إن ترنی عنهم تمدّوننی سمافریقا و یدع الدّاع هاك جنا حلا قوله عنهم أی عن المشار إلیهم بقوله حقه بلا فی البیت الذی قبل هذا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و قالون أثبتوا الیاء فی إن ترنی أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ [الكهف: 39] بالكهف و هم علی أصولهم المتقدمة. و قوله: تمدوننی أخبر أن المشار إلیهم بسما و بالفاء فی قوله سما فریقا، و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة أثبتوا الیاء فی (أ تمدوننی بمال) [النمل: 36]، و هم علی ما تقدم، أما ابن كثیر فیثبت فی الحالین علی أصله و كذلك یثبت حمزة هذه فی الحالین و هو المشار إلیه بقوله و أولی النمل حمزة كملا، و أما نافع أبو عمرو فإنهما یثبتانها فی الوصل دون الوقف و الباقون علی الحذف فی الحالین و قوله (و یدع الداع) إلی آخره أخبر أن المشار إلیهم بالهاء و الجیم و الحاء فی قوله هاك جنی حلا، و هم البزی و ورش و أبو عمرو أثبتوا الیاء فی قوله یَوْمَ یَدْعُ الدَّاعِ [القمر: 6] و هم علی أصولهم فالبزی یثبت فی الحالین و ورش و أبو عمرو فی الوصل لا غیر و الباقون علی الحذف فی الحالین. و قید الداع بقوله یدع احترازا من دعوة الداع و إلی الداع و قوله هاك بمعنی خذ أی خذ ثمرا حلوا و هو ما نظمه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 165
و الوزن علی إثبات الأولیین و حذف الأخیرة.
و فی الفجر بالوادی دنا جریانه‌و فی الوقف بالوجهین وافق قنبلا أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الجیم فی قوله دنا جریانه، و هما ابن كثیر و ورش أثبتا الباء فی جابوا الصخر بالواد فی الفجر أما ورش فعلی أصله فی إثباتها فی الوصل و حذفها فی الوقف و أما ابن كثیر فإنه یثبتها فی روایة البزی عنه فی الحالین علی أصله و عنه من روایة قنبل وجهان إثباتها فی الحالین علی أصله و إثباتها فی الوصل و حذفها فی الوقف و هذا معنی قوله و فی الوقف بالوجهین وافق قنبلا و بقی الباقون علی الحذف فی الحالین، و قید الواد بالفجر احترازا من قوله: بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [طه: 12].
و أكرمنی معه أهانن إذ هدی‌و حذفهما للمازنی عدّ أعدلا أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الهاء فی قوله إذ هدی و هما نافع و البزی أثبتا الیاء من أكرمنی و أهاننی بالفجر و كل واحد منهما علی أصله فنافع یثبتهما فی الوصل و یحذفهما فی الوقف و البزی یثبتهما فی الحالین و هی روایة ابن مجاهد و علیها عوّل الدانی و الناظم. ثم قال و حذفهما إلی آخره أخبر أن حذف الیاءین من أكرمنی و أهاننی لأبی عمرو عدّ أعدل أی أحسن لأنهما رأس آیتین و هو یعتمد الحذف فی رءوس الآیات و قد روی إثباتهما فی الوصل دون الوقف علی قاعدته و الحذف أولی كما ذكر الناظم. و بقی الباقون علی الحذف فیهما فی الحالین و الوزن علی إثبات الأولی و حذف الثانیة.
و فی النّمل آتانی و یفتح عن أولی‌حمی و خلاف الوقف بین حلا علا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الهمزة و الحاء فی قوله عن أولی حمی و هم حفص و نافع و أبو عمرو قرءوا بالنمل فَما آتانِیَ اللَّهُ [النمل: 36] بإثبات الیاء مفتوحة فی الوصل ثم أخبر أن المشار إلیهم بالیاء و الحاء و العین فی قوله بین حلا علا و هم قالون و أبو عمرو و حفص و هم المذكورون فی الترجمة الأولی إلا ورشا اختلف عنهم فی الوقف فروی عنهم إثباتها ساكنة و حذفها و سكت عن ورش لبقائه علی قاعدته یحذفها فی الوقف علی أصله فی زوائده و یثبتها فی الوصل مفتوحة لأنه مذكور فی جملة من یفتح فی الوصل و أما الباقون فإنهم یحذفونها فی الحالین اتباعا للرسم و لأجل ذلك عدها الناظم فی الزوائد و قیدها بالنمل لیخرج نحو آتانی الكتاب و آتانی رحمة.
و مع كالجواب الباد حقّ حناهماو فی المهتد الإسرا و تحت أخو حلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالجیم فی قوله: حق جناهما، و هم ابن كثیر و أبو عمرو و ورش قرءوا و جفان كالجواب و العاكف فیه و الباد بإثبات الیاء فیهما و هم علی أصولهم فابن كثیر یثبت فی الحالین أبو عمرو و ورش فی الوصل و الباقون بالحذف فی الحالین. و الجنی:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 166
المجنی. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الحاء فی قوله أخو حلا و هما نافع و أبو عمرو أثبتا الیاء فی قوله تعالی فهو المهتد بسبحان و الكهف و هما علی أصولهما یثبتان فی الوصل دون الوقف و الباقون علی الحذف فی الحالین و قید المهتدی بقوله الإسراء و بقوله تحت احترازا من المهتدی بالأعراف لأنه من الثوابت. فإن قیل كیف یصح قوله و فی المهتدی الإسرا و إنما هو المهتدی فی الإسراء. قیل معناه و اشترك فی المهتدی سورة الإسراء و السورة التی تحتها و هی سورة الكهف.
و فی اتّبعن فی آل عمران عنهماو كیدون فی الأعراف حجّ لیحملا
بخلف و تؤتونی بیوسف حقّه‌و فی هود تسألنی حواریه جمّلا قوله عنهما. أی عن المشار إلیهما بالهمزة و الحاء فی البیت الذی قبل هذین البیتین فی قوله أخو حلا، و هما نافع و أبو عمرو أثبتا الیاء فی قوله تعالی: أَسْلَمْتُ وَجْهِیَ لِلَّهِ وَ مَنِ اتَّبَعَنِ فی الوصل خاصة علی قاعدتهما و الباقون علی الحذف فی الحالین و قوله:
(و كیدون) [الأعراف: 195]، حج لیحملا بخلف أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و اللام فی قوله حج لیحملا، و هما أبو عمرو و هشام أثبتا الیاء فی ثم كیدون فی الأعراف فأما أبو عمرو فلا خلاف عنه فی ذلك و هو علی أصله یثبتها فی الوصل و یحذفها فی الوقف، و أما هشام فإن عنه خلافا فیها روی عنه إثباتها فی الحالین و حذفها فی الحالین، و الباقون یحذفونها فی الحالین و قید اتبعن بآل عمران لیخرج و من اتبعنی بیوسف فإنها ثابتة للكل، (و كیدون) [الأعراف: 195]، لیخرج فَكِیدُونِی [هود: 55]، فإنها ثابتة للكل، فَكِیدُونِ [المرسلات: 39]، فإنها محذوفة للسبعة و قوله حج أی غلب فی الحجة لیحمل أی لیحمل ذلك عنه و یقرأ به و قوله (و تؤتونی) [هود: 55] بیوسف حقه أخبر أن المشار إلیهما بحق فی قوله حقه و هما ابن كثیر و أبو عمرو أثبتا الیاء فی قوله تعالی: حَتَّی تُؤْتُونِ [یوسف:
66] موثقا من اللّه فی یوسف و كل منهما علی قاعدته فأما أبو عمرو فإنه یثبت فی الوصل دون الوقف و ابن كثیر یثبت فی الحالین و الباقون بالحذف فی الحالین و قوله و فی هود إلخ أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و الجیم فی قوله حواریه جملا و هما أبو عمرو و ورش أثبتا الیاء فی الوصل خاصة فی قوله تعالی: فَلا تَسْئَلْنِ ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [هود: 46]، و حذفها الباقون فی الحالین (و قیدها) بهود لیخرج فَلا تَسْئَلْنِ [هود: 46] بالكهف و فی البیت الأول أتبعن بإسكان النون و كیدون بكسرها من غیر یاء و فی الثانی تؤتونی و تسألنی بإثبات الیاءین للوزن.
و تخزون فیها حجّ أشركتمون قدهدان اتّقون یا أولی اخشون مع و لا قوله فیها أی فی سورة هود وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی [هود: 78] أخبر أن المشار إلیه بالحاء فی قوله حج و هو أبو عمرو قرأ جمیع ما فی هذا البیت بإثبات الیاء فی الوصل و حذفها فی الوقف علی قاعدته و هی خمس وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی [هود: 78]، و بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ [إبراهیم: 22]، وَ قَدْ هَدانِ وَ لا أَخافُ [الأنعام: 80]، وَ اتَّقُونِ یا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 167
أُولِی الْأَلْبابِ البقرة، وَ اخْشَوْنِ وَ لا تَشْتَرُوا [المائدة: 44]، و حذفها الباقون فی الحالین و قید تخزون، لیخرج وَ لا تُخْزُونِ بالحجر فإنها محذوفة و هدان بقد لیخرج لو أن اللّه هدانی و شبهه لأنه ثابت و اتقون یا أولی الألباب لیخرج نحو قوله تعالی وَ إِیَّایَ فَاتَّقُونِ فإنها محذوفة وَ اخْشَوْنِی بقوله مع و لا لیخرج و اخشون الیوم فإنها محذوفة و اخشونی و لأتمّ بالبقرة فإنها ثابتة، و وزن البیت علی حذف الیاءات.
و عنه و خافونی و من یتّقی زكابیوسف وافی كالصّحیح معلّلا قوله: و عنه أی و عن أبی عمرو المشار إلیه بالحاء من حج فی البیت الذی قبل هذا إثبات الیاء فی الوصل دون الوقف فی قوله تعالی: وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ [آل عمران:
175]، و قرأ الباقون بحذفها فی الحالین. و قوله و من یتقی زكا إلی آخره أخبر أن المشار إلیه بالزای فی قوله زكا و هو قنبل قرأ فی یوسف إنه من یتقی و یصبر بإثبات الیاء فی الحالین علی أصله و حذفها الباقون فی الحالین و قید یتقی بیوسف لیخرج أَ فَمَنْ یَتَّقِی بِوَجْهِهِ [الزمر:
24]، لأنه من الثوابت و قوله وافی كالصحیح أی جاء ساكن الآخر من غیر حذف كمجی‌ء الفعل الصحیح و قوله معللا أی معتلا بوجود حرف العلة فی آخره و هو الیاء، و اللّه أعلم.
و فی المتعالی درّه و التّلاق و التناد درا باغیه بالخلف جهّلا أخبر أن المشار إلیه بالدال فی قوله در و هو ابن كثیر أثبت الیاء فی المتعالی فی الرعد و هو علی أصله یثبت فی الحالین و الباقون بالحذف فی الحالین. و قوله و التلاق إلی آخره أخبر أن المشار إلیهم بالدال من درا و الباء من باغیه و الجیم من جهلا و هم ابن كثیر و قالون و ورش أثبتوا الیاء فی غافر من قوله تعالی: لِیُنْذِرَ یَوْمَ التَّلاقِ و یَوْمَ التَّنادِ [غافر: 25]، و قوله بالخلف أی عن قالون وحده و هم علی أصولهم فابن كثیر یثبتهما فی الحالین و ورش یثبتهما فی الوصل و یحذفهما فی الوقف و قالون عنه فیهما وجهان روی عنه إثباتهما فی الوصل و حذفهما فی الوقف علی أصله و روی عنه حذفهما فی الحالین و أما باقی القراء فإنهم یحذفونهما فی الحالین. و درا بمعنی دفع فأبدل الهمزة ألفا و باغیه بمعنی طالبه یقال ابغ كذا أی اطلبه و جهلا جمع جاهل و الوزن علی حذف الأخیرتین و الروایة إثبات الأولی و یجوز حذفها مع دخول الزحاف، و هو قبض مفاعیلن.
و مع دعوة الدّاعی دعانی حلا جناو لیسا لقالون عن الغرّ سبّلا أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و الجیم فی قوله حلا جنا و هما أبو عمرو و ورش أثبتا الیاء فی دعوة الداع إِذا دَعانِ [البقرة: 186]. ثم قال و لیسا لقالون عن الغرّ سبلا یعنی أن الباء فی هاتین الكلمتین لقالون عن الغر أی عن الأئمة الغرّ المشهورین و سبلا أی طرقا و فی هذا الكلام إشارة إلی أن إثباتهما ورد عن قالون و لم یأخذ بذلك الأئمة الغر لأنه لم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 168
یصح عندهم عنه سوی حذفهما و الاعتماد علیه، و قد تلخص من ذلك أن ورشا و أبا عمرو یثبتان فی الوصل دون الوقف علی أصلیهما و أن قالون یحذفهما فی الوقف و له فیهما فی الوصل وجهان الحذف و الإثبات. فإن قلت ما الذی دل علی هذا التقدیر. قلت تقیید النفی بالمشهورین إذ لو أراد مطلق النفی لقال و لیسا منقولین عنه و أمسك، بل الإثبات منقول عن رواة دونهم فی الشهرة و لم یتعرض له فی التیسیر قطعا بالحذف و الباقون بحذفهما فی الحالین و لا یتزن البیت إلا بإثبات الیاء الأولی و الروایة إثبات الثانیة.
نذیری لورش ثمّ تردین ترجمون فاعتزلون ستّة نذری جلا
و عیدی ثلاث ینقذون یكذّبون قال نكیری أربع عنه وصلا أخبر أن جمیع ما فی هذین البیتین من الكلم أثبت فیهن الیاء ورش وحده فی الوصل دون الوقف علی أصله و حذفها الباقون فی الحالین و هی فَسَتَعْلَمُونَ كَیْفَ نَذِیرِ [الملك: 17]، و إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِینِ [الصافات: 56]، وَ إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ [الدخان:
200]، و فیها وَ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِی فَاعْتَزِلُونِ [الدخان: 200]، فَكَیْفَ كانَ عَذابِی وَ نُذُرِ [القمر: 18]، فی ستة مواضع، و بإبراهیم ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِی وَ خافَ وَعِیدِ [إبراهیم:
14] و بقاف فَحَقَّ وَعِیدِ، و فیها مَنْ یَخافُ وَعِیدِ و فی یس وَ لا یُنْقِذُونِ [یس: 23]، و بالقصص أَنْ یُكَذِّبُونِ [القصص: 34]، قال سنشدّ. و قیده بقال لیخرج یُكَذِّبُونِ وَ یَضِیقُ صَدْرِی [الشعراء: 12]، فإنها محذوفة فی الحالین و نكیر أربع كلمات فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ [الملك: 18]، فكأین من بالحج قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ [سبأ: 46]، و نكیر أ لم تر أن اللّه بفاطر و نكیر أو لم یروا إلی الطیر بالملك فهذه تسع عشرة زائدة. و قوله عنه أی عن ورش وصلا أی نقل المذكور عنه و ترجمون فی البیت الأول بلا یاء و الروایة إثبات البواقی و إن أمكن حذف البعض و فی البیت الثانی الوسطانی بلا یاء و الروایة إثبات الطرفین.
فبشّر عباد افتح وقف ساكنا یداو و اتّبعونی حجّ فی الزّخرف العلا أمر للمشار إلیه بالیاء فی قوله یدا و هو السوسی بفتح الیاء فی الوصل فی قوله تعالی:
(فبشر عبادی) الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ [الزمر: 17]، و إسكانها فی الوقف و لا خلاف بین الباقین فی حذفها فی الحالین اتباعا للرسم و لذلك عدها الناظم فی الزوائد و وقع فی نقل هذه الكلمة اختلاف كثیر و أشار الناظم بقوله وقف ساكنا یدا إلی ترك الجدال أی النقل كذا فلا ترده بقیاس وقف ساكنا یدا، و ذلك أن المتكلم فی إبطال الشی‌ء أو إثباته قد یحرك یده فی تضاعیف كلامه. و قوله و اتبعونی، أخبر أن المشار إلیه بالحاء فی قوله حج و هو أبو عمرو أثبت الیاء فی الوصل فی قوله تعالی: (و اتبعونی هذا صراط) [الزخرف: 61]، و حذفها الباقون فی الحالین و قیدها بالزخرف لیخرج المتفق علی إثباتها نحو فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران: 31]، و المحذوفة المتقدمة و تكفی الواو قیدا لكنه خفی و قوله العلا لیس برمز
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 169
لأن الناظم لا یفصل بین الرمز إلا بلفظ الخلف فامتنع العلا أن یكون رمزا لانفصاله عن حج بلفظ غیر الخلف.
و فی الكهف تسألنی عن الكلّ یاؤه‌علی رسمه و الحذف بالخلف مثّلا أخبر أن الیاء فی قوله تعالی فَلا تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْ‌ءٍ [الكهف: 70]، ثابتة عن كل القراء فی الحالین اتباعا للرسم ثم قال و الحذف إلی آخره. أخبر أن المشار إلیه بالمیم فی قوله مثلا هو ابن ذكوان روی عنه حذفها بخلاف عنه فله إثباتها فی الحالین كالجماعة و له حذفها فیهما، فإن قیل من أین یفهم أن إثبات الكل فی الحالین، و هلا جری علی قاعدة الباب؟ قیل هی زائدة علی عدة الیاءات المقرر لها تلك القاعدة فهی مطلقة و العموم هو المفهوم من الإطلاق بخلاف التی بهود فإنها من العدة و هی محذوفة رسما و هذه ثابتة فیه، و علم أن الحذف فی الحالین لأنه المقابل للإثبات العام.
و فی نرتعی خلف زكا و جمیعهم‌بالإثبات تحت النّمل یهدینی تلا أخبر أن المشار إلیه بالزای من زكا و هو قنبل اختلف عنه فی قوله تعالی: (أرسله معنا غدا نرتع و نلعب) [یوسف: 12]، فروی عنه إثبات الیاء بعد العین فی الحالین، و روی عنه حذفها فیهما و الباقون یحذفونها فی الحالین و سیأتی الخلاف فیه فی سورته و قوله و جمیعهم إلی آخره. أخبر أن جمیع القراء تلا أی قرأ أن یهدینی سواء السبیل بإثبات الیاء فی الحالین لثبوتها فی الرسم فی القصص و هی التی عبر عنها بقوله تحت النمل:
فهذی أصول القوم حال اطّرادهاأجابت بعون اللّه فانتظمت حلا لما تم الكلام فی الأبواب المسماة أصولا أشار إلیها بما للحاضر أی هذه الأصول قد تمت فی أبوابها و القوم هم القراء أی هذه أصول القراء السبعة من الطرق التی ذكرتها أجابت مطردة لما دعوتها أی انقادت لنظمی طائعة بإذن اللّه تعالی فانتظمت مشبهة حلا و الحلی جمع حلیة و المطرد هو المستمر الجاری فی أشباه ذلك الشی‌ء و كل باب من أبواب الأصول لم یخل من حكم كلی مستمر فی كل ما تحقق فیه شرط ذلك الحكم. و اللّه أعلم.
و إنّی لأرجوه لنظم حروفهم‌نفائس أعلاق تنفّس عطّلا أی أرجو عون اللّه أیضا لتسهیل نظم الحروف المنفردة غیر المطردة أی حروف القراء السبعة و هو ما یأتی ذكره فی الفرش من الحروف المختلف فیها نفائس أعلاق أی قلائد نفائس و عطلا جمع عاطل یقال جید عاطل للعنق الذی لا حلی فیه. و تنفیسه أن تجعله ذا نفاسة، أشار إلی أن هذه الحروف المنظومة إذا قرأها من لیس له بها علم صار بها ذا شرف و نفاسة كالجید العاطل إذا حلی بالأعلاق أی بالقلائد النفیسة صار ذا نفاسة بتحلیه بعلمها و تزینه بفوائدها بعد أن لم یكن كذلك.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 170 سأمضی علی شرطی و باللّه أكتفی‌و ما خاب ذو جدّ إذا هو حسبلا نص علی أن اصطلاحه فی الفرش كما هو فی الأصول أی سأستمر علی ما التزمته فی أول القصید من شرط القراءة و الترجمة و الرمز و القیود و أكتفی باللّه معینا ثم قال و ما خاب ذو جدّ أی صاحب جد و هو ضد الهزل و هو بكسر الجیم و بالفتح: العظمة و إذا قال المحق فی شی‌ء حسبی اللّه فإنه لا یخسر بل یظفر بأمنیته و هو قد حسبل بقوله: و باللّه أكتفی فحصل له مراده إلی أن تمّ إنشاده، یقال حسبل إذا قال حسبی اللّه، و قد ذكرنا ما یسر اللّه تعالی من الوصول فی الكلام علی الأصول، و الحمد للّه وحده و صلّی اللّه علی سیدنا محمد و آله و صحبه و سلم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 171

باب فرش الحروف‌

سورة البقرة

بسم اللّه الرحمن الرحیم القراء یسمون ما قلّ دوره من حروف القراءات المختلف فیها فرشا لأنها لما كانت مذكورة فی أماكنها من السور فهی كالمفروشة بخلاف الأصول لأن الأصل الواحد منها ینطوی علی الجمیع و سمی بعضهم الفرش فروعا مقابلة للأصول و قوله سورة البقرة أی السورة التی یذكر فیها البقرة:
و ما یخدعون الفتح من قبل ساكن‌و بعد ذكا و الغیر كالحرف أوّلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذكا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا و ما یخدعون إلا أنفسهم بالفتح قبل الساكن یعنی فی الیاء و بعد الساكن یعنی فی الدال و أراد بالساكن الخاء و یلزم من ذلك حذف الألف. و قوله و ما أی المصاحبة لیخدعون أتی به للوزن و الخلاف فی الثانی علم من قوله كالحرف أوّلا و إن شئت قلت التقیید لیخدعون بمصاحبة ما قبله كما نطق به احترازا من الحرف الأول من البقرة و الثانی من النساء فإنهما لیس فیهما خلاف للسبعة.
و لما كانت قراءة الباقین لا یمكن أخذها من الضد لأن ضد الفتح فی الیاء و فی الدال الكسر كما تقدم و ضد السكون فی الخاء الحركة بالفتح و لم یقرأ بذلك أحد فاحتاج إلی بیان قراءة الباقین فأحالهما علی الحرف الأول فقال و الغیر كالحرف أولا یعنی أن غیر الكوفیین و ابن عامر و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا و ما یخادعون بضم الیاء و فتح الخاء و ألف بعدها كالحرف الأول الذی لا خلاف فیه و هو یخادعون اللّه و الذین آمنوا و المراد بالحرف الفعل و سماه حرفا تنبیها علی مذهب سیبویه فی إطلاق الحرف علی كل كلمة، و معنی ذكا: أضاء من قولهم: ذكت النار: إذا اشتعلت.
و خفّف كوف یكذبون و یاؤه‌بفتح و للباقین ضمّ و ثقّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 172
أخبر أن المشار إلیهم بكوف و هم عاصم و حمزة و الكسائی خففوا بما كانوا یكذبون.
و المراد بالتخفیف إسكان الكاف و إذهاب ثقل الذال ثم قال و یاؤه بفتح، یعنی لهم، أی قرأ عاصم و حمزة و الكسائی یكذبون بفتح الیاء و تخفیف الذال و یلزم من ذلك سكون الكاف و لما لم یمكن أخذ قراءة الباقین من الضد نص علیها لأن ضد الفتح الكسر فلو كسرت لكانت تختل و لكن نص علیها بقوله: و للباقین ضم أی الیاء و ثقلا أی الذال فیلزم من ذلك فتح الكاف و الباقون هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا یكذبون بضم الیاء و تشدید الذال و فتح الكاف. فإن قلت یكذبون فی القرآن فی ثلاثة مواضع: هنا و موضع آخر بالتوبة و هو قوله تعالی: أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا یَكْذِبُونَ [التوبة: 77]، و بالانشقاق بَلِ الَّذِینَ كَفَرُوا یُكَذِّبُونَ [الانشقاق: 22]، فلم لم یعین هذا دون غیره؟. قلت الكلام فی الفرش لا یعم إلا بقرینة و لا قرینة فتعین هذا دون غیره و لأنه لو أراد جمیعها لقال بحیث أتی، أو موضعین منها لقال معا و نحوه فالذی بالتوبة لا خلاف بین السبعة فی تخفیفه، و عكسه الذی بالانشقاق.
و قیل و غیض ثمّ جی‌ء یشمّهالدی كسرها ضمّا رجال لتكمّلا
و حیل بإشمام و سیق كما رساو سی‌ء و سیئت كان راویه أنبلا أخبر أن المشار إلیهما بالراء و اللام فی قوله رجال لتكملا و هما الكسائی و هشام أشما كسر قیل و غیض و جی‌ء ضما و أن المشار إلیهما بالكاف و الراء فی قوله كما رسا و هما ابن عامر و الكسائی فعلا ذلك فی حیل و سیق و أن المشار إلیهم بالكاف و الراء و الهمزة فی قوله كان راویه أنبلا و هم ابن عامر و الكسائی و نافع فعلوا ذلك فی سی‌ء و سیئت فحصل من جمیع ذلك أن الكسائی و هشاما یشمان فی الجمیع و أن ابن ذكوان یوافق فی حیل و سیق و سی‌ء و سیئت و أن نافعا یوافق فی سی‌ء و سیئت فتعین للباقین الكسر الخالص فی الجمیع، و أطلق الناظم هذه الأفعال و لم یبین مواضع القراءة و فیها ما قد تكرر و العادة المستمرة منه فیما یطلق أنه یختص بالسورة التی هو فیها كما فی یكذبون السابقة و لكن لما أدرج مع قیل هذه الأفعال الخارجة من هذه السورة كان ذلك قرینة واضحة فی طرد الحكم حیث وقعت قیل و غیرها من هذه الأفعال و أراد و إذا قیل لهم لا تفسدوا فی الأرض و إذا قیل لهم آمنوا و ما جاء من لفظ قیل و هو فعل ماض وَ غِیضَ الْماءُ [هود: 44]، وَ جِی‌ءَ بِالنَّبِیِّینَ [الزمر: 69]، وَ جِی‌ءَ یَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [الفجر: 23]، وَ حِیلَ بَیْنَهُمْ [سبأ: 54]، وَ سِیقَ الَّذِینَ [الزمر: 71]، موضعان بالزمر (و سی‌ء بهم) [هود: 77]، فی هود و العنكبوت و سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا [الملك: 27]، و كیفیة الإشمام فی هذه الأفعال أن تنحو بكسر أوائلها نحو الضمة، و بالیاء بعدها نحو الواو فهی حركة مركبة من حركتین كسر و ضم، لأن هذه الأوائل و إن كانت مكسورة فأصلها أن تكون مضمومة لأنها أفعال ما لم یسم فاعله فأشمت الضم دلالة علی أنه أصل ما تستحقه و هی لغة فاشیة للعرب و أبقوا شیئا من الكسر تنبیها علی ما تستحقه من الإعلال و لهذا قال الناظم لتكملا أی لتكمل الدلالة علی الأمرین و لم یقتصر علی ذكر الإشمام بل قال
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 173
یشمها لدی كسرها ضما لأنه لو سكت علی الإشمام لحمل علی ضم الشفتین المذكور فی باب الوقف، و هذا یخالف المذكور فی باب الوقف لأنه فی الأول و یعم الوصل و الوقف و یسمع و حرفه متحرك و ذاك فی الأخیر و الوقف و لا یسمع و حرفه ساكن و یخالف المذكور فی الصاد أعنی النوع الثالث فی اصطلاحه و هو إشمام الصاد الزای و قوله و قیل مقید بالفعل كما نطق به لیخرج غیر الفعل نحو من اللّه قیلا و قیله یا رب إلا قیلا سلاما و أقوم قیلا، جمیع هذا لا أصل له فی الضم فلا یدخل فی هذا الباب بل یقرأ بكسر أوائله للجمیع و قوله و حیل الواو فیه فاصلة فقط لأنه استأنف الحكم فلو لم یستأنفه لجعلناها عاطفة فاصلة و الواو فی قوله و سی‌ء عاطفة فاصلة و معنی رسا أی استقر فی النقل و ثبت و أنبلا أی نبیلا عظیما أو زائد النبل:
و ها هو بعد الواو و الفا و لامهاو ها هی أسكن راضیا باردا حلا
و ثمّ هو رفقا بان و الضّمّ غیرهم‌و كسر و عن كلّ یملّ هو انجلا أمر بإسكان الهاء من لفظ هو و الهاء من لفظ هی بعد واو أو فاء أو لام زائدة نحو وَ هُوَ بِكُلِّ شَیْ‌ءٍ عَلِیمٌ [البقرة: 29]، فَهُوَ وَلِیُّهُمُ الْیَوْمَ [النحل: 63]، وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِیُ [الحج: 64]، و هی تجری بهم فهی كالحجارة لهی الحیوان للمشار إلیهم بالراء و الباء و الحاء فی قوله راضیا باردا حلا و هم الكسائی و قالون و أبو عمرو و قولنا زائدة أخرج لهو و لعب و لهو الحدیث عن المختلف فیه إذ الهاء ساكنة باتفاق لأنها لیست هاء هو الذی هو ضمیر مرفوع منفصل ثم أمر بإسكان الهاء من ثم هو یوم القیامة من المحضرین للمشار إلیهما بالراء و بالباء فی قوله رفقا بان و هما الكسائی و قالون ثم أخبر أن غیر المذكورین یضمون الهاء من هو و یكسرونها من هی فقال و الضم غیرهم و كسر ثم أخبر أن كلهم قرءوا أن یمل هو بضم الهاء علی ما لفظ به و إنما ذكر ذلك احترازا من أن یدخل فیما سكن بعد اللام المذكور فی و لامها فبین أن یمل لیس منه لأن یمل كلمة مستقلة فلیست حرفا لتحمل علی أخواتها و نبه أیضا علی أن الروایة التی جاءت عن قالون من طریق الحلوانی فی إسكانه متروكة فإنها مخالفة لما رواه جمیع أصحاب قالون فلهذا قال انجلی أی انكشف.
و فی فأزلّ اللّام خفّف لحمزةو زد ألفا من قبله فتكمّلا أمر بتخفیف اللام من فأزلهما الشیطان عنها لحمزة و بزیادة ألف قبل اللام لأنه لا یكمل مع تخفیف اللام إلا بزیادة ألف و لذلك قال فتكملا و تعین للباقین تثقیل اللام من غیر ألف و الضمیر فی قبله یعود علی اللام و لیست الفاء فی فتكملا برمز فإنه صرح باسم القارئ لما سمح له النظم.
و آدم فارفع ناصبا كلماته‌بكسر و للمكیّ عكس تحوّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 174
أمر أن یقرأ لكل القراء غیر ابن كثیر فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة: 37]، برفع آدم و نصب كلمات بالكسر.
یعنی أن إشمام كسر القاف الضم خاص بلفظ قیل إذا كان فعلا ماضیا مبنیا للمجهول، و بهذا علی قاعدة الجمع المؤنث السالم لأن علامة النصب فیه الكسر ثم أخبر أن المكی و هو عبد اللّه بن كثیر عكس ذلك و عكسه نصب آدم و رفع كلمات، و معنی التحول: الانتقال.
و یقبل الأولی أنّثوا دون حاجزوعدنا جمیعا دون ما ألف حلا أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الحاء فی قوله دون حاجز و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ و لا تقبل منها شفاعة بالتاء المثناة فوق للتأنیث و قید كلمة الخلاف بقوله الأولی احترازا من قوله تعالی: وَ لا یُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ [البقرة: 123]، لأن الفعل هناك مسند إلی مذكر و هو عدل فلا یجوز فیه إلا التذكیر و معنی دون حاجز الحجز المنع أی دون مانع من التأنیث لأن الشفاعة مؤنثة و تعین للباقین القراءة بالیاء المثناة من تحت للتذكیر. ثم أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حلا و هو أبو عمرو و قرأ وعدنا دون ألف أی بغیر ألف بین الواو و العین و قوله جمیعا أی فی جمیع القرآن فی قصة موسی فقط و هو ثلاث مواضع و إِذْ واعَدْنا مُوسی أَرْبَعِینَ لَیْلَةً [البقرة: 51]، هنا وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً [الأعراف: 142]، وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ [طه: 80]، فإن قیل ظاهر كلامه العموم فیها و فی غیرها. قیل لا نسلم ذلك لأنه لما ذكرها فی قصة موسی قضی بالتقیید واقعا فی القصة فلا یؤخذ فی غیرها و لا یرد علیه أ فمن وعدناه وعدا و نحوه. و قوله دون ما ألف تقیید لیس فیه رمز و تعین للباقین القراءة بإثبات الألف.
و إسكان بارئكم و یأمركم له‌و یأمرهم أیضا و تأمرهم تلا
و ینصركم أیضا و یشعركم و كم‌جلیل عن الدّوریّ مختلس جلا الهاء فی له عائد عن أبی عمرو و المتقدم الذكر فی قوله حلا فی البیت السابق یعنی أن إسكان الكلم الستّ المذكورة فی البیتین لأبی عمرو و یرید إسكان الهمزة من بارئكم فی الموضعین و إسكان الراء فیما بقی حیث وقع و جملته اثنا عشر موضعا و هو یَنْصُرْكُمُ [آل عمران: 160]، و الملك و یأمركم و یأمرهم و تأمرهم تسعة مواضع أربعة مواضع بالبقرة و موضعان بآل عمران و موضع بالنساء و موضع بالأعراف و موضع بالطور و یشعركم بالأنعام ثم أخبر أن كثیرا ممن یوصف بالجلالة من العراقیین روی عن الدوری الاختلاس و هی الروایة الجیدة المختارة و كیفیة الاختلاس أن تأتی بثلثی الحركة فحصل للدوری وجهان:
الاختلاس و الإسكان و للسوسی الإسكان فقط و للباقین إتمام الحركة. فإن قیل یقتضی أن تكون قراءة الباقین بالفتح لأن ضد السكون إذا أطلق الحركة الفتح. قیل أما بارئكم فإنه فی الآیة فی الموضعین مجرور و لا یتصور فیه الفتح و إذا كان كذلك لم یبق فیه إلا الإسكان أو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 175
الإشباع أو الاختلاس و أما الألفاظ التی بعد بارئكم فرویت فی النظم بالإسكان كلها مع صلة المیم و رویت برفعها مع عدم الصلة و الوزن فی الروایتین مستقیم لكن الأولی أن یقرأ بإشباع الحركة فی الجمیع لیكون قد نطق بقراءة غیر أبی عمرو، و قید قراءة أبی عمرو بالإسكان و لیست همزة أیضا برمز لأنها ترجمة و كذا تاء تلا و جیم جلا للصریح و معنی جلا كشف أی كشف الاختلاس بالروایة و التلاوة.
و فیها و فی الأعراف نغفر بنونه‌و لا ضمّ و اكسر فاءه حین ظلّلا
و ذكّر هنا أصلا و للشّام أنّثواو عن نافع معه فی الأعراف وصّلا قوله: و فیها أی فی البقرة أی اقرأ للمشار إلیهم بالحاء و الظاء فی قوله حین ظللا و هم أبو عمرو و الكوفیون و ابن كثیر یَغْفِرْ لَكُمْ [البقرة: 58]، [الأعراف: 161]، بالتقیید الذی ذكره بنون مفتوحة مكسورة الفاء. و قوله و لا ضم یعنی فی النون فتعین فتحها لأنه ضد الضم و تعین للغیر الضم و فتح الفاء و ضد النون و هو الیاء ثم أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله أصلا و هو نافع قرأ بالتذكیر هنا یعنی بالبقرة و قوله و للشام أنثوا یعنی الشامی و هو ابن عامر قرأ فی البقرة و الأعراف بالتأنیث و هو ضد التذكیر و قوله و عن نافع معه أی مع ابن عامر فی الأعراف یعنی أن نافعا قرأ فی الأعراف بالتأنیث كقراءة ابن عامر و معنی وصلا أی وصل الحكم الذی قرأ به هنا إلی سورة الأعراف فحصل مما ذكر أن أبا عمرو و من ذكر معه قرءوا فی السورتین بالنون و فتحها و كسر الفاء و أن نافعا قرأ فی البقرة بالیاء المثناة تحت للتذكیر و ضمها و فتح الفاء و قرأ بالأعراف بالتاء المثناة فوق و ضمها و فتح الفاء و أن ابن عامر قرأ فی السورتین كقراءة نافع بالأعراف فصار أبو عمرو و أصحابه بالنون فیهما و ابن عامر بتأنیثهما و نافع بتذكیر الأولی و تأنیث الثانیة و كلهم قرءوا فی هذه السورة خَطایاكُمْ [البقرة: 58]، بوزن قضایاكم.
و جمعا و فردا فی النّبی‌ء و فی النّبوءة الهمز كلّ غیر نافع أبدلا
و قالون فی الأحزاب فی للنّبیّ مع‌بیوت النّبیّ الیاء شدّد مبدلا أی قرأ القراء كلهم إلا نافعا فی النبی الواحد حیث وقع و كذا جمع السلامة بیاء مشددة تابعة و جمع التكسیر بیاء خفیفة بعد الباء و المصدر بواو مشددة مفتوحة، و همز نافع جمیع ذلك فظهر المدغم إلا قالون فإنه قرأ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِیِ [الأحزاب: 50]، و لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِ [الأحزاب: 53]، بیاء مشددة فی الوصل و بالهمز فی الوقف و ذلك نحو یا أَیُّهَا النَّبِیُ [الأحزاب: 45]، وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ [الصافات: 112]، و ما كانَ لِلنَّبِیِ [التوبة: 113]، وَ یَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ [البقرة: 61]، و یَحْكُمُ بِهَا النَّبِیُّونَ [المائدة: 44]، وَ یَقْتُلُونَ الْأَنْبِیاءَ [آل عمران: 112]، و أنبیاء اللّه و الحكم و النبوة و هذه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 176
فی البیت منصوبة التاء علی حكایة لفظ القرآن و اتفقوا كلهم علی إثبات الهمزة المتطرفة التی بعد الألف من لفظ أنبیاء و الأنبیاء فی الوصل و الوقف إلا حمزة و هشاما فإنهما یقفان بتركها و علمت قراءة نافع من الضد لأن ضد التخفیف التحقیق و الإظهار ضد الإدغام و فائدة قوله مبدلا لینص علی أن قالون فعل ذلك لما عرض من اجتماع الهمزتین لأن كل واحد من هذین الموضعین بعد همزة مكسورة و مذهبه فی باب الهمزتین المكسورتین أن یسهل الأولی إلا أن یقع قبلها حرف مد فتبدل فلزمه أن یفعل هنا ما فعل فی بالسوء إلا أبدل ثم أدغم غیر أن هذا الوجه متعین هنا لم یرو غیره.
و فی الصّابئین الهمز و الصّابئون خذو هزؤا و كفؤا فی السّواكن فصّلا
و ضمّ لباقیهم و حمزة وقفه‌بواو و حفص واقفا قم موصلا أمر بالأخذ بالهمزة للمشار إلیهم بالخاء فی قوله خذوهم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا وَ الصَّابِئِینَ [البقرة: 62]، و الحج بزیادة همزة مكسورة وَ الصَّابِئُونَ [المائدة: 69]، بزیادة همزة مضمومة بعد كسر و قرأ نافع جمیع ذلك بلا همز و ضم ما قبل الواو و هو مفهوم من قوله و مستهزءون الحذف فیه و نحوه و ضم و أخمل الكسر ثم و أما قراءة نافع الصابین و الصابون بوزن الغازین و الغازون فجیدة و قوله و هزوا و كفوا یعنی أن المشار إلیه بالفاء فی قوله فصلا و هو حمزة قرأ هزوا كیف حصل نحو أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً [البقرة: 67] و هزوا لعبا بإسكان الزای و كفوا أحد بإسكان الفاء و الباقون بضمها و أبدل حمزة همزهما واوا فی الوقف و حققهما فی الوصل و أبدلهما حفص واوا فی الوقف و الوصل و الباقون بتحقیقهما فی الحالین و معنی فی السواكن فصلا أی انتقلا فی قراءته من نوع الهمزة المتحركة المتحرك ما قبلها إلی المتحركة الساكن ما قبلها:
و بالغیب عمّا تعملون هنا دناو غیبك فی الثّانی إلی صفوه دلا أخبر أن المشار إلیه بالدال فی قوله دنا و هو ابن كثیر قرأ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ [البقرة: 85]، (أ فتطمعون بالغیب) أی بالیاء المثناة تحت فتعین للباقین القراءة بالتاء المثناة فوق للخطاب و أشار بقوله هنا للمكان الذی فیه هزوا و قوله دنا أی قرب مما انقضی الكلام فیه. ثم أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الصاد و الدال فی قوله إلی صفوه دلا و هم نافع و شعبة و ابن كثیر قرءوا بالغیب فی الثانی و هو عما یعملون أُولئِكَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الْحَیاةَ الدُّنْیا [البقرة: 86]، فتعین للباقین القراءة بالخطاب، و معنی دلا: أرسل دلوه:
خطیئته التّوحید عن غیر نافع‌و لا یعبدون الغیب شایع دخللا أخبر أن السبعة إلا نافعا قرءوا و أحاطت به خطیئته بالتوحید كما نطق فتعین أن نافعا قرأ خطیئاته بزیادة ألف الجمع و هو جمع السلامة لأن الجمع المطلق یحمل علی التصحیح
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 177
للوضوح و قال بعضهم فی كلامه ما یدل علی إرادة جمع التصحیح بالألف و التاء لأنه نطق بالتاء مضمومة فكأنه قال التاء مضمومة للكل ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الدال فی قوله شایع دخللا و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر قرءوا لا یعبدون إلا اللّه بالغیب فتعین للباقین القراءة بالخطاب و روی فی النظم الغیب بالرفع و النصب و قوله شایع أی تابع الغیب هنا الغیب فیما قبله من یعملون لأن الأشیاع الأتباع و الدخلل الذی یداخلك فی أمورك:
و قل حسنا شكرا و حسنا بضمّه‌و ساكنه الباقون و أحسن مقوّلا أمر بالقراءة فی قوله تعالی: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83]، بفتح الحاء و السین علی ما لفظ به للمشار إلیهما بالشین فی قوله شكرا و هما حمزة و الكسائی ثم بین قراءة الباقین و قیدها بالضم و الإسكان أی بضم الحاء و إسكان السین و لزم من ذلك تقیید قراءة حمزة و الكسائی و أن لفظهما قد جلا عنهما لأن الضم ضده الفتح و الإسكان ضده التحریك المطلق و التحریك المطلق هو الفتح، و قوله و أحسن مقولا، أی ناقلا:
و تظّاهرون الظّاء خفّف ثابتاو عنهم لدی التّحریم أیضا تحلّلا أخبر أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله ثابتا و هم الكوفیون قرءوا تظاهرون علیهم بتخفیف الظاء و انهم قرءوا، وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَیْهِ [التحریم: 4]، فی سورة التحریم كذلك فتعین للباقین تثقیل الظاء فیهما و قوله تحللا أی أبیح من التحلیل و حسن ذكره بعد ذكر التحریم:
و حمزة أسری فی أساری و ضمّهم‌تفادوهمو و الما إذ راق نفّلا أخبر أن حمزة قرأ و إن یأتوكم أسری بفتح الهمزة علی وزن فعلی فی موضع أساری بضم الهمزة علی وزن فعالی فی قراءة الباقین و لفظ بالقراءتین من غیر تقیید علی ما قرره فی قوله:
«و باللفظ استغنی عن القید إن جلا»، ثم إنه أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الراء و النون فی قوله إذ راق نفلا و هم نافع و الكسائی و عاصم قرءوا تفادوهم بضم التاء و المد و أراد به إثبات الألف و من ضرورة إثباتها فتح الفاء قبلها فتعین للباقین فتح التاء و حذف الألف و من ضرورة حذف الألف سكون الفاء و راق الشراب أی صفا، و نفل أی زاد و أعطی النفل، و النفل الزیادة و الغنیمة:
و حیث أتاك القدس إسكان داله‌دواء و للباقین بالضّم أرسلا أخبر أن المشار إلیه بالدال فی قوله دواء و هو ابن كثیر قرأ بإسكان دال القدس حیث وقع و إن الباقین قرءوا بضم الدال و إنما احتاج إلی بیان قراءة الباقین لأن الإسكان المطلق
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 178
ضده الفتح لا الضم و أرسل: أی أطلق الضم لهم. و القدس فی البیت ساكن الدال للوزن:
و ینزل خفّفه و تنزل مثله‌و ننزل حقّ و هو فی الحجر ثقّلا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ جمیع ما جاء من لفظ ینزل و تنزل و ننزل بتخفیف الزای و یلزم من ذلك إسكان النون فتعین للباقین القراءتین بتثقیل الزای و یلزم من ذلك فتح النون و إنما ذكر هذه الألفاظ الثلاثة لأن مواضع الخلاف فی القراءتین لا تخرج عنها من جهة أن أوائلها لا تخلو من یاء أو تاء أو نون و قد لفظ بها مضمومة الأوائل فی البیت فلا یرد علیه ما كان مفتوح الأول نحو و ما ینزل من السماء و ما یعرج فیها فكأنه قال مثل هذا اللفظ مضموم إن كان یاء أو تاء أو نونا و مواضع الخلاف منقسمة إلی فعل مسند للفعل كالأمثلة التی ذكرها و إلی أمثلة مسندة للمفعول نحو أن ینزل علیكم من خیر من ربكم و من قبل أن تنزل التوراة و لم یذكر شیئا منها كما فعل صاحب التیسیر و الخلاف عام فی كل فعل مضارع من هذا اللفظ ضم أوله سواء كان مبنیا للفاعل أو المفعول. و قوله و هو فی الحجر ثقلا الضمیر فی قوله و هو عائد إلی آخر الأمثلة الثلاثة المذكورة و هو ننزل مثل الذی فی الحجر لأن فیها موضعین أحدهما ما ننزل الملائكة و إن اختلف القراء فی قراءته فزاؤه مشددة للجمیع علی ما سیأتی بیانه فی سورته و الثانی و ما ننزله إلا بقدر معلوم أخبر أنه مثقل لجمیع القراء و لهذا قال ثقلا بضم الثاء:
و خفّف للبصری بسبحان و الّذی‌فی الأنعام للمكّی علی أن ینزّلا أخبر أن ما جاء من ذلك فی سورة سبحان خفف لأبی عمرو و الذی جاء منه فی سبحان موضعان أحدهما و ننزل من القرآن و الثانی حتی تنزل علینا كتابا نقرؤه فبقی ابن كثیر علی التثقیل كالباقین و البصری علی قاعدته و ابن كثیر مخالف لقاعدته ثم أخبر أن المكی و هو ابن كثیر خفف فی الأنعام إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلی أَنْ یُنَزِّلَ آیَةً فبقی أبو عمرو فیه علی التثقیل كالباقین و قیده الناظم بمصاحبة علی احترازا من غیره فی السورة فابن كثیر علی أصله و أبو عمرو مخالف فإن قیل هل لا قال و ثقل للمكی بسبحان و الذی فی الأنعام للبصری، قیل: لو قال ذلك لأوهم أن المكی انفرد بالتثقیل فی سبحان و أن البصری انفرد بالتثقیل فی الأنعام فیقرأ للباقین بالتخفیف فی السورتین و لیس الأمر كذلك:
و منزلها التّخفیف حقّ شفاؤه‌و خفّف عنهم ینزل الغیث مسجلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالشین فی قوله حق شفاؤه و هم ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و الكسائی خففوا إنی منزلها علیكم بالمائدة و ینزل الغیث بلقمان و الشوری و تعین للباقین التثقیل و قوله مسجلا أی مطلقا.
و جبریل فتح الجیم و الرّا و بعدهاوعی همزة مكسورة صحبة و لا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 179 بحیث أتی و الیاء یحذف شعبةو مكّیّهم فی الجیم بالفتح وكّلا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا جبرئیل بفتح الجیم و الراء و إثبات همزة مكسورة بعدها حیث وقع ثم أخبر أن شعبة یحذف الیاء و أن الهمزة باقیة علی حالها ثم أخبر أن المكی و هو ابن كثیر یفتح الجیم من جبریل الملفوظ به فحصل مما ذكر أن حمزة و الكسائی یقرءان بفتح الجیم و الراء و إثبات همزة مكسورة بعدها یاء بوزن جبرعیل و أن شعبة یقرأ بفتح الجیم و الراء و إثبات همزة مكسورة بعد الراء من غیر یاء بوزن جبرعل و أن ابن كثیر یقرأ جبریل بفتح الجیم و كسر الراء و إثبات الیاء من غیر همز و أن الباقین و هم نافع و أبو عمرو و ابن عامر و حفص یقرءون جبریل بكسر الجیم و الراء و إثبات یاء من غیر همز علی ما لفظ به فی البیت فهذه أربع قراءات و قوله وعی، أی حفظ:
ودع یاء میكائیل و الهمز قبله‌علی حجّة و الیاء یحذف أجملا قوله دع أی اترك أمر بترك الیاء و الهمزة التی قبل الیاء من لفظ میكائیل للمشار إلیهما بالعین و الحاء فی قوله علی حجة و هما حفص و أبو عمرو فتعین للباقین إثباتهما علی ما لفظ به ثم أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله أجملا و هو نافع بحذف الیاء وحدها و دلنا علی أنه أراد الثانیة قوله و الهمز قبله فلما عرف ذلك أعاد ذكرها بحرف العهد فقال و الیاء فحصل مما ذكر ثلاث قراءات فحفص و أبو عمرو یقرءان میكال بلا همز و لا یاء بوزن مثقال و نافع یقرأ میكائیل بالهمز من غیر یاء بوزن میكاعل و الباقون یقرءون میكائیل بالهمز و بعده الیاء بوزن میكاعیل، و أجملا: أی جمیلا:
و لكن خفیف و الشّیاطین رفعه‌كما شرطوا و العكس نحو سما العلا أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الشین فی قوله كما شرطوا و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی قرءوا و لكن الشیاطین كفروا بتخفیف نون و لكن و كسرها فی الوصل و رفع الشیاطین كما شرطوا أی كما شرط النحاة أن لكن إذا خففت بطل عملها ثم أخبر أن المشار إلیهم بالنون و سما فی قوله نحو سما و هم عاصم و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا و لكن بتشدید النون و فتحها و الشیاطین بالنصب و هو عكس القید المذكور:
و ننسخ به ضمّ و كسر كفی و ننسها مثله من غیر همز ذكت إلی أخبر أن المشار إلیه بالكاف فی قوله كفی و هو ابن عامر قرأ ما ننسخ بضم النون الأولی و كسر السین فتعین للباقین القراءة بفتحهما ثم أخبر أن المشار إلیهم بالذال و الهمزة فی قوله ذكت إلا و هم الكوفیون و نافع و ابن عامر قرءوا أو ننسها بالتقیید الذی ذكره لابن عامر فی ننسخ و هو ضم النون الأولی و كسر السین و أضاف إلی ذلك ترك الهمز فتعین للباقین القراءة بفتح النون و السین و إثبات همزة ساكنة للجزم. قوله ذكت ألا أی اشتهرت القراءة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 180
و ألا هنا اسم و هو واحد الآلاء التی هی النعم یقال للمفرد بفتح الهمزة و كسرها:
علیم و قالوا الواو الأولی سقوطهاو كن فیكون النّصب فی الرّفع كفّلا
و فی آل عمران فی الأولی و مریم‌و فی الطّول عنه و هو باللّفظ أعملا أخبر أن المشار إلیه بالكاف فی قوله كفلا و هو ابن عامر قرأ علیم قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً [البقرة: 116]، بإسقاط الواو الأولی من و قالوا و قیده بقوله علیم و قیده بقوله علیم احترازا من و قالوا لن یدخل الجنة و تعین للباقین أن یقرءوا علیم و قالوا بإثبات الواو.
ثم أخبر أن ابن عامر المشار إلیه بكاف كفلا أتی بالنصب فی موضع الرفع فی قوله فیكون الذی قبله كن و قید القراءتین تصحیحا للمعنی و جمع مسألتین برمز واحد جریا علی اصطلاحه و أراد فی هذه السورة كن فیكون و قال الذین لا یعلمون و بآل عمران كن فیكون و نعلمه الكتاب و قیده بقوله الأولی احترازا من كُنْ فَیَكُونُ [یس: 82]، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [یونس: 94]، فإنه لا اختلاف فیه و أراد فی مریم كُنْ فَیَكُونُ [مریم: 35]، وَ إِنَّ اللَّهَ رَبِّی وَ رَبُّكُمْ [البقرة: 147] و فی الطول عنه أی عن ابن عامر فی سورة غافر كُنْ فَیَكُونُ [غافر: 68]، أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یُجادِلُونَ [غافر: 69]، و قرأ الباقون برفع النون فی الأربعة و قوله و هو باللفظ أعملا أشار إلی وجه قراءة النصب و ذلك أن الفاء تنصب فی جواب الأمر كقولك زرنی فأكرمك فأتی لفظ كن فیكون مشبها لهذا و لیس هو من باب الأمر و الجواب علی الحقیقة و لكنه أشبهه:
و فی النّحل مع یس بالعطف نصبه‌كفی راویا و انقاد معناه یعملا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الراء فی قوله كفی راویا و هما ابن عامر و الكسائی قرآ فی النحل كُنْ فَیَكُونُ [النحل: 40]، وَ الَّذِینَ هاجَرُوا [البقرة: 218]، و فی یس كُنْ فَیَكُونُ [یس: 82]، فسبحان بالنصب و قرأ الباقون بالرفع فیهما و قوله بالعطف نصبه إشارة إلی ظهور وجه النصب لأنه تقدم قبله منصوب فی هذین الموضعین بخلاف غیرهما فلأجل ذلك وافقه الكسائی فیهما و معنی كفی راویا أی كفی راویه الوقیعة فیه من جهلة النحاة لظهور وجهه لأن المواضع الأربعة التی انفرد بها ابن عامر طعن فیه علیها قوم من النحاة قالوا لا یصح فیها النصب و جمیع ما فی القرآن من قوله كن فیكون ثمانیة مواضع:
ستة مختلف فیها و هی هذه، و اثنان لم یقع فیهما خلاف. الثانی فی آل عمران و هو قوله تعالی: كُنْ فَیَكُونُ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [البقرة: 147]، و فی الأنعام وَ یَوْمَ یَقُولُ كُنْ فَیَكُونُ [الأنعام: 73]، قوله الحق و قوله و انقاد أی سهل أی مشی معنی النصب مشبها یعملا و الیعمل: الجمل القوی:
و تسأل ضمّوا التّاء و اللّام حرّكوابرفع خلودا و هو من بعد نفی لا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 181
أخبر أن المشار إلیهم بالخاء فی قوله خلودا و هم السبعة إلا نافعا قرءوا و لا تسئل عن أصحاب الجحیم بضم التاء و تحریك اللام بالرفع و قوله و هو یعنی الرفع أی و الرفع من بعد لا النافیة و تعین لنافع القراءة بفتح التاء و إسكان اللام لأن التحریك إذا ذكر دل علی الإسكان فی القراءة الأخری، مقیدا كان مثل هذا أو غیر مقید. و الخلود الإقامة علی الدوام و لا نافیة فی قراءة الجماعة و ناهیة فی قراءة نافع لأن النهی ضد النفی:
و فیها و فی نصّ النّساء ثلاثةأواخر إبراهام لاح و جمّلا
و مع آخر الأنعام حرفا براءةأخیرا و تحت الرّعد حرف تنزّلا
و فی مریم و النّحل خمسة أحرف‌و آخر ما فی العنكبوت منزّلا
و فی النّجم و الشّوری و فی الذّاریات و الحدید و یروی فی امتحانه الأوّلا
و وجهان فیه لابن ذكوان هاهناو و اتّخذوا بالفتح عمّ و أوغلا أخبر أن المشار إلیه باللام فی قوله لاح و هو هشام قرأ إبراهام بالألف علی ما لفظ به فی ثلاثة و ثلاثین موضعا منها جمیع ما فی البقرة و هو خمسة عشر موضعا و إذ ابتلی إبراهام و من مقام إبراهام و عهدنا إلی إبراهام و إذ قال إبراهام و إذ یرفع إبراهام و من یرغب عن ملة إبراهام و وصی بها إبراهام و آبائك إبراهام قل بل ملة إبراهام و ما أنزل إلی إبراهام أم یقولون إن إبراهام أ لم تر إلی الذی حاج إبراهام و إذ قال إبراهام قال إبراهام و إذ قال إبراهام رب أرنی فهذا معنی قوله و فیها أی و فی البقرة و قوله و فی نص النسا ثلاثة أی و فی سورة النساء ثلاثة مواضع و هی آخر ما فیها یعنی و اتبع ملة إبراهام و اتخذ اللّه إبراهام و أوحینا إلی إبراهام و قوله أواخر احترازا من الأول و هو قوله تعالی: فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ [النساء: 54]،، و قوله لاح أی بان إبراهام و جملا أی حسن و قوله مع آخر الأنعام أراد قوله تعالی دنیا قیما ملة إبراهام و هو آخر ما فی الأنعام و قیده بالآخر احترازا من جمیع ما فیها و قوله حرفا براءة أخیرا یرید بذلك (و ما كان استغفار إبراهام) [البقرة: 114]، (و إن إبراهام لأواه) [هود:
75]، و قیدهما بآخر السورة احترازا عن كل ما فیها و قوله و تحت الرعد حرف یعنی بسورة إبراهیم فیها (و إذ قال إبراهام رب اجعل) [إبراهیم: 35]، و قوله حرف تنزلا أی تنزل فی سورة إبراهیم و قوله و فی مریم و النحل خمسة أحرف أی فی مجموعهما خمسة أحرف اثنان فی النحل (إن إبراهام كان أمة) [النحل: 12]، (و أن اتبع ملة إبراهام) [النحل: 123]، و بمریم ثلاثة أحرف و أذكر فی الكتاب إبراهام (و أ راغب أنت عن آلهتی یا إبراهام) [مریم:
46]، (و من ذریة إبراهام) [مریم: 58]، و قوله و آخر ما فی العنكبوت أراد (و لما جاءت رسلنا إبراهام) [العنكبوت: 31]، و احترز بقوله و آخر عما قبله و هو و إبراهیم إذ قال لقومه و قوله تنزلا حال و قوله و فی النجم و الشوری و فی الذاریات و الحدید یرید (و إبراهام الذی و فی) [النحل: 12]، بالنجم (و ما وصینا به إبراهام) [الشوری: 13]، (و هل أتاك
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 182
حدیث ضیف إبراهام) [الذاریات: 24]، (و لقد أرسلنا نوحا و إبراهام) [الحدید:
26]، و قوله و یروی فی امتحانه الأولا یرید الأول بالممتحنة و هو قوله تعالی: (أسوة حسنة فی إبراهام) [الممتحنة: 4]، و احترز بقوله الأول مما بعده و هو قوله إلا قوال إبراهیم فهذه ثلاثة و ثلاثون قرأها هشام بالألف و قرأ ما عداها بالیاء و قرأ الباقون بالیاء فی جمیع القرآن و قوله و وجهان فیه أی فی لفظ إبراهیم لابن ذكوان هاهنا أی بالبقرة یعنی أن ابن ذكوان قرأ جمیع ما فی البقرة من لفظ إبراهیم بوجهین أحدهما بالألف كهشام و الثانی بالیاء كالجماعة فإن قیل من أین تؤخذ قراءة الجماعة بالیاء بعد الهاء. قیل لما قرأ هشام بالألف و بالفتح، و ضد الفتح الكسر و یلزم من الكسر قبل الألف قلبها یاء فتكون قراءة الجماعة إبراهیم بها مكسورة بعدها یاء و قوله و اتخذوا بالفتح عم أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر قرآ وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِیمَ [البقرة: 125]، بفتح الخاء فتعین للباقین القراءة بكسرها و قوله و أوغلا أی أمعن فی الإیغال، و هو السیر السریع:
و أرنا و أرنی ساكنا الكسر دم یداو فی فصّلت یروی صفا درّه كلا
و أخفاهما طلق و خفّ ابن عامرفأمتعه أوصی بوصیّ كما اعتلا أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الیاء فی قوله دم یدا و هما ابن كثیر و السوسی قرآ قوله تعالی: وَ أَرِنا مَناسِكَنا [البقرة: 128]، و أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النساء: 153]، و أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ [الأعراف: 143]، بسكون الكسر فقید القراءتین. ثم أخبر أن المشار إلیهم بالیاء و الصاد و الدال و الكاف فی قوله یروی صفا دره كلا و هم السوسی و شعبة و ابن كثیر و ابن عامر فعلوا ذلك فی سورة فصلت فی قوله تعالی: أَرِنَا الَّذَیْنِ أَضَلَّانا [فصلت:
29]، ثم أخبر أن المشار إلیه بالطاء فی قوله طلق و هو الدوری قرأ بإخفاء الكسر فی أرنا و أرنی حیث وقعا و أراد بالإخفاء الاختلاس الذی تقدم ذكره فی بارئكم و یأمركم و تعیین للباقین القراءة فی الجمیع بإتمام كسرة الراء. ثم أخبر أن ابن عامر قرأ فأمتعه بتخفیف التاء و یلزم من ذلك سكون المیم و تعین القراءة بتثقیل التاء و یلزم من ذلك فتح المیم. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الألف فی قوله كما اعتلا و هما ابن عامر و نافع قرآ و أوصی بها إبراهیم بألف بین الواوین و قراءة الباقین و وصی بغیر ألف علی ما لفظ به فی القراءتین و قوله دم أی أبق و الید النعمة و القوة و الروایة فی البیت یروی بضم الیاء و بكسر الواو من الری و صفا قصر للوزن و دره من در اللبن، و كلا جمع كلیة، و طلق سمح و اعتلا: ارتفع.
و فی أم یقولون الخطاب كما علاشفا و رءوف قصر صحبته حلا أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و العین و الشین فی قوله كما علی شفا و هم ابن عامر و حفص و حمزة و الكسائی قرءوا أم یقولون إن إبراهیم بالخطاب فتعین للباقین القراءة بالغیب ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحبته و بالحاء من حلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة و أبو عمرو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 183
قرءوا رءوف بالقصر أی بوزن فعل حیث وقع فتعین للباقین القراءة بالمد علی وزن فعول و ذلك نحو أن اللّه بالناس لرءوف رحیم بالمؤمنین رءوف رحیم و نطق به فی البیت ممدودا و أراد بالقصر حذف حرف المد.
و خاطب عمّا یعملون كما شفاو لام مولّیها علی الفتح كمّلا أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الشین فی قوله كما شفا و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی قرءوا عما یعملون و لئن أتیت بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب و علم أنه الذی بعده و لئن أتیت لوقوعه بعد ترجمة رءوف لأنه فی الآیة التی بعدها ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف فی قوله كملا و هو ابن عامر قرأ و لكل وجهة هو مولاها بفتح اللام و انقلبت الیاء ألفا فتعین للباقین القراءة بكسر اللام و بعدها یاء ساكنة و اللّه أعلم.
و فی یعملون الغیب حلّ و ساكن‌بحرفیه یطّوّع و فی الظّاء ثقّلا
و فی التّاء یاء شاع و الریح وحّداو فی الكهف معها و الشّریعة وصّلا
و فی النّمل و الأعراف و الرّوم ثانیاو فاطر دم شكرا و فی الحجر فصّلا
فی سورة الشّوری و من تحت رعده‌خصوص و فی الفرقان زاكیه هلّلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من قوله حلا و هو أبو عمرو قرأ عما یعملون و من حیث خرجت بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و علم أنه الذی بعده و من حیث خرجت لأنه الواقع بعد مولاها ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِیمٌ [البقرة: 158]، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ [البقرة: 184]، فی الموضعین بسكون العین و تثقیل الطاء و بالیاء فی مكان التاء و بدأ بالتقیید فی العین ثم قال و فی الطاء ثم التاء علی حسب ما تأتی له فحصل مما ذكر أن حمزة و الكسائی یقرءان بالیاء معجمة الأسفل و تشدید الطاء و سكون العین و أن الباقین یقرءون بالتاء معجمة الأعلی و تخفیف الطاء و فتح العین ثم أشار إلی حمزة و الكسائی بالضمیر العائد علیهما فی قوله واحدا فأخبر أنهما قرآ بالتوحید فی هذه السورة (و تصریف الریح) [البقرة:
164]، و بالكهف (تذروه الریح) [الكهف: 45]، و بالشریعة و تصریف الریح فتعین للباقین أن یقرءوا الریاح بالجمع و قوله و فی الكهف معها أی فی الكهف معها أی فی سورة الكهف مع سورة البقرة و الشریعة و هی سورة الجاثیة وصلا أی وصلا التوحید ثم أخبر أن المشار إلیهم بالدال و الشین فی قوله دم شكرا و هم ابن كثیر و حمزة و الكسائی قرءوا بالتوحید فی النمل فی قوله تعالی (و من یرسل الریح) [النمل: 63]، و فی الأعراف (و هو الذی یرسل الریح) [الأعراف: 57]، الثانی من الروم (اللّه الذی یرسل الریح) [الروم: 48]، و فی فاطر (اللّه الذی أرسل الریح) [فاطر: 9]، فتعین للباقین القراءة بالجمع و قید الذی فی الروم بالثانی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 184
احترازا من الذی قبله (یرسل الریاح مبشرات) [الأعراف: 57]، فإنه لا خلاف فی قراءته بالجمع و قوله دم شكرا مقلوب أی اشكر دائما ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فصلا و هو حمزة قرأ فی الحجر (و أرسلنا الریح) [الحجر: 22]، لواقح بالتوحید و قرأه الباقون بالجمع ثم أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خصوص و هم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا بالتوحید فی سورة الشوری إِنْ یَشَأْ یُسْكِنِ الرِّیحَ [فاطر: 9]، و فی السورة التی تحت الرعد یعنی فی سورة إبراهیم اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ [الروم: 46]، فتعین للباقین القراءة فی الموضعین فی الشوری و إبراهیم بالجمع ثم أخبر أن المشار إلیهما بالزای و الهاء فی قوله زاكیه هللا و هما قنبل و البزی قرآ فی الفرقان یرسل الریح نشرا بالتوحید فتعین للباقین القراءة بالجمع و جملة الكلم الذی وقع فیها الخلاف إحدی عشرة كلمة فی إحدی عشرة سورة فإذا تأملت مذاهب القراء فی ذلك وجدت نافعا یقرأ بالجمع فی الجمیع و ابن كثیر یقرأ بالجمع فی الثلاثة المذكورة فی البیت الأول و فی الحجر و أبا عمرو و ابن عامر و عاصما قرءوا بالجمع فی الجمیع فیما عدا إبراهیم و الشوری و حمزة قرأ بالجمع فی الفرقان و الكسائی قرأ بالجمع فی الحجر و الفرقان و اتفقوا علی توحید ما بقی من القرآن من لفظه و هو ستة مواضع و هی قاصِفاً مِنَ الرِّیحِ [الإسراء: 69]، بسبحان وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ [الروم: 51]، بالأنبیاء أَوْ تَهْوِی بِهِ الرِّیحُ [الحج: 31]، وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ [سبأ: 12]، فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّیحَ [ص: 36]، (و الریح العقیم) [الذاریات: 41]، و لا خلاف فی توحید ما لیس فیه ألف و لام نحو و لئن أرسلنا ریحا، و الزاكی: الطهر و المبارك: الكثیر، و الهاء للتوحید و هللا قال: لا إله إلا اللّه.
و أیّ خطاب بعد عمّ و لو تری‌و فی إذ یرون الیاء بالضّم كلّلا أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و أبو عامر قرآ و لو تری الذین ظلموا بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بالغیب ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف فی قوله كللا و هو ابن عامر قرأ إذ یرون بضم الیاء فتعین للباقین القراءة بفتحها، و أتی بالرمز بین التقیید و حرف القرآن لأنه الكثیر و لم یلتزم لذكره موضعا كما تقدم و أی خطاب بعد أی بعد مسألة الریح و معنی كللا أی صورت الضمة علی الیاء فصارت كالإكلیل علیها، و الإكلیل: عصابة من الجوهر تلبسها الملوك.
و حیث أتی خطوات الطّاء ساكن‌و قل ضمّه عن زاهد كیف رتّلا أخبر أن الطاء فی قوله تعالی وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ [البقرة: 168]، ساكتة و حیث أتی أی و حیث وقع خطوات فالطاء فیه ساكنة لكل القراء إلا المشار إلیهم بالعین و الزای و الكاف و الراء فی قوله عن زاهد كیف رتلا و هم حفص و قنبل و ابن عامر و الكسائی فإنهم قرءوا بضم الطاء، و هی خمسة مواضع فی القرآن و قید القراءتین معا لأن تقیید
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 185
إحداهما لا یدل علی تقیید الأخری و أشار بقوله عن زاهد إلی عدالة نقلته كیف رتلا أی كیفما قرأ فإنه بضم الطاء.
و ضمّك أولی السّاكنین لثالث‌یضمّ لزوما كسره فی ند حلا
قل ادعوا أو انقص قالت اخرج أن اعبدواو محظورا انظر مع قد استهزئ اعتلا
سوی أو و قل لابن العلا و بكسره‌لتنوینه قال ابن ذكوان مقولا
بخلف له فی رحمة و خبیثةو رفعك لیس البرّ ینصب فی علا یعنی إذا كان آخر الكلمة ساكنا و لقی ساكنا من كلمة أخری و هو فاء فیل و كان الحرف الثالث من الكلمة الثانیة مضموما ضما لازما فإن ذلك الساكن الأول یضم لمن یذكر الكسر له سواء كان تنوینا أو غیره و یكسر للمشار إلیهم بالفاء و النون و الحاء فی قوله فی ند حلا و هم حمزة و عاصم و أبو عمرو و الساكن الأول فی القرآن من أحد حروف التنود و هی اللام و التاء و النون و التنوین و الواو و الدال و قوله قُلِ ادْعُوا مثال اللام فاللام من قل ساكنة التقت بالدال من ادعوا و هی ساكنة أیضا. فوجب تحریك اللام لاجتماع الساكنین فمن حركها بالكسر، فعلی الأصل فی حكم التقاء الساكنین و من ضمها أتبعها ضمة العین اللازمة و الدلیل علی لزوم ضمة العین أنك تقول تدعوا و یدعوا و أدعوا فتجد العین مضمومة فی الفعل المستقبل و فعل الأمر علی أصل البناء و لا یتغیر و العین فی قوله ادعوا ثالثة باعتبار وجود ألف الوصل فی حال الابتداء و كذلك باقی الأمثلة، و أراد بل ادعوا حیث كان و هو بالأعراف قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ [الأعراف: 195] و بالإسراء موضعان قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ [الإسراء: 56]، قُلِ ادْعُوا اللَّهَ [الإسراء: 110]، و بسبإ قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ [سبأ: 22]، و بیونس قُلِ انْظُرُوا [یونس: 101]، ثم أتی بمثال الواو فقال:
أو انقص، یعنی أَوِ انْقُصْ مِنْهُ [المزمل: 3]، أو اخرجوا من دیاركم بالنساء أو ادعوا الرحمن بالإسراء و لا رابع لها. و التاء قالت اخرج علیهن بیوسف و لیس غیره و إنما ذكر هذا الأصل هنا لأن أوله فمن اضطر و لم یتفق التمثیل به و أغنی عنه قوله أن اعبدوا اللّه و هو مثال النون و مثله أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: 66]، وَ أَنِ احْكُمْ [المائدة: 49]، و لكن انظر (و أن أشكر) [لقمان: 12]، (و أن أغدوا علی حرثكم) [القلم: 22]، و مثال التنوین محظورا انظر و أول وقوع التنوین بالنساء فتیلا انْظُرْ [النساء: 5]، و بالأنعام مُتَشابِهٍ انْظُرُوا [ق:
42]، و بالأعراف بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، و بیوسف مُبِینٍ اقْتُلُوا و بإبراهیم خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ و بالحجر وَ عُیُونٍ ادْخُلُوها بالإسراء محظورا انظر و هو المثال و فیها مَسْحُوراً انْظُرْ كَیْفَ ضَرَبُوا [الفرقان: 9]، و فی الفرقان مَسْحُوراً [الفرقان: 8]، انْظُرْ و بص و عَذابٌ [ص: 26]، ارْكُضْ [الأنعام: 11]، و بق مُنِیبٍ [ق: 8]، ادْخُلُوها [ق: 34]، و أما عزیر ابن فإن ضمة النون فیه عارضة و الذی نوّنه اثنان عاصم و الكسائی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 186
و كلاهما بكسر التنوین فأما عاصم فعلی أصله و أما الكسائی فلأجل عروض الضمة فی ابن و مثال الدال و لقد استهزئ و هو بالأنعام و الرعد و الأنبیاء و وصف الضم باللزوم احترازا من العارض فإن الساكن الأول لم یكن فیه إلا الكسر نحو أن امشوا و أصله أن امشیوا كاضربوا إلا أنك إذا أمرت الواحد أو الاثنین قلت امش و امشیا فتجد الشین مكسورة فتعلم أن الضمة عارضة و كذلك أن اتقوا اللّه و أن امرؤ و نحوه الضمة فیه عارضة و ضابط اللازم أن تكون الألف التی تدخل علی الساكن الثانی إذا ابتدئ بها ابتدئ بالضم نحو أدعوا أنقص أخرج أستهزئ بخلاف اتقوا اللّه و نحوه فإنه یبتدأ بالكسر و فی نحو قل الروح یبتدأ بالفتح و قوله سوی أو و قل لابن العلا أخبر أن أبا عمرو بن العلاء استثنی الواو من أو و اللام من قل حیث وقعا نحو أو ادعوا الرحمن و قل انظرا فقرأ فیها بالضم و أخبر أن ابن ذكوان كسر التنوین و أن عنه فی برحمة ادخلوا الجنة و خبیثة اجتثت الكسر و الضم و قرأ عاصم و حمزة بكسر الساكن الأول فی جمیعه سواء كان تنوینا أو غیره و قرأ أبو عمرو بكسر ذلك كله سوی أو و قل فإنه یضم فیهما و قرأ ابن ذكوان بكسر التنوین لا غیر و عنه خلاف فی برحمة و خبیثة و قرأ الباقون بالضم فی الجمیع و قوله و رفعك لیس البر أخبر أن لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ [البقرة:
177]، یرفع راؤه لكل القراء إلا حمزة و حفصا فإنهما قرآ بنصب الراء و أشار إلیهما بالفاء و العین فی قوله فی علا و لا خلاف فی و لیس البر بأن تأتوا البیوت أنه بالرفع و لا یرد علی الناظم لأنه قال لیس البر واو و هذا بالواو.
و لكن خفیف و ارفع البرّ عمّ فیهما و موصّ ثقله صحّ شلشلا أخبر أن المشار إلیهما بقوله عم و هما نافع و ابن عامر قرآ و لكن البر من آمن باللّه و لكن البر من اتقی بتخفیف نون و لكن و كسرها و رفع البر فی الموضعین فتعین للباقین القراءة بتشدید النون و فتحها و نصب الراء فیهما ثم أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و الشین فی قوله صح شلشلا و هم شعبة و حمزة و الكسائی قرءوا فمن خاف من موص بتثقیل الصاد و من ضرورة تشدیدها فتح الواو و تعین للباقین القراءة بتخفیف الصاد و من ضرورة تخفیفها سكون الواو و قوله شلشلا أی خفیفا.
و فدیة نون و ارفع الخفض بعد فی‌طعام لدی غصن دنا و تذلّلا
مساكین مجموعا و لیس منوّناو یفتح منه النّون عمّ و أبجلا أمر بتنوین فدیة و رفع الخفض بعد أی الخفض فی طعام الذی بعد فدیة للمشار إلیهم باللام و العین و الدال فی قوله لدی غصن دنا و هم هشام و أبو عمرو و الكوفیون و ابن كثیر فتعین للباقین ترك تنوین فدیة و خفض طعام لأنه نص لهم علی الخفض و معنی غصن دنا و تذللا أی قرب و سهل ثم أمر بقراءة مساكین بالجمع و ترك التنوین و فتح النون للمشار إلیهما بقوله عم و هما نافع و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بالإفراد و إثبات التنوین و كسر النون
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 187
فصار نافع و ابن ذكوان بالإضافة و الجمع و هشام بالتنوین و الجمع و الباقون بالتنوین و التوحید فمن جمع فتح المیم و السین و النون و أثبت ألفا و من وحد كسر المیم و النون و نوّنها و حذف الألف فتسكن السین و أبجلا كفی یقال أبجله الشی‌ء إذا كفاه.
و تقل قران و القران دواؤناو فی تكملوا قل شعبة المیم ثقّلا أخبر أن المشار إلیه بالدال فی قوله دواؤنا و هو ابن كثیر قرأ بنقل حركة همزة القرءان الاسم إلی الراء قبلها و حذفها سواء كان معرفة أو نكرة وصلا و وقفا حیث جاء نحو الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ [البقرة: 18]، و (ائت بقرآن) [یونس: 15]، وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:
18]، وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ [الإسراء: 106]، وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ [طه: 114]، و جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ [القیامة: 17]، و بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِیدٌ [البروج: 21]، فإنه لما قال: و نقل قران و القرآن فكأنه قال مجردا عن اللام و غیر مجرد و نبه بظاهر اللفظ علی أن نقل القرآن عن الأئمة و روایته دواؤنا و تعین للباقین القراءة بإثبات الهمزة و سكون الراء ثم أخبر أن شعبة راوی عاصم قرأ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ [البقرة: 185]، بتشدید المیم و من ضرورة تثقیلها فتح الكاف فتعین للباقین القراءة بتخفیف المیم و إسكان الكاف.
و كسر بیوت و البیوت یضمّ عن‌خمی جلّة وجها علی الأصل أقبلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الحاء و الجیم فی قوله عن حمی جلة و هم حفص و أبو عمرو و ورش ضموا كسر البیوت حیث جاء معرفة أو نكرة نحو قوله تعالی بأن تأتوا البیوت و بیوت النبی و غیر بیوتكم و لا تدخلوا بیوتا و تعین للباقین الكسر و وجه قراءة الضم أنها جاءت علی الأصل فی الجمع كقلب و قلوب و لهذا قال وجها علی الأصل و وجه قراءة الكسر مجانسة الیاء استثقالا لضمة الیاء بعد ضمة و هی لغة معروفة.
و لا تقتلوهم بعده یقتلوكموفإن قتلوكم قصرها شاع و انجلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین فی قوله شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ و لا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتی یقتلوكم فیه فإن قتلوكم بفتح تاء الأول و یاء الثانی و إسكان قافیهما و ضم ما بعدهما و حذف ألف الثلاثة كما لفظ بها و قرأ الباقون بضم أولی الأولیین و فتح قافیهما و كسر ثالثهما و ألف فی الثلاثة بین القاف و التاء و لا خلاف فی فاقتلوهم أنه بغیر ألف، و معنی شاع و انجلی، أی اشتهر القصر و انكشف.
و بالرّفع نوّنه فلا رفث و لافسوق و لا حقّا وزان مجمّلا أمر بالرفع و التنوین فی قوله فلا رفث و لا فسوق للمشار إلیهما بقوله حقا و هما ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بالنصب و ترك التنوین و أتی بقوله و لا بعد فسوق لإقامة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 188
وزن البیت و لا خلاف فی و لا جدال أنه بالفتح و معنی زان مجملا أی زان الرفع و التنوین روایة، و اللّه أعلم.
و فتحك سین السّلم أصل رضی دناو حتی یقول الرّفع فی اللّام أوّلا أخبر أن المشار إلیهم بالهمز و الراء و الدال فی قوله أصل رضا دنا و هم نافع و الكسائی و ابن كثیر قرءوا قوله تعالی ادخلوا فی السلم بفتح السین فتعین للباقین القراءة بكسرها و أخر الذی بالأنفال و القتال إلی سورة الأنفال ثم أخبر أن المشار إلیه بهمزة أولا و هو نافع قرأ و زلزلوا حتی یقول الرسول برفع اللام فتعین للباقین القراءة بنصبها و معنی أولا أی أول الرفع بتأویل و هو بیان وجهه فی العربیة.
و فی التّاء فاضمم و افتح الجیم ترجع الأمور سما نصّا و حیث تنزّلا أمر بضم التاء و فتح الجیم فی ترجع الأمور للمشار إلیهم سما و بالنون فی قوله سما نصا و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و عاصم فتعین للباقین القراء بفتح التاء و كسر الجیم حیث تنزل فی جمیع القرآن.
و إثم كبیر شاع بالثّا مثلّثاو غیرهما بالباء نقطة اسفلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ قل فیهما إثم كثیر بالثاء و قوله مثلثا تقیید للثاء بكونها ذات ثلاث نقط لئلا تلتبس عند عدم النقط بغیرها ثم أخبر أن قراءة غیرهما أی غیر حمزة و الكسائی بالباء و قیدها بقوله نقطة أسفلا.
قل العفو للبصریّ رفع و بعده‌لأعنتكم بالخلف أحمد سهّلا أخبر أن البصری و هو أبو عمرو بن العلاء قرأ و یسألونك ما ذا ینفقون قل العفو برفع الواو فتعین للباقین نصبها و قوله و بعده لأعنتكم أی بعد العفو و أخبر أن أحمد البزی قرأ و لو شاء اللّه لأعنتكم بتسهیل الهمزة بین بین و بتحقیقها أیضا و هذا معنی قوله بالخلف فتعین للباقین القراءة بالتحقیق.
و یطهرن فی الطّاء السّكون و هاؤه‌یضمّ و خفّا إذ سما كیف عوّلا أخبر أن المشار إلیهم بسما و الكاف و العین فی قوله سما كیف عوّلا و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و حفص قرءوا و لا تقربوهن حتی یطهرن بسكون الطاء و ضم الهاء و تخفیفهما فتعین للباقین القراءة بفتح الطاء و الهاء و تشدیدهما و قوله إذ لیس برمز لاندراجه فی سما.
و ضمّ یخافا فاز و الكلّ أدغمواتضارر و ضمّ الرّاء حقّ و ذو جلا أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فاز و هو حمزة قرأ إلا أن یخافا بضم الیاء فتعین للباقین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 189
القراءة بفتحها ثم أخبر أن السبعة اتفقوا علی إدغام الراء الأولی من قوله تعالی لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها فی الراء الثانیة و أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو ضما الراء منه فتعین للباقین القراءة بفتحها و المراد الضم و الفتح فی الراء الثانیة لأن الأولی ساكنة مدغمة فی الراء المشددة لأن الراءین صارا كراء واحدة قوله و ذو جلا أی و ذو انكشاف و ظهور، و الدال و الجیم لیسا برمز.
و قصر أتیتم من ربا و أتیتمواهنا دار وجها لیس إلّا مبجّلا أخبر أن المشار إلیه بالدال من دار و هو ابن كثیر قرأ وَ ما آتَیْتُمْ مِنْ رِباً [الروم:
39]، و إذا سلمتم ما أتیتم بالمعروف هنا أی فی هذه السورة بالقصر و أراد بالقصر حذف الألف التی بعد الهمزة فتعین للباقین القراءة بالمد فی السورتین و القصر من باب المجی‌ء بمعنی فعلتم و المد من باب الإعطاء بمعنی أعطیتم و قوله لیس إلا مبجلا ما فیه رمز لأنه بعد الواو الفاصلة. و المبجل: الموقر.
معا قدر حرّك من صحاب و حیث‌یضمّ تمسّوهنّ و امدده شلشلا أمر بتحریك الدال من كلمتی قدر معا أی فی الموضعین للمشار إلیهم بالمیم و صحاب فی قوله من صحاب و هم ابن ذكوان و حفص و حمزة و الكسائی قرءوا علی الموسع قدره و علی المقتر قدره بفتح دالیهما فتعین للباقین إسكانهما لأن التحریك المطلق یحمل علی الفتح و ضده الإسكان علی ما تقرر و قوله و حیث جا یضم تمسوهن أی حیث جاء لفظ تمسوهن و هو فی القرآن فی ثلاثة مواضع موضعان فی هذه السورة و موضع فی الأحزاب یعنی أن المشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی قرآ تمسوهن حیث جاء بضم التاء و المد و أراد بالمد إثبات الألف بعد المیم فتعین للباقین القراءة بفتح التاء لأنه ضد الضم و القصر، و هو حذف الألف.
وصیّة ارفع صفو حرمیّه رضی‌و یبصط عنهم غیر قنبل اعتلا
و بالسّین باقیهم و فی الخلق بصطةو قل فیهما الوجهان قولا موصّلا أمر برفع و یذرون أزواجا وصیة للمشار إلیهم بالصاد و الراء و حرمی الواقع بینهما فی قوله: صفو حرمیه رضا، و هم شعبة و نافع و ابن كثیر و الكسائی فتعین للباقین القراءة بالنصب ثم قال و یبصط عنهم أی عن المذكورین و هم شعبة و نافع و ابن كثیر و الكسائی إلا قنبلا قرءوا و اللّه یقبض و یبصط بالصاد علی حسب ما لفظ به ثم أخبر أن الباقین قرءوا بالسین و هم قنبل و أبو عمرو و ابن عامر و حفص و حمزة ثم قال و فی الخلق بصطة. أخبر أن اختلافهم فی و زادكم فی الخلق بصطة بالأعراف كاختلافهم فی و یبصط بالبقرة فشعبة و نافع و الكسائی و البزی قرءوا بالصاد كما نطق به و الباقون قرءوا بالسین ثم قال و قل فیهما أی فی یقبض
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 190
و یبصط بالبقرة و فی الخلق بسطة بالأعراف الوجهان أی القراءة بالصاد و السین فی كل من الموضعین للمشار إلیهما بقاف قولا و میم موصلا و هما خلاد و ابن ذكوان و قوله موصلا أی منقولا إلینا و قید بسطة الذی بالأعراف بقوله فی الخلق احترازا من قوله تعالی: وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ [البقرة: 247]، فإن السبعة قرءوها بالسین من طریق القصید لأنها رسمت فی جمیع المصاحف بالسین.
یضاعفه ارفع فی الحدید و هاهناسما شكره و العین فی الكلّ ثقّلا
كما دار و اقصر مع مضعّفة و قل‌عسیتم بكسر السّین حیث أتی أنجلا أمر برفع فیضاعفه له و له أجر بالحدید و فیضاعفه له أضعافا هاهنا یعنی فی البقرة للمشار إلیهم بسما و بالشین فی قوله سما شكره و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و الكسائی فتعین لابن عامر و عاصم القراءة بنصب الفاء لأن النصب ضد الرفع ثم أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الدال فی قوله كما دار و هما ابن عامر و ابن كثیر قرآ بتشدید العین و حذف الألف فی كل مضارع یضاعف بنی للفاعل أو المفعول عری عن الضمیر أو اتصل به فبأی إعراب كان و اسم المفعول نحو وَ اللَّهُ یُضاعِفُ لِمَنْ یَشاءُ [البقرة: 261]، و یُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا [هود: 20]، وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً یُضاعِفْها [النساء:
40]، و یُضاعِفْهُ لَكُمْ [الحدید: 11]، و أَضْعافاً مُضاعَفَةً [آل عمران: 130]، و أراد بالقصر حذف الألف فتعین للباقین المد و هو إثبات الألف و تخفیف العین فصار فی البقرة و الحدید أربع قراءات ابن كثیر بالرفع و التشدید و ابن عامر بالنصب و التشدید و عاصم بالنصب و التخفیف و الباقون بالرفع و التخفیف و فیما عدا هذین الموضعین المذكورین قراءتان التشدید لابن عامر و ابن كثیر و التخفیف للباقین ثم أخبر أن المشار إلیه بهمزة الوصل فی قوله انجلی و هو نافع قرأ هل عسیتم إن كتب هاهنا و فهل عسیتم إن تولیتم بالقتال بكسر السین فتعین للباقین القراءة بفتح السین:
دفاع بها و الحجّ فتح و ساكن‌و قصر خصوصا غرفة ضمّ ذو و لا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خصوصا و هم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة: 251]، وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ [الحج: 40]، بفتح الدال و سكون الفاء و من ضرورة سكون الفاء أن لا یكون بعدها ألف و لكنه أشار إلیه بالقصر فتعین لنافع القراءة بكسر الدال و فتح الفاء و ألف بعدها علی ما لفظ به ثم أخبر أن المشار إلیهم بالذال فی قوله ذو، و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا غرفة بضم الغین فتعین للباقین القراءة بفتحها و غرفة فی التلاوة قبل دفاع فأوردهما كما أمكن:
و لا بیع نوّنه و لا خلّة و لاشفاعة و ارفعهنّ ذا أسوة تلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 191 و لا لغو لا تأثیم لا بیع مع و لاخلال بإبراهیم و الطّور وصّلا أمر بالقراءة فی قوله تعالی: لا بیع فیه و لا خلة و لا شفاعة هنا و یَأْتِیَ یَوْمٌ لا بَیْعٌ فِیهِ وَ لا خِلالٌ [إبراهیم: 31]، و كَأْساً لا لَغْوٌ فِیها وَ لا تَأْثِیمٌ [الطور: 23]، سبعتها بالرفع و التنوین للمشار إلیهم بالدال و الهمزة فی قوله ذا أسوة، و هم الكوفیون و ابن عامر و نافع فتعین لابن كثیر و أبی عمرو القراءة بالنصب و ترك التنوین و تسامح الناظم فی الضد لأن الفتح فی قراءتهما لیس نصبا بل هو بناء فمتی كانت القراءة دائرة بین حركة إعراب و بناء فلا بد من التسامح، إما فی الضد أو فی التصریح كما تقدم مرارا خلافا لاصطلاح البصریین فی التفرقة بین ألقاب حركات الإعراب و البناء و قوله وصلا أی وصل المذكور: أی نقل:
و مدّ أنا فی الوصل مع ضمّ همزةو فتح أتی و الخلف فی الكسر بجّلا أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله أتی و هو نافع مد النون من أنا فی الوصل إذا وقع بعدها همزة مضمومة و هو موضعان بالبقرة أَنَا أُحْیِی وَ أُمِیتُ [البقرة: 258]، و بیوسف أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِیلِهِ [یوسف: 45]، أو مفتوحة و هو عشرة مواضع وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِینَ [الأنعام: 163]، وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ [الأعراف: 188]، و أَنَا أَخُوكَ [یوسف:
69]، و أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا و أَنَا أَقَلَ [الكهف: 34]، و أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ [النمل: 39]، (و أنا آتیك به قبل یرتد إلیك طرفك) [النمل: 40]، وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ [غافر: 42]، فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ [الزخرف: 81]، و أنا أعلم بالامتحان فتعین للباقین القراءة بالقصر ثم أخبر أن المشار إلیه بالباء فی قوله بحلا و هو قالون مد أیضا مع الهمزة المكسورة بخلاف عنه و هو ثلاث مواضع إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِیرٌ وَ بَشِیرٌ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ [الأعراف: 188]، و إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِیرٌ مُبِینٌ [الشعراء: 115]، قالوا بالشعراء وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِیرٌ مُبِینٌ [الأحقاف: 9]، و قرأ الباقون بالقصر كأحد وجهی قالون و مراده بالمد زیادة ألف بعد نون أنا و علم أنه الألف من لفظه و قوله فی الوصل احترازا من حالة الوقف علی أنا لأن القراء كلهم اتفقوا علی إثبات الألف فی الوقف سواء وقع بعده همزة أو لا و علی حذفها فی الوصل مع غیر الهمزة نحو أنا ربكم الأعلی، و أنا علی ذلكم، و معنی بجل: وقر.
و ننشزها ذاك و بالرّاء غیرهم‌وصل یتسنّه دون هاء شمردلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال المعجمة فی قوله ذاك و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا كیف ننشزها بالزای المعجمة كلفظه و لما لم یكن فی ذلك دلالة علی القراءة الأخری قال و بالراء غیرهم یعنی أن غیر الكوفیین و ابن عامر قرءوا بالراء المهملة ثم أمر أن یقرأ لم یتسنه و انظر بغیر هاء فی الوصل للمشار إلیهما بالشین من شمردلا و هما حمزة و الكسائی فتعین لغیرهما القراءة بإثبات الهاء و اتفق السبعة علی إثباتها فی الوقف، و شمردلا: خفیف أو كریم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 192 و بالوصل قال اعلم مع الجزم شافع‌فصرهنّ ضمّ الصّاد بالكسر فصّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شافع و هما حمزة و الكسائی قرآ فلما تبین له قال اعلم بوصل همزة اعلم و جزمه فتعین للباقین القراءة بالقطع لأنه ضد الوصل و بالرفع لأنه ضد الجزم ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من قوله فصلا و هو حمزة قرأ فصرهن إلیك بكسر الصاد المضمومة فی قراءة الباقین، و قید اعلم بقال لیخرج سعیا و اعلم أن اللّه عزیز حكیم. و یعلم كسر همزة الوصل فی الابتداء و فتح همزة القطع فی الحالین من الإجماع، و الشفع: جعل الفرد زوجا:
و جزءا و جزء ضمّ الإسكان صف و حیثما أكلها ذكرا و فی الغیر ذو حلا أمر بوصف ضم الإسكان أی ضم الزای الساكنة فی جزء المنصوب و جزء المرفوع حیث جاء للمشار إلیه بالصاد من قوله صف و هو شعبة و قرأ الباقون بإسكانها و هو منصوبان و مرفوع علی كل جبل منهن جزءا هنا و جعلوا له من عباده جزءا بالزخرف و لكل باب منهم جزء مقسوم بالحجر و معنی صف أی اذكر و إنما قدم ذكر المنصوب لأجل الذی فی البقرة و قوله و حیثما أكلها ذكرا أی وصف ضم الإسكان فی أكلها حیثما وقع، یعنی أن المشار إلیهم بالذال من قوله ذكرا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا بضم الكاف فی أكل المضاف إلی ضمیر المؤنث حیثما جاء نحو فآتت أكلها ضعفین و أكلها دائم تؤتی أكلها كل حین و قوله و فی الغیر ذو حلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال و الحاء فی قوله ذو حلا و هم الكوفیون و ابن عامر و أبو عمرو ضموا الإسكان فی غیر ما أضیف إلی ضمیر المؤنث أی فی غیر أكلها یعنی ضموا الكاف فیما أضیف إلی ضمیر المذكر و إلی الظاهر أو لم یضف إلی شی‌ء نحو قوله مختلفا أكله و أكل خمط و نفضل بعضها علی بعض فی الأكل فتعین لمن لم یذكره الإسكان فی الجمیع فصار نافع و ابن كثیر بالإسكان فی الجمیع و أبو عمرو بإسكان أكلها فقط و ضم باقی الباب و الباقون بالضم فی الجمیع، و علم عموم جزءا المنصوب من ضم المرفوع إلیه لا من لفظه به:
و فی ربوة فی المؤمنین و هاهناعلی فتح ضمّ الرّاء نبّهت كفّلا أخبر أن المشار إلیهما بالنون و الكاف فی قوله نبهت كفلا و هما عاصم و ابن عامر قرآ فی المؤمنین أی فی سورة قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون: 1]، وَ آوَیْناهُما إِلی رَبْوَةٍ ذاتِ [المؤمنون: 50]، و هاهنا أی فی هذه السورة كمثل جنة بربوة بفتح ضم الراء فتعین للباقین القراءة بضم الراء فیهما علی ما عینه لهم، و كفل جمع كافل، و هو الضامن و الذی یعول غیره:
و فی الوصل للبزیّ شدّد تیمّمواو تاء توفی فی النّسا عنه مجملا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 193 و فی آل عمران له لا تفرّقواو الانعام فیها فتفرّق مثّلا
و عند العقود التّاء فی لا تعاونواو یروی ثلاثا فی تلقّف مثّلا أمر بتشدید التاء فی الوصل للبزی من أحد و ثلاثین موضعا باتفاق و بخلاف فی موضعین و أول المتفق علیه وَ لا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ [البقرة: 267]، وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعاً وَ لا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103]، و إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [النساء: 97]، وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ [المائدة: 20]، و السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ [الأنعام: 153]، فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ [الأعراف: 117]، و تَلْقَفْ ما صَنَعُوا [طه: 69]، فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ [الشعراء: 45]، و قوله فی الوصل احترازا من الوقف علی ما قبل هذه الكلمة التی فیها التاء فإن التاء فی حال الوقف لا تشدد لأحد من القراء لأن الحرف المشدد بحرفین أولهما ساكن و الساكن لا یبتدأ به فخص التشدید بحالة الوصل لیتصل الساكن المدغم بما قبله و الذی قبله علی ثلاثة أقسام: قسم قبله ساكن صحیح نحو هل تربصون بنا، و قسم قبله متحرك نحو الذین توفاهم الملائكة، و قسم قبله حرف مد نحو قوله تعالی: وَ لا تَیَمَّمُوا و عنهو تلهی فیحتاج القارئ إلی مد حرف المد قبله لوقوع التشدید بعده و أراد تیمموا علی هذه الصیغة فخرج عنه فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً [النساء: 43]، و خص تُوَفَّی بالنساء لیخرج نحو تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ [النحل: 32]، و قید فتفرق بالسورتین فخرج عنه و لا تفرقوا فیه كبر، و علم تعاونوا بلا فخرج عنه و تعاونوا علی البر و قوله عنه مجملا أی عن البزی جمیلا و قوله فتفرق مثلا أی أحصر التشدید فی تائها و قرأ الباقون بتخفیف التاء فی الجمیع و التخفیف حذف إحدی التاءین فتصیر تاء واحدة خفیفة، و لا خلاف فی الابتداء أنه بالتخفیف و قوله و یروی ثلاثا فی تلقف أی البزی، و مثلا جمع ماثل من قولهم تمثل بین یدیه إذا قام:
تنزّل عنه أربع و تناصرون نارا تلظّی إذ تلقّون ثقّلا
تكلّم مع حرفی تولّوا بهودهاو فی نورها و الامتحان و بعد لا
فی الأنفال أیضا ثمّ فیها تنازعواتبرّجن فی الأحزاب مع أن تبدّلا
و فی التّوبة الغرّاء قل هل تربّصون عنه و جمع السّاكنین هنا انجلی قوله: تنزل عنه أی عن البزی أی و شدد البزی ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِ [الحجر: 8]، و عَلی مَنْ تَنَزَّلُ الشَّیاطِینُ تَنَزَّلُ [الشعراء: 221]، و الرابع تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ [القدر: 4]، و ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ [الصافات: 25]، و ناراً تَلَظَّی [اللیل:
14]، وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی [اللیل: 1]، و إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ [النور: 15]، و لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ [هود: 105]، و فیها وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ [هود: 3]، و فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 194
قصة عاد فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ [هود: 57]، و فی نورها أی فإن تولوا فإنما علیه ما حمل فی سورة النور و ظاهروا علی إخراجكم أن تولوهم بالامتحان أی سورة الممتحنة و لا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا [الأنفال: 46]، وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ [الأحزاب: 33]، وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ [الأحزاب: 52]، و قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا [التوبة: 52]، و قوله عنه أی عن البزی أی شدد البزی جمیع ما ذكر و قرأ الباقون بالتخفیف فی ذلك كله و قید تولوا بالأنفال بوقوع لا قبله فقال و بعد لا احترازا من قوله تعالی: لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال: 23]، قوله و جمع الساكنین هنا انجلی أی انكشف و ظهر أی فیما تقدم من هذا الفصل لأن هل تربصون هو آخر موضع وقع فیه الجمع بین الساكنین علی غیر حدهما لأن ما یأتی بعد هذا من تشدید التاءات لم یقع فیه الجمع بین الساكنین إلا علی حدهما فإن قیل و ما حد اجتماع الساكنین، قیل اختلف النحاة فیه لكن المشهور منه أن یكون الأول منهما حرف مد و لین و الثانی مدغما نحو و لا تیمموا و منهم من أجاز الجمع إذا كان الثانی مدغما فیكون حدهما عنده إدغام الثانی فقط و علیه قراءة البزی فی بعض هذه التاءات، و منهم من قال أن یكون الأول حرف مد و لین فقط و علیه قراءة نافع فی محیای بإسكان الیاء بخلاف عن ورش و جملة المواضع التی وقع فیها الساكن علی غیر حده عشرة: هَلْ تَرَبَّصُونَ، وَ إِنْ تَوَلَّوْا [الأنفال: 40]، و فَإِنْ تَوَلَّوْا حرفی هود و إِذْ تَلَقَّوْنَهُ فَإِنْ تَوَلَّوْا بالنور و عَلی مَنْ تَنَزَّلُ و أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَ و أَنْ تَوَلَّوْهُمْ و ناراً تَلَظَّی و شَهْرٍ تَنَزَّلُ و قد قررنا فیما تقدم أن الساكن الذی قبل المدغم علی ثلاثة أقسام قسم قبله ساكن صحیح نحو هل تربصون و قسم قبله متحرك نحو الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ، و قسم قبله حرف مد نحو وَ لا تَیَمَّمُوا. ثم ذكر بقیة التاءات فقال:
تمیّز یروی ثمّ حرف تخیّرون عنه تلهّی قبله الهاء وصّلا
و فی الحجرات التّاء فی لتعارفواو بعد و لا حرفان من قبله جلا
و كنتم تمنّون الّذی مع تفكّهون عنه علی وجهین فافهم محصّلا الضمیر فی یروی یعود علی البزی أی و شدّد البزی التاء فی قوله تكاد تمیز بالملك و إن لكم فیه لما تخیرون بالقلم فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّی [عبس: 10] فی عبس قبله الهاء وصلا یعنی أن البزی یصل الهاء بواو علی أصله فیقع التشدید بعد حرف مد و هو الواو فتبقی مثل وَ لا تَیَمَّمُوا و شدد البزی أیضا التاء فی وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا بالحجرات و فیها وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ وَ لا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12]، فهذان موضعان كل منهما بعد لفظ و لا هما من قبل لِتَعارَفُوا فی سورة الحجرات فهذا آخر الكلمات المعدودة الإحدی و الثلاثین المشددة للبزی بلا خلاف فیها: سبعة بعد متحرك و أربعة عشر بعد حرف مد و عشرة بعد ساكن صحیح ثم ذكر موضعین آخرین مختل عنه فیهما و هما وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 195
[آل عمران: 143]، و فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة: 65]، و قوله عنه أی عن البزی فیهما وجهان التشدید و تركه. و اعلم أنه فی كلا الوجهین یصل میم الجمع أما إذا لم یشدد التاء فظاهر لوقوعها قبل محرك و أما إذا شدد التاء فیصلها كما وصل الهاء فی عنه تلهی و یزاد حرف المد مدّ الحجز كآمین فإن قیل لم ینص علی صلة المیم هنا كما فعل فی قوله عنه تلهی. قیل لا حاجة لذلك فإنه معلوم من موضعه و إنما احتاج إلی تتمة البیت فتممه بقوله قبله الهاء وصلا و قرأ الباقون بتخفیف التاء فی الباب كله. و قوله فافهم محصلا أی كن صاحب فهم فی حال تحصیلك العلم.
نعمّا معا فی النون فتح كما شفاو إخفاء كسر العین صیغ به حلا أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الشین فی قوله كما شفا و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی قرءوا إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِیَ و إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا یَعِظُكُمْ [النساء: 58]، بفتح النون و إلی الموضعین أشار بقوله معا و تعین للباقین القراءة بكسر النون ثم أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و الباء و الحاء فی قوله صیغ به حلا و هم شعبة و قالون و أبو عمرو قرءوا بإخفاء كسر العین و المراد بالإخفاء هنا اختلاس كسر العین فتعین للباقین القراءة بإتمام الكسر فصار ابن عامر و حمزة و الكسائی بفتح النون و كسر العین و ابن كثیر و ورش و حفص بكسر النون و العین و أبو عمرو و قالون و شعبة بكسر النون و اختلاس كسرة العین فتصیر بین الكسر و السكون.
و یا و نكفّر عن كرام و جزمه‌أتی شافیا و الغیر بالرّفع وكّلا أخبر أن المشار إلیهما بالعین و الكاف فی قوله عن كرام و هما حفص و ابن عامر قرآ وَ یُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَیِّئاتِكُمْ [البقرة: 371]، بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون و أن المشار إلیهم بالهمزة و الشین فی قوله أتی شافیا و هم نافع و حمزة و الكسائی قرءوا بجزم الراء فتعین للباقین القراءة برفعه و قوله و الغیر بالرفع و كلا زیادة بیان لأن الجزم ضده الرفع فی اصطلاحه فصار نافع و حمزة و الكسائی بالنون و الجزم و أبو عمرو و ابن كثیر و شعبة بالنون و الرفع و ابن عامر و حفص بالیاء و الرفع.
و یحسب كسر السّین مستقبلا سمارضاه و لم یلزم قیاسا موصّلا أخبر أن المشار إلیهم بسما و بالراء فی قوله سما رضاه و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و الكسائی قرءوا ما جاء من یحسب مستقبلا بكسر السین فتعین للباقین القراءة بفتحها فالتقیید واقع بالاستقبال مطلقا كما لفظ به و إنما قال مستقبلا لیشمل كل فعل مستقبل فی القرآن سواء كان بالیاء أو بالتاء متصل به ضمیر أو غیر متصل نحو یحسبهم الجاهل، وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا، وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ [الزخرف: 37]، و یَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ [النور: 39]، و أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ [الفرقان: 44]، و أَ یَحْسَبُ الْإِنْسانُ [القیامة: 36]، و (ا یحسب أن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 196
ماله) [الهمزة: 44]، و أشار بقوله و لم یلزم قیاسا مؤصلا إلی أن الكسر خرج عن القیاس المؤصل أی الذی جعل أصلا و القیاس أن مستقبل حسب یحسب بفتح السین.
و قل فأذنوا بالمدّ و اكسر فتی صفاو میسرة بالضّمّ فی السّین أصّلا أمر بمد الهمزة و كسر الذال للمشار إلیهما بالفاء و الصاد فی قوله فتی صفا و هما حمزة و شعبة قرآ فآذنوا بحرب من اللّه بالمد أی بفتح الهمزة و ألف بعدها و كسر الذال و أراد بالمد الألف بعد الهمزة و من ضرورتها فتح الهمزة و تعین للباقین القراءة بترك المد و سكون الهمزة و فتح الذال كلفظه ثم أخبر أن المشار إلیه بالهمزة من أصلا و هو نافع قرأ فَنَظِرَةٌ إِلی مَیْسَرَةٍ [البقرة: 280] بضم السین فتعین للباقین القراءة بفتحها.
و تصدّقوا خفّ نما ترجعون قل‌بضمّ و فتح عن سوی ولد العلا أخبر أن المشار إلیه بالنون من نما و هو عاصم قرأ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَیْرٌ لَكُمْ [البقرة:
280] بتخفیف الصاد فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و أن القراء كلهم إلا أبا عمرو بن العلاء قرءوا وَ اتَّقُوا یَوْماً تُرْجَعُونَ فِیهِ [البقرة: 281] بضم التاء و فتح الجیم فتعین لابن العلاء القراءة بفتح التاء و كسر الجیم.
و فی أن تضلّ الكسر فاز و خفّفوافتذكر حقّا و ارفع الرّا فتعدلا أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فاز و هو حمزة قرأ إن تضل بكسر الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو خففا فتذكر فتعین للباقین القراءة بتشدیده و أن المشار إلیه بالفاء من فتعدلا و هو حمزة رفع الراء فتعین للباقین القراءة بنصبها فصار حمزة بالكسر و التشدید و الرفع و أبو عمرو و ابن كثیر بالفتح و التخفیف و النصب و نافع و ابن عامر و عاصم و الكسائی بالفتح و التشدید و النصب. و إنما قال فتعدلا لأنه لا یستقیم مع كسر الهمزة و وجود الفاء إلا الرفع:
تجارة انصب رفعه فی النّسا ثوی‌و حاضرة معها هنا عاصم تلا أمر بنصب الرفع فی تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29]، للمشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون ثم أخبر أن عاصما قرأ بنصب تجارة هنا و نصب معها حاضرة فقوله و حاضرة معها هنا أی انصب حاضرة مع تجارة هنا أی فی سورة البقرة لعاصم، فتعین لمن لم یذكره القراءة بالرفع فی المواضع الثلاثة كما قیده لهم. و ثوی: أقام:
و حقّ رهان ضمّ كسر و فتحةو قصر و یغفر مع یعذّب سما العلا
شذا الجزم و التّوحید فی و كتابه‌شریف و فی التّحریم جمع حمی علا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 197
283] بضم كسر الراء و ضم فتح الهاء و القصر أی بضم الراء و الهاء من غیر ألف فتعین للباقین القراءة بكسر الراء و فتح الهاء و المد كلفظه و المراد بالمد إثبات الألف بعد الهاء ثم أخبر أن المشار إلیهم بسما و بالشین من شذا الجزم و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و الكسائی قرءوا فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ [البقرة: 284] بجزمهما فتعین للباقین القراءة برفعهما و ألف العلا لیس برمز لاندراج نافع فی سما. ثم خبر أن المشار إلیهما بالشین من شریف و هما حمزة و الكسائی قرآ فی هذه السورة و كتابه و رسله بالتوحید فتعین للباقین أن یقرءوا و كتبه و رسله علی الجمع ثم أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و العین فی قوله حمی علا و هما أبو عمرو و حفص قرآ فی سورة التحریم وَ صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها [التحریم: 12]، و كتبه بالجمع و هو ضم الكاف و التاء من غیر ألف فتعین للباقین القراءة بالتوحید و هو كسر الكاف و فتح التاء و ألف بعدها.
و بیتی و عهدی فاذكرونی مضافهاو ربّی و بی منّی و إنّی معا حلا أخبر أن فی هذه السورة من یاءات الإضافة المختلف فی فتحها و إسكانها ثمان یاءات بَیْتِیَ لِلطَّائِفِینَ [الحج: 26]، و عَهْدِی الظَّالِمِینَ [البقرة: 124]، و فَاذْكُرُونِی أَذْكُرْكُمْ [البقرة: 152]، و رَبِّیَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ [البقرة: 258] و بِی لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُونَ [البقرة: 186]، و مِنِّی إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِیَدِهِ [البقرة: 249]، و إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ، و إِنِّی أَعْلَمُ غَیْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، و هما المشار إلیهما بقوله و إنی معا أی فی موضعین و قد تقدم شرح اختلاف القراء فی فتحها و إسكانها فی بابها فلا حاجة إلی إعادته، و أراد الناظم حصر ما فی كل سورة من یاءات الإضافة نصا علی أعیانها حیث ذكرها مجملا فی بابها حرصا علی بیانها لیأمن الطالب الالتباس نحو تزدری أعینكم و من ثم جردها عن الأحكام و نحن نسلك طریقته و لم یحتج إلی تعداد الزوائد لنصه علیها فی بابها واحدة واحدة و باللّه التوفیق.

سورة آل عمران‌

و إضجاعك التّوراة ما ردّ حسنه‌و قلّل فی جود و بالخلف بلّلا قد تقدم فی باب الإمالة أن مراده بالإضجاع الإمالة الكبری و مراده بالتقلیل الإمالة بین بین فأخبر أن المشار إلیهم بالمیم و الراء و الحاء فی قوله ما رد حسنه و هم ابن ذكوان و الكسائی و أبو عمرو أمالوا ألف التوراة إمالة محضة حیث كانت نحو وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ [آل عمران: 3]، وَ ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ [آل عمران: 65]، و قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ [آل عمران: 93]، و أن المشار إلیهما بالفاء و الجیم فی قوله فی جود و هما حمزة و ورش أمالاها بین بین و أن المشار إلیه بالباء من بللا و هو قالون اختلف عنه فیها فله الفتح و له
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 198
الإمالة بین بین فتعین لمن لم یذكره فی التراجم المتقدمة ضد الإمالة و هو الفتح. فإن قیل التوراة عام فی جمیع القرآن و القاعدة أن الفرش لا یعم إلا بقرینة تدل علی العموم و أین القرینة؟ قیل فی كلامه ما یدل علی العموم فیها فی جمیع القرآن، و بیانه من وجهین: الأول أن الألف و اللام للعموم و إن كانت لازمة فیها. الثانی أن الحكم یعم لعموم علته. و اعلم أن ألف التوراة منقلبة عن یاء و أمیلت لأنها بعد راء فهی كالألفات المشار إلیها بقوله. و ما بعد راء شاع حكما و رشح استعارة الجود بالبلل. و الجود: المطر الغزیر.
و فی تغلبون الغیب مع تحشرون فی‌رضا و ترون الغیب خصّ و خلّلا أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و الراء من قوله فی رضا و هما حمزة و الكسائی قرآ (قل للذین كفروا سیغلبون و یحشرون) [آل عمران: 12] بالیاء من تحت علی الغیب و أن المشار إلیهم بالخاء من خص و هم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا یرونهم مثلیهم بیاء الغیب أیضا فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة و بالتاء فوق للخطاب و أراد بقوله یرون یرونهم فحذف الضمیر للوزن و قوله خص و خللا معناه واحد و بالنظر إلی معنی الآیة یظهر معناهما، أی خص الغیب المقاتلین فی سبیل اللّه.
و رضوان اضمم غیر ثانی العقود كسره صحّ إنّ الدّین بالفتح رفّلا أمر بضم كسر راء رضوان حیث وقع إلا من اتبع رضوانه ثانی موضعی العقود للمشار إلیه بالصاد من صح و هو شعبة نحو: وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ [آل عمران: 15]، فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً [المائدة: 2]، یُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ [التوبة: 21].
وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ [محمد: 28]، فتعین للباقین القراءة بكسر الراء فی الجمیع علی حسب ما قید لهم و صار السبعة علی كسر من اتبع رضوانه باتفاق. ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من رفلا و هو الكسائی قرأ أن الدین عند اللّه الإسلام بفتح الهمزة فتعین للباقین القراءة بكسرها، و معنی رفلا عظم و أصله الزیادة، و منه ثوب مرفل. و الترفیل فی علم العروض: زیادة سبب خفیف آخرا.
و فی یقتلون الثّان قال یقاتلون حمزة و هو الحبر ساد مقتّلا أخبر أن حمزة قرأ (و یقاتلون الذین یأمرون بالقسط من الناس) [آل عمران: 21] بضم الیاء و فتح القاف و ألف بعدها و كسر التاء، و أن الباقین قرءوا و یقتلون الذین یفتح الیاء و إسكان القاف و ضم التاء بلا ألف علی ما لفظ به فی القراءتین و هو الفعل الثانی و لا خلاف فی الأول أنه و یقتلون النبیین بفتح الیاء و ضم التاء من غیر ألف من القتل علی ما جاء من نظائره و التقدیر قال أی قرأ حمزة یقاتلون مكان یقتلون بغیر ألف. و الحبر: العالم العظیم بفتح الحاء و كسرها و ساد من السیادة. و المقتل: المجرب للأمور یشیر إلی أن حمزة ساد فی زمانه علی من كان فیه لخبرته بهذا العلم.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 199 و فی بلد میت مع المیت خفّفواصفا نفرا و المیتة الخفّ خوّلا أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و بنفرا فی قوله صفا نفرا و هم شعبة و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا إلی بلد میت و لبلد میت و جمیع ما جاء من لفظ المیت نحو الحی من المیت و المیت من الحی بالتخفیف أی بسكون الیاء قال الدانی فی التیسیر الحی من المیت و المیت من الحی و إلی بلد میت و شبهه إذا كان قد مات أی الخلف وقع فی المیت و المیت هذین اللفظین حیث أتیا. ثم أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خولا و هم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا فی سورة یس وَ آیَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَیْتَةُ [یس: 33] بالتخفیف فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتشدید الیاء و لا شك أن إطلاق الناظم لفظ المیتة یلتبس علی المبتدئ بالمیتة و الدم فی المائدة و النحل أما الذی بالبقرة فلا یلتبس به لأنه تعداه و لم یذكره فدل علی أنه غیر مختلف فیه و قصر صفا ضرورة و نصب نفرا علی التمییز و قد استعمل هذا اللفظ بعینه فی موضعین آخرین أحدهما فی أواخر هذه السورة فی متم و متنا و قال فیه صفا نفر بالرفع علی الفاعلیة و الموضع الآخر فی آخر التوبة ترجئ همزه صفا نفر بالجر علی الإضافة. قوله خولا أی ملك. و قیل معناه حفظ، من خال الراعی یخول إذا: حفظ.
و میتا لدی الأنعام و الحجرات خذو ما لم یمت للكلّ جاء مثقّلا الواو عاطفة فاصلة أی خذ الحكم المتقدم و هو التخفیف، أمر بالأخذ بالتخفیف للمشار إلیهم بالخاء من خذ و هم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا بالأنعام أَ وَ مَنْ كانَ مَیْتاً [الأنعام: 122]، لَحْمَ أَخِیهِ مَیْتاً [الحجرات: 12] بتخفیف الیاء فتعین لنافع القراءة بالتشدید. ثم أخبر أن ما لم یمت ثقل لكل القراء أی قرءوا بالتشدید فیما لم یتحقق فیه صفة الموت نحو وَ ما هُوَ بِمَیِّتٍ [إبراهیم: 17]، و إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ [الزمر: 30]، و بَعْدَ ذلِكَ لَمَیِّتُونَ [المؤمنون: 15]، و كذلك أجمعوا علی تخفیف المیتة بالبقرة و المائدة و النحل و إلا أن یكون میتا بالأنعام و فیها و إن یكن میتة و بقاف فأحیینا به بلدة میتا و نحوه:
و كفّلها الكوفی ثقیلا و سكّنواوضعت و ضمّوا ساكنا صحّ كفّلا أخبر أن الكوفیین و هم عاصم و حمزة و الكسائی قرءوا و كفلها بالتثقیل أی بتشدید الفاء فتعین للباقین القراءة بتخفیفها. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالصاد و الكاف من صح كفلا و هما شعبة و ابن عامر قرآ بما وضعت بسكون العین و ضم سكون التاء فتعین للباقین القراءة بفتح العین و سكون التاء علی ما قید لهم، و علم أن السكون فی العین من اللفظ و قید الضم لخروجه عن القاعدة و قدم و كفلها علیها للوزن فانفصلت عن معمولها، و كفلا: جمع كافل.
و قل زكریّا دون همز جمیعه‌صحاب و رفع غیر شعبة الأوّلا أخبر أن المشار إلیهم بصاحب و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا زكریا حیث جاء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 200
بغیر همز یعنی بالقصر فتعین للباقین القراءة بالهمزة بعد الألف. ثم أخبر أن من عدا شعبة یعنی ممن قرأ بالمد و الهمز رفع زكریا الأول فتعین لشعبة نصبه فقرأ نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و كفلها بالتخفیف زكریا بالهمز و الرفع و شعبة بالتشدید و الهمز و النصب و الباقون بالتشدید و بألف من غیر همز و لا مد لأن من همز یمد قبل الهمز علی قاعدته فی باب المد، و أما ما عدا زكریا الأول فإن حمزة و الكسائی و حفصا قرءوا فیه بالقصر من غیر همز، و أن الباقین و هم شعبة و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا بالمد و الرفع.
و ذكّر فناداه و أضجعه شاهداو من بعد أنّ اللّه یكسر فی كلا أمر بالتذكیر و الإضجاع فی فناداه للمشار إلیهما بالشین من شاهدا و هما حمزة و الكسائی قرآ فناداه الملائكة بألف ممالة علی التذكیر و قرأ الباقون فنادته بالتاء المثناة فوق للتأنیث و لیس معه إمالة و قد تقدم أن مراده بالإضجاع الإمالة الكبری فأمالها علی أصلهما فی ذوات الیاء و نص علی الإمالة لینبه علی محل العلامة. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و الكاف من قوله فی كلا و هما حمزة و ابن عامر قرآ أن اللّه یبشر الواقع بعد فنادته بكسر الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها. و الكلا: الحفظ و الحراسة و هو ممدود قصره ضرورة، یقال كلأت كذا أی حفظته.
مع الكهف و الإسراء یبشر كم سمانعم ضمّ حرّك و اكسر الضّمّ أثقلا
نعم عمّ فی الشّوری و فی التّوبة اعكسوالحمزة مع كاف مع الحجر أوّلا لم یأت بالواو الفاصلة لعدم الریبة و قوله مع الكهف أی خذ فی هذه السورة من لفظ یبشر إذا كان فعلا مضارعا فالتقیید واقع به احترازا من كونه فعلا ماضیا مع ما فی سورة الكهف و الإسراء و جرده من الضمیر المتصل به لأن بعضه اتصل به ضمیر مخاطب مذكر و بعضه مؤنث و بعضه غائب فلو أتی به مع أحد هذه الضمائر لتوهم التقیید بذلك الضمیر و أمر بالتقیید المذكور و هو قوله ضم یعنی الیاء و حرك أی افتح الیاء و اكسر الضم یعنی الذی فی الشین أثقلا أی حالة كونه ثقیلا أی اقرأ للمشار إلیهم بالكاف من كم و بالنون من نعم و بسما الموسطة بینهما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و عاصم یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی [آل عمران: 39]، و یُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ [آل عمران: 45]، هنا وَ یُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ [الإسراء:
9]، وَ یُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِینَ [الكهف: 2] بضم الیاء و فتح الباء و كسر الشین و تشدیدها قوله نعم عم فی الشوری أی اقرأ للمشار إلیهم بالنون من نعم و یعم و هم عاصم و نافع و ابن عامر فی سورة الشوری ذلِكَ الَّذِی یُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ [الشوری: 23] بالتقیید المذكور و هو ضم الیاء و فتح الباء و كسر الشین و تشدیدها و قوله و فی التوبة اعكسوا إلی آخره، أمر القراء أن یقرءوا لحمزة یُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ [التوبة: 21]، و إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِیمٍ [الحجر: 53]، و یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ [مریم: 7]، و لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِینَ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 201
[مریم: 97]، بعكس التقیید المذكور أی بضده و هو فتح حرف المضارعة و إسكان الباء و ضم الشین و تخفیفها فصار نافع و ابن عامر و عاصم بتشدید التسعة و حمزة بتخفیفها و شدد ابن كثیر و أبو عمرو ثمانیة و خففا الشوری و خفف الكسائی بآل عمران و سبحان و الكهف و الشوری و شدد التوبة و الحجر و مریم و خفف حمزة التوبة و الحجر و مریم و مراده بالتوبة سورة براءة و عبر عن مریم بكاف لأنه أول هجائها فقال مع كاف أی مع سورة كهیعص و قید الحجر بالأول لیخرج بشرتمونی و فیم تبشرون فإنهما متفقا التشدید.
نعلّمه بالیاء نصّ أئمةو بالكسر إنّی أخلق اعتاد أفصلا أخبر أن المشار إلیهما بالنون و الهمزة فی قوله نص أئمة و هما عاصم و نافع قرآ و یعلمه الكتاب بالیاء المثناة تحت فتعین للباقین القراءة بالنون و أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله اعتاد و هو نافع قرأ إنی أخلق لكم بكسر الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها و قید إنی بكلمة أخلق لیخرج أنی قد و قوله أفصلا كمل به البیت.
و فی طائرا طیرا بها و عقودهاخصوصا و یاء فی نوفّیهمو علا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خصوصا و هم السبعة إلا نافعا قرءوا فیكون طیرا بإذن اللّه هنا و (فیكون طیرا بإذنی) [المائدة: 110] بیاء ساكنة بین الطاء و الراء و قرأ نافع طائرا بألف و همزة مكسورة و تمد الألف من أجلها فی الموضعین و ذلك علی حسب ما لفظ به فی القراءتین ثم أخبر أن المشار إلیه بالعین من علا و هو حفص قرأ فیوفیهم أجورهم بالیاء المثناة تحت فتعین للباقین القراءة بالنون، و أراد بقوله (و عقودها) سورة المائدة.
و لا ألف فی ها هأنتم زكا جناو سهّل أخا حمد و كم مبدل جلا أخبر أن المشار إلیهما بالزای و الجیم من قوله زكا جنا و هما قنبل و ورش قرآ هأنتم حیث جاء بلا ألف قبل الهمزة فتعین للباقین القراءة بألف بین الهاء و الهمز ثم أمر بتسهیل الهمزة للمشار إلیهما بالهمزة و الحاء فی قوله أخا حمد و هما نافع و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بتحقیق الهمزة. ثم أخبر أن كثیرا من أهل الأداء قرءا بإبدال الهمزة ألفا للمشار إلیه بالجیم من جلا و هو ورش فحاصله أن قالون و أبا عمرو قرءاها أنتم بألف بعد الهاء و همزة مسهلة بین بین بعد الألف و أن ورشا له وجهان تسهیل الهمزة بین بین و هو المعز و إلی البغدادیین و إبدالها ألفا و هو المعزوّ إلی المصریین كلاهما علی أثر الهاء و أن قنبلا قرأ الهمزة محققة إلی أثر الهاء و أن الباقین و هم البزی و ابن عامر و الكوفیون قرءوا بألف بعد الهاء و همزة محققة بعد الألف.
و لما انقضی كلامه فیما یرجع إلی اختلاف القراء فی ها أنتم أخذ یتكلم فی توجیه الهاء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 202
الموجودة فیه فقال:
و فی هائه التّنبیه من ثابت هدی‌و إبداله من همزة زان جملا
و یحتمل الوجهین عن غیرهم و كم‌وجیه به الوجهین للكل حمّلا
و یقصر فی التّنبیه ذو القصر مذهباو ذو البدل الوجهان عنه مسهّلا أخبر أن الهاء فی هأنتم للتنبیه عند المشار إلیهم بالمیم و الثاء و الهاء فی قوله من ثابت هدی و هم الكوفیون و ابن ذكوان و البزی و هی تدخل فی الكلام للتنبیه كما فی قولك هذا و هذه و هؤلاء و نحو ذلك و دخلت أیضا علی أنتم و وجه ذلك أن الهاء فی ها أنتم لو كانت مبدلة من همزة لم یدخلوا بینها و بین الهمزة ألفا لأن مذهب هؤلاء ترك إدخال الألف بین الهمزتین فلما وجدت الألف بعد الهاء حمل ذلك علی أنها ألف الهاء التی للتنبیه ثم قال و إبداله من همزة زان جملا. أخبر أن الهاء فی قراءة المشار إلیهما بالزای و الجیم فی قوله زان جملا و هما قنبل و ورش مبدلة من همزة و أن الأصل عندهما أ أنتم فأبدلا من الهمزة الأولی هاء كما یقولون إیاك و هیاك و لو كانت الهاء التی للتنبیه لوجد مع الهاء ألف و لیس عندهما فیها ألف ثم قال و یحتمل الوجهین عن غیرهم أی عن غیر هؤلاء المذكورین و هم قالون و أبو عمرو و هشام یحتمل فی قراءتهم أن تكون الهاء مبدلة من همزة و أن تكون الهاء التی للتنبیه دخلت علی أنتم و إنما احتمل الوجهان عن هؤلاء لأنهم قرءوا بألف بعد الهاء و هم علی أصولهم فی الهمزتین المفتوحتین یدخلون ألفا بین الهمزتین فلما وجدت عندهم الألف فی ها أنتم احتمل أن یكون الأصل عندهم أنتم ثم أبدلوا من الهمزة هاء و احتمل أن تكون الهاء التی للتنبیه دخلت علی أنتم ثم قال: و كم وجیه به الوجهین للكل حملا، أخبر أن جماعة من الأئمة ذوی الوجاهة فی العلم أجازوا للجمیع أن تكون الهاء مبدلة من همزة و تكون الهاء التی للتنبیه دخلت علی أنتم ثم قال و یقصر فی التنبیه ذو القصر مذهبا، أخبر أن من جعل الهاء للتنبیه قصر لمن مذهبه القصر فی المنفصل و مدّ لمن مذهبه المد لأنه یكون من باب ما انفصلت عنه الألف عن الهمزة لأن ها كلمة و أنتم كلمة ثم قال: و ذو البدل الوجهان عنه مسهلا، قال السخاوی یعنی ورشا لأن ذا البدل المسهل لا تجده إلا ورشا لأنه قال: و إبداله من همزة زان جملا و قنبل لا یسهل الهمزة هاهنا فبقی ورش له وجهان كما سبق فعلی قول من یسهل بین بین یأتی بهاء بعدها همزة مسهلة و علی قول من یسهل بالبدل له یأتی بهاء بعدها مدة طویلة لأجل الساكن بعدها و أراد بقوله مسهلا مذهبی ورش البدل و بین بین و مقصوده بذلك أن یفصله من قنبل.
و ضمّ و حرّك تعلمون الكتاب مع‌مشدّدة من بعد بالكسر ذلّلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذللا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا بضم التاء من
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 203
تعلمون الكتاب و تحریك العین أی فتحها مع كسر اللام و تشدیدها فتعین للباقین القراءة بفتح التاء و سكون العین مع فتح اللام و تخفیفها و قوله مشددة من بعد یعنی اللام مشددة بعد العین، و قوله: ذللا، أی قرب فی المعنی حتی فهمه كل واحد.
و رفع و لا یأمركمو روحه سماو بالتّاء آتینا مع الضّمّ خوّلا
و كسر لما فیه و بالغیب ترجعون عاد و فی تبغون حاكیه عوّلا أخبر أن المشار إلیهم بالراء من روحه و بسما و هم الكسائی و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا و لا یأمركم أن برفع الراء فتعین للباقین القراءة بنصبها و أن المشار إلیهم بالخاء من خولا و هم السبعة إلا نافعا قرءوا لما آتیتكم من كتاب بتاء مضمومة بین الیاء و الكاف بلا ألف و لفظ بقراءة نافع فقال آتینا یعنی آتیناكم بنون مفتوحة بعدها ألف ثم قال و كسر لما فیه. أخبر أن المشار إلیه بالفاء من قوله فیه و هو حمزة قرأ لما آتیتكم بكسر اللام فتعین للباقین القراءة بفتحها. ثم أخبر أن المشار إلیه بالعین من عاد و هو حفص قرأ و إلیه یرجعون بالیاء المثناة تحت للغیب فتعین للباقین القراءة بالتاء المثناة فوق للخطاب ثم قال و فی یبغون. أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و العین فی قوله: حاكیه عولا و هما أبو عمرو و حفص قرآ (أ فغیر دین اللّه یبغون بالغیب) [آل عمران: 83]، أیضا فتعین للباقین القراءة بالخطاب و لا یأمركم یقرأ فی البیت بسكون الراء و صلة المیم و هی الروایة و یقرأ بتحریك الراء و سكون المیم علی كف مفاعیلن و یجری أبو عمرو علی أصله فی الاختلاس و الإسكان لأنه مندرج فی قوله و إسكان بارئكم و یأمركم له. و الجاه الوزن إلی تقدیم آتیتكم علی لما و ترجعون علی تبغون و هما مؤخران و الهاء فی فیه تعود علی آتیتكم لأنه معه. و معنی حاكیه عولا. أی عول علیه حاكی الغیب.
و بالكسر حجّ البیت عن شاهد و غیب ما تفعلوا لن تكفروه لهم تلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الشین فی قوله عن شاهد و هم حفص و حمزة و الكسائی قرءوا وَ لِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ [آل عمران: 97]، بكسر الحاء و قرءوا أیضا وَ ما یَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ فَلَنْ یُكْفَرُوهُ [آل عمران: 115] بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بفتح حاء حج البیت و بتاء الخطاب فی تفعلوا و فلن تكفروه و الضمیر فی قوله لهم یعود علی حفص و حمزة و الكسائی، و تلا: تبع الغیب سابقه.
یضركم بكسر الضّاد مع جزم رائه‌سما و یضمّ الغیر و الرّاء ثقّلا أخبر أن المشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا لا یَضُرُّكُمْ كَیْدُهُمْ شَیْئاً [آل عمران: 120] بكسر الضاد و جزم الراء ثم بیّن قراءة الباقین فقال و یضم الغیر یعنی یضم الضاد لأن ضد الكسر الفتح لا الضم فاحتاج إلی بیانه و أما جزم الراء فیفهم منه أن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 204
القراءة الأخری بالرفع لأن الجزم ضده الرفع ثم أخبر أن الذین ضموا الضاد ثقلوا الراء یعنی بعد رفعها فقراءة الباقین بضم الضاد و ضم الراء و تشدیدها.
و فیما هنا قل منزلین و منزلون للیحصبی فی العنكبوت مثقلا یعنی أن الیحصبی و هو ابن عامر قرأ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِینَ [آل عمران:
124]، هنا أی فی هذه السورة و إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلی أَهْلِ هذِهِ الْقَرْیَةِ [العنكبوت: 34] بالتثقیل أی بتشدید الزای و لزم منه فتح النون فلزم الباقین القراءة بتخفیف الزای فیهما فلزم منه سكون النون، و قوله قل: بمعنی اقرأ.
و حقّ نصیر كسر واو مسوّمین قل سارعوا لا واو قبل كما انجلی أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالنون من نصیر و هم ابن كثیر و أبو عمرو و عاصم قرءوا مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِینَ [آل عمران: 125] بكسر الواو فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهما بالكاف و بهمز الوصل فی قوله كما انجلی و هما ابن عامر و نافع قرآ وَ سارِعُوا إِلی مَغْفِرَةٍ [آل عمران: 133] بلا واو عطف قبل أی قبل السین فتعین للباقین القراءة بإثبات الواو و یروی حق نصیر بإضافة حق إلی نصیر و بدون إضافة علی أنه صفة لحق.
و قرح بضمّ القاف و القرح صحبةو مع مدّ كائن كسر همزته دلا
و لا یاء مكسورا و قاتل بعده‌یمدّ و فتح الضّمّ و الكسر ذو ولا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا إِنْ یَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ [آل عمران: 140]، و من بعد ما أصابهم القرح بضم القاف فتعین للباقین القراءة بفتح قاف الثلاثة و لیس فی القرآن غیرها. و قوله: و مع مد كائن كسر همزته دلا و لا یاء مكسورا. أخبر أن المشار إلیه بالدال من دلا و هو ابن كثیر قرأ و كائن حیث جاء بألف و همزة مكسورة بین الكاف و النون من غیر یاء و أراد بالمد إثبات الألف فتعین للباقین القراءة بهمزة مفتوحة و یاء مكسورة مشددة بین الكاف و النون من غیر ألف و نطق بكائن فی البیت مجردة عن الواو و الفاء لیعم جمیع ما فی القرآن نحو و كائن من نبیّ و كائن من دابة فكائن من قریة ثم قال و قاتل بعده أی بعد لفظ كائن أخبر أن المشار إلیهم بالذال من قوله ذو و لا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا قاتل معه ربیون بالمد أی بألف قبل التاء و بعد القاف و فتح ضم القاف و فتح كسر الثاء فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بحذف الألف و ضم القاف و كسر التاء. و قوله: و لا بكسر الواو، أی متابعة.
و حرّك عین الرّعب ضمّا كما رساو رعبا و یغشی أنّثوا شائعا تلا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الراء فی قوله: كما رسا و هما ابن عامر و الكسائی حركا عین الرعب و رعبا بالضم، فتعین للباقین القراءة بالإسكان حیث جاء و هو خمسة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 205
مواضع: الأول سَنُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ كَفَرُوا الرُّعْبَ [آل عمران: 151] هنا و فی الأنفال وَ قَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ [الأحزاب: 26] و الحشر، وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً [الكهف:
18]، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شائعا و هما حمزة و الكسائی قرآ نعاسا تغشی بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر.
و قل كلّه للّه بالرّفع حامدابما یعملون الغیب شایع دخللا یعنی أن المشار إلیه بالحاء من قوله حامدا و هو أبو عمرو قرأ إن الأمر كله للّه برفع كله فتعین للباقین القراءة بنصب اللام و أن المشار إلیهم بالشین و الدال من قوله شایع دخللا و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر قرءوا بما یعملون الذی بعده بصیر بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب علم أن الخلاف فی یعلمون الذی بعده بصیر و لئن قتلتم لا الذی قبله بصیر من الترتیب لأنه بعد قوله تعالی كلّه للّه و قبل متم و بابه و المتفق بعدها لأن اصطلاح الناظم رحمه اللّه إذا كانت الكلمة المختلف فیها ذات نظیر مجمع علیه التزم الترتیب فعلم من ذكرها موضعها.
و متّم و متنا متّ فی ضمّ كسرهاصفا نفر وردا و حفص هنا اجتلا أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و بنفر فی قوله صفا نفر و هم شعبة و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا بضم كسر المیم من متم و متنا و مت حیث وقع نحو وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ [آل عمران: 157]، أَوْ مُتُّمْ [آل عمران: 157]، وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ [آل عمران: 185]، و أَ یَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ [المؤمنون: 35]، أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً [المؤمنون: 82]، و یَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُ [مریم: 66]، و أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [الأنبیاء: 34]، ثم قال و حفص هنا اجتلا أی و ضم حفص متم فی موضعی آل عمران و كسر میم البواقی فكمل عاصم فیها و تعین لنافع و حمزة و الكسائی كسر المیم فی الكل.
و بالغیب عنه تجمعون و ضمّ فی‌یغلّ و فتح الضّمّ إذ شاع كفّلا أخبر أن المشار إلیه بالضمیر فی عنه و هو حفص قرأ وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الشین و الكاف فی قوله إذ شاع كفلا و هم نافع و حمزة و الكسائی و ابن عامر قرءوا بضم الیاء فی و ما كان لنبی أن یغل فأخبر أن فتح الضم لهم یعنی فی الغین أی قرءوا یغل بضم الیاء و فتح الغین فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و ضم الغین علی ما قیده و عاد الضمیر إلی حفص لأنه أقرب مذكور فی البیت السابق.
بما قتلوا التّشدید لبّی و بعده‌و فی الحجّ للشّامی و الآخر كمّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 206 دراك و قد قالا فی الأنعام قتّلواو بالخلف غیبا یحسبنّ له و لا أراد بما قتلوا الواقع بعد یغلّ لأن الذی قبله لا خلاف فی تخفیفه و هو قوله تعالی:
لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا [آل عمران: 156]، و أخبر أن المشار إلیه باللام من لبی و هو هشام قرأ لو أطاعونا ما قتلوا بتشدید التاء فتعین للباقین القراءة بتخفیفها و قوله لبی أی أجاب بالتلبیة و قوله و بعده و فی الحج للشامی الواو عاطفة فاصلة، أخبر أن الشامی و هو ابن عامر قرأ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً [آل عمران: 169]، فی هذه السورة و ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا [الحج: 58] بتشدید التاء فتعین للباقین القراءة بتخفیف التاء فیهما و أراد بقوله و بعده وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ، الواقع بعد لو أطاعونا ما قتلوا فی التلاوة. و قوله و الآخر كملا دراك و قد قالا فی الأنعام، أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الدال فی قوله كملا دراك و هما ابن عامر و ابن كثیر قرآ و قتلوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ [آل عمران: 195] و هو الأخیر الذی فی هذه السورة و قَدْ خَسِرَ الَّذِینَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ [الأنعام: 140] بتشدید التاء فتعین للباقین القراءة فیهما بتخفیف التاء و الضمیر فی قالا عائد إلی ابن عامر و ابن كثیر. و قوله و بالخلف غیبا یحسبن له أخبر أن المشار إلیه باللام من له و هو هشام قرأ (و لا یحسبن الذین قتلوا فی سبیل اللّه أمواتا) [آل عمران:
169] بیاء الغیب بخلاف عنه فی ذلك و قرأ الباقون بتاء الخطاب كالوجه الثانی لهشام.
و الولا بفتح الواو: النصر.
و أنّ اكسروا رفقا و یحزن غیر الأنبیاء بضمّ و اكسر الضّمّ أحفلا أمر بكسر الهمزة من وَ أَنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِینَ [آل عمران: 171] للمشار إلیه بالراء من رفقا و هو الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتحها، ثم أخبر أن المشار إلیه بالهمز من أحفلا و هو نافع قرأ لفظ یحزن بضم الیاء و كسر الضم الذی فی الزای حیث جاء نحو وَ لا یَحْزُنْكَ الَّذِینَ [آل عمران: 176] و لَیَحْزُنُنِی أَنْ [یوسف: 13]، إلا لا یَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ [الأنبیاء: 103] فإنه بفتح الیاء و ضم الزای للسبعة كغیره. و قوله أحفلا: أی حافلا مهتما.
و خاطب حرفا یحسبنّ فخذ و قل‌بما یعملون الغیب حقّ و ذو ملا أی اقرأ للمشار إلیه بالفاء من قوله فخذ و هو حمزة (و لا تحسبن الذین كفروا) [النور: 57]، (و لا تحسبن الذین یبخلون) [آل عمران: 180] بتاء الخطاب فیهما فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب فیهما و قل بمعنی اقرأ أی للمشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو بِما یَعْمَلُونَ خَبِیرٌ [المجادلة: 37] لقد سمع اللّه بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب. و ذو ملا بفتح المیم: الأشراف.
یمیز مع الأنفال فاكسر سكونه‌و شدّده بعد الفتح و الضّمّ شلشلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 207
أمر فی حتی یمیز الخبیث من الطیب هنا و لِیَمِیزَ اللَّهُ الْخَبِیثَ [الأنفال: 37]، بكسر سكون الیاء الثانیة من یمیز. و تشدیدها بعد الفتح فی المیم و الضم فی الیاء الأولی، للمشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بسكون الیاء علی ما قید لهم بعد الكسر فی المیم و الفتح فی الیاء الأولی.
سنكتب یاء ضمّ مع فتح ضمّه‌و قتل ارفعوا مع یا نقول فیكملا أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فیكملا و هو حمزة قرأ سنكتب ما قالوا بیاء مضمومة مع فتح ضم التاء من سیكتب و قتلهم برفع اللام و یقول ذوقوا بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون مفتوحة مع ضم التاء من سنكتب و نصب اللام من قتلهم و بالنون فی و تقول و نبه بقوله فیكملا علی كمال تقیید قراءة حمزة بما ذكر و حذف ضمیر قتلهم للوزن.
و بالزّبر الشّامی كذا رسمهم و بالكتاب هشام و اكشف الرّسم مجملا أخبر أن الشامی و هو عبد اللّه بن عامر قرأ و بالزبر بالباء و أن رسم مصاحف الشام كذلك ثم أخبر أن هشاما قرأ و بالكتاب بالباء فتعین للباقین القراءة بغیر باء فیهما، و روی الدانی فی المقنع عن أبی الدرداء رضی اللّه عنه أن الباء ثابتة فی الموضعین للشامی. قال الأخفش إن الباء زیدت فی الإمام، أی فی مصحف الشام فی و بالزبر وحده و قال مكی فی الهدایة لم یرسم الثانی بالباء أصلا، قال الدانی روایة أبی الدرداء أثبت. قلت: و إلی هذا الاختلاف أشار بقوله و اكشف الرسم مجملا أی قائلا جمیلا. و قیل إنما اعتمد ابن عامر علی النقل و الروایة لا رسمه. و الوفاق اتفاق.
صفا حقّ غیب یكتمون یبیّنن لا تحسبنّ الغیب كیف سما اعتلا أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و بحق فی قوله صفا حق و هم شعبة و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا لیبیننه للناس و لا یكتمونه بیاء الغیب فیهما فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالكاف من كیف و بسما و هم ابن عامر و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا لا یحسبن الذین یفرحون بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب.
و حقّا بضمّ فلا یحسبنّهم‌و غیب و فیه العطف أو جاء مبدلا أخبر أن المشار إلیهما بقوله: و حقا و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ فلا یحسبنهم بمفازة بضم الباء و بالغیب فتعین للباقین القراءة بفتح الباء و بتاء الخطاب. و قوله: و فیه العطف أو جاء مبدلا توجیه قراءة ابن كثیر و أبی عمرو فذكر لهما وجهین: إما العطف علی الفعل الأول أو البدل.
هنا قاتلوا أخّر شفاء و بعد فی‌براءة أخّر یقتلون شمردلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 208
أمر بتأخیر قاتلوا هنا أی فی هذه السورة للمشار إلیهما بالشین من شفاء و هما حمزة و الكسائی قرآ وَ أُوذُوا فِی سَبِیلِی [آل عمران: 195]، و قتلوا و قاتلوا بتأخیر الممدود و تقدیم المقصور فتعین للباقین أن یقرءوا و قاتلوا و قتلوا بتقدیم الممدود علی المقصور. ثم أمر بتأخیر یقتلون فی سورة براءة للمشار إلیهما بالشین من شمردلا و هما حمزة و الكسائی قرآ أیضا فیقتلون و یقتلون بتقدیم المفعول علی الفاعل أی بفتح التاء بعد القاف فی الأول و ضمها فی الثانی. و قرأ الباقون بتقدیم الفاعل علی المفعول أی بضم التاء بعد القاف فی الأول و فتحها فی الثانی و قوله و بعد فی براءة أی بعد قاتلوا فی هذه السورة یعنی و مثله یقتلون فی سورة براءة. و الشمردل: الكریم.
و یا آتها وجهی و إنّی كلاهماو منّی و اجعل لی و أنصاری الملا أخبر أن فیها ست یاءات إضافة: (وجهی اللّه) [آل عمران: 20]، و إنی كلاهما إِنِّی أُعِیذُها [آل عمران: 36] و أَنِّی أَخْلُقُ [آل عمران: 49] و مِنِّی إِنَّكَ و اجْعَلْ لِی آیَةً [مریم: 10] و أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ [آل عمران: 52]، و قوله الملأ بكسر المیم جمع ملی‌ء: السعة و الغنی.

سورة النساء

و كوفیّهم تسّاءلون مخفّفاو حمزة و الأرحام بالحفض جمّلا أخبر أن الكوفیین و هم عاصم و حمزة و الكسائی قرءوا الذی تساءلون بتخفیف السین فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و أن حمزة قرأ و الأرحام بخفض المیم فتعین للباقین القراءة بنصبها. و قوله جملا من الجمال. و اعلم أن نصف هذا البیت هو نصف القصید الأول باعتبار الأبیات، و هو خمسمائة و ستة و ثمانون بیتا و نصف بیت.
و قصر قیاما عمّ یصلون ضمّ كم‌صفا نافع بالرّفع واحدة جلا أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر قرآ التی جعل اللّه لكم قیاما بالقصر أی بحذف الألف فتعین للباقین القراءة بالمد أی بإثبات الألف قبل المیم ثم أمر للمشار إلیهما بالكاف و الصاد فی قوله كم صفا و هما ابن عامر و شعبة قرآ بضم الیاء فی وَ سَیَصْلَوْنَ سَعِیراً [النساء: 10] فتعین للباقین القراءة بفتحها، ثم أخبر أن نافعا قرأ و إن كانت واحدة بضم التاء فتعین للباقین القراءة بنصبها. و جلا: كشف.
و یوصی بفتح الصّاد صحّ كما دناو وافق حفص فی الأخیر مجمّلا أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و الكاف و الدال فی قوله صح كما دنا و هم شعبة و ابن عامر و ابن كثیر قرءوا یوصی بها أو دین آباؤكم، و یوصی بها أو دین غیر مضار بفتح صادیهما سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی 209 سورة النساء ..... ص : 208
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 209
و ألف بعدها و وافقهم حفص فی الثانی أی قرأ حفص بكسر صاد الأول و فتح صاد الثانی و یلزم من فتح الصاد وجود الألف بعدها كما نطق به و تعین للباقین القراءة بكسر الصاد فیهما و یلزم منه وجود الیاء بعدها و أشار بمحملا إلی اتباعه الراویة فیه.
و فی أمّ مع فی أمّها فلأمّه‌لدی الوصل ضمّ الهمز بالكسر شمللا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شمللا و هما حمزة و الكسائی قرآ فلأمه الثلث و فلأمه السدس هاهنا و فِی أُمِّها رَسُولًا [القصص: 59]، فِی أُمِّ الْكِتابِ [الزخرف: 4] بكسر ضم الهمزة إن وصلت بما قبلها، فتعین للباقین القراءة بضم الهمزة فی الأربعة. و قوله لدی الوصل یرید به وصل حرف الجر بهمزة أم فلو فصلت و وقفت علی حرف الجر ضمت الهمزة بلا خلاف لأنه لم یبق قبلها ما یقتضی كسرها فصارت كما لو كان قبلها غیر الكسر و الیاء نحو ما هن أمهاتكم و أمه آیة و كذا إذا فصل بین الكسرة و الهمزة فاصل غیر الیاء نحو إِلی أُمِّ مُوسی [القصص: 7]، فَرَدَدْناهُ إِلی أُمِّهِ [القصص: 13]، فلا خلاف فی ضم ذلك كله. و قوله و فی أم قیده بذكر فی احترازا من مثل ذلك. و معنی شمللا: أسرع.
و فی أمّهات النّحل و النّور و الزّمرمع النّجم شاف و اكسر المیم فیصلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاف و هما حمزة و الكسائی قرآ من بطون أمهاتكم بالنحل أو بُیُوتِ أُمَّهاتِكُمْ [النور: 61]، و یَخْلُقُكُمْ فِی بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ [الزمر: 6]، وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِی بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ [النجم: 32] بكسر ضم الهمزة فی الوصل لوجود الكسرة قبل الهمزة و تعین للباقین القراءة بضم الهمزة فی الأربعة ثم أمر بكسر المیم فی المواضع الأربعة فی الوصل للمشار إلیه بالفاء من فیصلا و هو حمزة و تعین للباقین القراءة بفتحها، و كلهم إذا وقفوا علی ما قبل أمهاتكم و ابتدءوا بها یضمون الهمزة و یفتحون المیم بلا خلاف. و قوله فیصلا أی فاصل بین قراءة حمزة و الكسائی. فإن قلت من أین تأخذ التقیید فی كسر أمهاتكم و ضمها. قلت من قوله فی البیت السابق: لدی الوصل ضم الهمز بالكسر و الواو فی قوله و فی أمهات النحل عاطفة فاصلة.
و ندخله نون مع طلاق و فوق مع‌نكفّر نعذّب معه فی الفتح إذ كلا أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الكاف فی قوله: إذ كلا و هما نافع و ابن عامر قرآ (ندخله جنات) [النساء: 13]، و (ندخله نارا) [النساء: 14] فی هذه السورة، و (ندخله جنات) [الطلاق: 11]، و (نكفر عنه سیئاته و ندخله جنات) [التغابن: 3]، و أشار إلیهما بقوله و فوق مع نكفر (و ندخله جنات و نعذبه عذابا ألیما) [الفتح: 17] و إلیهما أشار بقوله:
نعذب معه فی الفتح بالنون فی السبعة و تعین للباقین القراءة بالیاء فی الجمیع. و معنی كلا:
حفظ.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 210 و هذان هاتین اللّذان اللّذین قل‌یشدّد للمكّی فذانك دم حلا أخبر أن المكی و هو ابن كثیر یشدد له النون من هذانِ لَساحِرانِ [طه: 63]، و هذانِ خَصْمانِ [الحج: 19]، و إِحْدَی ابْنَتَیَّ هاتَیْنِ [القصص: 27]، و الَّذانِ یَأْتِیانِها مِنْكُمْ [النساء: 16]، و الَّذَیْنِ أَضَلَّانا [فصلت: 29]، و أن المشار إلیهما بالدال و الحاء فی قوله: دم حلا، و هما ابن كثیر و أبو عمرو یشدد لهما النون من قوله تعالی:
فَذانِكَ بُرْهانانِ [القصص: 32] فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتخفیف النون.
و ضمّ هنا كرها و عند براءةشهاب و فی الأحقاف ثبّت معقلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شهاب و هما حمزة و الكسائی قرآ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً [النساء: 16]، بهذه السورة و قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً [التوبة: 53] بضم الكاف فیهما و أن المشار إلیهم بالثاء و المیم فی قوله ثبت معقلا و هم الكوفیون و ابن ذكوان قرءوا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً [الأحقاف: 15] بضم الكاف فیهما فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح الكاف. و معنی ثبت معقلا أی ثبت معقل الضم. و المعقل:
الملجأ یقال فلان معقل لقومه.
و فی الكلّ فافتح یا مبیّنة دناصحیحا و كسر الجمع كم شرفا علا أمر بفتح یاء كل ما جاء من لفظة مبینة مفردا و هو قوله تعالی: إِلَّا أَنْ یَأْتِینَ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ [الطلاق: 1] بالنساء و الطلاق و یا نِساءَ النَّبِیِّ مَنْ یَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ [الأحزاب: 30] للمشار إلیهما بالدال و الصاد من قوله دنا صحیحا و هما ابن كثیر و شعبة فتعین للباقین القراءة بكسر الیاء فیهن، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الشین و العین فی قوله: كم شرفا علا و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی و حفص قرءوا بكسر الیاء فی كل ما جاء من لفظ مبینات مجموعا و هو وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَیْكُمْ آیاتٍ مُبَیِّناتٍ [النور: 34]، و مثلا لَقَدْ أَنْزَلْنا آیاتٍ مُبَیِّناتٍ [النور: 46]، وَ اللَّهُ یَهْدِی [النور: 46]، یَتْلُوا عَلَیْكُمْ آیاتِ اللَّهِ مُبَیِّناتٍ [الطلاق: 11] فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء فیهن.
و فی محصنات فاكسر الصّاد راویاو فی المحصنات اكسر له غیر أوّلا أمر بكسر الصاد فی محصنات المجرد عن اللام و المحلی بها حیث بها حیث جاء نحو مُحْصَناتٍ غَیْرَ مُسافِحاتٍ [النساء: 25]، و أَنْ یَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ [النساء:
25] للمشار إلیه بالراء من قوله راویا. و هو الكسائی قرأ بكسر الصاد فی جمیع ذلك كله إلا قوله تعالی: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ، الأول من هذه السورة فإنه بفتح الصاد باتفاق و تعین للباقین القراءة بفتح الصاد حیث جاء. و الهاء فی له ضمیر الكسائی و لیست اللام رمزا.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 211 و ضمّ و كسر فی أحلّ صحابه‌وجوه و فی أحصنّ عن نفر العلا أخبر أن المشار إلیهم بصحاب فی قوله صحابه و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا و أحلّ لكم ما وراء ذلك بضم الهمزة و كسر الحاء فتعین للباقین القراءة بفتحهما، و معنی صحابه وجوه أی رواته رؤساء من قولهم: هم وجوه القوم أی أشرافهم، و قوله و فی أحصن الواو عاطفة فاصلة أخبر أن المشار إلیهم بالعین و همزة الوصل و نفر المتوسط بینهما و هم حفص و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا فإذا أحصن بضم الهمزة و كسر الصاد فتعین للباقین القراءة بفتحهما. و ترجمة أحصن معلومة من عطفها علی أحلّ و من ثم أعید الجار.
مع الحجّ ضمّوا مدخلا خصّه و سل‌فسل حرّكوا بالنّقل راشده دلا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خصه و هم السبعة إلا نافعا قرءوا وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِیماً [النساء: 31]، و لَیُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا [الحج: 59] بضم میمیهما فتعین لنافع القراءة بفتحهما. و معنی خصه أی خص مدخلا بالخلف هنا و بالحج دون مدخل صدق بالإسراء فإنه مضموم بلا خلاف؛ ثم أخبر أن المشار إلیهما بالراء و الدال فی قوله راشده دلا. و هما الكسائی و ابن كثیر قرآ بنقل فتحة همزة سل الأمر المواجه إلی السین و حذفها إذا سبق بواو أو فاء خلا من الضمیر البارز أو اتصل به و تعین للباقین القراءة بإسكان السین و إثبات الهمزة نحو وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا [الزخرف: 45]، (فسئل الذین یقرءون الكتاب) [یونس: 94]، وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء: 32]، فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ [النحل:
43]، فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا [الأنبیاء: 63].
و فی عاقدت قصر ثوی و مع الحدید فتح سكون البخل و الضّمّ شمللا أخبر أن المشار إلیهم بالثاء من ثوی. و هم الكوفیون قرءوا و الذین عاقدت أیمانكم بالقصر أی بحذف الألف فتعین للباقین القراءة بالمد أی بالألف، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شمللا و هما حمزة و الكسائی قرآ وَ یَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [النساء: 37]، وَ أَعْتَدْنا هنا، وَ یَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [الحدید: 24]، بفتح سكون الخاء و فتح ضم الباء فتعین للباقین القراءة بسكون الخاء و ضم الباء.
و فی حسنه حرمیّ رفع و ضمّهم‌تسوّی نما حقّا و عمّ مثقّلا أخبر أن المشار إلیهما بحرمی، و هما نافع و ابن كثیر قرآ وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً [النساء:
40] بالرفع فتعین للباقین القراءة بالنصب، و أن المشار إلیهم بالنون من نما و بحق، و هم عاصم و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا لَوْ تُسَوَّی بِهِمُ الْأَرْضُ [النساء: 42] بضم التاء فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر شددا السین فتعین للباقین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 212
القراءة بتخفیفها فقرأ حمزة و الكسائی تسوی بفتح التاء و تخفیف السین مع الإمالة الكبری و ابن عامر و قالون بفتح التاء و تشدید السین من غیر إمالة و ورش بفتح التاء و تشدید السین مع الإمالة بین بین و مع الفتح أیضا. و عاصم و ابن كثیر و أبو عمرو بضم التاء و تخفیف السین من غیر إمالة.
و لامستم اقصر تحتها و بها شفاو رفع قلیل منهم النّصب كلّلا أمر للمشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی بقصر لامستم النساء بهذه السورة و بالتی تحتها یعنی المائدة فتعین للباقین القراءة بالمد فیهما و المراد بالمد إثبات الألف بعد اللام و المراد بالقصر حذفها. ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كللا و هو ابن عامر قرأ ما فعلوه إلا قلیلا منهم بالنصب فتعین للباقین القراءة بالرفع.
و أنّث یكن عن دارم تظلمون غیب شهد دنا إدغام بیّت فی حلا أمر أن یقرأ للمشار إلیهما بالعین و الدال فی قوله عن دارم و هما حفص و ابن كثیر كأن لم تكن بینكم بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بالتذكیر، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الدال فی قوله: شهد دنا و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر قرءوا وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا [النساء: 49]، أینما بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و أن المشار إلیهما بالفاء و الحاء فی قوله فی حلا و هما حمزة و أبو عمرو قرآ بیت طائفة منهم بإدغام التاء فی الطاء فتعین للباقین القراءة بفتح التاء و إظهارها، و لفظ الناظم رحمه اللّه بالتاء مفتوحة لیضم الفتح إلی الإظهار و یعلم أن الإدغام من الكبیر، و اعلم أن الخلاف فی یظلمون الثانی لأن الأول قبل قلیل متفق الغیب، و دارم: اسم قبیلة.
و إشمام صاد ساكن قبل داله‌كأصدق زاء شاع و ارتاح أشملا أخبر أن المشار إلیهما بالشین فی قوله شاع و هما حمزة و الكسائی أشما كل صاد ساكنة قبل داله زاء أی قرآ الحرف بین الصاد و الزای كما قررنا فی الصراط و قوله كأصدق مثال الصاد الساكنة قبل الدال و هو اثنا عشر موضعا: وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِیثاً [النساء:
87]، وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِیلًا [النساء: 122]، ثُمَّ هُمْ یَصْدِفُونَ [الأنعام: 46]، و سَنَجْزِی الَّذِینَ یَصْدِفُونَ [الأنعام: 157]، بِما كانُوا یَصْدِفُونَ [الأنعام: 157]، و مُكاءً وَ تَصْدِیَةً [الأنفال: 35]، وَ لكِنْ تَصْدِیقَ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ [یونس: 37]، [یوسف: 111]، و فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر: 94]، وَ عَلَی اللَّهِ قَصْدُ السَّبِیلِ [النحل: 9]، و حتی یصدر الرعاء بالقصص و یومئذ یصدر الناس بالزلزال، و قرأهن الباقون بالصاد الخالصة و معنی شاع: أی انتشر، و الارتیاح النشاط. و أشملا جمع شمال: الید.
و فیها و تحت الفتح قل فتثبّتوامن الثّبت و الغیر البیان تبدّلا أخبر أن المشار إلیهما فی البیت السابق بقوله شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ إذا ضربتم فی سبیل اللّه فتثبتوا فمنّ اللّه علیكم فتثبتوا هنا و (إن جاءكم فاسق بنبإ فتثبتوا تحت)
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 213
(الفتح) [الحجرات: 6]، أی فی الحجرات بثاء مثلثة و باء موحدة و تاء مثناة فوق، من التثبت، و قوله: و الغیر یعنی الباقین قرءوا بباء موحدة و یاء مثناة تحت و نون، من التبیین و قل معناه اقرأ. و التثبت: الوقوف خلاف الإقدام و السرعة، و البیان الظهور، و تبدل: أی اعتاض، یعنی أن غیر حمزة و الكسائی اعتاض من الثبت البیان.
و عمّ فتی قصر السّلام مؤخّراو غیر أولی بالرّفع فی حقّ نهشلا أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالفاء من فتی و هم نافع و ابن عامر و حمزة قرءوا و لا تقولوا لمن ألقی إلیكم السلم بالقصر أی بلا ألف بعد اللام فتعین للباقین القراءة بالمد أی بالألف بین اللام و المیم و هذا المختلف فیه هو الثالث و إلیه أشار بقوله مؤخرا أی الأخیرة بهذه السورة لأن قبله و ألقوا إلیكم السلم و یلقوا إلیكم السلم لا خلاف فی قصرهما و كذلك لا خلاف فی قصر وَ أَلْقَوْا إِلَی اللَّهِ یَوْمَئِذٍ السَّلَمَ [النحل: 87]. ثم أخبر أن المشار إلیهم بالفاء و النون و بحق المتوسط بینهما من قوله فی حق نهشلا و هم حمزة و ابن كثیر و أبو عمرو و عاصم قرءوا لا یَسْتَوِی الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُ أُولِی الضَّرَرِ [النساء: 5]، برفع الراء فتعین للباقین القراءة بنصبها. و نهشل اسم: قبیلة.
و نؤتیه بالیا فی حماه و ضمّ یدخلون و فتح الضّمّ حقّ صری حلا
و فی مریم و الطّول الأوّل عنهم‌و فی الثّان دم صفوا و فی فاطر حلا أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و الحاء فی قوله فی حماه و هما حمزة و أبو عمرو قرآ و (من یفعل ذلك ابتغاء مرضات اللّه فسوف یؤتیه) [النساء: 114] بالیاء تحت فتعین للباقین القراءة بالنون. فإن قلت فی السورة موضعان من لفظ یؤتیه فمن أین یعلم من القصید أن هذا الذی بعد لا خیر فی كثیر من نجواهم هو المراد بقوله. قلت لما تكلم علیه بعد غیر أولی فتأخذ الذی بعده و هو ما ذكر و الحرف الذی قبله لا خلاف فی قراءته بالنون و هو و من یقاتل فی سبیل اللّه فیقتل أو یغلب فسوف نؤتیه أجرا عظیما و الهاء فی حماه عائدة علی الیاء، ثم أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالصاد فی قوله حق صری و هم ابن كثیر و أبو عمرو و شعبة قرءوا فأولئك یدخلون الجنة هنا و فَأُولئِكَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا یُظْلَمُونَ شَیْئاً [مریم:
60]، و فَأُولئِكَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ یُرْزَقُونَ فِیها بِغَیْرِ حِسابٍ [غافر: 40]، أول موضعی الطول أی سورة غافر بضم الیاء و فتح ضم الخاء فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و ضم الخاء. و قوله و فی الثان إلی آخره، أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الصاد من قوله دم صفوا و هما ابن كثیر و شعبة قرآ سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِینَ [غافر: 60] بضم الیاء و فتح الخاء و هو الثانی بغافر و أن المشار إلیه بالحاء من حلا و هو أبو عمرو قرأ جَنَّاتُ عَدْنٍ یَدْخُلُونَها [فاطر: 33] بضم الیاء و فتح ضم الخاء فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح الیاء و ضم الخاء علی ما قید لهم فی البیت السابق و علمت التراجم الثلاثة من عطفها علی الأول
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 214
و اتفقوا علی فتح الیاء و ضم الخاء فی جَنَّاتُ عَدْنٍ یَدْخُلُونَها [الرعد: 23]، [النحل:
31]، و الضمیر فی عنهم یعود إلی مدلول حق صری. و الصری: الماء المجتمع المستنقع و الروایة بكسر الصاد و یجوز فتحها. و حلا أی عذب. و قوله فی البیت الثانی حلا من قولهم حلی زوجته أی ألبسها الحلی فهو من التجنیس، لا من الإیطاء.
و یصّالحا فاضمم و سكّن مخفّفامع القصر و اكسر لامه ثابتا تلا أمر بضم الیاء و سكون الصاد مع تخفیفها و حذف الألف المعبر عنه بالقصر و بكسر اللام فی فلا جناح علیهما أن یصالحا للمشار إلیهم بالثاء فی ثابتا و هم الكوفیون فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و تشدید الصاد و فتحها و إثبات الألف بعدها و فتح اللام كما لفظ به.
و تلووا بحذف الواو الأولی و لامه‌فضمّ سكونا لست فیه مجهّلا أخبر أن المشار إلیهم باللام و الفاء و المیم فی قوله لست فیه مجهلا و هم هشام و حمزة و ابن ذكوان قرءوا و إن تلووا بحذف الواو الأولی و هی المضمومة ثم أمر بضم سكون اللام لهم فتصیر تلو بوزن تفو و تعین للباقین القراءة بإثبات الواوین و سكون اللام كما لفظ به و قید الواو بالأولی لیعلم أن الثانیة ساكنة و علم أن الباقین بواوین لأن ضد الحذف الإثبات.
و نزّل فتح الضّمّ و الكسر حصنه‌و أنزل عنهم عاصم بعد نزّلا أخبر أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا و الكتاب الذی نزل علی رسوله بفتح النون و فتح كسر الزای ثم قال و أنزل عنهم أی عن نافع و الكوفیین فتح ضم الهمزة و فتح كسر الزای فی و الكتاب الذی أنزل من قبل فتعین للباقین القراءة فی نزل بضم النون و كسر الزای و فی أنزل بضم الهمزة و كسر الزای ثم قال عاصم بعد نزلا أی قرأ عاصم نزل الواقع بعد هذین الحرفین و هو و قد نزل علیكم فی الكتاب بفتح ضم النون و فتح كسر الزای فتعین للباقین القراءة بضم النون و كسر الزای علی ما قید لهم.
و یا سوف نؤتیهم عزیز و حمزةسیؤتیهم فی الدّرك كوف تحمّلا
بالإسكان تعدوا سكّنوه و خفّفواخصوصا و أخفی العین قالون مسهلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین من عزیز و هو حفص قرأ سوف یؤتیهم أجورهم بالیاء تحت و أن حمزة قرأ سیؤتیهم أجرا عظیما كذلك یعنی بالیاء تحت فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بالنون و قوله فی الدرك كوف تحملا بالإسكان، أخبر أن الكوفیین و هم عاصم و حمزة و الكسائی قرءوا إن المنافقین فی الدرك بإسكان الراء فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خصوصا و هم السبعة إلا نافعا قرءوا لا تعدوا فی السبت بإسكان العین و تخفیف الدال فتعین لنافع القراءة بفتح العین و تشدید الدال؛ ثم أخبر أن قالون أخفی العین أی اختلس حركتها فتعین لورش إتمام الفتح و معنی تحملا أی تحمل
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 215
الكوفیون الروایة بالإسكان. و قوله مسهلا أی راكبا الطریق السهل.
و فی الأنبیاء ضمّ الزّبور و هاهنازبورا و فی الإسرا لحمزة أسجلا أخبر أن حمزة قرأ فی سورة الأنبیاء وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ [الأنبیاء: 105] و هاهنا أی بهذه السورة وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً وَ رُسُلًا [النساء: 163]، وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً قُلِ ادْعُوا [الإسراء: 55] بضم الزای فتعین للباقین القراءة بفتحها فیهن، و معنی أسجل: أبیح، و لیس فی سورة النساء شی‌ء من یاءات الإضافة و لا یاءات الزوائد المختلف فیها من طرقه.

سورة المائدة

و سكّن معا شنآن صحّا كلاهماو فی كسر أن صدّوكم حامد دلا أمر للمشار إلیهما بالصاد و الكاف فی قوله صح كلاهما و هما شعبة و ابن عامر بإسكان النون من شنآن قوم فی الموضعین فتعین للباقین القراءة بفتحها، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و الدال فی قوله حامد دلا و هما أبو عمرو و ابن كثیر قرآ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [الفتح: 25] بكسر الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها و یروی صح مسندا إلی كلاهما و یروی صحا بالألف و هو عائد إلی الإسكان و الفتح و كلاهما تأكید لهما و الضمیر لهما إشارة إلی صحة القراءة بهما و الروایة لأن بعض الناس أنكر الإسكان و رآه غلطا.
مع القصر شدّد یاء قاسیة شفاو أرجلكم بالنّصب عمّ رضا علا أمر للمشار إلیهما بالشین فی قوله شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ بالقصر أی بحذف الألف و تشدید الیاء من وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِیَةً [المائدة: 13] فتصیر قسیة بوزن مطیة فتعین لغیرهما القراءة بالمد أی بإثبات الألف بعد القاف و تخفیف الیاء كما نطق به بوزن راضیة، ثم أخبر أن المشار إلیهم بعم و الراء و العین فی قوله عم رضا علا، و هم نافع و ابن عامر و الكسائی و حفص قرءوا وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَی الْكَعْبَیْنِ [المائدة: 6]، بنصب اللام فتعین للباقین القراءة بخفضها.
و فی رسلنا مع رسلكم ثمّ رسلهم‌و فی سبلنا فی الضّمّ الإسكان حصّلا
و فی كلمات السّحت عمّ نهی فتی‌و كیف أتی أذن به نافع تلا
و رحما سوی الشّامی و نذرا صحابهم‌حموه و نكرا شرع حقّ له علا
و نكر دنا و العین فارفع و عطفهارضی و الجروح ارفع رضی نفر ملا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حصلا و هو أبو عمرو قرأ بإسكان السین المضمومة فی رسل المضاف إلی نون العظمة و ضمیر المخاطبین و الغائبین نحو وَ لَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 216
بِالْبَیِّناتِ [یونس: 13]، أَ وَ لَمْ تَكُ تَأْتِیكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَیِّناتِ [غافر: 50]، فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَرِحُوا [غافر: 83]، فتعین للباقین القراءة بضم السین فیهن و لا خلاف بینهم فی ضم المضاف إلی ضمیر المفرد و فیما لا ضمیر معه نحو رسله و الرسل و قوله و فی سبلنا أی و قرأ أبو عمرو أیضا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنا [العنكبوت: 69] بإسكان ضم الباء فتعین للباقین القراءة بضمها، و لا خلاف فی ضم الباء من سبل ربك و سبل السلام. و قوله و فی كلمات السحت، أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالنون و بالفاء من قوله عم نهی فتی، و هم نافع و ابن عامر و عاصم و حمزة قرءوا بإسكان ضم الحاء فی قوله تعالی: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة: 42]، و یُسارِعُونَ فِی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ [المائدة: 62]، لَوْ لا یَنْهاهُمُ الرَّبَّانِیُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ [المائدة: 63]، فتعین للباقین القراءة بالضم فیهن و نهی جمع نهیة و هی النهایة و الغایة. و قوله و كیف أتی أذن به نافع تلا الهاء فی به للإسكان أخبر أن نافعا قرأ بإسكان ضم الذال فی أذن كیفما أتی معرفا أو منكرا أو مفردا أو مثنی نحو و یقولون هو أذن قل أذن و الأذن بالأذن و فی أذنیه وقر فتعین للباقین القراءة بضم الذال. و قوله و رحما سوی الشامی، أخبر أن السبعة إلا ابن عامر قرءوا بالكهف وَ أَقْرَبَ رُحْماً [الكهف: 81] بإسكان ضم الحاء فتعین لابن عامر القراءة بضم الحاء.
و قوله و نذر أصحابهم حموه، أخبر أن المشار إلیهم بصحاب و بالحاء فی حموه و هم حمزة و الكسائی و حفص و أبو عمرو قرءوا أَوْ نُذْراً [المرسلات: 6] بإسكان ضم الذال فتعین للباقین القراءة بضم الذال و لا خلاف فی إسكان ذال عذرا و قوله و نكرا أخبر أن المشار إلیهم بالشین و بحق و باللام و العین فی قوله شرع حق له علا و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر و أبو عمرو و هشام و حفص قرءوا بالكهف لقد جئت شیئا نكرا و بالطلاق و عذبناها عذابا نكرا بإسكان ضم الكاف فتعین للباقین القراءة بضم الكاف ثم قال و نكر دنا، أخبر أن المشار إلیه بالدال من قوله دنا و هو ابن كثیر قرأ بسورة القمر إلی شی‌ء نكر بإسكان ضم الكاف فتعین للباقین القراءة بضم الكاف. و اعلم أن هذه التراجم المذكورة فی هذه الأبیات معطوفة علی التقیید المتقدم فی رسلنا و هو جعل الإسكان فی الضم و قوله و العین فارفع و عطفها أمر برفع العین و ما عطف علی العین للمشار إلیه بالراء من رضا و هو الكسائی قرأ و العین بالرفع و عطفها یعنی و الأنف و الأذن و السن برفع الفاء و النون فیهن فتعین للباقین القراءة بالنصب فی الأربعة ثم قال و الجروح ارفع أمر برفع الحاء من و الجروح قصاص للمشار إلیهم بالراء و بنفر فی قوله رضا نفر، و هم الكسائی و ابن كثیر و أبو عمر و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بنصب الحاء. فصار الكسائی برفع الخمسة و نافع و عاصم و حمزة بنصب الخمسة، و ابن كثیر و ابن عامر و أبو عمر بنصب الأربعة الأول و رفع الخامس.
و حمزة و لیحكم بكسر و نصبه‌یحرّكه تبغون خاطب كمّلا أخبر أن حمزة قرأ و لیحكم أهل الإنجیل بكسر اللام و نصب المیم، و أتی بقوله یحركه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 217
لیعلم أن قراءة الباقین بسكون اللام و جزم المیم لأن التحریك متی ذكر مقیدا كان أو غیر مقید فإنه یدل علی السكون فی القراءة الأخری. و قوله تبغون خاطب، أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كملا و هو ابن عامر قرأ (أ فحكم الجاهلیة تبغون) [المائدة: 50] بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب.
و قبل یقول الواو غصن و رافع‌سوی ابن العلا من یرتدد عمّ مرسلا
و حرّك بالإدغام للغیر داله‌و بالخفض و الكفّار راویه حصّلا أخبر أن المشار إلیهم بالغین من غصن و هم الكوفیون و أبو عمرو قرءوا و یقول الذین آمنوا أ هؤلاء الذین أقسموا بواو عاطفة قبل یقول فتعین للباقین القراءة بغیر واو ثم قال و رافع سوی ابن العلا یعنی أن السبعة إلا أبا عمرو بن العلاء قرءوا یقول الذین آمنوا برفع اللام فتعین لأبی عمرو القراءة بنصبه فصار الكوفیون بإثبات الواو مع الرفع و أبو عمرو بالواو مع النصب و الباقون بالرفع من غیر واو. و قوله و من یرتدد أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر قرآ یا أیها الذین آمنوا من یرتدد بدالین مخففتین الأولی مكسورة و الثانیة ساكنة كما لفظ به و قوله مرسلا أی مطلقا لأنه أطلق من عقال الإدغام ثم أخبر أن الدال الثانیة حركت بالفتح مصاحبة لإدغام الأولی فیها لغیر نافع و ابن عامر و هم الباقون قرءوا بدال مشددة مفتوحة و علم الفتح من الإطلاق فی قوله و حرك بالإدغام لأنه لم یقیده و إذا أطلق التحریك و لم یقیده فمراده التحریك بالفتح. و قوله و بالخفض و الكفار أخبر أن المشار إلیهما بالراء و الحاء فی قوله راویه حصلا و هما الكسائی و أبو عمرو قرآ من قبلكم و الكفار بخفض الراء فتعین للباقین القراءة بنصبها:
ربا عبد اضمم و اخفض التا بعد فزرسالته اجمع و اكسر التّا كما اعتلا
صفا و تكون الرّفع حجّ شهوده‌و عقّدتم التّخفیف من صحبة و لا
و فی العین فامدد مقسطا فجزاء نوونوا مثل ما فی خفضه الرّفع ثمّلا أمر للمشار إلیه بالفاء من فز و هو حمزة بضم الباء من عبد و خفض التاء من الطاغوت و هو المراد بقوله: و الخفض التاء بعد أی التاء الواقعة بعد عبد فتعین للباقین القراءة بفتح باء عبد و نصب تاء الطاغوت ثم أمر بجمع رسالات و كسر التاء للمشار إلیهم بالكاف و همزة الوصل و الصاد فی قوله: كما اعتلا صفا و هم ابن عامر و نافع و شعبة قرءوا فما بلغت رسالاته بألف بعد اللام و كسر التاء علی جمع التأنیث السالم فتعین للباقین القراءة بحذف الألف و فتح التاء علی التوحید ثم أخبر أن المشار إلیهم بالحاء و الشین فی قوله: حج شهوده، و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی قرءوا و حسبوا أن لا تكون فتنة بالرفع فتعین للباقین القراءة بالنصب و أخبر أن المشار إلیهم بالمیم و بصحبة فی قوله: من صحبة، و هم ابن ذكوان و حمزة و الكسائی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 218
و شعبة قرءوا بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ [المائدة: 89] بتخفیف القاف فتعین للباقین القراءة بتشدیدها ثم أمر بمد العین للمشار إلیه بالمیم من مقسطا و هو ابن ذكوان فتعین للباقین القراءة بقصرها و أراد بالمد إثبات الألف بعد العین و بالقصر حذفها فقراءة ابن ذكوان عاقدتم بالمد و التخفیف و حمزة و الكسائی و شعبة عقدتم بالقصر و التخفیف و الباقین عقدتم بالقصر و التشدید. ثم أمر بتنوین جزاء و أخبر برفع خفض مثل للمشار إلیهم بالثاء من ثملا و هم الكوفیون قرءوا فجزاء بالتنوین مثل ما قتل من النعم برفع خفض اللام فتعین للباقین القراءة بترك التنوین و خفض لام مثل علی ما قیده لهم. و ثملا جمع ثامل. و الثامل: المصلح و المقیم أیضا:
و كفّارة نون طعام برفع خف‌ضه دم غنی و اقصر قیاما له ملا أمر بتنوین كفارة مع رفع الخفض فی طعام للمشار إلیهم بالدال و الغین فی قوله: دم غنی، و هم ابن كثیر و أبو عمرو و الكوفیون قرءوا أو كفارة بالتنوین طعام برفع خفض المیم فتعین للباقین القراءة بترك تنوین كفارة و خفض میم طعام و قد تقدم مثله فی البقرة و لكن مساكین هنا بالجمع بلا خلاف ثم أمر بقصر قیاما للمشار إلیهما باللام و المیم من قوله له ملا و هما هشام و ابن ذكوان قرآ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَیْتَ الْحَرامَ قِیاماً [المائدة: 97] بالقصر فتعین للباقین القراءة بالمد و المراد بالمد إثبات الألف قبل المیم. و بالقصر حذف الألف و قد تقدم مثله بالنساء. و الملا بضم المیم جمع ملاءة، و هی: الملحفة:
و ضمّ استحقّ افتح لحفص و كسره‌و فی الأولیان الأوّلین فطب صلا أمر لحفص بفتح ضم التاء و فتح كسر الحاء فی استحق علیهم الأولیان فتعین للباقین القراءة بضم التاء و كسر الحاء و حفص إذا ابتدأ كسر الألف و الباقون إذا ابتدءوا ضموا الألف. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و الصاد فی قوله: فطب صلا و هما حمزة و شعبة قرآ الأولین بلفظ الجمع فی موضع الأولیان بلفظ التثنیة علی ما لفظ به فی القراءتین أی قرأ حمزة و شعبة الأولین بتشدید الواو و كسر اللام و إسكان الیاء و فتح النون علی جمع أول المجرور و قرأ الباقون الأولیان بتخفیف الواو و إسكانها و فتح اللام و كسر النون و ألف قبلها علی تثنیة أولی المرفوعة:
و ضمّ الغیوب یكسران عیونا العیون شیوخا دانه صحبة ملا
جیوب منیر دون شكّ و ساحربسحر بها مع هود و الصّف شمللا أخبر أن من أعاد الضمیر علیهما فی قوله یكسران و هما حمزة و شعبة المرموزان فی قوله فطب صلا فی البیت السابق یكسران ضم الغین من الغیوب حیث وقع نحو إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ [المائدة: 109]، و أن المشار إلیهم بالدال و بصحبة و بالمیم فی قوله دانه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 219
صحبة ملا و هم ابن كثیر و شعبة و حمزة و الكسائی و ابن ذكوان فعلوا ذلك فی عیون أی قرءوا بكسر ضم العین فی عیون المنكر و العیون المعرف حیث وقع نحو فی جنات و عیون وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُیُوناً [القمر: 12]، وَ فَجَّرْنا فِیها مِنَ الْعُیُونِ [یس: 34]، و بكسر ضم الشین من ثُمَّ لِتَكُونُوا شُیُوخاً [غافر: 67]، و أن المشار إلیهم بالمیم و الدال و الشین فی قوله منیر دون شك و هم ابن ذكوان و ابن كثیر و حمزة و الكسائی فعلوا ذلك فی جیوبهن أی قرءوا وَ لْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلی جُیُوبِهِنَ [النور: 31] بكسر ضم الجیم فتعین لمن لم یذكره فی كل ترجمة من التراجم القراءة بالضم علی ما قید لهم و معنی دانه أی اتخذه دینا بعد تدین بقراءته و ملا بكسر المیم و قوله و ساحر بسحر أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شمللا و هما حمزة و الكسائی قرآ فقال الذین كفروا منهم إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِینٌ [سبأ:
43]، و لَیَقُولَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِینٌ [هود: 7]، و قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِینٌ [الصف: 60] بفتح السین و الألف بعدها و كسر الحاء، و قرأ الباقون سحر مبین بكسر السین و إسكان الحاء من غیر ألف فهذا معنی قوله و ساحر بسحر بها مع هود و الصف أی قرآ فی هذه المواضع ساحر فی موضع قراءة الباقین سحر فنطق بالقراءتین و استغنی بالتمثیل عن التقیید:
و خاطب فی هل یستطیع رواته‌و ربّك رفع الباء بالنّصب رتّلا أخبر أن المشار إلیه بالراء فی قوله رواته و فی قوله رتلا و هو الكسائی قرأ هل تستطیع ربك بتاء الخطاب و نصب ربك فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب و رفع ربك و الكسائی مستمر علی أصله فی إدغام لام هل فی التاء و الباقون علی أصولهم فی إظهارها و كرر الناظم الراء لاتساع الموضع:
و یوم برفع خذ و إنّی ثلاثهاولی و یدی أمّی مضافاتها العلا أمر برفع المیم فی هذا یوم ینفع الصادقین للمشار إلیهم بالخاء من خذ و هم القراء كلهم إلا نافعا فتعین لنافع القراءة بنصب المیم؛ ثم أخبر أن فیها ست یاءات إضافة: إنی أخاف اللّه و إنی أرید فإنی أعذبه ما یكون لی أن أقول و یدی إلیك و أمی إلهین:

سورة الأنعام‌

و صحبة یصرف فتح ضمّ و راؤه‌بكسر و ذكّر لم یكن شاع و انجلا
و فتنتهم بالرّفع عن دین كامل‌و یا ربّنا بالنّصب شرّف وصّلا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا من یصرف عنه بفتح ضم الیاء و كسر الراء فتعین للباقین القراءة بضم الیاء و فتح الراء. ثم أخبر أن المشار إلیهما
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 220
بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ ثم لم یكن فتنتهم بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و أن المشار إلیهم بالعین و الدال و الكاف فی قوله عن دین كامل و هم حفص و ابن كثیر و ابن عامر قرءوا فتنتهم برفع التاء فتعین للباقین القراءة بنصبها فصار حمزة و الكسائی بتذكیر لم یكن و نصب فتنتهم و ابن كثیر و ابن عامر و حفص بالتأنیث و الرفع و نافع و أبو عمرو و شعبة بالتأنیث و النصب ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شرف و هما حمزة و الكسائی قرآ و اللّه ربنا بنصب الباء فتعین للباقین القراءة بخفضها. و معنی شرف وصلا أی شرف القرآن من وصله و نقله:
نكذّب نصب الرّفع فاز علیمه‌و فی و نكون انصبه فی كسبه علا أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و العین فی قوله فاز علیمه و هما حمزة و حفص قرآ نردّ و لا نكذب بنصب رفع الباء، و أن المشار إلیهم بالفاء و الكاف و العین فی قوله فی كسبه علا.
و هم حمزة و ابن عامر و حفص قرءوا بذلك فی وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بالرفع علی ما قید لهم فقرأ ابن عامر و لا نكذب بالرفع و تكون بالنصب و حمزة و حفص بنصبهما و الباقون برفعهما:
و للدّار حذف اللّام الأخری ابن عامرو الآخرة المرفوع بالخفض وكّلا أخبر أن ابن عامر قرأ و لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ [الأنعام: 32] بحذف اللام الأخری من و للدار و خفض رفع التاء من الآخرة فتعین للباقین القراءة بإثبات اللام و رفع التاء من الآخرة و قید الناظم اللام بالأخری لینص علی أن اللام المحذوفة هی لام التعریف و سمیت لاما باعتبارها قبل الإدغام و الأولی هی لام الابتداء فیعلم منه تخفیف الدال لأن لام الابتداء لا تدغم فی الدال، و یعلم تشدید الدال المثبت من لفظه و قید الخفض للضد. و معنی و كلا لزم أی لما حذفت اللام لزم الخفض بالإضافة:
و عمّ علا لا یعقلون و تحتهاخطابا و قل فی یوسف عمّ نیطلا
و یاسین من أصل و لا یكذبونك الخفیف أتی رحبا و طاب تأوّلا أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالعین فی قوله عم علا و هم نافع و ابن عامر و حفص قرءوا فی هذه السورة أَ فَلا یَعْقِلُونَ [یس: 62]، قد نعلم و فی السورة التی تحت هذه السورة و هی سورة الأعراف فَلا یَعْقِلُونَ و الذین یمسكون بتاء الخطاب و أن المشار إلیهم بعمّ و بالنون فی قوله عم نیطلا و هم نافع و ابن عامر و عاصم قرءوا أَ فَلا یَعْقِلُونَ [یوسف: 2]، حَتَّی إِذَا اسْتَیْأَسَ الرُّسُلُ [یوسف: 110] بالخطاب و أن المشار إلیهما بالمیم و الهمزة فی قوله من أصل و هما ابن ذكوان و نافع قرآ أَ فَلا یَعْقِلُونَ [یس: 62]، و ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ [یس: 69] بالخطاب فتعین لمن لم یذكره فی التراجم المذكورة القراءة بیاء الغیب
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 221
ثم أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الراء فی قوله أتی رحبا و هما نافع و الكسائی قرآ فإنهم لا یكذبونك بإسكان الكاف و تخفیف الذال فتعین للباقین القراءة بفتح الكاف و تشدید الذال و علم سكون الكاف من لفظه و فتحه من الإجماع، و النیطل: الدلو، و الرحب: الواسع:
رأیت فی الاستفهام لا عین راجع‌و عن نافع سهّل و كم مبدل جلا أصل رأیت رأی فالراء فاء الفعل و الهمزة عینه ثم دخلت همزة الاستفهام علی رأی فهمزة الاستفهام هی التی قبل الراء و قوله فی الاستفهام یعنی إذا كان قبل الراء همزة الاستفهام سواء اتصل بهذا الفعل حرف خطاب أو حرف عطف أم لا نحو قل أرأیتكم إن أتاكم قل أ رأیتم إن كان أ فرأیت من اتخذ و أ رأیت و شبهه أخبر أن المشار إلیه بالراء من راجع و هو الكسائی قرأ بإسقاط الهمزة الثانیة المعبر عنها بعین الفعل و هی التی بعد الراء ثم أمر بتسهیلها لنافع من روایة قالون و ورش ثم أخبر أن جماعة من القراء و هم المصریون أبدلوها ألفا للمشار إلیه بالجیم من جلا و هو ورش فصار له وجهان كما تقدم له فی أَ أَنْذَرْتَهُمْ [یس: 10]، و ها أنتم و یمد إذا أبدل مد الحجز و البدل له من زیادات القصید و تعین للباقین القراءة بإثباتها محققة علی حالها و حمزة فیها جار علی تخفیف وقفه:
إذا فتحت شدّد لشام و هاهنافتحنا و فی الأعراف و اقتربت كلا
و بالغدوة الشّامیّ بالضّمّ هاهناو عن ألف واو و فی الكهف وصّلا أمر بتشدید حتی إذا فتحت یأجوج و مأجوج بالأنبیاء للشامی و هو ابن عامر و المراد بالتشدید التاء الأولی من فتحت ثم أمر بتشدید التاء هنا فی فتحنا علیهم أبواب كل شی‌ء و فی الأعراف لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ بَرَكاتٍ [الأعراف: 96]، فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ [القمر: 11]، لابن عامر فتعین للباقین القراءة بتخفیف التاء فی الأربعة و معنی كلا حفظ التشدید ثم أخبر أن الشامی و هو ابن عامر قرأ وَ لا تَطْرُدِ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِ [الأنعام: 52] بضم الغین و سكون الدال و بواو مفتوحة مكان الألف هنا و بالكهف كما نطق به فتعین للباقین القراءة بفتح الغین و الدال و ألف بعدها و قید الناظم فتحت بإذا فیخرج عنه فتحت بالزمر و عم یتساءلون و فهم من حصر فتحنا تخفیف غیرها فتحنا علیهم بابا:
و إنّ بفتح عمّ نصرا و بعد كم‌نما یستبین صحبة ذكّروا و لا
سبیل برفع خذ و یقض بضمّ ساكن مع ضمّ الكسر شدّد و اهملا
نعم دون إلباس و ذكّر مضجعاتوفّاه و استهواه حمزة منسلا أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالنون فی قوله عم نصرا و هم نافع و ابن عامر و عاصم قرءوا أنه من عمل منكم سوء بجهالة بفتح الهمزة و أن المشار إلیهما بالكاف و النون من قوله كم نما و هما ابن عامر و عاصم قرآ فإنه غفور رحیم بفتح الهمزة و هو المراد بقوله بعد فتعین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 222
لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بكسرهما فصار ابن عامر و عاصم بفتح الهمزتین و نافع بفتح الأولی و كسر الثانیة و الباقون بكسرهما ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا و لیستبین بیاء التذكیر فتعین لابن كثیر و أبی عمرو و ابن عامر و حفص القراءة بتاء التأنیث و نافع بتاء الخطاب، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خذوهم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا سبیل المجرمین برفع اللام فتعین لنافع القراءة بنصبها فصار حمزة و الكسائی و شعبة و لیستبین سبیل المجرمین بالتذكیر و الرفع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و حفص بالتأنیث و الرفع و نافع بتاء الخطاب و النصب و قوله و یقض بضم ساكن، أخبر أن المشار إلیهم بالنون و الدال و الهمزة فی قوله نعم دون البأس و هم عاصم و ابن كثیر و نافع قرءوا إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [یوسف: 40]، یقصّ بضم القاف الساكنة مع ضم الكسر فی الضاد و أمر لهم بتشدیدها و إهمالها و أراد بالإهمال إزالة النقطة فتصیر یقصّ الحق من القصص فتعین للباقین القراءة بإبقاء القاف علی سكونها و الضاد علی كسرها و تخفیفها معجمة بنقطة من القضاء كما لفظ به و قوله و ذكر مضجعا، أخبر أن حمزة قرأ توفته رسلنا و استهوته الشیاطین بألف ممالة إمالة محضة قبل الهاء علی التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث مكان الألف و قوله منسلا من انسلت القوم أی تقدمتهم و هو حال من حمزة.
معا خفیة فی ضمّة كسر شعبةو أنجیت للكوفیّ أنجی تحوّلا
قل اللّه ینجیكم یثقّل معهم‌هشام و شام ینسینّك ثقّلا قوله: معا خفیة یعنی فی موضعین تدعونه تضرعا و خفیة هنا، و ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْیَةً [الأعراف: 55]، أخبر أن شعبة و هو أبو بكر قرأ بكسر ضم الخاء فی الموضعین هنا و فی الأعراف فتعین للباقین القراءة بضم الخاء فیهما ثم أخبر أن أنجیتنا تحول للكوفی أنجانا علی ما لفظ به فی القراءتین یعنی أن عاصما و حمزة و الكسائی قرءوا لئن أنجانا من هذه بألف بین الجیم و نون الضمیر و الباقون أنجیتنا بیاء مثناة تحت و أخری مثناة فوق، و الهاء و المیم من قوله معهم یعود علی الكوفیین المذكورین فی البیت السابق، أخبر أن الكوفیین و هشاما معهم قرءوا قُلِ اللَّهُ یُنَجِّیكُمْ [الأنعام: 64] منها بفتح النون و تشدید الجیم فتعین للباقین القراءة بإسكان النون و تخفیف الجیم و قید ینجیكم بقل اللّه لیخرج به قل من ینجیكم المتفق التشدید ثم أخبر أن الشامی و هو ابن عامر قرأ و إما ینسینك الشیطان بفتح النون الأولی و تشدید السین فتعین للباقین القراءة بسكون النون و تخفیف السین.
و حرفی رأی كلا أمل مزن صحبةو فی همزة حسن و فی الرّاء یجتلا
بخلف و خلف فیهما مع مضمرمصیب و عن عثمان فی الكلّ قلّلا یرید رأی إذا كان فعلا ماضیا عینه همزة بعدها ألف و أراد بحرفیه الراء و الهمزة كلا أی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 223
كل ما جاء منها فی القرآن فكلامه فی هذین البیتین علی ما جاء من ذلك قبل حرف متحرك و هو ستة عشر موضعا: رَأی كَوْكَباً [الأنعام: 76]، و رَأی أَیْدِیَهُمْ [هود: 70]، و رَأی بُرْهانَ [یوسف: 240]، و رَأی قَمِیصَهُ [یوسف: 280]، و رَأی ناراً [طه:
10]، وَ إِذا رَآكَ [الأنبیاء: 36]، و رَآها تَهْتَزُّ [النمل: 10]، و رَآهُ مُسْتَقِرًّا [النمل: 40]، و رَآها تَهْتَزُّ [القصص: 31]، فَرَآهُ حَسَناً [فاطر: 8]، فَاطَّلَعَ فَرَآهُ [الصافات: 55]، ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأی [النجم: 11]، وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْری [النجم: 13]، و لَقَدْ رَأی مِنْ آیاتِ رَبِّهِ الْكُبْری [النجم: 18]، وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ [التكویر: 23]، و أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی [العلق: 70]، أمر بإمالة الراء و الهمزة فی حالین من هذه المواضع كلها للمشار إلیهم بالمیم و بصحبة من قوله مزن صحبة و هم ابن ذكوان و حمزة و الكسائی و شعبة. و المزن جمع مزنة و هی السحابة البیضاء و المطر ثم قال و فی همزة حسن، أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حسن و هو أبو عمرو أمال الهمزة دون الراء ثم قال و فی الراء یجتلا بخلف، أخبر أن المشار إلیه بالیاء من یجتلا و هو السوسی أمال الراء بخلاف عنه فصار للسوسی وجهان إمالة الراء و الهمزة و فتح الراء و إمالة الهمزة. ثم قال و خلف فیهما مع مضمره مصیب، أخبر أن المشار إلیه بالمیم من مصیب و هو ابن ذكوان اختلف عنه فیهما أی فی إمالة الراء و الهمزة إذا كانا مع مضمر و جملته تسعة مواضع وَ إِذا رَآكَ [الأنبیاء: 36]، فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ [النمل: 10]، فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ [النمل: 40]، فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ [القصص: 31]، فَرَآهُ حَسَناً [فاطر: 8]، فَاطَّلَعَ فَرَآهُ [الصافات: 55]، وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْری [النجم: 13]، وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ [التكویر: 23]، و أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی [العلق: 7]، و الخلف المشار إلیه أن ابن ذكوان روی عنه إمالة الراء و الهمزة و روی عنه فتحهما، و أما إذا لم یكن مع مضمر فلا خلاف عنه فی إمالة الراء و الهمزة. ثم قال و عن عثمان فی الكل قللا، أخبر أن ورشا روی عنه تقلیل الراء و الهمزة أی قراءتهما بین اللفظین فی الكل أی فی كل ما كان مع مضمر و ما كان مع ظاهر فتعین لمن لم یذكره فی هذه التراجم القراءة بفتح الراء و الهمزة فصار قالون و ابن كثیر و هشام و حفص بفتح الراء و الهمزة مطلقا و ورش بتقلیلهما و حمزة و الكسائی و شعبة بإمالتهما و الدوری أمال الهمزة و فتح الراء و السوسی قرأ مثله فی روایة عنه و أمالهما فی روایة أخری و ابن ذكوان فرق بین ما لم یتصل به ضمیر و بین ما اتصل به فأمالهما فیما لم یتصل به مضمر بلا خلاف و قرأ بإمالتهما و فتحهما فیما اتصل به ضمیر ثم انتقل إلی القسم الثانی و هو ما وقع قبل ساكن فقال:
و قبل السكون الرّا أمل فی صفا یدبخلف و قل فی الهمز خلف یقی صلا
وقف فیه كالأولی و نحو رأت رأوارأیت بفتح الكلّ وقفا و موصلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 224
كلامه الآن فیما جاء من رأی قبل الساكن المنفصل أی قبل لام التعریف الساكن و هو ستة مواضع: رَأَی الْقَمَرَ [الأنعام: 77]، و رَأَی الشَّمْسَ [الأنعام: 78]، و رَأَی الَّذِینَ ظَلَمُوا [النحل: 85]، و رَأَی الَّذِینَ أَشْرَكُوا [النحل: 86]، وَ رَأَی الْمُجْرِمُونَ [الكهف: 53]، و رَأَ الْمُؤْمِنُونَ [الأحزاب: 22]، أمر بإمالة الراء فی الوصل من هذه المواضع للمشار إلیهم بالفاء و الصاد و الیاء من قوله فی صفائد و هم حمزة و شعبة و السوسی. ثم قال بخلف: یعنی عن المذكور منهم آخرا و هو السوسی، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالیاء و الصاد فی قوله یقی صلا و هما السوسی و شعبة أمالا الهمزة بخلاف عنهما فصار حمزة بإمالة الراء و فتح الهمزة و شعبة عنه وجهان إمالة الراء و فتح الهمزة كحمزة و إمالة الراء و الهمزة معا و السوسی عنه وجهان فتح الراء و الهمزة معا و إمالة الراء و الهمزة معا و الباقون بفتح الراء و الهمزة معا و الخلف المشار إلیه عن السوسی أن أبا عمرو الدانی قرأ علی أبی الفتح الضریر بإمالتهما و علی ابن غلبون بفتحهما و روی عن الزیدی من غیر طریق السوسی و الدوری إمالة الراء و فتح الهمزة و هو طریق ابن سعدان و ابن جبیر و عكسه بفتح الراء و إمالة الهمزة و هی طریق أبی حمدون و أبی عبد الرحمن و هذا الوجه فی التیسیر و الوجه الذی قبله ذكره الدانی فی الموضح و بالجمیع قرأت و قوله وقف فیه كالأولی فیه أی علیه أی وقف علیه كالكلمة الأولی و هی رأی كوكبا و أخواتها. أمر الناظم رحمه اللّه أن یفعل فی الوقف علی رأی الواقع قبل السكون ما فعل فی رأی الواقع قبل الحركة من إمالة الهمزة وحدها للدوری و من إمالتها وحدها و إمالتها مع الراء للسوسی و من إمالتها لابن ذكوان و حمزة و الكسائی و شعبة و من تفلیل فتحهما لورش و من فتحهما للباقین و الوجه فی ذلك أن الألف یعود فی الوقف لزوال الساكن فیصیر من النوع الأول فیكون حكمه حكمه فیجری كل واحد منهم علی أصله فی المتحرك. و قوله نحو رأت رأوا رأیت، یعنی إذا اتصل برأی ساكن لا یفارقه نحو رأته حسبته و رأتهم من مكان بعید و إذا رأوك و إذا رأوهم فلما رأوه و إذا رأیت الذین فلما رأیته بفتح الكل أی بفتح القراء كلهم أی لا خلاف فی فتح الراء و فتح الهمزة فی الوصل و الوقف لأن الساكن لا ینفصل من رأی فی وقف و لا وصل و الخلاف إنما وقع فیما یصح انفصاله من الساكن الذی بعده و رجوع الألف إلیه فی حال الوقف علیه.
و خفّف نونا قبل فی اللّه من له‌بخلف أتی و الحذف لم یك أوّلا قوله قبل فی اللّه، أراد به أ تحاجونی فی اللّه و لم یمكنه النطق بالكلمة فی نظمه لما فیها من اجتماع الساكنین فلذلك قال قبل فی اللّه من له و أخبر أن المشار إلیهم بالمیم و اللام و الهمزة فی قوله من له أتی و هم ابن ذكوان و هشام و نافع قرءوا أَ تُحاجُّونِّی فِی اللَّهِ [الأنعام: 80]، بتخفیف النون فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و قوله بخلف أی عن هشام التشدید و التخفیف و الأصل أ تحاجوننی بنونین فمن شدد أدغم الأولی فی الثانیة و لا بد من إشباع مد الواو لأجل الساكنین و هما الواو و النون الأولی المدغمة و من خفف حذف إحدی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 225
النونین. و اختلف فی المحذوفة منهما فذهب الحذاق من النحویین إلی أن المحذوفة هی الثانیة و إلیه أشار الناظم بقوله و الحذف لم یك أولا و إنما لم تحذف الأولی لأنها علامة الرفع و لما حذفت الثانیة كسرت الأولی لأجل یاء الضمیر.
و فی درجات النّون مع یوسف ثوی‌و و اللّیسع الحرفان حرّك مثقّلا
و سكّن شفاء و اقتده حذف هائه‌شفاء و بالتّحریك بالكسر كفّلا
و مدّ بخلف ماج و الكلّ واقف‌بإسكانه یذكو عبیرا و مندلا أراد نرفع درجات من نشاء هنا و بیوسف و أراد بالنون التنوین، و أخبر أن المشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون قرءوا نرفع درجات فی السورتین بتنوین التاء فتعین للباقین القراءة بغیر تنوین، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفاء و هما حمزة و الكسائی قرآ و اللیسع و أراد بالحرفین الكلمتین هنا و فی صاد بفتح اللام منهما مع تشدیدها و تسكین الیاء و أراد بالتحریك الفتح فتعین للباقین القراءة بتسكین اللام و فتح الیاء و قوله و اقتده حذف هائه شفاء أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفاء و هما حمزة و الكسائی قرآ فبهداهم اقتده بحذف الهاء فی الوصل فتعین للباقین القراءة بإثباتها و أن من أشار إلیه بالكاف من كفلا و هو ابن عامر حركها بالكسر. ثم أمر للمشار إلیه بالمیم من ماج و هو ابن ذكوان یمدها بخلاف عنه فتعین للباقین القراءة بإسكانها و أراد بالمد إشباع الكسر حتی یتولد منه یاء و هذا الوجه عن ابن ذكوان هو المذكور عنه فی التیسیر و القصر عنه من زیادات القصید و معنی ماج اضطرب و حیث كان خلاف الهاء فی الوصل تعرض لما یفهم منه بقوله و الكل واقف بإسكانه أی بإسكان الهاء، أخبر أن الجمیع یثبتون الهاء ساكنة فی الوقف من حذفها فی الوصل و من حركها و من سكنها أیضا. و قوله یذكو عبیرا و مندلا لم یتعلق به حكم و إنما تمم به البیت.
و یذكو: معناه یفوح. و العبیر: الزعفران، و المندل: العود الهندی و قال صاحب الصحاح:
المندل عطر ینسب إلی المندل و هی بلاد الهند.
و تبدونها تخفون مع تجعلونه‌علی غیبه حقّا و ینذر صندلا أخبر أن المشار إلیهما بحقا و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ یجعلونه قرأ طیس یبدونها و یخففون كثیرا بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب فی الكلمات الثلاث ثم قال:
و ینذر صندلا أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صندلا و هو شعبة قرأ و لینذر أم القری و من حولها بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و حذف الناظم لام لتنذر ضرورة و لم یذكر الغیب اكتفاء بتقدیم ذكره فی ترجمة یجعلونه، و الصندل: شجر طیب الرائحة.
و بینكم ارفع فی صفا نقر و جاعل اقصر و فتح الكسر و الرّفع ثمّلا
و عنهم بنصب اللّیل و اكسر بمستقرر القاف حقّا خرّقوا ثقله انجلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 226
أخبر أن المشار إلیهم بالفاء و الصاد و بنفر من قوله فی صفا نفر و هم حمزة و شعبة و ابن كثیر و أبو عمرو، و ابن عامر قرءوا لقد تقطع بینكم برفع النون فتعین للباقین القراءة بنصبها و قوله و جاعل اقصر، أی احذف الألف منه و قوله و فتح الكسر أی فتح كسر العین و قوله و الرفع أی و فتح رفع اللام و قوله و عنهم أی و عن الكوفیین بنصب اللیل أی بنصب اللام منه یعنی أن المشار إلیهم بالثاء من ثملا و هم عاصم و حمزة و الكسائی قرءوا وَ جَعَلَ اللَّیْلَ سَكَناً [الأنعام: 96] بفتح العین و اللام من غیر ألف و نصب اللیل فتعین للباقین أن یقرءوا و جاعل اللیل بألف و كسر العین و رفع اللام و خفض اللیل و قوله و اكسر بمستقر القاف أمر للمشار إلیهما بقوله حقا و هما ابن كثیر و أبو عمرو بكسر القاف فی مستقر و مستودع فعین للباقین القراءة بفتحها و قوله خرقوا ثقله انجلا أخبر أن المشار إلیه بالألف من انجلا و هو نافع قرأ و خرقوا له بنین و بنات بتشدید الراء فتعین للباقین القراءة بتخفیفها، و معنی ثملا:
أصلح، و انجلا: انكشف.
و ضمّان مع یاسین فی ثمر شفاو دارست حق مدّه و لقد حلا
و حرّك و سكّن كافیا و اكسرنّهاحمی صوبه بالخلف درّ و أوبلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ انظروا إلی ثمره و كلوا من ثمره بهذه السورة و لِیَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ [یس: 35] بضم الثاء و المیم فتعین للباقین القراءة بفتحها و قوله و دارست حق مده أخبر أن المشار إلیهما بقوله حق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ و لیقولوا دارست بالمد أی بألف بعد الدال ثم قال و لقد حلا یعنی المد فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بحذف الألف ثم قال: و حرك و سكن كافیا، أمر للمشار إلیه بالكاف من كافیا و هو ابن عامر بتحریك السین أی بفتحها و بتسكین التاء و له القصر مع الجماعة فتعین للباقین القراءة بسكون السین و فتح التاء و قد تقدم لهم القصر فصار نافع و الكوفیون درست بالقصر و إسكان السین و فتح التاء و ابن كثیر و أبو عمرو بالمد و الإسكان و الفتح و ابن عامر بالقصر و فتح السین و إسكان التاء و قوله و اكسرنها أمر للمشار إلیهم بالحاء و الصاد و الدال فی قوله حمی صوبه بالخلف در و هم أبو عمرو و شعبة و ابن كثیر بكسر الهمزة فی و ما یشعركم أنها إذا جاءت فتعین للباقین القراءة بفتحها و قوله بالخلف أی عن شعبة لأن الناظم رحمه اللّه ذكر الخلف بعد رمز شعبة فحصل له فی أنها وجهان فتح الهمزة و كسرها و الهاء من صوبه للكسر، و الصوب: نزول المطر، و در أی تتابع نزوله و أوبلا: إذا صار ذا وبل.
و خاطب فیها یؤمنون كما فشاو صحبة كف‌ء فی الشّریعة وصّلا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الفاء فی قوله كما فشا و هما ابن عامر و حمزة قرآ إذا جاءت لا تؤمنون بالخطاب فیها أی فی هذه السورة و أن المشار إلیهم بصحبة و الكاف فی قوله كف‌ء و هم حمزة و الكسائی و شعبة و ابن عامر قرءوا، فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آیاتِهِ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 227
یُؤْمِنُونَ [الجاثیة: 6]، بتاء الخطاب أیضا فتعین لمن یذكره فی الترجمتین القراءة بیاء الغیب، و معنی وصلا: أی وصله النقلة إلینا.
و كسر و فتح ضمّ فی قبلا حمی‌ظهیرا و للكوفیّ فی الكهف وصّلا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء و الظاء فی قوله حمی ظهیرا و هم أبو عمرو و ابن كثیر و الكوفیون قرءوا بهذه السورة وَ حَشَرْنا عَلَیْهِمْ كُلَّ شَیْ‌ءٍ قُبُلًا [الأنعام: 111] بضم كسر القاف و ضم فتح الباء ثم أخبر أن هذا التقیید المذكور وصل للكوفیین فی سورة الكهف یعنی أن عاصما و حمزة و الكسائی قرءوا أیضا أو یأتیهم العذاب قبلا بضم كسر القاف و ضم فتح الباء فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بكسر القاف و فتح الباء.
و قل كلمات دون ما ألف ثوی‌و فی یونس و الطّول حامیه ظلّلا أخبر أن المشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم عاصم و حمزة و الكسائی قرءوا هنا وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا [الأنعام: 115] بترك الألف و أن المشار إلیهم بالحاء و الظاء فی قوله حامیه ظللا و هم أبو عمرو و ابن كثیر و الكوفیون قرءوا كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَی الَّذِینَ فَسَقُوا [یونس: 33]، إن الَّذِینَ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ كلاهما [یونس: 96]، وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَی الَّذِینَ كَفَرُوا [غافر: 6]، بترك الألف فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بإثبات الألف بعد المیم.
و شدّد حفص منزل و ابن عامرو حرّم فتح الضّمّ و الكسر إذ علا
و فصّل إذ ثنی یضلّون ضمّ مع‌یضلّوا الّذی فی یونس ثابتا و لا أخبر أن حفصا و ابن عامر قرآ أنه منزل من ربك بتشدید الزای و فتح النون فتعین للباقین القراءة بتخفیف الزای و إسكان النون، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و العین فی قوله إذ علا و هما نافع و حفص قرآ ما حرم علیكم بفتح ضم الحاء و فتح كسر الراء فتعین للباقین القراءة بضم الحاء و كسر الراء و أن المشار إلیهم بالهمزة و الثاء فی قوله إذ ثنی و هم نافع و الكوفیون قرءوا فصل لكم بالتقیید المذكور یعنی بفتح ضم الفاء و فتح كسر الصاد فتعین للباقین القراءة بضم الفاء و كسر الصاد فصار نافع و حفص فی و قد فصل لكم ما حرم علیكم بفتح الفعلین و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر بضمهما و شعبة و حمزة و الكسائی بفتح فصل و ضم حرم فحصل ثلاث قراءات و قدم الناظم رحمه اللّه حرم علیكم علی و قد فصل لكم و هو بعده فی التلاوة. ثم أخبر أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله ثابتا و هم الكوفیون قرءوا هنا وَ إِنَّ كَثِیراً لَیُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ [الأنعام: 119]، رَبَّنا لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِكَ [یونس:
88] بضم الیاء فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء فیهما.
رسالات فرد و افتحوا دون علّةو ضیقا مع الفرقان حرّك مثقّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 228 بكسر سوی المكّیّ و را حرجا هناعلی كسرها ألف صفا و توسّلا أخبر أن المشار إلیهما بالدال و العین فی قوله دون علة و هما ابن كثیر و حفص قرآ حیث یجعل رسالاته بحذف الألف الثانیة علی التوحید و أمر بفتح التاء لهما فتعین للباقین القراءة بإثبات الألف و كسر التاء علی الجمع و عبر عن التوحید بقوله فردا أی بالإفراد و قوله و ضیقا مع الفرقان حرك مثقلا. بكسر سوی المكی، أمر بتحریك الیاء بالكسر مع تشدیدها فی یجعل صدره ضیقا هنا و مَكاناً ضَیِّقاً [الفرقان: 13] لكل القراء إلا ابن كثیر فإنه قرأ بتخفیف الیاء و إسكانها فیهما و قوله و را حرجا هنا، أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الصاد فی قوله ألف صفا و هما نافع و شعبة قرآ هنا حرجا كأنما بكسر الراء فتعین للباقین القراءة بفتحها، و الألف الألیف: و صفا أخلص، و توسلا: تقرب.
و یصعد خفّ ساكن دم و مدّه‌صحیح و خفّ العین داوم صندلا أخبر أن المشار إلیه بالدال من دم و هو ابن كثیر قرأ كأنما یصعد بتخفیف الصاد و إسكانها فتعین للباقین القراءة بتشدید الصاد و فتحها ثم قال و مده صحیح، أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صحیح و هو شعبة قرأ بمد الصاد أی بألف بعدها فتعین للباقین القراءة بغیر ألف ثم أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الصاد فی قوله داوم صندلا و هما ابن كثیر و شعبة قرآ بتخفیف العین فتعین للباقین القراءة بتشدیدها ففیها ثلاث قراءات ابن كثیر یصعد بإسكان الصاد و تخفیف العین و شعبة یصاعد بتشدید الصاد و ألف بعدها و تخفیف العین و الباقون یصعد بتشدید الصاد و العین من غیر ألف بینهما و لا خلاف فی قوله تعالی: إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ [فاطر: 10] أنه بالتخفیف من غیر ألف.
و نحشر مع ثان بیونس و هو فی‌سبا مع نقول الیا فی الأربع عمّلا أخبر أن المشار إلیه بالعین من عملا و هو حفص قرأ هنا وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً یا مَعْشَرَ الْجِنِ [الأنعام: 128]، وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ یَلْبَثُوا [یونس: 40]، و قیده بالثانی و هو فی سبأ وَ یَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً [یونس: 48]، ثم نقول بالیاء فی الأربع كلمات أعنی نحشر فی الثلاث مواضع و نقول و هو رابع لأنه عد نقول مع الثلاثة فتعین للباقین القراءة بالنون فیهن و لا خلاف فی وَ یَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً [یونس: 48]، ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشْرَكُوا أَیْنَ شُرَكاؤُكُمُ [الأنعام: 22]، وَ یَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ [یونس: 280]، الأول بیونس أنهما بالنون فی نحشر و نقول:
و خاطب شام یعملون و من تكون فیها و تحت النّمل ذكّره شلشلا أخبر أن الشامی و هو ابن عامر (و لكل درجات مما عملوا و ما ربك بغافل عما تعملون) [الأنعام: 132]، بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب، ثم أمر للمشار
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 229
إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی بالقراءة بالتذكیر و من یكون له عاقبة الدار هنا و تحت النمل یعنی القصص فتعین للباقین القراءة بالتأنیث فیهما.
مكانات مدّ النّون فی الكلّ شعبةبزعمهم الحرفان بالضّمّ رتّلا أخبر أن شعبة قرأ مكاناتكم بمد النون أی بالألف بعد النون فی كل ما فی القرآن فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بحذف الألف نحو قل یا قوم اعملوا علی مكانتكم و لو نشاء لمسخناهم علی مكانتهم ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من قوله رتلا و هو الكسائی قرأ فقالوا هذا للّه بزعمهم و لا یطعمها إلا من نشاء بزعمهم بضم الزای فیهما و مراده بالحرفین الموضعان فتعین للباقین القراءة بفتح الزای فیهما.
و زیّن فی ضمّ و كسر و رفع قتل أولادهم بالنّصب شامیّهم تلا
و یخفض عنه الرّفع فی شركاؤهم‌و فی مصحف الشّامین بالیاء مثّلا أخبر أن الشامی و هو ابن عامر قرأ و كذلك زین لكثیر من المشركین قتل أولادهم شركائهم بضم الزای و كسر الیاء و رفع اللام من قتل و نصب الدال من أولادهم و خفض رفع الهمزة فی شركائهم فتعین للباقین أن یقرءوا و كذلك زین بفتح الزای و الیاء لكثیر من المشركین قتل بنصب اللام أولادهم بخفض الدال شركاؤهم برفع الهمزة و قوله و فی مصحف الشامین بالیاء مثلا أخبر أن شركاءهم مرسوم بالیاء فی مصحف أهل الشام: الذی بعثه إلیهم عثمان بن عفان رضی اللّه عنه و هذا مما یقوی قراءة ابن عامر ثم قال رحمه اللّه تعالی:
و مفعوله بین المضافین فاصل‌و لم یلف غیر الظّرف فی الشّعر فیصلا
كاللّه درّ الیوم من لامها فلاتلم من ملیمی النّحو إلّا مجهّلا
و مع رسمه زجّ القلوص أبی مزادة الأخفش النّحویّ أنشد مجملا تقدیر قراءة ابن عامر و كذلك زین لكثیر من المشركین قتل شركائهم أولادهم فقوله شركائهم مخفوض بإضافة قتل إلیه و أولادهم مفعول بقوله قتل فجاء المفعول فی قراءته و هو أولادهم فاصل بین المضاف و المضاف إلیه و لأجل ذلك أنكر هذه القراءة قوم من النحاة قالوا لم تفصل العرب بین المضاف و المضاف إلیه سوی بالظرف فی الشعر خاصة فی مثل قول الشاعر:
للّه در الیوم من لامها
لأن الیوم و هو ظرف فصل بین المضاف و المضاف إلیه و هو در من و التقدیر للّه در من لامها الیوم. و اعلم أن هذا عجز بیت لعمرو بن قمئة و أوله:
لما رأت ساتیدما استعبرت‌للّه در الیوم من لامها و ساتیدما موضع و استعبرت بكت و قوله فلا تلم من ملیم النحو أی النحاة الذین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 230
تعرضوا لإنكار قراءة ابن عامر علی قسمین منهم من ضعفها و منهم من جهل قارئها فلا تلم الأول و اعذره و لا تلم إلا الثانی بتجهیله مثل ابن عامر و تخطئته إیاه مع ثبوت قراءته و رفع قدره و صحة ضبطه و تحقیقه فمن خطأ مثل هذا فهو الذی یستحق اللوم فإذا ثبتت القراءة فلا وجه للرد و الإنكار مع كون الرسم شاهدا للقراءة و هو جر شركائهم. و كلام العرب أیضا و هو ما أنشده أبو الحسن الأخفش سعید سعد بن سعدة النحوی صاحب الخلیل و سیبویه:
فزججتها بمزجة زجّ القلوص أبی مزادة تقدیره زجّ أبی مزادة القلوص فالقلوص مفعول بقوله زجّ و جاء فی هذا الشعر فاصلا بین المضافین كما جاء المفعول فاصلا فی الآیة فكأنه یقول و مع شهادة الرسم بصحته فالأخفش أنشد مستشهدا له بقول القائل و ذكر البیت و مجملا أی غیر طاعن كما فعل غیره و یقع فی بعض النسخ ملیمی بالیاء بلفظ الجمع و فی بعضها بغیر یاء بلفظ المفرد و هو الروایة و قول الناظم رحمه اللّه أبی مزادة الأخفش بفتح الهاء من مزادة و كان بعض الشیوخ یجیز قراءتها بالتاء و فتحها.
و إن تكن أنّث و میتةدنا كافیا و افتح حصاد كذی حلا
نما و سكون المعز حصن و أنّثوایكون كما فی دینهم میتة كلا أمر بتأنیث یكن للمشار إلیهما بالكاف و الصاد فی قوله كف‌ء صدق و هما ابن عامر و شعبة قرآ و محرّم علی أزواجنا و إن تكن بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الكاف فی قوله دنا كافیا و هما ابن كثیر و ابن عامر قرآ میتة فهم فیه شركاء بالرفع كما نطق به فتعین للباقین القراءة بالنصب فصار ابن عامر و إن تكن میتة بالتأنیث و الرفع و شعبة بالتأنیث و النصب و ابن كثیر بالتذكیر و الرفع و الباقون بالتذكیر و النصب و قوله و افتح حصاد أمر للمشار إلیهم بالكاف و الحاء و النون فی قوله كذی حلا نما و هم ابن عامر و أبو عمرو و عاصم بفتح الحاء فی حصاده فتعین للباقین القراءة بكسرها و قوله و سكون المعز حصن. أخبر أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا و من المعز بسكون العین فتعین للباقین القراءة بفتحها، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الفاء و الدال فی قوله:
كما فی دینهم و هم ابن عامر و حمزة و ابن كثیر قرءوا إلا أن تكون بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كلا و هو ابن عامر قرأ میتة أو دما بالرفع كما لفظ به فتعین للباقین القراءة بالنصب فصار ابن عامر إلا أن تكون میتة بالتأنیث و الرفع و حمزة و ابن كثیر بالتأنیث و النصب و الباقون بالتذكیر و النصب و علم رفع میتة فی الموضعین من إطلاقه المقرر فی قوله و فی الرفع و التذكیر.
و تذّكّرون الكلّ خفّ علی شذاو أنّ اكسروا شرعا و بالخفّ كمّلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الشین فی قوله علی شذا و هم حفص و حمزة و الكسائی قرءوا تذكرون بتخفیف الذال فی كل ما فی القرآن منه إذا كان بتاء واحدة مثناة من فوق نحو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 231
ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون فتعین للباقین القراءة بالتشدید، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شرعا و هما حمزة و الكسائی قرآ و أن هذا صراط مستقیما بكسر الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم قال: و بالخف كملا أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كملا و هو ابن عامر قرأ بتخفیف النون فتعین للباقین القراءة بتشدیدها فصار و إن بكسر الهمزة و تشدید النون لحمزة و الكسائی و بفتح الهمزة و تخفیف النون لابن عامر و بفتح الهمزة و تشدید النون للباقین و قوله كملا أی كمل ثلاث قراءات.
و یأتیهم شاف مع النّحل فارقوامع الرّوم مدّاه خفیفا و عدّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاف و هما حمزة و الكسائی قرآ هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ [الأنعام: 108]، أَوْ یَأْتِیَ أَمْرُ رَبِّكَ [النحل: 33] هنا و هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ یَأْتِیَ أَمْرُ رَبِّكَ [النحل: 33]، بیاء التذكیر كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و الألف فی مداه ضمیر مدلول شاف و هما حمزة و الكسائی قرآ (إن الذین فارقوا دینهم) [الأنعام: 159]، و (من الذین فارقوا دینهم) [الروم: 32]، بالمد أی بألف بعد الفاء و تخفیف الراء فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بحذف الألف و تشدید الراء فیهما و علمت ترجمة یأتیهم من إطلاقه المقرر فی قوله و فی الرفع و التذكیر و الغیب جملة علی لفظها أطلقت و علم أن مد فارقوا ألف و أنه بعد الفاء من لفظه و معنی عدلا: أصلح.
و كسر و فتح خفّ فی قیما ذكاو یاءاتها وجهی مماتی مقبلا
و ربی صراطی ثمّ إنّی ثلاثةو محیای و الإسكان صحّ تحملا أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذكا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا دینا قیما بكسر القاف و فتح الیاء و تخفیفها فتعین للباقین القراءة بفتح القاف و كسر الیاء و تشدیدها. ثم أخبر أن فیها ثمان یاءات إضافة وجهی للذی و مماتی للّه و ربی إلی صراط مستقیم و أن هذا صراطی مستقیما و قوله ثم إنی ثلاثة أراد إنی أمرت و إنی أخاف و إنی أراك و محیای و أشار بقوله و الإسكان صح تحملا إلی صحة نقل الإسكان فی محیای عن قالون و ترك الالتفات إلی قول من طعن فیه من النحاة و لما احتاج إلی قافیة البیت الأول أتی بمناسب فقال مماتی مقبلا أی جاء موتی مسرعا إلیّ.

سورة الأعراف‌

و تذّكّرون الغیب زد قبل تائه‌كریما و خفّ الذّال كم شرفا علا أمر للمشار إلیه بالكاف من قوله كریما و هو ابن عامر بزیادة یاء الغیب المثناة تحت قبل تاء تذكرون فتصیر قراءته قلیلا ما یتذكرون و قراءة الباقین قلیلا ما تذكرون بحذف
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 232
الزیادة، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الشین و العین فی قوله: كم شرفا علا و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی و حفص قرءوه بتخفیف الذال فتعین للباقین القراءة بتشدیدها فإن قیل قد تقدم فی سورة الأنعام فی قوله: و تذكرون الكل خف علی شذا أن حفصا و حمزة و الكسائی قرءوا تذكرون بالتخفیف حیث جاء و معلوم أن الذال مع حرف الغیب لا تكون إلا خفیفة قیل إنما أعاد الكلام هنا لأجل زیادة ابن عامر معهم علی تخفیف الذال و هنا زیادة فائدة لم یتقدم النص علیها لأنه لم یذكر فیما تقدم الحرف الذی یقع فیه التخفیف هناك و هنا عینه بأن الذال لأنه قد تقدم أن التقیید فی تذكرون إذا كان فی أوله تاء واحدة غیر مصاحبة لیاء الغیب فاحتاج إلی النص علیه فتحصل فیها هنا ثلاث قراءات ابن عامر یتذكرون بزیادة الیاء علی التاء و تخفیف الذال و حمزة و الكسائی و حفص تذكرون بحذف الزیادة مع تخفیف الذال و الباقون بحذف الزیادة و تشدید الذال.
مع الزّخرف اعكس تخرجون بفتحةو ضمّ و أولی الرّوم شافیه مثّلا
بخلف مضی فی الرّوم لا یخرجون فی‌رضا و لباس الرّفع فی حقّ نهشلا اعلم أنه یروی فی النظم تخرجون بضم التاء و فتح الراء مبنیا للمفعول و یروی تخرجون بفتح التاء و ضم الراء مبنیا للفاعل عكس ما تقدم فإذا نطقنا به مبنیا للفاعل فنكون قد نطقنا بقراءة المرموز لهم ثم نعكسها للمسكوت عنهم و إذا نطقنا به علی روایة البناء للمفعول فنكون قد نطقنا بقراءة المسكوت عنهم ثم نعكسها للمرموز لهم. و معنی اعكس قدم الفتحة و أخر الضمة و ضده ترك العكس فتبقی الفتحة متأخرة و الضمة متقدمة أمر بعكس الحركات للمشار إلیهم بالشین و المیم فی قوله شافیه مثلا و هم حمزة و الكسائی و ابن ذكوان قرءوا وَ مِنْها تُخْرَجُونَ [الأعراف: 25]، یا بَنِی آدَمَ [الروم: 19]، هنا وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ [الروم: 24]، و من آیاته و هو الأول من الروم و بَلْدَةً مَیْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ [الزخرف: 11] بفتح التاء و ضم الراء فتعین للباقین القراءة بضم التاء و فتح الراء ثم قال بخلف مضی فی الروم أخبر أن المشار إلیه بالمیم من مضی و هو ابن ذكوان اختلف عنه فی تخرجون و من آیاته الأولی من الروم فروی عنه كحمزة و الكسائی و روی عنه كالباقین و احترز بقوله و أولی الروم عن ثانیتها إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ فإنه بفتح التاء و ضم الراء للسبعة، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و الراء فی قوله فی رضا و هما حمزة و الكسائی قرآ فی سورة الجاثیة فَالْیَوْمَ لا یُخْرَجُونَ مِنْها [الجاثیة: 35] بفتح الیاء و ضم الراء فتعین للباقین القراءة بضم الیاء و فتح الراء و الروایة فی لا یخرجون علی بنائه للفاعل و لا خلاف فی الحشر فی قوله تعالی: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا یَخْرُجُونَ مَعَهُمْ [الحشر: 12]، أنه بفتح الیاء و ضم الراء للسبعة، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالفاء و النون و بحق المتوسط بینهما فی قوله فی حق نهشلا و هم حمزة و ابن كثیر و أبو عمرو و عاصم قرءوا وَ لِباسُ التَّقْوی [الأعراف: 26] برفع
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 233
السین فتعین للباقین القراءة بنصبها.
و خالصة أصل و لا یعلمون قل‌لشعبة فی الثّانی و یفتح شمللا
و خفّف شفا حكما و ما الواو دع كفی‌و حیث نعم بالكسر فی العین رتّلا أخبر أن المشار إلیه بالهمزة من قوله أصل و هو نافع قرأ خالصة یوم القیامة برفع التاء كما لفظ به فتعین للباقین القراءة بنصبها و أن شعبة قرأ و لكن لا یعلمون بیاء الغیب كما نطق به فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب، و قوله فی الثانی أی ثانی موضعی لا یعلمون المتعین بعد خالصة لیخرج أولهما بعدها و هو وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [البقرة: 219] فإنه متفق الخطاب و لا یحمل علی قوله تعالی: لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ [البقرة: 219]، و إن كان بعد خالصة لعدم لا و لا علی أَمْ تَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [البقرة: 80]، لأنها قبلها إذ لو أراده لقدمه إذ فی مثل هذا یلتزم الترتیب، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شمللا و هما حمزة و الكسائی قرآ لا یفتح لهم بیاء التذكیر علی ما لفظ فتعین للباقین القراءة بالتأنیث، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الحاء فی قوله شفا حكما و هم حمزة و الكسائی و أبو عمرو قرءوا لا تفتح لهم بإسكان الفاء و تخفیف التاء بعدها فتعین للباقین القراءة بفتح الفاء و تشدید التاء فصار حمزة و الكسائی بالتذكیر و التخفیف و أبو عمرو بالتأنیث و التخفیف و الباقون بالتأنیث و التشدید و قوله: و ما الواو دع أمر بترك الواو من قوله تعالی: وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِیَ [الأعراف: 43]، للمشار إلیه بالكاف من قوله: كفی و هو ابن عامر فتعین للباقین إثباتها، ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من رتلا و هو الكسائی قرأ بكسر عین نعم حیث جاء و هو أربعة قالوا نعم فأذن، قال: نعم و إنكم لمن هنا، قال نعم و إنكم إذا بالشعراء، قل نعم و أنتم بالصافات فتعین للباقین القراءة بفتح العین فیهن.
و أن لعنة التّخفیف و الرّفع نصّه‌سما ما خلا البزّی و فی النّور أوصلا أخبر أن عاصما و نافعا و أبا عمرو و قنبلا قرءوا هنا مؤذن بینهم أن لعنة اللّه علی الظالمین بإسكان النون و تخفیفها لعنة برفع التاء و أشار إلیهم بقوله: نصه سما و استثنی منهم البزی ثم قال: و فی النور أخبر أن المشار إلیه بالهمزة من أوصلا و هو نافع قرأ: و الخامسة أن بإسكان النون و تخفیفها أن لعنة اللّه علیه إن كان من الكاذبین برفع التاء من لعنة فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بنصب النون من أن و تشدیدها و نصب التاء من لعنة، و قوله: أوصلا أی أوصل هذا الحكم إلی سورة النور لنافع.
و یغشی بها و الرّعد ثقّل صحبةو و الشّمس مع عطف الثّلاثة كمّلا
و فی النّحل معه فی الأخیرین حفصهم‌و نشرا سكون الضم فی الكلّ ذلّلا
و فی النّون فتح الضّم شاف و عاصم‌روی نونه بالباء نقطة سفلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 234
أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ [الرعد: 3]، یطلبه هنا و یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ [الرعد: 3] بفتح الغین و تشدید الشین فتعین للباقین القراءة بسكون الغین و تخفیف الشین و قوله و و الشمس الواو الأولی فاصلة و الثانیة من القرآن ثم قال مع عطف الثلاثة یعنی بالثلاثة القمر و النجوم مسخرات و قوله:
كملا أی كمل الرفع فی الأربعة و علم الرفع من بیت الإطلاق، ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كملا و هو ابن عامر قرأ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ [الأعراف: 54] برفع الأسماء الأربعة هنا و بالنحل ثم قال و فی النحل لا معه أی مع ابن عامر فی الأخیرین أی فی الاسمین الأخیرین و هما و النجوم مسخرات، یعنی أن حفصا قرأ و النجوم مسخرات بالرفع فیهما موافقا لابن عامر و قرأ حفص وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ [الأعراف: 54] بالنصب فیهما بالنحل و نصب الأسماء الأربعة بالأعراف و تعین للباقین القراءة بنصب الأسماء الأربعة فی السورتین و قوله و نشرا سكون الضم أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذللا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا نشرا بین یدی رحمته هنا و بالفرقان و النحل بإسكان ضم الشین فتعین للباقین القراءة بضمها فی الكل و أن المشار إلیهما بالشین من شاف و هما حمزة و الكسائی فتحا ضم النون فتعین للباقین القراءة بضمها و أن عاصما قرأ بیاء مضمومة موحدة تحت فی موضع النون المضمومة فصار فی نشرا أربع قراءات بضم النون و سكون الشین لابن عامر و بفتح النون و إسكان الشین لحمزة و الكسائی و بضم الباء الموحدة مع سكون الشین لعاصم و بضم النون و الشین للباقین.
و را من إله غیره خفض رفعه‌بكلّ رسا و الخفّ أبلغكم حلا
مع أحقافها و الواو زد بعد مفسدین كفؤا و بالإخبار إنّكم علا
ألا و علی الحرمیّ إنّ لنا هناو أو أمن الإسكان حرمیّه كلا أخبر أن المشار إلیه بالراء من رسا و هو الكسائی قرأ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ بخفض رفع الراء و كسر الهاء و یاء بعدها فی الوصل فی كل ما فی القرآن فتعین للباقین القراءة برفع الراء و ضم الهاء و واو بعدها نحو ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ [الأعراف: 59]، و مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ [هود: 61]، و قوله رسا أی ثبت، ثم أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حلا و هو أبو عمرو قرأ أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّی وَ أَنْصَحُ لَكُمْ [الأعراف: 62]، و أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّی وَ أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِینٌ [الأعراف: 68]، وَ أُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ [الأحقاف: 23] بإسكان الباء و تخفیف اللام فتعین للباقین القراءة بفتح الباء و تشدید اللام فیهن ثم أمر للمشار إلیه بالكاف من كفؤا و هو ابن عامر قرأ بزیادة واو بعد مفسدین قبل قاف قال الملأ فی وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ [البقرة: 60]، و (قال الملأ) فی قصة صالح [الأعراف: 127]، فتعین للباقین القراءة بحذف الزیادة و أن المشار إلیهما بالعین و الهمزة فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 235
قوله علا إلا و هما حفص و نافع قرآ إنكم لتأتون الرجال بهمزة واحدة مكسورة علی الخبر فتعین للباقین القراءة بالاستفهام أی بزیادة همزة الاستفهام علی هذه الهمزة فتصیر قراءتهم بهمزتین الأولی مفتوحة و الثانیة مكسورة و هم علی أصولهم فی تحقیق الثانیة و تسهیلها و المد بین الهمزتین و تركه و أن المشار إلیهم بالعین و حرمی فی قوله: و علا الحرمی و هم حفص و نافع و ابن كثیر قرءوا هنا أی فی هذه السورة إن لنا لأجرا بهمزة مكسورة علی الخبر فتعین للباقین القراءة بهمزتین علی الاستفهام و هم علی أصولهم كما تقدم و الواو فی قوله و علا للفصل و قوله هنا لیخرج أئن لنا لأجرا بالشعراء لأنه بالاستفهام للسبعة فإن قیل كیف جعل العین فی علا رمزا لحفص و لم یجعلها فی وعی نفر كذلك. فالجواب أن الواو فی وعی نفر من أصل الكلمة فالعین متوسطة و لیست الحروف المتوسطة رمزا بخلاف و علی الحرمی فإن الواو فیه زائد علی الكلمة و العین أول حروف الكلمة فلهذا كانت رمزا و قوله: و أو أمن الإسكان أخبر أن المشار إلیهم بحرمی و بالكاف من قوله: حرمیه كلا و هم نافع و ابن كثیر و ابن عامر قرءوا أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُری [الأعراف: 98] بإسكان الواو إلا أن ورشا علی أصله فی نقل حركة الهمزة إلی الساكن قبلها و حذف الهمزة، و الأصل عنده سكون الواو فتعین للباقین لقراءة بفتحها:
علیّ علی خصّوا و فی ساحر بهاو یونس سحّار شفا و تسلسلا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خصوا و هم الفراء كلهم إلا نافعا قرءوا حقیق علی أن لا أقول بیاء ساكنة خفیفة فتنقلب ألفا فی اللفظ و أن نافعا قرأ بیاء مفتوحة مشددة علی ما لفظ به من القراءتین ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ یأتوك بكل سحار هنا و ائتونی بكل سحار بیونس بفتح الحاء و تشدیدها و ألف بعدها و أن الباقین قرءوا بكسر الحاء و تخفیفها و ألف قبلها فیهما علی ما لفظ به فی القراءتین أیضا، و تسلسلا: تسهل، من تسلسل الماء إذا جری:
و فی الكلّ تلقف خفّ حفص و ضمّ فی‌سنقتل و اكسر ضمّه متثقّلا
و حرّك ذكا حسن و فی یقتلون خذمعا یعرشون الكسر ضمّ كذی صلا أخبر أن حفصا قرأ فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ فوقع هنا فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ فَأُلْقِیَ [الشعراء: 45]، تَلْقَفْ ما صَنَعُوا [طه: 69] بإسكان اللام و تخفیف القاف فتعین للباقین القراءة بفتح اللام و تشدید القاف فی الكل و لفظ به فی البیت علی قراءة حفص ثم أمر للمشار إلیهم بالذال و الحاء فی قوله: ذكا حسن و هم الكوفیون و ابن عامر و أبو عمرو قرءوا بضم النون و كسر ضم التاء مع تشدیدها و تحریك القاف بالفتح فی سنقتل أبناءهم فتعین لنافع و ابن كثیر القراءة بفتح النون و سكون القاف و ضم التاء مع تخفیفها، و ذكا بضم الذال و المد: اسم للشمس و قصره للوزن ثم أمر بالأخذ فی یقتلون أبناءكم بالتقیید
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 236
المذكور فی سنقتل یعنی أن المشار إلیهم بالخاء من خذ و هم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا یقتلون بضم الیاء و كسر ضم التاء مع تشدیدها و تحریك القاف بالفتح فتعین لنافع القراءة بفتح الیاء و سكون القاف و ضم التاء مخففا ثم أمر للمشار إلیهما بالكاف و الصاد فی قوله كذی صلا و هما ابن عامر و شعبة قرآ بضم الراء فی قوله تعالی: وَ ما كانُوا یَعْرِشُونَ [الأعراف: 137] هنا وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ [النحل: 68] فتعین للباقین القراءة بكسر الراء فی الموضعین و إلیهما أشار بقوله معا:
و فی یعكفون الضّمّ یكسر شافیاو أنجی بحذف الیاء و النّون كفّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شافیا و هما حمزة و الكسائی قرآ علی قوم یعكفون بكسر ضم الكاف فتعین للباقین القراءة بضمها و أن المشار إلیه بالكاف من كفلا و هو ابن عامر قرأ و إذ أنجاكم بحذف الیاء و النون فتعین للباقین قراءة أنجیناكم بإثبات الباء و النون:
و دكّاء لا تنوین و امدده هامزاشفا و عن الكوفیّ فی الكهف وصّلا أی قرأ المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی جعله دكاء و خرّ بألف و همزة مفتوحة تمد الألف من أجلها من غیر تنوین ثم أخبر أن الكوفیین و هم عاصم و حمزة و الكسائی قرءوا بالكهف جَعَلَهُ دَكًّا [الأعراف: 143] و كان بالتقیید المذكور یعنی بالمد و الهمز من غیر تنوین فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بحذف الألف و إثبات التنوین من غیر مد و لا همز:
و جمع رسالاتی حمته ذكوره‌و فی الرّشد حرّك و افتح الضّم شلشلا
و فی الكهف حسناه و ضمّ حلیّهم‌بكسر شفا واف و الاتباع ذو حلا أخبر أن المشار إلیهم بالحاء و الذال من حمته ذكوره و هم أبو عمرو و الكوفیون و ابن عامر قرءوا علی الناس برسالاتی بألف علی الجمع فتعین للباقین القراءة برسالتی بحذف الألف علی التوحید و الذكور السیوف ثم أمر للمشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی قرآ بفتح ضم الراء و تحریك الشین بالفتح من سبیل الرشد، ثم أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حسناه و هو أبو عمرو قرأ مما علمت رشدا بالكهف بالتقیید المذكور أی بفتح ضم الراء و تحریك الشین بالفتح فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بضم الراء و إسكان الشین و لا خلاف فی قوله تعالی: مِنْ أَمْرِنا رَشَداً، و من هذا رشدا أنهما بفتح الراء و الشین للسبعة ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ و اتخذ قوم موسی من بعده من حلیهم بكسر ضم الحاء فتعین للباقین القراءة بضمها و قوله و الاتباع ذو حلا تعلیل لقراءة الكسر و الأصل فی الحاء من حلیهم الضم و إنما كسرت لاتباع كسرة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 237
اللام و لیس قوله ذو حلا برمز:
و خاطب یرحمنا و یغفر لنا شذاو یا ربّنا رفع لغیرهما انجلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شذا و هما حمزة و الكسائی قرآ لئن لم ترحمنا ربنا و تغفر لنا بتاء الخطاب فی الكلمتین و نصب الباء من ربنا، و أن الباقین قرءوا بیاء الغیب فیهما و رفع باء ربنا و قوله: لغیرهما أی لغیر حمزة و الكسائی رفع الباء من ربنا:
و میم ابن أمّ اكسر معا كف‌ء صحبةو آصارهم بالجمع و المدّ كلّلا أمر بكسر المیم من أم للمشار إلیهم بالكاف و بصحبة فی قوله كف‌ء صحبة و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا قال ابن أم إن القوم و قال یَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ [طه:
94] بكسر المیم فتعین للباقین القراءة بفتح المیم فیهما، ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كللا و هو ابن عامر قرأ و یضع عنهم آصارهم بفتح الهمزة و فتح الصاد بین الألفین علی الجمع كما نطق به و المراد بالمد زیادة الألف فتعین للباقین القراءة بكسر الهمزة و سكون الصاد و حذف الألفین علی التوحید:
خطیئاتكم وحّده عنه و رفعه‌كما ألّفوا و الغیر بالكسر عدّلا
و لكن خطایا حجّ فیها و نوحهاو معذرة رفع سوی حفصهم تلا الهاء فی عنه ضمیر المشار إلیه بالكاف من كللا فی البیت السابق و هو ابن عامر قرأ نغفر لكم خطیئتكم بغیر ألف علی التوحید كما نطق به فتعین للباقین القراءة بإثبات الألف علی الجمع ثم قال و رفعه كما ألفوا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الهمزة فی قوله كما ألفوا و هما ابن عامر و نافع رفعا التاء ثم قال و الغیر بالكسر عدلا، أخبر أن غیر نافع و ابن عامر ممن قرأ بالیاء و التاء عدل قراءته بالكسر فی التاء ثم استدرك للإعلام بقراءة من بقی فقال و لكن خطایا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حج و هو أبو عمرو قرأ فی هذه السورة خطایاكم بوزن قضایاكم و فی سورة نوح (مما خطایاهم) كذلك علی ما لفظ به.
توضیح: اعلم أن الموضع الذی بالأعراف فیه أربع قراءات خطیئتكم بالتاء مرفوعة و قبلها همزة و یاء من غیر ألف علی التوحید لابن عامر و خطیئاتكم بیاء ساكنة و بعدها همزة و ألف و تاء مرفوعة علی جمع السلامة لنافع و خطیئاتكم بیاء ساكنة و بعدها همزة و ألف و تاء مكسورة علی الجمع أیضا لابن كثیر و عاصم و حمزة و الكسائی و الرابعة خطایاكم بألفین بینهما یاء من غیر همز بوزن قضایاكم علی جمع التكسیر لأبی عمرو و أما الذی فی نوح ففیها قراءتان خطایاهم بوزن قضایاهم لأبی عمرو و الثانیة خطیئاتهم بیاء ساكنة و بعدها همزة و ألف و تاء مكسورة للباقین فإذا تأملت ذلك وجدت القراء كلهم یقرءون بنوح كما یقرءون بالأعراف إلا نافعا و ابن عامر و قد تقدم الخلاف فی یغفر لكم هنا و بالبقرة مع الذی فیها
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 238
و قوله و معذرة رفع أخبر أن القراء كلهم إلا حفصا قرءوا قالوا معذرة برفع التاء فتعین لحفص القراء بنصبها:
و بیس بیاء أمّ و الهمز كهفه‌و مثل رئیس غیر هذین عوّلا
و بیئس اسكن بین فتحین صادقابخلف و خفّف یمسكون صفا و لا أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله أم و هو نافع قرأ بعذاب بیس بیاء ساكنة و كسر الباء قبلها من غیر همز بوزن عیس و أن المشار إلیه بالكاف من كهفه و هو ابن عامر قرأ بئس بهمزة ساكنة مكان الیاء و كسر الباء قبلها بوزن بئر ثم قال و مثل رئیس غیر هذین عولا أی غیر نافع و ابن عامر عول علی قراءة بئیس بفتح الباء و بعدها همزة مكسورة بعدها یاء ساكنة بوزن رئیس و هم الباقون و شعبة من جملتهم ثم أمر له بوجه آخر فقال: و بیئس اسكن بین فتحین صادقا یعنی أن المشار إلیه بالصاد من صادقا و هو شعبة قرأ بیئس بإسكان الیاء بعد فتح الباء و فتح الهمزة بوزن ضیغم و قوله: بخلف أی عن شعبة فحصل فیها أربع قراءات ثم أمر بإسكان المیم و تخفیف السین فی و الذین یمسكون بالكتاب للمشار إلیه بالصاد من صفا و هو شعبة فتعین للباقین القراءة بفتح المیم و تشدید السین و قوله: عولا لیس برمز لأنه صرح باسم القارئ فی قوله غیر هذین و عولا خبر عن غیر هذین أی عول مثل رئیس فقرأ به:
و یقصر ذرّیّات مع فتح تائه‌و فی الطّور فی الثّانی ظهیر تحمّلا
و یاسین دم غصنا و یكسر رفع أوول الطّور للبصری و بالمدّ كم حلا أخبر أن المشار إلیهم بالظاء من ظهیر و هم الكوفیون و ابن كثیر قرءوا عن ظهورهم ذریاتهم هنا و ألحقنا بهم ذریاتهم ثانی الطور بالقصر أی بحذف الألف و فتح التاء علی التوحید و أن المشار إلیهم بالدال و الغین فی قوله: دم غصنا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و الكوفیون قرءوا أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّیَّتَهُمْ [یس: 41] بالقصر أی بحذف الألف و فتح التاء علی التوحید فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بالمد أی بإثبات الألف و كسر التاء علی الجمع فی المواضع الثلاثة ثم أخبر أن أبا عمرو و البصری یكسر له رفع التاء فی ذریاتهم بإیمان و هو الأول من الطور فتعین للباقین القراءة برفعها ثم قال و بالمد كم حلا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الحاء فی قوله كم حلا و هما ابن عامر و أبو عمرو قرآ ذریاتهم بإیمان بالمد أی بالألف بین الیاء و التاء علی الجمع فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بحذف الألف علی التوحید.
یقولوا معا غیب حمید و حیث‌یلحدون بفتح الضّمّ و الكسر فصّلا
و فی النّحل والاه الكسائی و جزمهم‌یذرهم شفا و الیاء غصن تهدّلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حمید و هو أبو عمرو قرأ شهدنا أن یقولوا أو یقولوا إنما
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 239
بیاء الغیب فیهما فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و قوله: معا أی فی الكلمتین ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فصلا و هو حمزة قرأ یلحدون بفتح ضم الیاء و فتح كسر الحاء حیث جاء و مجیئه فی القرآن فی ثلاث مواضع وَ ذَرُوا الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی أَسْمائِهِ [الأعراف:
180] هنا و لِسانُ الَّذِی یُلْحِدُونَ إِلَیْهِ [النحل: 103]، و إِنَّ الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی آیاتِنا [فصلت: 40]، ثم أخبر أن الكسائی وافق حمزة علی ما قرأ فی النحل خاصة فقرأ یلحدون بفتح ضم الیاء و فتح كسر الحاء فتعین للباقین القراءة بضم الیاء و كسر الحاء فی السور الثلاث و وافقهم الكسائی هنا و فی فصلت و خالفهم فی النحل، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ وَ یَذَرُهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ [الأعراف: 186] بجزم الراء فتعین للباقین القراءة برفعها و أن المشار إلیهم بالغین من غصن و هم الكوفیون و أبو عمرو قرءوا و یذرهم بیاء مثناة تحت فتعین للباقین القراءة بالنون فصار حمزة و الكسائی بالیاء و الجزم و أبو عمرو و عاصم بالیاء و الرفع و الباقون بالنون و الرفع ففیها ثلاث قراءات و قوله: تهدلا أی و الیاء مثل غصن استرخی لكثرة ثمرة:
و حرّك و ضمّ الكسر و امدده هامزاو لا نون شركا عن شذا نفر ملا أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بالعین و الشین و بنفر فی قوله: عن شذا نفر و هم حفص و حمزة و الكسائی و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر جعلا له شركاء بتحریك الراء أی بفتحها و بضم كسر الشین و بمد الألف و الإتیان بهمزة مفتوحة بعد المد و بترك التنوین كألحقتم به شركاء فتعین لنافع و شعبة القراءة بكسر الشین و إسكان الراء و تنوین الكاف من غیر مد و لا همزة كما نطق به.
و لا یتبعوكم خفّ مع فتح بائه‌و یتبعهم فی الظّلّة احتلّ و اعتلا أخبر أن المشار إلیه بهمزة الوصل فی قوله: احتل و هو نافع قرأ إلی الهدی لا یتبعوكم هنا و یَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ [الشعراء: 24] أی فی الظلة أی فی الشعراء بتخفیف التاء أی بإسكانها و فتح الباء الموحدة فتعین للباقین القراءة بفتح التاء و تشدیدها و كسر الباء الموحدة فی السورتین.
و قل طائف طیف رضی حقّه و یایمدّون فاضمم و اكسر الضّمّ أعدلا أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بالراء و حق فی قوله: رضا حقه و هم الكسائی و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا إذا مسهم طیف بیاء ساكنة من غیر همز و لا ألف كضیف و أن یقرأ للباقین طائف بألف و همزة مكسورة تمد الألف من أجلها كخائف علی ما نطق به من القراءتین ثم أمر أن یقرأ و إخوانهم یمدونهم بضم الیاء و كسر ضم المیم للمشار إلیه بالهمز فی قوله أعدلا و هو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 240
نافع فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و ضم المیم:
و ربی معی بعدی و إنّی كلاهماعذابی آیاتی، مضافاتها العلا أخبر أن فیها سبع یاءات إضافة حرم ربی الفواحش معی بنی إسرائیل من بعدی أ عجلتم إنی أخاف إنی اصطفیتك عذابی أصیب عن آیاتی الذین یتكبرون:

سورة الأنفال‌

و فی مردفین الدّال یفتح نافع‌و عن قنبل یروی و لیس معوّلا قرأ نافع من الملائكة مردفین بفتح الدال و لقنبل وجهان الفتح كنافع و لم یعول علیه عن طریق ابن مجاهد و الكسر كالباقین و علیه إطباق النقلة و قد ثبت الفتح عن قنبل من طریق العباس و أبی عون من طریق الأهوازی و أبی الكرم و الأولی أن لا یقرأ من طریق القصید لقنبل بالفتح كما حكی عن ابن مجاهد فی التیسیر.
و یغشی سما خفّا و فی ضمّه افتحواو فی الكسر حقّا و النّعاس ارفعوا ولا أخبر أن المشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا إذ یغشاكم بإسكان الغین و تخفیف الشین فتعین للباقین القراءة بفتح الغین و تشدید الشین ثم أمر بفتح ضم بائه و فتح كسر شینه و رفع النعاس بعده للمشار إلیهما بقوله حقا و هما ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بضم الیاء و كسر الشین و نصب النعاس فصار نافع یقرأ یغشیكم بضم الیاء و سكون الغین و كسر الشین و تخفیفها من غیر ألف و نصب النعاس، و ابن كثیر و أبو عمرو یغشاكم بفتح الیاء و سكون الغین و فتح الشین و تخفیفها و بالألف و رفع النعاس و الباقون یغشیكم بضم الیاء و فتح العین و كسر الشین و تشدیدها و بالیاء و نصب النعاس فذلك ثلاث قراءات:
و تخفیفهم فی الأوّلین هناو لكن اللّه و ارفع هاءه شاع كفّلا أی اقرأ للمشار إلیهم بالشین و الكاف من شاع كفلا و هم حمزة و الكسائی و ابن عامر فی الموضعین الأولین منها و لكن اللّه قتلهم و لكن اللّه رمی بتخفیف النون و كسرها فی الوصل من لفظ و لكن و رفع الهاء من اسم اللّه فتعین للباقین القراءة بتشدید النون و فتحها و نصب الهاء و احترز بقوله: الأولین عن الأخیرین، و هما و لكن اللّه سلم، و لكن اللّه ألف بینهم فإنهما مشددان بلا خلاف:
و موهن بالتّخفیف ذاع و فیه لم‌ینوّن لحفص كید بالخفض عوّلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذاع و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا ذلكم و أن اللّه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 241
موهن كید بإسكان الواو و تخفیف الهاء و تعین للباقین القراءة بفتح الواو و تشدید الهاء و قوله:
و فیه أی و فی موهن لم ینون لحفص أی قرأ حفص موهن بحذف التنوین فتعین للباقین القراءة بالتنوین ثم أخبر أن المشار إلیه بالعین من عولا و هو حفص قرأ كید الكافرین بخفض الدال فتعین للباقین القراءة بنصبها فصار ابن عامر و حمزة و الكسائی و شعبة یقرءون موهن بإسكان الواو و تخفیف الهاء و التنوین، كید بالنصب و حفص موهن بإسكان الواو و تخفیف الهاء من غیر تنوین كید بالخفض و الباقون موهن بفتح الواو و تشدید الهاء و إثبات التنوین كید بالنصب فذلك ثلاث قراءات:
و بعد و إنّ الفتح عمّ علا و فیهما العدوة اكسر حقّا الضّمّ و اعدلا أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالعین من علا و هم نافع و ابن عامر و حفص قرءوا و أن الواقع بعد موهن كید الكافرین بفتح الهمزة و هو أن اللّه مع المؤمنین فتعین للباقین القراءة بكسر الهمزة، ثم أمر بكسر ضم العین فی بالعدوة الدنیا و هم بالعدوة القصوی للمشار إلیهما بقوله حقا و هما ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بضم العین و قوله فیهما أی فی الكلمتین:
و من حیی اكسر مظهرا إذ صفا هدی‌و إذ یتوفّی أنّثوه له ملا أمر بكسر الیاء الأولی و إظهارها فی قوله تعالی من حیی عن بینة للمشار إلیهم بالهمزة و الصاد و الهاء فی قوله إذ صفا هدی و هم نافع و شعبة و البزی فتعین للباقین القراءة بإسكان الیاء و إدغامها فی الثانیة فتصیر یاء واحدة مشددة مفتوحة و قوله أنثوه یروی بكسر النون فعل أمر و یروی بفتح النون فعل ماض أی روی المشار إلیهما باللام و المیم فی قوله له ملا و هما هشام و ابن ذكوان عن ابن عامر إذ یتوفی الذین كفروا بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر فابن عامر یقرأ بتاءین و الباقون بیاء و تاء.
و بالغیب فیها تحسبنّ كما فشاعمیما و قل فی النّور فاشیة كحّلا أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الفاء و العین فی قوله كما فشا عمیما و هما ابن عامر و حمزة و حفص قرءوا هنا (و لا تحسبن الذین كفروا) [آل عمران: 178] بیاء الغیب و أن المشار إلیهما بالفاء و الكاف فی قوله فاشیة كحلا و هما حمزة و ابن عامر قرآ (و لا تحسبن الذین كفروا معجزین) [النور: 57] بیاء الغیب أیضا فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتاء الخطاب.
و إنّهم افتح كافیا و اكسروا لشعبة السّلم و اكسر فی القتال فطب صلا أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كافیا و هو ابن عامر قرأ أنهم لا یعجزون بفتح الهمزة فتعین للباقین القراءة بكسرها ثم أمر بكسر السین لشعبة فی وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ [الأنفال:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 242
61] هنا و بكسرها للمشار إلیهما بالفاء و الصاد من قوله فطب صلا و هما حمزة و شعبة فی قوله تعالی: و تدعوا إلی السلم بالقتال، فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح السین.
و ثانی یكن غصن و ثالثها ثوی‌و ضعفا بفتح الضّمّ فاشیة نفّلا
و فی الرّوم صف عن خلف فصل و أنّث ان‌یكون مع الأسری الأساری حلا حلا أخبر أن المشار إلیهم بالغین من غصن و هم الكوفیون و أبو عمرو قرءوا إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ یَغْلِبُوا أَلْفاً [الأنفال: 65]، و هو الذی أشار إلیه بقوله ثانی بیاء التذكیر علی ما لفظ به و أن المشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون قرءوا و إن یكن منكم مائة صابرة و هو الذی أشار إلیه بالثالث بیاء التذكیر فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتاء التأنیث و أخرج بالثانی و الثالث الأول و الرابع إن یكن منكم عشرون و إن یكن منكم ألف فإنهما بالتذكیر للسبعة، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و النون من فاشیة نفلا و هما حمزة و عاصم قرآ: و علم أن فیكم ضعفا بفتح ضم الضاد و أن المشار إلیهم بالصاد و العین و الفاء من قوله صف عن خلف فصل و هم شعبة و حفص و حمزة قرءوا بالروم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا بفتح ضم الضاد فی الثلاثة بخلاف عن حفص فصار لحفص وجهان فی الثلاثة: فتح الضاد و هو ما نقله عن عاصم و ضمها و هو اختیاره لنفسه اتباعا للغة النبی صلی اللّه علیه و سلم لا نقلا عن عاصم و قد نبه علی ذلك صاحب التیسیر فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراء بضم الضاد فی الأربعة ثم أمر بالتأنیث للمشار إلیه بالحاء من حلا و هو أبو عمرو قرأ ما كان لنبی أن تكون له أسری بتاء التأنیث و قرأ أیضا لمن فی أیدیكم من الأساری بألف بعد السین بوزن فعالی كما لفظ به فتعین للباقین القراءة بتاء التذكیر و أنهم قرءوا من الأسری بسكون السین من غیر ألف بعدها بوزن فعلی كما لفظ به أیضا و لا خلاف فی الأول أن تكون له أسری أنه ساكن السین بوزن فعلی للسبعة.
ولایتهم بالكسر فز و بكهفه‌شفا و معا إنّی بیاءین أقبلا أخبر أن المشار إلیه بالفاء من قوله: فز و هو حمزة قرأ ما لكم من ولایتهم بكسر الواو و أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ بالكهف هنالك الولایة بكسر الواو أیضا فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح الواو فی السورتین ثم أخبر أن فیها یاءی إضافة: إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ [الأنفال: 48]، و إِنِّی أَخافُ اللَّهَ [المائدة:
28].
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 243

سورة التوبة

و یكسر لا أیمان عند ابن عامرو وحّد حقّ مسجد اللّه الأوّلا أخبر أن ابن عامر قرأ لا أیمان لهم بكسر الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهما بقوله حق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ ما كان للمشركین أن یعمروا مسجد اللّه بالتوحید فتعین للباقین القراءة مساجد اللّه بالجمع و لا خلاف بین السبعة فی الثانی أنه بالجمع و هو إنما یعمر مساجد اللّه.
عشیراتكم بالجمع صدق و نوّنواعزیر رضا نصّ و بالكسر وكّلا أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صدق و هو شعبة قرأ و عشیراتكم هنا بألف بعد الراء علی جمع السلامة كما نطق به فتعین للباقین القراءة بحذف الألف علی التوحید ثم أمر بتنوین عزیر للمشار إلیهما بالراء و النون فی قوله رضا نص و هما الكسائی و عاصم قرآ و قالت الیهود عزیر ابن اللّه بالتنوین و كسره فتعین للباقین القراءة بغیر تنوین و أراد بقوله و كلا أی التنوین و كل بالكسرة و ألزمه.
یضاهون ضمّ الهاء یكسر عاصم‌و زد همزة مضمومة عنه و اعقلا أخبر أن عاصما قرأ أیضا هون قول بكسر ضم الهاء ثم أمر له بزیادة همزة مضمومة بعد الهاء و قوله عنه أی عن عاصم فتعین للباقین القراءة بضم الهاء و ترك زیادة الهمزة.
یضلّ بضمّ الیاء مع فتح ضاده‌صحاب و لم یخشوا هناك مضلّلا أخبر أن المشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی قرءوا یُضَلُّ بِهِ الَّذِینَ كَفَرُوا بضم الیاء و فتح الضاد فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و كسر الضاد و لما كانت القراءة بفتح الیاء و كسر الضاد تعجب المعتزلة و تعلقوا بها قال فی القراءة الأخری: و لم یخشوا هناك مضللا.
و أن تقبل التّذكیر شاع وصاله‌و رحمة المرفوع بالخفض فاقبلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ و ما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و أن المشار إلیه بالفاء من فاقبلا و هو حمزة قرأ بخفض التاء فی وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِینَ آمَنُوا مِنْكُمْ [التوبة: 61] المرفوع التاء فی قراءة الباقین.
و یعف بنون دون ضمّ و فاوه‌یضمّ تعذّب تاه بالنّون وصّلا
و فی ذاله كسر و طائفة بنصب مرفوعه عن عاصم كلّه اعتلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 244
أخبر أن عاصما قرأ إن نعف عن طائفة منكم بنون غیر مضمومة أی غیر مفتوحة و ضم الفاء نعذب بنون مضمومة مكان التاء و كسر الذال و طائفة بنصب رفع التاء فتعین للباقین أن یقرءوا یعف بیاء التذكیر مضمومة و فتح الفاء تعذب بتاء التأنیث و ضمها و فتح الذال و طائفة برفع التاء:
و حقّ بضمّ السّوء مع ثان فتحهاو تحریك ورش قربة ضمّه جلا أخبر أن المشار إلیه بقوله حق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ هنا علیهم دائرة السوء و الثانی من سورة الفتح علیهم دائرة السوء بضم السین فیهما فتعین للباقین القراءة بفتح السین فی الموضعین و احترز بقوله مع ثان فتحها من ظن السوء الأول و الثالث فی الفتح فإنهما بفتح السین للسبعة، و كذلك أمطرت مطر السوء و نحوه، و قید موضعی الخلاف فی التیسیر بدائرة السوء أی المختلف فیه المصاحبة لدائرة، ثم أخبر أن ورشا قرأ إلا أنها قربة لهم بتحریك الراء بالضم فتعین للباقین القراءة بإسكان الراء.
و من تحتها المكّی یجرّ و زاد من‌صلاتك وحّد و افتح التّا شذا علا
و وحّد لهم فی هود ترجئ همزه‌صفا نفر مع مرجئون و قد حلا أراد و أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [التوبة: 89] الآیة التی أولها وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ [التوبة: 100]، أخبر أن المكی و هو ابن كثیر قرأ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بزیادة من قبلها أی قرأ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بزیادة حرف الجر أی كلمة من و جر التاء من تحتها فتعین للباقین أن یقرءوا تحتها بترك زیادة من و نصب التاء فی تحتها ثم أمر بالتوحید فی صلواتك للمشار إلیهم بالشین و العین فی قوله: شذا علا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا أن صلاتك سكن لهم بالتوحید و فتح التاء كما نطق به و وحدوا أیضا بهود قالُوا یا شُعَیْبُ أَ صَلاتُكَ [هود: 87] فتعین للباقین أن یقرءوا أ صلواتك بواو الجمع فیهما و كسر التاء فی براءة و لم یتعرض لحركة التاء فی هود لأنها مرفوعة فی القراءتین بخلاف ما تقدم ثم أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و بنفر فی قوله صفا نفر و هم شعبة و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا هنا و آخرون مرجئون بزیادة همزة مضمومة بعد الجیم و بالأحزاب ترجئ من تشاء بهمزة مضمومة مكان الیاء فتعین للباقین القراءة بحذف همزة مضمومة فی مرجئون و یاء ساكنة مكان الهمزة فی ترجی و ما لم ینص فی التقیید من الكلمتین فهو مفهوم من جهة العربیة:
و عمّ بلا واو الّذین و ضمّ فی‌من أسّس مع كسر و بنیانه و لا أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر قرآ حكیم الذین اتخذوا مسجدا بغیر واو قبل الذین و أمرك أن تقرأ لهما أسس فی الكلمتین بضم الهمزة و كسر السین المشددة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 245
و أخبر أنهما قرآ بنیانه فی الكلمتین أیضا بالرفع و علم الرفع من بیت الإطلاق فتعین للباقین أن یقرءوا حَكِیمٌ [النور: 10]، وَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا [الزمر: 3] بإثبات الواو فَمَنْ أَسَّسَ بُنْیانَهُ [التوبة: 109] و أم من أسس بنیانه بفتح الهمز و السین الأولی فی الكلمتین و نصب بنیانه فی الكلمتین أیضا و لا خلاف فی لمسجد أسس علی التقوی أنه بضم الهمزة و كسر السین المشددة للسبعة و إنما الخلاف فی أسس المصاحب لبنیانه و التقیید واقع بذلك:
و جرف سكون الضّمّ فی صفو كامل‌تقطّع فتح الضّمّ فی كامل علا أخبر أن المشار إلیهم بالفاء و الصاد و الكاف من قوله فی صفو كامل و هم حمزة و شعبة و ابن عامر قرءوا علی شفا جرف بإسكان ضم الراء فتعین للباقین القراءة بضمها و أن المشار إلیهم بالفاء و الكاف و العین من قوله فی كامل علا و هم حمزة و ابن عامر و حفص قرءوا إلا أن تقطع بفتح ضم التاء فتعین للباقین القراءة بضمها.
یزیغ علی فصل یرون مخاطب‌فشا و معی فیها بیاءین حمّلا أخبر أن المشار إلیهما بالعین و الفاء فی قوله علی فصل و هما حفص و حمزة قرآ من بعد ما كاد یزیغ بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و أن المشار إلیه بالفاء من فشا و هو حمزة قرأ أو لا ترون أنهم یفتنون بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب ثم أخبر أن فیها یاءی إضافة: معی أبدا. و معی عدوا:

سورة یونس‌

و إضجاع را كلّ الفواتح ذكره‌حمی غیر حفص طاویا صحبة و لا
و كم صحبة یا كاف و الخلف یاسرو هاصف رضی حلوا و تحت جنی حلا
شفا صادقا حم مختار صحبةو بصر و هم أدری و بالخلف مثّلا أشار إلی أبی عمرو و ابن عامر و الكوفیین بالذال و الحاء فی قوله ذكره حمی و استثنی منهم حفصا، أخبر أن أبا عمرو و ابن عامر و الكوفیین إلا حفصا مالوا أراد كل الفواتح إمالة محضة فی جمیع القرآن من الر فی یونس و هود و یوسف و الرعد و إبراهیم و الحجر. و الفواتح مع فاتحة و فاتحة الشی‌ء أوله. و قوله طاویا صحبة و لا، أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة أمالوا الطاء من طه و طاء طسم فی أول الشعراء و النمل و القصص و الیاء فی أول یس إمالة محضة و أتی بلفظ را مقصورا حكایة للفظ القرآن و كذا فعل فی طاویا. ثم قال و كم صحبة یا كاف، أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و بصحبة من قوله و كم صحبة و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی و شعبة أمالوا الیاء من كهیعص [مریم: 1] إمالة محضة و عبر عن السورة بقوله یا كاف لأن الكاف أول حروفها ثم قال و الخلف یاسر أخبر أن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 246
المشار إلیه بالیاء من یاسر و هو السوسی أمال الیاء من كهیعص إمالة محضة بخلاف عنه أی له الفتح و الإمالة. و الیاسر فی اللغة: هو اللاعب بقداح المیسر ثم قال و هاصف رضا حلوا، أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و الراء و الحاء فی قوله صف رضا حلوا و هم شعبة و الكسائی و أبو عمرو أمالوا الهاء من كهیعص إمالة محضة ثم قال و تحت، أخبر أن المشار إلیهم بالجیم و الحاء و الشین و الصاد فی قوله جنی حلا شفا صادقا و هم ورش و أبو عمرو و حمزة و الكسائی و شعبة أمالوا الهاء من طه إمالة محضة و هی المشار إلیها بتحت أی تحت كهیعص ثم قال حم مختار صحبة، أخبر أن المشار إلیهم بالمیم من مختار و بصحبة و هم ابن ذكوان و حمزة و الكسائی و شعبة أمالوا الحاء من حم فی السور السبعة إمالة محضة. ثم قال و بصر و هم أدری یعنی أن أبا عمرو و حمزة و الكسائی و شعبة و ابن ذكوان أمالوا لفظ أدری حیث وقع و كیف أتی إمالة محضة نحو أدراكم و أدراك. ثم قال: و بالخلف مثلا أخبر أن المشار إلیه بالمیم من مثلا و هو ابن ذكوان عنه خلاف فی إمالة أدری أی عنه ثلاث طرق الفتح فی كل ما فی القرآن و إمالة كل ما فی القرآن و إمالة الذی فی یونس لا غیر و فتح باقی ما فی القرآن و تعین لمن لم یذكره فی التراجم القراءة بالفتح فی جمیع ما تقدم:
و ذو الرّا لورش بین بین و نافع‌لدی مریم ها یا و حا جیده حلا أخبر أن ورشا قرأ فی الراء بین بین یعنی الرا و المرا و أدری حیث وقع و لیس لورش ما یمیله إمالة محضة إلا الهاء من طه و ما عدا ذلك إنما یمیله بین اللفظین. قوله: و نافع لدی مریم أخبر أن نافعا قرأ فی سورة مریم بإمالة الهاء و الیاء بین اللفظین و أن المشار إلیهما بالجیم و الحاء من قوله: جیده حلا و هما ورش و أبو عمرو أمالا الحاء من حم فی السور السبعة بین اللفظین فتعین لمن لم یذكره فی هذه التراجم القراءة بالفتح فی جمیع ما ذكر:
نفصّل یا حقّ علا ساحر ظبی‌و حیث ضیاء وافق الهمز قنبلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالعین من علا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و حفص قرءوا ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ [یونس: 5]، یُفَصِّلُ الْآیاتِ [یونس: 5] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون و أن المشار إلیهم بالظاء من ظبا و هم الكوفیون و ابن كثیر قرءوا قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِینٌ [الأنبیاء: 48]، بإثبات الألف بعد السین و كسر الحاء كما نطق به و قرأ الباقون لَسِحْرٌ [یونس: 76] بكسر السین و إسكان الحاء من غیر ألف و قرأ قنبل ضیاء بهمزة مفتوحة بعد الضاد حیث جاء و قرأ الباقون بیاء مفتوحة مكان الهمزة و هو ثلاث مواضع و هُوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً [یونس: 5]، هنا وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی وَ هارُونَ الْفُرْقانَ [الأنبیاء: 48]، وَ ضِیاءً [الأنبیاء: 48]، مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِضِیاءٍ [القصص: 71].
و فی قضی الفتحان مع ألف هناو قل أجل المرفوع بالنّصب كمّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 247
أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كملا و هو ابن عامر قرأ لقضی إلیهم بفتح القاف و الضاد و ألف بعدها أجلهم بنصب اللام فتعین للباقین القراءة بضم القاف و كسر الضاد و یاء مفتوحة بعدها كما لفظ به و رفع اللام فی أجلهم.
و قصر و لا هاد بخلف زكاو فی القیامة لا الأولی و بالحال أوّلا أخبر أن المشار إلیه بالهاء من هاد و هو البزی قرأ و لا أدراكم به هنا و فی أول سورة القیامة لا أُقْسِمُ بِیَوْمِ الْقِیامَةِ [القیامة: 1] بغیر ألف فیهما بعد اللام بخلاف عنه یعنی بإثبات الألف و حذفها فیهما و أن المشار إلیه بالزای من زكا و هو قنبل قرأ بالقصر بلا خلاف أی بغیر ألف فی الموضعین فتعین للباقین القراءة بإثبات الألف فیهما و لا خلاف فی وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [القیامة: 2]، أنه بإثبات الألف فهذا معنی قوله لا الأولی أی و قصر لا الواردة فی سورة القیامة أولا و قوله و بالحال أولا تقیید للقصر فی لا أُقْسِمُ بِیَوْمِ الْقِیامَةِ [القیامة: 1]، یعنی أن لام الابتداء دخلت علی مبتدأ محذوف و أخبر عنه بفعل الحال أی لأنا أقسم.
و خاطب عمّا یشركون هنا شذاو فی الرّوم و الحرفین فی النّحل أوّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شذا و هما حمزة و الكسائی قرآ هنا عما یشركون و ما كان الناس و فی الروم سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ [یونس: 18]، ظَهَرَ الْفَسادُ [الروم: 41]، سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ [النحل: 1]، یُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ [النحل: 2]، و (فیها خلق السماوات و الأرض بالحق تعالی عما یشركون) [النحل: 3] بتاء الخطاب فی الأربع كلمات فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب فیهن و قوله: أولا لیس برمز و إنما یعنی الحرفین الواقعین فی أول سورة النحل احترازا من غیرهما فیها.
یسیّركم قل فیه ینشركم كفی‌متاع سوی حفص برفع تحمّلا أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كفی و هو ابن عامر قرأ هو الذی ینشركم فی قراءة الباقین یسیركم علی ما نطق به فی القراءتین أی قرأ ابن عامر و هو الذی ینشركم بفتح الیاء و بعدها نون ساكنة و شین معجمة مضمومة من النشر و قرأ الباقون بضم الیاء و بعدها سین مهملة مفتوحة و یاء مكسورة مشددة من التیسیر و قرأ السبعة إلا حفصا مَتاعَ الْحَیاةِ الدُّنْیا [القصص: 61] برفع العین فتعین لحفص القراءة بنصبها و قوله تحملا یعنی أن غیر حفص تحمل الرفع و نقله.
و إسكان قطعا دون ریب وروده‌و فی باء تبلو التّاء شاع تنزّلا أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الراء فی قوله دون ریب و هما ابن كثیر و الكسائی قرآ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 248
قطعا من اللیل بسكون الطاء فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهما بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ هنالك تتلوا بتاء مثناة فوق فی مكان الباء الموحدة تحت فی قراءة الباقین أی قرأ حمزة و الكسائی تتلوا بتاءین و الباقون بالتاء و الباء.
و یا لا یهدّی اكسر صفیّا و هاه نل‌و أخفی بنو حمد و خفّف شلشلا أمر بكسر الیاء فی أمن لا یهدی للمشار إلیه بالصاد من صفیا و هو شعبة و بكسر هائه للمشار إلیه بالنون فی قوله: قل و هو عاصم فتعین لغیر شعبة فتح الیاء و لغیر عاصم فتح الهاء، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالباء و الحاء فی قوله بنو حمد و هما قالون و أبو عمرو أخفیا یعنی حركة هائه فتعین لغیرهما إتمام الحركة و أن المشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی خففا داله و من جملة التخفیف إسكان الهاء لهما فتعین لغیرهما تشدید الدال فصار شعبة یقرأ أمن لا یهدی بكسر الیاء و تشدید الدال و حفص بفتح الیاء و كسر الهاء و تشدید الدال و ورش و ابن كثیر و ابن عامر بفتح الیاء و الهاء و تشدید الدال و كذلك قالون و أبو عمرو إلا أنهما اختلسا فتحة الهاء و حمزة و الكسائی بفتح الیاء و إسكان الهاء و تخفیف الدال و ذكر فی التیسیر لقالون وجهین اختلاس الهاء كما هنا و إسكان الهاء و جعله النص و لم یذكره الناظم رحمه اللّه لأنه جمع بین ساكنین علی غیر حدهما.
و لكن خفیف و ارفع النّاس عنهماو خاطب فیها یجمعون له مّلا قوله عنهما أی عن المشار إلیهما بالشین من شلشلا فی البیت السابق و هما حمزة و الكسائی قرآ و لكن الناس أنفسهم بتخفیف النون و كسرها فی الوصل و رفع الناس فتعین للباقین القراءة بفتح النون و تشدیدها و نصب الناس، ثم أخبر أن المشار إلیهما باللام و المیم فی قوله له ملا، و هما هشام و ابن ذكوان رویا القراءة عن ابن عامر أی قرآ هو خیر مما تجمعون بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب.
و یعزب كسر الضّمّ مع سبأ رساو أصغر فارفعه و أكبر فیصلا أخبر أن المشار إلیه بالراء من رسا و هو الكسائی قرأ وَ ما یَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ [یونس:
61] هنا لا یَعْزُبُ عَنْهُ [سبأ: 3] بكسر ضم الزای فتعین للباقین القراءة بإبقاء ضم الزای فیهما ثم أمر برفع الراء فی قوله و لا أصغر من ذلك و لا أكبر للمشار إلیه بالفاء من فیصلا و هما حمزة فتعین للباقین القراءة بنصب الراء فیهما و لا خلاف بین السبعة فی الرفع فی سورة سبأ.
مع المدّ قطع السّحر حكم تبوّءابیا وقف حفص لم یصحّ فیحملا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حكم و هو أبو عمرو و قرأ ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ [یونس: 81] بقطع الهمزة مع المد یعنی بمد همزة الوصل الواقعة بعد همزة القطع و ظاهر كلام
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 249
الناظم أن أبا عمرو قطع همزة السحر و لیس كذلك قل زاد همزة الاستفهام قبل همزة الوصل فتعین للباقین القراءة بقصر همزة الوصل و بترك زیادة همزة الاستفهام فهی عند أبی عمرو من باب آلذكرین فیجری علی أصله فی المد المنفصل و مد الحجز و الأنف و قد تقدم فی شرح قوله:
و إن همزة وصل بین لام مسكّن‌و همزة الاستفهام فامدده مبدلا أن له البدل و التسهیل فی هذه الكلمة مثل آلذكرین، ثم أخبر أن حفصا روی عنه فی الوقف علی قوله تعالی وَ أَوْحَیْنا إِلی مُوسی وَ أَخِیهِ أَنْ تَبَوَّءا [یونس: 87] بیاء مفتوحة مكان الهمزة فیصیر اللفظ تبویا كتمشیا لكن ما صح هذا النقل من طریق الناظم و قوله فیحملا أی فیحمل عنه و ینقل فلا یقرأ لحفص من طریق القصید إلا بتحقیق الهمزة فی الحالین كالباقین إلا حمزة فإنه بغیر الهمز فی الوقف علی أصله.
و تتّبعان النّون خفّ مدا و ماج بالفتح و الإسكان قبل مثقّلا أخبر أن المشار إلیه بالمیم من مدا و هو ابن ذكوان قرأ فاستقیما و لا تتبعان بتخفیف النون فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و اتفقوا علی تشدید التاء الثانیة و كسر الباء الموحدة ثم أخبر أن فیه عن ابن ذكوان وجها آخر و هو و لا تتبعان بالفتح یعنی فی الباء الموحدة و الإسكان قبل یعنی فی التاء الثانیة لكون الأولی لا یتصور فیها الإسكان و مثقلا یعنی مشدد النون، و أخبر أن ماج هذا الوجه أی اضطرب و هو من زیادات القصید لأن الدانی لم یذكر فی التیسیر عن ابن ذكوان سوی الأول و أكد منع غیره بقوله لا خلاف فی تشدید التاء.
و فی أنّه اكسر شافیا و بنونه‌و نجعل صف و الخفّ ننج رضی علا
و ذاك هو الثّانی و نفسی یاؤهاو ربّی مع أجری و إنّی ولی حلا أمر بكسر الهمزة للمشار إلیهما بالشین من شافیا و هما حمزة و الكسائی قرآ قال آمنت أنه بكسر همزة إنه فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صف و هو شعبة قرأ و نجعل الرجس بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء و أن المشار إلیهما بالراء و العین فی قوله: رضا علا و هما الكسائی و حفص قرآ حَقًّا عَلَیْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِینَ [یونس: 103] بتخفیف الجیم فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و الوقف علیه بغیر یاء للجمیع كما رسم فی المصحف و إلیه أشار بقوله: و ذاك هو الثانی و لا خلاف فی تشدید ثُمَّ نُنَجِّی رُسُلَنا [یونس: 103] و هو الأول ثم أخبر أن فیها خمس یاءات إضافة نفسی إن أتبع (و ربی إنه لحق أن أجری إلا) [یونس: 15]، إِنِّی أَخافُ [یونس: 15] و ما یكون لی أن أبدله:
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 250

سورة هود علیه السلام‌

و إنّی لكم بالفتح حقّ رواته‌و بادئ بعد الدّال بالهمز حلّلا أخبر أن المشار إلیهم بقوله حق و بالراء فی رواته و هو ابن كثیر و أبو عمرو و الكسائی قرءوا إنی لك نذیر بفتح الهمزة فتعین للباقین القراءة بكسرها و أن المشار إلیه بالحاء من حللا و هو أبو عمرو قرأ بادی الرأی بهمزة مفتوحة بعد الدال فتعین للباقین القراءة بیاء مفتوحة بعد الدال علی ما یقتضیه التخفیف و علم أن ضد الهمز الیاء من رسمها.
و من كلّ نوّن مع قد أفلح عالمافعمّیت اضممه و ثقّل شذا علا أمر بتنوین كل للمشار إلیه بالعین من عالما و هو حفص قرأ قُلْنَا احْمِلْ فِیها مِنْ كُلٍّ زَوْجَیْنِ اثْنَیْنِ [هود: 40]، هنا و فَاسْلُكْ فِیها مِنْ كُلٍّ زَوْجَیْنِ [المؤمنون: 27]، فی قد أفلح بالتنوین فتعین للباقین القراءة بترك التنوین فیهما ثم أمر بضم العین و تشدید المیم فی قوله تعالی: فَعُمِّیَتْ عَلَیْكُمْ [هود: 80]، للمشار إلیهم بالشین و العین فی قوله: شذا علا و هم حمزة و الكسائی و حفص یعنی فی هذه السورة خاصة فتعین للباقین القراءة بفتح العین و تخفیف المیم و لا خلاف فی تخفیف قوله تعالی: فَعَمِیَتْ عَلَیْهِمُ الْأَنْباءُ [القصص:
66].
و فی ضمّ مجراها سواهم و فتح یابنیّ هنا نص و فی الكلّ عوّلا
و آخر لقمان یوالیه أحمدو سكّنه زاك و شیخه الأوّلا قوله: سواهم أی سوی حمزة و الكسائی و حفص المشار إلیهم بكذا علا فی البیت السابق یعنی أن نافعا و ابن كثیر و أبا عمرو و ابن عامر و شعبة قرءوا بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها [هود: 41] بضم المیم و أن حمزة و الكسائی و حفصا قرءوا بفتحها و أن المشار إلیه بالنون فی قوله نص و هو عاصم قرأ هنا و كان فی معزل یا بُنَیَّ ارْكَبْ [هود: 42] بفتح الیاء و أن المشار إلیه بالعین من عولا و هو حفص قرأ یا بنی بفتح الیاء فی كل ما جاء منه فی القرآن مضموم الأول و وافقه أحمد البزی علی فتح یاء آخر لقمان و هو یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ [لقمان: 17] و أن المشار إلیه بالزای من زاك و هو قنبل قرأ فی الأخیر من لقمان بیاء ساكنة و أن شیخ قنبل و هو ابن كثیر قرأ یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ [لقمان: 13] بیاء ساكنة و هو الأول من لقمان و المراد بالمضموم الأول المضموم الیاء و هو یا بُنَیَّ ارْكَبْ مَعَنا [هود:]، و یا بُنَیَّ لا تَقْصُصْ رُؤْیاكَ [یوسف: 5]، و یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ [لقمان: 13]، و یا بُنَیَّ إِنَّها [لقمان: 16]، و یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ [لقمان: 17]، و یا بُنَیَّ إِنِّی أَری [الصافات: 102]، و قرأ الباقون بكسر الیاء فی یا بنی فذلك ستة مواضع و لا خلاف فی المفتوح الأول نحو یا بنی لا تدخلوا و یا بنی اذْهَبُوا [یوسف: 87] أنه بفتح الیاء.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 251 و فی عمل فتح و رفع و نوّنواو غیر ارفعوا إلّا الكسائیّ ذا الملا یعنی أن القراء كلهم إلا الكسائی قرءوا إنه عمل بفتح المیم و رفع اللام و تنوینها غیر صالح برفع الراء فتعین للكسائی القراءة بكسر المیم و فتح اللام من غیر تنوین و نصب الراء.
و تسألن خفّ الكهف ظلّ حمی وهاهنا غصنه و افتح هنا نونه دلا أخبر أن المشار إلیهم بالظاء و الحاء فی قوله: ظل حمی و هم الكوفیون و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا بالكهف فلا تسألنی عن شی‌ء بإسكان اللام و تخفیف النون و أن المشار إلیهم بالغین من غصنه و هم الكوفیون و أبو عمرو قرءوا فلا تسألن ما لیس بسكون اللام و تخفیف النون فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح اللام و تشدید النون ثم أمر بفتح النون تسألن هنا أی بهود للمشار إلیه بالدال من دلا و هو ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بكسر النون و قد تقدم الكلام علی الیاء فی باب الزوائد.
توضیح: نافع و هشام یقرءان بالكهف بفتح اللام و تشدید النون و كسرها و إثبات الیاء بعدها فی الحالین و ابن ذكوان كذلك فی وجه عنه و وجه ثان بفتح اللام و تشدید النون و سكونها فی الوقف و كسرها فی الوصل من غیر یاء و الباقون بإسكان اللام و تخفیف النون و كسرها و إثبات الیاء بعدها فی الحالین و قرأ ابن عامر و قالون فی هود بفتح اللام و تشدید النون و سكونها فی الوقف و كسرها فی الوصل من غیر یاء و ورش كذلك إلا أنه أثبت الیاء فی الوصل خاصة و ابن كثیر بفتح اللام و تشدید النون و سكونها فی الوقف و فتحها فی الوصل و أبو عمرو بإسكان اللام و تخفیف النون و إسكانها فی الوقف و كسرها فی الوصل و إثبات الیاء بعدها و الكوفیون بسكون اللام و تخفیف النون و سكونها فی الوقف و كسرها فی الوصل من غیر یاء فتأمل ذلك.
و یومئذ مع سال فافتح أتی رضاو فی النمل حصن قبله النّون ثمّلا أمر بفتح المیم فی قوله تعالی: و مِنْ خِزْیِ یَوْمِئِذٍ و مِنْ عَذابِ یَوْمِئِذٍ بِبَنِیهِ فی المعارج للمشار إلیهما بالهمزة و الراء فی قوله أتی رضا و هما نافع و الكسائی ثم أخبر أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ یَوْمَئِذٍ [النمل: 89] بفتح المیم فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بكسر المیم علی أصله و هو علی الحقیقة الخفض فی المواضع الثلاثة ثم أخبر أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله ثملا و هم الكوفیون قرءوا وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ یَوْمَئِذٍ [النمل: 89] بالنون یعنی بتنوین العین فتعین للباقین القراءة بترك التنوین و أشار بقوله قبله النون إلی فزع لأنه قبل یومئذ فی التلاوة فصار نافع یقرأ فزع یومئذ بترك التنوین و فتح المیم و الكوفیون بالتنوین و فتح المیم و الباقون بخفض المیم و ترك التنوین فتلك ثلاث قراءات و فی غیر النمل قراءتان و معنی ثملا: أی أصلح.
ثمود مع الفرقان و العنكبوت لم‌ینوّن علی فصل و فی النّجم فصّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 252 نما لثمود نوّنوا و اخفضوا رضی‌و یعقوب نصب الرّفع عن فاضل كلا أخبر أن المشار إلیهما بالعین و الفاء فی قوله: علی فصل و هما حفص و حمزة قرآ هنا أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ [هود: 68]، وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِ [الفرقان:
38]، وَ عاداً وَ ثَمُودَ [العنكبوت: 38]، وَ قَدْ تَبَیَّنَ لَكُمْ [العنكبوت: 38]، بترك التنوین ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و النون فی قوله فصلا نما و هما حمزة و عاصم قرآ بالنجم و ثمود فما أبقی بترك التنوین فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بالتنوین فیهن ثم أمر بخفض الدال و تنوینها فی قوله تعالی: أَلا بُعْداً لِثَمُودَ [هود: 68] للمشار إلیه بالراء من رضا و هو الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتح الدال من غیر تنوین، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الفاء و الكاف فی قوله عن فاضل كلا و هم حفص و حمزة و ابن عامر قرءوا وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ [ص: 45] بنصب رفع الباء فتعین للباقین القراءة برفع الباء.
هنا قال سلم كسره و سكونه‌و قصر و فوق الطّور شاع تنزّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ هنا قال سلام فما لبث و فوق الطور یعنی فی قال سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ [الذاریات: 25] بكسر السین و سكون اللام و القصر أی بغیر ألف كلفظة فتعین للباقین القراءة بفتح السین و اللام و بألف فیهما و الخلاف هنا و بالذاریات واقع فی سلام المصاحب لقال فهو قید أخرج به قالوا سلاما.
و فأسر أن أسر الوصل أصل دنا و هاهنا حقّ إلا امرأتك ارفع و أبدلا أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الدال فی قوله أصل دنا و هما نافع و ابن كثیر قرآ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ [هود: 81]، و لا یلتفت هنا فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ اتَّبِعْ [الحجر: 65]، و فَأَسْرِ بِعِبادِی لَیْلًا [الدخان: 23]، و أَنْ أَسْرِ بِعِبادِی [طه:
77]، و أَنْ أَسْرِ بِعِبادِی إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ [الشعراء: 52] بوصل همزة الخمسة و كسر نون الأخیرین فی الوصل و الابتداء بكسر الهمزتین و تعین للباقین القراءة بقطع الهمزة و فتحها فی الكل و إسكان نون الأخیرین إلا حمزة فی نقله ثم أمر برفع التاء هنا فی إلا امرأتك للمشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بنصب التاء و احترز بقوله هنا من الذی بالعنكبوت إنا منجوك و أهلك إلا امرأتك فإنه بنصب التاء بلا خلاف و قوله إلا امرأتك أبدل فیه الهمزة ألفا لیتزن له النظم و لزم من هذه العبارة فی هذه إیهام و ذلك أنه قال ارفع و أبدلا فیظن أنه أراد ما لفظ به بإبدال الهمزة ألفا و إنما أراد الإبدال من جهة الإعراب فأشار بقوله و أبدلا إلی وجه الرفع یعنی أن التاء مرفوع علی البدل من أحد و وجه قراءة النصب أن التاء منصوبة علی الاستثناء محل فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ، و یجوز فی قوله و أبدلا ضم الهمزة و الأشهر فتحها.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 253 و فی سعدوا فاضمم صحابا وسل به‌و خفّ و إن كلا إلی صفوه دلا
و فیها و فی یاسین و الطّارق العلی‌یشدّد لمّا كامل نصّ فاعتلا
و فی زخرف فی نصّ لسن بخلفه‌و یرجع فیه الضّمّ و الفتح إذ علا أمر بضم السین فی قوله: وَ أَمَّا الَّذِینَ سُعِدُوا [هود: 108] للمشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی و حفص فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم قال: وسل به بالضم أی ابحث عنه ثم أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الصاد و الدال فی قوله إلی صفوه دلا و هم نافع و شعبة و ابن كثیر قرءوا و إن كلا بتخفیف النون و إسكانها فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و فتحها ثم أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و النون و الفاء فی قوله: كامل نص فاعتلا و هم ابن عامر و عاصم و حمزة قرءوا فیها یعنی فی هذه السورة وَ إِنَّ كُلًّا لَمَّا لَیُوَفِّیَنَّهُمْ [هود: 111]، وَ إِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِیعٌ لَدَیْنا مُحْضَرُونَ [یس: 32]، لَمَّا عَلَیْها حافِظٌ [الطارق: 4] بتشدید المیم و أن المشار إلیهم بالفاء و النون و اللام فی قوله فی نص لسن و هم حمزة و عاصم و هشام قرءوا لَمَّا مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا [الزخرف: 35] بتشدید المیم ثم قال بخلفه أی بخلف عن هشام فصار له وجهان: التشدید و التخفیف فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتخفیف المیم و إذا جمعت بین إن و كلا لما تأتی فی ذلك أربع قراءات تخفیف النون و المیم لنافع و ابن كثیر و تشدیدهما لابن عامر و حفص و حمزة و تخفیف إن و تشدید لما لشعبة و تشدید إن و تخفیف لما لأبی عمرو و الكسائی ثم أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و العین فی قوله إذ علا و هما نافع و حفص قرآ وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [هود: 123] بضم الیاء و فتح الجیم فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و كسر الجیم و قوله فی نص لسن، أی فی نص قوم فصحاء یقال قوم لسن: أی فصحاء.
و خاطب عمّا یعملون هنا و آخر النمل علما عمّ و ارتاد منزلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و عم فی قوله علما عم و هم حفص و نافع و ابن عامر قرءوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [هود: 123]، فی خاتمة هود و فی خاتمة النمل بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب فیهما و ارتاد معناه طلب، و المنزل: موضع الحلول.
و یا آتها عنّی و إنّی ثمانیاو ضیفی و لكنّی و نصحی فاقبلا
شقاقی و توفیقی و رهطی عدّهاو مع فطرن أجری معا تحص مكملا أخبر أن فیها ثمانیة عشر یاء إضافة عنی إنه لفرح، ثم قال: و إنی ثمانیا یرید فَإِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ كَبِیرٍ [هود: 3]، و إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ أَلِیمٍ [الزخرف: 27]، و إِنِّی إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِینَ [هود: 31]، و إِنِّی أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 254
الْجاهِلِینَ، [هود: 11]، و إِنِّی أَعُوذُ بِكَ [هود: 47]، و إِنِّی أُشْهِدُ اللَّهَ [هود:
51]، و إِنِّی أَراكُمْ [هود: 84]، وَ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ مُحِیطٍ [هود: 84] فهذه الثمانیة المشار إلیها بقوله: و إنی ثمانیا و ضیفی أ لیس منكم وَ لكِنِّی أَراكُمْ [هود:
29]، و نُصْحِی إِنْ أَرَدْتُ [هود: 51]، و شِقاقِی أَنْ یُصِیبَكُمْ [هود: 89]، و ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ [هود: 88]، و أَ رَهْطِی أَعَزُّ عَلَیْكُمْ مِنَ اللَّهِ [هود: 92]، و فَطَرَنِی [هود: 51]، أَ فَلا تَعْقِلُونَ [هود: 51]، و إِنْ أَجرِیَ إِلَّا عَلَی اللَّهِ [هود: 51]، و إِنْ أَجْرِیَ إِلَّا عَلَی الَّذِی فَطَرَنِی [هود: 51]، و إلیهما أشار بقوله معا فهذه ثمانیة عشر یاء إضافة، و قوله: تحص مكملا أی تحصی الجمیع فتكمل.

سورة یوسف علیه السلام‌

و یا أبت افتح حیث جا لابن عامرو وحّد للمكّی آیات الولا أمر بفتح التاء من یا أبت حیث جاء فی القرآن لابن عامر فتعین للباقین القراءة بكسرها و هی ثمانیة یا أَبَتِ إِنِّی [یوسف: 4]، و یا أَبَتِ [یوسف: 4]، و یا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ [مریم: 42]، و یا أَبَتِ إِنِّی قَدْ [مریم: 43]، و یا أَبَتِ لا [مریم: 44]، و یا أَبَتِ إِنِّی أَخافُ [مریم: 45]، و یا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ [القصص: 26]، و یا أَبَتِ افْعَلْ [الصافات: 102]، ثم أخبر أن المكی و هو ابن كثیر قرأ آیة للسائلین بغیر ألف علی التوحید فتعین للباقین أن یقرءوا آیات بالألف علی الجمع و نبه بالولا علی أن المختلف فیه تابع یا أبت لأن الولا بكسر الواو المتابعة و لا خلاف فی قوله تعالی: وَ كَأَیِّنْ مِنْ آیَةٍ فی أواخر السورة أنه بالتوحید.
غیابات فی الحرفین بالجمع نافع‌و تأمننا للكلّ یخفی مفصّلا
و أدغم مع إشمامه البعض عنهم‌و نرتع و نلعب یاء حصن تطوّلا
و یرتع سكون الكسر فی العین ذو حمّی‌و بشرای حذف الیاء ثبت و میّلا
شفاء و قلّل جهبذا و كلاهماعن ابن العلا و الفتح عنه تفضّلا أخبر أن نافعا قرأ (و ألقوه فی غیابات الجب) [یوسف: 10]، و أجمعوا أن یجعلوه فی غیابات الجب بألف علی جمع السلامة فتعین للباقین أن یقرءوا غیابة فی الموضعین بحذف الألف علی التوحید ثم أخبر أن كل القراء یعنی السبعة قرءوا مالك لا تأمننا بإخفاء حركة النون الأولی أی بإظهار النون و اختلاس حركتها ثم قال مفصلا یعنی أن الإخفاء یفصل إحدی النونین عن الأخری بخلاف الإدغام ثم أخبر أن بعض أهل الأداء كابن مجاهد أدغم النون الأولی فی الثانیة مع إشمام الضم عنهم أی عن السبعة و هذا الوجه لیس فی التیسیر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 255
و هذا الإشمام كالإشمام السابق فی الوقف و هو ضم الشفتین من غیر إحداث شی‌ء فی النون و فی كلام لناظم إشارة إلی وجه ثالث و هو الإدغام الصریح بدون إشمام لأنه لما قال و أدغم مع إشمامه البعض عنهم دل علی أن البعض الآخر أدغم من غیر إشمام فهذه ثلاثة أوجه قرأنا بها لكل واحد من السبعة و هذا الوجه الثالث لیس فی التیسیر أیضا و نص ابن جبارة علی الأوجه الثلاثة ثم أخبر أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً یَرْتَعْ وَ یَلْعَبْ [یوسف: 12] بالیاء فی الكلمتین فتعین للباقین القراءة بالنون فیهما ثم أخبر أن المشار إلیهم بالذال و الحاء فی قوله ذو حمی و هم الكوفیون و ابن عامر و أبو عمرو قرءوا بسكون كسر العین فتعین للباقین القراءة بكسر العین و قد تقدم فی باب الزوائد أن قنبلا یزید فیهما یاء فی الحالین بخلاف عنه فصار نافع یقرأ یرتع و یلعب بالیاء فیهما و كسر العین من یرتع و الكوفیون بالیاء فیهما و سكون العین و أبو عمرو و ابن عامر نرتع و نلعب بالنون فیهما و سكون العین و البزی بالنون فیهما و كسر العین و قنبل عنه وجهان بالنون فیهما و كسر العین كالبزی و نرتعی و نلعب بالنون فیهما و إشباع كسر العین فیصیر بعدها یاء زائدة فذلك خمس قراءات و لا خلاف فی یلعب أنه بفتح العین ثم أخبر أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله: ثبت و هم الكوفیون قرءوا یا بشرای هذا غلام بحذف الیاء الأخیرة فتعین للباقین القراءة بإثباتها مفتوحة فی الوصل ساكنة فی الوقف و علم فتحها فی الوصل من لفظه ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ یا بشری بإمالة الألف و أن المشار إلیه بالجیم من جهبذا و هو ورش قلل الألف أی أمالها بین بین ثم قال و كلاهما أی الإمالة و التقلیل رویا عن أبی عمرو بن العلاء ثم قال و الفتح عنه أی روی عن أبی عمرو الفتح أیضا و هو الأشهر عنه و لیس فی التیسیر غیره فصار لأبی عمرو ثلاثة أوجه، و تعین للباقین القراءة بالفتح و قوله ثبت أی ثابت یقال رجل ثبت أی ثابت القلب. و الجهبذ: الناقد الحاذق.
و هیت بكسر أصل كفؤ و همزه‌لسان و ضمّ التّا لوا خلفه دلا أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الكاف من قوله أصل كف‌ء و هما نافع و ابن عامر قرآ هیت لك بكسر الهاء فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم قال و همزة لسان أی لغة أخبر أن المشار إلیه باللام من لسان و هو هشام قرأ هئت لك بهمزة ساكنة فتعین للباقین القراءة بیاء ساكنة مكان الهمزة، ثم أخبر أن المشار إلیه باللام من لوی و هو هشام قرأ هیت بضم التاء بخلاف عنه أی بضمها و فتحها و أن المشار إلیه بالدال من دلا و هو ابن كثیر ضم التاء بلا خلاف فتعین للباقین القراءة بفتحها فصار نافع و ابن ذكوان یقرءان هیت بالیاء و كسر الهاء و فتح التاء و ابن كثیر بالیاء و فتح الهاء و ضم التاء و هشام فی وجه بالهمزة و كسر الهاء و ضم التاء، و فی وجه آخر بالهمزة أیضا و كسر الهاء و فتح التاء و الباقون بالیاء و فتح الهاء و التاء فذلك خمس قراءات.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 256 و فی كاف فتح اللام فی مخلصا ثوی‌و فی المخلصین الكلّ حصن تجمّلا أخبر أن المشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون قرءوا فی سورة مریم المشار إلیهما بكاف أنه كان مخلصا بفتح اللام و أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا بفتح اللام فی كل ما كان جمعا معرّفا بالألف و اللام نحو إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِینَ [یوسف:
24]، فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بكسر اللام و قید مخلصا بمریم و لفظ بالمخلصین بالألف و اللام فلا یرد علیه قوله تعالی: قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً [الزمر: 14]، و مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ [غافر: 65] فإنه متفق الكسر.
معا وصل حاشا حجّ دأبا لحفصهم‌فحرّك و خاطب یعصرون شمردلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حج و هو أبو عمرو قرأ (قلن حاشا للّه ما هذا بشرا) [یوسف: 31]، و قلن حاشا للّه ما علمنا علیه من سوء ألف بعد الشین فی الوصل كما نطق به فتعین للباقین القراءة بحذف الألف و لا خلاف فی حذفها فی الوقف و أراد بقوله معا أن لفظ حاشا جاء فی موضعین من هذه السورة و أمر أن یقرأ لحفص سبع سنین دأبا بتحریك الهمزة أی بفتحها فتعین للباقین القراءة بإسكانها ثم أمر أن یقرأ و فیه تعصرون بتاء الخطاب للمشار إلیهما بالشین من شمردلا و هما حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب.
و نكتل بیا شاف و حیث یشاء نون دار و حفظا حافظا شاع عقّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاف و هما حمزة و الكسائی قرآ أخانا یكتل بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون ثم أخبر أن المشار إلیه بالدال من دار و هو ابن كثیر قرأ یتبوأ منها حیث نشاء بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء، و قید یشاء بحیث فلا یرد علیه نصیب برحمتنا من نشاء فإنه بالنون بلا خلاف. ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و العین من شاع عقلا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا فاللّه خیر حافظا بكسر الفاء و ألف قبلها و فی قراءة الباقین خیر حفظا بكسر الحاء و إسكان الفاء و حذف الألف علی ما لفظ به من القراءتین و استغنی بلفظی حفظا و حافظا عن القید و عقلا: جمع عاقل.
و فتیته فتیانه عن شذا وردبالأخبار فی قالوا أئنّك دغفلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الشین فی قوله عن شذا و هم حفص و حمزة و الكسائی قرءوا و قال لفتیانه بألف و نون بین الیاء و الهاء فی قراءة الباقین لفتیته بتاء مثناة فوق مكان النون من غیر ألف كلفظه لأنه استغنی بلفظی فتیته و فتیانه عن تقییدهما و حذف اللام من الثانی للوزن و من الأولی لئلا یتوهم خلافها ثم قال ورد بالإخبار یعنی أن المشار إلیه بالدال من دغفلا و هو ابن كثیر قرأ إنك لأنت یوسف بهمزة واحدة مكسورة علی الإخبار فتعین للباقین القراءة بهمزتین علی الاستفهام و هم علی أصولهم من التحقیق و التسهیل و المدّ بین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 257
الهمزتین و تركه و معنی رد أی طلب من راد و ارتاد إذا طلب الكلأ. و الدغفل: العیش الواسع.
و ییأس معا و استیأس استیأسوا و تیأسوا اقلب عن البزّی بخلف و أبدلا قوله: و ییأس معا یعنی فی موضعین أحدهما فی هذه السورة إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [یوسف: 87]، و الآخر أَ فَلَمْ یَیْأَسِ الَّذِینَ آمَنُوا [الرعد: 31]، ثم ذكر الباقی و هو ثلاثة مواضع فی هذه السورة حتی إذا استیأس الرسل فلما استیأسوا منه وَ لا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [یوسف: 87]، أمر بالقلب و الإبدال فی هذه الخمسة للبزی بخلاف عنه و قوله:
قلب أی اجعل الهمز ساكنا فی موضع الیاء و الیاء مفتوحا فی موضع الهمز ثم أبدل من الهمز الساكن ألفا فتصیر علی هذا یایس و استأیس و استیأسوا و یایسوا هذا أحد الوجهین عن البزی و الوجه الآخر عنه بیاء ساكنة بعدها همزة مفتوحة من غیر ألف كقراءة الباقین و اختلفت هذه الكلمات فی الرسم فرسم ییأس و لا تیأسوا بالألف، و رسم الباقی بغیر ألف.
و یوحی إلیهم كسر حاء جمیعهاو نون علا یوحی إلیه شذا علا أخبر أن المشار إلیه بالعین من علا و هو حفص قرأ نوحی إلیهم بالنون و كسر الحاء فی جمیع ما فی القرآن و هو هنا و فی النحل و أول الأنبیاء ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و العین من شذا علا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا إلا یوحی إلیه و هو الثانی من الأنبیاء بالنون و كسر الحاء فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بالیاء و فتح الحاء فالتقیید فی الترجمة الأولی واقع لیوحی إذا كان مصاحبا للفظ إلیهم بالهاء و المیم و فی الترجمة الثانیة إذا كان أبعده إلیه بالهاء وحدها كما نطق بهما فی الترجمتین فخرج عنهما نحو یوحی إلیك متفق الیاء.
و ثانی ننجی احذف و شدّد و حرّكاكذا نل و خفّف كذّبوا ثابتا تلا أمر أن یقرأ ننجی من نشاء بحذف النون الثانیة و تشدید الجیم و تحریك الیاء أی بفتحها للمشار إلیهما بالكاف و النون فی قوله: كذا نل و هما ابن عامر و عاصم فیصیر اللفظ به فنجی و تعین للباقین القراءة بإثبات النون الثانیة ساكنة و تخفیف الجیم و إسكان الیاء ثم أمر أن یقرأ و ظنوا أنهم قد كذبوا بتخفیف الذال للمشار إلیهم بالثاء فی قوله ثابتا و هم الكوفیون فتعین للباقین القراءة بتشدید الذال.
و أنی و إنّی الخمس ربی بأربع‌أرانی معا نفسی لیحزننی حلا
و فی إخوتی حزنی سبیلی بی ولی‌لعلّی آبائی أبی فاحش موحلا أخبر أن فیهما اثنتین و عشرین یاء إضافة أنی بفتح الهمزة واحدة و هی أنی أوف الكیل
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 258
و إنی بكسر الهمزة خمس و هی قال أحدهما إنی أرانی و قال الآخر إنی وَ قالَ الْمَلِكُ إِنِّی أَری سَبْعَ بَقَراتٍ [یوسف: 43]، و إِنِّی أَنَا أَخُوكَ [یوسف: 69]، و إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ [یوسف: 37]، ثم قال و ربی بأربع أی فی أربعة مواضع رَبِّی أَحْسَنَ [یوسف: 23]، و مِمَّا عَلَّمَنِی رَبِّی [یوسف: 37]، و إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّی [یوسف: 53]، [سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّی [یوسف: 98]، ثم قال أرانی معا أی فی موضعین هما أرانی أعصر خمرا و أرانی أحمل و ما أُبَرِّئُ نَفْسِی إِنَ [یوسف: 53]، و لَیَحْزُنُنِی أَنْ [یوسف: 13]، وَ بَیْنَ إِخْوَتِی إِنَ [یوسف: 69]، وَ حُزْنِی إِلَی اللَّهِ [یوسف: 53]، و سَبِیلِی أَدْعُوا [یوسف: 108]، و قَدْ أَحْسَنَ بِی إِذْ [یوسف: 100]، و یَأْذَنَ لِی أَبِی [یوسف: 80]، و (لعلی أرجع و آبائی) [یوسف: 46]، (إبراهیم و أبی)، أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی [یوسف: 80]، و قوله فاخش موحلا أی فاخش غلطا أی احذر الكلام فی إخوة یوسف علیه الصلاة و السلام. و الموحل مصدر و حل الرجل بكسر الحاء إذا وقع فی الوحل بفتح الحاء، و هو الطین الرقیق.

سورة الرعد

و زرع نخیل غیر صنوان أوّلالدی خفضها رفع علی حقّه طلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و یحق فی قوله علا حقه و هم حفص و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا وَ زَرْعٌ وَ نَخِیلٌ صِنْوانٌ وَ غَیْرُ صِنْوانٍ [الرعد: 4]، برفع خفض الكلمات الأربع فتعین للباقین القراءة بالخفض فیهن و قوله صنوان أولا احترز به من صنوان الثانی الواقع بعد غیر فإنه مخفوض للكل بإضافة غیر إلیه، و طلا جمع طلیة، و هی صفحة العنق.
و ذكّر تسقی عاصم و ابن عامرو قل بعده بالیا یفضّل شلشلا أی قرأ عاصم و ابن عامر یسقی بماء بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و قوله و قل بمعنی اقرأ أی للمشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی و یفضل بعضها علی بعض بالیاء المثناة تحت فتعین للباقین القراءة بالنون و قوله بعده یعنی أن یفضل واقع فی التلاوة بعد یسقی:
و ما كرّر استفهامه نحو آئذاأئنّا فذو استفهام الكلّ أوّلا
سوی نافع فی النمل و الشّام مخبرسوی النّازعات مع إذا وقعت و لا
و دون عناد عمّ فی العنكبوت مخبراو هو فی الثّانی أتی راشدا و لا
سوی العنكبوت و هو فی النّمل كن رضاو زاده نونا إنّنا عنهما اعتلا
و عمّ رضا فی النّازعات و هم علی‌أصولهم و امدد لوا حافظ بلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 259
یرید كل موضع تكرر فیه لفظ الاستفهام و هو أحد عشر موضعا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً [الإسراء: 49]، أَ إِنَّا لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ [الرعد: 5]، أَ إِذا كُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِیداً [الإسراء: 49]، قُلْ كُونُوا حِجارَةً [الإسراء: 50]، أَ إِذا كُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِیداً [الإسراء: 49]، أَ وَ لَمْ یَرَوْا موضعان بسبحان، أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الصافات: 16]، أَ إِذا كُنَّا تُراباً وَ آباؤُنا أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ [النمل: 67]، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ [العنكبوت: 28]، أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ [العنكبوت: 29]، أَ إِذا ضَلَلْنا فِی الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ [السجدة: 10]، أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الصافات: 16]، أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَدِینُونَ [الصافات:
53]، أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الواقعة: 47]، أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِی الْحافِرَةِ [النازعات: 11]، أَ إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً [النازعات: 10]، فالجمیع علی لفظ أئذا أئنا علی ما مثل به الناظم إلا بالعنكبوت و النازعات أما الذی بالعنكبوت فإنه بلفظ آخر متحد و هو أئنكم أئنكم، و أما الذی بالنازعات فلفظه علی عكس ما لفظ به الناظم و هو أئنا أئذا فما أراد الناظم بقوله أئذا أئنا إلا اجتماع للفظین مع قطع النظر علی الترتیب فلا یرد علیه الذی بالعنكبوت و لا الذی بالنازعات و قد اجتمع ثلاثة بالصافات أئفكا أئنا آئذا و الداخل فی هذا الباب الأخیران لأنه قد نص علی أ ءنك أ ئفكا لهشام فیما تقدم و قوله فی البیت أئذا لفظ به بالمد و أئنا لفظ به بالقصر لأجل الوزن ثم بین خلاف القراء فی الاستفهام المكرر فقال:
«فذو استفهام الكل أولا»، سوی نافع فی النمل، أخبر أن القراء كلهم قرءوا الأول من الاستفهامین فی جمیع القرآن بهمزتین علی الاستفهام إلا نافعا فی أول النمل فإنه قرأه بهمزة واحدة مكسورة علی الخبر و إلا ابن عامر الشامی فإنه قرأ الأول من الاستفهامین بهمزة واحدة مكسورة علی الخبر فی جمیع القرآن إلا فی أول النازعات و أول الواقعة فإنه استفهم بهما و إلا المشار إلیهم بالدال و العین و بعم فی قوله: و دون عناد عم و هم ابن كثیر و حفص و نافع و ابن عامر فی أول العنكبوت فإنهم أخبروا به و إلی هنا كان كلامه فی الأول من الاستفهامین ثم انتقل إلی الكلام فی الثانی منهما فقال و هو یعنی الإخبار فی الثانی أی فی الاستفهام الثانی أتی راشدا و لا یفتح الواو و أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الراء فی قوله أتی راشدا و هما نافع و الكسائی قرآ بالأخبار فی الثانی فی الكل إلا ثانی العنكبوت فإنهما استفهما به ثم قال و هو یعنی الإخبار بالنمل أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الراء فی قوله كن رضا و هما ابن عامر و الكسائی قرآ ثانی النمل بالأخبار ثم قال و زاداه نونا و زاد ابن عامر و الكسائی الثانی من النمل نونا فقرءا أننا بنونین و قراءة الباقین بالاستفهام و بنون واحدة مشددة ثم أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالراء فی قوله و عم رضا و هم نافع و ابن عامر و الكسائی قرءوا ثانی النازعات بالإخبار ثم أخبر أن القراء كلهم علی أصولهم فی التحقیق و التسهیل لأنه اجتمع فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 260
قراءاتهم بالاستفهام همزتان. ثم قال و امدد أمر بالمد بین الهمزتین للمشار إلیهم باللام و الحاء و الباء فی قوله لوی حافظ بلا، و هم هشام و أبو عمرو و قالون فتعین للباقین القراءة بترك المد، و معنی بلا: اختبر. و تحریر هذا الباب أن نقول قرأ نافع و الكسائی بالاستفهام فی الأول و الخبر فی الثانی فی جمیع القرآن و خالف نافع أصله فی موضعین فی النمل و العنكبوت فأخبر فیهما فی الأول و استفهم فی الثانی و خالف الكسائی أصله فی العنكبوت خاصة فاستفهم فی الأول و الثانی و قرأ ابن عامر بالخبر فی الأول و الاستفهام فی الثانی فی جمیع القرآن و خالف أصله فی ثلاثة مواضع بالنمل و النازعات فاستفهم فیهما فی الأول و أخبر فی الثانی و زاد نونا علی الخبر فی النمل و خالف أصله أیضا بالواقعة و هو الموضع الثالث فاستفهم فیها فی الأول و الثانی و قرأ ابن كثیر و حفص بالاستفهام فی الأول و الثانی فی جمیع القرآن و خالفا أصلهما فی العنكبوت فأخبرا فی الأول و استفهما فی الثانی و قرأ أبو عمرو و حمزة و شعبة بالاستفهام فی الأول و الثانی فی جمیع القرآن فتمّ الاستفهام و خبره:
و هاد و وال قف و واق بیائه‌و باق دنا هل یستوی صحبة تلا أمر بالوقف للمشار إلیه بالدال من دنا و هو ابن كثیر علی هذه الألفاظ الأربعة بالیاء فی جمیع القرآن و هو وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ [الرعد: 7]، مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ [الرعد: 11]، فَما لَهُ مِنْ هادٍ [غافر: 33]، وَ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ [الرعد: 34]، ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا واقٍ [الرعد: 37]، وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ [النحل: 96]، مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ [الرعد: 34]، فَما لَهُ مِنْ هادٍ [الرعد: 33]، فتعین للباقین الوقف بغیر یاء ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا أَمْ هَلْ تَسْتَوِی الظُّلُماتُ وَ النُّورُ [الرعد: 16] بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و قبل هذا قل هل یستوی الأعمی لا خلاف فی تذكیره و أجمعوا علی إظهار لام عند الموضعین:
و بعد صحاب یوقدون و ضمّهم‌و صدّوا ثوی مع صدّ فی الطّول و انجلا أی و بعدها هل یستوی لفظ یوقدون أخبر أن المشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی و حفظ قرءوا و مما یوقدون بیاء الغیب كما نطق به فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و أن المشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون قرءوا و صدوا عن السبیل هنا وَ صُدَّ عَنِ السَّبِیلِ [غافر: 37] بضم الصاد فتعین للباقین القراءة بفتحها فیهما و الضمیر فی و ضمهم لأهل الأداء و هو یوهم أنه ضمیر صحاب ثم قال:
و یثبت فی تخفیفه حقّ ناصرو فی الكافر الكفّار بالجمع ذلّلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالنون فی قوله حق ناصر، و هم ابن كثیر و أبو عمرو و عاصم قرءوا یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ [الرعد: 39]، و یثبت بإسكان الثاء و تخفیف الباء فتعین للباقین القراءة بفتح الثاء و تشدید الباء و أن المشار إلیهم بالذال من ذللا و هم الكوفیون و ابن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 261
عامر قرءوا وَ سَیَعْلَمُ الْكُفَّارُ [الرعد: 42] بضم الكاف و تقدیم الفاء و فتحها علی الجمع فی قراءة الباقین و سیعلم الكافر بفتح الكاف و تأخیر الفاء و كسرها علی التوحید علی ما لفظ به فی القراءتین:

سورة إبراهیم علیه السلام‌

و فی الخفض فی اللّه الّذی الرّفع عمّ خالق امدده و اكسر و ارفع القاف شلشلا
و فی النّور و اخفض كلّ فیها و الأرض‌هاهنا مصرخیّ اكسر لحمزة مجملا
كها وصل أو للسّاكنین و قطرب‌حكاها مع الفرّاء مع ولد العلا أخبر أن المشار إلیهما بقوله عم و هما نافع و ابن عامر قرآ إِلی صِراطِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ [سبأ: 60]، اللّه برفع خفض الهاء فتعین للباقین القراءة بخفضها. و اعلم أن لام اللّه مرققة فی الوصل لكل القراءة لكسر ما قبلها و أما إذا وقفت علی ما قبلها و ابتدأت بهمزة الوصل فإنها مفخمة للكل لفتح ما قبلها لأنك إذا وقفت علی ما قبلها ثم ابتدأت بها أتیت بهمزة الوصل قبلها مفتوحة لأنها تفتح مع لام التعریف فیندرج تحت قوله: «كما فخموه بعد فتح و ضمه»، و قوله: خالق امدده أراد فی هذه السورة أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِ [إبراهیم: 19]، وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ [النور: 45]، أمر أن یقرأ للمشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی بالمد یعنی بالألف بعد الخاء و كسر اللام و رفع القاف من خالق فی السورتین و بخفض اللام من كل دابة و یخفض الأرض فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بترك الألف و فتح اللام و القاف فیهما و نصب كل دابة و الأرض ثم أمر أن یقرأ لحمزة و ما أنتم بمصرخیّ بكسر الیاء المشددة فتعین للباقین القراءة بفتحها و قوله: مجملا من قولهم أحسن فأجمل فی قوله و فعله أی مجملا فی تعلیل قراءة حمزة غیر طاعن فیها كما فعل من أنكر هذه القراءة من النحاة و قال لا یجوز كسر یاء الإضافة و هی قراءة صحیحة ثابتة و قد ذكر لها وجهین من القیاس العربی مع كونها لغة محكیة و قوله: كها وصل أی كهاء وصل بیاء أو واو و ذلك أن هذه الیاء فعل فیها كما فعل فی هاء الضمیر تكسر و توصل بیاء فیقال علیه و إلیه بالیاء بعد الهاء و یجوز حذف الصلة فی علیه و إلیه و كذلك هذه الیاء كسرت و وصلت بیاء ساكنة ثم حذفت الصلة فبقیت الیاء مكسورة فهذا معنی قوله كها وصل ثم ذكر الوجه الآخر فقال أو للساكنین یعنی أو كسرت لالتقاء الساكنین و ذلك أن الیاء الأولی ساكنة و هی یاء الجمع لما التقت بیاء الإضافة و هی ساكنة كسرت یاء الإضافة لالتقاء الساكنین ثم حكی أن الفراء و قطربا و ابن العلاء حكوا أنها لغة بنی یربوع فالوجه فی قراءة من قرأ بفتح الیاء أنه أدغم یاء الجمع فی یاء الإضافة و هی ساكنة ففتحها لالتقاء الساكنین و كان الفتح أولی بها لأنه أصلها.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 262 و ضمّ كفا حصن یضلّوا یضلّ عن‌و أفئدة بالیا بخلف له و لا أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بالكاف من كفا و بحصن و هم ابن عامر و نافع و الكوفیون بضم الیاء فی قوله تعالی: لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِهِ [إبراهیم: 30] هنا، و ثانی عطفه لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ [الحج: 9]، و مَنْ یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ [لقمان: 6]، وَ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِهِ [الزمر: 8] فتعین لابن كثیر و أبی عمرو القراءة بفتح الیاء فی الأربعة و حذف الناظم اللام من لیضلوا و لیضل للوزن و كرر اللفظ لئلا یتوهم أن عن تتمة لیضلوا و قید خلاف لیضل بمصاحبته للفظ عن بشرط أن تكون العین تلی اللام منه بلا فاصل بینهما فالتقیید واقع بذلك فلا یرد علیه نحو فیضلك عن سبیل اللّه لعدم وجود الشرط و هو فصل الكاف بین اللام و عن، و قد تقدم خلاف الأنعام و یونس و التوبة ثم أخبر أن المشار إلیه باللام من له و هو هشام قرأ فاجعل أفیدة بالیاء بعد الهمزة بخلاف عنه فله وجهان زیادة یاء ساكنة بعد الهمزة و هی طریق الأزرق عن الحلوانی عنه و بغیر یاء و هی طریق ابن شاذان عنه و تعین للباقین القراءة بترك الیاء بلا خلاف. و الكفاء بكسر الكاف النظیر و المثل. و ولا بفتح الواو.
و فی لتزول الفتح و ارفعه راشداو ما كان لی إنّی عبادی خذ ملا أخبر أن المشار إلیه بالراء من راشدا و هو الكسائی قرأ و إن كان مكرهم لتزول منه بفتح اللام ثم أمر برفعها أی بضم اللام الأخیرة فتعین للباقین القراءة بكسر اللام الأولی و نصب الثانیة ثم أخبر أن فیها ثلاث آیات إضافة وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ [إبراهیم: 22]، و إِنِّی أَسْكَنْتُ [إبراهیم: 37]، و قُلْ لِعِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا [إبراهیم: 31]، و قوله: خذ ملا تمم به البیت و لیس فیه رمز.

سورة الحجر

و ربّ خفیف إذ نما سكّرت دناتنزّل ضمّ التّا لشعبة مثّلا و بالنّون فیها و اكسر الزّای و انصب الملائكة المرفوع عن شائد علا أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و النون فی قوله: إذ نما و هما نافع و عاصم قرآ رُبَما یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا [الحجر: 2]، بتخفیف الباء فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و أن المشار إلیه بالدال من دنا و هو ابن كثیر قرأ سكرت أبصارنا بتخفیف الكاف و لم یصرح به اعتمادا علی ما تقدم ذكره فی ربما فتعین للباقین القراءة بتشدید الكاف ثم أخبر أن شعبة قرأ ما تنزل بضم التاء و تأخذ فتح الزای و رفع الملائكة له من ضد قراءة شائد علا كما یأتی، ثم قال و بالنون فیها أی فی التاء یعنی أن المشار إلیهم بالشین و العین فی قوله شائد علا و هم حمزة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 263
و الكسائی و حفص قرءوا (ما تنزل) بالنون فی مكان التاء و كسر الزای و نصب رفع الملائكة فتعین للباقین القراءة بفتح التاء من ضد قراءة شعبة و فتح الزای و رفع الملائكة. و اعلم أن نون ننزل مضمومة من حلولها محل التاء المضمومة و لم یتعرض لحركة النون فدل علی اتفاق الحركة فصار شعبة یقرأ تنزل بضم التاء و فتح الزای و الملائكة بالرفع و حمزة و الكسائی و حفص بضم النون و كسر الزای و النصب و الباقون بفتح التاء و الزای و الرفع فذلك ثلاث قراءات و لا خلاف فی تشدید الزای هنا و قد تقدم بالبقرة.
و ثقّل للمكّیّ نون تبشّرون و اكسره حرمیّا و ما الحذف أوّلا أخبر أن المكی و هو ابن كثیر قرأ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ [الحجر: 54] بتشدید النون فتعین للباقین القراءة بتخفیفها ثم أمر بكسرها للمشار إلیهما بقوله حرمیا و هما نافع و ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بفتحها فصار ابن كثیر یقرأ أ تبشرون بكسر النون و تشدیدها و نافع بتخفیفها و كسرها و الباقون بتخفیفها و فتحها فذلك ثلاث قراءات و أخبر أن النون المحذوفة فی قراءة نافع النون الثانیة لا الأولی التی هی نون الرفع.
و یقنط معه یقنطون و تقنطواو هنّ بكسر النّون رافقن حمّلا أخبر أن المشار إلیهما بالراء و الحاء فی قوله رافق حملا و هما الكسائی و أبو عمرو قرآ وَ مَنْ یَقْنَطُ [الأحزاب: 31]، و إِذا هُمْ یَقْنَطُونَ [الروم: 36]، و لا تَقْنَطُوا [الزمر:
53] بكسر النون فتعین للباقین القراءة بفتحها فی الثلاثة و أجمعوا علی فتح الماضی نحو ینزل الغیث من بعد ما قنطوا، و حملا جمع حامل.
و منجوهم خف و منجوهم خف و فی العنكبوت‌ننجینّ شفا منجوك صحبته دلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ هنا إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِینَ [الحجر: 59]، لَنُنَجِّیَنَّهُ [العنكبوت: 32] بإسكان النون و تخفیف الجیم و أن المشار إلیهم بصحبة و بالدال من صحبة دلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة و ابن كثیر قرءوا إِنَّا مُنَجُّوكَ وَ أَهْلَكَ [العنكبوت: 33]، كذلك یعنی بإسكان النون و تخفیف الجیم فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح النون و تشدید الجیم.
قدرنا بها و النمل صف و عباد مع‌بناتی و أنّی ثمّ إنّی فاعقلا أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صف و هو شعبة قرأ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها [الحجر:
60]، هنا و قَدَّرْناها [النمل: 57] بتخفیف الدال كلفظه و علم التخفیف من عطفه علی منجوهم خف و تعین للباقین القراءة بتشدید الدال فیهما، ثم أخبر أن فیها أربع یاءات إضافة نَبِّئْ عِبادِی أَنِّی [الحجر: 49]، و بَناتِی إِنْ كُنْتُمْ [الحجر: 71]، و أَنِّی أَنَا الْغَفُورُ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 264
الرَّحِیمُ [الحجر: 49]، و إِنِّی أَنَا النَّذِیرُ الْمُبِینُ [الحجر: 89]. و قوله: فاعقلا أی قید الأحكام و ثبتها فی ذهنك.

سورة النحل‌

و ینبت نون صحّ یدعون عاصم‌و فی شركای الخلف فی الهمز هلهلا أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صح و هو شعبة قرأ (ننبت لكم به الزرع) [النحل:
11] بالنون فتعین للباقین القراءة بالباء و أن عاصما قرأ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الأعراف: 194] بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب، ثم أخبر أن المشار إلیه بالهاء من هلهلا و هو البزی اختلف عنه هنا فی أین شركائی الذین فروی عنه وجهان أحدهما بغیر همز و الثانی بالهمز كقراءة الباقین. فإن قیل من أین یعلم أن قراءة الباقین بالهمز. قیل لما ذكر الخلف فی الهمز للبزی فضده لا خلف فی الهمز عند غیر البزی، و هلهلا من قولهم هلهل النساج الثوب إذا خفف نسجه.
و من قبل فیهم یكسر النّون نافع‌معا یتوفّاهم لحمزة وصّلا أخبر أن نافعا قرأ بكسر النون فی الكلمة التی قبل فیهم یعنی تشاقون و عبر عنها بقوله و من قبل فیهم لأنها لا تستقیم فی النظم إلا مخففة القاف و لم یقرأ أحد بذلك فتعین للباقین القراءة بفتح النون ثم أخبر أن حمزة قرأ (الذین یتوفاهم الملائكة ظالمی أنفسهم) [النحل:
28]، و (یتوفاهم الملائكة طیبین) [النحل: 32] بیاء التذكیر كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث فیهما و أشار بقوله معا إلی الموضعین.
سما كاملا یهدی بضمّ و فتحةو خاطب تروا شرعا و الآخر فی كلا أخبر أن المشار إلیهم بسما و بالكاف من كاملا و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا فَإِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ یُضِلُ [النحل: 37] بضم الیاء و فتح الدال فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و كسر الدال ثم أمر أن یقرأ (أ و لم تروا إلی ما خلق اللّه من شی‌ء) [النحل: 48] بتاء الخطاب للمشار إلیهما بالشین من شرعا و هما حمزة و الكسائی و أن یقرأ بتاء الخطاب أیضا فی (ا لم تروا إلی الطیر مسخرات) [النحل: 79]، للمشار إلیهما بالفاء و الكاف من قوله: فی كلا و هما حمزة و ابن عامر فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بیاء الغیب و قوله: و الآخر بكسر الخاء یعنی فی آخر هذه السورة (ا لم تروا إلی الطیر مسخرات) [النحل: 89] فی كلا أی فی حفظ.
و را مفرطون اكسر أضا یتفیّؤاالمؤنّث للبصریّ قبل تقبّلا أمر أن یقرأ للمشار إلیه بالهمزة من أضا و هو نافع و أنهم مفرطون بكسر الراء فتعین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 265
للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن البصری و هو أبو عمرو قرأ قبل ذلك تتفیؤا ظلاله بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر. و الأضا مقصور جمع أضاة بفتح الهمزة و هو الغدیر و یروی أیضا بكسر الهمزة و هو جمع أضاة أیضا و هو علی هذا الوجه ممدود فقصره و قوله:
قبل تقبلا یعنی أن تتفیؤا فی التلاوة قبل مفرطون.
و حق صحاب ضمّ نسقیكمو معالشعبة خاطب یجحدون معلّلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بصحاب و هم ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و الكسائی و حفص قرءوا نُسْقِیكُمْ مِمَّا فِی بُطُونِهِ [النحل: 66] هنا و نُسْقِیكُمْ مِمَّا فِی بُطُونِها [المؤمنون: 21] بضم النون، و أشار بقوله معا إلی الموضعین فتعین للباقین القراءة بفتح النون فیهما ثم أمر أن یقرأ لشعبة أَ فَبِنِعْمَةِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ [النحل: 71] بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب و معللا یروی بفتح اللام و كسرها.
و ظعنكموا إسكانه ذائع و نجزینّ‌الّذین النون داعیه نوّلا
هلكت و عنه نصّ الأخفش یاءه‌و عنه روی النّقّاش نونا موهّلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذائع و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا ظعنكم بإسكان العین فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهم بالدال و النون و المیم فی قوله: داعیه نولا ملكت و هم ابن كثیر و عاصم و ابن ذكوان قرءوا وَ لَنَجْزِیَنَّ الَّذِینَ صَبَرُوا [النحل:
96] بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء ثم أخبر أن الأخفش نص فی كتابه علی الیاء لابن ذكوان و أن النقاش روی عن الأخفش النون فی حال كونه موهلا أی موهما، یقال وهله فتوهل أی وهمه فتوهم أشار إلی قول الدانی فی التیسیر و لیجزین الذین بالنون و كذلك قال النقاش عن الأخفش و هو عندی و هم لأن الأخفش قد ذكر فی كتابه عنه بالیاء و الناظم رضی اللّه عنه إن قصد بموهلا أنه منسوب إلی الوهم فكالتیسیر و إن قصد خلافه فوجه النون من زیادات القصید لأن النون قد صح عن ابن ذكوان من طریق الصوری و من طریق الأخفش و من طریق هبة اللّه و النقاش فی نقل أبی العز، و لا خلاف فی قوله تعالی:
وَ لَنَجْزِیَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ [النحل: 97] أنه بالنون فلهذا قید موضع الخلاف بقوله: الذین و قوله النون یروی بنصب النون و ضمها. و قوله: ذائع أی مشهور.
سوی الشّام ضمّوا و اكسروا فتنوا لهم‌و یكسر فی ضیق مع النّمل دخللا أمر أن یقرأ مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا [النحل: 110] بضم الفاء و كسر التاء للسبعة إلا الشامی و هو ابن عامر فتعین للشامی أن یقرأ بفتح الفاء و التاء و الضمیر فی لهم عائد علی السبعة غیر الشامی ثم أخبر أن المشار إلیه بالدال من دخللا و هو ابن كثیر قرأ وَ لا تَكُ فِی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 266
ضَیْقٍ [النحل: 127] هنا وَ لا تَكُنْ فِی ضَیْقٍ [النمل: 70] بكسر الضاد فتعین للباقین القراءة بفتحها فیهما.

سورة الإسراء

و یتّخذوا غیب حلا لیسوء نون راو و ضمّ الهمز و المدّ عدّلا
سما و یلقّاه یضم مشدّداكفی یبلغنّ امدده و اكسر شمردلا
و عن كلّهم شدّد و فا أفّ كلّهابفتح دنا كفؤا و نون علی اعتلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حلاء و هو أبو عمرو قرأ ألا یتخذوا بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من راو و هو الكسائی قرأ (لنسوء وجوهكم) [الإسراء: 70] بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء و أن المشار إلیهم بالعین و بسما فی قوله عدلا سما و هم حفص و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا لیسؤوا بضم الهمزة و واو ممدودة بعدها فتعین للباقین القراءة بفتح الهمزة من غیر واو فصار الكسائی یقرأ لنسوء بالنون و فتح الهمزة و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و حفص بالیاء و ضم الهمزة و مدها و الباقون بالیاء و فتح الهمزة فذلك ثلاث قراءات ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كفی و هو ابن عامر قرأ كتابا یلقاه بضم الیاء و فتح اللام و تشدید القاف فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و إسكان اللام و تخفیف القاف ثم أمر أن یقرأ للمشار إلیهما بالشین من شمردلا و هما حمزة و الكسائی إما یبلغن بالمد أی بألف بعد الغین و كسر النون فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بترك الألف و فتح النون و اتفق السبعة علی تشدیدها ثم أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الكاف فی قوله دنا كفوا و هما ابن كثیر و ابن عامر قرآ فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ [الإسراء: 23] هنا و أُفٍّ لَكُمْ [الأنبیاء: 67]، و أُفٍّ لَكُما [الأحقاف: 17] بفتح الفاء فتعین للباقین القراءة بكسرها فیهن أمر أن یقرأ أف بالتنوین للمشار إلیهما بالعین و الألف فی قوله علی اعتلا و هما حفص و نافع فتعین للباقین القراءة بترك التنوین فابن كثیر و ابن عامر یقرءان أف بفتح الفاء و ترك التنوین و نافع و حفص بالكسر و التنوین و الباقون بالكسر و ترك التنوین فذلك ثلاث قراءات.
و بالفتح و التّحریك خطأ مصوّب‌و حرّكه المكّی و مدّ و جمّلا أخبر أن المشار إلیه بالمیم من مصوب و هو ابن ذكوان قرأ إن قتلهم كان خطأ بفتح الخاء و تحریك الطاء أی بفتحها و له القصر علی ما یفهم مما قیده لابن كثیر و أن المكی و هو ابن كثیر قرأ بتحریك الطاء أی بفتحها و بمدها و له كسر الخاء لأنه لا یفتحها إلا ابن ذكوان فتعین للباقین القراءة بكسر الخاء و سكون الطاء فابن ذكوان یقرأ كان خطأ بفتح الخاء و الطاء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 267
من غیر مد و ابن كثیر بكسر الخاء و فتح الطاء مع المد و الباقون بكسر الخاء و سكون الطاء من غیر مد فذلك ثلاث قراءات.
و خاطب فی یسرف شهود و ضمنابحرفیه بالقسطاس كسر شذا علا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شهود و هما حمزة و الكسائی قرآ (فلا تسرف فی القتل) [الإسراء: 33] بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب و أن المشار إلیهم بالشین و العین من شذا علا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ [الشعراء: 182] ذلك هنا و بالقسطاس المستقیم و لا بالشعراء بكسر ضم القاف فتعین للباقین القراءة بضم القاف فیهما.
و سیّئة فی همزه اضمم و هائه‌و ذكّر و لا تنوین ذكرا مكمّلا أمر أن یقول للمشار إلیهم بذال ذكرا و هم الكوفیون و ابن عامر كل ذلك كان سیئه بضم الهمزة و ضم الهاء و التذكیر و ترك التنوین و أراد بالتذكیر وضع هاء ضمیر التذكیر موضع هاء التأنیث و تعین للباقین القراءة بفتح الهمزة و تاء مفتوحة منونة كلفظه و قوله: ذكرا مكملا، أی ذكرت قراءتهم بجمیع قیودها.
و خفّف مع الفرقان و اضمم لیذكرواشفاء و فی الفرقان یذكر فصّلا
و فی مریم بالعكس حقّ شفاؤه‌یقولون عن دار و فی الثّان نزّلا
سما كفله أنّث یسبّح عن حمی‌شفا و اكسروا إسكان رجلك عمّلا أمر أن یقرأ للمشار إلیهما بشین شفا و هما حمزة و الكسائی، وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِیَذَّكَّرُوا [الإسراء: 41] هنا، وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَیْنَهُمْ لِیَذَّكَّرُوا [الفرقان: 50] بإسكان الذال و ضم الكاف و تخفیفهما ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فصلا و هو حمزة قرأ فی الفرقان لِمَنْ أَرادَ أَنْ یَذَّكَّرَ [الفرقان: 62]، كذلك یعنی بإسكان الذال و ضم الكاف و تخفیفهما فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح الذال و الكاف و تشدیدهما، ثم أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالشین فی قوله حق شفاؤه و هم ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و الكسائی قرءوا فی سورة مریم أَ وَ لا یَذْكُرُ الْإِنْسانُ [مریم: 97] بعكس التقیید المتقدم یعنی بفتح الذال و الكاف و تشدیدهما فتعین للباقین القراءة بالتقیید المتقدم یعنی بإسكان الذال و ضم الكاف و تخفیفهما، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالعین و الدال فی قوله عن دار و هما حفص و ابن كثیر قرآ قل لو كان معه آلهة كما یقولون بیاء الغیب كلفظه و أن المشار إلیهم بالنون. و بسما و بالكاف فی قوله نزلا سما كفله و هم عاصم و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا بیاء الغیب فی الثانی و هو عما یقولون فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتاء الخطاب فصار ابن كثیر و حفص بغیبهما و حمزة و الكسائی بخطابهما و نافع و أبو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 268
عمرو و ابن عامر و شعبة بخطاب الأول و غیب الثانی و الكفل النصیب ثم أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بالعین و الحاء و الشین فی قوله: عن حمی شفا و هم حفص و أبو عمرو و حمزة و الكسائی قرءوا تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ [الإسراء: 44] بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر ثم أمر أن یقرأ للمشار إلیه بالعین من عملا و هو حفص قرأ بخیلك و رجلك بكسر سكون الجیم فتعین للباقین القراءة بإسكان الجیم، و عملا جمع عامل.
و یخسف حقّ نونه و یعیدكم‌فیغرقكم و اثنان یرسل یرسلا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ (أن نخسف بكم أو نرسل علیكم) [الإسراء: 68]، و إن نعیدكم فیه (فنرسل علیكم فنغرقكم) [الإسراء: 69] بالنون فتعین للباقین القراءة فی الخمسة بالباء و قوله و اثنان الاثنان هما أو نرسل فنرسل فحذف الفاء من الثانی.
خلافك فافتح مع سكون و قصره‌سما صف نأی أخّر معا همزة ملا أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بسما و بالصاد من قوله سما صف و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و شعبة قرءوا و إذا لا یلبثون خلفك بفتح الخاء و سكون اللام من غیر ألف فتعین للباقین القراءة بكسر الخاء و فتح اللام و ألف بعدها كلفظه، ثم أمر أن یقرأ للمشار إلیه بالمیم فی قوله ملا و هو ابن ذكوان أعرض و نأی هنا و فی فصلت بتقدیم الألف علی الهمزة و تأخیرها و قوله معا یعنی فی الموضعین و تعین للباقین القراءة بترك التأخیر و هو إبقاء الهمزة علی حالها قبل الألف فیهما.
تفجّر فی الأولی كتقتل ثابت‌و عمّ ندی كسفا بتحریكه و لا
و فی سبأ حفص مع الشّعراء قل‌و فی الرّوم سكّن لیس بالخلف مشكلا أخبر أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله ثابت و هم الكوفیون قرءوا حَتَّی تَفْجُرَ [الإسراء: 90] بفتح التاء و إسكان الفاء و ضم الجیم و تخفیفها بوزن تقتل و هی الكلمة الأولی و أن الباقین قرءوا بضم التاء و فتح الفاء و كسر الجیم و تشدیدها كلفظه و لا خلاف فی تشدید فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ [الإسراء: 91] و هی الكلمة الثانیة ثم أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالنون فی قوله عم ندی و هم نافع و ابن عامر و عاصم قرءوا كما زعمت علینا كسفا بتحریك السین أی بفتحها و أن حفصا قرأ فی سبأ أَوْ نُسْقِطْ عَلَیْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ [سبأ: 9]، فَأَسْقِطْ عَلَیْنا كِسَفاً [الشعراء: 187] بتحریك السین أی بفتحها فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بإسكان السین، ثم أمر بإسكان السین فی الروم فی قوله یجعله كسفا للمشار إلیه باللام فی قوله: لیس و هو هشام بخلاف عنه و للمشار إلیه بالمیم فی مشكلا و هو ابن ذكوان بلا خلاف فحصل لهشام وجهان فتح السین و إسكانها و لابن ذكوان إسكانها لا غیر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 269
فتعین للباقین القراءة بفتح السین بلا خلاف.
و قل قال الأولی كیف دار و ضمّ تاعلمت رضا و الیاء فی ربی أنجلا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الدال فی قوله كیف دار و هما ابن عامر و ابن كثیر قرآ قال سبحان ربی بفتح القاف و اللام و ألف بینهما فی موضع قراءة الباقین قل سبحان ربی بضم القاف و إسكان اللام من غیر ألف كلفظه بالقراءتین، ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من رضا و هو الكسائی قرأ لقد علمت بضم التاء فتعین للباقین القراءة بفتحها، ثم أخبر أن فیها یاء إضافة و (هی رحمة ربی إذا لأمسكتم) [الإسراء: 100]، و قید قال الأولی نصا علی قراءته بسبحان لیخرج قُلْ لَوْ كانَ [الكهف: 109]، و قُلْ كَفی بِاللَّهِ [الإسراء: 96].

سورة الكهف‌

و سكتة حفص دون قطع لطیفةعلی ألف التّنوین فی عوجا بلا
و فی نون من راق و مرقدنا و لام بل ران و الباقون لا سكت موصلا أخبر أن حفصا یسكت سكتة لطیفة من غیر قطع نفس علی الألف المبدلة من التنوین فی عوجا ثم یقول قَیِّماً لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً [الكهف: 20]، و كذلك یسكت فی سورة یس علی الألف فی مرقدنا ثم یقول هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ [یس: 52]، و كذلك یسكت فی القیامة علی النون فی من ثم یقول راق و كذلك یسكت فی المطففین علی اللام فی بل ثم یقول رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ [المطففین: 14] و أن الباقین یصلون ذلك كله من غیر سكت و یدغمون النون و اللام فی الراء بغیر غنة علی ما تقدم. و قوله بلا یعنی اختبر و فیه ضمیر یرجع إلی حفص یعنی أن حفصا اختبر ذلك روایة و نقلا.
و من لدنه فی الضّم اسكن مشمّه‌و من بعده كسران عن شعبة اعتلا
و ضمّ و سكّن ثمّ ضمّ لغیره‌و كلّهم فی الها علی أصله تلا أمر أن یقرأ لشعبة بإسكان ضمة الدال فی من لدنه و إشمام الضم و المراد به ضم الشفتین و بكسر النون و الهاء بعده ثم أمر لغیر شعبة و هم الباقون بضم الدال و تسكین النون و ضم الهاء و كل من القراء علی أصله من الصلة و تركها فشعبة یصلها بیاء لأنها فی قراءته واقعة بعد كسرة كالهاء فی یه و ابن كثیر یصلها بواو لأنها فی قراءته مضمومة بعد ساكن كالهاء فی منه و الباقون لا یصلونها علی قاعدتهم.
و قل مرفقا فتح مع الكسر عمّه‌و تزور للشّامی كتحمرّ وصّلا
و تزّاور التّخفیف فی الزّای ثابت‌و حرمیّهم ملّئت فی اللام ثقّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 270
أخبر أن المشار إلیهما بعم فی قوله عمه و هما نافع و ابن عامر قرآ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً بفتح المیم و كسر الفاء فتعین للباقین القراءة بكسر المیم و فتح الفاء. ثم أخبر أن الشامی و هو ابن عامر قرأ إذا طلعت تزور بإسكان الزای و تخفیفها و تشدید الراء بوزن تحمر و أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله ثابت و هم الكوفیون قرءوا تزاور بفتح الزای و تخفیفها و ألف بعدها و تخفیف الراء و الباقون بتشدید الزای و فتحها و ألف بعدها و تخفیف الراء كلفظه، ثم أخبر أن المشار إلیهما بحرمیهم و هما نافع و ابن كثیر قرآ وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً [الكهف: 18] بتشدید اللام الثانیة فتعین للباقین القراءة بتخفیفها و إبدال الهمزة للسوسی و حمزة فی وقفه.
بورقكم الإسكان فی صفو حلوه‌و فیه عن الباقین كسر تأصّلا أخبر أن المشار إلیهم بالفاء و الصاد و الحاء فی قوله فی صفو حلوه و هم حمزة و شعبة و أبو عمرو قرءوا فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ [الكهف: 19] بإسكان و أن الباقین قرءوا بكسرها و أشار بقوله تأصلا إلی أن الأصل الكسر و الإسكان تخفیف.
و حذفك للتّنوین من مائة شفاو تشرك خطاب و هو بالجزم كمّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ ثلاثمائة سنین بحذف التنوین علی الإضافة فتعین للباقین القراءة بالتنوین و أن المشار إلیه بالكاف من كملا و هو ابن عامر قرأ (و لا تشرك فی حكمه أحدا) [الكهف: 26] بتاء الخطاب و جزم الكاف فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب و رفع الكاف و قوله: كملا یعنی أن من قرأ بالخطاب كمل قراءته بالجزم.
و فی ثمر ضمّیه یفتح عاصم‌بحرفیه و الإسكان فی المیم حصّلا أخبر أن عاصما فتح ضم التاء و المیم من و كان له ثمر و أحیط بثمره و أن المشار إلیه بالحاء من حصلا و هو أبو عمرو أسكن المیم و أبقی التاء علی الضم فتعین للباقین إبقاء الثاء و المیم كلاهما علی الضم:
ودع میم خیرا منهما حكم ثابت‌و فی الوصل لكنّا فمدّ له ملا أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بالحاء و الثاء فی قوله حكم ثابت و هم الكوفیون و أبو عمرو لأجدن خیرا منها منقلبا بترك المیم الثانیة فتعین للباقین القراءة بإثباتها كلفظه ثم أمر أن یقرأ للمشار إلیهما باللام و المیم فی قوله له ملا و هما هشام و ابن ذكوان بالمد فی ثم سواك رجلا لكنا هو أی بألف بعد التنوین فی الوصل فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بترك الألف و لا خلاف فی إثباتها فی الوقف للجمیع:
و ذكّر تكن شاف و فی الحقّ حرّه‌علی رفعه حبر سعید تأوّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 271
أمر أن یقرأ للمشار إلیهما بالشین من شاف و هما حمزة و الكسائی و لم یكن له فئة بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث ثم أخبر أن المشار إلیهم بالحاء و السین و التاء فی قوله: حبر سعید تأولا و هم أبو عمرو و أبو الحارث و الدوری كلاهما عن الكسائی قرءوا هنالك الولایة للّه الحق برفع جر القاف فتعین للباقین القراءة بجر القاف.
و عقبا سكون الضّمّ نصّ فتی و یانسیّر و إلی فتحها نفر ملا
و فی النّون أنّث و الجبال برفعهم‌و یوم یقول النّون حمزة فضّلا أخبر أن المشار إلیهما بالنون و الفاء فی قوله: نص فتی و هما عاصم و حمزة قرآ و خیر عقبا بسكون ضم القاف فتعین للباقین القراءة بضمها ثم أخبر أن المشار إلیهم بنفر و هم ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا (و یوم تسیر الجبال) [الكهف: 47] بفتح الیاء المشددة و أمر بجعل حرف التأنیث و هو التاء فی مكان حرف النون لهم و أخبر أنهم رفعوا لام الجبال فتعین للباقین القراءة بالنون و كسر الیاء المشددة و نصب اللام ثم أخبر أن حمزة قرأ (و یوم نقول نادوا) [الكهف: 52] بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء.
لمهلكهم ضمّوا و مهلك أهله‌سوی عاصم و الكسر فی اللام عوّلا أخبر أن السبعة قرءوا (و جعلنا لمهلكهم هنا) [الكهف: 59]، (و ما شهدنا مهلك أهله) [النمل: 49] بضم المیم الأولی إلا عاصما فإنه قرأ بفتحها، ثم أخبر أن المشار إلیه بالعین من عولا و هو حفص قرأ بكسر اللام فیهما و عولا علیه فتعین للباقین القراءة بفتح اللام فیهما فصار حفص یقرأ لمهلكهم و مهلك بفتح المیم و كسر اللام فیهما و شعبة بفتح المیم و اللام فیهما و الباقون بضم المیم و فتح اللام فیهما و ذلك ثلاث قراءات.
و ها كسر أنسانیه ضمّ لحفصهم‌و معه علیه اللّه فی الفتح وصّلا أمر أن یقرأ لحفص وَ ما أَنْسانِیهُ إِلَّا الشَّیْطانُ [الكهف: 63]، و بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللَّهَ [الفتح: 10] بضم كسر الهاء فتعین للباقین القراءة بكسر الهاء فیهما.
لتغرق فتح الضّمّ و الكسر غیبةو قل أهلها بالرّفع راویه فصّلا أخبر أن المشار إلیهما بالراء و الفاء فی قوله راویه فصلا و هما الكسائی و حمزة قرآ قال أخرقتها لیغرق أهلها بیاء الغیب و فتح ضمها و فتح الراء أهلها برفع اللام فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و ضمها و كسر الراء و نصب أهلها.
و مدّ و خفّف یاء زاكیة سماو نون لدنّی خفّ صاحبه إلی
و سكّن و أشمم ضمّة الدّال صادقاتخذت فخفّف و اكسر الخاء دم حلا أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو نفسا زاكیة بالمد أی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 272
بألف بعد الزای و تخفیف الیاء فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بترك الألف و تشدید الیاء، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالصاد و الهمزة فی قوله صاحبه إلی و هما شعبة و نافع قرآ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی [الكهف: 76] بتخفیف النون فتعین للباقین القراءة بتشدیدها ثم أمر بتسكین الدال و إشمامها الضم للمشار إلیه بالصاد من صادقا و هو شعبة فتعین للباقین القراءة بضم الدال فصار نافع یقرأ بضم الدال و تخفیف النون و شعبة بإسكان الدال و إشمامها الضم و تخفیف النون و الباقون بضم الدال و تشدید النون فذلك ثلاث قراءات ثم أمر أن یقرأ للمشار إلیهما بالدال و الحاء فی قوله: دم حلا و هما ابن كثیر و أبو عمرو لتخذت علیه أجرا بتخفیف التاء الأولی و كسر الخاء، و إلی فی آخر البیت الأول واحد الآلاء و هی النعم قال الجوهری واحدها إلی بالفتح و قد تكسر و تكتب بالیاء قلت الروایة فی البیت بكسر الهمزة.
و من بعد بالتّخفیف یبدل هاهناو فوق و تحت الملك كافیه ظلّلا أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الظاء فی قوله كافیه ظللا و هم ابن عامر و ابن كثیر و الكوفیون قرءوا أَنْ یُبْدِلَهُما رَبُّهُما [الكهف: 81] هنا و أَنْ یُبْدِلَهُ أَزْواجاً [التحریم:
5]، و أَنْ یُبْدِلَنا خَیْراً [القلم: 32] فی ن بإسكان الباء و تخفیف الدال فتعین للباقین القراءة بفتح الباء و تشدید الدال فی الثلاثة و قوله: و من بعد أی بعد لتخذت أن یبدلهما فی التلاوة و الذی فوق سورة الملك هی سورة التحریم و الذی تحته سورة ن و القلم.
فاتبع خفّف فی الثّلاثة ذاكراو حامیة بالمدّ صحبته كلا
و فی الهمز یاء عنهمو و صحابهم‌جزاء فنوّن و انصب الرّفع و اقبلا أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بالذال من ذكرا و هم الكوفیون و ابن عامر فَأَتْبَعَ سَبَباً [الكهف: 85]، ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً [الكهف: 89]، و ثم تبع سببا بقطع الهمزة و تخفیف التاء و إسكانها كلفظه فتعین للباقین القراءة بوصل الهمزة و تشدید التاء و فتحها فی الثلاثة، ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و القاف فی قوله صحبته كلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة و ابن عامر قرءوا فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف: 86] بمد الحاء أی بألف بعدها و یاء مفتوحة بعد المیم فی مكان الهمزة كلفظه فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بترك الألف و إثبات همزة مفتوحة بعد المیم ثم أمر أن یقرأ للمشار إلیهم بصحاب فی قوله صحابهم و هم حمزة و الكسائی و حفص فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنی [الكهف: 88] بتنوین جزاء و نصب رفع الهمزة فیه فتعین للباقین القراءة بترك التنوین و رفع الهمزة.
علی حقّ السّدّین سدّ اصحاب حقق الضّمّ مفتوح و یاسین شد علا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و بحق فی قوله علی حق و هم حفص و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا بین السدین بفتح ضم السین و أن المشار إلیهم بصحاب و بحق و هم حمزة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 273
و الكسائی و حفص و ابن كثیر و أبو عمرو و قرءوا بینهم سدا بفتح السین و أن المشار إلیهم بالشین و العین فی قوله: شد علا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا فی یس مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا [یس: 9] بفتح ضم السین فی الموضعین فتعین لمن لم یذكره فی هذه التراجم القراءة بضم السین. و قوله: شد علا من شاد البناء إذا رفعه.
و یأجوج مأجوج اهمز الكلّ ناصراو فی یفقهون الضّمّ و الكسر شكّلا أمر أن یقرأ للمشار إلیه بالنون من ناصرا و هم عاصم إن یأجوج و مأجوج هنا و إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ [الأنبیاء: 96] بهمزة ساكنة كلفظه فتعین للباقین القراءة بألف مكان الهمزة فی الأربعة، و قوله: اهمز الكل یعنی هنا و فی الأنبیاء ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شكلا و هما حمزة و الكسائی قرآ لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا [الكهف: 93] بضم الیاء و كسر القاف فتعین للباقین القراءة بفتحهما.
و حرّك بها و المؤمنین و مدّه‌خراجا شفا و اعكس فخرج له ملا أمر بتحریك الراء أی بفتحها و مد ذلك الفتح فیصیر ألفا بعد الراء و قوله بها أی بهذه السورة یعنی أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ (نجعل لك خراجا هنا) [الكهف: 94]، و (أم تسألهم خراجا) [المؤمنون: 72] بفتح الراء و ألف بعدها كلفظه فتعین للباقین القراءة بإسكان الراء و ترك الألف ثم أمر أن یقرأ (فخرج ربك خیر) [المؤمنون: 72] بإسكان الراء من غیر ألف كلفظه للمشار إلیهما باللام و المیم فی قوله له ملا و هما هشام و ابن ذكوان عن ابن عامر علی عكس التقیید المذكور فتعین للباقین القراءة بفتح الراء و ألف بعدها علی التقیید المذكور.
و مكّننی أظهر دلیلا و سكّنوامع الضّمّ فی الصّدفین عن شعبة الملا
كما حقّه ضمّاه و اهمز مسكّنالدی ردما ائتونی و قبل اكسر الولا
لشعبة و الثّانی فشا صف بخلفه‌و لا كسر و ابدأ فیهما الیاء مبدلا
ورد قبل همز الوصل و الغیر فیهمابقطعهما و المدّ بدءا و موصلا أمر بإظهار مكننی أی قرأ المشار إلیه بالدال من دلیلا و هو ابن كثیر ما مكننی بنونین خفیفتین الأولی مفتوحة و الثانیة مكسورة علی الإظهار فتعین للباقین القراءة بنون واحدة مكسورة مشددة علی الإدغام، ثم أخبر أن الملا، و هم أشراف الناس یعنی المشایخ و الرواة سكنوا الدال و ضموا الصاد فی قوله تعالی: ساوی بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ [الكهف: 96]، ناقلین ذلك عن شعبة، و أن المشار إلیهم بالكاف و بحق فی قوله كما حقه و هم ابن عامر و ابن كثیر و أبو عمرو ضموا الصاد و الدال فتعین للباقین القراءة بفتحهما و الهاء فی حقه و ضماه للفظ الصدفین ففیها ثلاث قراءات، ثم أمر لشعبة بالهمز الساكن فی ائتونی المجاور لرد ما و كسر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 274
الحرف الموالی له و هو التنوین فی ردما لالتقاء الساكنین، یعنی أن شعبة قرأ برد ما ائتونی بكسر التنوین و همزة ساكنة بعده فی الوصل و أن المشار إلیهما بالفاء و الصاد فی قوله فشا صف و هما حمزة و شعبة بخلاف عنه قرآ قالَ ائْتُونِی [یوسف: 59] و هو الثانی بهمزة ساكنة بعد اللام فی الوصل و لا كسر قبله لأنه لیس قبله ساكن فیكسر لالتقاء الساكنین و إنما قبله لام قال و هی مفتوحة، ثم أمر أن یبتدأ ائتونی فی الموضعین بإبدال الهمزة الساكنة یاء ساكنة و زیادة همزة الوصل مكسورة قبلها ثم ذكر قراءة الباقین فقال و الغیر یعنی غیر شعبة فی الأول و غیر حمزة فی الثانی فیهما أی الموضعین بقطعهما أی بقطع الهمزتین و لم یبین فتحهما لأن فعل الأمر لا یكون فیه همزة القطع إلا مفتوحة ثم قال و المد أی و المد بعد همزة القطع المفتوحة بدءا و موصلا أی فی حال الابتداء و الوصل و الخلف المشار إلیه عن شعبة أنه قرأ فی أحد الوجهین كحمزة و فی الوجه الثانی كالباقین.
و طاء فما اسطاعوا لحمزة شدّدواو أن تنفد التّذكیر شاف تأوّلا أخبر أن أهل الأداء شددوا الطاء من (فما استطاعوا أن) [الكهف: 97] لحمزة فالتقیید واقع بلفظة ما قبلها المصاحبة للفاء كما نطق به احترازا من الثانیة و هی و ما استطاعوا له نقبا فتعین للباقین القراءة بتخفیف الطاء، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاف و هما حمزة و الكسائی قرآ قبل أن تنفذ بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بالتأنیث.
ثلاث معی دونی و ربّی بأربع‌و ما قبل إن شاء المضافات تجتلا أخبر أن فیها تسع یاءات إضافة و هی معی صبرا فی ثلاثة مواضع: مِنْ دُونِی أَوْلِیاءَ [الكهف: 102]، و ربی فی أربعة مواضع: قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ [الكهف: 22]، وَ لا أُشْرِكُ بِرَبِّی أَحَداً [الكهف: 38]، (فعسی ربی أن یؤتینی) [الكهف: 40]، و یا لَیْتَنِی لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّی أَحَداً [الكهف: 42]، و قوله: و ما قبل إن شاء أی و الذی قبل إن شاء اللّه و هو ستجدنی إن شاء اللّه صابرا.

سورة مریم علیها السلام‌

و حرفا یرث بالجزم حلو رضی و قل‌خلقت خلقنا شاع وجها مجمّلا أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و الراء فی قوله حلو رضا و هما أبو عمرو و الكسائی قرآ یرثنی و یرث بسكون الثاء فی الكلمتین علی الجزم فتعین للباقین القراءة برفع الثاء فیهما و أن المشار إلیهما بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ و قد خلقناك من قبل بنون و ألف فی قراءة الباقین و قد خلقتك بتاء مضمومة مكان النون و الألف كلفظه بالقراءتین، و قوله وجها مجملا، أی وجها جمیلا.
و ضمّ بكیّا كسره عنهما و قل‌عتیّا صلیّا مع جثیّا شذا علا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 275
عنهما أی عن حمزة و الكسائی المشار إلیهما بقوله شاع فی البیت السابق، یعنی أن حمزة و الكسائی قرآ سُجَّداً وَ بُكِیًّا [مریم: 58] بكسر ضم الباء و أن المشار إلیهم بالشین و العین من شذا علا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا بكسر ضم العین و الصاد و الجیم فی مِنَ الْكِبَرِ عِتِیًّا [مریم: 8]، و عَلَی الرَّحْمنِ عِتِیًّا [مریم: 69]، و أَوْلی بِها صِلِیًّا [مریم: 7]، و حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِیًّا [مریم: 68]، وَ نَذَرُ الظَّالِمِینَ فِیها جِثِیًّا [مریم:
72]، فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بضم أوائلهن.
و همز أهب بالیا جری حلو بحره‌بخلف و نسیا فتحه فائز علا أخبر أن المشار إلیهم بالجیم و الحاء و الباء فی قوله جری حلو بحره و هم ورش و أبو عمرو و قالون بخلاف عنه قرءوا (لیهب لك غلاما) [مریم: 19] بالیاء فی مكان الهمزة الذی لفظ به و هو قراءة الباقین و معهم قالون فی وجهه الثانی، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و العین فی قوله فائز علا و هما حمزة و حفص قرآ وَ كُنْتُ نَسْیاً مَنْسِیًّا [مریم: 23] بفتح النون فتعین للباقین القراءة بكسرها.
و من تحتها اكسر و اخفض الدّهر عن شذاو خفّ تساقط فاصلا فتحمّلا
و بالضّمّ و التّخفیف و الكسر حفصهم‌و فی رفع قول الحقّ نصب ند كلا أمر بكسر میم من و خفض تاء تحتها الثانیة فی فناداها من تحتها للمشار إلیهم بالألف و العین و الشین فی قوله الدهر عن شذا و هم نافع و حفص و حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتح المیم و نصب التاء، ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فاصلا و هو حمزة قرأ تُساقِطْ عَلَیْكِ [مریم: 25] بتخفیف السین و أن حفصا قرأ بضم التاء و تخفیف السین و كسر القاف فتعین لحمزة القراءة بفتح التاء و القاف و تخفیف السین و حفص بضم التاء و كسر القاف، و تخفیف السین فتعین للباقین القراءة بفتح التاء و القاف و تشدید السین ففی تساقط ثلاث قراءات، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالنون و الكاف من ند كلا و هما عاصم و ابن عامر قرأ ذلك عیسی ابن مریم قول الحق بنصب رفع اللام فتعین للباقین القراءة برفعها.
و كسر و أنّ اللّه ذاك و أخبروابخلف إذا ما متّ موفین وصّلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذاك و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا وَ إِنَّ اللَّهَ رَبِّی [آل عمران: 51] بكسر همزة إن فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیه بالمیم من موفین و هو ابن ذكوان اختلف عنه فی وَ یَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُ [مریم: 66]، فروی عنه بهمزة واحدة مكسورة علی الخبر و روی عنه بهمزتین علی الاستفهام الأولی مفتوحة و الثانیة مكسورة كقراءة الباقین و هم علی أصولهم فی التحقیق و التسهیل و المد بین الهمزتین و تركه و الضمیر فی قوله و أخبروا عائد علی النقلة عن ابن ذكوان و قوله موفین جمع موف یعنی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 276
معطی الحق، و وصلا جمع واصل.
و ننجی خفیفا رض مقاما بضمّه‌دنا رئیا ابدل مدغما باسطا ملا أخبر أن المشار إلیه بالراء من عرض و هو الكسائی قرأ ثُمَّ نُنَجِّی الَّذِینَ اتَّقَوْا [مریم: 72] بإسكان النون المخففة و تخفیف الجیم فتعین للباقین القراءة بفتح النون و تشدید الجیم و أن المشار إلیه بالدال من دنا و هو ابن كثیر قرأ خَیْرٌ مَقاماً [مریم: 73] بضم المیم الأولی فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أمر بإبدال الهمزة یاء و إدغامها فی الیاء التی بعدها فی قوله تعالی: أَثاثاً و (رئیا) للمشار إلیهما بالیاء و المیم فی قوله: باسطا ملا و هما قالون و ابن ذكوان فتعین للباقین القراءة بترك الإبدال و الإدغام فتبقی الهمزة علی حالها.
و ولدا بها و الزّخرف اضمم و سكّنن‌شفاء و فی نوح شفا حقّه و لا قوله بها: أی بهذه السورة مالًا وَ وَلَداً [مریم: 77]، و قالوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً [مریم: 88]، و أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً [مریم: 91]، و ما یَنْبَغِی لِلرَّحْمنِ أَنْ یَتَّخِذَ وَلَداً [مریم: 92]، قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ [الزخرف: 81] مر بضم الواو و تسكین اللام فی الخمسة للمشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و بحق من قوله شفا حقه و لا و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر و أبو عمرو و قرءوا فی نوح من لم یزده ماله و ولده بضم الواو الثانیة و تسكین اللام فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح الواو و اللام.
و فیها و فی الشّوری یكاد أتی رضاو طا یتفطّرن اكسروا غیر أثقلا
و فی التّاء نون ساكن حجّ فی صفاكمال و فی الشّوری حلا صفوه و لا أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الراء فی قوله: أتی رضا و هما نافع و الكسائی قرآ فی هذه السورة و فی حم الشوری (یكاد السماوات) [مریم: 90] بیاء التذكیر كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث فیهما ثم أمر بكسر طاء یَتَفَطَّرْنَ [مریم: 90] یعنی أن المشار إلیهم بالحاء و الفاء و الصاد و الكاف فی قوله حج فی صفا كمال و هم أبو عمرو و حمزة و شعبة و ابن عامر قرءوا فی مریم (ینفطرن منه) [مریم: 90] بنون ساكنة فی مكان التاء و كسر الطاء و تخفیفها و أن المشار إلیهما بالحاء و الصاد فی قوله حلا صفوه و هما أبو عمرو و شعبة قرآ (ینفطرن من فوقهن) [الشوری: 5]، كذلك یعنی بنون ساكنة فی مكان التاء و كسر الطاء و تخفیفها فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بالتاء و تشدید الطاء و فتحها.
ورائی و اجعل لی و إنّی كلاهماو ربّی و آتانی مضافاتها العلا أخبر أن فیها ست یاءات إضافة من ورائی و كانت و اجْعَلْ لِی آیَةً [مریم: 10]،
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 277
و إِنِّی أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ [مریم: 18]، و إِنِّی أَخافُ أَنْ یَمَسَّكَ عَذابٌ [مریم: 45]، و سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّی إِنَّهُ [مریم: 47]، و آتانِیَ الْكِتابَ [مریم: 30].

سورة طه علیه السلام‌

لحمزة فاضمم كسرها أهله امكثوامعا و افتحوا إنّی أنا دائما حلا أمر بضم كسر هاء الضمیر فی قال موسی لأهله امكثوا هنا [طه: 10] و فی القصص لحمزة فتعین للباقین القراءة بكسر الهاء معا أی فی السورتین، ثم أمر بفتح همزة إنی الواقع بعدها أنا ربك یعنی أن المشار إلیهما بالدال و الحاء فی قوله دائما حلا و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ نُودِیَ یا مُوسی إِنِّی أَنَا رَبُّكَ [طه: 11] بفتح الهمزة فتعین للباقین القراءة بكسرها.
و نوّن بها و النّازعات طوی ذكاو فی اخترتك اخترناك فاز و ثقّلا
و أنّا و شام قطع اشدد و ضمّ فی اب‌تدا غیره و اضمم و اشركه كلكلا أمر بتنوین بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً [النازعات: 15] بهذه السورة و بالنازعات للمشار إلیهم بذال ذكا و هما الكوفیون و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بترك التنوین ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فاز و هو حمزة قرأ اخترناك بنون مفتوحة و ألف بعد النون فی قراءة الباقین اخترتك بتاء مضمومة مكان النون و الألف كلفظه بالقراءتین ثم قال و ثقلا و أنا یعنی أن حمزة قرأ بتشدید النون فی و أنا الواقع قبل اخترناك فتعین للباقین القراءة بتخفیفه ثم أخبر أن الشامی و هو ابن عامر قرأ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِی [طه: 31] بقطع همزة أسدد و من شأنها الفتح فی الابتداء و الوصل فتعین للباقین القراءة بهمزة الوصل و من شأنها الحذف فی الوصل و الإثبات فی الابتداء مضمومة لوقوع الضم اللازم بعدها و قد أمر بضمها فی الابتداء لغیر ابن عامر، ثم أمر بضم الهمزة من قوله تعالی: وَ أَشْرِكْهُ للمشار إلیه بالكاف من كلكلا و هو ابن عامر و ذلك شأنها فی الحالین فتعین للباقین القراءة بفتحها فی الحالین. و الكلكل:
الصدر.
مع الزّخرف اقصر بعد فتح و ساكن‌مهادا ثوی و اضمم سوی فی ند كلا
و یكسر باقیهم و فیه و فی سدی‌ممال وقوف فی الأصول تأصّلا أمر أن یقرأ هنا جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً [الزخرف: 10] بالقصر بعد فتح المیم و سكون الهاء للمشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون فتعین للباقین القراءة بكسر المیم و فتح الهاء و ألف بعدها كلفظه، ثم أمر أن یقرأ مَكاناً سُویً [طه: 58] بضم السین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 278
للمشار إلیهم بالفاء و النون و الكاف من قوله فی ند كلا و هم حمزة و عاصم و ابن عامر ثم قال و یكسر باقیهم أی باقی السبعة قرءوا بكسر السین ثم قال و فیه و فی سدی أی فی سوی فی هذه السورة و فی قوله تعالی: أَنْ یُتْرَكَ سُدیً [القیامة: 36] و فی سورة القیامة الإمالة فی الوقف لزوال التنوین المانع من إمالتها فی الوصل ثم قال فی الأصول تأصلا أی تأصل فی باب الفتح و الإمالة فلا حاجة إلی إعادته هنا.
فیسحتكم ضمّ و كسر صحابهم‌و تخفیف قالوا إنّ عالمه دلا
و هذین فی هذان حجّ و ثقله‌دنا فاجمعوا صل و افتح المیم حوّلا أخبر أن المشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا فَیُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ [طه: 61] بضم الیاء و كسر الحاء فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهما بالعین و الدال فی قوله عالمه دلا و هما حفص و ابن كثیر قرآ قالوا إن بتخفیف النون و إسكانها فتعین للباقین القراءة بفتحها و تشدیدها و أن المشار إلیه بالحاء من حج و هو أبو عمرو قرأ هذین بالیاء فی قراءة الباقین هذان بالألف كلفظه بالقراءتین و أن المشار إلیه بالدال من دنا و هو ابن كثیر شدد النون من هذان و قد ذكر بالنساء فتعین للباقین القراءة بتخفیف النون فصار ابن كثیر یقرأ قالوا إن بتخفیف النون هذان بالألف و تشدید النون و حفص قالوا إن بتخفیف النون هذان بالألف و تخفیف النون و أبو عمرو قالوا إن بتشدید النون هذین بالیاء و تخفیف النون و الباقون قالوا إن بالتشدید هذان بالألف و التخفیف فذلك أربع قراءات. ثم أمر أن یقرأ فَأَجْمِعُوا كَیْدَكُمْ [طه: 64] بهمزة وصل فتصل الفاء بالجیم و فتح المیم للمشار إلیه بالحاء من حوّلا و هو أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بهمزة قطع بین الفاء و الجیم و كسر المیم، و الحوّل: العارف بتحویل الأمور.
و قل ساحر سحر شفا و تلقّف ارفع الجزم مع أنثی یخیّل مقبلا أمر أن یقرأ كید سحر بكسر السین و إسكان الحاء من غیر ألف للمشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی فی قراءة الباقین كید ساحر بألف بعد السین و كسر الحاء كلفظه بالقراءتین ثم أمر أن یقرأ لابن ذكوان المشار إلیه بالمیم من مقبلا تَلْقَفْ ما صَنَعُوا [طه: 69] برفع جزم الفاء و أخبر أنه قرأ یخیل إلیه من سحرهم بتاء التأنیث فتعین للباقین أن یقرءوا تَلْقَفْ ما صَنَعُوا بجزم الفاء و یخیل بیاء التذكیر. و المقبل. ضد المدبر.
و أنجیتكم و اعدتكم ما رزقتكم‌شفا لا تخف بالقصر و الجزم فصّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ قد أنجیتكم من عدوكم و واعدتكم و من طیبات ما رزقتكم بتاء مضمومة من غیر ألف فی الثلاثة كلفظه، و قرأ الباقون أنجیناكم و واعدناكم ما رزقناكم بنون مفتوحة بعدها ألف مكان التاء و لم یلفظ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 279
بقراءتهم و لا قیدها اعتمادا علی ما تقدم من آتیناكم و خلقناكم فی مضادة تاء المتكلم نونه لأن الكلمات لا تحتمل غیر التاء و النون. ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فصلا و هو حمزة قرأ (لا تخف دركا) [طه: 77] بالقصر أی بترك الألف و جزم الفاء فتعین للباقین القراءة بالألف و رفع الفاء.
و حا فیحلّ الضّمّ فی كسره رضاو فی لام یحلل عنه وافی محلّلا أخبر أن المشار إلیه بالراء فی رضا و هو الكسائی قرأ بضم كسر الحاء فی وَ لا تَطْغَوْا فِیهِ فَیَحِلَّ عَلَیْكُمْ غَضَبِی [طه: 81] و بضم كسر اللام الأولی فی وَ مَنْ یَحْلِلْ عَلَیْهِ [طه:
81] فتعین للباقین أن یقرءوا فیحل بكسر الحاء و من یحلل بكسر اللام و قوله عنه أی عن الكسائی الضم و أشار بقوله وافی محللا إلی جوازه و معنی محللا: أی مباحا.
و فی ملكنا ضمّ شفا و افتحوا أولی‌نهی و حملنا ضمّ و اكسر مثقّلا
كما عند حرمیّ و خاطب یبصرواشذا و بكسر اللام تخلفه حلا
دراك و مع یاء بننفخ ضمّه‌و فی ضمّه افتح عن سوی ولد العلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ بملكنا و لكنا بضم المیم ثم أمر بفتحها للمشار إلیهما بالهمزة و النون فی قوله أولی نهی، و هما نافع و عاصم فتعین للباقین القراءة بكسرها ثم أمر بضم الحاء و كسر المیم و تشدیدها من حملنا أوزارا للمشار إلیهم بالكاف و العین و حرمیّ فی قوله كما عند حرمی و هم ابن عامر و حفص و نافع و ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بفتح الحاء و المیم و تخفیفها، ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شذا و هما حمزة و الكسائی قرآ بما لم تبصروا به بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب ثم أخبر أن المشار إلیهما بالحاء و الدال فی قوله حلا دراك و هما أبو عمرو و ابن كثیر قرآ نخلفه و انظر بكسر اللام فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن السبعة إلا أبا عمرو قرءوا یوم ینفخ فی الصور بیاء مضمومة و أمر بفتح ضم فائه لهم فتعین لأبی عمرو القراءة بنون مفتوحة من ضم الفاء. و قوله أولی نهی: أی أصحاب عقول.
و بالقصر للمكّیّ و اجزم فلا یخف‌و أنّك لا فی كسره صفوة العلا أخبر أن المكی و هو ابن كثیر قرأ فَلا یَخافُ ظُلْماً [طه: 112] بالقصر، أی بحذف الألف و أمر له بجزم الفاء فتعین للباقین القراءة بالمد، أی بالألف و رفع الفاء و أن المشار إلیهما بالصاد و الألف فی قوله صفوة العلا و هما شعبة و نافع قرآ (و إنك لا تظمأ) [طه:
119] بكسر همزة إنك فتعین للباقین القراءة بفتحها.
و بالضّمّ ترضی صف رضا یأتهم مؤنث عن أولی حفظ لعلّی أخی حلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 280 و ذكری معا إنّی معا لی معا حشرتنی عین نفسی إنّنی رأسی انجلا أخبر أن المشار إلیهما بالصاد و الراء فی قوله صف رضا، و هما شعبة و الكسائی قرآ لَعَلَّكَ تَرْضی [طه: 130] بضم التاء فتعین للباقین القراءة بفتحها، و أن المشار إلیهم بالعین و الهمزة و الحاء فی قوله عن أولی حفظ و هم حفص و نافع و أبو عمرو قرءوا أ و لم تأتهم بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر ثم أخبر أن فیها ثلاث عشرة یاء إضافة:
لَعَلِّی آتِیكُمْ [طه: 10]، و أَخِی اشْدُدْ [طه: 31]، و لِذِكْرِی إِنَّ السَّاعَةَ [طه:
15]، و ذِكْرِی اذْهَبا [طه: 42- 43]، و إِنِّی آنَسْتُ ناراً [طه: 10]، و إِنِّی أَنَا رَبُّكَ [طه: 12]، وَ لِیَ فِیها مَآرِبُ أُخْری [طه: 18]، وَ یَسِّرْ لِی أَمْرِی [طه: 26]، حَشَرْتَنِی أَعْمی [طه: 125]، و عَیْنِی إِذْ [طه: 39- 40]، وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِی [طه: 41]، اذْهَبْ [طه: 42]، و إِنَّنِی أَنَا اللَّهُ [طه: 14]. و لا بِرَأْسِی إِنِّی خَشِیتُ.

سورة الأنبیاء علیهم الصلاة و السلام‌

و قل قال عن شهد و آخرها علاو قل أو لم لا واو داریه وصّلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و الشین فی قوله عن شهد و هم حفص و حمزة و الكسائی قرءوا قال ربی یعلم بفتح القاف و اللام و ألف بینهما و فی قراءة الباقین (قل ربی یعلم) [الأنبیاء: 40] بضم القاف و سكون اللام من غیر ألف كلفظه بالقراءتین و أن المشار إلیه بالعین من علا و هو حفص قرأ فی آخر السورة قال رَبِّ احْكُمْ [الأنبیاء: 112] بفتح القاف و اللام و ألف بینهما و فی قراءة الباقین (قل ربّ احكم) [الأنبیاء: 112]، بضم القاف و سكون اللام من غیر ألف كلفظه بالقراءتین و قوله و قل أو لم أی اقرأ أَ وَ لَمْ یَرَ الَّذِینَ كَفَرُوا [الأنبیاء: 30] بلا واو للمشار إلیه بالدال من دار به و هو ابن كثیر فتعین للباقین أو لم بالواو.
و تسمع فتح الضّمّ و الكسر غیبةسوی الیحصبی و الصّمّ بالرّفع وكّلا
و قال به فی النّمل و الرّوم دارم‌و مثقال مع لقمان بالرّفع اكملا أخبر أن السبعة إلا ابن عامر قرءوا هنا و لا یسمع بیاء الغیب و فتح ضمها و بفتح كسر المیم الصُّمُّ الدُّعاءَ [الأنبیاء: 45] برفع المیم فتعین لابن عامر أن یقرأ و لا تسمع بتاء الخطاب و ضمها و كسر المیم الصم الدعاء بنصب المیم و قوله و قال به أی بالتقیید المتقدم یعنی أن المشار إلیه بالدال من دارم و هو ابن كثیر قرأ وَ لا یَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ [النمل:
80]، إِذا وَلَّوْا [الروم: 52] بالتقیید المتقدم كقراءة الستة بالأنبیاء فتعین للباقین القراءة بالنمل و الروم كقراءة ابن عامر بالأنبیاء و هو عكس التقیید المتقدم. ثم أخبر أن المشار إلیه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 281
بالهمزة فی قوله أكملا و هو نافع قرأ و إن كان مثقال هنا و إِنْ تَكُ مِثْقالَ [لقمان: 16] برفع اللام فتعین للباقین القراءة بنصبها فیهما.
جذاذا بكسر الضّمّ راو و نونه‌لیحصنكم صافی و أنّث عن كلا أخبر أن المشار إلیه بالراء من راو و هو الكسائی قرأ جذاذا إلا كبیرا لهم بكسر ضم الجیم فتعین للباقین القراءة بضم الجیم ثم أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صاف و هو شعبة قرأ لنحصنكم من بأسكم بالنون و أن المشار إلیهما بالعین و الكاف فی قوله: عن كلا و هو حفص و ابن عامر قرآ لتحصنكم بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر إما لأنه ضد التأنیث، أو لأن الیاء مؤاخیة النون.
و سكّن بین الكسر و القصر صحبةو حرم و ننجی احذف و ثقّل كذی صلا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا و حرم علی قریة بسكون الراء بین كسر الحاء و قصر الراء كلفظه فتعین للباقین أن یقرءوا و حرام بفتح الحاء و الراء و مدها أی بالألف بعدها ثم أمر بحذف النون الثانیة و تشدید الجیم فی وَ كَذلِكَ نُنْجِی الْمُؤْمِنِینَ [الأنبیاء: 88] للمشار إلیهما بالكاف و الصاد فی قوله كذی صلا و هما ابن عامر و شعبة فتعین للباقین القراءة بإثباتها و تخفیف الجیم و قد تقدم أن النون الساكنة تخفی عند الجیم و هی هنا ساكنة.
و للكتب اجمع عن شذا، و مضافهامعی مسّنی إنّی عبادی مجتلا أمر أن یقرأ للكتب بضم الكاف و التاء من غیر ألف علی الجمع كما نطق به للمشار إلیهم بالعین و الشین فی قوله عن شذا و هم حفص و حمزة و الكسائی فتعین للباقین أن یقرءوا للكتاب بكسر الكاف و فتح التاء و ألف بعدها علی التوحید، ثم أخبر أن فیها أربع یاءات إضافة: هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِیَ [الأنبیاء: 24]، و مَسَّنِیَ الضُّرُّ [الأنبیاء: 83]، وَ مَنْ یَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّی إِلهٌ [الأنبیاء: 39]، و عِبادِیَ الصَّالِحُونَ [الأنبیاء: 105].

سورة الحج‌

سكاری معا سكری شفا و محرّك‌لیقطع بكسر اللام كم جیده حلا
لیوافوا ابن ذكوان لیطّوّفوا له‌لیقضوا سوی بزّیّهم نفر جلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ وَ تَرَی النَّاسَ سُكاری وَ ما هُمْ بِسُكاری [الحج: 2] بفتح السین و إسكان الكاف من غیر ألف فی قراءة الباقین الناس سكاری و ما هم بسكاری بضم السین و فتح الكاف و ألف بعدها فیهما كلفظه بالقراءتین ثم أخبر أن المشار إلیهم بالكاف و الجیم و الحاء فی قوله كم جیده حلا، و هم ابن عامر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 282
و ورش و أبو عمرو قرءوا ثم لیقطع بتحریك اللام بالكسر و أن ابن ذكوان قرأ و (لیوفوا نذورهم و لیطوفوا كذلك) [الحج: 29] یعنی بتحریك اللام بالكسر فیهما و الهاء فی له لابن ذكوان و أن قنبلا و أبا عمرو و ابن عامر و ورشا قرءوا ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ [الحج: 29] كذلك یعنی بتحریك اللام بالكسر، و أشار إلیهم بقوله. نفر جلا، و استثنی منهم البزی فتعین لمن لم یذكره فی هذه التراجم المذكورة القراءة بإسكان اللام.
و مع فاطر انصب لؤلؤا نظم إلفةو رفع سواء غیر حفص تنحّلا و غیر صحاب فی الشّریعة ثمّ و لیوفوا فحرّكه لشعبة أثقلا
فتخطفه عن نافع مثله و قل‌معا منسكا بالكسر فی الشّین شلشلا أمر أن یقرأ من ذهب و لؤلؤا بالنصب هنا و فی فاطر للمشار إلیهما بالنون و الهمزة فی قوله: نظم إلفة و هما نافع و عاصم فتعین للباقین القراءة بالخفض فیهما. ثم أخبر أن السبعة إلا حفصا قرءوا سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ [الحج: 25] برفع الهمزة فتعین لحفص القراءة بنصبها. ثم أخبر أن غیر صحاب یعنی غیر حمزة و الكسائی و حفص و هم باقی السبعة نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و شعبة قرءوا فی الشریعة و هی سورة الجاثیة سَواءً مَحْیاهُمْ وَ مَماتُهُمْ [الجاثیة: 21] كذلك یعنی برفع الهمزة فتعین لحفص و الكسائی و حمزة القراءة بنصبها ثم أمر بتحریك الواو أی بفتحها و تشدید الفاء فی قوله تعالی: وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ لشعبة فتعین للباقین القراءة بإسكان الواو أو تخفیف الفاء، و قد تقدم أن ابن ذكوان بكسر اللام منه و الباقون علی إسكانها فصار ابن ذكوان یقرأ وَ لْیُوفُوا بكسر اللام و إسكان الواو و تخفیف الفاء و شعبة بإسكان اللام و فتح الواو و تشدید الفاء و الباقون بسكون اللام و الواو و تخفیف الفاء فذلك ثلاث قراءات. ثم أخبر أن نافعا قرأ فَتَخْطَفُهُ الطَّیْرُ [الحج: 31] مثل ما قرأ شعبة وَ لْیُوفُوا بالتحریك و التثقیل أی بتحریك الخاء بالفتح و تشدید الطاء فتعین للباقین القراءة بإسكان الخاء و تخفیف الطاء ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شلشلا و هما حمزة و الكسائی قرآ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِیَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ [الحج: 34]، (و جعلنا منسكا هم ناسكوه) [الحج: 67] بكسر السین فی الموضعین و إلیهما أشار بقوله معا فتعین للباقین القراءة بفتح السین فیهما و لا خلاف فی ناسكوه أنه بكسر السین:
و یدفع حقّ بین فتحیه ساكن‌یدافع و المضموم فی أذن اعتلا
نعم حفظوا و الفتح فی تا یقاتلون عمّ علاه هدّمت خفّ إذ دلا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ: إن اللّه یدفع بفتح الیاء و سكون الدال و القصر و فتح الفاء فتعین للباقین أن یقرءوا یدافع بضم الیاء و فتح الدال و ألف بعدها و كسر الفاء كلفظه ثم أخبر أن المشار إلیهم بالألف و النون و الحاء فی قوله اعتلی نعم
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 283
حفظوا، و هم نافع و عاصم و أبو عمرو قرءوا أذن للذین بضم الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهم بعم و العین فی قوله عم علاه و هم نافع و ابن عامر و حفص قرءوا یقاتلون بفتح التاء فتعین للباقین القراءة بكسرها فصار أذن للذین یقاتلون بضم الهمزة و فتح التاء لنافع و حفص و بضم الهمزة و كسر التاء لأبی عمرو و شعبة و بفتح الهمزة و التاء لابن عامر و بفتح الهمزة و كسر التاء للباقین فذلك أربع قراءات. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الدال فی قوله إذ دلا و هما نافع و ابن كثیر قرآ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ [الحج: 40] بتخفیف الدال فتعین للباقین القراءة بتشدیدها:
و بصریّ أهلكنا بتاء و ضمّهایعدّون فیه الغیب شایع دخللا أخبر أن أبا عمرو و البصری قرآ (فكأین من قریة أهلكتها) [الحج: 45] بتاء مضمومة فی قراءة الباقین أهلكناها بنون مفتوحة و ألف بعدها، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الدال فی قوله شایع دخللا و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر قرءوا مما یعدون بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و لفظ الناظم بقراءة الباقین أهلكنا و حذف الهاء و الألف للوزن و ترجم عن القراءة الأخری بالتاء و ضمها.
و فی سبأ حرفان معها معا جزین حقّ بلا مدّ و فی الجیم ثقّلا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ فی حرفی سبأ و هما (معجزین أولئك لهم عذاب من رجز ألیم) [سبأ: 5]، (و معجزین أولئك فی العذاب محضرون) [سبأ: 38]، و فی هذه السورة (معجزین أولئك أصحاب الجحیم) [الحج:
51] بلا مد أی بترك الألف و تشدید الجیم فتعین للباقین القراءة بالألف و تخفیف الجیم فی الثلاثة، و أراد بالحرفین كلمتی معجزین فی سبأ، و قوله معها أی مع كلمة معجزین فی هذه السورة.
و الأوّل مع لقمان یدعون غلّبواسوی شعبة و الیاء بیتی جمّلا أخبر أن أبا عمرو و حمزة و الكسائی و حفصا قرءوا (و إنما یدعون من دونه هو الباطل) [الحج: 62] هنا و فی لقمان بیاء الغیب كلفظه و أشار إلیهم بالغین من غلبوا و استثنی منهم شعبة فتعین لشعبة و الباقین القراءة بتاء الخطاب فی الموضعین و قید یدعون فی الحج بالأول احترازا من الثانی فیها و هو إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ یَخْلُقُوا ذُباباً [الحج: 73] فإنه بتاء الخطاب للجمیع ثم أخبر أن فیها یاء إضافة: بَیْتِیَ لِلطَّائِفِینَ [الحج: 26].
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 284

سورة المؤمنون‌

أماناتهم وحّد و فی سال داریاصلاتهم شاف و عظما كذی صلا
مع العظم و اضمم و اكسر الضّمّ حقّه‌بتنبت و المفتوح سیناء ذلّلا أمر أن یقرأ وَ الَّذِینَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ [المؤمنون: 8] هنا و فی سورة سأل سائل بترك الألف علی التوحید للمشار إلیه بالدال من داریا و هو ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بالألف بین النون و التاء علی الجمع كلفظه. ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شاف و هما حمزة و الكسائی قرآ هنا علی صلاتهم بترك الألف علی التوحید فتعین للباقین القراءة بالألف علی الجمع و اتفقوا علی التوحید فی صلاتهم خاشعون و علی توحید موضعی سأل، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الصاد فی قوله: كذی صلا و هما ابن عامر و شعبة قرآ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً [المؤمنون: 15]، فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً [المؤمنون: 14] بفتح العین و إسكان الظاء من غیر ألف فیهما علی التوحید فتعین للباقین القراءة بكسر العین و فتح الظاء و ألف بعدها فیهما علی الجمع، و علم التوحید فی صلاتهم و عظما من العطف علی قوله أماناتهم وحد، ثم أمر بضم التاء و كسر ضم التاء من تنبت بالدهن للمشار إلیهما بحق فی قوله حقه و هما ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بفتح التاء و ضم الباء، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذللا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا مِنْ طُورِ سَیْناءَ بفتح السین فتعین للباقین القراءة بكسرها، و قدم تنبت علی سیناء و هو بعده فی التلاوة:
و ضمّ و فتح منزلا غیر شعبةو نوّن تترا حقّه و اكسر الولا و أنّ ثوی و النّون خفّف كفی و تهجرون بضمّ و اكسر الضّمّ أجملا أخبر أن السبعة إلا شعبة قرءوا منزلا مباركا بضم المیم و فتح الزای فتعین لشعبة القراءة بفتح المیم و كسر الزای و أن المشار إلیهما بحق فی قوله حقه و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا [المؤمنون: 44] بالتنوین فتعین للباقین القراءة بترك التنوین، ثم أمر بكسر همزة الحرف الذی یلی تتری أی الذی بعده و هو إن هذه أمتكم للمشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون فتعین للباقین القراءة بفتح الهمزة ثم أمر بتخفیف النون و إسكانها للمشار إلیه بالكاف من كفی و هو ابن عامر فتعین للباقین القراءة بفتحها و تشدیدها فصار الكوفیون یقرءون و إن هذه بكسر الهمزة و فتح النون و تشدیدها و ابن عامر بفتح الهمزة و إسكان النون و تخفیفها و الباقون بفتح الهمزة و النون و تشدیدها فذلك ثلاث قراءات، ثم أخبر أن المشار إلیه بهمزة أجملا و هو نافع قرأ سامرا تهجرون بضم التاء و كسر الجیم فتعین للباقین القراءة بفتح التاء و ضم الجیم.
و فی لام للّه الأخیرین حذفهاو فی الهاء رفع الجرّ عن ولد العلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 285
أخبر أن أبا عمرو بن العلاء قرأ سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ [المؤمنون: 87]، (فسیقولون للّه قل فأنی تسحرون) [المؤمنون: 89] بحذف لام الجر و رفع جر الهاء و یبتدئ بهمزة مفتوحة و تعین للباقین أن یقرءوا فسیقولون اللّه بإثبات اللام فیهما من غیر ألف و جر الهاء و احترز بقوله الآخرین من (فسیقولون للّه قل ا فلا تذكرون) [المؤمنون: 85] و هو الأول فإنه بغیر ألف و كسر اللام و جر الهاء باتفاق.
و عالم خفض الرّفع عن نفر و فتح شقوتنا و امدد و حرّكه شلشلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و بنفر فی قوله عن نفر و هم حفص و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا عالم بخفض رفع المیم فتعین للباقین القراءة برفع خفض المیم، و المشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی قرآ شقاوتنا و كنا بفتح الشین ثم أمر بمد القاف و تحریكه و أراد بالمد زیادة ألف بین القاف و الواو و أراد بالتحریك فتح القاف فتعین للباقین القراءة بكسر الشین و إسكان القاف و القصر و هو حذف الألف.
و كسرك سخریّا بها و بصادهاعلی ضمّه أعطی شفاء و أكملا أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الشین فی قوله أعطی شفاء و هم نافع و حمزة و الكسائی قرءوا فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِیًّا [المؤمنون: 110] هنا و أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِیًّا [ص: 63] بضم كسر السین فتعین للباقین القراءة بكسرها و اتفقوا علی ضم السین من سُخْرِیًّا [الزخرف: 32].
و فی إنّهم كسر شریف و ترجعون فی الضّمّ فتح و اكسر الجیم و اكملا أخبر أن المشار إلیهما بالشین فی قوله شریف و هما حمزة و الكسائی قرآ أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ [الفائزون: 111] بكسر الهمزة و قرآ أیضا و إنكم إلینا لا ترجعون بفتح ضم التاء و كسر الجیم فتعین للباقین القراءة و أنهم بفتح الهمزة و لا ترجعون بضم التاء و فتح الجیم.
و فی قال كم قل دون شكّ و بعده‌شفا و بها یاء لعلّی علّلا أخبر أن المشار إلیهم بالدال و الشین فی قوله دون شك و هم ابن كثیر و حمزة و الكسائی قرءوا (قل كم لبثتم) [المؤمنون: 112] بضم القاف و إسكان اللام فی قراءة الباقین قال كم لبثتم بألف بعد القاف و فتح اللام و أن المشار إلیهما بشین شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ (قل إن لبثتم) بضم القاف و سكون اللام فی قراءة الباقین قال إن لبثتم بالألف و فتح القاف و اللام كلفظه بالقراءتین و قید قال بكم نصا علی الأول و أراد بقوله و بعده شفا الثانی و هو قال إن لبثتم و استغنی باللفظ عن الترجمتین و أخبر أن فیها یاء إضافة لعلی أعمل صالحا.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 286

سورة النور

و حقّ و فرّضنا ثقیلا و رأفةیحرّكه المكیّ و أربع أوّلا
صحاب و غیر الخفض خامسة الأخیر غضب أن التّخفیف و الكسر أدخلا
و یرفع بعد الجرّ یشهد شائع‌و غیر أولی بالنّصب صاحبه كلا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها [النور: 1] بتشدید الراء فتعین للباقین القراءة بتخفیفها و إن المكی و هو ابن كثیر قرأ بهما رأفة بتحریك الهمزة أی بفتحها فتعین للباقین القراءة بإسكانها ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ [النور: 6] برفع العین كلفظه فتعین للباقین القراءة بنصب العین فیه و هو الأول و لا خلاف فی نصب الثانی و هو أن تشهد أربع شهادات ثم أخبر أن السبعة إلا حفصا قرءوا لَمِنَ الْكاذِبِینَ [النور: 8] و الخامسة و هو الأخیر برفع التاء فتعین لحفص القراءة بنصبها و لا خلاف فی رفع و الخامسة أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَیْهِ [النور: 7] و هو الأول ثم أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی قوله أدخلا و هو نافع قرأ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ [النور: 9] بتخفیف النون و إسكانها و كسر الضاد و رفع جر الهاء فی الكلمة التی بعد غضب فتعین للباقین القراءة بتشدید النون و فتحها و فتح الضاد و جر الهاء، ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شائع و هما حمزة و الكسائی قرآ (یوم یشهد علیهم) [النور: 24] بیاء التذكیر كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث ثم أخبر أن المشار إلیهما بالصاد و الكاف فی قوله صاحبه كلا و هما شعبة و ابن عامر قرآ و التابعین غیر أولی بنصب الراء فتعین للباقین القراءة بخفضها.
و درّیّ اكسر ضمّه حجّة رضاو فی مدّه و الهمز صحبته حلا أمر بكسر ضم الدال من كوكب دریّ للمشار إلیهما بالحاء و الراء فی قوله: حجة رضا و هما أبو عمرو و الكسائی فتعین للباقین القراءة بضم الدال، ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و بالحاء فی قوله صحبته حلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة و أبو عمرو قرءوا دری‌ء بمد الیاء الأولی و همزة الأخری فتعین للباقین القراءة بالقصر و ترك الهمز فصار أبو عمرو و الكسائی یقرءان دری‌ء بكسر الدال و المد و الهمز و حمزة و شعبة بضم الدال و المد و الهمز و الباقون بضم الدال و تشدید الیاء من غیر همز فذلك ثلاث قراءات.
یسبّح فتح البا كذا صف و یوقدالمؤنّث صف شرعا و حقّ تفعّلا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الصاد فی قوله: كذا صف و هما ابن عامر و شعبة قرآ یسبح له بفتح الباء فتعین للباقین القراءة بكسرها، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالصاد و الشین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 287
فی قوله: صف شرعا و هم شعبة و حمزة و الكسائی قرءوا توقد بتاء التأنیث فتعین للباقین القراءة بیاء التذكیر إلا أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ توقد بوزن تفعل بالتاء المثناة فوق و تضعیف القاف فما بقی علی التذكیر إلا نافعا و ابن عامر و حفصا لا غیر، و لما أخرج قراءة ابن كثیر و أبی عمرو بالوزن الذی لیس له ضد بقیت قراءة الباقین دائرة بین توقد و توقد فملخصه أن حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا توقد بالتاء و ضمها و إسكان الواو و تخفیف القاف و ضم الدال و أن ابن كثیر و أبا عمرو قرآ بالتاء مفتوحة و فتح الواو و الدال و تشدید القاف و أن نافعا و ابن عامر و حفصا قرءوا بیاء التذكیر مضمومة و إسكان الواو و تخفیف القاف و ضم الدال فذلك ثلاث قراءات إذا ركبت دری‌ء مع توقد تأتی فی ذلك خمس قراءات نافع و ابن عامر و حفص علی قراءة و ابن كثیر علی قراءة و أبو عمرو علی قراءة و حمزة و شعبة علی قراءة إلا أن حمزة أطول مدا و الكسائی علی قراءة فتأمل ذلك.
و ما نوّن البزّی سحاب و رفعهم‌لدی ظلمات جرّ دار و أوصلا أخبر أن البزی قرأ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ [النور: 40] بترك تنوین الباء فتعین للباقین القراءة بالتنوین و أن المشار إلیه بالدال من دار و هو ابن كثیر قرأ ظلمات بجر رفع التاء فتعین للباقین القراءة برفع التاء و حصل من الترجمتین ثلاث قراءات سحاب ظلمات بترك تنوین سحاب و جر ظلمات للبزی و تنوین سحاب و جر ظلمات لقنبل و تنوین سحاب و رفع ظلمات للباقین و قوله: و رفعهم أی و رفع القراء ظلمات أی قراءة ابن كثیر بالجر و أوصله إلی من قرأ علیه.
كما استخلف اضممه مع الكسر صادقاو فی یبدلنّ الخفّ صاحبه دلا أمر بضم التاء و كسر اللام فی كما استخلف الذین للمشار إلیه بالصاد من صادقا و هو شعبة فتعین للباقین القراءة بفتح التاء و اللام، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالصاد و الدال فی قوله صاحبه دلا و هما شعبة و ابن كثیر قرآ و لیبدلنهم بإسكان الباء و تخفیف الدال فتعین للباقین القراءة بفتح الباء و تشدید الدال.
و ثانی ثلاث ارفع سوی صحبة وقف‌و لا وقف قبل النّصب إن قلت أبدلا أمر برفع الثاء من ثلاث عورات لنافع و ابن كثیر و أبی عمرو و ابن عامر و حفص و هم غیر المشار إلیهم بصحبة فتعین للمشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة أن یقرءوا ثلاث عورات بالنصب و قیده بالثانی احترازا من ثلاث مرات و هو الأول فإنه بالنصب اتفاقا ثم أمر بالوقف لأصحاب الرفع علی ما قبله و هو صلاة العشاء، و أخبر أن أصحاب النصب لا یقفون علی ما قبله إن جعلوه بدلا من ثلاث مرات.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 288

سورة الفرقان‌

و نأكل منها النّون شاع و جزمناو یجعل برفع دلّ صافیه كمّلا
و نحشر یا دار علا فیقول نون شام و خاطب تستطیعون عمّلا أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ (جنة نأكل منها) [الفرقان: 8] بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء و أن المشار إلیهم بالدال و الصاد و الكاف فی قوله دل صافیه كملا و هم ابن كثیر و شعبة و ابن عامر قرءوا وَ یَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً [الفرقان:
10] برفع جزم اللام فتعین للباقین القراءة بجزمها و أن المشار إلیهما بالدال و العین فی قوله دار علا و هما ابن كثیر و حفص قرآ وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ [الفرقان: 7] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون و أن الشامی و هو ابن عامر قرأ فنقول أَ أَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ [الفرقان: 17] بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء فصار ابن كثیر و حفص یقرءان وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ فیقول بالیاء فیهما و ابن عامر بالنون فیهما و الباقون بالنون فی الأول و الیاء فی الثانی ثم أمر أن یقرأ فما تستطیعون بتاء الخطاب للمشار إلیه بالعین من عملا و هو حفص فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب.
و نزّل زده النّون و ارفع و خفّ‌و الملائكة المرفوع ینصب دخللا أمر بزیادة نون ثانیة ساكنة علی الأولی و برفع اللام فی وَ نُنَزِّلُ و أخبر بتخفیف زائه و نصب رفع الملائكة بعده للمشار إلیه بدال دخللا و هو ابن كثیر فتعین للباقین أن یقرءوا و نزل بحذف النون الثانیة و تشدید الزای و فتح اللام و الملائكة بالرفع.
تشقّق خفّ الشّین مع قاف غالب‌و یأمر شاف و اجمعوا سرجا و لا أخبر أن المشار إلیهم بغین غالب و هم الكوفیون و أبو عمرو قرءوا وَ یَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ [الفرقان: 25] هنا و یَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ [ق: 44] بتخفیف الشین فتعین للباقین القراءة بتشدید الشین فیهما و أن المشار إلیهما بشین شاف و هما حمزة و الكسائی قرآ لما یأمرنا بیاء الغیب كلفظه و قرآ أیضا وَ جَعَلَ فِیها سِراجاً [الفرقان: 61] بضم السین و الراء من غیر ألف علی الجمع فتعین للباقین أن یقرءوا لما تأمرنا بتاء الخطاب و سراجا بكسر السین و ألف بعد الراء علی التوحید.
و لم یقتروا اضمم عمّ و الكسر ضمّ ثق‌یضاعف و یخلد رفع جزم كذی صلا أمر أن یقرأ و لم یقتروا بضم الیاء المعجمة الأسفل للمشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أمر بضم كسرة التاء المعجمة إلا علی للمشار إلیهم بالثاء فی قوله ثق و هم الكوفیون فتعین للباقین القراءة بكسرها فصار نافع و ابن عامر یقرءان
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 289
و لم یقتروا بضم الأول و كسر الثالث و الكوفیون بفتح الأول و ضم الثالث و الباقون بفتح الأول و كسر الثالث فذلك ثلاث قراءات ثم أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الصاد فی قوله كذی صلا و هما ابن عامر و شعبة قرآ یضاعف له و یخلد فیه برفع جزم الفاء و الدال فتعین للباقین القراءة بجزمهما.
و وحّد ذرّیاتنا حفظ صحبةو یلقون فاضممه و حرّك مثقّلا
سوی صحبة و الیاء قومی و لیتنی‌و كم لو و لیت تورث القلب انصلا أخبر أن المشار إلیهم بالحاء و صحبة فی قوله حفظ صحبة و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا (من أزواجنا و ذریتنا) [الفرقان: 74] بلا ألف بین الیاء و التاء علی التوحید فتعین للباقین القراءة بألف بین الیاء و التاء علی الجمع كلفظه ثم أمر أن یقرأ وَ یُلَقَّوْنَ فِیها [الفرقان: 75] بضم الیاء و تحریك اللام أی بفتحها و تشدید القاف لغیر المشار إلیهم بصحبة و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و حفص فتعین للمشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة القراءة بفتح الیاء و إسكان اللام و تخفیف القاف ثم أخبر أن فیها من یاءات الإضافة یاءین قَوْمِی اتَّخَذُوا [الفرقان: 30]، یا لَیْتَنِی اتَّخَذْتُ [الفرقان: 27]، ثم كمل البیت بموعظة مناسبة فقال. و كم لو و لیت تورث القلب أنصلا.
نحو لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِی لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِینَ [الزمر: 57]، و نحو یا لَیْتَنِی اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِیلًا [الفرقان: 27]، یعنی أن المتندم یقوم لو فعلت كذا لیتنی لم أفعل كذا یكون كنصل السهم یقع فی القلب و أنصلا جمع نصل.

سورة الشعراء

و فی حاذرون المدّ ما ثلّ فارهین ذاع و خلق اضمم و حرّك به العلا
كما فی ند و الأیكة اللّام ساكن‌مع الهمز و اخفضه و فی صاد غیطلا أخبر أن المشار إلیهم بالمیم و الثانی فی قوله مائل و هم ابن ذكوان و الكوفیون قرءوا الجمیع حاذرون بالمد أی بالألف بعد الحاء و إن أشار إلیهم بذال ذاع و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا بُیُوتاً فارِهِینَ [الشعراء: 149] بالمد أی بالألف بعد الفاء فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بالقصر أی بترك الألف و معنی قوله ماثل أی ما زال من قولهم ثلث الحائط أی هدمت ثم أمر بضم الخاء من خلق الأولین و تحریك اللام به أی بالضم للمشار إلیهم بالألف و الكاف و الفاء و النون فی قوله العلا كما فی ند و هم نافع و ابن عامر و حمزة و عاصم فتعین للباقین القراءة بفتح الخاء و سكون اللام. ثم أخبر أن المشار إلیهم بغین غیطلا و هم الكوفیون و أبو عمرو قرءوا كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ [الشعراء: 176] هنا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 290
وَ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ [ص: 13] فی سورة ص بسكون اللام و همزة بعده و أمر بخفض التاء لهم فتعین للباقین القراءة بفتح اللام و التاء و ترك الهمزة و الغیطل جمع غیطلة. و هو الشجر الملتفّ.
و فی نزّل التّخفیف و الرّوح و الأمین رفعهما علو سما و تبجّلا أخبر أن المشار إلیهم بالعین و بسما فی قوله: علو سما و هم حفص و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا نزل به بتخفیف الزای الروح الأمین برفع الحاء و النون فتعین للباقین القراءة بتشدید الزای و نصب الحاء و النون و علو بضم العین و كسرها: نقیض السفل بضم السین و كسرها.
و أنّث یكن للیحصبی و ارفع آیةو فا فتوكّل واو ظمئانه حلا أمر للیحصبی و هو ابن عامر بتأنیث أو لم تكن لهم و رفع آیة فتعین للباقین أن یقرءوا بیاء التذكیر لهم آیة بنصب التاء ثم أخبر أن المشار إلیهم بالظاء و الحاء فی قوله ظمئانه حلا و هم الكوفیون و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا: وَ تَوَكَّلْ عَلَی الْعَزِیزِ الرَّحِیمِ [الشعراء: 217] بالواو فی قراءة نافع و ابن عامر فتوكل بالفاء، و الهاء فی ظمئانه تعود علی الفاء، و الظمآن:
العطشان.
و یا خمس أجری مع عبادی ولی معی‌معا مع أبی إنّی معا ربّی أنجلا أخبر أن فیها ثلاث عشرة یاء إضافة إن أجری إلا فی خمس مواضع فی قصة نوح و هود و صالح و لوط و شعیب و بِعِبادِی إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ [الشعراء: 52]، و عَدُوٌّ لِی إِلَّا [الشعراء: 13]، و كَلَّا إِنَّ مَعِی رَبِّی [الشعراء: 62]، و مَنْ مَعِیَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ [الشعراء: 118]، و اغْفِرْ لِأَبِی إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّینَ [الشعراء: 86]، و إِنِّی أَخافُ أَنْ یُكَذِّبُونِ [الشعراء: 13]، و یَضِیقُ [الشعراء: 13]، و إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ [الشعراء:
135]، و رَبِّی أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ [الشعراء: 188].

سورة النمل‌

شهاب بنون ثق و قل یأتینّنی‌دنا مكث افتح ضمّة الكاف نوفلا أخبر أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله: ثق و هم الكوفیون قرءوا أو آتِیكُمْ بِشِهابٍ [النمل: 71] بالنون و أراد بالنون تنوین الباء فتعین للباقین القراءة بترك التنوین و أن المشار إلیه بدال دنا و هو ابن كثیر قرأ أو لیأتیننی بزیادة نون مكسورة خفیفة بعد النون المشددة المفتوحة كلفظه فتعین للباقین القراءة بكسر النون المشددة و ترك النون الزائدة، و علم ذلك
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 291
من إحالته علی الحكم المتقدم فی قوله شهاب بنون و تجوّز بالنون لیعطف علیها نون لیأتیننی فكأنه قال زد لابن كثیر نونا كما زدتها فی شهاب و إن كان ذلك تنوینا و هذه غیره لكن حصل الاشتراك فی كون كل واحدة منهما نونا ساكنة خفیفة لكن هنا كسرت لأجل یاء الإضافة بعدها ثم أمر أن یقرأ فمكث غیر بعید بفتح ضم الكاف للمشار إلیه بنون نوفلا و هو عاصم فتعین للباقین القراءة بضم الكاف.
معا سبأ افتح دون نون حمی هدی‌و سكّنه و انو الوقف زهرا و مندلا یرید و جئتك من سبأ لقد كان لسبأ فهذا معنی قوله معا أی هنا و فی سورة سبأ افتح الهمزة من لفظ سبأ دون نون أی من غیر تنوین للمشار إلیهما بالحاء و الهاء فی قوله حمی هدی و هما أبو عمرو و البزی ثم أمر بتسكین الهمزة بنیة الوقف للمشار إلیه بالزای فی قوله:
زاهرا و هو قنبل فتعین للباقین القراءة بعكس التقیید الأول و هو كسر الهمزة مع التنوین فذلك ثلاث قراءات.
ألا یسجد راو وقف مبتلی ألاو یا و اسجدوا و ابدأه بالضّمّ موصلا
أراد ألا یا هؤلاء اسجدوا وقف‌له قبله و الغیر أدرج مبدلا
و قد قیل مفعولا و إن أدغموا بلاو لیس بمقطوع فقف یسجدوا و لا أخبر أن المشار إلیه بالراء من راو، و هو الكسائی قرأ ألا یسجدوا بتخفیف اللام كلفظه لأن ألا فی قراءته للاستفتاح و یا حرف نداء و المنادی محذوف تقدیره ألا یا هؤلاء اسجدوا و اسجدوا فعل أمر، و الابتلاء الاختبار فأمرك إذا اختبرت فی قراءة الكسائی و قیل لك قف علی كل كلمة أن تقف علی ألا و علی یا و علی اسجدوا و تبتدئ به فی هذه الحالة بضم الهمزة لأن ألفه ألف وصل و قوله: و قف له أی للكسائی قبله أی قبل ألا باسجدوا أی قف علی یهتدون ثم بین قراءة الباقین فأخبر أن غیر الكسائی أدرج لا یهتدون مع ألا یسجدوا و لا یقف قبله علی یهتوون لأن الغیر قرءوا ألا بتشدید اللام و الأصل عندهم أن لا دخلت أن علی لا و لا زائدة و أن مع یسجدوا فی تأویل المصدر و المصدر بدل من السبیل و قد قیل أیضا إن المصدر فی موضع المفعول لیهتدون أی فهم لا یهتدون سجودا و علی كلا التقدیرین لا یوقف علی یهتدون و قوله و إن أدغموا بلا یعنی أن الجماعة غیر الكسائی أدغموا النون من أن فی اللام من لا علی ما عرف من باب أحكام النون الساكنة و من هذا علم أن قراءة الباقین بتشدید اللام و قوله و لیس بمقطوع یعنی فی الرسم و قوله فقف یسجدوا أمرك أیضا أن تقف إذا اخترت فی قراءة الباقین و قیل لك قف علی كل كلمة أن تقف علی ألا و علی یسجد و لا تقف علی أن لأنه لیس بمقطوع لأنه لما أدغم فی اللام كتب علی لفظ الإدغام موصلا فما جاء كذلك فلا یوقف فیه علی أن.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 292 و یخفون خاطب یعلنون علی رضاتمدّوننی الإدغام فاز فثقّلا أمر أن یقرأ ما تخفون و ما تعلنون بتاء الخطاب للمشار إلیهما بالعین و الراء فی قوله:
علی رضا و هما حفص و الكسائی فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب فیهما ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فاز و هو حمزة قرأ (أ تمدوننی بمال) [النمل: 31] بنون مشددة مكسورة علی الإدغام و یلزم من تشدید النون مد الواو و تعین للباقین القراءة بنونین خفیفتین الأولی مفتوحة و الثانیة مكسورة علی الإظهار.
مع السّوق ساقیها و سوق اهمزوا زكاو وجه بهمز بعده الواو وكّلا أمر أن یقرأ و كشفت عن ساقیها هنا و بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ [ص: 33]، و عَلی سُوقِهِ [الفتح: 29] بهمزة ساكنة بعد السین للمشار إلیه بالزای من زكا و هو قنبل و علم سكون الهمزة من لفظه ثم أخبر أن لقنبل فی السوق و سوقه وجها آخر بهمزة مضمومة بعد السین و بعد الهمزة واو مدیة فیصیر اللفظ به علی وزن فعول و لم یذكر هذا الوجه فی التیسیر، و تعین للباقین القراءة بغیر همز فیهن.
نقولنّ فاضمم رابعا و نبیتننه و معا فی النّون خاطب شمردلا أراد تقاسموا باللّه لنبیتنه و أهله ثم لنقولن أمر بضم الحرف الرابع فی لنقولن و هو اللام و الرابع فی لنبیتنه و هو التاء ثم أمر بالخطاب فی النون أی نون لنبیتنه و نون لنقولن أی اجعل مكانها تاء الخطاب فیهما للمشار إلیهما بالشین من شمردلا و هما حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بالنون فیهما و فتح الرابع، یعنی التاء و اللام.
و مع فتح أنّ النّاس ما بعد مكرهم‌لكوف و أمّا یشركون ند حلا أخبر أن الكوفیین فتحوا همزة أنا دمرناهم و هو المراد بقوله ما بعد مكرهم مع همزة أن الناس كانوا فتبین للباقین أن یقرءوا أَنَّا دَمَّرْناهُمْ [النمل: 51]، و أن الناس بكسر الهمزة فیهما ثم أخبر أن المشار إلیهما بالنون و الحاء فی قوله ند حلا و هما عاصم و أبو عمرو قرآ خَیْرٌ أَمَّا یُشْرِكُونَ [النمل: 51]، بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب.
و شدّد وصل و امدد بل ادّارك الّذی‌ذكا قبله یذّكّرون له حلا أمر أن یقرأ بل ادراك بتشدید الدال و مده و وصل الهمز قبله للمشار إلیهم بالألف و الذال فی قوله: الذی ذكا و هم نافع و ابن عامر و الكوفیون و یلزم من قراءتهم كسر لام بل لالتقاء الساكنین فتعین لابن كثیر و أبی عمرو القراءة بقطع الهمزة و تخفیف للدال و سكونها و یلزم من قراءتها القصر و سكون لام بل فی الحالین ثم أخبر أن المشار إلیهما باللام و الحاء فی قوله له حلا و هما هشام و أبو عمرو قرآ (قلیلا ما یذكرون) الواقع قبل ادراك بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 293 بهادی معا تهدی فشا العمی ناصباو بالیا لكلّ قفّ و فی الرّوم شمللا أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فشا و هو حمزة قرأ هنا و بالروم و (ما أنت تهدی) بتاء مفتوحة مثناة فوق و إسكان الهاء فی قراءة الباقین بِهادِی [النمل: 81] بیاء مكسورة موحدة و فتح الهاء و ألف بعدها فی السورتین كلفظه بالقراءتین و أن حمزة قرأ بنصب الْعُمْیِ فی هاتین السورتین فتعین للباقین القراءة بخفض الیاء فیهما ثم أمر بالوقف علی الیاء فی هذه السورة لكل القراء سواء فی ذلك من قرأ تهدی أو قرأ بهادی ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شمللا و هما حمزة و الكسائی وقفا علی الیاء بالروم فتعین للباقین الوقف علی الدال من غیر یاء.
و آتوه فاقصر و افتح الضّمّ علمه‌فشا تفعلون الغیب حقّ له و لا أمر بقصر الهمزة و فتح ضم التاء فی أَتَوْهُ داخِرِینَ [النمل: 87] للمشار إلیهما بالعین و الفاء من قوله: علمه فشا و هما حفص و حمزة فتعین للباقین القراءة بمد الهمزة و ضم التاء، ثم أخبر أن المشار إلیهم بحق و باللام فی قوله حق له و هو ابن كثیر و أبو عمرو و هشام قرءوا (خبیر بما یفعلون) [النمل: 88] بیاء الغیب فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب.
و ما لی و أوزعنی و إنّی كلاهمالیبلونی الیاءات فی قول من بلا أخبر أن فیها خمس یاءات إضافة ما لِیَ لا أَرَی [النمل: 20]، و أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ [النمل: 19]، و إِنِّی آنَسْتُ [النمل: 7]، و إِنِّی أُلْقِیَ [النمل: 29]، و لِیَبْلُوَنِی [النمل: 40]، أَ أَشْكُرُ [النمل: 4]، و قوله بلا معناه اختبر أی فی قول من اختبر هذا العلم و درب به.

سورة القصص‌

و فی نری الفتحان مع ألف و یائه و ثلاث رفعها بعد شكّلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شكلا و هما حمزة و الكسائی قرآ و یروی بالیاء و فتحها و فتح الراء و ألف بعدها ممالة و رفع فرعون و هامان و جنودهما و قرأ الباقون و نری بالنون و ضمها و كسر الراء و یاء مفتوحة بعدها كلفظه و نصب الأسماء الثلاثة فی قوله بعد أی الأسماء الثلاثة بعد نری و شكلا صور.
و حزنا بضمّ مع سكون شفا و یصدراضمم و كسر الضّمّ ظامیه أنهلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ عَدُوًّا وَ حَزَناً [القصص: 8] بضم الحاء و سكون الزای فتعین للباقین القراءة بفتحهما ثم أمر بضم الیاء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 294
و كسر ضم الدال فی یصدر الرعاء للمشار إلیهم بالظاء و الألف فی قوله ظامیه أنهلا و هم الكوفیون و ابن كثیر و نافع فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و ضم الدال. و الظامئ:
العطشان، و النهل الشرب الأول.
و جذوة اضمم فزت و الفتح نل و صحبة كهف ضمّ الرّهب و اسكنه ذبّلا أمر بضم الجیم من جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ [القصص: 29] للمشار إلیه بالفاء من فزت و هو حمزة و أن المشار إلیه بالنون فی قوله نل و هو عاصم قرأ جذوة بفتح الجیم فتعین للباقین القراءة بكسرها فحصل فی جذوة ثلاث قراءات ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و الكاف فی قوله و صحبة كهف و هم حمزة و الكسائی و شعبة و ابن عامر قرءوا جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ [القصص: 32] بضم الراء فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أمر باسكان الهاء للمشار إلیهم بالذال من ذبلا و هم الكوفیون و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بفتحها فحصل فی الرهب ثلاث قراءات ابن عامر و حمزة و الكسائی و شعبة بضم الراء و إسكان الهاء و حفص بفتح الراء و سكون الهاء و الباقون بفتحهما، و الذبل: الرماح، واحدها ذابل.
یصدّقنی ارفع جزمه فی نصوصه‌و قل قال موسی و احذف الواو دخللا أمر برفع جزم القاف من ردأ یصدقنی للمشار إلیهما بالفاء و النون فی قوله فی نصوصه و هما حمزة و عاصم فتعین للباقین القراءة بجزم القاف ثم أمرك أن تقرأ قالَ مُوسی رَبِّی أَعْلَمُ [القصص: 37] بحذف واو العطف للمشار إلیه بدال دخللا و هو ابن كثیر فتعین أن یقرأ للباقین و قال موسی بإثبات الواو.
نما نفر بالضمّ و الفتح یرجعون سحران ثق فی ساحران فتقبلا أخبر أن المشار إلیهم بالنون من نما و ینفر، و هم عاصم و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا أَنَّهُمْ إِلَیْنا لا یُرْجَعُونَ [القصص: 39] بضم الیاء و فتح الجیم فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و كسر الجیم و أن المشار إلیهم بالثاء من ثق و هم الكوفیون قرءوا قالُوا سِحْرانِ [القصص: 48] بكسر السین و إسكان الحاء من غیر ألف بینهما فی قراءة الباقین ساحران بفتح السین و كسر الحاء و ألف بینهما كلفظه بالقراءتین ثم كمل البیت بقوله فتقبلا، و لیست الفاء برمز.
و یجبی خلیط یعقلون حفظته‌و فی خسف الفتحین حفص تنخّلا أخبر أن المشار إلیهم بخاء خلیط و هم السبعة إلا نافعا قرءوا حَرَماً [القصص:
57] منا یجبی إلیه بیاء التذكیر كلفظه فتعین لنافع القراءة بتاء التأنیث و أن المشار إلیه بحاء حفظته و هو أبو عمرو قرأ خَیْرٌ وَ أَبْقی [القصص: 60]، أَ فَلا یَعْقِلُونَ [القصص: 6] بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و أن حفصا قرأ لَخَسَفَ بِنا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 295
[القصص: 82] بفتح الخاء و السین فتعین للباقین القراءة بضم الخاء و كسر السین و معنی خلیط أی مخالط مألوف و معنی حفص تنخلا: أی اختار الفتحتین.
و عندی و ذو الثّنیا و إنّی أربع‌لعلّی معا ربّی ثلاث معی اعتلا أخبر أن فیها اثنتی عشرة یاء إضافة عندی أَ وَ لَمْ یَعْلَمْ [القصص: 78]، و سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ [القصص: 27]، و هی المعبر عنها بقوله: و ذو الثنیا الاسم من الاستثناء، ثم قال و إنی أربع أی أربع كلمات و هن إِنِّی آنَسْتُ ناراً [القصص: 29]، إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ [القصص: 30]، و إِنِّی أَخافُ أَنْ یُكَذِّبُونِ [القصص: 34]، و إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُنْكِحَكَ [القصص: 27]، ثم قال لَعَلِّی [القصص: 29] أی موضعین لَعَلِّی آتِیكُمْ [القصص: 34]، و لَعَلِّی أَطَّلِعُ [القصص: 38]، و ربی ثلاث كلمات و هن عَسی رَبِّی [القصص: 22]، أن و رَبِّی أَعْلَمُ بِمَنْ [القصص: 37]، و رَبِّی أَعْلَمُ مَنْ [القصص: 85]، و فَأَرْسِلْهُ مَعِی رِدْءاً [القصص: 34].

سورة العنكبوت‌

یروا صحبة خاطب و حرّك و مدّ فی النشاءة حقّا و هو حیث تنزّلا أمر أن یقرأ أو لم تروا كیف بتاء الخطاب للمشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب ثم أمرك بتحریك الشین من النشأة أی بفتحها و مدها أی بألف بعدها للمشار إلیهما بقوله حق و هما ابن كثیر و أبو عمرو حیث تنزل أی حیث جاء و (هو ینشئ النشأة) [النجم: 47] هنا و أَنَّ عَلَیْهِ النَّشْأَةَ [العنكبوت: 20]، و لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ [الواقعة: 62] فتعین للباقین القراءة فی الثلاثة بإسكان الشین و القصر أی بترك الألف.
مودّة المرفوع حقّ رواته‌و نوّنه و انصب بینكم عمّ صندلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالراء فی قوله حق رواته و هم ابن كثیر و أبو عمرو و الكسائی قرءوا أَوْثاناً مَوَدَّةَ [العنكبوت: 25] برفع التاء فتعین للباقین القراءة بنصبها ثم أمر بتنوین مودة و نصب نون بینكم للمشار إلیهم بعم و الصاد من صندلا و هم نافع و ابن عامر و شعبة فتعین للباقین القراءة بترك تنوین مودة و خفض نون بینكم فصار ابن كثیر و أبو عمرو و الكسائی برفع مودة بلا تنوین و جر نون بینكم و نافع و ابن عامر و شعبة بنصب مودة منونا و نصب بینكم و الباقون بنصب مودة بلا تنوین و جر بینكم فذلك ثلاث قراءات.
و یدعون نجم حافظ و موحّدهنا آیة من ربّه صحبة دلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 296
أخبر أن المشار إلیهما بالنون و الحاء فی قوله نجم حافظ و هما عاصم و أبو عمرو قرآ إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یَدْعُونَ [العنكبوت: 42] بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب و أن المشار إلیهم بصحبة و بدال دلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة و ابن كثیر قرءوا فی هذه السورة (لو لا أنزل علیه آیة من ربه) [العنكبوت: 50] بلا ألف علی التوحید فتعین للباقین أن یقرءوا آیات بألف بین الیاء و التاء علی الجمع.
و فی و نقول الیاء حصن و یرجعون صفو و حرف الرّوم صافیه حلّلا أخبر أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا و یقول ذُوقُوا [العنكبوت: 55] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون ثم أخبر أن المشار إلیه بصاد صفو و هو شعبة قرآ هنا (ثم إلینا یرجعون) [العنكبوت: 57] بیاء الغیب كلفظه و أن المشار إلیهما بالصاد و الحاء فی قوله صافیه حللا و هم شعبة و أبو عمرو قرآ فی الروم ثُمَّ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَ [العنكبوت: 17] بیاء الغیب أیضا فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتاء الخطاب فیهما.
و ذات ثلاث سكّنت یا نبوّئن مع خفّه و الهمز بالیاء شمللا أخبر أن المشار إلیهما بشین شمللا و هما حمزة و الكسائی أبدلا الباء الموحدة تحت فی لنبوئنهم من الجنة هنا ثاء مثلثة و إلیه أشار بقوله ذات ثلاث أی ثلاث نقط و سكناها و خفضا الواو و أبدلا الهمزة یاء فصار لنثوینهم بثاء مثلثة ساكنة بعد النون الأولی و تخفیف الواو و یاء بعدها و تعین للباقین القراءة بالباء الموحدة و فتحها بعد النون الأولی و تشدید الواو و همزة بعدها كلفظه.
و إسكان ول فاكسر كما حجّ جا ندی‌و ربّی عبادی أرضی الیا بها أنجلا أمر بكسر إسكان اللام فی وَ لِیَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ [العنكبوت: 66] للمشار إلیهم بالكاف و الحاء و الجیم و النون فی قوله: كما حج جا ندی و هم ابن عامر و أبو عمرو و ورش و عاصم فتعین للباقین القراءة بإسكان اللام ثم أخبر أن فیها ثلاث یاءات إضافة مُهاجِرٌ إِلی رَبِّی إِنَّهُ [العنكبوت: 26]، و یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِی واسِعَةٌ [العنكبوت: 56].

و من سورة الروم إلی سورة سبأ

و عاقبة الثّانی سما و بنونه‌نذیق زكا للعالمین اكسروا علا أخبر أن المشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 297
أَساؤُا السُّوای [الروم: 10]، و هو الثانی برفع التاء كلفظه فتعین للباقین القراءة بنصبها و احترز بالثانی عن الأول و الثالث كیف كان عاقبة متفق الرفع ثم أخبر أن المشار إلیه بالزای من زكا و هو قنبل قرأ (لنذیقنهم بعض الذی عملوا) [الروم: 41] بالنون فتعین للباقین القراءة بالیاء ثم أخبر أن المشار إلیه بعین علا و هو حفص قرأ هنا لَآیاتٍ لِلْعالِمِینَ [الروم: 22] بكسر اللام التی بعد العین فتعین للباقین القراءة بفتحها.
لیربوا خطاب ضمّ و الواو ساكن‌أتی و اجمعوا آثاركم شرفا علا أخبر أن المشار إلیه بالهمز فی أتی و هو نافع قرأ (لتربوا فی أموال الناس) [الروم:
39] بتاء الخطاب و ضمها و بسكون الواو فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب و فتحها و فتح الواو ثم أمر أن یقرأ (فانظر إلی آثار رحمة اللّه) [الروم: 50] بألفین مسكنتین مكتنفتی الثاء علی الجمع كلفظه للمشار إلیهم بالكاف و الشین و العین فی قوله: كم شرفا علا و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی و حفص فتعین للباقین للقراءة بحذفهما.
و ینفع كوفیّ و فی الطّول حصنه‌و رحمة ارفع فائزا و محصّلا أخبر أن الكوفیین قرءوا هنا فَیَوْمَئِذٍ لا یَنْفَعُ [الروم: 57] بیاء التذكیر كلفظه و أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا فی الطول أی فی سورة غافر یَوْمَ لا یَنْفَعُ [غافر: 52] بیاء التذكیر أیضا فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتاء التأنیث. و هذه آخر مسائل الروم ثم أمرك أن تقرأ فی لقمان هُدیً وَ رَحْمَةً [لقمان: 2] برفع التاء للمشار إلیه بالفاء من فائزا و هو حمزة فتعین للباقین القراءة بنصبها.
و یتّخذ المرفوع غیر صحابهم‌تصعّر بمدّ خفّ إذ شرعه حلا أخبر أن غیر صحاب یعنی غیر حمزة و الكسائی و حفص و هم باقی السبعة نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و شعبة قرءوا وَ یَتَّخِذَها هُزُواً [لقمان: 6] برفع الذال فتعین لحمزة و الكسائی و حفص القراءة بنصبها ثم أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و الشین و الحاء فی قوله إذ شرعه حلا و هم نافع و حمزة و الكسائی و أبو عمرو قرءوا (و لا تصاعر خدك) [لقمان: 18] بمد الصاد أی بألف بعدها و تخفیف العین فتعین للباقین القراءة بقصر الصاد أی بحذف الألف و تشدید العین.
و فی نعمه حرّك و ذكّر هاؤهاو ضمّ و لا تنوین عن حسن اعتلا أمر أن یقرأ وَ أَسْبَغَ عَلَیْكُمْ نِعَمَهُ [لقمان: 20] بتحریك العین أی بفتحها و أخبر أن هاء مذكرة و أمر بضمها من غیر تنوین فصارت نعمه بفتح العین و ضم الهاء من غیر تنوین علی الجمع للمشار إلیهم بالعین و الحاء و الألف فی قوله عن حسن اعتلی و هم حفص و أبو عمرو و نافع فتعین للباقین القراءة بسكون العین و تأنیث الهاء و نصبها و تنوینها علی التوحید.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 298 سوی ابن العلا و البحر أخفی سكونه‌فشا خلفه التّحریك حصن تطوّلا أخبر أن السبعة إلا أبا عمرو قرءوا وَ الْبَحْرُ یَمُدُّهُ [لقمان: 27] برفع الراء كلفظه فتعین لأبی عمرو القراءة بنصبها و هذه آخر مسائل لقمان، ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فشا و هو حمزة قرأ فی سورة السجدة ما أُخْفِیَ لَهُمْ [السجدة: 17] بسكون الیاء فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن المشار إلیهم بحصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا خَلَقَهُ [السجدة: 7] و بدأ بتحریك اللام أی بفتحها فتعین للباقین القراءة بإسكانها.
لما صبروا فاكسر و خفّف شذا و قل‌بما یعملون اثنان عن ولد العلا أمر بكسر اللام و تخفیف المیم فی لَمَّا صَبَرُوا [السجدة: 24] للمشار إلیهما بشین شذا و هما حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتح اللام و تشدید المیم، و هذه آخر مسائل السجدة، ثم أخبر أن أبا عمرو بن العلاء قرأ فی سورة الأحزاب و (كان اللّه بما یعملون خبیرا) [الأحزاب: 2]، و (بما یعملون بصیرا) [الأحزاب: 9]، إِذْ جاؤُكُمْ [الأحزاب: 10] بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب فیهما.
و بالهمز كلّ اللّاء و الیاء بعده‌ذكا و بیاء ساكن حجّ همّلا
و كالیاء مكسورا لورش و عنهماوقف مسكنا و الهمز زاكیه بجّلا كل ما فی القرآن من لفظ اللاء أربعة مواضع أزواجكم اللائی هنا و (إلا اللائی ولدنهم) [المجادلة: 2]، وَ اللَّائِی یَئِسْنَ [الطلاق: 4]، وَ اللَّائِی لَمْ یَحِضْنَ [الطلاق: 4] أخبر أن المشار إلیهم بذال ذكا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا فی الجمیع بهمزة مكسورة بعدها یاء ساكنة وصلا و وقفا و أن المشار إلیهما بالحاء و الهاء فی قوله: حج هملا و هما أبو عمرو و البزی قرآ بیاء ساكنة بعد الألف من غیر همز وصلا و وقفا و أن ورشا قرأ بهمزة مكسورة مسهلة بین بین فی الوصل و هو المراد بقوله و كالیاء مكسورا إلا أنها صارت بین الهمزة و الیاء مكسورة ثم قال و عنهما أی و عن البزی و أبی عمرو وجه ثان و هو تسهیل الهمزة بین بین فی الوصل لهما كورش و هذا الوجه لهما من زیادات القصید و قوله:
وقف مسكنا یعنی لورش و البزی و أبی عمرو أی بإبدال الهمزة یاء ساكنة، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالزای و الباء فی قوله زاكیه بجلا و هما قنبل و قالون قرآ بهمزة مكسورة من غیر یاء و إذا وقفا سكنا الهمز فحصل فی لفظ اللائی أربع قراءات.
و تظّاهرون اضممه و اكسر لعاصم‌و فی الهاء خفّف و امدد الظّاء ذبّلا
و خفّفه ثبت و فی قد سمع كماهنا و هناك الظّاء خفّف نوفلا أمر بضم التاء و كسر الهاء فی تظاهرون منهن لعاصم فتعین لغیره ضد الضم فی التاء
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 299
و ضد الكسر فی الهاء و هو الفتح فیهما ثم أمر بتخفیف هائه و مد ظائه للمشار إلیهم بذال ذبلا و هم الكوفیون و ابن عامر و مراده بمد الظاء زیادة الألف بعدها فتعین لغیرهم ضد التخفیف فی الهاء و هو التشدید و ضد المد فی الظاء و هو حذف الألف، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالثاء فی قوله: ثبت و هم الكوفیون خففوا ظاءه و الضمیر فی و خففه عائد علی الظاء لأنها أقرب مذكور فتعین لغیرهم القراءة بتشدید الظاء، ثم أخبر أن موضعی المجادلة یُظاهِرُونَ مِنْكُمْ [المجادلة: 2]، وَ الَّذِینَ یُظاهِرُونَ مِنْ [المجادلة: 3]، و هما بیاء الغیب حكمهما حكم ما ذكر فی تظاهرون هنا إلا أن الظاء هناك یعنی فی موضعی المجادلة خففها المشار إلیه بالنون من نوفلا و هو عاصم فتعین لغیره تشدیدها فیهما. فالحاصل أن فی تظاهرون هنا أربع قراءات و فی كل موضع من موضعی المجادلة ثلاث قراءات قرأ عاصم هنا تظاهرون بضم الأول و تخفیف الظاء و ألف بعدها و كسر الهاء و ابن عامر بفتح الأول و تشدید الظاء و ألف بعدها و فتح الهاء و تخفیفها و حمزة و الكسائی بفتح الأول و تخفیف الظاء و ألف بعدها و فتح الهاء و تخفیفها و الباقون بفتح الأول و تشدید الظاء و الهاء و فتحها من غیر ألف و قرأ الجمیع فی سورة المجادلة كقراءاتهم هنا إلا حمزة و الكسائی فإنهما قرآ بتشدید الظاء كقراءة ابن عامر.
و حقّ صحاب قصر وصل الظّنون و الرسول السّبیلا و هو فی الوقف فی حلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بصحاب و هم ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و الكسائی و حفص قرءوا (و تظنون باللّه الظنون) [الأحزاب: 10]، (و أطعنا الرسول) [الأحزاب: 66]، (فأضلونا السبیل) [الأحزاب: 67] بالقصر فی الوصل یعنی بغیر ألف بعد النون و اللام فتعین للباقین القراءة بالمد أی بإثبات الألف فی الوصل، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و الحاء فی قوله فی حلا و هما حمزة و أبو عمرو قصرا فی الوقف أی لم یأتیا بالألف فتعین للباقین الإتیان بألف فی الوقف فصار نافع و ابن عامر و شعبة بالألف فی الحالین و أبو عمرو و حمزة بالقصر فی الحالین و ابن كثیر و الكسائی و حفص بقصر الوصل و مد الوقف فذلك ثلاث قراءات.
مقام لحفص ضمّ و الثّان عمّ فی الدخان و أتوها علی المدّ ذو حلا أمر بضم المیم الأولی فی قوله تعالی: لا مُقامَ لَكُمْ [الأحزاب: 13] لحفص ثم أخبر أن المشار إلیهما بقوله عم و هما نافع و ابن عامر قرآ فی الثانی فی الدخان و هو إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی مَقامٍ أَمِینٍ [الدخان: 51] بضم المیم الأولی و احترز بقوله الثانی من الأول و هو مقام كریم فإنه لا خلاف فی فتح میمه فتعین لمن لم یذكره فتح المیم فی الموضعین ثم أخبر أن المشار إلیهم بالذال و الحاء فی قوله ذو حلا و هم الكوفیون و ابن عامر و أبو عمرو قرءوا ثم سئلوا الفتنة لآتوها بمد الهمزة فتعین للباقین القراءة بقصرها.
و فی الكلّ ضمّ الكسر فی أسوة ندی‌و قصر كفا حقّ یضاعف مثقّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 300
و بالیا و فتح العین رفع العذاب حصن حسن و تعمل نؤت بالیاء شمللا أخبر أن المشار إلیه بولنان «1» من ندی و هو عاصم قرأ بضم كسر همزة أسوة فی كل ما فی القرآن و هو ثلاثة لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 20]، هنا و قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ [الممتحنة: 4]، و لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِیهِمْ أُسْوَةٌ [الممتحنة: 6]، فتعین للباقین القراءة بكسر الهمزة فی الثلاثة ثم أخبر أن المشار إلیهم بكاف كفی و بحق و هم ابن عامر و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا یضعف لها بتشدید العین من غیر ألف و تعین للباقین القراءة بالمد و تخفیف العین و أن المشار إلیهم بحصن و بالحاء من حسن و هم الكوفیون و نافع و أبو عمرو قرءوا أیضا یضاعف لها بیاء و فتح العین العذاب برفع الباء فتعین للباقین أن یقرءوا نضعف لها بالنون و كسر العین العذاب بنصب الباء فحصل من جمیع ما ذكر ثلاث قراءات قرأ ابن كثیر و ابن عامر نضعف بالنون و كسر العین و تشدیدها من غیر ألف العذاب بالنصب و أبو عمرو یضعف بالیاء و فتح العین و تشدیدها من غیر ألف العذاب بالرفع و الباقون یضاعف بالیاء و الألف و فتح العین و تخفیفها العذاب بالرفع، ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شمللا و هما حمزة و الكسائی قرآ و یعمل صالحا بیاء التذكیر و یؤتها أجرها بیاء الغیب فتعین للباقین أن یقرءوا و تعمل بتاء التأنیث و نؤتها بالنون فقوله بالیاء یعود إلی نؤتها لأنه ضده النون و علم التذكیر فی و تعمل من الإطلاق.
و قرن افتح إذ نصّوا یكون له ثوی‌یحلّ سوی البصری و خاتم وكّلا
بفتح نما ساداتنا اجمع بكسرةكفی و كثیرا نقطة تحت نفّلا أمر بفتح كسر القاف من وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَ [الأحزاب: 33] للمشار إلیهما بالهمزة و النون فی قوله إذ نصوا و هما نافع و عاصم فتعین للباقین القراءة بكسرها، ثم أخبر أن المشار إلیهم باللام و الثاء فی قوله له ثوی و هم هشام و الكوفیون قرءوا أَنْ یَكُونَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ [الأحزاب: 36] بیاء التذكیر كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و أن السبعة إلا أبا عمرو البصری قرءوا لا یَحِلُّ لَكَ النِّساءُ [الأحزاب: 5] بیاء التذكیر علی ما لفظ به فتعین لأبی عمرو القراءة بتاء التأنیث ثم أخبر أن المشار إلیه بالنون من نما و هو عاصم قرأ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ [الأحزاب: 40] بفتح التاء فتعین للباقین القراءة بكسرها ثم أمر أن یقرأ أَطَعْنا سادَتَنا [الأحزاب: 67] بألف بعد الدال و كسر التاء علی جمع التصحیح للمشار إلیه بالكاف من كفی و هو ابن عامر فتعین للباقین القراءة بترك الألف و فتح التاء علی جمع التكسیر و جمع التكسیر یشبه الإفراد من جهلة إعرابه و یروی فی النظم أجمع بكسره علی الإضافة إلی الهاء و یروی بكسرة بالتنوین ثم أخبر أن المشار إلیه بالنون من نفلا و هو عاصم قرأ لَعْناً كَبِیراً [الأحزاب: 68] بالباء الموحدة تحت علی ما قیده و أن الباقین قرءوا بالثاء المثلثة من فوق كلفظه.
______________________________
(1) كذا بالأصل.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 301

سورة سبأ و فاطر

و عالم قل علّام شاع و رفع خفضه‌عمّ من رجز ألیما معا و لا
علی رفع خفض المیم دلّ علیمه‌و نخسف نشأ نسقط بها الیاء شمللا أی اقرأ (علام الغیب) [سبأ: 3] للمشار إلیهما بشین شاع و هما حمزة و الكسائی فی قراءة الباقین عالِمِ الْغَیْبِ [سبأ: 3] كلفظه بهما ثم أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر رفعا خفض المیم فتعین للباقین القراءة بخفضها فصار حمزة و الكسائی یقرءان علام بتشدید اللام و ألف بعدها و خفض المیم و نافع و ابن عامر عالم بألف بعد العین و كسر اللام و تخفیفها و رفع المیم و الباقون عالم بكسر اللام و تخفیفها و ألف قبلها و خفض المیم فذلك ثلاث قراءات، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالدال و العین فی قوله دل علیمه و هما ابن كثیر و حفص قرآ [مِنْ رِجْزٍ أَلِیمٌ [سبأ: 5]، وَ یَرَی الَّذِینَ [سبأ: 6] هنا و مِنْ رِجْزٍ أَلِیمٌ اللَّهُ [الجاثیة: 11] برفع خفض المیم فتعین للباقین القراءة بخفضها فیهما و إلی الموضعین أشار بقوله معا، ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شملا و هما حمزة و الكسائی قرآ (إن یشأ یخسف بهم الأرض) [سبأ: 9]، أو یسقط بالیاء فی الثلاثة فتعین للباقین القراءة بالنون فیهن و قوله: شملا فیه ضمیر یعود علی الیاء لأنه شمل الكلمات الثلاث أی جعل شاملا لها.
و فی الرّیح رفع صحّ منسأته سكون همزته ماض و أبدله إذ حلا أخبر أن المشار إلیه بالصاد من صح و هو شعبة قرأ وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ [سبأ: 12] برفع الحاء فتعین للباقین القراءة بنصبها، ثم أخبر أن المشار إلیه بالمیم من ماض و هو ابن ذكوان قرأ تأكل منسأته بهمزة ساكنة ثم أمر بإبدال الهمزة الساكنة ألفا للمشار إلیهما بالهمزة و الحاء فی قوله إذ حلا و هما نافع و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بهمزة مفتوحة فحصل فی منسأته ثلاث قراءات.
مساكنهم سكّنه و اقصر علی شذاو فی الكاف فافتح عالما فتبجّلا أمر أن یقرأ فی مساكنهم بتسكین السین و حذف الألف للمشار إلیهم بالعین و الشین فی قوله علی شذا، و هم حفص و حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتح السین و إثبات الألف ثم أمر بفتح الكاف للمشار إلیهما بالعین و الفاء من قوله عالما فتبجلا و هما حفص و حمزة فتعین للباقین القراءة بكسرها فصار الكسائی یقرأ مسكنهم بإسكان السین و كسر الكاف من غیر ألف، و حمزة و حفص بسكون السین و فتح الكاف من غیر ألف و الباقون بفتح السین و ألف بعدها و كسر الكاف فذلك ثلاث قراءات.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 302 نجازی بیاء و افتح الزّای و الكفور رفع سماكم صاب أكل أضف حلا أخبر أن المشار إلیهم بسما و الكاف و الصاد فی قوله: سماكم صاب و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و شعبة قرءوا و هل یجازی بالیاء و أمر بفتح الزای لهم و أخبر أنهم رفعوا راء الكفور فتعین للباقین أن یقرءوا نجازی بالنون و كسر الزای الكفور بنصب الراء ثم أمر بإضافة ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ [سبأ: 16] فتسقط التنوین من اللام للمشار إلیه بالحاء من حلا و هو أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بتنوین اللام و ترك الإضافة.
و حقّ لوا باعد بقصر مشدّداو صدّق للكوفیّ جاء مثقّلا أخبر أن المشار إلیهم بحق و باللام من لوی و هم ابن كثیر و أبو عمرو و هشام قرءوا (ربنا بعد) بلا ألف و تشدید العین فتعین للباقین القراءة بألف بعد الباء و تخفیف العین، ثم أخبر أن أهل الكوفة و هم عاصم و حمزة و الكسائی قرءوا وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ [سبأ: 20] بتشدید الدال فتعین للباقین القراءة بتخفیفها.
و فزّع فتح الضّمّ و الكسر كامل‌و من أذن اضمم حلو شرع تسلسلا أخبر أن المشار بالكاف من كامل و هو ابن عامر قرأ حتی إذا فزع بفتح ضم الفاء و فتح كسر الزای فتعین للباقین القراءة بضم الفاء و كسر الزای و أن المشار إلیهم بالحاء و الشین من حلو شرع و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی قرءوا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: 23] بضم الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها و اللّه أعلم.
و فی الغرفة التّوحید فاز و یهمز التناوش حلوا صحبة و توصّلا أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فاز و هو حمزة قرأ و هم فی الغرفة بإسكان الراء من غیر ألف علی التوحید فتعین للباقین القراءة بضم الراء و ألف بعد الفاء علی الجمع و أن المشار إلیهم بالحاء من حلوا و بصحبة و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا وَ أَنَّی لَهُمُ التَّناوُشُ [سبأ: 52] بهمزة مضمومة بعد الألف فتعین للباقین القراءة بواو مضمومة بعدها.
و جری عبادی ربّی الیا مضافهاو قل رفع غیر اللّه بالخفض شكّلا أخبر أن فی سورة سبأ ثلاث یاءات إضافة إِنْ أَجْرِیَ إِلَّا [سبأ: 47]، و عِبادِیَ الشَّكُورُ [سبأ: 13]، و رَبِّی إِنَّهُ سَمِیعٌ [سبأ: 5] ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شكلا و هما حمزة و الكسائی قرآ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَیْرُ اللَّهِ [فاطر: 3] بخفض رفع الراء فتعین للباقین القراءة برفع الراء.
و نجزی بیاء ضمّ مع فتح زائه‌و كلّ به ارفع و هو عن ولد العلا أخبر أن ولد العلا و هو أبو عمرو قرأ كذلك یجزی بیاء مضمومة و فتح الزای و أمر برفع
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 303
اللام فی كل كفور بالفعل المذكور و هو یجزی فتعین للباقین أن یقرءوا نجزی بنون مفتوحة و كسر الزای و نصب اللام.
و فی السّیّئ المخفوض همزا سكونه‌فشا بیّنات قصر حقّ فتی علا أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فشا و هو حمزة قرأ (و مكر السیئ) [فاطر: 43] بتسكین خفض الهمزة فتعین للباقین القراءة بخفضها و قیده بالمخفوض احترازا من قوله تعالی: وَ لا یَحِیقُ الْمَكْرُ السَّیِّئُ [فاطر: 43] فإنه مرفوع باتفاق، ثم أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالفاء و بالعین من حق فتی علا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و حفص قرءوا علی بینة منه بالقصر أی بلا ألف علی التوحید فتعین للباقین القراءة بألف بعد النون علی الجمع.

سورة یس علیه السلام‌

و تنزیل نصب الرّفع كهف صحابه‌و خفّف فعزّزنا لشعبة محملا أخبر أن المشار إلیهم بالكاف من كهف و بصحاب و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی و حفص قرءوا تَنْزِیلَ الْعَزِیزِ [یس: 5] بنصب رفع اللام فتعین للباقین القراءة برفعها ثم أمر بتخفیف الزای فی فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ [یس: 14] لشعبة فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و قوله: محملا من أحمله أی أعانه.
و ما عملته یحذف الهاء صحبةو و القمر ارفعه سما و لقد حلا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا (و ما عملت أیدیهم) [یس: 393] بحذف الهاء فتعین للباقین القراءة بإثبات الهاء ثم أمر برفع الراء من وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ [یس: 39]، للمشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بنصبها.
و خا یخصمون افتح سما لذ و أخف حلو برّ و سكّنه و خفّف فتكملا أمر بفتح الخاء وَ هُمْ یَخِصِّمُونَ [یس: 49] للمشار إلیهم بسما و باللام من لذ و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و هشام ثم أمر بإخفاء الحاء للمشار إلیهما بالحاء و الباء فی قوله حلو. بر و هما أبو عمرو و قالون و المراد بالإخفاء الاختلاس ثم أمر بتسكین الخاء و تخفیف الصاد للمشار إلیه بالفاء من فتكملا و هو حمزة فتعین للباقین القراءة بكسر الخاء و تشدید الصاد فقرأ ابن كثیر و ورش و هشام یخصمون بفتح الخاء و تشدید الصاد و أبو عمرو و قالون كذلك إلا أنهما یختلسان فتح الخاء و ابن ذكوان و عاصم و الكسائی بكسر الخاء و تشدید الصاد و حمزة بإسكان الخاء و تخفیف الصاد فتلك أربع قراءات.
و ساكن شغل ذكرا و كسر فی‌ظلال بضمّ و اقصر اللام شلشلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 304
أمرك أن تقرأ إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْیَوْمَ فِی شُغُلٍ [یس: 55] بضم سكون الغین للمشار إلیهم بالذال من ذكرا و هم الكوفیون و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بسكون الغین ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شلشلا و هما حمزة و الكسائی قرآ فی ظلل بضم كسر الظاء و قصر اللام أی بغیر ألف فتعین للباقین القراءة بكسر الظاء و مد اللام، أی بألف بین اللامین.
و قل جبلا مع كسر ضمّیه ثقله‌أخو نصرة و اضمم و سكّن كذی حلا قوله: و قل أی اقرأ وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا [یس: 62] بكسر ضم الجیم و كسر ضم الباء و تشدید اللام للمشار إلیهما بالهمزة و النون فی أخو نصرة و هما نافع و عاصم و أمر بضم الجیم و تسكین الباء للمشار إلیهما بالكاف و الحاء فی كذی حلا و هما ابن عامر و أبو عمرو، و لهما تخفیف اللام فتعین للباقین القراءة بإبقاء الضمتین فی الجیم و الباء و تخفیف اللام فصار نافع و عاصم بكسر الجیم و الباء و تشدید اللام و ابن كثیر و حمزة و الكسائی بضمهما و تخفیف اللام و ابن عامر و أبو عمرو بضم الجیم و إسكان الباء و تخفیف اللام فذلك ثلاث قراءات.
و ننكسه فاضممه و حرّك لعاصم‌و حمزة و اكسر عنهما الضّمّ أثقلا أمر بضم النون الأولی و تحریك الثانیة أی بفتحها و كسر ضم الكاف و تشدیدها فی ننكسه فی الخالق لعاصم و حمزة فتعین للباقین القراءة بفتح النون الأولی و تسكین الثانیة و ضم الكاف و تخفیفها.
لینذر دم غصنا و الأحقاف هم بهابخلف هدی مالی و إنّی معا حلا أخبر أن المشار إلیهم بالدال و الغین فی قوله دم غصنا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و الكوفیون قرءوا لِیُنْذِرَ مَنْ كانَ حَیًّا [یس: 70]، هنا بیاء الغیب كلفظه بلا خلاف و أنهم قرءوا لِیُنْذِرَ الَّذِینَ ظَلَمُوا [الأحقاف: 12] بیاء الغیب أیضا بخلاف عن المشار إلیه بالهاء من هدی و هو البزی قرأ فی الأحقاف بالوجهین بیاء الغیب و بتاء الخطاب، و تعین للباقین القراءة بتاء الخطاب فی الموضعین. ثم أخبر أن فیها ثلاث یاءات إضافة: ما لِیَ لا أَعْبُدُ [یس: 22]، و إِنِّی إِذاً لَفِی [یس: 24]، و إِنِّی آمَنْتُ [یس: 25].

سورة الصافات‌

و صفّا و زجرا ذكرا ادغم حمزةو ذروا بلا روم بها التّا فثقّلا و خلّاد هم بالخلف فالملقیات فالمغیرات فی ذكرا و صبحا فحصّلا أخبر أن حمزة أدغم وفاقا لأبی عمرو تاء و الصافات فی صاد صفا و تاء فالزاجرات فی زای زجرا و تاء فالتالیات فی ذال ذكرا و تاء الذاریات فی ذال ذروا و أنها بلا روم، و لخلاد عنه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 305
فی تاء فَالْمُلْقِیاتِ ذِكْراً [المرسلات: 5] و تاء فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً [العادیات: 2] وجهان إدغام التاء فی ذال ذكرا و صاد صبحا إدغاما محضا بلا روم و إظهارها عندهما، و تعین للباقین القراءة بالإظهار فی الجمیع.
بزینة نوّن فی ند و الكواكب‌انصبوا صفوة یسّمّعون شذا علا
بثقلیه و اضمم تا عجبت شذا و ساكن معا أو آباؤنا كیف بلّلا أمر بتنوین التاء فی إِنَّا زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِزِینَةٍ [الصافات: 6]، للمشار إلیهما بالفاء و النون من قوله فی ند و هما حمزة و عاصم فتعین للباقین القراءة بترك التنوین ثم أمر بنصب الباء من الكواكب للمشار إلیه بالصاد فی صفوة و هو شعبة فتعین للباقین القراءة بخفضها فصار حمزة و حفص یقرءان بِزِینَةٍ بالتنوین الكواكب بالخفض و شعبة بزینة بالتنوین و الكواكب بالنصب و الباقون بزینة بترك التنوین الكواكب بالخفض فذلك ثلاث قراءات ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و بالعین من شذا علا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا لا یَسَّمَّعُونَ [الصافات: 8] بتشدید السین و المیم فتعین للباقین القراءة بتخفیف السین أی بإسكانها و بتخفیف المیم بإزالة تشدیدهما ثم أمر بضم التاء فی بل عجبت للمشار إلیهما بشین شذا و هما حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الباء فی قوله كیف بللا، و هما ابن عامر و قالون قرآ أَ وَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ [الصافات: 17]، قل نعم هنا أَ وَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ [الواقعة: 48] قل إن بالواقعة بإسكان الواو و إلیهما أشار بقوله معا، و تعین للباقین القراءة بفتح الواو فیهما.
و فی ینزفون الزّای فاكسر شذا و قل‌فی الأخری ثوی و اضمم یزفّون فأكملا أمر بكسر الزای فی قوله تعالی: وَ لا هُمْ عَنْها یُنْزَفُونَ [الصافات: 47] للمشار إلیهما بالشین من شذا و هما حمزة و الكسائی ثم قال و قل فی الأخری ثوی أی اقرأ فی الكلمة الأخری عَنْها وَ لا یُنْزِفُونَ [الواقعة: 19] بكسر الزای للمشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بفتح الزای ثم أمر بضم الیاء فی فأقبلوا إلیه یزفون للمشار إلیه بالفاء من فأكملا و هو حمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها.
و ما ذا تری بالضّمّ و الكسر شائع‌و إلیاس حذف الهمز بالخلف مثّلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شائع و هما حمزة و الكسائی قرآ فَانْظُرْ ما ذا تَری [الصافات: 102] بضم التاء و كسر الراء فتعین للباقین القراءة بفتحهما و یلزم من كسر الراء قلب الألف یاء كما یلزم من فتحها قلبها ألفا فلا إمالة له حینئذ لحمزة و الكسائی بل الإمالة فیه لأبی عمرو محضة و لورش بین بین ثم أخبر أن المشار إلیه بمیم مثلا و هو ابن ذكوان حذف الهمزة من وَ إِنَّ إِلْیاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ [الصافات: 123] بخلاف عنه فتعین للباقین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 306
القراءة بإثباتها كالوجه الآخر عنه.
و غیر صحاب رفعه اللّه ربّكم‌و ربّ و إلیاسین بالكسر وصّلا
مع القصر مع إسكان كسر دنا غنی‌و إنّی و ذو الثّنیا و أنّی أجملا أخبر أن غیر صحاب یعنی غیر حمزة و الكسائی و حفص و هم باقی السبعة نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و شعبة قرءوا اللَّهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَ [الصافات: 126] برفع الثلاثة فتعین لحمزة و الكسائی و حفص القراء بنصب الثلاثة ثم أخبر أن المشار إلیهم بالدال و الغین من دنا غنی و هم ابن كثیر و أبو عمرو و الكوفیون قرءوا سَلامٌ عَلی إِلْ‌یاسِینَ [الصافات:
130] بكسر الهمزة و حذف الألف و إسكان كسر اللام كلفظه فتعین للباقین أن یقرءوا آل یاسین بفتح الهمزة و كسر اللام و ألف بینهما منفصلا مثل آل محمد ثم أخبر أن فیها ثلاث یاءات إضافة إِنِّی أَری [الصافات: 102]، و أَنِّی أَذْبَحُكَ [الصافات: 102]، و سَتَجِدُنِی إِنْ [الصافات: 102] و عبر عنها بقوله ذو الثنیا لاتصال إن شاء اللّه بها.

سورة ص‌

و ضمّ فواق شاع خالصة أضف‌له الرّحب وحّد عبدنا قبل دخللا أخبر أن المشار إلیهما بشین شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ ما لَها مِنْ فَواقٍ [ص:
15] بضم الفاء فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم قال خالصة أضف أی اقرأ بِخالِصَةٍ ذِكْرَی [ص: 46] مضافا بلا تنوین للمشار إلیهما باللام و الألف من له الرحب و هما هشام و نافع فتعین للباقین القراءة بالتنوین و ترك الإضافة، ثم قال وحد عبدنا قبل أی اقرأ (و اذكر عبدنا إبراهیم) [ص: 45] بفتح العین و إسكان الباء بلا ألف موحدا قبل خالصة للمشار إلیه بالدال من دخللا و هو ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بكسر العین و فتح الباء و ألف بعدها جمعا.
و فی یوعدون دم حلا و بقاف دم‌و ثقّل غسّاقا معا شائد علا أخبر أن المشار إلیهما بالدال و الحاء فی دم حلا و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ (هذا ما یوعدون لیوم) [ص: 53] هنا بیاء الغیب كلفظه و أن المشار إلیه بدال دم و هو ابن كثیر قرأ (هذا ما یوعدون لكل أواب) [ق: 32]، كذلك بیاء الغیب فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتاء الخطاب فیهما ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و العین من شائد علا و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا حَمِیمٌ وَ غَسَّاقٌ [ص: 57] هنا و إِلَّا حَمِیماً وَ غَسَّاقاً [النبأ: 25] بتشدید السین و إلیهما أشار بقوله معا فتعین للباقین القراءة بتخفیفها فیهما.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 307 و آخر للبصری بضمّ و قصره‌و وصل اتّخذناهم حلا شرعه ولا أخبر أن أبا عمرو البصری قرأ و آخر من شكله بضم الهمزة و قصرها فتعین للباقین القراءة بفتح الهمزة و مدها و أن المشار إلیهم بالحاء و الشین من حلا شرعه و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی قرءوا من الأشرار اتخذناهم بوصل الهمزة و إذا ابتدءوا كسروها فتعین للباقین القراءة بقطع الهمزة و فتحها فی الحالین.
و فالحقّ فی نصر و خذ یاء لی معاو إنّی و بعدی مسّنی لعنتی إلی أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و النون من قوله فی نصر و هما حمزة و عاصم قرآ قال فَالْحَقُ [ص: 84] برفع القاف كلفظه فتعین للباقین القراءة بنصبها، ثم أمر بأخذ ست یاءات إضافة و هی وَ لِیَ نَعْجَةٌ [ص: 23]، و ما كانَ لِی مِنْ عِلْمٍ [ص: 69]، و إلیهما أشار بقوله معا و إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ [ص: 32]، و مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ [ص: 35]، و مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ [ص: 41]، و لَعْنَتِی إِلی یَوْمِ الدِّینِ [ص: 78]، و أراد بإلی حرف القرآن الواقع بعد لعنتی تمم به البیت و اللّه الموفق.

سورة الزمر

أمن خفّ حرمیّ فشا مدّ سالمامع الكسر حقّ عبده اجمع شمردلا أخبر أن المشار إلیهم بحرمی و بالفاء من فشا و هم نافع و ابن كثیر و حمزة قرءوا أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ [الزمر: 9] بتخفیف المیم فتعین الباقین القراءة بتشدیدها و أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ و رجلا سالما لرجل بمد السین أی بألف بعدها مع كسر اللام فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بترك الألف و فتح اللام، ثم أمرك أن تقرأ (أ لیس اللّه بكاف عباده) [الزمر: 36] بكسر العین و ألف بعد الباء علی الجمع للمشار إلیهما بشین شمردلا و هما حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتح العین و إسكان الباء و ترك الألف علی التوحید.
و قل كاشفات ممسكات منوّناو رحمته مع ضرّه النّصب حمّلا و قل، أی اقرأ كاشفات ضره و ممسكات رحمته بتنوین كاشفات و ممسكات و نصب ضره و رحمته للمشار إلیه بالحاء من حملا و هو أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بترك تنوینهما و خفض ضره و رحمته.
و ضمّ قضی و اكسر و حرّك و بعد رفع شاف مفازات اجمعوا شاع صندلا أمر بضم القاف و كسر الضاد و تحریك الیاء بالفتح من قضی علیها و رفع الموت للمشار
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 308
إلیهما بشین شاف و هما حمزة و الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتح القاف و الضاد و سكون الیاء فتقلب ألفا فی اللفظ و نصب الموت ثم أمر أن یقرأ وَ یُنَجِّی اللَّهُ الَّذِینَ اتَّقَوْا [الزمر:
61] بمفازاتهم بألف بعد الزای علی الجمع للمشار إلیهم بالشین و الصاد من شاع صندلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة فتعین للباقین القراءة بترك الألف علی التوحید.
و زد تأمرونی النّون كهفا و عمّ خففه فتحت خفّف و فی النّبأ العلا
لكوف و خذ یا تأمرونی أرادنی‌و إنّی معا مع یا عبادی فحصّلا أمر أن یقرأ قُلْ أَ فَغَیْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّی [الزمر: 64] بزیادة نون للمشار إلیه بالكاف من كهفا و هو ابن عامر فتعین لغیره القراءة بترك زیادتها، ثم أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر قرآ بتخفیف النون فتعین لغیرهما تشدیدها فصار ابن عامر یقرأ تأمروننی بنونین خفیفتین الأولی مفتوحة و الثانیة مكسورة و نافع بنون واحدة مكسورة خفیفة و الباقون بنون واحدة مكسورة مشددة فذلك ثلاث قراءات، ثم أمر بتخفیف التاء الأولی فی فُتِحَتْ أَبْوابُها [الزمر: 73] فی الموضعین هنا وَ فُتِحَتِ السَّماءُ [النبأ: 19]، للكوفیین فتعین للباقین القراءة بتشدیدها فی الثلاثة ثم أمر بأخذ خمس یاءات إضافة و هی تَأْمُرُونِّی أَعْبُدُ [الزمر: 64]، و إِنْ أَرادَنِیَ اللَّهُ [الزمر: 38]، و إِنِّی أُمِرْتُ [الزمر: 11]، و إِنِّی أَخافُ [الزمر: 13]، و إلیهما أشار بقوله معا و یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا [الزمر: 53].

سورة المؤمن‌

و یدعون خاطب إذ لوی هاء منهم‌بكاف كفی أو أن زد الهمز ثمّلا
و سكّن لهم و اضمم بیظهر و اكسرن‌و رفع الفساد انصب إلی عاقل حلا أمر أن یقرأ (و الذین تدعون من دونه) [غافر: 20] بتاء الخطاب للمشار إلیهما بالهمزة و اللام فی إذ لوی و هما نافع و هشام فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كفی و هو ابن عامر قرأ أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً [غافر: 21] بالكاف فی قراءة الباقین أشد منهم بالهاء ثم بزیادة الهمزة قبل الواو فی و أن للمشار إلیهم بالثاء من ثملا و هم الكوفیون و أمر لهم بتسكین الواو فتصیر قراءتهم أو أن فتعین للباقین القراءة بترك زیادة الهمزة و فتح الواو ثم أمر بضم الیاء و كسر الهاء من یظهر و نصب رفع الفساد للمشار إلیهم بالهمزة و العین و الحاء فی قوله إلی عاقل حلا و هم نافع و حفص و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و الهاء و رفع دال الفساد فصار حفص یقرأ أو أن یظهر فی الأرض الفساد بزیادة الهمزة و إسكان الواو و ضم الیاء و كسر الهاء و نصب الدال و شعبة و حمزة و الكسائی بالهمزة و إسكان الواو و فتح الیاء و الهاء و رفع الدال و نافع و أبو عمرو بترك الهمزة و فتح الواو
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 309
و ضم الیاء و كسر الهاء و نصب الدال و ابن كثیر و ابن عامر بلا همز و فتح الواو و الیاء و الهاء و رفع الدال فذلك أربع قراءات. سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی 309 سورة المؤمن ..... ص : 308
فأطّلع ارفع غیر حفص و قلب نوونوا من حمیدا دخلوا نفر صلا
علی الوصل و اضمم كسره یتذكّرون كهف سما و احفظ مضافاتها العلا
ذرونی و ادعونی و إنّی ثلاثةلعلّی و فی مالی و أمری مع إلی أمر برفع العین فی فَأَطَّلِعَ إِلی إِلهِ مُوسی [غافر: 37] للسبعة إلا حفصا فتعین لحفص القراءة بنصبها، ثم أمر بتنوین الباء فی قلب للمشار إلیهما بالمیم و الحاء فی قوله من حمید و هما ابن ذكوان و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بترك التنوین، ثم أخبر أن المشار إلیهم بنفر و بالصاد من صلا و هم ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و شعبة قرءوا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا [غافر: 46] بوصل الهمز و أمر لهم بضم كسر الخاء و یبتدئون ادخلوا بضم الهمزة فتعین للباقین القراءة بقطع الهمزة و فتحها فی الحالین و كسر الخاء ثم أخبر أن المشار إلیهم بالكاف من كهف و بسما و هم ابن عامر و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا قلیلا ما یتذكرون بیاء الغیب كلفظه به فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب، ثم أمر بحفظ ما فیها من یاءات الإضافة و هی ثمانیة ذَرُونِی أَقْتُلْ [غافر: 26]، و ادْعُونِی أَسْتَجِبْ [غافر:
60]، و إِنِّی أَخافُ أَنْ یُبَدِّلَ دِینَكُمْ [غافر: 26]، و إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ مِثْلَ یَوْمِ الْأَحْزابِ [غافر: 30]، و إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ یَوْمَ التَّنادِ [غافر: 32]، و لَعَلِّی أَبْلُغُ الْأَسْبابَ [غافر: 36]، و ما لِی أَدْعُوكُمْ إِلَی النَّجاةِ [غافر: 41]، و أَمْرِی إِلَی اللَّهِ [غافر: 44].

سورة فصلت‌

و إسكان نحسات به كسره ذكاو قول ممیل السّین للّیث أخملا أخبر أن المشار إلیهم بذال ذكا و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا أَیَّامٍ نَحِساتٍ [فصلت: 16] بكسر إسكان حاء فتعین للباقین القراءة بإسكانها ثم أخبر أن قول من قال بإمالة السین من نحسات للیث قول مخمل أی متروك لم یقرءوا به و نص الجعبری فی شرحه علی الفتح و الإمالة للیث و اللیث أبو الحارث راوی الكسائی.
و نحشر یاء ضمّ مع فتح ضمّه‌و أعداء خذ و الجمع عمّ عقنقلا لدی ثمرات ثمّ یا شركائی المضاف و یا ربّی به الخلف بجّلا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خذ و هم السبعة إلا نافعا قرءوا یَوْمَ یُحْشَرُ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 310
[فصلت: 13] بالیاء و ضمها و فتح الشین و رفع أعداء فتعین للباقین القراءة بالنون و فتحها و ضم الشین و نصب أعداء و علم رفع أعداء من الإطلاق ثم أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالعین فی عم عنقلا و هم نافع و ابن عامر و حفص قرءوا وَ ما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها [فصلت: 47] بألف علی الجمع فتعین للباقین القراءة بترك الألف علی التوحید و العقنقل:
الكثیب العظیم من الرمل و قال ابن سیده الوادی المتسع ثم أخبر أن فیها یاءی إضافة أَیْنَ شُرَكائِی قالُوا آذَنَّاكَ [فصلت: 47]، و قد تقدم اختلاف القراء فیها و الثانیة وَ لَئِنْ رُجِعْتُ إِلی رَبِّی [فصلت: 50] فتحها ورش و أبو عمرو و اختلف فیها عن المشار إلیه بالباء من بجلا و هو قالون فروی عنه فتحها و إسكانها و هذا الاختلاف عن قالون لم یذكره الناظم فی باب یاءات الإضافة لأن صاحب التیسیر استدركه هاهنا فوافقه الناظم علی ذلك.

سورة الشوری و الزخرف و الدخان‌

و یوحی بفتح الحاء دان و یفعلون غیر صحاب یعلم ارفع كما اعتلا أخبر أن المشار إلیه بالدال من دان و هو ابن كثیر قرأ و كَذلِكَ یُوحِی إِلَیْكَ [الشوری: 30] بفتح الحاء فتعین للباقین القراءة بكسرها، ثم أخبر أن غیر صحاب أی غیر حمزة و الكسائی و حفص و هم باقی السبعة نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و شعبة قرءوا (ما یفعلون) [الشوری: 25] بیاء الغیب كلفظه به فتعین لحمزة و الكسائی و حفص القراءة بتاء الخطاب ثم أمر برفع میم وَ یَعْلَمَ الَّذِینَ یُجادِلُونَ [الشوری: 35] للمشار إلیهما بالكاف و الألف فی كما اعتلا و هما ابن عامر و نافع فتعین للباقین القراءة بنصب المیم.
بما كسبت لا فاء عمّ كبیر فی‌كبائر فیها ثمّ فی النّجم شمللا أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر قرآ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ [الشوری:
30] بلا فاء فتعین للباقین القراءة بالفاء ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شمللا و هما حمزة و الكسائی قرآ كبیر الإثم هنا و بالنجم بكسر الباء و یاء ساكنة من غیر ألف بینهما فی قراءة الباقین كبائر الإثم بفتح الباء و همزة مكسورة بینهما ألف كلفظه بالقراءتین.
و یرسل فارفع مع فیوحی مسكّناأتانا و إن كنتم بكسر شذا العلا أمر برفع اللام من أو یرسل مع إسكان الیاء من فیوحی بإذنه للمشار إلیه بالهمزة فی قوله أتانا و هو نافع فتعین للباقین القراءة بنصب اللام فی یرسل و فتح الیاء من فیوحی. و هذه آخر مسائل الشوری، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الألف من قوله: شذا العلا و هم حمزة و الكسائی و نافع قرءوا صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ [الزخرف: 5] بكسر الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتح الهمزة.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 311 و ینشأ فی ضم و ثقل صحابه‌عباد برفع الدّال فی عند غلغلا أخبر أن المشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی و حفص قرءوا (أ و من ینشأ) [الزخرف: 18] بضم الیاء و فتح النون و تشدید الشین فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و سكون النون و تخفیف الشین ثم أخبر أن المشار إلیهم بالغین من غلغلا و هم الكوفیون و أبو عمرو قرءوا الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ [الزخرف: 19] بباء موحدة من أسفل و ألف بعدها و رفع الدال فی قراءة الباقین هم عند الرحمن بنون ساكنة و فتح الدال من غیر ألف كلفظه بالقراءتین. و غلغل معناه: أدخل.
و سكّن و زد همزا كواو أو شهدواأمینا و فیه المدّ بالخلف بلّلا أمر بتسكین الشین من أشهدوا خلقهم و بزیادة همزة ثانیة فیه مسهلة بین الهمزة و الواو بعد الهمزة المفتوحة للمشار إلیه بالهمزة فی أمینا و هو نافع فتعین للباقین القراءة بفتح الشین و ترك زیادة الهمزة المسهلة. ثم أخبر أن المشار إلیه بالباء من بللا و هو قالون مد بین الهمزتین بخلاف عنه أی له وجهان: المد و تركه.
و قل قال عن كفؤ و سقفا بضمّه‌و تحریكه بالضّمّ ذكّر أنبلا أخبر أن المشار إلیهما بالعین و الكاف من قوله عن كفؤ و هما حفص و ابن عامر قرآ قال أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ [الزخرف: 24] بفتح القاف و اللام و ألف بینهما فی قراءة الباقین قل أولو بضم القاف و سكون اللام من غیر ألف كلفظه بالقراءتین ثم أخبر أن المشار إلیهم بالذال و الهمزة فی ذكر أنبلا و هم الكوفیون و ابن عامر و نافع قرءوا لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً [الزخرف:
33] بضم السین و تحریك القاف بالضم فتعین لابن كثیر و أبی عمرو القراءة بفتح السین و إسكان القاف.
و حكم صحاب قصر همزة جاءناو أسورة سكّن و بالقصر عدّلا أخبر أن المشار إلیهم بالحاء من حكم و بصحاب و هم أبو عمرو و حمزة و الكسائی و حفص قرءوا حتی إذا جاءنا بقصر الهمزة من غیر ألف بینها و بین النون فتعین للباقین القراءة بمد الهمزة أی بألف بعدها قبل النون ثم أمر أن یقرأ: أسورة من ذهب بإسكان السین و قصرها أی بغیر ألف للمشار إلیه بالعین من عدلا و هو حفص فتعین للباقین القراءة بفتح السین و مدها أی بألف بعدها.
و فی سلفا ضمّا شریف و صاده‌یصدّون كسر الضّمّ فی حقّ نهشلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شریف، و هما حمزة و الكسائی قرآ فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً [الزخرف: 56] بضم السین و اللام فتعین للباقین القراءة بفتحهما و أن المشار إلیهم بالفاء و بحق و النون من قوله فی حق نهشلا و هم حمزة و ابن كثیر و أبو عمرو و عاصم قرءوا منه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 312
یصدون بكسر ضم الصاد فتعین للباقین القراءة بضمها.
ء آلهة كوف یحقّق ثانیاو قل ألفا للكلّ ثالثا أبدلا أخبر أن الكوفیین قرءوا أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ [الزخرف: 58] بتحقیق الهمزة الثانیة فتعین للباقین القراءة بتسهیلها ثم أخبر أن كل القراءة اتفقوا علی إبدال الهمزة الثالثة ألفا و ذلك أن آلهة من المواضع التی اجتمعت فیها ثلاث همزات فأما الأولی فلا خلاف فی تحقیقها و أما الثالثة فلا خلاف فی إبدالها و أما الثانیة فحققها الكوفیون و سهلها الباقون بین الهمزة و الألف و لم یمد أحد بینهما.
و فی تشتهیه تشتهی حقّ صحبةو فی ترجعون الغیب شایع دخللا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بصحبة و هم ابن كثیر و أبو عمرو و حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا (و فیها ما تشتهی الأنفس) [الزخرف: 71] بهاء واحدة فی قراءة الباقین تشتهیه بهاءین أی كلفظه بالقراءتین ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الدال من شایع دخللا و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر قرءوا (و عنده علم الساعة و إلیه یرجعون) [الزخرف: 85] بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب.
و فی قیله اكسر و اكسر الضّمّ بعد فی‌نصیر و خاطب تعلمون كما انجلا أمر بكسر اللام و كسر ضم الهاء فی قیله یا رب للمشار إلیهما بالفاء و النون من قوله فی نصیر و هما حمزة و عاصم فتعین للباقین القراءة بفتح اللام و ضم الهاء ثم أمر أن یقرأ (فسوف تعلمون) [الزخرف: 89] بتاء الخطاب للمشار إلیهما بالكاف و الألف فی كما انجلا و هما ابن عامر و نافع فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب.
بتحتی عبادی الیا و یغلی دنا علاو ربّ السّماوات اخفضوا الرّفع ثمّلا أخبر أن فی الزخرف یاءی إضافة من تحتی أَ فَلا تُبْصِرُونَ [الزخرف: 51]، و (یا عبادی لا خوف) [الزخرف: 68]. ثم أخبر أن المشار إلیهما بالدال و العین من دنا علا و هما ابن كثیر و حفص قرآ فی سورة الدخان كَالْمُهْلِ یَغْلِی [الدخان: 45]، بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث، ثم أمر أن یقرأ رَبِّ السَّماواتِ [الدخان: 7] بخفض رفع الباء للمشار إلیهم بالثاء من ثملا و هم الكوفیون فتعین للباقین القراءة برفعها.
و ضمّ اعتلوه اكسر غنی إنّك افتحواربیعا و قل إنّی ولی الیاء حمّلا أمر بكسر ضم التاء فی خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ [الدخان: 47] للمشار إلیهم بالغین من غنی و هم الكوفیون و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بضمها ثم أمر بفتح الهمزة فی ذق إنك للمشار إلیه بالراء فی ربیعا و هو الكسائی فتعین للباقین القراءة بكسرها ثم أخبر أن فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 313
الدخان یاءی إضافة إِنِّی آتِیكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِینٍ [الدخان: 19]، وَ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِی فَاعْتَزِلُونِ [الدخان: 21].

سورة الشریعة و الأحقاف‌

معا رفع آیات علی كسره شفاو إنّ و فی اضمر بتوكید أوّلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شفا و هما حمزة و الكسائی كسرا رفع التاء فی كلمتی آیات معا فتعین للباقین القراءة برفع التاء فیهما و أراد بهما آیاتٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ [الجاثیة: 4]، و آیاتٌ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ [الجاثیة: 5] و لا خلاف فی الآیات للمؤمنین أنه بكسر التاء. ثم قال و أن و فی أضمر بتوكید أولا أی بتأكید مؤول و كأنه یقول لم أرد بقوله اضمر الإضمار الذی هو كالمنطوق به و إنما أردت أن حرف العطف ناب فی قوله وَ فِی خَلْقِكُمْ [الجاثیة: 4] عن أن و فی قوله وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ [الجاثیة: 5] عن أن و فی انتهی كلامه و فی قوله بتوكید أولا إشارة إلی ما ذهب إلیه ابن السراج لأنه جعل آیات الأخیرة مكررة لطول الكلام توكیدا كقولك إن فی الدار زیدا و البیت زیدا فیكون تقدیر الآیة إن فی خلق السموات و إن فی خلقكم و إن فی اختلاف اللیل و النهار آیات، و یسوغ أیضا تكریرها للتأكید فی قراءة الرفع فیكون التقدیر و فی خلقكم و اختلاف اللیل و النهار آیات.
لنجزی یا نصّ سما و غشاوةبه الفتح و الإسكان و القصر شمّلا أخبر أن المشار إلیهم بالنون من نص و بسما و هم عاصم و نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا لِیَجْزِیَ قَوْماً [الجاثیة: 14] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شملا و هما حمزة و الكسائی قرآ وَ جَعَلَ عَلی بَصَرِهِ غِشاوَةً [الجاثیة: 23] بفتح الغین و إسكان الشین و ترك الألف فتعین للباقین القراءة بكسر الغین و فتح الشین و ألف بعدها.
و و السّاعة ارفع غیر حمزة حسنا المحسّنی إحسانا لكوف تحوّلا أمر برفع التاء فی وَ السَّاعَةُ لا رَیْبَ فِیها [الجاثیة: 32] للسبعة إلا حمزة فتعین لحمزة القراءة بنصبها، و هذه آخر مسائل سورة الشریعة ثم أخبر أن الكوفیین قرءوا بِوالِدَیْهِ إِحْساناً [الأحقاف: 15] بهمزة مكسورة و إسكان الحاء و فتح السین و ألف بعدها فی قراءة الباقین حسنا بضم الحاء و إسكان السین من غیر همزة و لا ألف كلفظه بالقراءتین و قوله تحولا أی انتقل حسنا إحسانا و قوله المحسن كلمة للوزن لا تعلق لها بالقراءة لا رمز و لا تقییدا.
و غیر صحاب أحسن ارفع و قبله‌و بعد بیاء ضمّ فعلان وصّلا أمر لغیر المشار إلیهم بصحاب و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر و شعبة فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 314
(یتقبل عنهم أحسن ما عملوا) [الأحقاف: 16]، و (یتجاوز) [الأحقاف: 16] برفع نون أحسن و بیاء مضمومة فی الفعل الذی قبله و الفعل الذی بعده و هما یتقبل و یتجاوز فتعین للمشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی و حفص أن یقرءوا أحسن بنصب النون و نتقبل و نتجاوز بنون مفتوحة فی كل واحد منها.
و قل عن هشام أدغموا تعداننی‌نوفّیهم بالیا له حقّ نهشلا أی نقل عن هشام أن أهل الأداء أدغموا له النون الأولی فی النون الثانیة فتصیر نونا واحدة مشددة مكسورة فی أَ تَعِدانِنِی أَنْ أُخْرَجَ [الأحقاف: 17] فتعین للباقین القراءة بالإظهار فتصیر بنونین مكسورتین خفیفتین ثم أخبر أن المشار إلیهم باللام و بحق و بالنون فی قوله له حق نهشلا و هم هشام و ابن كثیر و أبو عمرو و عاصم قرءوا (لیوفینهم أعمالهم) [الأحقاف: 19] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون.
و قل لا تری بالغیب و اضمم و بعده‌مساكنهم بالرّفع فاشیة نوّلا أی اقرأ فأصبحوا لا یری إلا بیاء الغیب و ضمها مساكنهم برفع النون للمشار إلیهم بالفاء و النون من فاشیة نولا و هما حمزة و عاصم فتعین للباقین أن یقرءوا لا تری بتاء الخطاب و فتحها إلا مساكنهم بنصب النون و قوله و بعده أی مساكنهم بعد تری.
و یاء و لكنّی و یا تعداننی‌و إنی و أوزعنی بها خلف من بلا أخبر أن فی الأحقاف أربع یاءات إضافة وَ لكِنِّی أَراكُمْ [الأحقاف: 23]، و أَ تَعِدانِنِی أَنْ أُخْرَجَ [الأحقاف: 17]، وَ إِنِّی أَخافُ [الأحقاف: 21]، أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ [الأحقاف: 15]، و قوله بها خلف من تلا أی بهذه الأربعة خلال القراء فی الفتح و الإسكان كما تقدم فی بابها.

و من سورة محمد صلی اللّه علیه و سلم إلی سورة الرحمن عز و جل‌

و بالضّمّ و اقصر و اكسر التّاء قاتلواعلی حجّة و القصر فی آسن دلا
و فی آنفا خلف هدی و بضمّهم‌و كسر و تحریك و أملی حصّلا أمر بضم القاف و ترك الألف و كسر التاء فی وَ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ [الأحقاف:
17] للمشار إلیهما بالعین و الحاء فی قوله علی حجة و هما حفص و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بفتح القاف و التاء و ألف بینهما ثم أخبر أن المشار إلیه بالدال من دلا و هو ابن كثیر قرأ مِنْ ماءٍ غَیْرِ آسِنٍ [محمد: 15] بقصر الهمزة و أن المشار إلیه بالهاء من هدی و هو البزی قرأ قال أنفا بقصر الهمزة بخلاف عنه أی عنه وجهان مد الهمزة و قصرها فتعین لمن لم یذكره
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 315
فی الترجمتین القراءة بمد الهمزة بلا خلاف ثم أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حصلا و هو أبو عمرو قرأ هنا و أملی لهم بضم الهمزة و كسر اللام و تحریك الیاء أی بفتحها فتعین للباقین القراءة بفتح الهمزة و اللام و ألف بعدها.
و أسرارهم فاكسر صحابا و نبلونكم نعلم الیا صف و نبلو و اقبلا أمر أن یقرأ و اللّه یعلم إسرارهم بكسر الهمزة للمشار إلیهم بصحاب و هم حمزة و الكسائی و حفص فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أمر أن یقرأ وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّی نَعْلَمَ الْمُجاهِدِینَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِینَ [محمد: 31]، وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [محمد: 31] بالیاء فی الثلاثة للمشار إلیه بصاد صف و هو شعبة فتعین للباقین القراءة بالنون: و هذه آخر مسائل القتال.
و فی یؤمنوا حقّ و بعد ثلاثةو فی یاء یؤتیه غدیر تسلسلا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ (لیؤمنوا باللّه و رسوله) [الفتح: 9] و بعدها ثلاثة ألفاظ و هی (یعزروه و یوقروه و یسبحوه) [الفتح: 9] بیاء الغیب فی الأربعة كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب ثم أخبر أن المشار إلیهم بالغین من غدیر و هم الكوفیون و أبو عمرو و قرءوا فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون.
و بالضّمّ ضرّا شاع و الكسر عنهمابلام كلام اللّه و القصر وكّلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شاع و هما حمزة و الكسائی قرآ إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا [الفتح: 11] بضم الضاد فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم قال و الكسر عنهما أی عن حمزة و الكسائی المشار إلیهما بشین شاع أنهما قرآ أَنْ یُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ [الفتح: 15] بكسر اللام و القصر أی بغیر ألف فتعین للباقین القراءة بفتح اللام و مدها أی بألف بعدها.
بما یعملون حجّ حرّك شطأه‌دعا ماجد و اقصر فآزره ملا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حج و هو أبو عمرو قرأ (و كان اللّه بما یعملون بصیرا) [الفتح: 24] بیاء الغیب كلفظه به فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب ثم أخبر أن المشار إلیهما بالدال و المیم من دعا ماجد و هما ابن كثیر و ابن ذكوان قرآ أَخْرَجَ شَطْأَهُ [الفتح:
29] بتحریك الطاء أی بفتحها فیعین للباقین القراءة بإسكانها ثم أخبر أن المشار إلیه بالمیم من ملا و هو ابن ذكوان قرأ فأزره بقصر الهمزة فتعین للباقین القراءة بمدها. و هذه آخر مسائل سورة الفتح.
و فی یعملون دم یقول بیاء إذصفا و اكسروا أدبار إذ فاز دخللا أخبر أن المشار إلیه بالدال من دم و هو ابن كثیر قرأ (و الله بصیر بما یعملون)
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 316
[الحجرات: 18]، خاتمة الحجرات بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب ثم أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و الصاد فی قوله إذ صفا و هما نافع و شعبة قرآ (یوم یقول لجهنم) [ق: 30] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون ثم أمر بكسر الهمزة من وَ أَدْبارَ السُّجُودِ [الذاریات: 40] للمشار إلیهم بالهمزة و الفاء و الدال فی قوله إذ فاز دخللا و هم نافع و حمزة و ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بفتحها و لا خلاف بینهم فی وَ إِدْبارَ النُّجُومِ [الطور: 49] أنه بكسر الهمزة.
و بالیا ینادی قف دلیلا بخلفه‌و قل مثل ما بالرّفع شمّم صندلا أمر بالوقف علی فاستمع یوم ینادی بالیاء للمشار إلیه بدال دلیلا و هو ابن كثیر بخلاف عنه فتعین للباقین الواقف بحذفها كالوجه الآخر عن ابن كثیر. و هذه آخر مسائل سورة ق ثم أمر أن یقرأ إنه لحق مثل ما برفع اللام للمشار إلیهم بالشین و الصاد من شمم صندلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة فتعین للباقین القراءة بنصبها.
و فی الصّعقة اقصر مسكن العین راویاو قوم بخفض المیم شرّف حمّلا أمر بالقصر فی فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ [الذاریات: 44] و مراده بالقصر حذف الألف مع سكون العین للمشار إلیه بالراء من راویا و هو الكسائی فتعین للباقین القراءة بألف بعد الصاد و لهم كسر العین و كسرها لا یفهم من التقیید المذكور بل یفهم من نظیره المجمع علیه من قوله تعالی: فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الحاء فی قوله شرف حملا و هم حمزة و الكسائی و أبو عمرو و قرءوا وَ قَوْمَ نُوحٍ [الذاریات: 46] بخفض المیم فتعین للباقین القراءة بنصبها. و هذه آخر مسائل سورة و الذاریات.
و بصر و أتبعنا بو اتّبعت و ماألتنا اكسروا دنیا و إن افتحوا الجلا
رضا یصعقون اضممه كم نصّ و المسیطرون لسان عاب بالخلف زمّلا
و صاد كزای قام بالخلف ضبعه‌و كذّب یرویه هشام مثقّلا أخبر أن البصری و هو أبو عمرو قرأ وَ الَّذِینَ آمَنُوا [الطور: 21]، وَ أَتْبَعْناهُمْ [الطور:
21] بقطع الهمزة و تخفیف التاء و إسكانها و إسكان العین و نون و ألف بعد النون فی قراءة الباقین و أتبعتهم بوصل الهمزة و فتح التاء و تشدیدها و فتح العین و تاء مثناة فوق ساكنة من غیر ألف و لا نون كلفظه بالقراءتین ثم أمر بكسر اللام فی وَ ما أَلَتْناهُمْ [الطور: 21] للمشار إلیه بدال دنیا و هو ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بفتحها و معنی دنیا أی قریبا ثم أمر بفتح الهمزة فی أنه هو البر الرحیم للمشار إلیهما بالألف و الراء فی قوله انجلا رضا و هما نافع و الكسائی فتعین للباقین القراءة بكسرها و قوله: انجلا بفتح الجیم أی انكشف ثم أمر أن یقرأ فیه یُصْعَقُونَ [الطور: 45] بضم الیاء للمشار إلیهما بالكاف و النون فی قوله كم نص
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 317
و هما ابن عامر و عاصم فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن المشار إلیهما باللام و العین فی لسان عاب و هما هشام و حفص قرآ (أم هم المسیطرون) [الطور: 37] بالسین كلفظه بخلاف عن حفص ثم أخبر أن المشار إلیه بالزای من زملا و هو قنبل قرأ بالسین بلا خلاف كهشام و أن المشار إلیه بالقاف من قام و هو خلاد قرأ بإشمام الصاد زاء بخلاف عنه و أن المشار إلیه بالضاد من ضبعه و هو خلف أشم الصاد زاء بلا خلاف عنه فتعین للباقین القراءة بالصاد الخالصة كالوجه الثانی لحفص و خلاد. و الزمل الضعیف العضد. و هذه آخره سائل الطور ثم أخبر أن هشاما قرأ ما كَذَبَ الْفُؤادُ [النجم: 11] بتشدید الذال فتعین للباقین القراءة بتخفیفها:
تمارونه تمرونه و افتحوا شدّامناءة للمكّی زد الهمز و أحفلا
و یهمز ضیزی خشّعا خاشعا شفاحمیدا و خاطب تعلمون فطب كلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شذا و هما حمزة و الكسائی قرآ (أ فتمرونه) [النجم: 11] علی ما یری بفتح التاء و سكون المیم من غیر ألف فی قراءة الباقین أَ فَتُمارُونَهُ [النجم: 11] بضم التاء و فتح المیم و ألف بعدها كلفظه بالقراءتین و زاد علی اللفظ تقیید فتح التاء لحمزة و الكسائی توضیحا ثم أمر بزیادة همزة مفتوحة بعد الألف تمد الألف من أجلها فی مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْری [النجم: 20] للمكی و هو ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بترك زیادة الهمز ثم قال و یهمز ضیزی یعنی للمكی أی قرأ ابن كثیر قِسْمَةٌ ضِیزی [النجم: 22] بهمزة ساكنة مكان الیاء فتعین للباقین القراءة بالیاء و ترك الهمزة. و هذه آخر مسائل سورة النجم ثم أخبر أن المشار إلیهم بالشین و الحاء من شفا حمیدا و هم حمزة و الكسائی و أبو عمرو قرءوا (خاشعا أبصارهم) [القمر: 7] بفتح الخاء و كسر الشین و تخفیفها و ألف بینهما فی قراءة الباقین خشعا بضم الخاء و فتح الشین و تشدیدها من غیر ألف كلفظه بالقراءتین ثم أمر أن یقرأ (ستعلمون غدا) [القمر: 26] بتاء الخطاب للمشار إلیهما بالفاء و الكاف من فطب كلا و هما حمزة و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب.

سورة الرحمن عز و جل‌

و و الحبّ ذو الرّیحان رفع ثلاثهابنصب كفی و النّون بالخفض شكّلا أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كفی و هو ابن عامر قرأ وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّیْحانُ [الرحمن: 12] بنصب رفع الباء و الذال و النون فتعین للباقین القراءة برفع الباء و الذال و النون إلا أن المشار إلیهما بشین شكلا و هما حمزة و الكسائی قرآ و الریحان بخفض النون فصار ابن عامر یقرأ و الحب ذا العصف و الریحان بنصب الأسماء الثلاثة و حمزة،
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 318
و الكسائی برفع الأولین و هما الحب و ذو، و خفض الأخیر و هو الریحان، و الباقون برفع الأسماء الثلاثة فذلك ثلاث قراءات و لا خلاف فی خفض العصف لأنه مضاف إلیه.
و یخرج فاضمم و افتح الضّمّ إذ حمی‌و فی المنشئات الشّین بالكسر فاحملا
صحیحا بخلف نفرغ الیاء شائع‌شواظ بكسر الضّمّ مكّیّهم جلا أمر بضم الیاء و فتح ضم الراء فی یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ [الرحمن: 22] للمشار إلیهما بالهمزة و الحاء فی قوله إذ حمی، و هما نافع و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و ضم الراء ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و الصاد من قوله فاحملا صحیحا و هما حمزة و شعبة قرآ وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ [الرحمن: 24] بكسر الشین ثم قال بخلف أی عن شعبة فتعین للباقین القراءة بفتح الشین و هو الوجه الثانی لشعبة، ثم أخبر أن المشار إلیهما بالشین من شائع و هما حمزة و الكسائی قرآ (سیفرغ لكم) [الرحمن: 31] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون ثم أخبر أن المكی و هو ابن كثیر قرأ شُواظٌ مِنْ نارٍ [الرحمن:
35] بكسر ضم السین فتعین للباقین القراءة بضمها.
و رفع نحاس جرّ حقّ و كسر میم یطمث فی الأولی ضم تهدی و تقبلا
و قال به للّیث فی الثّان وحده‌شیوخ و نصّ اللّیث بالضّمّ الأوّلا
و قول الكسائی ضمّ أیّهما تشاوجیه و بعض المقرئین به تلا أخبر أن المشار إلیهما بحق، و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ وَ نُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ [الرحمن: 35] بجر رفع السین فتعین للباقین القراءة برفعها ثم أمر بضم كسر المیم فی یَطْمِثْهُنَ [الرحمن: 56] فی الكلمة الأولی من هذه السورة للمشار إلیه بالتاء من تهدی و هو الدوری عن الكسائی، و الكلمة الأولی هی الواقع بعدها كَأَنَّهُنَّ الْیاقُوتُ وَ الْمَرْجانُ [الرحمن: 58] ثم أخبر أن ضم الكسر فی میم یَطْمِثْهُنَ [الرحمن: 56] فی الحرف الثانی وحده من هذه السورة قال به مشایخ من أهل القراءة لأبی الحرث اللیث عن الكسائی، و الثانی هو الذی قبله حُورٌ مَقْصُوراتٌ [الرحمن: 72] ثم أخبر أن أبا الحرث نص علی ضم الأولی دون الثانیة ثم أخبر أن قول الكسائی فی تخییر القارئ ضم كسر أیهما تشا وجیه أی له وجاهة لأن فیه الجمع بین اللغتین و هذا التخییر زائد علی التیسیر ثم أخبر أن بعض المقرئین كابن أشتة و المهدوی و غیرهما قرءوا بالتخییر عن الكسائی فتعین أن البعض الآخر لم یقرأ به قال الكسائی ما أبالی بأیهما قرأت بالضم أو الكسر بعد أن لا أجمع بینهما و جملة الأمر أن الدوری ضم الأولی و كسر الثانیة و اللیث بعكسه فی وجه و مثله فی وجه آخر فهذان مذهبان، و المذهب الثالث التخییر یقرأ الدوری بوجهین ضم الأولی و كسر الثانیة و بعكسه كسر الأولی و ضم الثانیة و كذلك یقرأ اللیث بالوجهین فإذا أردت جمعها فی التلاوة فاقرأ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 319
الأولی بالضم ثم الكسر، و الثانیة بالكسر ثم الضم كل هذا عن الكسائی فتعین للستة الباقین القراءة بكسر المیم فی الكلمتین.
و آخرها یا ذی الجلال ابن عامربواو و رسم الشّام فیه تمثّلا أخبر أن ابن عامر فی آخر السورة (تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام) [الرحمن:
188] بالواو، و فی قراءة الباقین ذی الجلال بالیاء ثم أخبر أنه مرسوم فی مصحف الشامی بالواو و قوله تمثلا أی تشخص الواو فی المصحف الشامی و رسم فی غیره بالیاء.

سورة الواقعة و الحدید

و حور و عین خفض رفعهما شفاو عربا سكون الضّمّ صحّح فاعتلی أخبر أن المشار إلیهما بشین شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ بخفض رفع الراء فی و حور و بخفض رفع النون فی عین فتعین للباقین القراءة برفع الراء و النون فیهما ثم أخبر أن المشار إلیهما بالصاد و الفاء فی قوله صحح فاعتلی، و هما شعبة و حمزة قرآ عربا بسكون ضم الراء فتعین للباقین القراءة بضمها.
و خفّ قد رنا دار و انضمّ شرب فی‌ندی الصّفو و استفهام إنّا صفا ولا أخبر أن المشار إلیه بدال دار و هو ابن كثیر قرأ نَحْنُ قَدَّرْنا [الواقعة: 60] بتخفیف الدال فتعین للباقین القراءة بتشدیدها ثم أخبر أن المشار إلیهم بالفاء و النون و الألف من قوله فی ندی الصفو و هم حمزة و عاصم و نافع قرءوا شُرْبَ الْهِیمِ [الواقعة: 55] بضم الشین فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن المشار إلیه بصاد صفا و هو شعبة قرأ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ [الواقعة: 66] بزیادة همزة الاستفهام علی همزة الخبر فهو یقرأ بهمزتین محققتین الأولی مفتوحة و الثانیة مكسورة من غیر مد بینهما و تعین للباقین حذف همزة الاستفهام و القراءة بهمزة واحدة مكسورة علی الخبر.
بموقع بالإسكان و القصر شائع‌و قد أخذ اضمم و اكسر الخاء حوّلا و میثاقكم عنه و كلّ كفی و أنظرونا بقطع و اكسر الضّمّ فیصلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شائع و هما حمزة و الكسائی قرآ بِمَواقِعِ النُّجُومِ [الواقعة: 57] بإسكان الواو و بالقصر أی بترك الألف فتعین للباقین القراءة بفتح الواو و ألف بعدها. و هذه آخر مسائل سورة الواقعة ثم أمر أن یقرأ و قد أخذ بضم الهمزة و كسر الخاء للمشار إلیه بالحاء من حوّلا و هو أبو عمرو ثم أخبر أن أبا عمرو قرأ میثاقكم برفع القاف فتعین للباقین القراءة بفتح الهمزة و الخاء و نصب القاف و الهاء فی عنه لأبی عمرو و علم رفع
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 320
قاف میثاقكم من الإطلاق ثم أخبر أن المشار إلیه بالكاف من كفی و هو ابن عامر قرأ (و كل وعد اللّه الحسنی) [الحدید: 10] برفع لام كل. و علم ذلك من الإطلاق فتعین للباقین القراءة بنصب لامه ثم أخبر أن المشار إلیه بالفاء من فیصلا و هو حمزة قرأ أنظرونا نقتبس بقطع الهمزة و فتحها فی الحالین و أمر له بكسر ضم الظاء فتعین للباقین القراءة بوصل الهمزة و ضم الظاء و إذا ابتدءوا ضموا الهمزة.
و یؤخذ غیر الشّام ما نزل الخفیف‌إذ عزّ و الصّادان من بعد دم صلا أخبر أن السبعة إلا الشامی قرءوا فَالْیَوْمَ لا یُؤْخَذُ [الحدید: 15] بیاء التذكیر كلفظه فتعین للشامی و هو ابن عامر القراءة بتاء التأنیث ثم أخبر أن المشار إلیهما بالهمزة و العین فی قوله إذ عز و هما نافع و حفص قرآ بتخفیف الزای فی وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ [الحدید: 16] فتعین للباقین القراءة بتشدیدها ثم أخبر أن المشار إلیهما بالصاد و الدال فی دم صلا و هما ابن كثیر و شعبة قرآ: إِنَّ الْمُصَّدِّقِینَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ [الحدید: 18] بتخفیف الصاد من الكلمتین و هما من بعد وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ [الحدید: 16] فتعین للباقین القراءة بتشدیدها.
و آتاكم فاقصر حفیظا و قل هوالغنیّ هو احذف عمّ وصلا موصّلا أمر أن یقرأ بِما آتاكُمْ [الحدید: 23] بقصر الهمزة للمشار إلیه بالحاء من حفیظا و هو أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بمدها ثم أمر بحذف هو من فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ [الحدید: 24] للمشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بإثباته.

و من سورة المجادلة إلی سورة ن‌

و فی یتناجون أقصر النّون ساكناو قدّمه أو اضمم جیمه فتكمّلا أمر أن یقرأ وَ یَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ [المجادلة: 8] بقصر النون فی حال سكونها و تقدیمها علی التاء و ضم الجیم و المراد بالقصر حذف الألف فیصیر اللفظ به و یتنجون للمشار إلیه بالفاء من فتكملا و هو حمزة فتعین للباقین أن یقرءوا و یتناجون بتقدیم التاء علی النون و فتح النون و مدها أی بألف بعدها و فتح الجیم كلفظه.
و كسر انشزوا فاضمم معا صفو خلفه‌علا عمّ و امدد فی المجالس نوفلا أمر بضم كسر الشین فی وَ إِذا قِیلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا [المجادلة: 11] فی الكلمتین و لذلك قال معا للمشار إلیه بصاد صفو و هو شعبة بخلاف عنه و للمشار إلیهم بقوله علا عمّ و هما حفص و نافع و ابن عامر بلا خلاف، و تعین للباقین القراءة بكسر الشین فیهما بلا خلاف كالوجه الآخر عن شعبة و من قرأ بضم الشین ابتدأ بضم الألف و من قرأ بكسرها ابتدأ بكسر الألف ثم أمر بمد الجیم أی بفتحها و ألف بعدها فی «تفسحوا فی المجالس» للمشار إلیه
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 321
بنون نوفلا و هو عاصم فتعین للباقین القراءة بقصر الجیم أی بإسكانها و حذف الألف.
و فی رسلی الیا یخربون الثّقیل حزو مع دولة أنّث یكون بخلف لا أخبر أن فی المجادلة یاء إضافة و هی رُسُلِی إِنَّ اللَّهَ [المجادلة: 20] ثم أمر بحوز الثقیل أی اقرأ للمشار إلیه بالحاء من حزّ و هو أبو عمرو یُخْرِبُونَ بُیُوتَهُمْ [الحشر: 2] بفتح الخاء و تشدید الراء فتعین للباقین القراءة بإسكان الخاء و تخفیف الراء ثم أمر أن نقرأ «كیلا تكون» بتاء التأنیث للمشار إلیه باللام فی قوله لا و هو هشام بخلاف عنه ثم أخبر أنه قرأ دولة بالرفع كلفظه به فتعین للباقین أن یقرءوا یكون بیاء التذكیر كالوجه الآخر عن هشام، و أن یقرءوا دولة بنصب التاء.
و كسر جدار ضمّ و الفتح و اقصرواذوی أسوة إنّی بیاء توصّلا أمر أن یقرأ «من وراء جدار» بضم كسر الجیم و ضم فتح الدال و بالقصر أی بحذف الألف للمشار إلیهم بالذال و الهمزة فی قوله ذوی أسوة و هم الكوفیون و ابن عامر و نافع فتعین لمن بقی القراءة بكسر الجیم و فتح الدال و مدها أی بألف بعدها ثم أخبر أن فی سورة الحشر یاء إضافة إِنِّی أَخافُ اللَّهَ [الحشر: 16].
و یفصل فتح الضّمّ نصّ و صاده‌بكسر ثوی و الثّقل شافیه كمّلا أخبر أن المشار إلیه بنون نصّ و هو عاصم قرأ یَفْصِلُ بَیْنَكُمْ [الممتحنة: 3] بفتح ضم الیاء فتعین للباقین القراءة بضمها و أن المشار إلیهم بالثاء من ثوی و هم الكوفیون كسروا صاده فتعین للباقین القراءة بفتحها و أن المشار إلیهم بالشین و الكاف من شافیه كملا و هم حمزة و الكسائی و ابن عامر ثقلوا أی فتحوا الفاء و شدّدوا الصاد فتعین للباقین القراءة بسكون الفاء و تخفیف الصاد فصار عاصم یقرأ یَفْصِلُ بَیْنَكُمْ [الممتحنة: 3] بفتح الیاء و سكون الفاء و كسر الصاد و تخفیفها. و حمزة و الكسائی بضم الیاء و فتح الفاء و كسر الصاد و تشدیدها و ابن عامر كذلك إلا أنه فتح الصاد و الباقون بضم الیاء و سكون الفاء و فتح الصاد و تخفیفها فذلك أربع قراءات.
و فی تمسكوا ثقل حلا و متمّ لاتنوّنه و اخفض نوره عن شذا دلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء فی حلا و هو أبو عمرو قرأ وَ لا تُمْسِكُوا [الممتحنة:
10] بفتح المیم و تشدید السین فتعین للباقین القراءة بسكون المیم و تخفیف السین. و هذه آخر مسائل سورة الممتحنة. ثم نهی عن التنوین فی متم و أمر بخفض نوره. یعنی أن المشار إلیهم بالعین و الشین و الدال فی قوله عن شذا دلا و هم حفص و حمزة و الكسائی و ابن كثیر قرءوا وَ اللَّهُ مُتِمُ [الصف: 8] بحذف التنوین نوره بالخفض فتعین للباقین القراءة بتنوین متم و نصب نوره.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 322 و للّه زد لاما و أنصار نوّناسما و تنجّیكم عن الشّام ثقّلا أراد یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ [الصف: 14] أمر بزیادة لام الجر علی اسم اللّه و تنوین أنصارا قبله للمشار إلیهم بسما و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بترك زیادة اللام و ترك التنوین من أنصار ثم أخبر أن الشامی و هو ابن عامر قرأ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی تِجارَةٍ تُنْجِیكُمْ [الصف: 10] بفتح النون و تشدید الجیم فتعین للباقین القراءة بسكون النون و تخفیف الجیم.
و بعدی و أنصاری بیاء إضافةو خشب سكون الضّمّ زاد رضا حلا أخبر أن فی سورة الصف یاءی إضافة مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ و أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ [الصف: 14] و لا خلاف فی سورة الجمعة إلا ما تقدم من الأصول، ثم أخبر أن المشار إلیهم بالزای و الراء و الحاء فی قوله: «زاد رضا حلا و هم قنبل و الكسائی» و أبو عمرو قرءوا كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ [المنافقون: 4] بسكون ضم الشین فتعین للباقین القراءة بضمها.
و خف لووا إلفی بما یعملون صف‌أكون بواو و انصبوا الجزم حفّلا أخبر أن المشار إلیه بالهمزة فی ألفی و هو نافع قرأ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ [المنافقون: 5] بتخفیف الواو فتعین للباقین القراءة بتشدیدها، ثم أخبر أن المشار إلیه بصاد صف و هو شعبة قرأ (و اللّه خبیر بما یعملون) [المنافقون: 11] آخر السورة بیاء الغیب كلفظه به فتعین للباقین القراءة بناء الخطاب ثم أخبر أن المشار إلیه بالحاء فی قوله حفلا و هو أبو عمرو قرأ (فأصدق و أكون) [المنافقون: 11] بواو بعد الكاف و أمر له بنصب جزم النون فتعین للباقین أن یقرءوا (و أكن) [المنافقون: 11] بحذف الواو و بجزم النون و قدم یعملون علی و لكن كما تأتی له و هو بعده فی التلاوة. و قد انقضت سورة المنافقین، و لا خلاف فی التغابن إلا ما تقدم.
و بالغ لا تنوین مع خفض أمره‌لحفص، و بالتّخفیف عرّف رفّلا أخبر أن حفصا قرأ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ [الطلاق: 3] بترك التنوین أمره بالخفض فتعین للباقین القراءة بتنوین بالغ و نصب أمره. و قد انقضت سورة الطلاق ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من رفلا و هو الكسائی قرأ عرف بعضه بتخفیف الراء فتعین للباقین القراءة بتشدیدها.
و ضمّ نصوحا شعبة من تفوّت‌علی القصر و التّشدید شقّ تهلّلا أخبر أن شعبة قرأ تَوْبَةً نَصُوحاً [التحریم: 8] بضم النون فتعین للباقین القراءة بفتحها. و هنا انقضت سورة تفوت التحریم ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شق و هما حمزة و الكسائی قرآ (ما تری فی خلق الرحمن من تفوت) [الملك: 3] بقصر الفاء أی بترك الألف و تشدید الواو فتعین للباقین أن یقرءوا تفاوت بمد الفاء، أی ألف بعدها و تخفیف
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 323
الواو و شق تهللا من قولهم شق ناب البعیر إذ طلع و معنی تهللا أی تلألأ و أضاء أی لاح و ظهر.
و آمنتموا فی الهمزتین أصوله‌و فی الوصل الأولی قنبل واوا ابدلا یرید أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِی السَّماءِ [الملك: 16] و قد تقدم فی باب الهمزتین من كلمة أصوله أی أصول حكمه من التسهیل و التحقیق و المد و القصر، و قد تقدم أیضا أن قنبلا یبدل الهمزة الأولی فی الوصل واوا و لكنه لم یعین فی الأصول لفظ أَ أَمِنْتُمْ [الملك: 16] هل هو مما اجتمع فیه همزتان أو ثلاث فاستدرك الكلام علیها هنا فقال لفظ (آمنتم) [الملك:
16] الذی ذكرته فی الأصول إنما هو من باب الهمزتین لا من باب اجتماع ثلاث همزات فإنهما و إن اشتركا جنسا فقد افترقا نوعا لأن تلك بعد همزتیها ألف و میمها مفتوحة و لیس بعد همزتی أ أمنتم هنا ألف و میمها مكسورة.
فسحقا سكونا ضمّ مع غیب یعلمون من رض معی بالیا و أهلكنی انجلا أمر بضم سكون الحاء فی فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِیرِ [الملك: 11]، و بالقراءة بیاء الغیب فی فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِی ضَلالٍ [الملك: 29] للمشار إلیه بالراء فی قوله رض و هو الكسائی فتعین للباقین أن یقرءوا فَسُحْقاً [الملك: 11] بسكون الحاء فستعملون بتاء الخطاب و قوله من لیس برمز و هو من القرآن قید به فستعملون المختلف فیه لیخرج فَسَتَعْلَمُونَ كَیْفَ نَذِیرِ [الملك: 17] فإنه متفق علی الخطاب ثم أخبر أن فی سورة الملك یاءی إضافة معی أَوْ رَحِمَنا [الملك: 30]، و إِنْ أَهْلَكَنِیَ اللَّهُ [الملك: 28].

و من سورة ن إلی سورة القیامة

و ضمّهم فی یزلقونك خالدو من قبله فاكسر و حرّك روی حلا أخبر أن المشار إلیهم بالخاء من خالد و هم السبعة إلا نافعا قرءوا لَیُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ [ن: 51] بضم الیاء فتعین لنافع القراءة بفتحها. و قد انقضت سورة ن ثم أمر أن یقرأ وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ [الحاقة: 9] بكسر القاف و تحریك الیاء بفتحها للمشار إلیهما بالراء و الحاء فی قوله روی حلا و هما الكسائی و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بفتح القاف و سكون الباء و قوله خالد أی مقیم و روی حلا أی مرویا حلوا.
و یخفی شفاء مالیه ماهیه فصل‌و سلطانیه من دون هاء فتوصلا أخبر أن المشار إلیهما بشین شفاء و هما حمزة و الكسائی قرآ لا یخفی منكم بیاء التذكیر كلفظه به فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث ثم أمرك أن تقرأ فی هذه السورة ما أَغْنی عَنِّی مالِیَهْ [الحاقة: 28]، هَلَكَ عَنِّی سُلْطانِیَهْ [الحاقة: 29]، وَ ما أَدْراكَ ما هِیَهْ
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 324
[القارعة: 10] بحذف هاءاتها فی الوصل للمشار إلیه بالفاء فی قوله فتوصلا و هو حمزة فتعین للباقین القراءة بإثباتها فیه، و لا خلاف فی إثباتها فی الوقف و الخلاف إنما هو فی هذه الألفاظ الثلاثة لأن فی سورة الحاقة أربعة أخر كِتابِیَهْ [الحاقة: 19] مرتین و حِسابِیَهْ [الحاقة: 20] مرتین اتفق السبعة علی إثباتها فی الوقف و الوصل.
و یذكّرون یؤمنون مقاله‌بخلف له داع و یعرج رتّلا
و سال بهمز غصن دان و غیرهم‌من الهمز أو من واو أو یاء ابدلا أخبر أن المشار إلیهم بالمیم من مقاله و باللام و الدال فی قوله- له داع- و هم ابن ذكوان و هشام و ابن كثیر قرءوا فَقَلِیلًا ما یُؤْمِنُونَ- قلیلا ما یذكرون [الحاقة: 41 و 42]، بیاء الغیب فیهما بخلاف عن ابن ذكوان فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب فیهما كالوجه الآخر عن ابن ذكوان، و هنا انقضت سورة الحاقة ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من رتلا و هو الكسائی قرأ (یعرج الملائكة) [المعارج: 4] بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث و أن المشار إلیهم بالغین و الدال من غصن دان، و هم الكوفیون و أبو عمرو و ابن كثیر قرءوا سأل أول المعارج بهمزة محققة مفتوحة و إن غیرهم یعنی باقی السبعة نافع و ابن عامر قرآ سال بوزن قال أی بألف ساكن مبدل من همزة أو من واو أو من یاء یعنی أن الألف فی قراءة نافع و ابن عامر تحتمل ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون بدلا من الهمزة و هو الظاهر و هو من البدل السماعی و أصله سأل، الوجه الثانی أن تكون الألف منقلبة عن واو فتكون من سأل و أصله سول كخوف، الوجه الثالث أن تكون الألف منقلبة عن یاء من سال یسیل و أصله سیل أی سأل علیهم واد فأهلكهم و الألف علی هذین الوجهین من البدل القیاسی و هما من زیادات القصید.
و نزّاعة فارفع سوی حفصهم و قل‌شهاداتهم بالجمع حفص تقبّلا أمر برفع التاء فی نَزَّاعَةً لِلشَّوی [المعارج: 16] للسبعة إلا حفصا فتعین لحفص القراءة بنصب التاء و قوله: و قل شهاداتهم أی اقرأ بشهاداتهم قائمون بألف بعد الدال علی الجمع لحفص فإنه نقله عن مشایخه أی أخذ عنهم القراءة بالجمع فتعین للباقین القراءة بحذف الألف علی التوحید.
إلی نصب فاضمم و حرّك به علاكرام و قل ودّا به الضّمّ أعملا أمر بضم النون و تحریك الصاد بالضم فی قوله تعالی إلی نصب للمشار إلیهما بالعین و الكاف فی قوله علا كرام، و هما حفص و ابن عامر فتعین للباقین القراءة بفتح النون و سكون الصاد و هاهنا انقضت سورة المعارج. ثم أمر أن یقرأ فی سورة نوح وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا [نوح:
23] بضم الواو للمشار إلیه بالهمزة فی أعملا و هو نافع فتعین للباقین القراءة بفتحها.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 325 دعائی و إنّی ثمّ بیتی مضافهامع الواو فافتح إنّ كم شرفا علا
و عن كلّهم أنّ المساجد فتحه‌و فی أنّه لمّا بكسر صوی العلا أخبر أن فی سورة نوح علیه السلام ثلاث یاءات إضافة (دعائی إلا فرار) [نوح: 6]، و إِنِّی أَعْلَنْتُ لَهُمْ [نوح: 89]، و بَیْتِیَ مُؤْمِناً [نوح: 28]. ثم انتقل إلی سورة الجن فقال مع الواو فافتح إن و لفظ بها مشددة أی اقرأ للمشار إلیهم بالكاف و الشین و العین فی قوله كم شرفا علا و هم ابن عامر و حمزة و الكسائی و حفص بفتح همزة أن المشددة إذا كان معها الواو فی اثنی عشر موضعا متوالیة و هی و أنه تَعالی جَدُّ رَبِّنا [الجن: 3]، وَ أَنَّهُ كانَ یَقُولُ [الجن: 4]، وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ [الجن: 5]، وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ [الجن: 6]، وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما [الجن: 12]، وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ [الجن: 8]، وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ [الجن: 9]، وَ أَنَّا لا نَدْرِی [الجن: 14]، وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ [الجن: 11]، وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ [الجن: 12]، و أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدی [الجن: 13]، وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ [الجن: 11]، فتعین لنافع و ابن كثیر و أبی عمرو و شعبة القراءة بكسر الهمزة فی الجمیع ثم أخبر أن السبعة اتفقوا علی فتح الهمزة فی قوله تعالی: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ [الجن: 18]، و أن المشار إلیهما بالصاد و الألف فی صوا العلا و هما شعبة و نافع قرآ و إنه لما قام عبد اللّه بكسرة الهمزة فتعین للباقین القراءة بفتحها. و الصوی هی أعلام من حجارة منصوبة فی الفیافی المجهولة یستدل بها علی الطریق، الواحد منها صوة.
و نسلكه یا كوف و فی قال إنّماهنا قل فشا نصّا و طاب تقبّلا أخبر أن الكوفیین قرءوا یَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً [الجن: 17] بالیاء فتعین للباقین القراءة بالنون ثم أخبر أن المشار إلیهما بالفاء و النون من فشا نصا و هما حمزة و عاصم قرآ قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّی [الجن: 20] بضم القاف و إسكان اللام من غیر ألف فی قراءة الباقین قال بفتح القاف و اللام و ألف بینهما كلفظه بالقراءتین.
و قل لبدا فی كسره الضّمّ لازم‌بخلف و یا ربی مضاف تجمّلا أخبر أن المشار إلیه باللام من لازم و هو هشام قرأ كادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً [الجن:
19] بضم كسر اللام بخلف عنه فتعین للباقین القراءة بكسرها بلا خلاف كالوجه الآخر عن هشام و هو من زیادة القصید ثم أخبر أن فی سورة الجن یاء إضافة و هی رَبِّی أَمَداً [الجن: 25].
و وطأ وطاء فاكسروه كما حكواو ربّ بخفض الرّفع صحبته كلا أخبر أن المشار إلیهما بالكاف و الحاء فی قوله كما حكوا و هما ابن عامر و أبو عمرو قرآ فی سورة المزمل (أشد وطا) [المزمل: 6] بكسر الواو و فتح الطاء و ألف بعدها فی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 326
قراءة الباقین أشد وطأ بفتح الواو و إسكان الطاء من غیر ألف كلفظه بالقراءتین ثم أمر بكسر الواو فی قراءة ابن عامر و أبی عمرو حیث وافقه الوزن فتعین لغیرهما فتحه و معنی كما حكوا یعنی كما نقلوا، ثم أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و بالكاف فی صحبته كلا و هم حمزة و الكسائی و شعبة و ابن عامر قرءوا رَبُّ الْمَشْرِقِ [المزمل: 9] بخفض رفع الباء فتعین للباقین القراءة برفعها.
وثا ثلثه فانصب و فا نصفه ظبی‌و ثلثی سكون الضّمّ لاح و جمّلا أمر بنصب الثاء و الفاء فی ثلثه و نصفه للمشار إلیهم بالظاء من ظبی و هم الكوفیون و ابن كثیر فتعین للباقین القراءة بخفضها و قدم ثلثه علی نصفه و هو بعده فی التلاوة. ثم أخبر أن المشار إلیه باللام من لاح و هو هشام قرأ «ثلثی اللیل» بسكون ضم اللام فتعین للباقین القراءة بضمها و أخر ثلثی علی نصفه و ثلثه و الترتیب بخلاف ذلك. و هنا انقضت سورة المزمل.
و و الرّجز ضمّ الكسر حفص إذا قل إذو أدبر فاهمزه و سكّن عن اجتلا
فبادر و فا مستنفرة عمّ فتحه‌و ما یذكرون الغیب خصّ و خلّلا أخبر أن حفصا قرأ فی سورة المدثر «و الرجز» بضم كسر الراء فتعین للباقین القراءة بكسرها و قوله إذا قل إذ یعنی اجعل موضع إذا بألف إذ بغیر ألف و اهمز أدبر، و سكن الدال فتصیر بوزن افعل للمشار إلیهم بالعین و الألف و الفاء فی قوله عن اجتلا فبادر و هم حفص و نافع و حمزة ورش بنقل حركة الهمزة إلی الدال علی أصله فتعین للباقین مع قراءة إذا بالألف ترك الهمزة و فتح الدال من أدبر فتصیر دبر بوزن فعل، ثم أخبر أن المشار إلیهما بعم و هما نافع و ابن عامر قرآ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ [المدثر: 50] بفتح الفاء فتعین للباقین القراءة بكسرها ثم أخبر أن السبعة إلا نافعا قرءوا وَ ما یَذْكُرُونَ [المدثر: 56] بیاء الغیب فتعین لنافع القراءة بتاء الخطاب.

و من سورة القیامة إلی سورة النبأ

و را برق افتح آمنا یذرون مع‌یحبّون حقّ كفّ یمنی علا علا أمر بفتح الراء من قوله تعالی فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ [القیامة: 7] للمشار إلیه بالهمزة فی آمنا و هو نافع فتغیر للباقین القراءة بكسرها ثم أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالكاف من كف و هم ابن كثیر و أبو عمرو و ابن عامر قرءوا (كلا بل یحبون العاجلة) [القیامة: 20]، (و یذرون الآخرة) [القیامة: 21] بیاء الغیب فیهما فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب فیهما ثم أخبر أن المشار إلیه بالعین فی علا و هو حفص قرأ مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی [القیامة: 37] بیاء التذكیر
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 327
فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث، و هاهنا انقضت سورة القیامة.
سلاسل نوّن إذ رووا صرفه لناو بالقصر قف من عن هدی خلفهم فلا
زكا و قواریرا فنوّنه إذ دنارضا صرفه و اقصره فی الوقف فیصلا
و فی الثّان نون إذ رووا صرفه و قل‌یمدّ هشام واقفا معهم و لا أمر أن یقرأ (إنا أعتدنا للكافرین سلاسلا) [الإنسان: 4] بالتنوین فی الوصل للمشار إلیهم بالهمزة و الراء و الصاد و اللام فی قوله إذ رووا صرفه لنا و هم نافع و الكسائی و شعبة و هشام فتعین للباقین القراءة بترك التنوین ثم أمر بالوقف علی سلاسل بالقصر للمشار إلیهم بالمیم و العین و الهاء فی قوله من عن هدی و هم ابن ذكوان و حفص و البزی بخلاف عنهم و للمشار إلیهما بالفاء و الزای فی قوله فلا زكا و هما حمزة و قنبل بلا خلاف فتعین للباقین الوقف بالألف بلا خلاف و جملة الأمر أن الذین ینونون یقفون بألف بعد اللام و أن الذین لا ینوّنون منهم من یقف بالألف قولا واحدا و هو أبو عمرو. و منهم من یقف بإسكان اللام من غیر ألف قولا واحدا و هما حمزة و قنبل و منهم من له الوجهان و هم ابن ذكوان و حفص و البزی. ثم أمر أن یقرأ كانت قواریرا بالتنوین فی الوصل للمشار إلیهم بالهمزة و الدال و الراء و الصاد فی قوله إذ دنا رضی صرفه و هم نافع و ابن كثیر و الكسائی و شعبة فتعین للباقین القراءة بترك التنوین ثم أمر بقصره فی الوقف للمشار إلیه بالفاء من فیصلا و هو حمزة فتعین للباقین الوقف بالألف ثم أمر بتنوین قواریر الثانی للمشار إلیهم بالهمزة و الراء و الصاد فی قوله إذ رووا صرفه و هم نافع و الكسائی و شعبة فتعین للباقین القراءة بترك التنوین ثم أمر بالوقف علیه بالألف لنافع و الكسائی و شعبة و هشام فتعین للباقین الوقف علیه بالقصر.
توضیح: إذا جمعت بین قواریر قواریر كان فی ذلك خمسة أوجه:
الوجه الأول: تنوینهما و الوقف علیهما بألف بعد الراء لنافع و الكسائی و شعبة.
و الوجه الثانی: تنوین الأول و الوقف علیه بألف بعد الراء و ترك التنوین من الثانی و الوقف علیه بإسكان الراء من غیر ألف لابن كثیر.
و الوجه الثالث: ترك التنوین من الأول و الثانی و الوقف علی الأول بالألف بعد الراء و علی الثانی بإسكان الراء من غیر ألف لأبی عمرو و ابن ذكوان و حفص.
و الوجه الرابع: ترك التنوین من الأول و الثانی و الوقف علیهما بالألف بعد الراء لهشام.
و الوجه الخامس: ترك التنوین فیهما و الوقف علیهما بسكون الراء من غیر ألف لحمزة و الضمیر فی قوله: رووا للمشایخ الذین أخذ عنهم القراءة: أی علة التنوین كون المشایخ رووا صرفه أی تنوینه.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 328 و عالیهم اسكن و اكسر الضّمّ إذ فشاو خضر برفع الخفض عمّ حلا علا
و إستبرق حرمیّ نصر و خاطبواتشاءون حصن وقّتت واوه حلا
و بالهمز باقیهم قدرنا ثقیلا إذرسا و جمالات فوحّد شذا علا أخر بإسكان الیاء و كسر ضم الهاء فی عالیهم ثیاب للمشار إلیهما بالهمزة و الفاء من قوله إذ فشا و هما نافع و حمزة فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و ضم الهاء ثم أخبر أن المشار إلیهم بعم و بالحاء و العین فی قوله عم حلا علا و هم نافع و ابن عامر و أبو عمرو و حفص قرءوا سُندُسٍ خُضْرٌ [الإنسان: 21] برفع خفض الراء فتعین للباقین القراءة بخفضها و أن المشار إلیهم بحرمی و بالنون فی حرمی نصر و هم نافع و ابن كثیر و عاصم قرءوا وَ إِسْتَبْرَقٌ [الإنسان: 21] برفع خفض القاف و دل علی هذا ما تقدم فی خضر فتعین للباقین القراءة بخفض القاف و إذا جمعت بین خضر و إستبرق كان فیهما أربع قراءات نافع و حفص خضر و إستبرق برفعهما و حمزة و الكسائی بخفضهما و ابن كثیر و شعبة بخفض الأول و رفع الثانی و أبو عمرو و ابن عامر برفع الأول و خفض الثانی ثم أخبر أن المشار إلیهم بقوله حصن و هم الكوفیون و نافع قرءوا وَ ما تَشاؤُنَ [الإنسان: 30] بتاء الخطاب فتعین للباقین القراءة بیاء الغیب. و هنا انقضت سورة الإنسان. ثم أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حلا و هو أبو عمرو قرأ (و إذا الرسل وقتت) [المرسلات: 11] بواو مضمومة أوله، و أن الباقین قرءوا أقتت بهمزة مضمومة مكان الواو ثم أخبر أن المشار إلیه بالهمزة و الراء فی قوله: إذ رسا و هما نافع و الكسائی قرآ معلوم فقدرنا بتشدید الدال فتعین للباقین القراءة بتخفیفها. ثم أمر أن یقرأ كأنه (جمالة صفر) [المرسلات: 33] بترك الألف التی بعد اللام موحدا للمشار إلیهم بالشین و العین فی شذا علا و هم حمزة و الكسائی و حفص فتعین للباقین القراءة بألف بعد اللام جمعا، و قد انقضت سورة المرسلات.

و من سورة النبأ إلی سورة العلق‌

و قل لابثین القصر فاش و قل و لاكذابا بتخفیف الكسائیّ أقبلا أی اقرأ لابِثِینَ فِیها أَحْقاباً [النبأ: 23] بقصر مد اللام أی بغیر ألف للمشار إلیه بالفاء من فاش و هو حمزة فتعین للباقین القراءة بمد اللام أی بألف بعدها و اقرأ لا یَسْمَعُونَ فِیها لَغْواً وَ لا كِذَّاباً [النبأ: 35] بتخفیف الذال للكسائی فتعین للباقین القراءة بتشدیدها، و قیده الناظم بقوله و لا، احترازا من الذی قبله وَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا كِذَّاباً [النبأ: 28] فإنه متفق التشدید.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 329 و فی رفع یا ربّ السّماوات خفضه‌ذلول، و فی الرّحمن نامیه كمّلا أخبر أن المشار إلیهم بالذال من ذلول و هم الكوفیون و ابن عامر قرءوا: رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [النبأ: 37] بخفض رفع الباء فی رب و أن المشار إلیهما بالنون و الكاف فی قوله: نامیه كملا و هما عامر و ابن عامر فعلا ذلك فی نون الرحمن أی قرآ و ما بینهما الرحمن بخفض رفع النون فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة برفع الباء و النون فصار حمزة و الكسائی یخفضان الباء و یرفعان النون و عاصم و ابن عامر بخفضهما و الباقون برفعهما فذلك ثلاث قراءات، و قد انقضت سورة النبأ.
و ناخرة بالمدّ صحبتهم و فی‌تزكّی تصدّی الثّان حرمیّ اثقلا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا (عظاما ناخرة) [النازعات: 11] بمد النون أی بألف بعدها فتعین للباقین القراءة بالقصر أی بحذف الألف ثم أخبر أن المشار إلیهما بحرمی و هما نافع و ابن كثیر قرآ هل لك إلی أن تزكی بتشدید الحرف الثانی من تزكی و هو الزای فتعین للباقین القراءة بتخفیفه. و هنا انقضت سورة النازعات و انتقل إلی سورة عبس و أخبر أن نافعا و ابن كثیر المشار إلیهما بحرمی قرآ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّی [عبس: 6] بتشدید الحرف الثانی من تصدی و هو الصاد فتعین للباقین القراءة بتخفیفه و أجمعوا علی تشدید الزای فی لَعَلَّهُ یَزَّكَّی [عبس: 3] (و ما علیك أن لا یزكی) [عبس: 7].
فتنفعه فی رفعه نصب عاصم‌و إنّا صببنا فتحه ثبته تلا أخبر أن عاصما قرأ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْری [عبس: 4] بنصب رفع العین فتعین للباقین القراءة برفعها و أن المشار إلیهما بالثاء من ثبته و هم الكوفیون قرءوا أَنَّا صَبَبْنَا [عبس:
25] بفتح الهمزة فتعین للباقین القراءة بكسرها و هنا انقضت سورة عبس:
و خفّف حقّ سجّرت ثقل نشّرت‌شریعة حقّ سعّرت عن أولی ملا أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ [التكویر: 6] بتخفیف الجیم فتعین للباقین القراءة بتشدیدها ثم أخبر أن المشار إلیهم بشین شریعة و بحق و هم حمزة و الكسائی و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ [التكویر: 10] بتشدید الشین و أن المشار إلیهم بالعین و الهمزة و المیم فی قوله عن أولی ملا و هم حفص و نافع و ابن ذكوان قرءوا وَ إِذَا الْجَحِیمُ سُعِّرَتْ [الانفطار: 12] بتشدید العین فتعین لمن لم یذكره فی الترجمتین القراءة بتخفیفها.
و ظا بضنین حقّ راو و خفّ فی‌فعدّ لك الكوفی و حقّك یوم لا أخبر أن المشار إلیهم بحق و بالراء من راو و هم ابن كثیر و أبو عمرو و الكسائی قرءوا (و ما هو علی الغیب بظنین) [الانفطار: 24] بالظاء القائمة مكان الضاد علی ما قیده و أن الباقین
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 330
قرءوا بضنین بالضاد كلفظه. و هنا انقضت سورة التكویر. ثم أخبر أن الكوفیین قرءوا فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ [الانفطار: 7] بتخفیف الدال فتعین للباقین القراءة بتشدیدها و أن المشار إلیهما بحق فی قوله و حقك و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ یَوْمَ لا تَمْلِكُ [الانفطار: 19] برفع المیم كلفظه فتعین للباقین القراءة بنصبها، و قیده بلفظ لا احترازا مما قبله فی السورة.
و هنا انقضت سورة الانفطار.
و فی فاكهین اقصر علا و ختامه‌بفتح و قدّم مدّه راشدا ولا أمر بقصر الفاء من (انقلبوا فاكهین) [المطففین: 31] أی بحذف الألف للمشار إلیه بالعین من علا و هو حفص فتعین للباقین القراءة بمد الفاء أی بألف بعدها ثم أمر بفتح الخاء و تقدیم الألف علی التاء فی ختامه مسك للمشار إلیه بالراء من راشد و هو الكسائی فتعین للباقین القراءة بكسر الخاء و ترك تقدیم الألف كلفظه. و هنا انقضت سورة المطففین.
یصلّی ثقیلا ضمّ عمّ رضا دناو با تركبنّ اضمم حبا عمّ نهّلا أمر بضم یصلی فی حال تثقیله یعنی أنّ المشار إلیهم بعم و بالراء و الدال من عم رضی دنا و هم نافع و ابن عامر و الكسائی و ابن كثیر قرءوا وَ یَصْلی سَعِیراً [الانشقاق: 12] بضم الیاء و فتح الصاد و تشدید اللام فتعین للباقین القراءة بفتح الیاء و سكون الصاد و تخفیف اللام و أن المشار إلیهم بالحاء و بعم و النون فی قوله حیا عم نهلا و هم أبو عمرو و نافع و ابن عامر و عاصم قرءوا وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ [الانشقاق: 18] لتركبن بضم الباء الموحدة فتعین للباقین القراءة بفتحها. و هنا انقضت سورة الانشقاق.
و محفوظ اخفض رفعه خصّ و هو فی المجید شفا، و الخفّ قدّر رتّلا أمر أن یقرأ فی لوح محفوظ بخفض رفع الظاء للسبعة إلا نافعا و أشار إلیهم بالخاء من خص فتعین لنافع القراءة برفع الظاء ثم قال و هو فی المجید شفا یعنی أن المشار إلیهم بشین شفا و هما حمزة و الكسائی قرآ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِیدُ [البروج: 15] بخفض رفع الدال فتعین للباقین القراءة برفعها و لا خلاف فی رفع قرآن مجید. و قد انقضت سورة البروج، و لا خلاف فی سورة الطارق إلا ما تقدم. ثم أخبر أن المشار إلیه بالراء من رتلا و هو الكسائی قرأ و الذی قدر بتخفیف الدال فتعین الباقین القراءة بتشدیدها.
و بل یؤثرون حز و تصلی یضمّ حزصفا تسمع التّذكیر حقّ و ذو جلا
و ضمّ أولوا حق و لا غیة لهم‌مصیطر اشمم ضاع و الخلف قلّلا
و بالسّین لذ و الوتر بالكسر شائع‌فقدّر یروی الیحصبیّ مثقّلا أی اقرأ للمشار إلیه بالحاء من حز و هو أبو عمرو (بل یؤثرون الحیاة) [الأعلی: 16]
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 331
بیاء الغیب كلفظه فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب. و هنا انقضت سورة الأعلی. ثم شرع فی سورة الغاشیة فقال و تصلی بضم حز صفا یعنی أن المشار إلیهما بالحاء و الصاد فی حز صفا و هما أبو عمرو و شعبة قرآ تَصْلی ناراً حامِیَةً [الغاشیة: 4] بضم التاء فتعین للباقین القراءة بفتحها ثم أخبر أن المشار إلیهما بحق و هما ابن كثیر و أبو عمرو قرآ لا یسمع بیاء التذكیر فتعین للباقین القراءة بتاء التأنیث علی ما أصله و هی عند من قرأ بفتحها و نصب لاغیة كما یأتی تحتمل الخطاب و تحتمل التأنیث ثم أخبر أن المشار إلیهم بالهمزة و حق فی قوله أولو حق و هم نافع و ابن كثیر و أبو عمرو قرءوا لا یسمع بضم أوله و رفعوا لاغیة كلفظه فتعین للباقین القراءة بفتح أول تسمع و نصب لاغیة فصار نافع یقرأ لا تَسْمَعُ فِیها لاغِیَةً [الغاشیة: 11] بتاء التأنیث و ضمها و رفع لاغیة و ابن كثیر و أبو عمرو لا یسمع فیها بیاء التذكیر و ضمها لاغیة بالرفع و الباقون لا تسمع بتاء التأنیث و الخطاب و فتحها لاغیة بالنصب فذلك ثلاث قراءات ثم أمر بإشمام الصاد زاء فی لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ [الغاشیة: 22] للمشار إلیه بالضاد فی ضاع و هو خلف ثم أخبر أن المشار إلیه بالقاف من قللا و هو خلاد اختلف عنه فی إشمام الصاد زاء و فی إخلاصها صادا ثم أمر أن یلاذ بالسین الخالصة للمشار إلیه باللام من لذ و هو هشام فتعین للباقین القراءة بالصاد الخالصة فاجتمع فی مصیطر ثلاث قراءات. و هنا انقضت سورة الغاشیة ثم أخبر أن المشار إلیهما بشین شائع و هما حمزة و الكسائی قرآ و الشفع و الوتر بكسر الواو فتعین للباقین القراءة بفتحها. ثم أخبر أن الیحصبی و هو ابن عامر قرأ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ [الفجر: 16] بتشدید الدال فتعین للباقین القراءة بتخفیفها.
و أربع غیب بعد بل لا حصولهایحضّون فتح الضّمّ بالمدّ ثمّلا أخبر أن المشار إلیه بالحاء من حصولها و هو أبو عمرو قرأ أربع كلمات بیاء الغیب و هی الحاصلة بعد قوله: بل لا یعنی یكرمون و یحضون و یأكلون و یحبون فتعین للباقین القراءة بتاء الخطاب فیهن ثم أخبر أن المشار إلیهم بالثاء من ثملا و هم الكوفیون قرءوا و لا تحاضون بفتح ضم الحاء و مدها أی بألف بعدها فتعین للباقین القراءة بضم الحاء و قصرها من غیر ألف فصار أبو عمرو یقرأ یحضون بیاء الغیب و ضم الحاء من غیر ألف و الكوفیون بتاء الخطاب و ألف بعدها و تزاد الألف مد الحجز و الباقون تحضون بتاء الخطاب و ضم الحاء من غیر ألف فذلك ثلاث قراءات و أول الكلمة مفتوح فی القراءات الثلاث.
یعذّب فافتحه و یوثق راویاو یاءان فی ربی و فكّ ارفعن ولا
و بعد اخفضن و اكسر و مدّ منوّنامع الرّفع إطعام ندی عمّ فأنهلا أمر بفتح الذال و الثاء فی لا یعذب و لا یوثق للمشار إلیه بالراء فی راویا و هو الكسائی
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 332
فتعین للباقین القراءة بكسرهما. ثم أخبر أن فی سورة الفجر یاءی إضافة (ربی أكرمنی) [الفجر: 15]، و (ربی أهاننی) [الفجر: 16]، ثم أمر أن یقرأ فَكُّ رَقَبَةٍ [البلد: 13] برفع الكاف و بخفض التاء فی الكلمة التی بعدها» و هی رقبة و بكسر الهمزة و مد العین أی بألف بعدها و رفع المیم و تنوینها فی إطعام للمشار إلیهم بالنون و عم و الفاء من قوله ندی عم فانهلا و هم عاصم و نافع و ابن عامر و حمزة فتعین للباقین أن یقرءوا فك بفتح الكاف رقبة بفتح التاء أو أطعم بفتح الهمزة و المیم و قصر العین من غیر ألف و لا تنوین.
و مؤصدة فاهمز معا عن فتی حمی‌و لا عمّ فی و الشّمس بالفاء و انجلا أمر أن یقرأ مؤصدة بهمزة ساكنة معا یعنی فی موضعین نارٌ مُؤْصَدَةٌ [البلد: 20]، و علیهم مؤصدة بسورة الهمزة للمشار إلیهم بالعین و الفاء و الحاء فی قوله عن فتی حمی و هم حفص و حمزة و أبو عمرو فتعین للباقین القراءة بالواو مكان الهمزة و حمزة إذا وقف یوافقهم.
و هنا انقضت سورة البلد ثم أخبر أن المشار إلیهما بقوله عم و هما نافع و ابن عامر قرآ فی سورة و الشمس (فلا یخاف عقباها) [الشمس: 15] بالفاء فی قراءة الباقین و لا یخاف بالواو كلفظه، و لیس فی هذه السورة إلا هذه الترجمة و لیس فی سورة اللیل و الضحی و أ لم نشرح و التین شی‌ء من الفرش فلم یذكر.

و من سورة العلق إلی آخر القرآن‌

و عن قنبل قصرا روی ابن مجاهدرآه و لم یأخذ به متعمّلا أخبر أن ابن مجاهد روی عن قنبل أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی [العلق: 7] بقصر همزة رآه أی بحذف الألف التی بین الهمزة و الهاء فیصیر بوزن رعه و تعین للباقین القراءة بمد الهمزة أی بألف بعدها قبل الهاء فیصیر بوزن رعاه و قوله: و لم یأخذ به متعملا یعنی أن ابن مجاهد روی القصر و لم یأخذ به قال فی كتاب السبعة قرأت علی قنبل أن رأه قصرا بغیر ألف بعد الهمزة و هو غلط. قال السخاوی ناقلا عن الشاطبی: رأیت أشیاخنا یأخذون فیه بما ثبت عن قنبل من القصر خلاف ما اختاره ابن مجاهد انتهی كلامه، فالحاصل أن فی أن رآه قراءتین المد للجماعة و القصر لقنبل و لم یذكر صاحب التیسیر عن قنبل سوی القصر و هو وجه صحیح و كل ما فی القصید من روایة قنبل و إنما هو من طریق ابن مجاهد و نص علیه هنا لیعزو إلیه ما قال فیها و ابن مجاهد هنا هو أبو بكر أحمد بن موسی بن العباس بن مجاهد شیخ القراءات بالعراق فی وقته و هو أول من صنف فی قراءات السبع مات فی سنة أربع و ثلاثمائة و المتعمل: طالب العلم الآخذ نفسه به. یقال تعمل فلان بكذا. ثم انتقل إلی سورة القدر فقال:
و مطلع كسر اللّام رحب و حر فی البریّة فاهمز آهلا متأهّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 333
أخبر أن المشار إلیه بالراء فی رحب و هو الكسائی قرأ حتی مطلع الفجر بكسر اللام فتعین للباقین القراءة بفتحها و معنی رحب أی واسع. ثم انتقل إلی سورة البریة فأمر أن یقرأ «شر البریئة» و «خیر البریئة» بهمزة مفتوحة بعد الیاء الساكنة للمشار إلیهما بالهمزة و المیم فی قوله آهلا متأهلا و هما نافع و ابن ذكوان فتعین للباقین القراءة بیاء مفتوحة مشددة بعد الراء فی الكلمتین و معنی آهلا أی ذا أهل من قولهم أهل البیت و المتأهل المتزوج و لیس فی الزلزال و العادیات و القارعة شی‌ء من الفرش ثم شرع فی التكاثر فقال:
و تا ترونّ اضمم فی الأولی كما رساو جمّع بالتّشدید شافیه كمّلا أمر بضم التاء فی لَتَرَوُنَّ الْجَحِیمَ [التكاثر: 6] و هی الكلمة الأولی للمشار إلیهما بالكاف و الراء فی قوله كما رسا و هما ابن عامر و الكسائی فتعین للباقین القراءة بفتحها و قید كلمة الخلاف بقوله الأولی احترازا من الثانیة و هی لترونها فإنها متفقة الفتح و لیس فی العصر خلاف إلا ما تقدم. ثم شرع فی سورة الهمزة فأخبر أن المشار إلیهم بالشین و الكاف فی قوله شافیه كملا و هم حمزة و الكسائی و ابن عامر قرءوا الذی جمع مالا بتشدید المیم فتعین للباقین القراءة بتخفیفها.
و صحبة الضّمین فی عمد وعوالإیلاف بالیا غیر شامیّهم تلا
و إیلاف كلّ و هو فی الخطّ ساقطولی دین قل فی الكافرین تحصّلا أخبر أن المشار إلیهم بصحبة و هم حمزة و الكسائی و شعبة قرءوا فی عمد بضم العین و المیم فتعین للباقین القراءة بفتحهما و معنی وعوا حفظوا و لیس فی سورة الفیل خلاف فی الفرش، ثم انتقل إلی سورة قریش فأخبر أن السبعة إلا الشامی و هو ابن عامر قرءوا لِإِیلافِ قُرَیْشٍ [قریش: 1] بیاء ساكنة بعد الهمزة فتعین لابن عامر القراءة بغیر یاء، ثم أخبر أن كل القراء قرءوا إِیلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ [قریش: 2] بإثبات الیاء و أن هذا الیاء ساقط فی الخط أی فی رسم المصحف العثمانی و الیاء الأولی ثابتة و الألف بعد اللام فیهما ساقطة فصورتهما فی الخط لیلاف إلا فهم، و قوله: و إیلاف كل أی كل القراء فیه بالیاء من طرقه. ثم أخبر أن فی سورة الكافرین یاء إضافة و هی وَ لِیَ دِینِ [الكافرون: 7] و لیس فی سورة الماعون و الكوثر و النصر خلاف فی الفرش.
و ها أبی لهب بالإسكان دوّنواو حمّالة المرفوع بالنّصب نزّلا أخبر أن المشار إلیه بالدال من دوّنوا و هو ابن كثیر قرأ تَبَّتْ یَدا أَبِی لَهَبٍ [المسد:
1] بإسكان الهاء فتعین للباقین القراءة بفتحها و قید كلمة الخلاف بقوله: أبی احترازا من ذات لهب فإنه متفق الفتح ثم أخبر أن المشار إلیه بالنون من نزلا و هو عاصم قرأ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد: 4] بنصب رفع التاء فتعین للباقین القراءة برفعها، و لیس فی سورة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 334
الإخلاص و المعوذتین خلاف إلا ما تقدم.

باب التكبیر

روی القلب ذكر اللّه فاستسق مقبلاو لا تعد روض الذّاكرین فتمحلا روی القلب أی ریه یقال روی من الماء یروی روی و معنی استسق اطلب السقیا لقلبك بالذكر لیروی و یحیا فی حال إقبالك علی الذكر بقلبك و لسانك غیر غافل و لا تعد روض الذكرین أی لا تتجاوز ریاض الذاكرین، و الروض جمع روضة و هی الأرض الخضرة فتمحلا أی فتصادف محلا فلا یحصل لك ری و لا شرب، و المحل القحط: و أشار بروض الذاكرین إلی قوله صلی اللّه علیه و سلم: «إذا مررتم بریاض الجنة فارتعوا قالوا و ما ریاض الجنة یا رسول اللّه؟ قال حلق الذكر فإن للّه تعالی سیارة من الملائكة یطلبون حلق الذكر فإذا أتوا علیهم حفوا بهم»، رواه ابن عمر رضی اللّه عنهما.
و آثر عن الآثار مثراة عذبه‌و ما مثله للعبد حصنا و موئلا آثر من الإیثار: أی قدم مثراة عذب الذكر علی كل شی‌ء آخذ بذلك الإیثار عن الآثار و الأخبار الواردة عن النبی صلی اللّه علیه و سلم فی فضیلة الذكر و المثراة من قولهم هذا مثراة للمال أی مكثرة له، و العذب. الحلو، و قوله و ما مثله أی و ما من شی‌ء للعبد أنفع من الذكر فهو كالحصن و الموئل له یتحصن به من الشیطان و نزغاته و آفاته و یلجأ إلیه.
و لا عمل أنجی له من عذابه‌غداة الجزا من ذكره متقبّلا أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام «ما عمل ابن آدم من عمل أنجی له من عذاب اللّه من ذكر اللّه» و قوله: غداة الجزا یعنی یوم القیامة. و سمی یوم الجزاء لأن الخلق یجازون فیه بأعمالهم، و قوله من ذكره أی من ذكر اللّه فی حال كونه متقبلا.
و من شغل القرآن عنه لسانه‌ینل خیر أجر الذّاكرین مكمّلا أشار إلی قوله علیه الصلاة و السلام: «یقول الرب عز و جل من شغله القرآن عن ذكری و مسألتی أعطیته أفضل ما أعطی السائلین»، و قول الناظم خیر أجر الذاكرین یشمل كل ذاكر للّه تعالی من القارئ و غیره لكن قارئ القرآن من أفضل الذاكرین و جزاؤه أفضل الجزاء، و قوله علیه أفضل الصلاة و السلام: «قراءة القرآن فی الصلاة أفضل من قراءته فی غیر الصلاة، و قراءة القرآن فی غیر الصلاة أفضل من التسبیح و التكبیر و التسبیح و التكبیر أفضل من الصدقة و الصدقة أفضل من الصیام و الصیام جنة من النار».
و ما أفضل الأعمال إلّا افتتاحه‌مع الختم حلّا و ارتحالا موصّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 335
أخبر أن أفضل الأعمال افتتاح القرآن مع ختمه أی فی حال ختمه للقرآن یشرع فی أوله فهو حالّ فی هذه مرتحل من هذه یقال حل بالموضع حلا و حلولا و محلا، و نبه بقوله موصلا علی عدم الفصل، و أشار بهذا البیت إلی حدیث أخرجه أبو عیسی الترمذی رضی اللّه عنه قال قال رجل: یا رسول اللّه أی الأعمال أفضل قال الحالّ المرتحل»، و قد ضعف و اختلف فی تفسیره علی تقدیر صحته فأوله القراء، و قد روی التفسیر فیه مدرجا فقیل یا رسول اللّه ما الحالّ المرتحل قال الخاتم المفتتح یعنی للقرآن قیل و قد یكون الخاتم المفتتح أیضا فی الجهاد و هو أن یغزو و یعقب قیل و كذلك الحال المرتحل.
و فیه عن المكّین تكبیرهم مع الخواتم قرب الختم یروی مسلسلا أی و فی القرآن أو فی ذلك العمل الذی عبر عنه بالحل و الارتحال، و هو وصل آخر كل ختمة بأول الأخری، و قوله عن المكین جمع مكی أی عن القراء المكیین و لكنه حذف یاء النسب ضرورة مع الخواتم جمع خاتمة آخر السورة یروی مسلسلا أی یروی التكبیر روایة مسلسلة علی ما هو. و المسلسل فی اصطلاح المحدثین و هو ما روی البزی عن عكرمة بن سلیمان أنه قرأ علی إسماعیل بن عبد اللّه بن قسطنطین قال: فلما بلغت و الضحی قال لی كبر مع خاتمة كل سورة حتی تختم فإنی قرأت علی عبد اللّه بن كثیر فأمرنی بذلك و أخبرنی ابن كثیر أنه قرأ علی مجاهد فأمره بذلك و أخبره مجاهد أنه قرأ علی عبد اللّه بن عباس فأمره بذلك و أخبره ابن عباس أنه قرأ علی أبیّ بن كعب فأمره بذلك و أخبره أنه قرأ علی النبی صلی اللّه علیه و سلم فأمره بذلك. و المسلسل فی اصطلاح المحدثین ما اتصل إسناده علی صفة واحدة إما فی صفة الراوی كالمسلسل بالعدّ و التشبیك، أو فی الروایة كالمسلسل بعن و سمعت و أخبرنا.
إذا كبّروا فی آخر النّاس أردفوامع الحمد حتی المفلحون توسّلا أی إذا فرغوا من الختمة و كبروا فی آخر سورة الناس أردفوا مع قراءة سورة الحمد قراءة أول سورة البقرة حتی یصلوا إلی قوله تعالی: وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5]، و قوله: توسلا یعنی توسل القارئ إلی اللّه تعالی بطاعته و معاودة درس كتابه العزیز و لا یكبر بین الحمد و البقرة، و معنی أردفوا اتبعوا یقال ردف و أردف إذا أتبع و جاء بعد الشی‌ء و لیس التكبیر بلازم لأحد من القراء لأن التكبیر لیس من القرآن قال أبو الفتح فارس لا نقول إنه لا بد لمن ختم أن یفعله و لكن من فعله فحسن و من لم یفعله فلا حرج علیه و هو سنة لقول البزی عن الشافعی رضی اللّه عنه قال لی: إن تركت التكبیر فقد تركت سنة من سنن اللّه صلی اللّه علیه و سلم، و روی عن ابن عباس عن أبیّ بن كعب رضی اللّه عنهم قال: «كان النبی صلی اللّه علیه و سلم إذا قرأ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس: 1] قرأ الفاتحة إلی قوله الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5].
و قال به البزیّ من آخر الضّحی‌و بعض له من آخر اللّیل وصّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 336
بیّن فی هذا البیت أول مواضع التكبیر التی أجملها فی قوله قرب الختم فأخبر أن البزی قال بالتكبیر أی قرأ بالتكبیر من آخر و للضحی و هو المشهور ثم قال و بعض له أی للبزی من آخر اللیل وصلا أی و بعض أهل الأداء وصل التكبیر من آخر سورة و اللیل یعنی من أول سورة و الضحی فهذا الوجه من زیادات القصید و سبب اختصاص التكبیر من أولها و آخرها إلی آخر الناس أن الوحی انقطع عن النبی صلی اللّه علیه و سلم أیاما فقال المنافقون قلی محمدا ربه أی أبغضه و هجره فجاءه جبریل علیه السلام و ألقی علیه و الضحی إلی آخرها، فقال النبی صلی اللّه علیه و سلم: اللّه أكبر تصدیقا لما كان ینتظر من الوحی و تكذیبا للكفار و ألحق ذلك بما بعد و الضحی من السور و تعظیما للّه عز و جل فكان تكبیره آخر قراءة جبریل علیه السلام و أول قراءته صلی اللّه علیه و سلم و من هنا تشعب الخلاف لاحتمال أن یكون لاحقا أو سابقا أو مستقبلا فإن جعلناه لقراءة النبی صلی اللّه علیه و سلم كان من أول الضحی و هو ظاهر فی جعله للأوائل و أولها و الضحی قال عكرمة المخزومی رأیت مشایخنا الذین قرءوا علی ابن عباس رضی اللّه عنهما یأمرون بالتكبیر من الضحی و إن جعلناه لقراءة جبریل علیه السلام كان بین الضحی و أ لم نشرح و هو ظاهر فی جعله للأواخر و أول السور أ لم نشرح علی آخر الضحی، قال مجاهد: قرأت علی ابن عباس تسع عشرة ختمة و كلها یأمرنی أن أكبر فیها من أول أ لم نشرح و یفهم من هذا الوجه الخلاف بین الناس و الفاتحة.
فإن شئت فاقطع دونه أو علیه أوصل الكلّ دون القطع معه مبسملا أخبر الناظم رحمه اللّه أن بین آخر السورة و ما بعدها ثلاثة أوجه:
أحدها: القطع دون التكبیر و هو أن یقطع فی آخر السورة ثم یستأنف التكبیر.
الثانی: القطع علیه و هو أن یصل التكبیر بآخر السورة و یقف علیه ثم یستأنف التسمیة.
الثالث: وصل الجمیع و هو أن یصل آخر السورة بالتكبیر و یصل التكبیر بالتسمیة و یصل التسمیة بأول السورة الآتیة فإن قطع دون التكبیر جاز القطع بعد ذلك علی التكبیر ثم علی البسملة و جاز وصل التكبیر بالبسملة و البسملة بالسورة فهذه ثلاثة أوجه أیضا جائزة مع القطع دون التكبیر و إن وصل بآخر السورة جاز القطع علیه و جاز القطع بعد ذلك علی البسملة و جاز وصله بالبسملة و البسملة بالسورة فهذه ثلاثة أوجه أیضا جائزة مع وصله بآخر السورة و القطع علیه و لا یجوز القطع علی البسملة إذا وصلت بالتكبیر لما تقدم فی بابها و إذا سكت علی نحو ما تقدم أعطیته حكم الوقف من إسكان و حذف و بدل و روم و إشمام و مد و أعطیت تالیه حكم المبدوء به من إثبات همزة الوصل و تفخیم الجلالة.
و ما قبله من ساكن أو منوّن‌فللسّاكنین اكسره فی الوصل مرسلا یعنی إذا وصلت التكبیر بآخر السورة و كان آخر الكلمة ساكنا نحو فحدث و فارغب أو منونا نحو لخبیر و حامیة فاكسره لالتقاء الساكنین و قوله مرسلا أی مطلقا فی الجمیع.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 337 و ادرج علی إعرابه ما سواهماو لا تصلن هاء الضّمیر لتوصلا یعنی ما سوی الساكن و المنون و هو المحرك أی وصل ما سوی ذلك علی إعرابه أی علی حركته من غیر تغییر نحو النعیم اللّه أكبر، و كذلك حركة البناء نحو الحاكمین و لا تصلن هاء الضمیر نحو ربه اللّه أكبر، و یره اللّه أكبر لأن الصلة ساكنة، و قد لفیها ساكن فیجب حذفها علی ما عهد فی شرح قوله: و لم یصلوا ها مضمر قبل ساكن.
و قل لفظه اللّه أكبر و قبله‌لأحمد زاد ابن الحباب فهلّلا و قل لفظه التكبیر اللّه أكبر و قبله أی و قبل التكبیر لأحمد و هو البزی زاد ابن الحباب التهلیل، و ابن الحباب هو أبو الحسن بن الحباب بن مخلد الدقاق روی عن البزی أنه كان یقول: لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر، و قوله زاد ابن الحباب هذا خارج عن طریق القصید لأنه طریقة أبی ربیعة.
و قیل بهذا عن أبی الفتح فارس‌و عن قنبل بعض بتكبیره تلا قوله بهذا أی بمقالة ابن الحباب و هو زیادة التهلیل قبل التكبیر، عن أبی الفتح فارس بن أحمد شیخ الدانی. و الهاء فی تكبیره عائدة علی البزی أی و بعض الشیوخ تلا عن قنبل مثل تكبیر البزی فتعین أن البعض الآخر لم یقل بمثل تكبیر البزی و التكبیر لقنبل من زیادات القصید لأن الدانی لم یذكر فی التیسیر تكبیرا لقنبل و قال فی غیره و قد قرأت أیضا لقنبل بالتكبیر وحده من غیر طریق ابن المجاهد و قال بغیر تكبیر أخذ فی مذهبه.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 338

باب مخارج الحروف و صفاتها التی یحتاج القارئ إلیها

هذا الباب من زیادات القصید علی ما فی التیسیر أی باب علم مخارج الحروف و المخارج جمع مخرج و هو موضع خروج الحرف و یرید حرف الهجاء لا حرف المعنی فحروف الهجاء تسعة و عشرون حرفا و سیأتی النص علیها بأعیانها فی شرح قوله أهاع حشا غاو و هی حروف عربیة الأصول. و صفاتها نوعان نوع یحتاج القراء إلیه و یتداولونه فیما بینهم و هو ما ذكره الناظم رحمه اللّه و رضی عنه. و نوع لا یحتاج إلیه فلم یذكره و هو مذكور فی كتب العربیة.
و هاك موازین الحروف و ما حكی‌جهابذة النّقّاد فیها محصّلا أی خذ موازین الحروف و خذ الذی حكاه فیها الجهابذة من التعبیر عنها، و سمی المخارج موازین الحروف لأنها إذا خرجت منها لم یشارك صورتها شی‌ء من غیرها فهی تمیزها و تعرف مقدارها كما تفعل الموازین بالموزونات و كنی بجهابذة النقاد عن الحاذقین بهذا العلم و النقاد جمع ناقد و الناقد من له جودة نظر یمیز به الجید من الردی‌ء.
و لا ریبة فی عینهنّ و لا رباو عند صلیل الزّیف یصدق الابتلا الریبة الشك و الربا الزیادة أی لا شك فی نفس المخارج و الصفات و لا زیادة بل ما أذكره من ذلك محقق محرر من غیر زیادة و لا نقصان ثم قال و عند صلیل الزیف یعنی أن الدرهم الزائف و هو الردی‌ء إذا اختبره الناقد و لم یتحقق عنده حاله زاد فی اختباره بأن یرمی به علی حجر لیسمع صلیله فإذا سمع ذلك صدق عنده اختباره و كذا الحرف إذا نطق به تبین بذلك صحة ما نسب إلیه من المخرج و الصفات لأن السمع یدرك صوت الحرف الصحیح و الفاسد و إذا أردت معرفة مخرج الحرف فسكنه و أدخل علیه همزة الوصل و اصغ إلیه فحیث
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 339
انقطع الصوت كان مخرجه تقول أم أك أح فیظهر لك مخرج الحرف و الابتلاء الاختبار. و لما ذكر الموازین ذكر النقاد و العین و ذلك كله استعارة حسنة.
و لا بدّ فی تعیینهنّ من الأولی‌عنوا بالمعانی عاملین و قوّلا أی لا بد فی تعیین المخارج و الصفات من قوله: الذین عنوا بالمعانی عاملین لها و قائلین لها. یعنی أن المرء لا ینبغی له أن یقتدی برأیه فی ذلك.
فابدأ منها بالمخارج مردفالهنّ بمشهور الصّفات مفصّلا أخبر أن یبدأ بمخارج الحروف و یردفها بالصفات المشهورة و قوله مفصلا بكسر الصاد أی مبینا لذلك:
ثلاث بأقصی الحلق و اثنان وسطه‌و حرفان منها أوّل الحلق جمّلا رتب المخارج علی ما رتبه فی البیتین اللذین هما أهاع، حشا، غاو، رعی، طهر، دین، و جعل أهاع بكماله معتبرا و أوائل الكلمات الآتیة بعده معتبرة لا غیر فانصرف قوله ثلاث بأقصی الحلق إلی الهمزة و الهاء و الألف و قوله و اثنان وسط إلی العین و الحاء و قوله و حرفان منها أول الحلق جملا إلی الغین و الخاء و ترتیبها فی المخارج الثلاثة علی ما ذكر و ربما قدم بعضهم الخاء و أخر الغین.
و حرف له أقصی اللّسان و فوقه‌من الحنك احفظه و حرف بأسفلا قوله: و حرف له أقصی اللسان و فوقه من الحنك ینصرف إلی القاف لأنه أتی فی أول قارئ، و قوله: و حرف بأسفلا ینصرف إلی الكاف لأنه أتی فی أول كما و جملة الأمر أن القاف تخرج من المخرج الأول من مخارج الفم مما یلی الحلق من أقصی اللسان و ما فوقه من الحنك و الكاف تخرج من المخرج الثانی من مخارج الفم بعد القاف مما یلی الفم و مخرجه أسفل من مخرج القاف قلیلا.
و وسطهما منه ثلاث و حافةاللسان فأقصاها لحرف تطوّلا
إلی ما یلی الأضراس و هو لدیهمایعزّ و بالیمنی یكون مقلّلا قوله: و وسطهما منه ثلاث ینصرف إلی الجیم و الشین و الیاء الآتیة فی أوائل جری شرط یسری و الضمیر فی وسطهما یعود علی اللسان و الحنك و جملة الأمر أن الثلاثة یخرجون من المخرج الثالث من مخارج الفم و هن علی الترتیب المذكور و ربما قدم بعضهم الشین علی الجیم و قوله: و حافة للسان و ما بعده ینصرف إلی الضاد لأنه أتی فی أول ضارع و جملة الأمر أن الضاد تخرج من المخرج الرابع من مخارج الفم و مخرجه من أول حافة اللسان، و هی المشار إلیها بالأقصی و یستطیل إلی ما یلیها من الأضراس و أكثر الناس یخرجها من الجانب
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 340
الأیسر، و بعضهم یخرجها من الجانب الأیمن و الضمیر فی قوله لدیهما یعود علی الجهتین الیمنی و الیسری و الضمیر فی قوله و هو عائد علی إخراج الضاد و معنی قوله یعز أی یقل:
و حرف بأدناها إلی منتهاه قدیلی الحنك الأعلی و دونه ذو ولا قوله: و حرف بأدناها إلی منتهاه قد ینصرف إلی اللام لأنه الآتی فی أول لاح و قوله و دونه ذو و لا ینصرف إلی النون لأنه الآتی فی أول نوفلا و الضمیر فی قوله بأدناها یعود إلی حافة اللسان و فی قوله إلی منتهاه یعود علی طرف اللسان و فی قوله و دونه ذو ولا یعود علی الحرف المذكور و جملة الأمر أن اللام تخرج من المخرج الخامس من مخارج الفم بعد مخرج الضاد، و النون تخرج من المخرج السادس من مخارج الفم فوق اللام قلیلا أو تحتها قلیلا علی الاختلاف فی ذلك، و معنی ذو ولا أی ذو متابعة.
و حرف یدانیه إلی الظّهر مدخل‌و كم حاذق مع سیبویه به اجتلی قوله: و حرف یدانیه ینصرف إلی الراء لأنه أتی فی أول رعی، و جملة الأمر أن الراء تخرج من المخرج السابع من مخارج الفم بعد مخرج النون و هی ادخل إلی ظهر رأس اللسان قلیلا و هو المراد بقوله إلی الظهر مدخل و قوله و كم حاذق مع سیبویه به اجتلی معناه أن كثیرا من حذاق النحاة ذهبوا إلی أن مخارج اللام و الراء و النون متقاربة علی ما ذكر الناظم و لذلك كان عدد مخارج الحروف عندهم ستة عشر مخرجا.
و من طرف هنّ الثّلاث لقطرب‌و یحیی مع الجرمیّ معناه قوّلا أخبر أن قطربا و یحیی و هو الفراء و الجرمی ذهبوا إلی أن مخرج اللام و النون و الراء واحد و هو طرف اللسان و یرید بالطرف الرأس لا الحافة و عدد المخارج علی ما ذهب إلیه هؤلاء و من وافقهم أربعة عشر مخرجا.
و منه و من علیا الثّنایا ثلاثةو منه و من أطرافها مثلها انجلی قوله: و منه و من علیا الثنایا ثلاثة ینصرف إلی الطاء و الدال و التاء لأنها أتت فی أوائل طهر دین أتمه، و قوله منه و من أطرافها مثلها ینصرف إلی الظاء و الذال و الثاء لأنها أتت فی أوائل ظل ذی ثنا و الضمیر فی قوله و منه فی الموضعین یعود علی طرف اللسان و قوله مثلها یعنی فی العدد، و جملة الأمر أن الطاء و التاء و الدال تخرج من طرف اللسان مما بینه و بین أصول الثنایا العلیا مصعدا إلی الحنك و هو المخرج الثامن من مخارج الفم و الظاء و الذال و الثاء تخرج من طرف اللسان و أطراف الثنایا العلیا و هو المخرج التاسع من مخارج الفم.
و منه و من بین الثّنایا ثلاثةو حرف من اطراف الثّنایا هی العلا
و من باطن السّفلی من الشّفتین قل‌و للشّفتین اجعل ثلاثا لتعدلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 341
قوله: و منه و من بین الثنایا ثلاثة ینصرف إلی الصاد و السین و الزای لأنها أتت فی أوائل صفا سجن زهد، و قوله: و حرف من أطراف الثنایا إلی قوله من الشفتین ینصرف إلی الفاء لأنها أتت فی أول فی و قوله و للشفتین اجعل ثلاثا ینصرف إلی الباء و الواو و المیم لأنها أتت فی أوائل قوله: وجوه بنی ملا و جملة الأمر أن الصاد و السین و الزای تخرج من طرف اللسان و بین الثنایا العلیا و هو المخرج العاشر من مخرج الفم و قدم بعضهم الزای علی السین و السین علی الصاد و قدم الطاء و الدال و التاء علی حروف الصفیر المذكورة. و للناس مذاهب فی التقدیم و التأخیر اعتمدنا علی ما ذكره الناظم رحمه اللّه، و الفاء تخرج من باطن الشفة السفلی و أطراف الثنایا العلیا كما ذكر و هو المخرج الحادی عشر من مخارج الفم، و الواو و الباء تخرج من بین الشفتین مع تلاصقهما و هو المخرج الثانی عشر من مخارج الفم و قدم بعضهم الباء علی الواو و المیم.
و فی أوّل من كلم بیتین جمعهاسوی أربع فیهنّ كلمة أولا أخبر أنه أتی بالحروف المذكورة علی الترتیب المذكور فی أوائل كلمات بین كل كلمة فی أولها حرف منها إلا أن الكلمة الأولی من البیتین المشار إلیهما و هی أهاع فإن حروفها كلها معتبرة و هما:
أهاع حشا غاو خلا قارئ كماجری شرط یسری ضارع لاح نوفلا
رعی طهر دین تمّه ظلّ ذی ثناصفا سجل زهد فی وجوه بنی ملا المراد من هذین البیتین الهمزة و الهاء و الألف و العین و الحاء و الغین و الخاء و القاف و الكاف و الجیم و الشین و الیاء و الضاد و اللام و النون و الراء و الطاء و الدال و التاء و الظاء و الذال و الثاء و الصاد و السین و الزای و الفاء و الواو و الیاء و المیم، و قدم الكلام علیها، و معنی أهاع أفزع و الهیعة الشی‌ء المفزع و الحشا ما انضمت علیه الضلوع و الغاوی الضال و الخلا الحدیث الطیب و النبات الرطب و المعنی أن طیب قراءة القارئ أفرغ قلب الغاوی، و قد تقدم شرح مثل ألفاظ البیتین فی رموز القراء.
و غنّة تنوین و نون و میم ان‌سكّن و لا إظهار فی الأنف یجتلی الغنة صوت یخرج من الخیشوم لا عمل للسان فیه یصدق هذا أنك إن أمسكت أنفك لم یمكن خروج الغنة و هو المخرج الثالث عشر من مخارج الفم و به كمل عدد المخارج الستة عشر و محلها التنوین و النون و المیم بشرط سكونهن و عدم إظهارهن یعنی إذا سكن أخفین نحو نارا فلما و عمی فهم و منك و عنك و نحو بأعلم بالشاكرین و لیحكم بینهم فی قراءة السوسی فإن تحركن صار العمل فیهن للسان و كذلك إن ظهر التنوین و النون عند حروف الحلق و المراد بالغنة المذكورة ما یخرج من الأنف دون اللسان إذا نطق بهذه الحروف خالیة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 342
من الشرطین المذكورین لم یكن أبدا فیها من صوت یخرج من الخیاشیم أیضا یخالط ما یخرج من اللسان لأن طبعها یقتضی ذلك دون غیرها من الحروف و لیس المقصود هنا إلا ما ینفرد به الخیاشیم.
و جهر و رخو و انفتاح صفاتهاو مستفل فاجمع بالأضداد أشملا و لما فرغ من ذكر المخارج شرع فی ذكر الصفات المشهورة كما وعد فذكر فی هذا البیت الجهر و الرخاوة و الانفتاح و الاستفال و أشار إلی أضدادها بقوله: فاجمع بالأضداد أشملا أی أجمع شمل صفات الحروف مصاحبا للأضداد فإذا ذكر ضدا لإحدی هذه الصفات و ذكر حروفه فاعلم أن ما بقی من الحروف ضد المذكور فی هذا البیت ثم ذكر الأضداد المشار إلیها فقال:
فمهموسها عشر (حثت كسف شخصه)(أجدّت كقطب) للشّدیدة مثّلا أخبر أن الحروف المهموسة عشرة أحرف و هی المجموعة فی حثت كسف شخصه و الهمس الحث الخفی و إنما سمیت مهموسة لضعفها و ضعف الاعتماد علیها عند خروجها و جریان النفس معها و ما عدا المهموس فهو مجهور و جملة المجهور تسعة عشر. و الجهر فی اللغة الصوت الشدید القوی، و هذه الحروف كذلك كلها یجهر بها عند النطق بها لقوتها و قوة الاعتماد علیها عند خروجها و منع النفس أن یجری معها و إنما عد المهموسة دون المجهورة لقلتها و لیعلم أنها ضد المجهورة المشار إلیها فی البیت السابق، ثم أخبر أن الحروف الشدیدة ثمانیة و هی المجموعة فی قوله: أجدت كقطب و إنما سمیت هذه الحروف شدیدة لأنها قویت فی مواضعها و لزمتها و منعت الصوت أن یجری معها حال النطق بها و ضد الشدیدة الرخوة.
و ما بین رخو و الشّدیدة (عمر نل)و (وای) حروف المدّ و الرّخو كمّلا قسم الحروف إلی ثلاثة أقسام شدید محض و هی المذكورة فی البیت الماضی و إلی ما بین الشدید و الرخو و هی خمسة أحرف جمعها فی عمر نل یكتب عمر فی البیت بلا واو كلفظه قالوا لئلا تصیر الحروف ستة و ما عدا هذین القسمین فهو رخو محض و جملته ستة عشر حرفا علی ما ذهب إلیه الناظم و إنما سمیت رخوة لأنها لانت عند النطق بها فضعف الاعتماد علیها و جری النفس و الصوت معها حتی لانت، و أما التی بین الرخاوة و الشدة فإنما وصفت بذلك لأنها إذا نطق بها فلا یجری معها الصوت كالرخوة و لا ینحبس كالشدیدة، و قوله: و وای حروف المد أخبر أن الواو و الألف و الیاء المجموعة فی قوله وای موصوفة بالمد أما الألف فلا تكون إلا كذلك و أما الواو و الیاء فیلزمهما ذلك إذا سكنتا و ناسبهما حركة ما قبلهما و لا یتأتی فیهما ذلك إذا انفتح ما قبلهما و هن عند الناظم رحمه اللّه من الحروف الرخوة و لذلك ذكرهن فی هذا الموضع و بین ذلك بقوله و الرخو كملا و ذهب غیره إلی أنهن
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 343
من الحروف التی بین الرخو و الشدید و جمع ذلك فی قوله: (لم یروعنا) و لكلاهما وجه سمیت حروف المد بذلك لامتداد الصوت بها إذا لقیها ساكن أو همز، و الوأی الوعد و أصله الهمزة إلا أنه خففه بالإبدال فی هذا المثال.
و (قظ خصّ ضغط) سبع علو و مطبق‌هو الضّاد و الظّا أعجما و إن أهملا أخبر أن حروف الاستعلاء سبعة؛ و هی المجموعة فی قوله: (قظ خص ضغط) و إنما سمیت مستعلیة لاستعلاء اللسان عند النطق بها إلی الحنك و ما عداها مستفلة لأن ضد الاستعلاء الاستفال و إنما سمیت بذلك لاستفال اللسان عند النطق بها إلی قاع الفم، و قوله:
و مطبق أی و من جملة هذه الحروف المستعلیة حروف الإطباق و هی أربعة، ثم بینها بقوله هو الضاد و الظاء أعجما أی نقطا و إن أهملا أی ترك نقطهما و إنما سمیت مطبقة لانطباق اللسان علی ما حاذاه من الحنك عند خروجها و ما عداها منفتحة و الانطباق ضد الانفتاح و إنما سمیت بذلك لانفتاح ما بین اللسان و الحنك و خروج الریح من بینهما عند النطق بها.
و صاد و سین مهملان و زاؤهاصفیر و شین بالتّفشّی تعمّلا أخبر أن حروف الصفیر ثلاثة: الصاد و السین المهملتان و الزای المعجمة و أن الشین موصوف بالتفشی و سمیت الثلاثة حروف الصفیر لأنها یصفر بها، و سمی الشین بالتفشی لأنه انتشر فی الفم لرخاوته و التفشی الانتشار، و معنی تعملا عمل بها أی اتصف لأن من تعمل شیئا اتصف به أی اتصف الشین به.
و منحرف لام وراء و كرّرت‌كما المستطیل الضّاد لیس بأغفلا أخبر أن اللام و الراء منحرفان و إنما وصفا بالانحراف لأن اللام فیها انحراف إلی ناحیة طرف اللسان، و الراء أیضا فیها انحراف قلیل إلی ناحیة اللام و لذلك یجعلها الألثغ لاما، ثم أخبر أن الراء فیها صفة التكرار لأنها تكرر إذا قلت درر بتحریك طرف اللسان بها فتصیر راءین و أكثر، ثم أخبر أن الضاد فیها صفة الاستطالة لأنه یستطیل حتی یتصل بمخرج اللام.
قوله: لیس بأغفلا أی هی معجمة بنقطة.
كما الألف الهاوی و (آوی) لعلّةو فی (قطب جدّ) خمس قلقلة علا أخبر أن الألف موصوفة بالهوی لأن مخرجها یتسع بجریانه فی هواء الفم، ثم أخبر أن حروف أوی موصوفة بالاعتلال و هی الألف و الواو و الیاء لأنها تعتل بالخروج من حال إلی حال علی ما عرف من حالها، ثم أخبر أن حروف «قطب جد» موصوفة بالقلقلة و إنما وصفت بذلك لأنها إذا وقف علیها قلقل اللسان بها حتی یسمع لها نبرة قویة:
و أعرفهنّ القاف كلّ یعدّهافهذا مع التّوفیق كاف محصّلا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 344
أخبر أن أعرف حروف القلقلة القاف و أن كل الناس یعدها فی حروف القلقلة بخلاف غیرها لأن ما تحصل فیها من شدة الصوت المتصعد مع الصدر مع الضغط أكثر و أقوی مما یحصل فی غیرها ثم قال: فهذا مع التوفیق كاف محصلا أی هذا الذی ذكرته إذا وفق اللّه تعالی من عرفه یكفیه فی هذا العلم محصلا الروایة بكسر الصاد:
و قد وفّق اللّه الكریم بمنّه‌لإكمالها حسناء میمونة الجلا توفیق اللّه للشی‌ء تسدیده و إرشاده و منه فضله و عطاؤه و إكمال الشی‌ء إتمامه و معنی حسناء میمونة الجلا أی جمیلة مباركة البروز لما ظهرت للناس عمت بركاتها كل من حفظها و أتقنها.
و أبیاتها ألف تزید ثلاثةو مع مائة سبعین زهرا و كمّلا أخبر أن عدة أبیاتها ألف و مائة و ثلاثة و سبعون بیتا و أثنی علیها بأنها كلها زهر أی منیرة و كملا أی كاملة.
و قد كسیت منها المعانی عنایةكما عریت عن كلّ عوراء مفصلا مدحها ترغیبا فیها فقال: و قد منحتها عنایة فكری مثل ما جنبت قوافیها الألفاظ المتنافرة العوراء. و المفصل هنا القافیة و العوراء الكلمة القبیحة.
و تمّت بحمد اللّه فی الخلق سهلةمنزّهة عن منطق الهجر مقولا أی: كملت بحمد اللّه فی الخلق أی فی الصورة سهلة الحفظ و منزهة أی مبعدة عن لفظ الهجر لسانا. و الهجر بضم الهاء الفحش من الكلام و المقول اللسان:
و لكنّها تبغی من النّاس كفؤهاأخا ثقة یعفو و یغضی تجمّلا معنی تبغی تطلب و الكف‌ء المماثل و أخو الثقة الأمین أی تطلب من الناس قارئا كفؤا لها أمینا علی ما فیها یؤدیه إلی طالبه و إن رأی فیها زللا عفا و أغضی و قال قولا جمیلا.
و لیس لها إلّا ذنوب ولیّهافیا طیب الأنفاس أحسن تأوّلا
و قل رحم للرّحمن حیّا و میّتافتی كان للإنصاف و الحلم معقلا
عسی اللّه یدنی سعیه بجوازه‌و إن كان زیفا غیر خاف مزلّلا یعنی أن فیها من الجودة و التحقیق ما یحمل علی الاشتغال بها و إن أهملت فلیس ذلك لعیب فیها و إنما هو لعیوب ولیها أی ناظمها ثم نادی الذكی الصالح الصادق الأنفاس و أمره أن یحسن تأویل كلامه و أن یدعو بالرحمة لفتی كان للإنصاف و الحلم معقلا أی حصنا عسی اللّه یدنی سعیه أی یقرب سعیه بجوازه أی بقبوله و إن كان زیفا أی ردیئا غیر خاف أی ظاهرا
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 345
و مزللا أی مخط و الزلة الخطیئة. و قوله: فتی كان للانصاف و الحلم معقلا قیل إن الناظم عنی بالفتی نفسه و مدحها بذلك و قیل: إنه أمر بالترحم علی من كانت هذه صفته لأنه ندب إلی الإنصاف بنحو ذلك من قبل حین قال أ خائفة یعفو و یغضی تجملا و بقوله فیا طیب الأنفاس أحسن تأولا فكأنه قال و قل رحم الرحمن من كان بهذه الصفة ثم قال: عسی اللّه یدنی سعیه أی سعی ولیها المذكور فی قوله و لیس لها إلا ذنوب ولیها فیكون ابتداء ترج منه أو یكون ابتداء داخلا فی المقول أی قل هذا و هذا ثم ادع لمن اتصف بتلك الصفة و ادع لناظم القصیدة و هو ولیها و قوله بجوازه یروی بالزای المعجمة و هو الكثیر و یروی بالراء المهملة فالأول من الجواز و الثانی من المجاورة.
فیا خیر غفّار و یا خیر راحم‌و یا خیر مأمول جدّا و تفضّلا
أقل عثرتی و انفع بها و بقصدهاحنانیك یا اللّه یا رافع العلا نادی خیر الغافرین و خیر الراحمین و خیر المأمول جداهم و تفضلهم و هو اللّه عز و جل أن یقیل عثرته بأن یغفر زلته و أن ینفع بهذه القصیدة ملابسها من ناظمها و قارئها و الجدا بالقصر العطیة و بالمد الغنی و النفع. و العثرة الزلة و الإقالة منها الخلاص من تبعتها و بقصدها یعنی قصد الانتفاع بها ثم قال رحمه اللّه تعالی حنانیك فطلب التحنن من اللّه تعالی و معناه تحنن علیّ تحننا بعد تحنن و التحنن من اللّه الرأفة و الرحمة و قطع همزة اسم اللّه فی النداء جائز تفخیما و استعانة علی مد حرف النداء مبالغة فی الطلب و الرغبة ثم كرر النداء بقوله: یا رافع العلا أی یا رافع السموات العلا.
و آخر دعوانا بتوفیق ربناأن الحمد للّه الّذی وحده علا ختم دعاءه بالحمد للّه كما قال تعالی إخبارا عن أهل الجنة وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ [یونس: 10]، فالباء فی بتوفیق ربنا یجوز أن تتعلق بدعوانا لأنه مصدر كما یقول دعوت بالرحمة و المغفرة و یجوز أن تكون باء السبب أی إنما كان آخر دعوانا أن الحمد للّه بسبب توفیق اللّه ربنا لاتباع هذه السنة التی لأهل الجنة، جعلنا اللّه منهم آمین:
و بعد صلاة اللّه ثمّ سلامه‌علی سیّد الخلق الرضا متنخّلا
محمّد المختار للمجد كعبةصلاة تباری الریح مسكا و مندلا أی بعد تحمید اللّه تعالی و ذكره فنصلی و نسلم علی سید خلقه الرضی أی المرتضی و متنخلا أی منتخبا ثم بینه فقال محمد المختار أی المصطفی للمجد أی للشرف كعبة و اللام فی للمجد یجوز أن تكون للتعلیل أی اختیر كعبة یؤم و یقصد من أجل المجد الحاصل له أو للدین و یجوز أن یكون من تتمة قوله كعبة أی كعبة للمجد أی لا مجد أشرف من مجده كما أن كعبة مكة شرفها اللّه تعالی أشرف ما فیها أو علی أن المجد طائف به كما یطاف بالكعبة
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 346
و قوله تباری الریح أی تعارضها و تجری جریها فی العموم و الكثرة مسكا و مندلا أی ذات مسك و ذات مندل و المسك معروف و المندل العود الطیب و هما یستعاران للثناء الحسن و استعارهما للصلاة علی النبی صلی اللّه علیه و سلم:
و تبدی علی أصحابه نفحاتهابغیر تناه زرنبا و قرنفلا أی تظهر هذه الصلاة علی أصحاب النبی صلی اللّه علیه و سلم و رضی عنهم نفحاتها بغیر تناه أی لا نهایة له و لا تتناهی لإصابتها إیاهم و النفحات جمع نفحة و النفحة الدفعة من الشی‌ء دون معظمه یقال نفخ فلان لفلان من عطائه إذا أعطاه نصیبا من المال. و الزرنب نبات طیب الریح قیل و هی شجرة كبیرة بجبل لبنان ورقها یشبه ورق الخلاف مستطیل بین الصفرة و الخضرة یشبه رائحة الأترج و قیل بل هی حشیشة طیبة الریح و قیل ورقها یشبه ورق الطرفاء مصفر و رائحته كرائحة الأترج یسمی رجل الجراد لأنها تشبهها و الزرنب و القرنفل دون المسك و المندل فی الطیب فحسن تشبیهه الصلاة علی أصحابه بذلك لأنهم فی الصلاة تبع للنبی صلی اللّه علیه و سلم و لهذا أصابتهم نفحاتها و بركاتها رضی اللّه عنهم أجمعین.
هذا آخر الكتاب و اللّه الموفق للصواب، و حسبنا اللّه و نعم الوكیل.
(قال مؤلفه) العبد الفقیر إلی اللّه تعالی أبو الحسن علی بن محمد بن عثمان بن محمد ابن أحمد بن حسن بن القاصح عفا اللّه عنه و كرمه فرغت منه فی یوم الخمیس المبارك ثامن عشر شعبان المكرم سنة تسع و خمسین و سبعمائة من الهجرة النبویة، علی صاحبها أفضل الصلاة و السلام.
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 347

فهرس المحتویات‌

ترجمة المؤلف 3 مقدمة المؤلف 5 باب الاستعاذة 33 باب البسملة 35 سورة الفاتحة 38 باب الإدغام الكبیر 41 باب إدغام الحرفین المتقاربین فی كلمة أو كلمتین 47 باب هاء الكنایة 56 باب المد و القصر 61 باب الهمزتین من كلمة 69 باب الهمزتین من كلمتین 77 باب الهمز المفرد 83 باب نقل حركة الهمزة إلی الساكن قبلها 88 باب وقف حمزة و هشام علی الهمز 93 باب الإظهار و الإدغام 103 ذكر ذال إذ 104 ذكر دال قد 105 ذكر تاء التأنیث 107 ذكر لام هل و بل 109 باب اتفاقهم فی إدغام إذ و قد و تاء التأنیث و هل و بل 111 باب حروف قربت مخارجها 113 باب أحكام النون الساكنة و التنوین 116 باب الفتح و الإمالة و بین اللفظین 119 باب مذهب الكسائی فی إمالة هاء التأنیث فی الوقف 133
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 348
باب الراءات 135 باب اللامات 139 باب الوقف علی أواخر الكلم 141 باب الوقف علی مرسوم الخط 144 باب مذاهبهم فی یاءات الإضافة 151 باب مذاهبهم فی یاءات الزوائد 162 باب فرش الحروف 171 سورة البقرة 171 سورة آل عمران 197 سورة النساء 208 سورة المائدة 215 سورة الأنعام 219 سورة الأعراف 231 سورة الأنفال 240 سورة التوبة 243 سورة یونس 245 سورة هود علیه السلام 251 سورة یوسف علیه السلام 254 سورة الرعد 258 سورة إبراهیم علیه السلام 261 سورة الحجر 262 سورة النحل 264 سورة الإسراء 266 سورة الكهف 269 سورة مریم علیها السلام 274 سورة طه علیه السلام 277 سورة الأنبیاء علیهم الصلاة و السلام 280 سورة الحج 281 سورة المؤمنون 284 سورة النور 286 سورة الفرقان 288 سورة الشعراء 289 سورة النمل 290
سراج القارئ المبتدی و تذكار المقرئ المنتهی، ص: 349
سورة القصص 293 سورة العنكبوت 295 من سورة الروم إلی سورة سبأ 296 سورة سبأ و فاطر 301 سورة یس علیه السلام 303 سورة الصافات 304 سورة ص 306 سورة الزمر 307 سورة المؤمن 308 سورة فصلت 309 سورة الشوری و الزخرف و الدخان 310 سورة الشریعة و الأحقاف 313 من سورة محمد صلی اللّه علیه و سلم إلی سورة الرحمن عز و جل 314 سورة الرحمن عز و جل 317 سورة الواقعة و الحدید 319 من سورة المجادلة إلی سورة ن 320 من سورة ن إلی سورة القیامة 323 من سورة القیامة إلی سورة النبأ 326 من سورة النبأ إلی سورة العلق 328 من سورة العلق إلی آخر القرآن 332 باب التكبیر 334 باب مخارج الحروف و صفاتها التی یحتاج القارئ إلیها 338

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.